بقلم الدكتور/ عادل عامر
يعد مشروع الأنفاق أكبر مشروع في تاريخ مصر الحديث بعد السد العالي، لأن هذه الأنفاق يجرى العمل بها بأسلوب علمي متقدم جداً، حيث يحتوي كل نفق على ممرات للطوارئ، وأنظمة لمكافحة الحرائق، كما تم الوصول إلى أعلى معدل حفر في العالم بلغ 36 مترا طوليا خلال 24 ساعة فقط.
ولقد جاء هذا المشروع القومى في التوقيت المناسب، لأنه أعاد اللحمة بين المصريين ولقد تزامن معه مشروع المنطقة الاقتصادية لإقامة حياة جديدة في هذه المنطقة، وإقامة مجتمعات عمرانية متكاملة على ضفاف قناة السويس.
وتعد أنفاق قناة السويس أولى الخطوات لتنفيذ مشروع عملاق وعظيم في منطقة قناة السويس، بالاضافة الى أن هذه الأنفاق، تؤمن أراضينا ،فهى ستحمل طفرة في حركة السكان من وإلى سيناء، فضلاً عن المستقبل المنتظر في الزراعة، الصناعة، ومضاعفة حركة السياحة بشتى أنواعها.
إن الهدف من الانفاق البناء وليس التهديد، حيث يجب ربط الـ 100 مليون بهذه المنطقة، مما يعد ردع لأي مطمع، وما يحدث من نقل لآليات عسكرية أو قوة بشرية، فهذا من حق الدولة على أراضيها، فقناعات مصر أنها تحمي ولا تهدد، وفي النهاية نحترم الاتفاقيات، ونؤمن أرضنا في الوقت نفسه.
تحمل أنفاق قناة السويس، شكلاً جديداً من الاقتصاد الذي سيصل حجمه بالمليارات، بعد تنمية سيناء، مقارنة بالأنفاق غير الشرعية من قطاع غزة في الماضي، التى كان يحدث من خلالها تجارة بالمليارات، لدرجة أنه كان هناك وزارة خاصة بها في غزة، فكيف سيكون حجم التجارة والصناعة المتسبب فيها، ومن خلال أنفاق ضخمة شرعية ممنهجة.
إن الأنفاق ستكون محوراً يفتح شرايين، تصل بين سيناء و100 مليون مواطن، فالعبور عن طريق المعديات ونفق الشهيد الصعب، وكوبري السلام ليس بالمجدي، وبالنسبة للأمن القومي، لا يجب الاعتماد على محاور محددة، مما يأتي بسهولة في الوصول والترابط، والتنمية أهميتها في وضع حد للأطماع في سيناء.
يمثل هذا المشروع الاستراتيجي حلما كبيرا للمصريين، حيث يهدف لإنشاء 7 أنفاق تحت قناة السويس تتضمن 3 أنفاق ببورسعيد، منها نفقان للسيارات ونفق للسكك الحديدية، و4 أنفاق بالإسماعيلية منها نفقان للسيارات ونفق للسكك الحديدية ونفق مرافق، بكلفة تصل إلى 4.2 مليار دولار.
ومن المقرر أن تعبر الأنفاق تحت قناة السويس وتصل بالتالي إلى شبه جزيرة سيناء. كما يشمل المشروع أيضا تنفيذ عدد من الطرق السطحية لوصل الأنفاق بشبكة الطرق القائمة وخدمة المشروعات المستقبلية في المنطقة. وسيتم حفر قناة جانبية جديدة في البحر المتوسط للسماح بدخول وخروج السفن إلى شرق بورسعيد بعيدا عن القوافل المارة بقناة السويس.
تقع مدينة الإسماعيلية في منتصف الطريق بين بورسعيد شمالا وقناة السويس جنوبا، وسيبلغ طول النفق الواحد في هذا المشروع حوالي 6 كيلومترات من غرب القناة إلى الاتجاه الشرقي إلى سيناء داخل نفقين للسيارات أحدهما متجه إلى شرق القناة، والآخر سيكون للعودة من سيناء إلى غرب القناة. ويوجد داخل الموقع مصنع تم إنشاؤه خصيصا لتصنيع الجدران مسبقة التجهيز المكونة للنفق.
