الجمعة, 29 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

نهر النيل
-ج5-

نهر النيل
-ج5-
عدد : 08-2019
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
tbadrawy@yahoo.com


وبعد سنوات عديدة وفي الستينيات من القرن العشرين الماضي بدأ بناء أكبر مشاريع السدود علي نهر النيل وهو مشروع السد العالي وهو سد مائي عملاق أقيم علي نهر النيل في جنوب مصر في عهد الرئيس الراحل جمال عيد الناصر ضمن سلسلة مشاريع الرى العملاقة التي أقيمت علي طول مجرى نهر النيل سواء في مصر أو في السودان من أجل ترويض هذا المارد العملاق المسمي بنهر النيل والإستفادة بمياه فيضانه في رى الأراضي الزراعية من ناحية وتوليد الكهرباء اللازمة لإنارة المدن وتشغيل المصانع من ناحية أخرى ومع كل ماتم بناؤه من مشاريع كبرى والتي تحدثنا عنها في السطور السابقة إلا أنه ظلت تضيع كميات كبيرة من مياه النيل تصب في البحر الأبيض المتوسط دون الإستفادة منها ومن هنا جاء التفكير في إقامة مشروع كبير يحل هذه المشكلة جذريا بحيث يتم التحكم الكامل في تدفقات مياه النيل وحماية مصر من خطر الفيضانات العالية وأيضا الإستفادة منه في توليد الطاقة الكهربائية فكان التفكير في بناء مشروع السد العالي والذى يبلغ طوله 3600 متر وعرض قاعدته 980 متر وعرض قمته 40 متر وإرتفاعه 111 متر ويبلغ حجمه 43 مليون متر مكعب من الخرسانة المسلحة وبعض المواد الأخرى وتم تصميمه بحيث يمكن أن يمر خلاله تدفق مائي يصل إلي حوالي 11 ألف متر مكعب من المياه في الثانية الواحدة وقد بدأ بناؤه عام 1960م وقدرت تكاليفه حينذاك بحوالي مليار دولار ساهم فيها بنسبة الثلث الإتحاد السوفيتي السابق الذى قدم مساعدات ضخمة لمصر في عملية بناء السد حيث ساهم في البناء حوالي 400 خبير سوفيتي وقد تم تثبيت آخر مولد كهربائي بالسد عام 1970م وتم إفتتاحه بشكل رسمي عام 1971م في بداية عهد الرئيس الراحل أنور السادات وتجدر الإشارة هنا إلي أن أول من أشار ببناء سد علي النيل في منطقة أسوان كان العالم العربي المسلم الشهير الحسن بن الهيثم في أوائل القرن الحادى عشر الميلادى والذى زار مصر في عهد الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله إلا أنه لم تتح له الفرصة لتنفيذ فكرته وذلك بسبب عدم توافر الآلات والمعدات والإمكانيات والتكنولوجيا اللازمة للبناء في عهده .



