الجمعة, 29 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

رئيس وزراء مصر محمود فهمي النقراشي
-ج2-

رئيس وزراء مصر محمود فهمي النقراشي
-ج2-
عدد : 05-2019
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
tbadrawy@yahoo.com

ولم تمر إلا شهور قليلة على تشكيل الوزارة حتى إنتهت الحرب العالمية الثانية رسميا بإستسلام ألمانيا فى شهر مايو عام 1945م وكان على الوزارة القائمة أن تبدأ فورا بالتجاوب مع متطلبات القضية الوطنية وتحقيق الآمال العريضة التى أخذت تداعب المصريين فى التخلص من الوجود العسكرى البريطانى وإنهاء معاهدة عام 1936م وذلك فى ضوء البيان الذى كانت قد أصدرته الهيئة السياسية المشكلة من زعماء الأحزاب وكانت الحكومة قد أقرت تشكيل هذه الهيئة للإسترشاد برأيها فى المشكلات الكبرى والقومية وإجتمع مجلس الوزراء فى يوم 23 سبتمبر عام 1945م وأقر البيان الذى أصدرته الهيئة والذى أشار إلى أن الوقت الحاضر يعتبر هو أنسب الأوقات لتحقيق أهداف البلاد القومية وفى يوم 20 ديسمبر عام 1945م سلم سفير مصر فى لندن مذكرة إلى الحكومة البريطانية تطلب فيها مصر الدخول فى مفاوضات لإعادة النظر فى معاهدة عام 1936م وفى شهر يناير عام 1946م جاء الرد البريطانى مخيبا للآمال ويمس كرامة وسيادة مصر وإشتد سخط الأمة على سياسة بريطانيا حيال مصر وتنكرها لكل عهودها ومواثيقها وتجلى ذلك فى مظاهرات عمت أرجاء البلاد كلها ووقعت مصادمات عنيفة بين الشرطة والمتظاهرين كان أسوأها حادثة كوبرى عباس الشهيرة والتي تم فتح الكوبرى خلالها علي الطلبة وإعتبر النقراشي باشا مسؤولا عتها بصفته وزيرا للداخلية ورئيسا للوزراء في نفس الوقت والتى أسفرت عن إصابة نحو 84 من الطلبة إصابات بالغة وقد تجددت المظاهرات فى اليوم التالى وتدخل البوليس وقام بفضها بالقوة .


وكان المد الوطنى المعادى لبريطانيا قد أخذ فى التزايد والتصاعد في ذلك الوقت وتم إغتيال رجل من الذين يرون ضرورة التعاون مع الجانب الإنجليزى فى مصر وهو أمين عثمان باشا فى شهر يناير عام 1946م وكان يشغل منصب وزير المالية فى وزارة النحاس باشا الأخيرة وهي الجريمة التي تم إتهام الرئيس الراحل أنور السادات ووزير الخارجية الأسبق محمد إبراهيم كامل فيها وأثارت الحادثة السفير البريطانى في مصر فأعرب للملك فاروق عن عدم إرتياحه لإستمرار وزارة النقراشى باشا فى الحكم وأنه لايستطيع ان يتعاون معها وثار خلاف بين رؤساء الأحزاب الممثلة فى الوزارة وتقدموا بإستقالاتهم وعلي ذلك لم يجد النقراشى باشا سوى تقديم إستقالته إلى الملك فاروق فقبلها فى يوم 15 فبراير عام 1946م وتشير التقارير إلى أن الخلاف الذى ثار بين رؤساء الأحزاب فى الوزارة كان حول أسلوب فض المظاهرات بالقوة وإستخدام العنف مما كان له وقع أليم فى النفوس ووضع الوزارة فى حرج بالغ أمام مسئوولياتها فى التصدى حتى للمظاهرات البريئة التى كانت تريد التعبير عن مشاعرها وقد تم تكليف إسماعيل صدقي باشا بتشكيل الوزارة الجديدة فشكلها في اليوم التالي 16 فبراير عام 1946م وكانت هناك رغبة ملحة حينذاك فى توحيد الصفوف تحت مظلة وزارة قومية لخوض جولة من المفاوضات مع بريطانيا ينتهى بها الوجود العسكرى البريطانى فى البلاد وقد وقع إختيار الملك فاروق على إسماعيل صدقى باشا لتأليف هذه الوزارة بإعتبار أنه شخصية قوية قادرة على الحفاظ على الأمن في البلاد بعد إنتشار المظاهرات بشكل خطير أصبح يهدد الأمن والسلم العام كما تفشت موجة من عدم الإستقرار خلال عهد وزارة النقراشى باشا خاصة في أواخر أيامها بالإضافة إلى أن الملك كان من وجهة نظره يرى أن يكون رئيس مجلس الوزراء الجديد شخصية سياسية قوية محنكة لاحزبية حيث أن الوزارة الجديدة ستكلف بخوض جولة جديدة وشاقة من المفاوضات مع بريطانيا .


