الجمعة, 29 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

مسجد وقبة وحمام.. كنوز السلطان إينال

مسجد وقبة وحمام.. كنوز السلطان إينال
عدد : 01-2019
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
tbadrawy@yahoo.com


يقع مسجد السلطان إينال وقبته التي تحوى ضريحه بقرافة المماليك والتي تقع ناحية الشرق بجوار طريق صلاح سالم وكان البناء في هذا الموقع حينذاك يعد أول محاولة لإعمار الصحراء فى العصر المملوكى فقد حاول أمراء وسلاطين المماليك البحرية أن يقوموا بإعمار المنطقة عن طريق إنشاء مقابر لهم هناك بالإضافة إلى المساجد الصغيرة وقويت هذه المحاولات فى العصر المملوكى الجركسى الذى تلاه خصوصا فى عهد السلطان الناصر فرج بن برقوق وذلك عندما قام بإنشاء خانقاة له هناك.

وقد ضمت المنطقة نحو 36 أثرا تعد من أعظم المنشآت الدينية والمدنية التي عكست جمال وروعة العمارة الإسلامية في العصر المملوكي وكان من أهم المنشآت التي تم بناؤها في هذه المنطقة بخلاف خانقاة السلطان فرج بن برقوق مسجد وخانقاة للسلطان الأشرف برسباى وخانقاة خوند أم أتوك وقبة طشتمر وقبة كركر وقبة الأميؤة طولية وقبة يونس الداودار وقبة جاني بك الأشرفي وقبة الأمير تنكزيقا وقبة إبن عراب وقبة حسن نصر الله وقبة السادات الشناهرة وقبة الوزير شاهين وقبة خديجة أم الأشرف وقبة السبع بنات وقبة الأمير سليمان وقبة عبد الله المنوفي وقبة قنصوة أبو سعيد وقبة قرقماس ومجموعة السلطان الأشرف إينال ومدفن مراد بك ومسجد وسبيل وربع للسلطان الأشرف قايتباى وتكية أحمد أبو سيف وقبة الكلشني وقبة إزدمر وقبة أرزمك وقبة عصفور وقبة الرفاعي وقبة الخديوى توفيق .

وكان السلطان الملك الأشرف إينال فى الأصل مملوكا جركسيا جاء إلي إلي مصر مجلوبا من بلاد القوقاز وإشتراه الملك الظاهر برقوق ولما آل الحكم إلي إبنه فرج بن برقوق بعد وفاة أبيه أعتقه وظل يتقلب فى مناصب الدولة الكبيرة فى عهدى السلطان الأشرف برسباى والسلطان الظاهر أبو سعيد جقمق إلى أن وصل إلى وظيفة أتابك الجند ثم صار كبير الأمراء فى عهد الأخير وإستمر كذلك حتى وفاة الظاهر جقمق وتولية إبنه المنصور عثمان الملك وعندئذ ثار الجند على الملك الجديد وإتفقوا على توليه إينال السلطنة فى عام 857 هجرية الموافق عام 1453م ولقب بالملك الأشرف إينال وليصبح السلطان الثاني عشر في دولة المماليك الجراكسة وكلمة إينال هى كلمة جركسية أو شركسية من مقطعين و تعنى شعاع القمر وكان السلطان إينال ملكا هينا لينا قليل الأذى لم يسفك دما قط بغير وجه شرعي كما كان ينقاد للشريعة الغراء ويحب العلماء ويعتبر من خيار ملوك الشراكسة وفي بداية فترة حكمه تصادف ذلك مع فتح السلطان العثماني محمد الفاتح القسطنطينية والقضاء التام علي الإمبراطورية البيزنطية في يوم الثلاثاء 20 من شهر جمادى الأولي عام 857 هجرية الموافق يوم 29 من شهر مايو عام 1453م وقام السلطان محمد الفاتح بإرسال رسالة له تبشره بهذا النصر المبين حيث كانت تربط دولة المماليك الجراكسة والدولة العثمانية علاقات طيبة حينذاك وفي خلال فترة حكمه تمكن السلطان الأشرف إينال من إخماد سبع ثورات داخلية قامت بها الفئات المنافسة له من الأمراء كما قام بإرسال حملة حربية إلى بلاد التركمان بقيادة الأمير خوشقدم فإستولى على مدن طرطوس وأدرنة وكولك في عام 861 هجرية الموافق عام 1457م فأرسل اليه أمير التركمان إبن قرمان إعتذارا وسأل السلطان العفو عن تحرشات إمارته السابقة وطلب عقد الصلح معه في عام 862 هجرية الموافق عام 1458م ومن أهم أعماله إنشاء أسطول بحري لدفع الفرنجة الذين حاولوا إستعادة جزيرة قبرص من الحكم المصرى التي كان قد فتحها الملك الأشرف برسباى عام 828 هجرية الموافق عام 1424م كما حاصر جيشه مدينتي قونية وقيسارية ودمر تحصيناتهما العسكرية حتي يأمن جانبهما.

