الجمعة, 29 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

رائد النهضة الطبية في العصر الحديث

 رائد النهضة الطبية في العصر الحديث
عدد : 08-2019
بقلم المهندس / طارق بدراوى

الأستاذ الدكتور/ علي إبراهيم باشا طبيب مصرى كان من أوائل الجراحين المصريين وأول عميد مصري لكلية طب قصر العيني كما شغل منصب وزير الصحة في الفترة من يوم 28 يونيو عام 1940م حتي يوم 30 يوليو عام 1941م في وزارتي حسن صبرى باشا وحسين سرى باشا وبعد ذلك وبمجرد خروجه من الوزارة في شهر سبتمبر عام 1941م تولي منصب مدير جامعة فؤاد الأول وهي جامعة القاهرة حاليا كما أنه يعد وعن جدارة رائد النهضة الطبية في مصر في العصر الحديث.

ولد علي إبراهيم في الإسكندرية في يوم 10 أكتوبر عام 1880م وكان والده إبراهيم عطا فلاحا من إحدى قرى مدينة مطوبس التابعة لمحافظة كفر الشيخ حاليا وأمه هي السيدة مبروكة خفاجي وكانت أيضاً فلاحة من نفس المدينة وكان والده إبراهيم عطا رجلا عصاميا شهما يتمتع بقسط وافر من علو النفس وقوة البنية حتي بعد أن تجاوز الثمانين من عمره‏‏ وحدث أن ﻃلق والده والدته ﺑﻌﺪ ﺷﻬﻮﺭ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﻭﺍﺝ وقبل أن تنجب الطفل علي ﻓﺮﺣﻠﺖ ﺇﻟﻰ ﺍﻹﺳﻜﻨﺪﺭﻳﺔ ﻭﻫﻨﺎﻙ ﻭﺿﻌﺖ إﺑﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ وإﺿﻄﺮﺕ ﺗﺤﺖ ﺿﻐﻂ ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ ﻷﻥ ﺗﻌﻤﻞ ﻗﺎﺑﻠﺔ أى كانت تساعد النساء عند الولادة ﻭﻛﺎﻥ همها الأول ﻫﻮ ﻛﻴﻒ ﺗﻮﻓﺮ لإبنها ﻓﺮﺻﺔ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ لكي ﻳﺘﺠﻨﺐ ﻣﺎ ﻻﻗﺘﻪ ﻫﻰ ﻭمازالت ﺗﻼﻗﻴﻪ ﻓﻰ ﺣﻴﺎﺗﻬﺎ من شظف العيش وتلقي علي إبراهيم تعليمه الإبتدائي في مدرسة رأس التين الأميرية بمدينة الإسكندرية ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻄﻔﻞ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮ ﻣﻮﺿﻊ إﻋﺠﺎﺏ ﻣﺪﺭﺳﻴﻪ بهذه المدرسة ﻭﺣﺼﺪ ﺟﻮﺍﺋﺰ ﻋﺪﻳﺪﺓ ﻓﻰ ﺳﻨين ﺣﻴﺎﺗﻪ ﺍﻟﻤﺒﻜﺮﺓ ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻃﻤﺄﻥ ﺍﻷﻡ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﻦ إﺧﺘﻴﺎﺭﻫﺎ بعدم حرمانه من التعليم وأنها ألحقته بالتعليم الإبتدائي خاصة مع ظروفها الصعبة حيث حصل علي الشهادة الإبتدائية عام 1892م وكان سنه 12 سنة وكان ترتيبه الأول ﻭﺃﺭﺍﺩ ﺍﻷﺏ ﺣﻴﻨﺬﺍﻙ ﺃﻥ يأخذه من أمه وأن ﻳﻀﻤﻪ ﺇﻟﻰ ﺣﻀﺎﻧﺘﻪ ﻓﺮﺍﻭغته ﺍﻷﻡ ﺧﺸﻴﺔ ﺃﻥ ﻳﺘﻮﻗﻒ ﻣﺴﺎﺭ إﺑﻨﻬﺎ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻰ ﻋﻨﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺪ ﺧﺼﻮﺻﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﺼﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ ﺍﻹﺑﺘﺪﺍﺋﻴﺔ ﻓﻰ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻛﺎﻥ ﻳﻀﻤﻦ ﻟﺼﺎﺣﺒﻬﺎ ﻭﻇﻴﻔﺔ ﻣﺤﺘﺮﻣﺔ وفي نفس الوقت كان قد تم إغلاق مدرسة رأس التين الثانوية وهنا ﻣﻨﺤﺖ ﺍﻷﻡ إﺑﻨﻬﺎ ﻛﻞ ﻣﺎﻟﺪﻳﻬﺎ ﻣﻦ ﻧﻘﻮﺩ ﻭﻫﺮﺑﺘﻪ ﻋﺒﺮ ﺃﺳﻄﺢ ﺍﻟﺠﻴﺮﺍﻥ ﻗﺎﺻﺪة ﺃﺳﺮﺓ ﺍﻟﺴﻤﺎﻟﻮﻃﻰ ﺑﺎﻹﺳﻜﻨﺪﺭﻳﺔ ﻭﻫﻰ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻷﺳﺮ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮﺓ ﺍﻟﺘﻰ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﻬﺎ ﻓﺮﻭﻉ ﻓﻰ مدينة ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ .

