بقلم المهندس/ طارق بدراوى
tbadrawy@yahoo.com
مدينة بوتسدام بالمانيا هي عاصمة ولاية براندنبورج الفيدرالية أحد الولايات الألمانية الإتحادية الستة عشر وكانت قبل الوحدة الألمانية التي تحققت في يوم 3 أكتوبر عام 1990م إحدى ولايات جمهورية ألمانيا الديمقراطية السابقة وتحيط هذه الولاية بولاية العاصمة برلين من كافة الجوانب وتحدها من الشرق الحدود الألمانية البولندية ومن الغرب ولاية سكسونيا أنهالت ومن الشمال ولاية مكلنبورج فوربومرن ومن الجنوب ولاية سكسونيا. وتمر بهذه الولاية عدة أنهار أولها نهر هافل وثانيها نهر شبريه الذى يمر بالعاصمة برلين ويصب في نهر هافل وثالثها نهر أودر الذي يشكل الحدود الطبيعية بين المانيا وبولندا ويعتمد إقتصادها بالأساس على الزراعة والثروة الحيوانية. والعاصمة بوتسدام تقع على نهر هافل في المنطقة الجنوبية الغربية من العاصمة الألمانية برلين وعلي بعد حوالي 30 كيلو متر من مركزها وتعد جزء من المنطقة الحضرية لبرلين براندنبورج ويعد نهر هافل الذى يمر بمدينة بوتسدام أحد أنهار المنطقة الشمالية الشرقية من المانيا ويصل طوله إلي حوالي 325 كيلو متر ونظرا لتميزه بهذا الطول فهو يصلح للملاحة وهو يوفر حلقة وصل مهمة في النقل في الممر المائي بين شرق وغرب المانيا وخارجها وهو يتدفق في أربع ولايات المانية حيث ينبع من بحيرة مكلنبورج الواقعة بين بحيرة موريتز ومدينة نويبراندنبورج بولاية مكلنبورج فوربومرن ثم براندنبورج ثم برلين وأخيرا في ولاية ساكسونيا أنهالت حيث يصب في نهر إلبه ولذا فهو يعتبر من روافد هذا النهر الأخير والذى يعد من أهم أنهار أوروبا الوسطى وهو ينبع من جبال الكركونوشه في جمهورية التشيك ويخترق دولتي التشيك والمانيا قبل أن يصب قرب مدينة هامبورج في بحر الشمال بطول كلي 1094 كيلو متر بذلك فهو أحد أهم طرق النقل النهري في منطقة أوروبا الوسطى.
تشتهر مدينة بوتسدام بأنها كانت محل الإقامة السابق لملوك الإمبراطورية الألمانية حتى عام 1918م كما أنها تشتهر بوجود سلسلة من البحيرات الخلابة المنظر يبلغ عددها 20 بحيرة ولذلك فهي تعد شبه جزيرة حيث تحيط بها سبع من هذه البحيرات من 3 جهات ولذا فإن أفضل أسلوب للتجوال والإطلاع على معالم هذه المدينة هو ركوب القارب أو التاكسي النهرى حيث يمكن مشاهدة الكثير من مناطق الجذب السياحي وزيارتها بواسطته كما تتميز مدينة بوتسدام بالكثير من المناظر الطبيعية الثقافية الفريدة التي تبدو من خلال المتنزهات وقصور سانسوسي وهي مواقع التراث العالمي المسجلة في منظمة اليونيسكو العالمية وتتميز أيضا بأنها مبنية علي طراز الروكوكو ولذا فقد سميت المدينة بإسم بوتسدام الروكوكو وعلاوة علي ذلك تعد منطقة بوتسدام بابلسبيرج والتي تقع في الجزء الجنوبي الشرقي من مدينة بوتسدام إحدى المراكز الرائدة في إنتاج الأفلام الأوروبية حيث تحمل ستوديوهات بابلسبيرج قيمة تاريخية هامة وتعد الأقدم في العالم حيث تأسست عام 1911م وهو نفس العام الذى تأسست فيه مدينة هوليوود الأميريكية الشهيرة وإستطاعت أن تحقق نجاحا كبيرا وأصبحت بمثابة مدينة سينمائية كاملة ومركز رئيسي لإنتاج الأفلام الأوروبية وخاصة منذ سقوط جدار برلين عام 1989م كما أن المدينة قد تطورت لتصبح مركزا للعلوم في المانيا بداية من القرن التاسع عشر الميلادى واليوم توجد بها جامعة تضم العديد من الكليات وأكثر من 30 معهد بحث .