وقد ظل السلطان إينال فى الحكم 8 سنوات حتى مرض وخلع نفسه وتنازل عن الحكم لإبنه أحمد ثم توفى بعد هذا الخلع بيوم واحد في يوم الخميس 15 من شهر جمادى الأولي عام 865 هجرية الموافق يوم 25 فبراير عام 1461م عن عمر يناهز 81 عاما ودفن بالقبة الضريحية الملحقة بمسجده في قرافة المماليك .

وتعتبر هذه المجموعة من المبانى من أهم المنشآت الأثرية التى أنشئت بقرافة المماليك فإلي جانب المسجد والقبة نجدها تشمل مدرسة وخانقاة وهى وإن إعتدى عليها الزمان فأضاع بعض أجزائها إلا أنها إحتفظت بأغلب معالمها ناطقة بما كانت عليه من روعة وجلال ويستدل من الكتابات التاريخية على باب القبة ومن إنفصال هذه القبة عن مبانى المسجد أن الفراغ من إنشائها كان فى عام 855 هجرية الموافق عام 1451م عندما كان إينال أتابك للجند فى عهد الملك أبو سعيد جقمق أما الخانقاة والمسجد فقد أنشئا بعد أن تولى الملك فأنشئت الخانقاة عام 858 هجرية الموافق عام 1454م وأنشى المسجد عام 860 هجرية الموافق عام 1456م .

وتشرف واجهة هذه المجموعة الأثرية على شارع السلطان أحمد ويقع على إمتدادها إلى الجنوب واجهة مسجد وقبة الأمير قرقماس التين أنشئتا فى عام 913 هجرية الموافق عام 1507م ويقع ضريح إينال فى الطرف الشمالى من الواجهة وهى مربعة من أسفل تعلوها قاعدة هرمية الأركان وفتح بكل واجهة بين كل ركنين ثلاثة شبابيك معقودة ومتجاورة يعلوها ثلاثة شبابيك مستديرة وترتكز على هذه القاعدة قبة فتح بدائر رقبتها شبابيك معقودة وحلى سطحها بخطوط متكسرة على هيئة دالات ويلى القبة المسجد بمدخله الذى يتميز بطاقيته المخوصة وبمقرنصاته الجميلة ويلى ذلك المنارة وهى قائمة بذاتها في الضلع الجنوبي الشرقي للواجهة الرئيسية على يسار المدخل الرئيسى وهى مئذنة رشيقة متناسقة يبلغ إرتفاعها عن سطح الأرض 25 مترا وتتكون من ثلاثة طوابق وتقوم على قاعدة كبيرة مربعة الشكل مزينة بزخارف نباتية محفورة في الحجر ويتكون الطابق الأول من شكل مثمن مزخرف أضلاعه بحنيات مستطيلة يعلوها عقد ذو زاوية وقد فتح في أربعة منها نوافذ تتقدمها شرفة صغيرة ترتكز على ثلاثة صفوف من الدلايات أما الطابق الثاني فمستدير الشكل ومضلع ومنقوش برسوم هندسية بدبعة ويفصل بين الطابق الأول والثاني والثاني والثالث شرفة ترتكز على أربعة صفوف من الدلايات أما الطابق الثالث فيتكون من ثمانية أعمدة ويعلو هذا الطابق خوذة يأتى بعدها هلال من النحاس وتعتبر هذه المئذنة من أرشق المنارات المملوكية وأجملها وقد أنشئ المسجد على نظام المدارس ذات التخطيط المتعامد وهو مكون من صحن مكشوف تكتنفه أربعة إيوانات متقابلة كانت تغطيها أسقف خشبية فقدت جميعها وكان يكسو جدران رواق القبلة كما كان يكسو جدران القبة وزرة رخامية لم يبق منها إلا آثارها وبوسط جدار القبلة محراب حلى تجويفه بزخارف محفورة فى الحجر شأنه شأن المحراب الموجود بالقبة وبأسفل أرض المسجد خلوات مفتوحة على فضاء يحيط به بقايا مبانى الخانقاة التى زال الكثير من أجزائها وأهم ما بقى منها بابها الواقع بالواجهة الشمالية .


