كتب : خالد عبده
Khaledabdo70@yahoo.com
صندوقنا صندوق رمضانى كنافه وجلاش وقطايف وحلويات شكل تانى . فيه نفحات وروحانيات وليلة قدر تتحقق فيها كل الامانى وصندوقنا اليوم سوف يعرض فضل شهر رمضان وعن الثواب الذي يجنيه المسلم جراء تأدية هذا الركن من أركان الإسلام، فمن أفضال شهر رمضان المبارك ان فيه تفتح أبواب الجنان وتغلق أبوابُ النيران، وتُصفد مردة الشياطين أي كِبارها فيكونُ للمُسْلِمُ الفرصة الكبرى في تجنب المعاصي والتقرب من الله تعالى بالعبادات والطاعات التي تقربه من الجنة وتبعده عن النار، عن أبي هريرة، قال رسول الله إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَيُنَادِي مُنَادٍ: يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ. وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ، وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ» ابن ماجة. ورمضان هو شهر فرض الله صيامه وهو شهر غفران الذنوب وكسب الثواب والرضى والتقرب من الله وإجابة الدعوات .
فما أن يهلّ هلال رمضان معلناً قدوم شهر كريم، حتى تعم أجواؤه الروحانية، ونسماته العليلة، فتبدأ احتفالات الصغار الترحيبية، وتعلو أصواتهم بالأناشيد المعلنة عن بدء شهر الخير والبركات، ويشتعل الشوق بانتظار أول أيامه، فلطالما كانوا بانتظار ليالي رمضان الجميلة، وأطباقه وحلوياته اللذيذة، يجلسون حول مائدة السحور كالأسود متأهبين ومستعدين لصيام يومهم، ليعلنوا انتصارهم وقوتهم، أما حالهم عند الإفطار، فتراهم كالعصافير الجائعة، متحلقين حول المائدة، بانتظار الأذان؛ ليصدح صوته في كل صوب واتجاه أما في الجانب الآخر، فترى الكبار، وقد كبر معنى رمضان في نفوسهم، وسمى الفؤاد بمعانيه، هم مازالوا ينتظرونه، يخططون لأيامه، ولسهراته العامرة والمشوقة، بين الأفراد والأحباب، تراهم يقضونها بين الحكايات الممتعة، والتسالي الرائعة، ولا يتناسون أجواءه الساحرة من تلاوة القرآن فيه، وصلاة خاشعة تملأ الجوارح راحة وسكينة، يتقلبون فيها بين ركوع وسجود، ودعوات يرفعونها لله، مشفوعة بما جادت به العيون من دمعات، وما أخفت الأيدي من صدقات، ليعلنوا توبتهم في هذا الشهر الفضيل، تاركين شهوات زائفة، ومغريات تافهة، فهنيئــــاً لمن ظفر وفاز، وربح الجنة في الآخرة .
ولكن فى زمننا ، لم يعد رمضان ذلك الموسم الروحاني، الذي يتطهر فيه المسلمون من أدران الذنوب، بل أصبح مضماراً لسباق الشهوات، وفعل المنكرات، وإضاعة الأوقات؛ التي أفرغت صيام رمضان من معانيه العظيمة، فأصبح الأغلب لا ينالهم من صيامهم إلا الجوع والعطش إلا من رحم ربي، فهناك ظواهر شتى في عصرنا، تعكر علينا صفو الحياة الرمضانية، وتسلبنا روعة المناجاة في لياليه الزكية، لعلنا نذكر في هذه الكلمات شيئاَ من تلك الظواهر، أولها: تلك العادة القديمة المتجددة، والمتزايدة، والتي طالت آفتها جل بيوت المسلمين، (ظاهرة الأسواق)، وهنا في هذا المقام حدّث ولا حرج فأسواق عامرة، بالناس قبل البضائع، كل يلهث وراء جيبه، لينفق كل ما فيها فيملىء ثلاجته وخزائن بيته، بما لذّ وطاب له من جميع أصناف السلع والمنتجات، ما عرفت ومالم تعرف!!