وقد فشل صدقى باشا فى تأليف وزارة قومية حيث أن الحزب الوحيد الذى قبل أن يشترك معه فى وزارته الجديدة فى مراحلها الأولى كان حزب الأحرار الدستوريين حيث شغل 4 أعضاء منه مناصب وزارية أما بقية أعضاء الوزارة بما فيهم رئيسها فكانوا من المستقلين وقد حدثت تعديلات كثيرة على مناصب الوزراء فى الأيام الأولى وقد يرجع ذلك الى أن تأليفها خرج على التقاليد الدستورية التى كان معمولا بها فلم يكن رئيسها يستند إلى أغلبية برلمانية أو حتي أى سند برلمانى وبعد تأليف الوزارة بحوالى 17 يوما صدر مرسوم ملكى بتأليف وفد مصر فى المفاوضات مع بريطانيا برئاسة إسماعيل صدقى باشا رئيس الوزراء وكانت المفاوضات تستهدف بحث مسألة الجلاء التام عن مصر ومسألة وحدة وادى النيل أى وحدة مصر والسودان وتطالعنا محاضر مجلس الوزراء أن فكرة تمثيل مختلف الأحزاب فى المفاوضات بعد رفض حزب الوفد الإشتراك فيها عملا بالمبدأ الذى سار عليه بعدم الإشتراك في أى وزارة إئتلافية منذ عام 1928م نظرا لسهولة سقوط تلك الوزارات عند حدوث أى خلافات بين أعضائها الذين لاينتمون إلي حزب واحد مع وجود خلافات كبيرة في توجهات وسياسات كل حزب قد أحدثت تقاربا بين الأحزاب الأخرى وذلك بسبب أن المفاوضات التمهيدية كانت تسير سيرا حسنا وتبشر بالتوصل الى عقد المعاهدة المنشودة الأمر الذى أدى الى رغبة الأحزاب فى الإشتراك فى هذا الشرف إذا مانجحت وتحقق الجلاء في ظل إشتراكها في الوزارة التي تجرى المفاوضات ولكن للأسف تعثرت هذه المفاوضات بسببب تعنت الجانب البريطاني في مسألة السودان وفى يوم 8 ديسمبر عام 1946م قدم صدقى باشا إستقالته من الوزارة وبناها على أسباب صحية والواقع أنها ترجع لفشله فى المفاوضات المشار إليها وصدامه مع الإنجليز فى شأن السودان وتعارض تصريحاته مع تصريحات رئيس مجلس وزراء بريطانيا فى هذا الشأن فضلا عن فشله فى السيطرة على الأمن العام في البلاد والحد من الإضرابات والمظاهرات وهو الأمر الذى كان أحد الأسباب التى على ضوئها تم إختياره في الأصل للوزارة وفى اليوم التالي 9 ديسمبر عام 1946م قبل الملك إستقالة الوزارة وتم تكليف محمود فهمي النقراشي باشا مرة أخرى بتشكيل الوزارة من جديد لتكون الوزارة الثانية له .