ومن جانب آخر فقد كانت مدينة بوتسدام شاهدة علي المؤتمر الذى عرف بإسمها أى مؤتمر بوتسدام والذى كان آخر إجتماع عقده زعماء كل من بريطانيا والإتحاد السوفيتي السابق والولايات المتحدة الأميريكية خلال الحرب العالمية الثانية من يوم 17 يوليو حتى يوم 2 أغسطس عام 1945م وحضر هذا المؤتمر الرئيس الأمريكي هاري ترومان ورئيس الوزراء السوفيتي جوزيف ستالين ورئيس مجلس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل الذي خلفه كليمنت أتلي خلال المؤتمر وكانت الإتفاقيات السابقة قبل إنعقاد مؤتمر بوتسدام قد قسمت المانيا إلى مناطق إحتلال بريطانية وفرنسية وسوفيتية وأميريكية وإتفق المؤتمرون في بوتسدام على معاملة الأجزاء الألمانية المحتلة على أنها بلد واحد فيما يتعلق بالنواحي الإقتصادية كذلك حصل الإتحاد السوفيتي على ثلث السفن الألمانية وبعض المعدات الصناعية تعويضا عن أضرار الحرب كما إتفق المؤتمرون على مقاضاة القادة الألمان بتهمة إرتكاب جرائم حرب وتم تقديمهم بالفعل إلي المحاكمة فيما عرف بإسم محاكمات نورنبيرج التي أجريت في مدينة نورنبيرج التي تقع في ولاية بافاريا بجنوب شرق المانيا وجدير بالذكر أنه بينما كان المؤتمرون في بوتسدام تناهى إلى علم الرئيس الأميريكي هارى ترومان نبأ نجاح أول إختبار للقنبلة الذرية الأمر الذي أدى إلى صدور إعلان بوتسدام الذي هدد بتدمير اليابان ما لم تتوقف عن حربها مع دول الحلفاء وأن تستسلم دون شروط إلا أن رئيس الوزراء الياباني سوزوكي رفض هذا الإعلان وتجاهل المهلة التي حددها هذا الإعلان مما أدى إلي صدور أمر تنفيذي أصدره الرئيس هاري ترومان فقامت الولايات المتحدة بإطلاق قنبلة ذرية سميت الولد الصغير على مدينة هيروشيما يوم الاثنين الموافق 6 أغسطس عام 1945م ثم تلاها بإطلاق قنبلة الرجل البدين على مدينة ناجازاكي في التاسع من شهر أغسطس من نفس العام وكانت هذه الهجمات هي الوحيدة التي تمت بإستخدام الأسلحة الذرية في تاريخ الحرب وقتلت هاتان القنبلتان ما يصل إلى عدد 140 ألف شخص في هيروشيما وعدد 80 ألف شخص في ناجازاكي بحلول نهاية عام 1945م حيث قتل ما يقرب من نصف هذا الرقم في نفس اليوم الذي تمت فيه التفجيرات في كلتا المدينتين ومن بين هؤلاء قتل مابين 15 إلي 20% متأثرين بالجروح أو بسبب آثار الحروق والصدمات والحروق الإشعاعية وسوء التغذية والتسمم الإشعاعي كما توفي عدد 231 شخص بسبب سرطان الدم وعدد 334 شخص نتيجة الإصابة بالسرطانات الصلبة وعدد 334 شخص نتيجة التعرض للإشعاعات المنبثقة من القنابل وكانت معظم الوفيات من المدنيين في المدينتين وبعد ستة أيام من تفجير القنبلة على ناجازاكي أى في يوم الخامس عشر من شهر أغسطس عام 1945م أعلنت اليابان إستسلامها لقوات الحلفاء ووقعت وثيقة الإستسلام بعد حوالي أسبوعين في الثاني من شهر سبتمبر عام 1945م مما أنهي الحرب في جبهة المحيط الهادى رسميا ومن ثم إنتهاء الحرب العالمية الثانية بصورة نهائية حيث كانت المانيا قد وقعت وثيقة الإستسلام قبل ذلك بحوالي 4 شهور في السابع من شهر مايو مما أنهى الحرب في جبهة قارة أوروبا حينذاك .
ويمتد تاريخ مدينة بوتسدام لأكثر من ألف عام حيث يرجع تاريخ المستندات والوثائق القديمة التي ذكرت فيها مدينة بوتسدام إلي عام 999م وهي تزخر بالعديد من القصور التاريخية والحدائق الواسعة التي تعد جزء من التراث الثقافي العالمي لليونيسكو والمدينة نفسها تعكس ثقافات متنوعة من القرون الماضية ومما تتميز به هذه المدينة تأثرها بالعمارة الإيطالية وبصرف النظرعن التراث التاريخي تعد بوتسدام موطن لمشاهدة ثقافة الشباب في كل شوارعها وفي مسرح هانزو والمركز الدولي للرقص وفن الحركة ومن خلال العروض المسرحية والمهرجانات كما أنها تضم العديد من المعالم والأماكن المختلفة القيمة التي تستحق الزيارة وتنتشر في جميع أنحاء المدينة ومما لا شك فيه أن مدينة بوتسدام تعد من المدن التي حظيت بجهود بشرية على مدار السنين لتحويلها إلى منطقة تتمتع بالمناظر الخلابة الساحرة ومما ساعدها في ذلك هو طبيعة ما تمتلكه من بحيرات وتضاريس طبيعية جذابة إلي جانب ما تمتلكه من المعالم السياحية التي تجذب العديد من الزوار إليها ومن أهم هذه المعالم :-
