الجمعة, 29 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

صوفيا الساحرة تعود إلى العصر الحجري الحديث
-ج1-

صوفيا الساحرة تعود إلى العصر الحجري الحديث
-ج1-
عدد : 01-2019
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
tbadrawy@yahoo.com



مدينة صوفيا هي عاصمة جمهورية بلغاريا ومركز الحكم بها وهي تعد أكبر مدنها مساحة ومركزها الثقافي والإقتصادي والصتاعي ويوجد بها أكثر من 16 جامعة حكومية من بينها جامعة صوفيا والتي تأسست في عام 1888م كما يوجد فيها العديد من الجامعات الخاصة وقد أُنشئت هذه المدينة في القرن الثامن قبل الميلاد من قبل أجداد البلغار التراقيين القدماء وسموها سيرديكا وهو الإسم القديم لصوفيا ثم أطلق عليها إسمها الحالي صوفيا في نهاية القرن الرابع عشر الميلادى على إسم كنيستها الرئيسية القديسة صوفيا والتي كانت تعتبر رمزا للمدينة وذلك بأمر من القيصر البلغاري إيفان شيشمان وهي كلمة تعني الحكمة باللغة اليونانية القديمة وهؤلاء التراقيون القدماء كانوا عبارة عن جماعات تعيش في قرى صغيرة حياة بسيطة ويمارسون أعمال الزراعة وبعض الصناعات الأولية ولم تكن لهم دولة تجمعهم فكان رجالهم يعملون جنودا مرتزقة في جيوش جيرانهم وكانت المنطقة التي يعيشون فيها تسمي تراقيا وهي المنطقة التي تضم جنوب شرق البلقان وشمال شرق اليونان وجنوب بلغاريا وتركيا الأوروبية وكانت تطل علي ثلاث بحار هي البحر الأسود ومضيق البوسفور من الشرق وبحر مرمرة ومضيق الدردنيل وبحر إيجة من الجنوب كما كانت تحدها من الغرب جبال منطقة صوفيا ومن الشمال يحدها وادي نهر الدانوب وكان هناك تداخل في حدود تراقيا التاريخية وحدود مقدونيا التاريخية ببلاد اليونان وحاليا فإن هذه المنطقة مقسمة سياسيا بين بلغاريا وتركيا واليونان منذ عام 1923م وتبلغ مساحة مدينة صوفيا 1344 كيلو متر ولذا فهي تعتبر من أكبر 15 مدينة من مدن دول الإتحاد الأوروبي ومصنفة من المدن العالمية بيتا حسب شبكة بحث المدن العالمية والعولمة وجدير بالذكر أنها رشحت لتكون العاصمة الثقافية للقارة الأوروبية لهذا العام 2019م وتقع العاصمة البلغارية صوفيا في غرب دولة بلغاريا في سهل صوفيا العالي بجانب السفح الشمالي لجبل فيتوشا وهو جبل يقَع في ضواحي صوفيا ويطل عليها ويبلغ إرتفاعه 2290م في أعلى قمة له وهو يعد أحد أهم المعالم السياحية في مدينة صوفيا فهو أقرب مكان للعاصمة للتزلج على الجليد وتسلق الجبال كما أنه يضم منتزة فيتوشا الوطني ويمتاز بسهولة الوصول إليه بِفضل خطوط الحافلات والترام الجوي ولايفوتنا هنا أن نذكر أن دولة بلغاريا تقع جنوب شرقي قارة أوروبا مطلة على البحر الأسود من جهته الغربية وتحدها دولة رومانيا شمالا وتركيا واليونان جنوبا وجمهورية صربيا والجبل الأسود وجمهورية مقدونيا غربا وتبلغ مساحتها حوالي 111 ألف كيلو متر مربع وبذلك تكون دولة بلغاريا هي الدولة رقم 16 من حيث المساحة في قارة أوروبا.

