بقلم الدكتورة/ مرفت خليل
عندما فطن الفراعنة لسر مفتاح الحياة الحقيقى وبرعوا فى رسمه ووصفه والتعبير عنه ،اعتبر هذا إعجازا علمياً للقدماء المصريين وتوازناً في الطاقة البشرية.
فقد لا نمتلك أسئلة وأجوبه حوله قد نخترع بعضها في سبيل استعمال عقولنا، قد .. وقد ويبقى أحدنا منتظراً أن ينطق عبارة أرخميدس المشهورة، وجدتها !! .. ولكن هل بالفعل امتلكنا الحل!؟ ..هل التوصل إلى شي من المعرفة يعني فتح أبواب جديدة أمام معارف أوسع وأعمق؟ أم نكتفي بما بلغناه من علوم لا تشبع شغفنا ونقنع أنفسنا بأننا وجدنا اليقين؟
ولقد كانت المفاتيح دائماً أبداً بداية حلقة البحث، والخيط الواصل الممتد لتشرَّع الأبواب أمام آفاق جديدة في بحر الحياة الواسع.
فلنبدأ حكايتنا مع مفتاح الحياة "غنخ" عند المصريين القدماء، الذي حمل اسم "مفتاح النيل" أيضاً..فهناك متعة تفوق الوصف عند الإبحار والخوض في تفاصيل الأسرار التي تركتها الحضارة المصريه بما يعتريها من غموض وتشويق، بما فيها من حكايا وأساطير لها معاني ودلالات لم تتكشف خفاياها إلى يومنا هذا.
ولقد نال مفتاح الحياة “عنخ” نصيب الأسد من هذه التفاسير، التي سنتعرض للبعض منها هنا،باعتباره أول تعويذة في المعتقدات المصرية كان قد قدمها الإله المصرى “تحوت” إله الحكمة إلى البشر، أتت بالتزامن مع بداية ظهور اللغة الهيروغليفية، فكان أبرز ما شغل تفكير الباحثين في علم المصريات Egyptology وأخذ حيزاً كبيراً في دراساتهم وتحليلاتهم، بدءاً من تصميمه الذي يبدو على شكل عروة لوزية مثبتة على جسم رأسي قائم، يفصل بينهما جزء عرضي. وأصل الرمز لا يزال لغزا لعلماء المصريات.
ومن أقدم النظريات عن مفتاح الحياة نظرية توماس إنمان التي نشرت لأول مرة في عام 1869أطلق عليه علماء المصريات "مفتاح الحياة".. فهو يمثل عنصري الحياة الذكر والأنثى في إطار شكلي لائق، ورمزًا لحقيقة أن الاتحاد المثمر هو هبة من الله.
وهناك بعض المفاهيم عن مفتاح الحياه فالكثيرين يعتبرونه رمـز الحياة بشكل رئيسي المؤنث والمذكر أساس وجود الحياة على الأرض أو أنه يمثل الاجتماع الروحاني ل" إيزيس وأوزيريس" الذي كان له تأثير على وفرة مياه النيل الذي يعتبر أساس الحياة في مصر، أو أنه يدل على البعث وإعادة الحياة عند المصري القديم، أما الخط العامودي في النصف فيمثل التقارب من القطبين أو التكاثف بين الأضداد، أما الأكاديميين المصريين أجزموا أن مفتاح الحياة يمثل الدور المحوري لنهر النيل في مصر، فالرأس البيضاوي يمثل منطقة دلتا النيل الجزء الرأسي يمثل مسار النهر الجزء الأفقي يمثل شرق البلاد وغربها اللذان يحتاجان لحماية المصري عنهما.
وبما أن الأصل الذي استمد منه تصميم هذا الرمز مازال غامضاً ومبهم، فقد اختلفت الآراء حول الهدف منه وتعددت الأقاويل، واتجه البعض إلى الاعتقاد بأنه رمز كوني غير بشري له ارتباط بالآلهة التي تمنح الحياة والخلود والقوة الخارقة، بينما مال العدد الأغلب من الباحثين إلى تفسير معنى هذه التعويذة بأنها كانت رمزاً للحياة التي تستمر بعد الموت وأن قدماء المصريين استعملوه في هذا الصدد، فأثناء أداء طقوس عباداتهم القديمة كانوا يقربونه من الوجه لكي يمنحوا الإنسان المزيد من الأنفاس تكسبه سنوات حياة جديدة سعياً منهم للخلود الأبدي، ولذلك ارتبطت علامة مفتاح الحياة بالعالم الآخر. وتلازم أيضاً ظهور هذه التميمة مع عدد من الرموز الأخرى ذات الطابع السحري التي اعتُقد بأنها تمنح الحياة والسكينة والطمأنينة والحماية للمتوفي.
فغالباً ما نرى رمز "عنخ" موجوداً في لوحات المدافن المصرية القديمة، بشكل زخرفي مصنوع من معدن مصقول بالذهب أو النحاس ويرمزون بذلك للشمس التي يجسدها حورس إله الشمس الذي يمسك المفتاح بيده، والمقصود منه هو بعث صاحب المدفن من الموت إلى الحياة.
ولقد انتشر اسم مفتاح الحياة عنخ في مختلف بقاع العالم، وظهرت حوله العديد من النظريات محاولة فهم وإثبات معناه وماهيته، ترك أثراً لدى كل من عرف به وصار رمزاً يلف العالم من أقصاه إلى أقصاه باعتباره أحد أهم الرموز العجيبة التي أبدعتها إحدى أعظم الحضارات البشرية وأقدمها.
وتأثرت به معظم الثقافات على مر التاريخ، فنجد مفتاح الحياة ظاهراً على الكثير من العملات المعدنية القديمة في قبرص كما في آسيا الصغرى، وقد اتخذته العديد من المنظمات حول العالم شعاراً لها كما الكثير من المؤتمرات والفعاليات العالمية، واعتمد كرمز لتمثيل كوكب الزهرة الذي اكتسب اسمه من الآلهة فينوس عند الغربيين.
|