ﻭﻓﻰ ﻓﺠﺮ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺘﺎﻟﻰ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﻳﻘﺼﺪ ﻣﺤﻄﺔ ﺍﻟﻘﻄﺎﺭ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ ﺣﻴﺚ ﺗﻮﻟﺘﻪ ﻫﻨﺎﻙ ﺃﺳﺮﺓ ﺍﻟﺴﻤﺎﻟﻮﻃﻰ ﺑﺎﻟﺮﻋﺎﻳﺔ ﻓإلتحق بالقسم ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻰ بالمدرسة ﺍﻟﺨﺪﻳﻮﻳﺔ ﺑﺪﺭﺏ ﺍﻟﺠﻤﺎﻣﻴﺰ ﻟﻴﺴﺘﻜﻤﻞ ﺩﺭﺍﺳﺘﻪ ﺍﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ بها وهي تعد أقدم المدارس في مصر والتي كان قد تم تأسيسها منذ أيام محمد علي باشا عام 1836م وتخرج منها العديد من رجال مصر العظماء غير الدكتور علي إبراهيم منهم الزعيم الوطني مصطفي كامل باشا وأمير الشعراء أحمد شوقي بك وأستاذ الجيل أحمد لطفي السيد باشا ورئيس مجلس الوزراء ورئيس الديوان الملكي في عهد الملك فؤاد والملك فاروق علي ماهر باشا وشاعر الشباب أحمد رامي والفنان الكبير الراحل محمود المليجي ولاعب الكرة والمعلق الرياضي المعروف الراحل محمد لطيف وغيرهم وظل علي إبراهيم طيلة سنوات الدراسة الثانوية الخمس مجدا في دراسته إلي أبعد الحدود ومجتهدا في الإستزادة من حقائق العلوم والتغلغل في أسرارها وقد راقته فروع العلوم الرياضية ولاقت في نفسه قبولا وإستحسانا وكان شغفة للمزيد من البحث والدراسة يجعله يستعير كتب مدرسة الطب التي تتحدث في بعض هذه العلوم بشيء من التفصيل مما أتاح له فرصة أن يكون قاعدة أساسية في كل من هذه العلوم‏ وحصل علي شهادة إتمام الدراسة الثانوية والتي كانت تسمي البكالوريا عام 1897م وكان ترتيبه الثاني علي القطر المصرى وكان سنه لايتعدى 17 سنة .