وكانت وزارة النقراشى باشا الثانية أطول وزارات مابعد الحرب العالمية الثانية عمرا فقد طال عهدها لمدة عامين وبضعة أيام ولم ينته هذا العهد إلا بإغتيال رئيسها فى يوم 28 ديسمبرعام 1948م وفى خلال هذين العامين ألم بمصر من الأحداث الجسام ماجعل هذه الوزارة نقطة تحول فى التاريخ المصرى المعاصر فمن ناحية العلاقات مع الجانب البريطانى إستأنف النقراشى باشا المفاوضات مع السفير البريطانى فى مصر في ذلك الوقت السير رونالد كامبل فوجد إصرارا من الحكومة البريطانية على موقفها فقرر مجلس الوزراء عرض قضية البلاد على مجلس الأمن وأعلن هذا القرار فى بيان ألقاه النقراشي باشا أمام مجلسي النواب والشيوخ وكانت قضية مصر من أهم القضايا التى نظرها مجلس الأمن وقد شن النقراشى باشا هجوما عنيفا على بريطانيا فى المجلس وسمى أعمالها بالقرصنة البريطانية وكانت مطالب مصر تدور حول جلاء القوات البريطانية جلاءا تاما عن مصر والسودان وإنهاء النظام الإدارى المطبق حينذاك بالسودان ومع وضوح جميع حجج مصر وقوتها إلا أن المجلس إمتنع عن إصدار أى قرارات بجلاء القوات الإنجليزية عن مصر والسودان ووقف موقفا سلبيا وترك القضية معلقة دون أن يصدر فيها قرارا ولعل من أهم أسباب فشل القضية أمام مجلس الأمن سيطرة النزعة الإستعمارية على هذا المجلس وتكاتف الدول الإستعمارية وتآمرها على مصر للحيلولة دون تحقيق مطالبها العادلة ولم يكن للمجلس حين نظر القضية محكمة تحكم بالحق والعدل بل كانت هيئة سياسية تسيطر على قراراتها الدول الكبرى وثمة سبب آخر أدى الى فشل القضية تمثل فى الخلافات الحزبية التى برزت أثناء عرض القضية وأدت الى إضعاف مركز مصر أمام المجلس وتمثل ذلك فى الرسالة التى بعث بها حزب الوفد إلى رئيس مجلس الأمن أشار فيها إلى أن الدعوى التى رفعتها الحكومة المصرية أمام المجلس لا تمثل وجهة نظر شعب وادى النيل التى تؤيد أغلبيته الساحقة الوفد وأنها على أكثر تقدير تمثل الأشخاص الذين تتألف منهم الوزارة المصرية وكان لمثل هذه الرسالة أكبر الأثر فى طعن موقف مصر من الخلف .


وعلى الجانب الآخر فترت العلاقة بين الوزارة والقصر وكان ذلك في الأساس بسبب العديد من القرارات التى أصدرها القصر دون الرجوع إلى الوزارة مثل تعيين إبراهيم عبد الهادى باشا وكيل الهيئه السعدية رئيسا للديوان الملكى دون إستشارة الحكومة كما يقضي الدستور وكذلك تعيين كريم ثابت مستشارا للإذاعة المصرية رغم معارضة النقراشى باشا وكانت صورة الملك فاروق في ذلك الوقت قد أخذت فى الشحوب نتيجة تصرفاته الرعناء الطائشة والتي كان أحد أسبابها غياب أحمد حسنين باشا رئيس ديوانه السابق الذى لقي مصرعه يوم 19 فبراير عام 1946م والذى بلا شك كان له تأثير علي ضبط العديد من تصرفاته وإن كان يؤخذ عليه أحيانا موافقته علي التلاعب في تشكيل وإقالة الوزارات وقد صحب هذا التحول زيادة قوة ونفوذ الموظفين الخصوصيين فى القصر على حساب قوة ونفوذ رجال الدولة الرسميين ومن أهم الأحداث التى منيت بها البلاد في ذلك الوقت ظهور وباء الكوليرا فى شهر سبتمبر عام 1947م والذى أدى إلى وفاة أكثر من 100 ألف مواطن وقد سخرت الحكومة ما إستطاعت من إمكانيات لمكافحة هذا الوباء الخطير حتى تمكنت من التغلب عليه فى نهاية العام نفسه وكان هذا الوباء اللعين قد وصل إلى قرية القرين بمحافظة الشرقية مع مخلفات الجيش الإنجليزى الذى كان منتشرا فى مناطق القناة والصالحية بمحافظة الشرقية .


