السبت , 7 ديسمبر 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

اهمية الثقافة الامنية

اهمية الثقافة الامنية
عدد : 06-2019
بقلم الدكتور/ عادل عامر

الأمن الثقافي هو مصطلح يبدو للوهلة الأولى متناقض المفردات، فهو كمصطلح لفظي يتكون من كلمتين ذات معنيين مختلفين - هما الأمن والثقافة - فالأمن كمفهوم عام ومتداول هو توفير الجو الآمن لتداول الحريات التي نمارسها ودلالته دوما تشير إلى الدفاع، العزلة والسيطرة لتوفير الحماية المطلوبة، أو الانغلاق والتكتم لو تطلب الأمر ذلك في أحيان كثيرة. أما الثقافة فتتضمن حسب الكثير من التعريفات المختلفة والمتعددة النشاط الفكري والفني للأعمال المنتجة من جهة والمعتقدات والفنون والعادات والآثار والأعمال التي ينتجها مجموعة من الناس في وقت ما عبر التاريخ من جهة أخرى.

وهو المفهوم الذي يتناقض بكل تأكيد مع مفهوم الأمن، فمفهوم الثقافة المتداول والمعروف يشير دوماً إلى الإبداع والانفتاح والتحرر من القيود للتعامل مع الآخر وتبادل الآراء المختلفة والهامة والمطلوبة تبعاً لاختلاف التجربة والبيئة المحيطة والمراحل العمرية في أزمان مختلفة. ويعتبر الأمن الثقافي واحداً من أهم جوانب الأمن القومي والدفاع عن الهوية الثقافية، ولا يقل أهمية عن الدفاع عن الحدود، فالمجتمع المهزوم في كبريائه وانتمائه والمستهدف في إضعاف هويته الوطنية، والغارق في تمجيد وتبني ثقافة الآخرين، والاتكالية الرعوية الثقافية الكونية يصعب معه تحقق استدامة في التنمية النوعية والعدالة الاجتماعية، فهو مجتمع غير مرن ثقافياً وفكرياً وفق مفاهيم المجتمعات الحديثة.

فالثقافة قوة ناعمة شعبية إذا لم تستخدمها الدول بحكمة استخدمت ضدها، وعليه ?يجب ?تحويل الثقافة إلى منتج جذاب لتحفيز الجودة المجتمعية وكسب النفوذ المحلي والإقليمي ?والدولي. فما فعلته الأفلام الهوليودية على سبيل المثال يفوق تأثيره مفعول أي قنبلة نووية في قلع جذور أو أمركة ثقافات شعوب بأكملها.

فالأمن الثقافي هو التحدي المتمثل في الحفاظ على خصوصية الهوية الثقافية المحلية في مواجهة التحديث والعولمة دون عزلها عن بقية العالم، ففي العديد من الحالات تم استهداف العادات والتقاليد عمداً بقصد تقويض أو حتى القضاء على الهوية الثقافية للشعوب.

ويعتبر ذلك السلوك تدميراً لشعور المرء بالأمن والأمان، ناهيك عن التعويم الثقافي الممارس من قبل ثقافات معينة نحو ثقافات أخرى دون استحداث مسارات جذب ثقافية داخلية وأخرى تفتح الأبواب للثقافة المحلية لتتبوأ منزلتها على الساحة العالمية.

فالثقافة لها أيديولوجياتها الخاصة ومواجهة انحلالها أو ذوبانها في ثقافة أخرى أو تهميشها بصورة مذلة ?تتطلب مواجهات ذكية غير تقليدية في وقتنا الحاضر ولما هو قادم مستقبلاً. كما أن مفهوم الأمن الثقافي الوطني يتضمن المحافظة أو حماية التراث والقيم الفكرية والنمط العام المرتبط بالعادات والتقاليد الإيجابية، وتصحيح ومراجعة قيم المجتمع التي تلعب دوراً مؤثراً في تناول وتقييم الآخر وفكره وسلوكه، وحماية المعتقدات والأفكار المعتدلة والمتسامحة من الفساد أو حتى الانقراض والعمل على تأصيلها. وتكمن أهمية هذا المفهوم في المحافظة على ثقافة السكان الأصليين، فالتراث الثقافي هو شكل من أشكال العملة السياسية والضمانات طويلة الأمد، وجزء من التنمية المعنوية والقيمية بما أن التراث الثقافي هو تعبير عن سبل المعيشة الموضوعة من قبل المجتمع ونقلها من جيل إلى جيل، بما في ذلك الفلكلور الشعبي والممارسات والسلوكيات المجتمعية والثقافية والأماكن والصناعات والمهن والفنون والرياضات التراثية الشعبية، والمخرجات والتعبيرات الفنية والأدبية

وكذلك كل ما يعد تراثاً ثقافياً غير مادي. لأن الثقافة هي عبارة عن عملية مستمرة لا تتوقف عند حد أدنى تكتفي بتوفيره للناس، وإنما هي تهيئ الأرضية لعملية انطلاق ثقافي، تأخذ من الموروث الثقافي والانفتاح على الثقافة المعاصرة نقطتي انطلاق وارتكاز في جهدها الثقافي الراهن.

فالأمن الثقافي لا يعني بأي شكل من الأشكال الاحتماء تحت متاريس الماضي عن الثقافة المعاصرة.. بل يعني الاعتزاز بالذات الحضارية مع هضم معطيات الآخر الحضاري.