وبسبب التباين الكبير في الإرتفاعات يمتلك جبل فيتوشا تنوع كبير في النباتات والحيوانات البرية حيث يمكن العثور على تلك الأنواع في منتزة فيتوشا الوطني وقد كشفت الأبحاث التي أجريت على مساحات صغيرة نسبيا من الجبل عن وجود عدد 1500 نوع نبات وعدد 500 نوع من الفطريات وعدد 500 نوع من الطحالب وعدد 326 نوع من الحزازيات وهي نوع من النباتات الطحلبية النادرة وعدد 200 نوع من الأشنيات وهي الكائنات التعايشية التي تتكون من ترافق بين الطحالب الخضراء المجهرية أو الجراثيم الزرقاء والفطريات الخيطية من بينها 31 نوع من الأنواع تستوطن في البلقان وعدد 52 نوع تصنَف ضمن القائمة الحمراء الخاصة بالكائنات المهددة بالإنقراض ويبلغ متوسط إرتفاع مدينة صوفيا عن سطح البحر 550 متر والمناخ فيها قاري معتدل وهي تحتل موقعا إستراتيجيا في وسط شبه جزيرة البلقان حيث تقع على مفترق الطرق التي تربط أوروبا الغربية بالشرق الأوسط ونهر الدانوب الذى يعتبر أطول وأهم أنهار دول الإتحاد الأوروبي حيث يمر بعدد 10 دول أوروبية ولذا فإن له أهمية كبيرة في النقل النهرى بين الدول التي يمر بها من منبعه بمنطقة الغابة السوداء بولاية بادن فورتمبرج التي تقع جنوب غرب المانيا وحتي مصبه بدولة أوكرانيا في البحر الأسود والذى يفصل مضيق البوسفور بينه وبين بحر مرمرة والذى يفصل مضيق الدردنيل بينه وبين بحر إيجة والذى يعتبر أحد أجزاء البحر الأبيض المتوسط وهناك عدد من الأنهار المنخفضة التي تعبر مدينة صوفيا منها نهر بيرلوفيسكا ونهر اسكار وهو أحد روافد نهر الدانوب ويعد أطول أنهار بلغاريا ونهر فلادايا وهو أحد روافد نهر اسكار الذي يتدفق في مساره العلوي بالقرب من شرق صوفيا كما تعرف المدينة بوجود 49 من الينابيع المعدنية الحرارية وهي تبعد عن مدينة بلوفديف ثاني أكبر المدن في بلغاريا 180 كيلو متر في الإتجاه الجنوبي الغربي وعن مدينة بورجاس التي تقع شرق بلغاريا 340 كيلو متر وعن مصيف ومدينة فارنا في شمال شرق بلغاريا 380 كيلو متر كما أن مدينة صوفيا قريبة حدوديا من ثلاث دول حيث تبعد عن حدود صربيا 55 كيلو متر وعن حدود جمهورية مقدونيا 113 كيلو متر وعن حدود اليونان 183 كيلو متر كما أن موقع صوفيا قريب نسبيا من بعض عواصم بلدان البلقان الأخرى حيث تبعد 239 كيلو متر عن سكوبيا عاصمة دولة مقدونيا و359 كيلو متر عن بوخارست عاصمة دولة رومانيا و374 كيلو متر عن بلجراد عاصمة دولة صربيا و549 كيلو متر عن سراييفو عاصمة دولة البوسنة والهرسك و553 كيلو متر عن تيرانا عاصمة البانيا .

ومن الناحية التاريخية تعد صوفيا واحدة من العواصم الأكثر قدما حيث يعود تاريخها إلى العصر الحجري الحديث فقد تم العثور على مستوطنات من هذا العصر في منطقة سلاتينا والتي يعود تاريخها إلى 5 آلاف عام قبل الميلاد وفي القرن الثامن قبل الميلاد أنشأ البلغار التراقيون القدماء مدينة صوفيا وسموها سيرديكا أو سيردونبوليس كما ذكرنا في صدر هذا المقال وكان بناؤها علي مساحة 1310 كيلو متر مربع وكانت ينابيع المياه الحارة المنتشرة في المنطقة هي ما جذبهم إلي موقعها وفي القرن الرابع قبل الميلاد حكمها فيليب الثاني المقدوني ثم إبنه الإسكندر الأكبر المقدوني ثم غزاها الرومان في عام 29م وأصبحت تمثل أحد الطرق الرومانية المهمة لذلك إزدهرت كأحد مستوطنات منطقة تراقيا وكانت أول إشارات خطية لسيرديكا تعود لعام 100م وسميت المدينة حينذاك أُولبيا سيرديكا ثم أصبحت مركز منطقة إدارية للولاية الرومانية في عهد الإمبراطور تراجان في عام 106م وخلال القرن الثاني الميلادي توسعت المدينة وبنيت بها الأبراج والجدران الواقية الحصينة والحمامات العامة وبازيليكا ومسرح روماني ومجلس للمدينة وفي هذا القرن أصبحت ضمن منطقة كانت تسمي مويسيا وهي المنطقة التي تشكل الجزء الرئيسي من وسط صربيا وبلغاريا الحديثتين من قبل الإمبراطور اورليانوس وفي القرن الثالث الميلادى أصبحت سيرديكا عاصمة إقليم بشرق أوروبا سمي داقية أيرولينا ثم تعرضت المدينة لهجوم من القوط عام 271م كما كانت سيرديكا هي المدينة المفضلة لدى الإمبراطور الروماني قسطنطين الأول الذي كان يقول سِيرديكا هي بمثابة روما بالنسبة لي ثم أصبحت من أولى المدن الرومانية التي تعترف بالمسيحية دين الدولة وفي عام 343م عقد مجلس سيرديكا في نفس المكان الذي بنيت فيه كنيسة القديسة صوفيا لاحقا .