وتبدأ قصة بناء السد العالي مع مجئ مهندس يوناني يدعي أدريان دانينيوس إلي مصر قبل قيام ثورة 23 يوليو عام 1952م حيث تقدم عدة مرات للحكومات التي كانت قائمة حينذاك بفكرة إنشاء سد علي النيل في أسوان من أجل حجز مياه الفيضان وتخزينها للإستفادة بها وقت الحاجة وايضا توليد طاقة كهربائية منه إلا أن فكرته لم تدخل حيز التنفيذ حينذاك ولم بلتفت إليها وبعد قيام الثورة وفي عام 1952م قرر المهندس اليوناني مرة أخرى عرض فكرة مشروعه على النظام الجديد والتي حظيت بإهتمام كبير من جانب القيادة الثورية وكلف قائد الجناح جمال سالم عضو مجلس قيادة الثورة بتولي مسؤولية هذا المشروع إلى جانب الفنيين في المجالس والهيئات المتخصصة الذين سيتولون البحث والدراسة وبدأت الدراسات في يوم 18 أكتوبر عام 1952م من قبل وزارة الأشغال العمومية سابقا والتي أصبحت وزارة الري والموارد المائية حاليا وسلاح المهندسين بالجيش ومجموعة منتقاة من أساتذة الجامعات حيث إستقر الرأي على أن المشروع قادر على توفير إحتياجات مصر المائية وفي أوائل عام 1954م تقدمت شركتان هندسيتان من المانيا بتصميم للمشروع وقد قامت لجنة دولية بمراجعة هذا التصميم وأقرته في شهر ديسمبر عام 1954م كما تم وضع مواصفات وشروط التنفيذ وقدرت التكاليف المبدئية للمشروع بحوالي 400 مليون جنيه مصرى وطلبت مصر في البداية من البنك الدولي تمويل المشروع وبعد دراسات مستفيضة للمشروع أقر البنك الدولي جدوى المشروع فنيا وإقتصايا وفي شهر ديسمبر عام 1955م تقدم البنك الدولي بعرض لتقديم معونة بما يساوي ربع تكاليف إنشاء السد إلا أنه عاد وسحب عرضه في يوم 19 يوليو عام 1956م بعد تعرض إدارته لضغوط من جانب بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأميريكية وذلك بهدف الضغط السياسي على الحكومة المصرية فقد إستاءت تلك الدول من إمتناع مصر عن الإنضمام إلي حلف بغداد ومن سياسة عدم الإنحياز التي إنتهجها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وكان أحد زعمائها كما طالبت تلك الدول مصر بالكف عن إبرام إتفاقيات شراء السلاح من الدول الإشتراكية وخاصة تشيكوسلوفاكيا والإتحاد السوفيتي وإستمرت المفاوضات حوالي 7 شهور وفي النهاية تم إبلاغ السفير المصرى في الولايات المتحدة الأميريكية بلهجة شديدة الإمتناع عن تمويل بناء السد العالي وهو ما دفع الرئيس الراحل جمال عبدالناصر إلي إتخاذ قرار تأميم شركة قناة السويس يوم 26 يوليو عام 1956م لتصبح شركة مساهمة مصرية من أجل الإستفادة من إيراداتها في تمويل المشروع وإتجهت مصر شرقا نحو القطب الثاني في العالم حينذاك الإتحاد السوفيتي ووقعت إتفاقية بين الجانبين المصرى والسوفيتي في يوم 27 ديسمبر عام 1958م لإقراض مصر 400 مليون روبل سوفيتي لتنفيذ المرحلة الأولى من السد العالي وفي شهر مايو عام 1959م قام الخبراء السوفييت بمراجعة التصميمات والرسومات التنفيذية لمشروع السد وإقترحوا بعض التعديلات الطفيفة عليها والتي كان أهمها تغيير موقع محطة القوي الكهربائية وإستخدام تقنية خاصة في غسيل ودمك الرمال عند إستخدامها في بناء جسم السد وفي يوم 27 أغسطس عام 1960م تم التوقيع على الإتفاقية الثانية مع الإتحاد السوفيتي لإقراض مصر 500 مليون روبل سوفيتي إضافية لتمويل المرحلة الثانية من بناء السد هذا وقد بلغ إجمالي التكاليف الكلية لمشروع السد العالي حوالي 450 مليون جنيه مصرى .


وقد بدأ العمل في تنفيذ المرحلة الأولى من السد في يوم 9 يناير عام 1960م وشملت حفر قناة تحويل مجرى النهر والأنفاق وتبطينها بالخرسانة المسلحة وصب أساسات محطة الكهرباء وبناء السد حتى منسوب 130 متر وفي منتصف شهر مايو عام 1964م تم تحويل مياه النهر إلى قناة التحويل والأنفاق وإقفال مجرى النيل والبدء في تخزين المياه بالبحيرة الصناعية التي تكونت خلف السد وتم تسميتها بحيرة ناصر وفي المرحلة الثانية تم الإستمرار في بناء جسم السد حتى نهايته وإتمام بناء محطة الكهرباء وتركيب التوربينات وتشغيلها مع إقامة محطات المحولات وخطوط نقل الكهرباء وفي شهر أكتوبر عام 1967م إنطلقت الشرارة الأولى من محطة كهرباء السد العالي وفي عام 1968م بدأ تخزين المياه بالكامل خلف السد العالي في البحيرة الصناعية المشار إليها وإكتمل صرح المشروع في منتصف شهر يوليو عام 1970م وأقيمت إحتفالية كبيرة يوم 15 يناير عام 1971م حضرها الرئيس الراحل أنور السادات بعد أن تولي الحكم بعد وفاة الرئيس جمال عبد الناصر يوم 28 سبتمبر عام 1970م والرئيس الروسي حينذاك ليونيد بريجينيف بمناسبة إفتتاح مشروع السد العالي ومما يذكر أن السد العالي قد حمى مصر من كوارث الجفاف والمجاعات نتيجة للفيضانات المتعاقبة شحيحة الإيراد في الفترة من عام 1979م وحتي عام 1987م حيث تم سحب ما يقرب من 70 مليار متر مكعب من المخزون ببحيرة ناصر لتعويض العجز السنوي في الإيراد الطبيعي لنهر النيل .