وإلتحق علي إبراهيم بمدرسة الطب فأصبح طالبا من الإثني عشر طالبا الذين ضمتهم دفعته ومن الستة والعشرين الذين تقوم عليهم مدرسة الطب بسنواتها الست عام 1897م وكان عميد الكلية في ذلك الوقت الدكتور إبراهيم حسن ﻭﻛﺎﻥ ﻃﺎﻟﺐ ﺍﻟﻄﺐ ﻳﺘﻠﻘﻰ آﻧﺬﺍﻙ ﺛﻼﺛﺔ ﺟﻨﻴﻬﺎﺕ ﺷﻬﺮﻳﺎ ﺗﺸﺠﻴﻌﺎ ﻟﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﺍﺻﻠﺔ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﻭﻋﺮﻓﺎﻧﺎ ﻣﻦ ﻋﻠﻰ ﺑﻔﻀﻞ ﻭﺍﻟﺪﺗﻪ فقد إﻋﺘﺎﺩ أﻥ ﻳﺮﺳﻞ ﺍﻟﺠﻨﻴﻬﺎﺕ ﺍﻟﺜﻼﺛﺔ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺃﻣﺎ ﻫﻮ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﻳﺘﻌﻴﺶ ﺑﻤﺎ ﻳﺤﺼﻠﻪ ﻣﻦ ﻗﺮﺍﺀﺗﻪ ﻟﻠﻘﺮآﻥ الكريم ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻘﺎﺑﺮ ﻓﻰ ﺃﻳﺎﻡ ﺍﻟﺠﻤﻊ وقد ﺃﻇﻬﺮ ﻋﻠﻰ إﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻧﺒﻮﻏﺎ ﻭﺍﺿﺤﺎ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﻜﺘﻔﻰ ﺑﺎﻟﻤﻨﺎﻫﺞ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﻴﺔ ﻓﺄﻗﺒﻞ ﻋﻠﻰ ﻗﺮﺍﺀﺓ ﺍﻟﻤﺠﻼﺕ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﺍﻟﻄﺒﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺨﺼﺼﺔ ﻭﻛﺎﻥ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ ﺍﻹﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔ وعلي الرغم من أن مدرسة الطب كانت في ذلك الوقت تعاني الكثير من التدهور فإن الطالب علي إبراهيم إستغل قلة عدد الطلاب وماترتب علي ذلك من جو مشجع علي الدراسة والمناقشة والبحث ومراجعة الأساتذة والمعامل وإستطاع أن يحصل العلم خير تحصيل وهكذا كان علي إبراهيم الطالب في جده وإجتهاده وظل طيلة الفترة التي قضاها في معاهد الدروس والعلوم شخصية مرموقة بين الطلاب بعلمه وعمله وخلقه الحسن وأدبه ولم يكن في حاجة إلي بذل كل هذا الجهد للإحتفاظ بالأولوية ولكنه كان يجتهد الي الحد الذي جعله في مصاف الأساتذة وهو طالب وفي مدرسة الطب عرف علي إبراهيم العلامة المصري الكبير الدكتور عثمان غالب‏ وهو أول من كشف عن دورة حياة دودة القطن كما أن له بحوث عالمية في علوم البيولوجيا‏ حيث تعلق به وصار يلازمه بعد إنتهاء وقت الدراسة فيصحبه الي بيته ويقضي معه الساعات الطوال يتكشف دقائق أبحاثه وجلائل دراساته‏ .

وبالإضافة إلي ذلك فقد تتلمذ الدكتور علي إبراهيم علي يد الدكتور محمد باشا الدري شيخ الجراحين في الجيل السابق له كما أخذ الكثير عن الدكتور محمد علوي باشا أول الباحثين في أمراض العيون المتوطنة وفي السنة النهائية من كلية الطب عين علي إبراهيم مساعدا للعالم الإنجليزي الدكتور سيمرس وهو أستاذ الأمراض والميكروبات وتقرر له راتب شهري عن وظيفته هذه مما أكسبه خبرة وتدريبا ندر أن يتوافر لطالب وبذا تكونت له في مرحلة مبكرة شخصية العالم الباحث المحقق وكانت سنوات الدراسة في مدرسة الطب حين إلتحق بها علي إبراهم ست سنوات ولكن الحكومة المصرية رأت أن تختصرها الي أربع سنوات فقط‏‏ وتم تطبيق هذا القرار في سنة تخرج علي إبراهيم حيث كان أول دفعته عام‏ 1901م وكان سنه حينذاك 21 سنة وقضي الدكتور علي إبراهيم العام الأول بعد تخرجه في مساعدة أستاذه الدكتور سيمرس في أبحاثه العلمية مما جعله مستوعبا لعلمي الأمراض والميكروبات وملما بأدق تفاصيلها وأحدث الإكتشافات فيهما حيث ساعده ذلك فيما بعد خلال حياته العملية كما قام بإفتتاح عيادة طبية ﺑﺎﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻪ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻤﺠﻴﺪ ﻣﺤﻤﻮﺩ ﻓﻰ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ بالقاهرة ﻟﻜﻨﻬﻤﺎ إﺿﻄﺮﺍ ﺇﻟﻰ ﺇﻏﻼﻗﻬﺎ ﺑﻌﺪ ﺷﻬﻮﺭ ﻗﻼﺋﻞ ﻷﻥ ﺍﻹﻗﺒﺎﻝ ﺁﻧﺬﺍﻙ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻃﺒﺎﺀ ﺍﻷﺟﺎﻧﺐ ﻓﻘﻂ .