وفي عهد هذه الوزارة أيضا صدر مرسوم بإنشاء مصلحة الأرصاد الجوية لأول مرة على أن تلحق بوزارة الدفاع المدنى وجدير بالذكر أن ميزانية السنة المالية 1947م/1948م قد بلغت مبلغ 103 ملايين جنيه للمصروفات بينما بلغت الإيرادات مبلغ 94 مليون جنيه أى بعجز قدره حوالي 9 مليون جنيه وجدير بالذكر أيضا أن بريطانيا كانت تنفق على قواتها فى مصر خلال الحرب العالمية الثانية بالعملات المحلية التى كانت تسحبها من الخزانة المصرية بموجب أذونات خزانة مستحقة على الخزانة البريطانية لصالح مصر ووصلت قيمتها إلى حوالى 360 مليون جنيه إسترلينى وقد سعت وزارة النقراشى باشا إلى مفاوضة الحكومة البريطانية فى إسترداد هذه الأرصدة ووفقت بالفعل فى إسترداد مبالغ مالية بلغت حوالى 310 ملايين جنيه وترتب أيضا على هذه المفاوضات تخفيف العديد من القيود التي كانت تكبل السياسة النقدية المصرية فقد تم الإتفاق على خروج مصر من منطقة الإسترلينى والتي كان بموجبها هناك رقابة على عمليات النقد الأجنبى والإستيراد كما ترتب علي ذلك إمكانية أن تحتفظ مصر بإيراداتها من العملة الصعبة والعملات الأجنبية التى تحصل عليها من إيرادات شركة قناة السويس طبقا لأحكام قانون الرقابة على النقد كما وافقت بريطانيا على سداد حصة مصر فى البنك الدولى للإنشاء والتعمير والتي تبلغ حوالى 4 ملايين دولار .


ومن أهم أعمال تلك الوزارة إعتماد مبلغ 10 مليون جنيه أقرها البرلمان للبدء فى تنفيذ مشروع كهربة خزان أسوان وفى يوم 19 مارس عام 1948م قام الملك فاروق بوضع حجر الأساس لأول محطة لتوليد الكهرباء من الخزان كما تقرر بدء العمل في إنشاء قناطر إدفينا قبل مصب النيل علي فرع رشيد والتى بدأ العمل فيها فى شهر مايو عام 1948م وهى من أعظم منشآت الرى الحديثة والتي كان الهدف منها حجز كمية من مياه الفيضان ورائها حتي لاتضيع هباءا في البحر وكانت تلك القناطر في إطار تحقيق السيطرة علي مياه فيضان النيل وتخزين أكبر قدر منها لإستخدامها في رى الأراضي في الموسم الصيفي لحين ورود مياه الفيضان الجديد تلك المنظومة التي بدأت منذ أيام محمد علي باشا بالقناطر الخيرية ثم تبعها خزان أسوان وقناطر أسيوط وقناطر زفتي في عهد الخديوى عباس حلمي الثاني وقناطر نجع حمادى في عهد الملك فؤاد الأول كما أصدرت تلك الحكومة قانون الشركات لأول مرة فى تاريخ مصر المالى والإقتصادى والذى نص على أن يكون للمصريين نسبة فى هذه الشركات المشتركة تعادل أكثر من 50% من رأس المال وكان لهذا القانون أكبر الأثر فى تمصير الشركات بعد ذلك وأقرت الوزارة مشروع قانون الضريبة التصاعدية بالنسبة للإيراد العام تحقيقا لمبدأ العدالة الإجتماعية وتخفيفا لأعباء الضرائب على صغار الممولين وكان من أهم أعمال الحكومة من الناحية التشريعية إصدار القانون المدنى الجديد وهو أضخم تشريع بعد الدستور والذى حل محل القانون المدنى الأهلى الذى صدر عام 1883م والقانون المدنى المختلط الصادر سنة 1875م وقد صدر القانون فى يوم 16 يوليو عام 1948م وعلي أن يبدأ العمل به فى يوم 15 أكتوبر عام 1949م وهو اليوم الذى سينتهى فيه أجل المحاكم المختلطة ويتم نقل سلطتها إلى القضاء الوطنى .