لأن الانطواء والانغلاق عن العصر وثقافته ومنجزاته هو إفقار للوجود الذاتي بحيث نضحى وكأننا نعيش في القرون الوسطى السالفة، بعيدون كل البعد عن إنجازات الإنسان المعاصر وآثار العلم وحسناته. وبالتالي فإن أي مجتمع لا يتمكن من صيانة أمنه الثقافي واستمرارية فعله الجماعي إلا بالاعتزاز

بالذات الموصول بالانفتاح على منجزات العصر. إن التهديدات الثقافية لأي بلد من أعقد وأصعب أشكال التهديد التي تطال الأمن القومي للبلاد. والأمن الثقافي هو من أكثر الأبعاد غير الملموسة للأمن. ومن الصعوبة بمكان مساءلة القادة بسبب أقوالهم وشعاراتهم في هذا المجال. يأتي البحث في الأمن الثقافي في آخر الموضوع الذي يتناول الأمن القومي للدول، ويعد من مكوناته الأساسية.

وكذلك يتلاءم التأكيد على العناصر "الثقافية" و"القيمية" للأمن القومي للدول مع التعاريف الجديدة المقدمة حوله. " يمكن اعتبار الأمن الثقافي على انه بيئة تستطيع من خلالها أمة ما أن تجتاز مسيرتها التكاملية بالتزامن مع حفظ هويتها الثقافية وبدون التصادم مع الموانع البشرية". لدى كل من الحضارة والثقافة الدينية والإسلامية واستراتيجيات ضمان الأمن الثقافي خصائص ومكونات متعددة.

ويحتاج تطور الحضارة والثقافة المرتبطة بالدين، والإبداع في العلم والفن، الى الثبات والاستقرار الاجتماعي الأمني والهدوء أكثر من أي شيء آخر. ومنشأ ومولد الحضارة والثقافة هو في المجتمع النامي والآمن. ومن جهة أخرى فإن تطور وترقي الحضارة والثقافة كفيل بالحفاظ على الأمن وثباته، وإشاعته تساهم في إزالة التوتر والتشنج على الصعيدين المحلي والدولي.

يتضح جلياً اليوم لجميع الباحثين دور الثقافة وحضور القيم الثقافية في صلب التحولات التي تطال المجتمع. ومن هنا يلاحظ، مع تبدل النظرة الى مفهوم الأمن، طرح آراء ثقافية جديدة تتحدث عن أولوية وتأثير الثقافة في الأمن القومي للدول. بمعنى أن الأمن القومي لبلد ما لا يتلخص في زيادة عديد القوات النظامية، ولا في زيادة التسلح النوعي، ولا في خوض الحروب العنيفة فحسب، بل يبدو أن أهم ركن من أركان الأمن القومي هو وجود أشخاص مثقفين.

يعتقد المثقفون أن نظام المعاني الذي يعبِّر عنه بالثقافة سيكون له وجود مستقل بمجرد تشكله على رغم كونه وليد سلوك العوامل الاجتماعية. تصمد الثقافة إزاء التجدد والحداثة ولكنها ستتأقلم مع التغيير تدريجياً بسبب إمكانية تحولها.

ويمكن للأفراد الذين يضعون ويصوغون معاني بأنفسهم ان يضيفوا عليها أو يعيدوا تركيبها أو حتى صياغتها من جديد.

النقطة الجديرة بالاهتمام، هي أن الأفراد بإمكانهم أن يكونوا من طالبي نظام معين جديد، وعندما يحصلون عليه يصبح بإمكانهم مواجهة الثقافة القائمة. وهذا الأمر يمكن أن يحدث في حالة عدم استطاعة العوامل الاجتماعية تقبل الثقافة القائمة خلال مسار عملية التحول الاجتماعي. إذاً الثقافة لديها إمكانية للإنتاج ولإعادة الصياغة والطلب.

وعلى ضوء ذلك، وبالالتفات الى التعريف الذي تم عرضه في البداية عن الأمن الثقافي بان عدم استطاعة أي نظام سياسي الإجابة على وجه لائق عن الاحتياجات الثقافية للناس بحسب الظروف الزمانية والمكانية، وكذلك التبليغ والترويج على نحو صحيح للأسس الثقافية والوطنية والدينية في المجتمع، فإنه يمهد الطريق بذلك لإرساء الثقافة الأجنبية المخالفة لنظام القيم، وبالتالي سيجازف بأمنه القومي، وباستقراره وبقاء نظامه السياسي.

هل التطرف آفة فتاكة فعلا؟ الجواب نعم، إنها آفة (فكرية سلبية ) تنعكس في سلوك الناس، فتثير بينهم الفتن والضغائن، ويتم عبرها اشعال حالات الاحتراب، والانشغال بالتقاتل بين مكونات وافراد الشعب الواحد، فيما يخلو للطامعين الطريق نحو اهدافهم في سلب ونهب خيرات الفقراء العراقيين كما حدث في حكومات ملكية وجمهورية عسكرية دكتاتورية سابقا، وكما حدث في ظل حكومات (الديمقراطية

حيث أساءت هذه الحكومات او بعض افراد الطبقة السياسية للشعب العراقي من خلال التجاوز على حقوقه عبر الفساد، وكانت ارتبط الفساد بالخرج ايضا (دول اقليمية وكبرى لها أذرع في الداخل)، قام هؤلاء بدورهم في تنمية ثقافة التطرف، فشغلت الشعب بالفتن وانقضّت على الكعكة العراقية ولم يكتفوا حتى هذه اللحظة ولم يكفّوا عن أطماعهم.