الثلاثاء, 3 ديسمبر 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

على صراط التنمية..السياحة

على صراط التنمية..السياحة
عدد : 12-2018
بقلم الدكتور/ إبراهيم حسن الغزاوي
خبير دولي في الإصلاح المؤسسي
محاضر القانون الدولي وحقوق الإنسان

بالتأكيد الأمم لا تنهض بين عشية وضحاها... فالنهضة والتنمية الشمولية للمجتمعات مسألة شديدة التعقيد ...لكنها ليست مستحيلة... على أن أول خيوط القوة التي يجب أن تلتزمها الدولة ، في مرحلة التفكير والتدبير ثم التنفيذ، أن تتحسس مواضع البدء الأكثر قدرة على تحفيز التغيير الإيجابي... لا بأس ...فهناك في بلادنا منها الكثير والكثير...لكننا اليوم في رحاب أكثرها غزارة في مصر وأقلها كلفة وأعمقها أثرا في حاضرنا ومستقبلنا ...وهي صناعة السياحة... والسياحة في عالم اليوم ليست مجرد مورد من موارد الدولة التقليدية، لكنها تتسع بشكل رحب للغاية لإبداعات الدوائر الرسمية للدولة من ناحية، ومن ناحية لا تقل أهمية من ناحية الأفراد العاديين ...لتحقق للدولة الريادة الثقافية والتنموية والحضارية على الصعيد العالمي ... أما عن عالم الدولة، وهي المؤسسات الحكومية، فيأتي على قائمتها الأعلى تأثيرا وعي وزارة السياحة، التي يجب أن ننظر إليها في مصر اليوم على أنها وزارة الأمل في الرخاء ..إن أحسن تأهيلها وتدبيرها وتخطيط نشاطها، وفوق كل ذلك تنسيقها مع باقي دوائر العمل الرسمي بالدولة... والسياحة لكي ندرك قدرها يجب أن نعرف أنها تشكل واقعيا الدخل الرئيسي للعديد من دول الصف الأول عالميا، ومنها فرنسا وأسبانيا والولايات المتحدة والنمسا وغيرها ولو تخيرنا فرنسا مثلا، في خلال العام الماضي 2017 بلغ عدد السائحين الدوليين الذين زاروا فرنسا نحو 86.9 مليون سائح بزيادة تقرب من 2.5 مليون سائح عن العام قبل الماضي 2016. و تعتبر السياحة أحد المصادر الداعمة بشدة للاقتصاد الفرنسي، إذ أن ما يزيد على 9.7% من إجمالي الناتج المحلي لفرنسا يأتي من السياحة. حيث بلغت عائدات السياحة في العام الماضي نحو 60.7 مليار دولار أميركي مقارنة بحوالي 41 مليار دولار أميركي عام 2016، بزيادة تُقدَّر بنحو 19.7 مليار دولار أميركي في غضون عام واحد فقط، وهو رقم ضخم للغاية... وبمناسبة زيارة الرئيس السيسي الأحدث خارج البلاد لدولة النمسا، فيكفي أن نعرف أن النمسا الدولة الأوروبية المحايدة صغيرة الحجم جغرافيا، بمساحة تتجاوز بقليل 83 ألف كم مربع، تستأثر وحدها بما يزيد عن 23 مليون سائح سنويا، وتتبوأ المكانة رقم 12 عالميا في قائمة الدول الأكثر استقبالا للسياح، بما يجعلها في مصاف الدول الأعلى دخلا عالميا في المجال السياحي، علما بتواضع مواردها السياحية الشديدة، لكنها تنظر للسياحة كصناعة وحرفة وعلم ومصير للمجتمع ... وعلى الصعيد العربي، لدينا نموذجا طيبا للتنمية السياحية لدولة عربية شقيقة، هي الامارات العربية المتحدة، والتي تحظى بالمرتبة الـ 29 عالميا ، والتي تواصل ريادتها في المنافسة في مجال السياحة والسفر، وتحسين متتابع لأداء الإمارات في هذا المجال بنسبة 1.4 في المئة منذ 2015، حيث استطاعت الإمارات أن تستقطب في 2015 عدد 14.4 مليون شخص، أي أكثر بأربعة ملايين من السنتين السابقتين، وما يقوي أدائها المتصاعد هنا أنها توفر مناخ أعمال ممتاز للاستثمار في مجال السياحة والسفر، بما يحقق لها ريادة متصاعدة على المستوى العالمي..أما هنا في مصر، نحتل المرتبة 74 عالميا، وهي مرتبة شديدة التواضع قياسا على قدراتنا المبدعة والشديدة الثراء في السياحة، لكنها قدرات معظمها دفين في أدراج العمل الحكومي الرتيب من ناحية ورمال الصحراء والوديان في شكل آثار مبعثرة من ناحية أخرى، و في مخالب الاهمال المجتمعي ودوائر الانتهازية التي يمارسها كل من يتعامل مع السياح من ناحية ثالثة... بالرغم أننا لدينا كل موارد التميز والريادة في السياحة، لأننا لدينا تقريبا كل انواع السياحة المتعارف عليها عالميا، لكننا مازلنا نتعامل مع صناعة السياحة بشكل روتيني بطيء لا يعكس مطلقا حالتنا الاقتصادية التي تتوق الى تنمية متسارعة، ولا طموحات المصريين في تنمية اقتصادية حقيقية بعد أزمات اقتصادية وبرنامج اصلاح اقتصادي طموح وموجات متتالية من ارتفاع الأسعار والعنت الاقتصادي ، مما يجعل التعامل مع الشأن السياحي باحتراف لتنميته تنمية حقيقية مسألة حتمية ومصيرية، وليست رفاهية أو واجب نؤديه بالحد الأدنى من الاهتمام... ولعله من المؤشرات الطيبة الراهنة، ما أعلنته منظمة السياحة العالمية، وهي قائمة بأكثر الدول نموا في قطاع السياحة، وفيها جاءت مصر فى المرتبة الأولى بعد استقبالها 8.6 مليون سائح عام 2017، بنسبة زيادة تقدر بـ55.1 % عن عام 2016... لكن بالقطع هذا نذر يسير جدا مما نستحقه، فقدرات مصر السياحية تتجاوز أضعاف هذا الرقم بمراحل... ويجب ألا يحد طموحنا السياحي أي حدود... لذا نحتاج وبسرعة لوزارة سياحة ذات رؤية موضوعية وخلاقة للتعامل مع مشكلات العمل السياحي بمصر، والتي يجب أن تضع في اعتبارها رفع ثقافة السياحة لدى العالمين بها قبل المواطنين العاديين، وتغيير انظمة العمل الروتينية والتخلي عن انماط الإدارة الكلاسيكية الرتيبة التي تناسب دولة موظفين وليست دولة طامحة في التغيير السريع لأفضل...ثم دور تخطيطي رائد، يرسم ملامح خطط طموحة لتنمية سياحية حقيقية في الفترة القادمة، وهو أمل ورجاء وحلم لم يعد أمامنا بد من الطرق عليه وبشدة، وخاصة أننا قد قطعنا شوطا طيبا في الاستقرار الأمني وتنمية البنية الأساسية الخدمية بكل ربوع مصر.