-- بوابة براندنبورج بوتسدام وهي غير بوابة براندبورج أشهر بوابات سور برلين الشهير وهي بوابة في مدينة بوتسدام توجد في ساحة لويزن بلاتس في الطرف الغربي من شارع براندنبورجر الذي يسير في خط مستقيم حتى يصل إلى كنيسة القديسين بطرس وبولس بوسط المدينة حيث تؤدي البوابة إلى وسط المدينة المصمم للمشاة وقد بنيت مابين عام 1770م وعام 1771م من قبل المهندسين المعماريين كارل فون جونتارد وجورج كريستيان أونجر بأمر من الإمبراطور فريدريش الثاني ومنذ عام 1733م وحتى بناء هذه البوابة كانت هناك بوابة أبسط في نفس المكان تشبه بوابة قلعة وكان الهدف من بناء البوابة مع سور المدينة والبوابات الأخرى هو منع الجنود من الفرار ومنع التهريب وفي عام 1756م حدث أن قامت حرب السنوات السبع والتي يطلق عليها أحيانا الحرب البومرانية وهي حرب جرت بين عام 1756م وعام 1763م وشاركت فيها كل من بريطانيا وبروسيا ودولة هانوفر بالمانيا ضد كل من فرنسا والنمسا وروسيا والسويد وسكسونيا ودخلت أيضا أسبانيا والبرتغال في الحرب بعد مدة من بدايتها وكان هناك سببان رئيسيان لهذه الحرب وهما المنافسة الإستعمارية الشرسة بين أكبر دولتين إستعماريتين حينذاك بريطانيا وفرنسا في أمريكا والصراع بينهما في سبيل السيطرة وبسط النفوذ في المانيا التي لم تكن دولة موحدة آنذاك وقد إنتهت هذه الحرب بعقد معاهدة باريس في عام 1763م حيث ثبتت الحرب مركز بروسيا وهي المانيا حاليا الجديد كدولة عظمى وجعلت بريطانيا الدولة الإستعمارية الكبرى في العالم على حساب فرنسا ومن ثم أمر الإمبراطور الألماني فريدريش الثاني بهدم البوابة القديمة وبناء بوابة براندنبورج الجديدة كرمز للنصر ولهذا السبب فإن بوابة براندنبورج تشبه شكل قوس النصر الروماني حيث صممت على نموذج قوس قسطنطين في روما ولذا يمكن لمس التأثير الروماني على الطراز المعماري لها وخاصة في الأعمدة المزدوجة على النظام الكورنثي وكذلك تصميم الجزء العلوى منها وقد حكم هذا الإمبراطور المانيا مابين عام 1740م وعام 1786م وإشتهر بدهائه في الحملات العسكرية وفي تنظيم الجيوش البروسية الألمانية حتي صار يعرف بفريدريش الكبير أو العظيم ومما يميز هذه البوابة هي أن لها واجهتين مختلفتين تماما حيث قام المهندس المعمارى كارل فون جونتارد بتصميم الواجهة المطلة على المدينة كواجهة مزخرفة على الطراز الكورنثي فيما صمم تلميذه جورج كريستيان أونجر الجانب المطل على خارج المدينة وكان حينذاك يطل علي الحقول والمناطق الريفية التي توجد خارج المدينة على نمط قوس قسطنطين بروما مع أعمدة كورنثية مزدوجة وزخارف كالأبواق الذهبية وقد أضيف مدخلان جانبيان بالبوابة للمشاة في عام 1843م على زمن الإمبراطور فريدريش فيليم الرابع نظرا لإزدياد حركة المشاة وجدير بالذكر أنه بعد هدم سور المدينة حوالي عام 1900م بقيت بوابة براندنبورج هيكلا قائما بذاته وتحولت إلي مزار سياحي يفد إليه السياح بالآلاف كل عام .
-- قصر سانسوسي والذى تم تشييده في عام 1745م ومع كونه قصر الماني إلا أن إسمه فرنسي فمعنى سانسوسي هو بلا هموم أو بلا قلق وهو يتكون من طابق واحد يضم عشر غرف ويتميز برسوماته الأثرية التي تعود إلى عصر الإمبراطور فريدريش الكبير وكان هذا القصر بالنسبة إليه ملاذاً للترفيه يلجأ إليه ليستمتع بالموسيقى والفن وترفيه ضيوفه بعيدا عن شئون الدولة الرسمية المتعبة وجدير بالذكر أن الإمبراطور فريدريش الثاني كان مغرما بالموسيقى ولذا فقد إستضاف العديد من الحفلات الموسيقية في هذا القصر كما كان موسيقيا موهوبا أيضا ألّف أكثر من 100 مقطوعة موسيقية سوناتا وعدد 4 سيمفونيات وكان بناء هذا القصر قد تم على نمط فن الروكوكو علي يد المهندس المعماري جورج فون كنوبلزدورف الذى كلفه الإمبراطور فريدريش الثاني يتصميمه وبنائه وخلال حكم الإمبراطور فريدريش فيليم الرابع تمت توسعة القصر مابين عام 1841م وعام 1842م حيث تم توسعة جناحيه الجانبيين بعد أن قام المهندس المعماري لودفيج بيرسيوس بتصميم التوسعة طبقا لمسودة وضعها الإمبراطور وسميت هذه التوسعة قصر سانسوسي الجديد وحاليا تقوم الجمعية الخيرية لقصور وحدائق بروسيا في ولايتي برلين وبراندنبورج برعاية القصر وحديقته وقد إعتبرته منظمة اليونيسكو موقعا للتراث العالمي منذ عام 1990م ويطلق علي هذا القصر قصر فرساي البروسي حيث أنه يجمع بين الفنون المعمارية المتبعة خلال القرن الثامن عشر الميلادى في تشكيل قصور أوروبا ومما يميز هذا القصر وحديقته الواسعة الخيال المعماري وتصميم الحديقة اللذان يعكس بصورة واضحة النظام الملكي المتعاظم لإدارة الدولة حينذاك حيث يعلو القصر طبقا لتصميم الملك فريدريش العظيم حديقة متدرجة للأسفل في إتجاه الجنوب بحيث تسمح مصاطبها المتدرجة بزراعة العنب وكانت الحديقة أصلا مزروعة بأشحار السنط وأثناء حكم أبيه الملك فريدريش فيليم الأول المسمى بالملك العسكري نظرا لإهتمامه بالهيئة العسكرية وتنظيم الجيش إنتزعت أشجار السنط بغرض توسيع مدينة بوتسدام وإنشاء تحصينات دفاعية حولها وفي يوم 10 أغسطس