وللسلطان الأشرف إينال حمام يعد أحد الكنوز الآثرية التى يزخر بها شارع المعز ويقع بجانب المدرسة الكاملية بالجمالية وقام بتشيده السلطان الملك الأشرف سيف الدين أبو النصر إينال بن عبد الله العلائى الظاهرى وهو الأثر رقم 562 وتم بناؤه عام 861 هجرية الموافق عام 1456م أى قبل وفاته بأربعة أعوام وذلك حسب النص الموجود أعلى الباب الرئيسي للحمام تأكيدا لعادة حكام هذا الزمان في بناء الحمامات الشعبية التي تخلد أسماءهم و تحقق فلسفتهم في إيجاد وسائل الراحة والإسترخاء والتي يستفيد معها الروح و الجسد وكذلك فإن تشييد هذا الحمام كان يستهدف تأدية وظيفة إجتماعية حيث كان الذهاب للحمامات الشعبية من أهم العادات والتقاليد التى إعتادها المصريون ويتميز حمام إينال بأنه من أقدم الحمامات الشعبية بحي الجمالية ويبلغ عمره حوالي 700 سنة ليبقي شاهدا على روعة العمارة الإسلامية وأقدم الطقوس الإجتماعية التى تعود عليها البسطاء من المصريين منذ قديم الزمان ويعد هذا الحمام من أهم حمامات القاهرة لما يميزه عن غيره وهو نظام الإضاءة التي تعطى الراحة والهدوء فهى عبارة عن قباب سماوية مقسمة إلى أركان ومكسوة بالزجاج الملون الذي يعكس الإضاءة الخارجية ولكن بشكل صحي ومختلف ويحتوي على أربعة مغاطس ويتم تغييرالمياه به مرتين كما أنه لهذا الحمام واجهة واحدة مستحدثة في الجهة الجنوبية الشرقية تطل على شارع المعز لدين الله و بها مدخل رئيسي عبارة عن حجر غائر يغطيه عقد مدائني ذو صدر مقرنص من حطتين تتوسطه فتحة باب ذات مصراع خشبي واحد يعلوه عقد مدبب يليه لوحة حجرية بها بحر به كتابة بالخط النسخ البارز أما من الداخل فهو عبارة عن ممر منكسر حتى لا يستطيع المارة في الشارع مشاهدة من بالداخل ينتهي بفتحة باب ذات مصراع خشبي تفضي إلى قاعة إستقبال مربعة ذات سقف من عروق خشبية تتوسطه شخشيخة بها ثماني وعشرون نافذة وفي الضلع الشمالي لهذه القاعة فتحة باب تفضي إلى حجرة مربعة لخلع الملابس تسمي المسلخ وهي ذات أرضية من بلاط حديث يغطيها قبو متقاطع وتتوسطها فسقية حجرية دائرية وتحيط بقاعة الإستقبال أربع سدلات أولها بالجهة الجنوبية الشرقية وهي عبارة عن مستطيل يتقدمه حجاب خشبي به بابان يكتنف أولهما شباكان جانبيان ويكتنف ثانيهما ثلاثة شبابيك وثانية هذه السدلات بالجهة الشمالية الغربية تشبه السدلة الأولى تماماً أما السدلتان الجانبيتان بالجهة الشمالية الشرقية والجنوبية الغربية فهما متشابهتان وكل منهما عبارة عن مستطيل فرشت أرضيته ببلاطات حديثة وغطى بسقف خشبي حديث ومغطس هذا الحمام يتم الوصول إليه من فتحة باب ذات عقد نصف دائري بالركن الشمالي الشرقي من الدورقاعة تفضي إلى ممر منكسر ينتهي بمغطس مربع تغطيه قبة ضحلة بسيطة بها عدة فتحات صغيرة للتهوية وكانت بعض الحمامات القديمة تتيح الفرصة للرجال فقط وأتيح البعض للنساء فقط لكن حمام إينال كان من الحمامات المقسمة إلى ركن للرجال وركن للنساء وقد قامت وزارة الثقافة بترميم وتجديد هذا الحمام مع الحفاظً على عناصره المعمارية المتميزة وجدرانه الحجرية وأرضيته الرخام ويذكر المؤرخون أن حمام إينال ليس كأى حمام شعبى فهو من خرج علي أبوابه المثل الشعبي اللى إختشوا ماتوا تلك المقولة التي قيلت بسبب واقعة حريق شهده الحمام جعل مجموعة من الفتيات اللاتي تصادف وجودهن بالحمام يتعرضن للموت نتيجة هذا الحريق بسبب خشيتهم من الخروج دون أن يرتدين ملابسهن عاريات إلى الشارع فى حين قامت مجموعة أخرى منهن إلى الخروج عاريات للنجاة من الحريق ليتركن ورائهن مثل اللى إختشوا ماتوا ومنذ هذا الحادث تم تخصيص الحمام للسيدات فقط بعد أن كان للرجال والسيدات فى آن واحد في قسمين منفصلين وحديثا أغلق وتحول إلى مزار سياحى بعد إيقاف نشاطه .
 
 
الصور :