ومن أهم الأحداث التي شهدتها تلك الحكومة كانت حرب فلسطين ففى يوم 13 مايو عام 1948م صدر مرسوم بإعلان الأحكام العرفية في البلاد وتعيين النقراشى باشا حاكما عسكريا وذلك بسبب إشتراك الجيش المصرى في حرب فلسطين ومن أجل تأمين سلامة الجيوش المصرية وضمان تموينها وحماية طرق مواصلاتها على أن يسرى مفعولها لمدة سنة حيث قررت مصر الدخول في حرب فلسطين بعد إعلان قيام دولة إسرائيل يوم 15 مايو عام 1948م والتي حقق فيها الجيش المصرى في البداية تقدما ملحوظا علي الجيش الإسرائيلي ولكن جاءت الهدنة الأولي ليعزز الجيش الإسرائيلي من موقفه ويتم تزويده بالسلاح والعتاد ولا يتحقق نفس الشيء للجيش المصرى وليحقق الجيش الإسرائيلي تقدما علي الجيش المصرى وباقي الجيوش العربية التي إشتركت في تلك الحرب وليتحرج موقف الجيش المصرى وتتعرض وحدات منه للحصار ولينتهي الأمر بهزيمته ولتصبح دولة إسرائيل واقعا في المنطقة ولتوضع الضفة الغربية لنهر الأردن تحت إدارة المملكة الأردنية الهاشمية وقطاع غزة تحت الإدارة المصرية ولتتعقد قضية فلسطين من يومها وحتي يومنا هذا وتظل المشكلة الفلسطينية بلا حل حتي الآن .


وفي مجال الحياة الشخصية للعائلة المالكة فقد شهد عهد وزارة النقراشي باشا الثانية طلاق الملك فاروق والملكة فريدة يوم 17 نوفمبر عام 1948م الأمر الذى أحزن شعب مصر كله نظرا لحبه الشديد للملكة فريدة مما أدى إلى خروج مظاهرات حاشدة في شتى أنحاء البلاد تندد بالملك وتهاجمه وتهتف بهتافات تمس الملك شخصيا مثل خرجت الفضيلة من بيت الرذيلة مما كان له تأثير نفسي سئ علي الملك وتزامن هذا الطلاق مع طلاق آخر داخل العائلة المالكة وهو طلاق الأميرة فوزية شقيقة الملك رسميا من شاه إيران محمد رضا بهلوى بعد أن إنفصلا دون طلاق لمدة عدة سنوات وكان السفير الإيراني بالقاهرة وكيلا عن الشاه في إتمام إجراءات الطلاق كما أنه في عهد تلك الوزارة سافرت الملكة نازلي والدة الملك إلى أمريكا قادمة من فرنسا والتي كانت قد وصلتها خلال عام 1946م للعلاج فوصلتها يوم 10 مايو عام 1947م وإستقرت هناك مع إبنتيها الأميرتين فائقة وفتحية وبعد ذلك كان ما كان من زواج الأميرة فتحية من سكرتيرها المسيحي رياض غالي مما أغضب الملك فاروق غضبا شديدا وإنتهى الأمر بقرار مجلس البلاط الملكي يوم أول أغسطس عام 1950م بتجريدهما من ألقابهما ومصادرة أموالهمأ .