من عام 1744م أمر الملك فريدريش الثاني بتحويل الهضبة إلى مصاطب يزرع فيها العنب ونظرا لأن زراعة العنب تكون عادة في جنوب المانيا بسبب ضعف الشمس في الشمال فقد أنشئت المصاطب في بوتسدام متجهة نحو الجنوب حيث أنشأ المهندس المعماري فريدريش ديتريش عدد 6 مصاطب عريضة متدرجة في إتجاه الجنوب على أن تكون مقوسة ومحاطة بجدران منخفضة نحو الداخل للإستفادة أكبر ما يمكن من أشعة الشمس وينمو على هذه المصاطب أشجار متتابعة من أشجار العنب والبرتقال والفاكهة ويتبعها 168 من الأكشاك الزراعية الزجاجية تنمو فيها أنواع من الأشجار التي لا تنمو عادة في المانيا وفي الوسط كانت هناك 120 وأصبحت حاليا 132 من قصاري الزرع موضوعة على الستة مصاطب كما يحيط بالمصاطب من الجانبين طريق صاعد إكتمل في وقت إنشاء حديقة العنب في عام 1746م كما أنشئت أسفل المصاطب في عام 1745م حديقة زينة تنمو فيها أنواع الزهور والورود في توزيع جميل وبنيت في وسطها نافورة كبيرة رائعة الجمال وكان يحيط بها تماثيل من الرصاص المطلي بالذهب لبعض شخصيات الأساطير الإغريقية القديمة إلا أنها لا توجد حاليا كما تضم هذه الحديقة عدة أماكن متميزة منها مايسمي بمغارة نبتون ومعرض اللوحات الذي يعود تاريخه إلى القرن السابع عشر الميلادى ويظهر القصر أعلي الست مصاطب ليكون بمثابة تاج لها فقد أراد الإمبراطور فريدريش الثاني التمتع بالحياة خلال فصل الصيف وكذلك ليكون عنوانا له بين أباطرة المانيا وملوك أوروبا كما أمر الإمبراطور بإنشاء طاحونة سانسوسي الشهيرة مما يخلع على الموقع المظهر الريفي البستاني وكان فريدريش يقول إن الطاحونة هي زينة القصر وبوجه عام يعد هذا القصر من الداخل تحفة معمارية رائعة بما يضمه من أعمدة رخامية وزخارف غاية في الإتقان وتماثيل عتيقة أما الشئ الأجمل في القصر فهى غرفة فولتير المنسوبة للأديب الفرنسي الكبير فرانسوا ماري آروويه المعروف بإسم فولتير الذى كان صديقا للإمبراطور فريدريش الثاني والتي يضمها القصر بين جنباته كما زينت غرفة الضيوف هذه بشكل فاخر مع نقوش خشبية للزهور والفواكه والحيوانات منتشرة على السقف والجدران هذا ويزور هذا القصر وحدائقه أعداد غفيرة من السياح من كل بقاع الأرض كل عام .
-- قصر سانسوسي الجديد وهو القصر الذي بني بين عام 1763م وعام 1769م والمميز بالقبة النحاسية وقد تم تصميمه بحيث يضم الكثير من الديكورات الداخلية الفاخرة وخاصة في أجنحته الرئيسية ومنها قاعة الرخام والمنطقة العليا والسفلى لشقق الدولة ومعرض الرخام والمسرح وتتميز هذه الديكورات الداخلية بأنها مزينة بتماثيل رخامية ولوحات وصور مؤطرة بالذهب وثريات لامعة تتدلى من الأسقف وقطع أثاث فاخرة والكثير من القطع الخزفية والأعمال الفنية المتميزة شارك الإمبراطور فريدريش شخصياً في تصميمها وقد أدى إسهامه في أسلوب الروكوكو إلى تطوير فرع جديد منه سمي بفريدريشيان روكوكو تيمنا بإسمه وملحق بهذا القصر إثنين من المباني المصنوعة من الطوب علي الطراز الباروكي والتى تتميز بأروقة ذات أعمدة وسلالم خارجية مقوسة كما توجد أعمدة كورنثية وقوس يسمي قوس النصر بين المبنيين وعلاوة علي ذلك يوجد معبد قديم أمام القصر الجديد بالإضافة إلى معبد آخر يسمي معبد الصداقة ومما يذكر أن الإمبراطور فريدريش الثاني أصيب بداء النقرس في فترة حياته الأخيرة وبسبب هذا المرض عانى من مشاكل أثناء الحركة لذا قضى معظم وقته جالساً على كرسي داخل هذا القصر إلي أن فارق الحياة في يوم 17 أغسطس عام 1786م عن عمر يناهز 74 عاما وكانت رغبته أن يدفن على شرفة الكروم في هذا القصر الذى كان مفضلا لديه ومع ذلك قام خليفته بدفنه في كنيسة حامية بوتسدام إلى جانب والده لكن وصيته تلك نفذت بعد أكثر من قرنين في الذكرى رقم 205 لوفاته يوم 17 أغسطس عام 1991م إذ نقلت رفاته وأعيد دفنه في المكان الذي كان يرغب فيه حسب وصيته ويرقد جثمانه على أعلى شرفة في القصر . –
نوير جارتن وهي حديقة كبيرة وتقع على شواطئ بحيرة تسمي هيليجرزى لتغطي مساحة قدرها 253 فدانا وتتميز هذه الحديقة بالمناظر الطبيعية بشكل رائع في أسلوبها العاطفي الذي يرجع إلى أواخر القرن الثامن عشر الميلادى حيث أنشئت في عام 1789م وهي تعكس النمط الرائع لمناطق الريف في البلاد الإنجليزية وتتميز بوجود قصر رائع الجمال داخلها ينبغي تسليط الضوء عليه هو قصر الرخام الجميل المبنى من الطوب الكلاسيكي الجديد والذي شيد بين عام 1787م وعام 1791م ومن السمات البارزة لهذه الحديقة هي رواق الأعمدة على جانب البحيرة وكذلك غرفة التخزين الباردة والفريدة من نوعها على شكل هرم أو مخزن التبريد والذى يسمي بيت الثلج .