وفي عام 447م دمرت المدينة بشكل كامل في زمن الإمبراطور ثيودوسيوس الثاني على يد قبائل الهون ثم أعاد بناءها الإمبراطور البيزنطي جستينيان الأول وإزدهرت المدينة في زمنه بسبب جدار القلعة العظيم الذى بناه بهدف حماية المدينة والذى أثاره ما زالت باقية حتى الآن ثم بنيت كنيسة القديسة صوفيا في القرن السادس الميلادي ما بين عام 527م وعام 565م وفي عام 809م إستولى الملك كروم خان البلغار على صوفيا بعد حصار طويل وأصبحت صوفيا جزء من الإمبراطورية البلغارية الأولى في عهد إبنه أومورتاج ما بين عام 814م وعام 831م وكانت تسمى حينذاك سريديتس وتعني الواقع في الوسط بسبب موقعها الهام على مفترق طرق هامة ثم سقطت صوفيا بعد ذلك تحت حكم يوحنا زيمسكي عام 971م وبعد مرات متعددة من الحصارات الغير ناجحة على المدينة سقطت أخيرا في يد الإمبراطورية البيزنطية عام 1018م لكن تمت إستعادتها بعد وقت قصير علي يد الملك إيفان آسين الأول وفي عهد الدولة البلغارية الثانية مابين عام 1185م وعام 1393م إكتسبت سريديتس أو صوفيا مظهر مدينة كبيرة حيث تم تحديد الشوارع بها وبدأت تظهر العديد من الكنائس الصغيرة بها كما بني في المنطقة العديد من الأديرة التي شكلت في وقت لاحق ما يعرف بجبل صوفيا المقدس في نهاية القرن الرابع عشر الميلادى وتحديدا في عام 1367م وفي هذا الوقت أُطلق على المدينة إسمها الحالي صوفيا نسبةً لكنيسة القديسة صوفيا التي كانت تعتبر رمزا للمدينة كما ذكرنا في السطور السابقة .