وقد تم تصميم السد العالي علي أساس أنه سد ركامي طوله عند القمة 3830 مترا منها 520 مترا بين ضفتي النيل ويمتد الباقي علي هيئة جناحين علي جانبي النهر ويبلغ إرتفاعه 111 مترا فوق منسوب قاع نهر النيل وعرضه عند القمة 40 مترا كما ذكرنا من قبل وقد صمم السد العالي بحيث يكون أقصي منسوب للمياه المحجوزة أمامه 183 مترا حيث تبلغ سعة بحيرة ناصر الصناعية التخزينية التي تخلقت خلف السد عند هذا المنسوب 169 مليار متر مكعب مقسمة علي اساس أن تكون سعة التخزين الميت المخصص للإطماء قدرها 1.6 مليار متر مكعب وأن تكون سعة التخزين التي تضمن متوسط تصرف سنوي يعادل 84 مليار متر مكعب موزعة بين مصر والسودان بواقع 55.5 مليار متر مكعب لمصر و28.5 مليار متر مكعب للسودان قدرها 89.7 مليار متر مكعب وأن تكون سعة التخزين المخصصة للوقاية من الفيضانات قدرها 47.7 مليار متر مكعب هذا ويبلغ طول بحيرة ناصر 500 كيلو متر ومتوسط عرضها حوالي 10 كيلو متر وسعة التخزين الكلية لها 164 مليار متر مكعب وسعة التخزين الميت لها 32 مليار متر مكعب هذا وتعد بحيرة ناصر أو بحيرة السد العالي أكبر بحيرة صناعية في العالم ويقع الجزء الأكبر منها داخل حدود مصر وهو الذى يطلق عليه إسم بحيرة ناصر ويمثل حوالي 83% من المساحة الكلية للبحيرة والجزء الآخر يوجد داخل حدود دولة السودان ويطلق عليه إسم بحيرة النوبة وأطلق عليها بحيرة ناصر نسبة إلى الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وتستطيع إستيعاب الفيضان بالكامل لمدة سنتين ويقع أسفل البحيرة منطقة مخصصة للتخزين الميت وتصل سعتها التخزينية إلي حوالي 31 مليار متر مكعب من الطمي وهذه المنطقة تستوعب الطمي القادم مع الفيضان لمدة 500 عام بدون التأثير علي السعة التخزينية لمياه الفيضان ويتم صرف كميات من المياه من بحيرة السد العالي أو بحيرة ناصر حسب الإحتياجات المائية لجميع الأغراض والتي تبلغ ذروتها خلال موسم زراعة الأرز حيث تبلغ كمية المنصرف من المياه خلال هذه الفترة حوالي 240 مليون متر مكعب يوميا بينما تقل كميات المنصرف من المياه خلال شهر ديسمبر ويناير من كل عام إلي حوالي 80 مليون متر مكعب من المياه يوميا وهما يمثلان أقل شهور السنة من حيث إحتياج الزراعات المختلفة لمياه الرى وتستقبل مصر مياه الفيضان من الهضبتين الأثيوبية والإستوائية ولديها شبكة رصد جيدة تمتد علي طول مجري النهر خاصة بعد زيادة معدلات التعاون مع باقي دول حوض النيل بالإضافة إلي الإستعانة بصور الأقمار الصناعية أو ما يرصد من خلال هيئة الأرصاد العالمية وتستطيع مصر من خلال هذه الشبكات التنبؤ بالفيضان ووضع السيناريوهات المختلفة للتعامل معه رغم أنه لا يمكن لأحد أن يجزم بدقة بذلك لأن الظواهر الطبيعية تجعل التنبؤ بالفيضان أمرا صعبا جدا ويظل الأمر في نطاق التنبؤ التقريبي القريب من الواقع إلي حد كبير ولكننا نستطيع أن نقول إن الواقع يؤكد أنه ليست هناك أي خطورة من أي فيضان أو أي حجم للفيضان في ظل وجود السد العالي .