– قلعة أو قصر سيسيلينهوف والتي بنيت بين عام 1914م وعام 1917م وقام بتصميمها المهندس المعماري بول شولتز ناومبورج على الطراز الإنجليزى الشهير وهي تشتهر بعراقه تصميمها وجمال بنائها والحدائق الخلابة المحيطة بها والأثاث الأصلى الراقى ومجموعة كبيرة من الأعمال الفنية المتميزة التي توجد داخل القلعة والتى يستمتع بها كل من يشاهدها وقد شهدت هذه القلعة القصر مابين يوم 17 يوليو ويوم 2 أغسطس عام 1945م كما ذكرنا في السطور السابقة قمة قادة الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية وهم الرئيس الأميريكي هارى ترومان ورئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل والزعيم السوفيتي جوزيف ستالين وتعد هذه القمة من أهم أحداث القرن العشرين الماضي كونها أرخَت لنهاية الحرب العالمية الثانية وبداية الحرب الباردة بين المعسكر الشرقي بقيادة الإتحاد السوفيتي السابق والمعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأميريكية .
-- كنيسة القديس نيكولاس وهي كنيسة نيوكلاسيكيّة بنيت في الفترة ما بين عام 1830 وعام 1837م في مواجهة قاعة البلدة القديمة وأهم ما يميز هذا الهيكل المذهل هي القبة التي يبلغ إرتفاعها 77 مترا وعلى الرغم من عدم إعادة تكريسها حتى عام 1981م بسبب الأضرار الواسعة التي تعرضت لها خلال الحرب العالمية الثانية إلا أنها شهادة على التاريخ المعماري الغني للمدينة حيث أن مبني هذه الكنيسة هو مبنى ممتع ومفتوح للزوار من كل الجنسيات والأديان من أجل الخدمات ومشاهدة المعالم السياحية وأمام الكنيسة مسلة بنيت في عام 1753م وجدير بالذكر أن القديس نيكولاس أو نيقولا هو أسقف يوناني ولد عام 270م وتعززت شهرته ليصبح من كبار القديسين المسيحيين وكان أسقفًا على مدينة ميرا ليكيا في آسيا الصغرى وهي تركيا الأسيوية حاليا وشارك في المجمع المسكوني الأول ونسجت حوله الكثير من القصص وعرف بشخصية بابا نويل لأنه كان يوزع المال والأيقونات على المحتاجين ليلا وهو متخفي ويحتفل المسيحيون الأرثوذكس والكاثوليك بعيده في يوم 6 ديسمبر من كل عام وكانت وفاته في هذا اليوم عام 343م عن عمر يناهز 73 عاما وقد تم تكريس العديد من الكنائس بإسمه في العديد من المدن الأخرى داخل وخارج المانيا غير هذه الكنيسة منها الكنيسة المعروفة بإسمه في مدينة ليبزيش التي تقع في ولاية سكسونيا بالمانيا وأيضا الكنيسة المعروفة بإسمه في مدينة هامبورج الألمانية والكنيسة المعروفة بإسمه في كل من براج عاصمة دولة التشيك وفي أمستردام عاصمةمملكة هولندا وفي مدينة أنطاليا بتركيا وفي مدينة صافيتا بسوريا .
-- قاعة المدينة القديمة وهي تقع في ساحة البلدة القديمة وقد بنيت في عام 1753م وقد أصبح حاليا هذا المبنى الباروكي الرائع المعروف مركزا للمناسبات والأنشطة الثقافية وهو يتميز بأعمدة كورنثية رائعة الجمال بإرتفاع ثلاثة أرباع المبني والذى يعلوه برج مغطي بقبة وكان هذا المبني قد تأثر من القصف الجوى الذى تعرضت له المدينة خلال الحرب العالمية الثانية وأعيد بناؤه بعد إنتهائها ويستخدم المبنى حاليا لإقامة المعارض والحفلات وكمتحف لمدينة بوتسدام حيث تعرض به مجموعات ونماذج من الفنون والثقافة المحلية التي يعود تاريحها إلي عام 1750م كما يستخدم المبني أيضا في تنظيم العديد من البرامج والندوات واللقاءات الثقافية .
-- قصر المدينة وهو يقع في وسط بوتسدام وهو مقر برلمان ولاية براندينبرج وفي الحرب العالمية الثانية تعرض لتدمير شديد ثم هدمَ من قِبل الحكومة الشيوعية في المانيا الديمقراطية سابقا ثم أعيدَ بناء القصر بين عام 2010م وعام 2014م وأدخلت التصاميم العصرية على البناء الداخلي وشيدت الواجهة التاريخية للقصر علي ما كانت عليه في السابق بنفس أعمدتها ونقوشها وزخارفها ويتميز هذا القصر بقبته الرائعة الجمال والأقواس التي تزين واجهته .