وفي العام التالي عام 1902م تشاء الأقدار أن ينتشر وباء غريب في قرية موشا بالقرب من مدينة أسيوط وحارت مصلحة الصحة في أمر هذا الوباء ومن ثم إنتدبت الدكتور علي إبراهيم للبحث عن سببه وهنا ظهرت الفوائد العملية الحقيقية لدراسات علي إبراهيم المتعمقة إذ لم يلبث صاحبنا فترة قصيرة إلا وتوصل إلي حقيقة الداء وقرر أن الوباء هو الكوليرا الأسيوية وإستطاع أن يدرك أن مصدر هذا الوباء هو الحجاج الذين حملوا معهم ميكروبه وبعث علي إبراهيم بقئ المرضي الي مصلحة الصحة لتحليله فردوا عليه بأن القيء خال من ميكروب الكوليرا فلم يكن منه إلا أن أرسل إليهم مرة ثانية ليعيدوا تحليله وكان قرار الطبيب الشاب موضع مناقشات طويلة إنتهت يصحة تشخيص الدكتور علي إبراهيم والإستجابة لمقترحاته في إتخاذ الإحتياطات اللازمة للسيطرة علي المرض قبل إنتشاره بصورة وبائية وكان هذا الأمر سببا في أن ذاع خبر الدكتور علي إبراهيم في بني سويف والمنيا ومصر الوسطى عموما وكانت ﺃﻭﻟﻰ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﺠﺮﺍﺣﻴﺔ ﺍﻟﺘﻰ ﺃﺟﺮﺍﻫﺎ الدكتور علي إبراهيم هي ﻋﻤﻠﻴﺔ إﺳﺘﺌﺼﺎﻝ ﻛﻠﻴﺔ ﻭﻫﻰ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻓﻰ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺇﺫﺍ ﻭﺿﻌﻨﺎ ﻓﻰ ﺍﻹﻋﺘﺒﺎﺭ ﺗﺨﻠﻒ ﺍﻟﺘﺠﻬﻴﺰﺍﺕ ﺍﻟﻄﺒﻴﺔ ﺍﻟﺘﻰ ﺗﺤﺘﺎﺟﻬﺎ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﺛﻢ ﺃﺟﺮﻯ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺗﻔﺘﻴﺖ ﺣﺼﻮﺓ ﻓﻰ ﺍﻟﻤﺜﺎﻧﺔ ﺩﻭﻥ ﺟﺮﺍﺣﺔ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻭﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺃﻳﻀﺎ ﺃﺳﻠﻮﺑﺎ ﻏﻴﺮ ﻣﻌﺘﺎﺩ ﻓﻰ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺎﺕ حيث كانت عملية حصوات الكلي والحالب والمثانة التي بدأ بإجرائها الدكتور علي إبراهيم تعد في ذلك الوقت معجزة من المعجزات حققها صاحبنا وبعدها مضى على إبراهيم يطلع الجميع على آيات الطب وفنون الجراحة فإرتفع قدره وزادت مكانته سموا عند مرضاه وزملائه من الأطباء إلى منزلة سامية فكان مرضاه يذهبون إليه يستشيرونه بعد عودتهم من إستشارة أستاذة الدكتور الدرى باشا وكان على إبراهيم يشير أحيانا بإجراء عمليات جراحية نصح أستاذة بعدم إجرائها وكثيرا ما كان يقوم بإجرائها فتنجح العملية وتضيف إلى نجاحه نجاحا جديدا ﺇﻻ ﺃﻥ ﺍﻟﺨﻄﻮﺓ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ ﻓﻰ ﻣﺴﻴﺮﺗﻪ ﻛﺎﻧﺖ ﻧﺠﺎﺣﻪ ﻓﻰ ﻋﻼﺝ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺣﺴﻴﻦ ﻛﺎﻣﻞ ﻣﻦ ﻣﺮﺽ ﻋﻀﺎﻝ ﺃﻟﻢ ﺑﻪ ﻭﻓﺸﻞ ﻓﻰ ﻋﻼﺟﻪ ﺍﻷﻃﺒﺎﺀ ﺍﻷﺟﺎﻧﺐ ﻓﺄﺷﺎﺭ ﻣﺴﺘﺸﺎﺭﻭ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺑأن يستشير اﻟﻄﺒﻴﺐ ﺍﻟﻤﺼﺮﻯ ﻋﻠﻰ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺍﻟﺬﻯ ﺃﺟﺮﻯ ﻟﻪ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺟﺮﺍﺣﻴﺔ ﻧﺎﺟﺤﺔ ﺃﻧﻌﻢ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻠﻘﺐ ﺟﺮﺍﺡ إﺳﺘﺸﺎﺭﻯ ﺍﻟﺤﻀﺮﺓ ﺍﻟﻌﻠﻴﺔ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻧﻴﺔ ‏.‏