وفي عام 1382م وقعت مدينة صوفيا في أيدي العثمانيين وكان العثمانيون قد تمكنوا سابقا في عام 1352م من الإستيلاء علي أول قلعة في منطقة البلقان وذلك في عهد السلطان أورخان غازى ثاني السلاطين العثمانيين وخليفة السلطان عثمان غازى مؤسس الدولة العثمانية حينما تمكن إبنه سليمان من فتح مدينة جاليبولي وكان وجود العثمانيين في هذه المنطقة يعني التمهيد السريع للدخول في القارة الأوروبية وقد رسخ سليمان من هذا الوجود حين إستدعى جماعة من الأناضول للإستقرار في جاليبولي وعاملهم معاملة حسنة وأعطاهم الأموال والهدايا والمكافآت بل وتمكن من نقل جيشه إلى هذه المدينة التي عدها بمثابة القاعدة العسكرية المتقدمة للدولة الناشئة الجديدة ثم بدأ العثمانيون بسرعة في توسيع أراضيهم في أوروبا بداية من عام 1354م في عهد السلطان المذكور أيضا حيث بدأ العثمانيون فتوحاتهم في منطقة تراقيا البلغارية وإستطاعوا أن يستولوا علي مناطق بلوفديف و ستارا زاكورا وفي العام التالي 1355م بدأت حملتهم ضد المدينة الرئيسية في هذه المنطقة وهي صوفيا وإستدعى نجل الإمبراطور البلغاري إيفان الكسندر ميخائيل أسن الجيش لوقف تقدم العثمانيين وإلتحم الجيشان العثماني والبلغارى في معركة شرسة سميت معركة إهتمان أو معركة إهتيمان وتكبد البلغار في هذه المعركة خسائر فادحة وقتل قائدهم وريث العرش ومع ذلك كانت الخسائر فادحة للعثمانيين أيضا ولم يتمكنوا بعد المعركة من مواصلة مسيرتهم إلى صوفيا وأظهرت المعركة أن البلغار لم يكونوا مستعدين لتحدي العثمانيين في معركة ميدانية مفتوحة وكان فقدان الإبن البكر للإمبراطور ضربة كبيرة للبلغار والإمبراطور ولكن علي الرغم من ذلك لم يتمكن العثمانيون من الإستيلاء علي صوفيا حينذاك وفي عام 1360م توفي السلطان أورخان غازى وتولي إبنه وخليفته السلطان مراد الأول الحكم وفي عهده تم فتح مدينة إدرنه عام 1361م وإتخذها عاصمة له وهي تقع شمال مدينة إسطنبول بتركيا قرب الحدود التركية البلغارية حاليا بعد أن كانت العاصمة هي مدينة بورصة بالأناضول وأصبحت العاصمة الجديدة إدرنه هي مركز القيادة العامة للعثمانيين في قارة أوروبا والتي سار منها العثمانيون نحو باقي مناطق البلقان وتمكنوا من فتح حصونها تباعا حيث تم أولا عقد صلح بين العثمانيين وبين ملك اليونان كما تمكن السلطان مراد الأول من التصدي للبيزنطيين وأجبرهم على دفع الجزية وإحتل نيس التابعة للصرب ثم أجرى صلحا مع ملك الصرب مقابل جزية سنوية يدفعها للعثمانيين وقد أجبر كل ذلك ملك البلغار على طلب الصلح من السلطان مراد الأول في عام 1382م وبذلك تمكن العثمانيون من الإستيلاء علي صوفيا في نهاية المطاف كما كانت إدرنه هي نقطة الإنطلاق لفتح مدينة القسطنطينية وهي إسطنبول الحالية عاصمة الإمبراطورية البيزنطية فيما بعد في عهد السلطان العثماني السابع محمد خان والملقب بمحمد الفاتح عام 1453م .