وفي مجال الأمن العام الداخلي تفشت في عهد تلك الوزارة موجة من العنف الشديد علي أيدى جماعة الإخوان المسلمين التي أسسها حسن البنا في الإسماعيلية عام 1928م كجماعة دينية ثم إتجهت إلي مجال السياسة والتطرف والعنف وسفك الدماء حيث قام الجهاز السرى لها والذى كان يشرف عليه عبد الرحمن السندى أحد كوادر الإخوان المعروفين بتطرفهم الشديد وميله للعنف وسفك الدماء والذى كان يضع نفسه في مكانة تعادل مكانة مؤسس الجماعة ومرشدها العام الذى خرج عن سيطرته تماما لدرجة أنه كان يتخذ قرارات خطيرة دون الرجوع إليه بتنفيذ العديد من عمليات إغتيال لبعض الشخصيات التي تم إعتبارها أعداء للجماعة ومن الواجب قتلهم حيث قامت الجماعة بإغتيال القاضي أحمد الخازندار أمام منزله بحلوان يوم 22 مارس عام 1948م نظرا لإصداره بعض الأحكام بإدانة بعض أعضاء الجماعة في أحداث عنف وتفجيرات وفي يوم 4 ديسمبر عام 1948م قامت الجماعة بإغتيال اللواء سليم زكي حكمدار القاهرة كما تم تفجير بعض العبوات الناسفة في أكثر من مكان فأصدر النقراشي باشا أمرا عسكريا فى يوم 8 ديسمبر عام 1948م بوصفه حاكما عسكريا بحل هذه الجماعة وإغلاق مقراتها والأماكن المخصصة لها حيث كانت قد إنحرفت عن أهدافها الدينية والإجتماعية كما جاء فى التقرير الذى قدمة وكيل وزارة الداخلية لشئون الأمن العام وفى يوم 28 ديسمبر عام 1948م وبينما كان النقراشى باشا فى طريقة إلى مبنى وزارة الداخلية وأثناء وقوفه أمام باب المصعد أطلق عليه شاب يرتدى زى ضابط 3 رصاصات فى ظهره من الخلف فأرداه قتيلا وتبين أن القاتل طالب بمدرسة الطب البيطرى ويدعى عبد المجيد أحمد حسن وفى التحقيق معه إعترف بأنه عضو فى جماعة الإخوان المسلمين التي أسسها حسن البنا وأنه إرتكب الجريمة إنتقاما من رئيس الوزراء الذى أصدر الأمر السابق ذكره .


وقد تبين من التحقيقات أن المتهم كان مطلوبا إعتقاله منذ بضعة أيام سابقة على إرتكاب الحادث مع آخرين من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين ولكن النقراشى باشا رفض ذلك وقال إننى لا أحب التوسع فى إعتقال الطلاب فإننى والد وأقدر أثر هذه الإعتقالات فى نفوس الآباء والأمهات وقد أصدر حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين بيانا في أعقاب حادث إغتيال النقراشي باشا مستنكرا الحادث وليدافع به عن نفسه وعن جماعته ويتنصل به عن مسؤوليته عن هذا الحادث بعنوان ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين وكانت جماعة الإخوان آنذاك تعيش إضطرابا داخليا بين حسن البنا وعبد الرحمن السندى رئيس الجهاز السري للإخوان ولم يمض ثلاثة شهور حتى تم إغتيال حسن البنا في شهر فبراير عام 1949م في عهد وزارة إبراهيم عبد الهادى باشا التي خلفت وزارة النقراشي باشا وفي حقيقة الأمر كان النقراشي باشا منذ أن وقع قرار حل الجماعة يدرك أن هذا القرار من شأنه تعريض حياته للخطر فأعد لنفسه حراسة مشددة وكان يذهب أياما إلى رئاسة مجلس الوزراء وأياما أخرى إلى وزارة الداخلية وأيضا أياما أخرى إلى وزارة المالية دون الإلتزام بأيام محددة لكل منها وقد إستدعى الأمر قيام الإخوان أثناء الإعداد لعملية إغتياله بعملية رصد متوالية لمعرفة جدوله فى توزيع أيامه على وزاراته كما أنه من باب الحيطة والحذر وكإجراء أمني كان يغير طريقه من منزله بمصر الجديدة الى أى من تلك الوزارات بوسط المدينة لكي يصعب تتبعه ورصد تحركاته ولذلك تم إستبعاد فكرة إصطياده فى أحد الطرق التي تقع في مسارات تحركاته وفى صباح يوم الثلاثاء 28 من شهر ديسمبر عام 1948م ذهبت قوة الحراسة المكونة من الصاغ عبد الحميد خيرت والضابط حباطى والكونستايل أحمد عبد الله شكرى إلى منزل النقراشى باشا لإصطحابه وإنتظروه حتى نزل إليهم قبل الساعة العاشرة صباحا بعشرين دقيقة وركب الأول معه فى سيارته بينما إستقل الآخران سيارة أخرى تتبع السيارة الأولى ووصل الركب إلي مقر وزارة الداخلية نحو الساعة العاشرة ونزل النقراشي باشا من سيارته أمام الباب الخلفى لسراى الوزارة وإتجه الى المصعد مجتازا بهو السراى وإلى يساره الصاغ عبد الحميد خيرت ومن خلفه الحارسان الآخران هذا بالإضافة الى حراسة أخرى كانت تنتظر بالبهو مكونه من كونستايل وصول وأونباشى بوليس .