-- جسر جلينيكي وهو معلم تاريخي من المعالم الحديثة التي تجذب الكثير من الزائرين ويربط هذا الجسر بين العاصمة الألمانية برلين ومدينة بوتسدام ويرتبط هذا الجسر بحادثة تعرف بحادثة تبادل الجواسيس والتي حدثت في عام 1986م حينما تم إطلاق سراح الكولونيل رودلوف أبل الضابط في المخابرات الروسية الذي تم القبض عليه في الولايات المتحدة الأميريكية في خمسينيات القرن العشرين الماضي مقابل إطلاق سراح جاري باورز الطيار في طيارة تجسس أميركية تم إسقاطها في الإتحاد السوفيتي في ستينيات القرن العشرين الماضي وتمت هذه الصفقة على هذا الجسر بين برلين الغربية وبوتسدام التي كانت تابعة لالمانيا الشرقية حينذاك وفي أعلى الجسر توجد لوحة تذكارية لتوحيد المانيا وتمثال برونزى تم إزاحة الستار عنه بعد سقوط سور برلين الشهير عام 1989م ويعد هذا الجسر من أكثر معالم السياحة في بوتسدام تأثيراً في السكان المحليين كما يعد الجسر قبلة شهيرة لدى السياح الذين يزورون مدينة بوتسدام من كافة أنحاء الأرض وجدير بالذكر أن جدار برلين الشهير كان يمر من منتصف هذا الجسر ولهذا السبب كان يعد موقعاً مثاليا لتبادل العملاء بين شرق وغرب المانيا قبل الوحدة الألمانية وفي عام 2015م قام المخرج الأميريكي ستيفن آلان سبيلبرج بإنتاج فيلم بعنوان جسر الجواسيس وإتخذ من موقع هذا الجسر مكانا رئيسيا لتصوير أحداث فيلمه .
-- برج آينشتاين والذى يعد من أشهر أعمال المهندس المعماري الألماني إريك مندلسون وهو عبارة عن مرصد فلكي أقيم ما بين عام 1920م وعام 1921م تكريما للفيزيائي الشهير الألماني الأصل ألبرت آينشتاين في بوتسدام في المانيا وذلك قبل هجرته إلي أمريكا هربا من النظام النازى في المانيا ويبلور هذا البرج أفكار المهندس مندلسون في التصميم البلاستيكي بدون زوايا أي بإستخدام الخطوط المنحنية وكانت الخرسانة هي المادة المناسبة لتنفيذ هذا المبنى ولكن بسبب الظروف الإقتصادية السيئة التي أعقبت الحرب العالمية الأولي تم تنفيذ بعض أجزاء البرج بواسطة الطوب ثم تم عمل طلاء نهائي له وهو يعد من المباني المتألقة المعبرة عن عمارة القرن العشرين الماضي حيث يجمع تصميم مندلسون لهذا البرج بين الشقين العضوي والهندسي التجريدي وهو يحاكي إثنين من أهم المباني التي عرضت نماذجها في معرض كولونيا بالمانيا عام 1914م وهما مبني مسرح رابطة العمل الذي صممه فانديفلده ومبني الفسطاط الزجاجي الذي صممه برونو تاوت بصفته جناح الصناعات الزجاجية الألمانية ويقدم فسطاط تاوت وبرج آينشتاين تمثيلا حيا لموضوعين رئيسيين من الموضوعات التي شغف بها التعبيريون بشكل عام هما موضوعا البرج والكهف اللذان شكلا المعالم المكانية الرئيسية لرواية الفيلسوف الألماني نيتشه وتغطي هذا البرج قبة صغيرة تسمح للراصد الفلكي بالنظر من خلالها بواسطة منظاره إلى قبة السماء وتسمح بإنتقال الضوء إلى مستوى تحت الأرض داخل المبنى كما يمكن فيه رصد حركة الأفلاك ويتميز المبنى من الخارج بخطوطه الإنسيابية والديناميكية الفائقة التي تميز الشكل الخارجي للبرج وقاعدته التي تحتوي المدخل الذي يرتفع بضع درجات عن الأرض كما يتميز المبني كما ذكرنا بالخطوط والمستويات المنحنية وعدم إستخدام الزوايا القائمة الرمزية في التشكيل مع إستخدام التكوينات المعمارية الحرة غير المنتهية والنحتيات المعبرة والمؤثرة في النفس .
-- الحي الهولندي وهو يقع في وسط مدينة بوتسدام وقد تم بناؤه في الفترة مابين عام 1733م وعام 1740م ضمن ما عرف بالتوسع الثاني للمدينة الذي أشرف عليه المهندس الهولندي جون بومان في محاولة لإستقطاب عمال وخبراء البناء وأصحاب الحرف المهرة من هولندا إلا أن تلك المحاولة لم يكتب لها أن ترى النور على الرغم من أن هؤلاء العمال تلقوا وعودا بأن المنازل سوف تقدم لهم كهدية بعد إنتهاء بنائها لكن هذه الإغراءات لم تأت بنتيجة كبيرة ولم يتم إستقطاب الكثير من خبراء البناء وأصحاب الحرف الهولندية وسكن الحي تجار وفنانون وجنود بروسيون وفرنسيون ويضم هذا الحي بين جنباته المقاهي الصغيرة والمتميزة في شكلها وهندسة تصاميمها والشهيرة بالقهوة وقطع الحلوى والمعجنات والفطائر الصغيرة كما يضم الحي حوالي 134 بيت مبني على الطراز الهولندي والتي تتميز بأنها مبنية بالطوب الأحمر وتزين واجهاتها نوافذ خشبية ذات لون أبيض وتبرز أبراجها التي تغطي نوافذ الطوابق العلوية وكأنها تعانق السماء مما يعطي نموذجا فريدا للتقاليد المعمارية الهولندية وبالنسبة للسياح يبقى هذا الحي الهولندي محببا دوما ويحظى بشعبية كبيرة كما أنه يستقطب كل عام أكثر من عشرة آلاف سائح خلال المهرجانات والفعاليات والإحتفالات الثقافية التي تقام به .