وفي عام 1443م تعرضت صوفيا لحملة صليبية فاشلة من إديسواف الثالث من بولندا عرضتها للدمار ولكن أعيد تعميرها سريعل وإستقر بها الكثير من الأتراك وغيرهم وظهر جلياً التصميم العثماني للمباني والمساجد والنوافير والحمامات وبلغ عدد سكان المدينة حوالي 7 آلاف نسمة في القرن السادس عشر الميلادى وفي عام 1599م أنشئت الكنيسة الرومانية الكاثوليكية كرسي صوفيا للكاثوليك عام 1610م وبقي قائما حتى عام 1715م بسبب هجرة معظم الكاثوليك منها كما كان في صوفيا 126 أسرة يهودية وقد بقيت بلغاريا في ضمن أملاك الدولة العثمانية حتى تحريرها في يوم 4 يناير عام 1878م وذلك بعد إنتصار الدولة الروسية علي الدولة العثمانية بعد الحرب الروسية العثمانية التي نشبت بين الدولتين في عهد السلطان العثماني عبد الحميد الثاني الذى تولي الحكم في شهر أغسطس عام 1876م وكانت هذه الحرب مابين عام 1877م وعام 1878م وإنتصرت فيها روسيا والتي قادت فيها الإمبراطورية الروسية التحالف الأرثوذكسي الشرقي الذى شمل دول البلقان وقد بدأت هذه الحرب بعد فشل مؤتمر ترسانة الذى تم عقد إجتماعه الأول في يوم 23 أكتوبر عام 1876م بمبنى نظارة البحرية الواقع على خليج إسطنبول عاصمة الخلافة العثمانية وكان هدفه الوصول إلى حل بين الدولة العثمانية والصرب بحضور مندوبين من عدة دول أوروبية وروسيا ثم تم عقد إجتماعه الثاني بعد 5 أيام أى في يوم 28 أكتوبر عام 1876م ولم تتفق الأطراف المختلفة على حل يرضي الطرفين مما أدى إلي فشل المؤتمر وقيام الحرب المشار إليها وفي حقيقة الأمر كانت روسيا تبحث آنذاك عن ذريعة للتدخل في شئون الدولة العثمانية وإضعافها والإستيلاء علي أملاكها وخاصة في قارة آسيا وإسترداد الأراضي التي خسرتها أثناء حرب القرم التي سبقت هذه الحرب معيدة نفسها لمنطقة البحر الأسود وقد دار القتال في منطقة البلقان والقوقاز ومما شجع علي الإستمرار في هذه الحرب تصاعد الروح القومية في القرن التاسع عشر الميلادى بمنطقة البلقان بالإضافة إلى العم الروسي للحركات السياسية الساعية لتحرير دول البلقان من الحكم العثماني وكان من نتائج هذه الحرب بعد أن حققت الإمبراطورية الروسية الإنتصار علي الدولة العثمانية أن تم عقد مؤتمر في العاصمة الألمانية برلين خلال المدة من 13 يونيو عام 1878م حتي 13 يوليو عام 1878م وكان الهدف الرئيسي لهذا لمؤتمر هو إعلان إستقلال دول البلقان بالإضافة إلى إعادة صياغة معاهدة سان ستيفانو وهي معاهدة تمهيدية تم توقيعها يوم 3 مارس عام 1878م بين الإمبراطورية الروسية والدولة العثمانية بعد إنتهاء الحرب بينهما في ضاحية سان ستيفانو التي تقع غرب مدينة إسطنبول عاصمة الخلافة العثمانية .

وتعد معاهدة سان ستيفانو المشار إليها من المعاهدات المهمة في تاريخ الدولة العثمانية حيث فرضت هذه المعاهدة على العثمانيين المهزومين أمام روسيا إدخال إصلاحات جوهرية على أوضاع المسيحيين في الدولة العثمانية خاصة في قارة أوروبا وهو الأمر الذى منح إمتيازات وحقوق للأقلية لا تتمتع بها الأغلبية المسلمة وكان ذلك يشير إلى رغبة الدول الأوروبية في تفجير الدولة العثمانية وإضعافها من الداخل ومن الخارج في المحيط الدولي بحيث تمثل رجل أوروبا المريض الذي ينتظر الجميع موته لتقسيم تركته الكبيرة كما كان من أهداف مؤتمر برلين أيضا إبقاء السيطرة العثمانية على إسطنبول حيث حاول مضيف المؤتمر المستشار الألماني أوتو فون بسمارك الموازنة بين أطماع الإمبراطورية الروسية والإمبراطورية النمساوية المجرية وبريطانيا وكان من أهم ما أسفر عنه هذا المؤتمر أن تمكنت روسيا من المطالبة بعدة أقاليم في القوقاز وبالفعل تنازلت الدولة العثمانيّة لها عن مناطق أردهان وقارص وباطوم كما تنازلت أيضا عن إقليم ختر لدولة فارس وهي إيران الحالية مع تعهد الباب العالي بتحقيق إصلاحات عديدة وسريعة في دولة أرمينيا والتعهد أيضا بحماية الأرمن من الأكراد والشركس وتطبيق حرية الإعتقاد الديني في الدولة العثمانية مع ضرورة ألا تكون عقيدة الشخص عقبة أمامه للحصول على كافة حقوقه السياسية والدينية وإقرار حرية الملاحة في نهر الدانوب وقد سمح مؤتمر برلين أيضا للمملكة المتحدة بتولي قبرص وللإمبراطورية النمساوية المجرية بإحتلال البوسنة والهرسك وإقرار إستقلال كل من الجبل الأسود وصربيا ورومانيا وعلاوة علي ذلك تم الإعلان رسميا الإتفاق على أن تصبح بلغاريا إمارة مستقلة تقع تحت السيادة الإسمية للسلطان العثماني مع ضرورة تشكيل حكومة مسيحية خاصة بها بالإضافة إلى تأسيس جيش وطني بلغارى وهو ما يعني عمليا إستقلال بلغاريا عن الدولة العثمانية بعد ما يقرب من خمسة قرون من الهيمنة العثمانية عليها ومن ثم أُعيد تأسيس الدولة البلغارية في إمارة بلغاريا والتي أصبحت تغطي الأراضي الواقعة في منطقة صوفيا والتي أصبحت عاصمة للدولة البلغارية الجديدة المحررة في يوم 3 أبريل عام 1879م والمناطق بين نهر الدانوب وجبال البلقان بإستثناء دبروجة الشمالية التي أعطيت لرومانيا ثم أصبحت عاصمة بعد ذلك أيضا لمملكة بلغاريا عندما تم إعلانها عام 1908م وأصبح فرديناند الأول ملكاً لها وقد إندلعت الحرب بينها وبين الأتراك مرة أخرى في عهد السلطان العثماني محمد الخامس مابين عام 1912م وعام 1913م وإنتصرت بلغاريا في هذه الحرب التي سميت حرب البلقان الأولى ولكنها إنهزمت في حرب البلقان الثانية عام 1913م ضد العثمانيين واليونانيين والصرب .