ثانيهما: وسائل التواصل الاجتماعى ، فلا يكاد يخلو بيت من البيوت إلا وفيه وسيلة من وسائله، وأصْبَحتَ تنظر لجلسات السمر فتراها تلوذ بالصمت، فكل فرد مشغول بهاتفه، شيباً وشبّاناً، صغاراً وأطفالاً، ساعات تلو الساعات، لا نشعر بها، فمن ذلك الفيديو المضحك إلى تلك الصورة المحزنة، وفي رمضان يزيد الطين بلة، فترى صور الطبخ وقد ملأت تلك المواقع، ومن مجاملة إلى أخرى، ويدّعون أنها وسائل التواصل!! بل هي قد تفننت بالقطيعة!! وسلب الوقت، وتشتت الأسر، فهي لص محترف، تأخذ منا أغلى الأوقات، وأعز الأفراد دون أن نشعر بذلك بينما هناك قلة قليلة، تراهم يتنافسون في الطاعات والنجاة من الدنيا وأمواجها.
فالأصل في عبادة الصوم، تقرب لله، وتذلل في عبادته، فالصوم عبادة بين العبد وربه، لا رياء فيها ولا نفاق، فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: قال الله عز وجل في الحديث القدسي: "الصومُ لي وأنا أَجزي به، يدَعُ شهوتَه وأكلَه وشُربَه من أجلي"، والصومُ جُنَّة فها هو رمضان قد جاء، فافتح له قلبك، قبل كل شيء، ابدأ معه حياة جديدة، وليكن ميلاد جديد لك، وحدد هدفك في هذا الشهر، ولا تستسلم لهوى نفسك، ولا تنتظر أن ينتهي رمضان، وتتحسر أشد حسرة على ضياعه، وذهابه دون استغلاله، فلا أنت قضيته بما يفيد دينك ولا دنياك، وتتفاجأ بانقضائه كالبرق، وتؤجل توبتك لرمضان القادم، عسى أن تصحح الاخطاءَ ، ففي زماننا كنا نستعد لرمضان بأسابيع قبل حلوله، كنا ننتظره بشوق كبير فنقوم بتوفير كل الأمور التي نحتاجها، و تعمل النساء على تنظيف و ترتيب بيوتهن استعدادا لقدوم الضيف الكريم والأطفال يلعبون في الحي في إنتظار سماع صوت المدفع وأذان المغرب، فيركضون إلى منازلهم من أجل الإجتماع حول مائدة الإفطار والإستمتاع وأكل ما لذ و طاب من الوصفات الموجوذة على المائدة . فرمضان شهر مختلف ورائع يستشعر خلاله المرء بقدسية هذا الشهر، فهو فرصة للخشوع و تهذيب النفس.. فليلة رؤية الشهر، كان لها مكانة مختلفة كنا نصعد إلى السطوح لنرى الهلال بعد الإعلان عن رؤيته حينها تبدأ النسوة بالزغاريد، كانت الفرحة تعم الجميع صغارا وكبارا ابتهاجا بالشهر الكريم الذي يغير حياة كثير من الناس تغييرًا كليًا . دون أن ننسى صلة الرحم و تبادل الزيارات الذي يكثر في ذلك الشهر، كنا نقضي معظم الوقت في الزيارات و تناول الفطور عند الأقارب ويلتف الجميع حول مائدة الإفطار، متناسين ما كان من خلافات، فالكل مع الصيام يتناسى الخصام، ويتصالح حول هذه المائدة ذات المفعول السحري. فكان رمضان شهر التواصل الإجتماعي بكل صوره ولعل أكثر ما كان يميزنا في ذلك الوقت هو أننا كنا نسعد بالبساطة ما يهمنا هو ذلك التكافل الأسري و الأوقات الجميلة التي نقضيها مع بعضنا البعض.. فلم تكن الأمور كما هي عليه الآن من تطور متطلبات الحياة ،حتى مائدة الإفطار اليوم مختلفة لا تكون كاملة إلا إذا إمتلأت بمختلف أنواع الطعام من فطائر و مشروبات و حلويات و حساء ففي بعض الأحيان لا تكفي مائدة واحدة لإستيعاب ما تم تحضيره من الطعام..ولكن الان تحول هذا الشهر الكريم في نظر العديد إلى شهر عادي، يصوم الجميع نهاره ويفطروا ليله، دون إدراك للمعنى الحقيقي للصوم و الذي يتجلى في الخشوع والتوبة و التخلص من شوائب اﻷكل للإحساس بنعمه، فهو فرصة لتجويع الجسم لا للأكل بشراهة و اﻹنزياع نحو رغباتنا و حاجاتنا الفطرية.. واتفرج يا سلام...
اللهم رب الحل والحرام ورب المشعر الحرام ورب الركن والمقام ورب المسجد الحرام بلغ نبينا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم منا السلام.
تقبل الله منا ومنكم صالح الاعمال سائلين الله ان يبلغنا رمضان اعواما عديده واياما مديده.
|