-- جامعة بوتسدام وهي جامعة عامة تقع في منطقة برلين براندنبورج أنشئت عام 1991م ويبلغ عدد طلبتها 20 ألف طالب وطالبة ويشتغل بالبحث العلمي فيها أكثر من 8 آلاف باحث في مجال المنح الدراسية والعلوم وهذه الجامعة لها أربعة فروع منقسمة بين مدينة بوتسدام وباقي منطقة ولاية براندنبورج وبعض من مبانيها هي في الحقيقة عبارة عن جزء من قصر سانسوسي الجديد الذي يتبع مراكز التراث العالمي لليونيسكو ومنها مثلا مكتبة الجامعة ومعهد التاريخ وحديقة سانسوسي في القصر الجديد وكذلك معهد الرياضيات ويعتبر مبنى جولم هو أقدم مبنى في حرم الجامعة وقد بني في ثلاثينيات القرن العشرين الماضي وكان هذا المبنى مقرا لقسم الإستخبارات سابقا وهي أكبر جامعة في ولاية براندنبورج والتي تشتهر بأنها واحدة من مواقع التعليم والبحث العلمي ذات السمعة الطيبة في المانيا وكذلك أيضا في قارة أوروبا وقد فازت جامعة بوتسدام الألمانية في مبادرة التميز في التدريس التي نظمتها وكالة الإبتكار في الأعمال التجارية لنظام العلوم الألمانية ومن أبرز كليات هذه الجامعة كلية الحقوق وكلية الفلسفة وكلية العلوم الإنسانية وكلية الإقتصاد والعلوم الإجتماعية وكلية الرياضيات والعلوم .
– قرية الكسندراوكا والتي علي الرغم من أنها تقع في المانيا قرب مدينة بوتسدام إلا أنها تعد قرية روسية صغيرة تضم ما يقرب من 14 مزرعة وكنيسة أرثوذكسية ويرجع أصل تلك القرية الروسية إلى أنه كان قد تم أسر حوالي ألف جندى روسى فى المانيا عام 1812م فبقى منهم البعض فى بوتسدام كان منهم عدد 62 جندى تم تشكيل جوقة للغناء منهم وفي شهر أبريل عام 1826م صدر أمر ببناء مستعمرة روسية لأولئك الجنود وعائلاتهم وعلى الرغم من أن المستعمرة تم تصميمها من قِبل مصمم إيطالى إلا ان القرية حافظت على سحر التراث الروسى فى كل شئ .
-- مبنى المحركات البخارية والذى يطلق عليه أيضا مسجد بوتسدام والذى يقع علي خليج نهر هافل الذى تقع عليه مدينة بوتسدام في منطقة نويشتات وقد تم إنشاؤه بناءا على طلب من الإمبراطور فريدريش فيليم الرابع بين عام 1841م وعام 1843م تحت إشراف المهندس لودفيج بيرسيوس من أجل تشغيل نافورة كبيرة أمام قصر سانسوسي وطلب فريدريش أن يكون المبني على طراز المساجد التركية مع وجود مئذنة يتم إستغلالها كمدخنة ومع أن إستخدام طرازات وأنماط معمارية أجنبية كان أمرا شائعا في تلك الحقبة إلا أن هذا هو المبنى الوحيد من نوعه في بوتسدام الذى تم تصميمه من الخارج والداخل علي الطراز المغربي من قبل المهندس لودفيج بيرسيوس وكانت رؤية المبنى من الحديقة في قصر سانسوسي ممكنة في وقت بنائه ويظن الكثير من زائرى بوتسدام أن هذا المبني مسجد إسلامي تقام فيه شعائر الصلوات الخمس وصلاة الجمعة إلا أنهم يفاجئوا بأنه ليس كذلك وكان السبب الذى بني من أجله هذا المبني أن فريدريش العظيم كان في إحتياج إلي الكثير من المياه لنافورة قصر سانسوسي ومغارة نبتون المتواجدة في حدائقه حيث كانت المياه عنصرا هاما في تصميم المناظر الطبيعية في عصر الباروك وكان من المخطط أن يتم ضخ الماء من نهر هافل عن طريق مضخات رياح إلي الحوض المرتفع من خلال نظام من الأنابيب المصنوعة من جذوع الأشجار المجوفة بحيث يتدفق الماء إلى الحديقة عن طريق الضغط ليصل إلى العناصر المائية مع فقاعات وعلى الرغم من أن فريدريش أنفق الكثير من المال على المشروع إلا أنه فشل بسبب الجهل التقني حينذاك وبعد جهود حثيثة وإستهلاك كبير للمواد تخلى الإمبراطور عن رغبنه هذه وبعد حوالي 60 عام كانت الإمكانيات التقنية قد نضجت ومن ثم تم تشغيل محطة الضخ عن طريق محرك بخاري مكون من أسطوانتين يحتاج تشغيله إلى 4 أطنان من الفحم يوميا في عام 1842م من قبل شركة بورسيج وكانت قدرته 80 حصان وكانت الطاقة الناتجة تكفي لتشغيل النافورة في حديقة سانسوسي وتم إستخدام ما مجموعه 1.8 كيلومتر طولي من الأنابيب لضخ الماء من نهر هافل وقد بلغ إرتفاع نافورة حديقة سانسوسي 38 متر وهو رقم قياسي في ذلك الوقت وكان هذا المحرك البخاري هو الأقوى من نوعه في المانيا وفي قارة أوروبا كلها حينذاك وبعد أكثر من 50 عام من الخدمة تم إستبدال هذا المحرك في عام 1895م بمحرك بخار جديد بقوة 160 حصان وفي عام 1937م تم إستبداله مرة أخرى بمضختي طرد مركزي كهربائيتين وجدير بالذكر أنه في شهر سبتمبر عام 1985م تم إفتتاح مبنى المحركات البخارية كمتحف ولا يزال المحرك البخاري الأصلي القديم محفوظا بهذا المتحف وقد تم ترشيح هذا المبنى في عام 2007م لجائزة المعالم التاريخية الهندسية المدنية في المانيا .