ولما قامت الحرب العالمية الأولي عام 1914م إنضمت بلغاريا إلى جانب قوات دول المحور والتي شملت المانيا وإمبراطورية النمسا والمجر والدولة العثمانية وبعد هزيمة قوات المحور تنازل الملك فرديناند الأول عن الحكم لصالح إبنه بوريس الثالث وفي فترة ما بين الحربين العالميتين الأولي والثانية حاول الشيوعيون الوصول إلى الحكم بطرق سلمية وطرق أخرى ولكن دون جدوى وفي عام 1935م إنتهج بوريس الثالث سياسة داخلية إستبدادية منهيا بذلك الحياة الديموقراطية وظل حاكما لبلغاريا حتي عام 1943م وخلال الحرب العالمية الثانية بين عام 1939م وعام 1945م وقفت بلغاريا إلى جانب دول المحور أيضا وتعرضت صوفيا للقصف من قبل طائرات الحلفاء في أواخر عام 1943م وأوائل عام 1944م ثم إحتلتها القوات السوفيتية وأطيح بحكومة صوفيا من قبل الجيش الأحمر السوفيتي ثم أُعلن عن قيام الجمهورية البلغارية الشعبية عام 1946م ومن يومها أصبحت رويدا رويدا إحدى دول الكتلة الشيوعية حتي بداية التسعينيات من القرن العشرين الماضي حيث شهدت المناطق التي تسكنها الأقلية التركية ترحيل جماعي وتسبب ذلك في قلاقل ونزاعات عدة في البلاد ثم أُقيمت أول إنتخابات حرة في بلغاريا عام 1990م بعد سقوط الشيوعية وفاز بها الحزب الإشتراكي وهو نفسه الحزب الشيوعي السابق وأصبحت بلغاريا جمهورية برلمانية يتم إنتخاب الرئيس فيها مباشرة كل خمس سنوات ويكون له الحق في التقدم مرة أخرى فقط لإنتخابات الرئاسة وهو أعلى سلطة سياسية في البلاد والقائد الأعلي القوات المسلحة وللبرلمان الحق في الإعتراض على قراراته إذا أقرت الأغلبية ذلك ويتم تسمية رئيس الوزراء من قبل رئيس الدولة إعتمادا على نتائج الإنتخابات النيابية ومجلس الوزراء يتكون من عدد 20 عضو بينما يتكون البرلمان البلغاري من مجلس واحد عدد أعضائه 240 عضوا يتم إنتخابهم كل أربع سنوات ويتألف الجهاز القضائي البلغاري من محاكم محلية وإقليمية ومحاكم إستئناف إضافة إلى المحكمة الدستورية العليا والمحكمة الإدارية العليا وبعض المحاكم العسكرية التي تنظر بعض القضايا ذات الصبغة العسكرية .

ملحوظة:

يمكنكم متابعة الجزء الثانى من المقال عبر الرابط التالى
http://www.abou-alhool.com/arabic1/details.php?id=40467
 
 
الصور :