وكان لابد من اتخاذ قرارات جريئة وحوافز استثمارية تنافسية لتحقيق هذا الهدف، من بينها أنشاء نقطة اتصال واحدة لتسهيل إنجاز الإجراءات والتراخيص، وإنشاء نقطة خدمات لوجيستية بأسعار تنافسية، كما تم تخفيض رسوم الخدمات البحرية لمواني المنطقة بنسبة تصل إلى 50% مما زاد من حركة المرور بنسبة عالية، بالإضافة الى توفير العمالة المؤهلة القادرة على المنافسة في السوق الدولية حيث يجرى تجهيز مراكز تدريب على أحدث النظم بالشراكة مع إحدى الشركات الألمانية وشركات أخرى لتدريب العمالة المصرية.
لقد أدركت الدولة المصرية أن تنمية سيناء اقتصاديا بمثابة الحل الأسرع والعاجل للقضاء على كل مشاكل الأمن ومواجهة الإرهاب بالبناء والتعمير، وليس فقط بالمواجهة العسكرية، ومن هنا كانت نقطه الانطلاق الحقيقية في مسيرة ربط سيناء بقلب مصر والوادي والدلتا بشبكة طرق وأنفاق تسهل من عمليه التنمية.
إن إنشاء أنفاق أسفل قناة السويس، سيسهم في تسريع وتيرة التنمية في سيناء من خلال ربطها بكل أنحاء مصر، وما تمثله أيضا تلك الأنفاق من عامل جذب رئيسي للاستثمار الأجنبي والمحلي على اعتبار أن وجود بنية تحتية قوية، وكذلك انخفاض تكلفه النقل يمثل بعدا هاما في تفكير أي مستثمر قبل التواجد داخل أي منطقة للاستثمار.
تلك الأنفاق تأخرت كثيرا في طرحها وظهورها، حيث كان من المفترض أن يتم إنشاؤها منذ أكثر من 3 عقود مضت، ولا شك أن ما تمثله سيناء الآن من منطقة جذب لكل أنواع الاستثمارات الأجنبية، بسبب موقعها المتميز في منطقة الشرق الأوسط، أعطاها ميزة تنافسية كي تتحول إلى منطقة اقتصادية عالمية أخرى داخل مصر، وتكون مسارا كبيرا لتحرك التجارة والاستثمار منها أن أنفاق قناة السويس لها جدوى اقتصادية كبيرة، وتنفيذها كان ضروريا، كما أن الأنفاق لها جدوى أمنية حيث أنها تربط سيناء بالوطن الأم مصر.
أن أنفاق بورسعيد تربط الطريق الدولي الساحلي القادم من مطروح عبورا بالسلوم والإسكندرية ودمياط وبورسعيد بشرق القناة وطريق القنطرة العريش رفح.
إن عملية إعادة الاستقرار الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والأمني بمصر يساعد على جذب الاستثمارات والإسراع نحو إصدار قوانين للاستثمار تسهل عمل المستثمرين والتركيز على الاستثمارات والمشروعات التنموية التي تساعد على تنمية القطاعات المختلفة للدولة وعلى رأسها تنمية محور قناة السويس.
كما أن هناك الكثير من التحديات التي يتعين على الحكومة المصرية التعامل معها سريعا حتى لا تعرقل سير المشروع المنتظر منه أن يدر عائداً أكبر بكثير من المحقق سنوياً ومنها التهديدات الإقليمية والمحلية والأمنية، وتأتي أهمية المشروع في إطار استراتيجية عامة متشابكة لتكملة باقي قطاعات الاقتصاد الوطني مثل قطاع الصناعة والزراعة والتجارة وقطاع الخدمات، وذلك لتعظيم الفوائد الاقتصادية التي سيكون للأجيال القادمة نصيبً منها وليس كل ما يتم تصديره لهم هي الديون وأعبائها.
الأنفاق الثمانية تزعج بالمقام الأول إسرائيل، عندما يكون هناك هذا الترابط بسيناء، من حيث القوة البشرية، وأمور عسكرية واستراتيجية أخرى، لا سيما بعد أن كسرت حالة الحرب المصرية على الإرهاب في سيناء، تابلوهات في اتفاقية السلام بين البلدين، التي كانت تحدد عدد القوات بشكل قليل في مناطق بسيناء،
وتحدد القوات الواقفة في المثلث الحدودي بالشرطية، وأيضاً كانت تبعد الآليات العسكرية الثقيلة إلى قناة السويس، في حين أن الحرب التي تشنها مصر، في ظل العملية الشاملة، جعلت نظم التسليح الثقيلة على الحدود مع إسرائيل، بل أخذت استقرارها في رفح والعريش والشيخ زويد، في وحدات عسكرية قائمة بالفعل.
|