-- ستوديوهات شركة بابلسبرج وهي أقدم ستوديوهات في العالم لتصوير وإنتاج الأفلام وأكبرها على الإطلاق في قارة أوروبا وقد تم وضع حجر الأساس لها عام 1911م لتتحول فيما بعد إلى مدينة أفلام ضخمة صورت فيها العديد من الأفلام الشهيرة منها فيلم متروبوليس وفيلم الملاك الأزرق وفيلم الكاتب الشبح وفيلم سحابة أطلس وفيلم بطل غير عادي وزائر هذا المكان سوف تذهله المجسمات الموزعة على مساحة مدينة السينما بابلسبيرج التي تشمل مجسمات مخصصة لتصوير مشاهد الرعب ومجسمات لشخصيات أوروبية وأميريكية ودهاليز مظلمة يدخل إليها الزائر فيبدأ بسماع أصوات غريبة حيث أن أجواء الغرف المصممة للزيارة تضع الزائر في وهم السينما الحقيقي فالغواصة تغوص به دون أن تغوص فيشعر برهبة الغرق والمياه تغمره دون أن تلمس نقطة ماء قدمه والمركبة الفضائية تنقله إلى الفضاء فيشعر بزيادة خفقان القلب وإختلال في التوزان بالرغم من أنه لا يبرح مكانه ليكتشف فيما بعد أن المركبة فقط كانت تهتز والحرارة داخلها ترتفع وأشياء أخرى تحدث لإيهامه بأنه يمر بأحداث حقيقية وتضعه في الجو المناسب وعلاوة علي ذلك توجد أماكن مخصصة لتصوير مشاهد الرعب وهذه قد تفقد الزائر عقله وتجعله يضحك من شدة الخوف فيما بعد حينما يقف أمام أحد المقابر فجأة فتظهر يد تلوح له ومن مقبرة أخرى تخرج جثة مرعبة من مكانها ليدرك بعد الصدمة أنها مجرد مجسمات ورقية أو بلاستيكية ولكنها شديدة الإتقان بحيث يشعر للوهلة الأولي أنها حقيقة وفي مكان آخر توجد جثة هامدة على سرير المستشفى ما أن يقترب منها الزائر حتى تدب فيها الروح وتجلس لتفزعه بعينيها وفي مكان آخر مشنقة يتدلى منها مجسم لجثة ترتدي ثوبا أسود مما يعطي شعور بأنها حقيقة كما يوجد بالمدينة العديد من المجسمات الخاصة بأفلام الأطفال مثل الساحرة مع مكنستها وبيوت صغيرة بأثاث قديم وديكورات تظهر المكان على أنه ينتمي إلى عصر آخر حيث العناكب وخيوطها تنتشر في كل مكان إضافة لصوت الأشباح وبالإضافة إلي ذلك يوجد بهذه المدينة أيضا مكان به سيارات مقلوبة ومتفحمة مخصصة لمشاهد حوادث السير وأبنية مهدمة لتصوير الكوارث الطبيعية والحروب ومكان آخر مخصص لتصوير أفلام الخيال العلمي والكائنات الفضائية والكائنات التي كانت تعيش علي الأرض في عصور ما قبل التاريخ والحيوانات والطيور الخرافية وجدير بالذكر أنه صورت قديما بهذه المدينة أجزاء من فيلم الملاك الصغير الذي لعب دورا مهما في التقارب الثقافي بين العالمين العربي والغربي ناقلا روح الشرق من خلال شخصية البطل الصغير وكثير من أحداث هذا الفيلم دارت حول نافورة المياه المتواجدة في هذه المدينة والتي تشكل أحد أهم نقاط جذب الزوار الذي يرمي كل منهم بقطعة نقدية فيها أملا في الحصول على الحظ وهذا الفيلم تدور أحداثه حول طفل شرقي يحاول أن يجد بائعا للحظ وخلال رحلة بحثه هذه يجد ألف حكاية ليرويها وعلاوة علي ذلك تحتوي مدينة بابلسبيرج على حديقة خاصة ومتحف للسينما يقع في مبنى مثير للإعجاب تحيطه شتلات البرتقال ويزوره الآلاف سنويا وهذا المتحف بني أصلا قبل تأسيس المدينة بحوالي قرنين وربع ليكون مشتلاً للبرتقال ثم كحظيرة للخيول الروسية عام 1685م ولكن تم تحويله ليحتوي أهم المقتنيات السينمائية والعالمية ويضم حاليا مجموعة من المقتينات الإسلامية ونقش على جدرانه أسود منسوخة كالأسود المعروفة في الحضارة البابلية وأيضا يفد إلي هذه المدينة طلاب السينما الذين يدرس بعضهم فنون الإخراج وبعضهم صناعة الديكور وبعضهم هندسة الإضاءة والرسم وبوجه عام فإن هذه المدينة السينمائية تستحق الزيارة لمن إستطاع ذلك وتستحق أن تكون مكانا لتطوير الخبرات بالنسبة لصناع السينما والممثلين والعاملين في الحقل الفني .
|