ومن المشاريع التي تم تنفيذها بعد مشروع السد العالي ولها إرتباط وثيق به كان مشروع مفيض توشكى أو بحيرات توشكى وهو عبارة عن مفيض طبيعي لتصريف المياه الزائدة خلف السد العالي بأسوان ووجوده ساعد على إنشاء مشروع توشكي القومي الموجود الآن في منطقة توشكى قرب مدينة أبو سمبل السياحية جنوب غرب محافظة أسوان وقد دخلت المياه إلى مفيض توشكى لأول مرة منذ إنشائه في يوم 15 أكتوبر عام 1996م حيث وصل منسوب المياه خلف السد العالي في بحيرة ناصر الي 178.55 متر حيث عند وصول منسوب المياه في بحيرة ناصر إلي هذا المنسوب يتم تصريف المياه الزائدة إلى المنخفض الطبيعى المعروف بمنخفض توشكى غرب النيل عن طريق قناة موصلة بين بحيرة ناصر ومنخفض توشكى عبر خور توشكى والمواصفات الهيدروليكية لقطاع تلك القناة أن طولها 22 كيلو متر وعرض القاع عند المأخذ 750 متر وعرض القاع عند النهاية 275 متر ومنسوب القاع عند المأخذ 178 متر وإنحدار القاع 15 سم / كم وأقصى تصرف للقناة 250 مليون متر مكعب في اليوم كما تتصل قناة توشكى بقناة خلفية عن طريق ستة أنفاق رئيسية وهي أنفاق مبطنة بالخرسانة المسلحة ويتم التحكم في هذه الأنفاق عن طريق بوابات يتم تشغيلها بواسطة رافع كهربائى ومتوسط طول النفق 282 مترا وقطره 15 مترا وأقصى تصرف تصميمى للأنفاق 11 ألف متر مكعب في الثانية ومع إنشاء السد العالي تم إنشاء محطة قوى كهربائية علي الضفة الشرقية للنيل معترضة مجرى قناة التحويل التي تنساب منها المياه إلي عدد 12 توربين خلال عدد 6 أنفاق مزودة ببوابات للتحكم في المياه بالإضافة إلي حواجز للأعشاب وتعتبر هذه المحطة أكبر محطة مائية لتوليد الكهرباء فى أفريقيا باجمالى قدرة 2100 ميجاوات حيث بدأت وحداتها فى الدخول على شبكة الكهرباء العمومية بمصر خلال الفترة من عام 1967م وحتي عام 1970م تباعا وتنقل الطاقة المولدة من توربيناتها الإثنى عشر إلى مراكز الأحمال على الخطوط جهد 500 كيلو فولت وجهد 132 كيلو فولت وجدير بالذكر أنه منذ عام 1982م تم تباعا تحديث وتطوير معدات هذه المحطة حيث تم إجراء تغيير مراوح التوربينات وإحلال وتجديد بوابات مداخل ومخارج أنفاق المحطة وتطوير وتحديث أجهزة التحكم والوقايات بالمحطة كما تم تطوير وتحديث المولدات بها وزيادة عمرها الإفتراضي 35 عاما وغيرها من أعمال التحديث والتطوير في الشبكة العمومية وإحلال الشبكة جهد 132 كيلو فولت بأخرى جهد 220 كيلو فولت .

يمكنك متابعة بقية المقال عبر الاجزاء التالية:

http://www.abou-alhool.com/arabic1/details.php?id=42125
http://www.abou-alhool.com/arabic1/details.php?id=42126
http://www.abou-alhool.com/arabic1/details.php?id=42127
http://www.abou-alhool.com/arabic1/details.php?id=42128
http://www.abou-alhool.com/arabic1/details.php?id=42130
http://www.abou-alhool.com/arabic1/details.php?id=42131
http://www.abou-alhool.com/arabic1/details.php?id=42132