وقد تبين من التحقيقات أيضا أنه كان هناك أمام مبني وزارة الداخلية مقهى يسمي مقهي الإعلام تم إختياره مسبقا ليجلس به قاتل النقراشي باشا عبد المجيد أحمد حسن وقد تسمى بإسم حسنى وهو يرتدى زى ضابط شرطة فى إنتظار مكالمة تليفونية لتلقى إشارة بأن الموكب قد غادر بيت رئيس الوزراء فى طريقه الى الوزارة وفى يوم الحادث تلقى القاتل إشارة تليفونية بأن الموكب قد تحرك فغادر المقهى متجها الى البهو الداخلى لوزارة الداخلية وهناك كانوا يخلو البهو من الغرباء فى إنتظار وصول الرئيس ولم يطلب أحد منه الإنصراف أثناء دخوله إلي البهو الداخلي للوزارة ظنا منهم أنه ضابط شرطة فإجتاز عبد المجيد الباب الخارجى ثم الداخلى وإنتظر فى البهو وجاء النقراشى باشا بين حرسه متجها نحو المصعد حتى إذا صار على وشك ولوجه فاجأه عبد المجيد بإطلاق ثلاث رصاصات من مسدس بارتا إيطالى الصنع كان معه وقد تم ذلك بسرعة خاطفة وأصابت الرصاصات الهدف فسقط النقراشى باشا على الأرض وكانت الساعة حوالي العاشرة وخمس دقائق صباحا وفوجئ رجال الحرس بما حدث فلم يستطع أحد منهم عمل أى شئ قبل إطلاق الرصاصات الثلاثة وإلتفت الصاغ عبد المجيد خيرت الى الخلف فإصطدم بالمصادفة بعبد المجيد فوقع على الأرض وهجم الحراس عليه ومات النقراشى باشا بعد قليل وكان هذا الإغتيال فى أسوأ ظروف يمكن أن تواجه النظام السياسى الذى كان قائما قبل عام 1952م فالأمن مضطرب فى الداخل والجيش المصرى فى فلسطين يواجه النكسات وقد تم تكليف إبراهيم عبد الهادى باشا والذى كان يشغل منصب رئيس الديوان الملكي حينذاك بتشكيل الوزارة علي عجل فالأوضاع والظروف التي كانت تمر بها البلاد لاتتحمل أن تظل البلاد بلا وزارة وقد تم تقديم قاتل النقراشي باشا إلي محكمة الجنايات التي أصدرت حكمها عليه بالإعدام شنقا يوم الخميس 13 من شهر أكتوبر عام 1949م وتم تنفيذ الحكم بعد عدة أشهر يوم 25 أبريل عام 1950م في عهد وزارة الوفد الأخيرة بعد رفض الإلتماس الذى تقدمت به أسرة القاتل للعفو عنه أو حتي لتخفيف الحكم عنه وجدير بالذكر أن الدكتور هاني النقراشي نجل النقراشي باشا والدكتورة هدى أباظة أستاذ الأدب الفرنسي بكلية الآداب جامعة عين شمس وحفيدة النقراشي باشا قد قاما في العام الماضي 2017م بتسليم دار الكتب والوثائق القومية الوثائق الخاصة بالنقراشي باشا والتي تتناول فترات تاريخية مهمة من كفاح الشعب المصرى ضد الإحتلال البريطاني أثناء وبعد ثورة عام 1919م وأيضا أسرار الحكم تحت النظام الملكي إضافة إلى الجرائم التي إرتكبتها جماعة الإخوان المسلمين في تلك الفترة كما توجد من ضمنها أيضا وثائق تتعلق بالحركة الشيوعية في مصر .

يمكنكم متابعة الجزء الاول من المقال علي الرابط التالى
http://www.abou-alhool.com/arabic1/details.php?id=41493