كتبت/ ريهام البربري
Rehamelbarbary2006@yahoo.com
اعتياد القبح جريمة انسانية، وتذوق الفن والجمال احساس، ولطالما كان المصريون صناعاً للجمال بكل صوره وأشكاله ومصدريه للعالم أجمع ، في حضارات متعاقبة رسخت معانى صادقة من رقى ورهافة أحاسيس فطرة الانسان النقية التى يخلقنا الله عليها بنسب متفاوته تستطيع من خلالها تذوق الجمال، فما أرقاها نفوس حرصت على التمسك بجمال فطرتها وجعلتها ركيزة أساسية فى صياغة يوميات البشر.
فحينما يتغلغل قلم الكاتب فى عمق النفس البشرية بالمجتمع المصرى ويعكس فطرة وأصالة ذاتيتة يعد ذلك إبداعا يصدر القيم النبيلة التى يجب على الأجيال توارثها، بينما حينما يصطدم قلمه بصور حياتية تناقض كل معانى الجمال ينهال النقد اللاذع عليه، بينما فى حقيقة الأمر هو قلم غيور على كل ما هو أصيل ويضرب بجذوره فى عمق التاريخ ، وإن كان صاحبه يمتلك الكثير من التمرد التوعوى النابع من نفس حبيبة مستعدة أن تقاتل من أجل تجسيد الجمال ومعايشته في كل شىء حولها.. لذا سأحاول في سطور قليلة أن أسلط عين الحقيقة التى لا أدعى امتلاكها ولكن أجزم بمصداقية نفسي في أنه لاعلاج لمن اعتادت عيناه معايشة القبح والغرق فيه حتى بات أن يصبح من الموروثات الا بالمصارحة والمكاشفة!!!
وربما لم أجد توقيتاً أفضل من شهر رمضان واجازة العيد لرصد قيمة تذوق الجمال وبشاعة معايشة القبح، لما تعكسه تلك الأيام المباركة من حقائق دوافع سلوكيات ورغبات وأهواء النفس البشرية دون تجنى منى أو خيال.
• فلقد رأيت مصر تنفق الملايين هباءا من أجل تسويق نفسها عالميا ب "مصر روحها فى رمضان، ورمضانك عندنا"، وعشرات التصريحات الرسمية الجادة في اتباع منظومة تسويقية جديدة للسياحة المصرية عبر وسائل التواصل الاجتماعى تتواكب من خلالها مع روح العصر،بينما هى لا تبالى حينما ترصد عدسات الكاميرات عدة أماكن أثرية وهى محاصرة بالقمامة والمخلفات،بل وظلت صفحات الافراد والمجموعات تتبادلها في سخرية وغضب مما آل إليه الحال من لامبالاة واهمال متكرر منذ سنوات بلا عقاب رادع!!!
• استمعت كثيرا لحديث البعض عن حبه وغيرته الشديدة على تراب الوطن، بينما هم أنفسهم تساهلوا في غيرتهم علي عصمة أقدس الاماكن بيوت الله عز وجل من ارتكاب حرمات عشوائية سلوكياتهم فيها!!!
• لمست جريمة يرتكبها البعض يوميا مع سبق الاصرار والترصد،فيها انتهاك كامل لأعراف وتقاليد المجتمع المصرى ، من خلال بعض البرامج الحوارية التافهة قلبا وقالبا وبعض المسلسلات الدرامية الحريصة على استعراض مشاهد العرى والخمر والجنس والعنف بلا مراعاة لحرمة ذلك الشهر الفضيل، بل وتخطيطهم للفوز بتوقيتات عرض مثالية لضمان التفاف الملايين حولها وتحقيق أعلى نسبة مشاهدة!!!
• تفكرت في تناقض مجتمع أجداده شيدوا المعابد والأهرامات للقضاء على البطالة ،بينما البعض من أحفاده يحترفون مهنة "التسول العلنى" وينفرون من إلزامية العمل والانتاج!!!
• رأيت وطناً يحبب اليه الحديث عبر اعلامه التنويرى عن جهوده وانجازاته، بينما معظم اعلاناته خيرية ،تُظهر قدرا كبيرا من عجزه عن حل مشكلاته الاجتماعية والتنموية الا بالتبرعات!!!
• انتفضت من أجل وطن استقبل فجر أول أيام عيده أكفان شهداءه الأبطال من الجيش المصرى بالعريش محمولين بعزة وكرامة على أعناق ذويهم، بينما استطاع فى ختام نفس اليوم تحقيق ملايين الإيرادات من مشاهدة أفلام أبطالها ليسوا إلا صناعة سينما!!!
• وختاما.. رأيت دليلاً دامغاً على أصالة و جمال وطننا أم الدنيا حينما اصطف المسلمين والمسلمات من مختلف دول الوطن العربي بمحبة ودفء وآمان لأداء صلواتهم بين يدى المولى عز وجل في ليالى رمضان.. فقالت لى نفسي " دمت يا بلدى جميلة الجميلات".
|