وتنقل علي إبراهيم ما بين محافظات الصعيد فعمل في أسوان حيث رقى مديرا لمستشفاها الأميرى وبين الوجه البحرى حينما إنتدبته مصلحة الصحة مرة ثانية لينتقل إلي مدينة طوخ بمحافظة القليوبية حاليا لبحث وباء إنتشر في قرية صيفا التابعة لها وتوصل على إبراهيم إلى أن هذا الوباء تتسبب فيه أقراص الروث الجاف وكانت النساء يستعملن هذه الأقراص كوقود في الأفران البلدية التي يخبزن فيها وهذا هو السر في أن المصابين كانوا من النساء من دون الرجال ونشر على إبراهيم أبحاثة في مجلة الجيش الملكي وكان هذا البحث هو أول أبحاثة العلمية المنشورة ولما قامت الحرب العالمية الأولي عام 1914م تحول القصر العيني إلى مستشفى حربي ومنح مديره الدكتور كينج أجازة طويلة وتولى على إبراهيم إدارة القصر العيني بكفاءة وإقتدار فلما وضعت الحرب أوزارها انعم عليه بوسام عضوية الإمبراطورية البريطانية مكافأة له على ما أظهر من الهمة والبراعة ولما إندلعت ثورة عام 1919م بعد إنتهاء الحرب العالمية الأولي وبدأت مصر تطالب برفع الحماية البريطانية عنها وجلاء الإنجليز ومنحها إستقلالها وكان الأطباء في البداية بمعزل عنها فسرعان ما جمع على إبراهيم جموع الأطباء في عيادته الخاصة وحضهم على المشاركة والإستمرار في الثورة وفي عام 1924م إختير على إبراهيم بك حيث كان قد حصل علي رتبة البكوية من الملك فؤاد ملك مصر حينذاك لشغل وظيفة أستاذ الجراحة بمدرسة الطب وكان بهذا أول مصري يشغل هذا المنصب ثم إختير عام 1929م وكيلا لكلية الطب عقب قيام الجامعة المصرية وضم مدرسة الطب تحت لوائها وفي يوم الثلاثين من شهر أبريل من نفس العام عقد مجلس كلية الطب جلسة خاصة لإنتخاب عميد للكلية يخلف مستر مادن وكان المتبع في مدرسة الطب قبل ذلك الحين أن يتولى الإنجليز أمر العمادة وعلى الرغم من ذلك أجمعت الآراء على إنتخاب على إبراهيم بك عميدا للكلية .

ﻭفي أثناء توليه هذا المنصب ﻓﺘﺢ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻔﺘﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺼﺮﻳﺎﺕ ﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﺍﻟﻄﺐ ﻭفى شهر ﻳﻨﺎﻳﺮ عام 1930م ﺃسس ﺍﻟﺠﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻄﺒﻴﺔ ﺍﻟﻤﺼﺮﻳﺔ ﻋﻘﺐ إجتماع ﺩﻋﺎ ﺇﻟﻰ ﻋﻘﺪﻩ مع بعض زملائه من الأطباء وﺍﻟﺬﻳﻦ قاموا بإصدار اﻟﻤﺠﻠﺔ ﺍﻟﻄﺒﻴﺔ ﺍﻟﻤﺼﺮﻳﺔ وقد بذل جهدا كبيرا في النهوض بالجمعية من شتي النواحي طوال السنوات الست الأولى من عمرها كما إختير رئيسا لجمعية الهلال الأحمر المصرى وكان يتخذ منها سبيلا إلى نشر الثقافة الطبية بين الشباب والمثقفين وبخاصة قواعد الإسعافات الطبية الأولية وهو المنهج الذي لا تزال الجمعية حتى يومنا هذا توجه جزءا كبيرا من جهدها إليه وعندما تولى منصب وزير الصحة فى يوم 28 يونيو عام 1940م تعهد بإنشاء نقابة للأطباء وإصدار قانون لها وإنشاء اتحاد المهن الطبية وتم إختياره أول نقيب للأطباء في مصر وفي هذه المناسبة قال محمد خليل عبد الخالق بك أمين عام نقابة أطباء مصر في ذلك الوقت كلمة قال فيها الحمد لله لقد أذن ربك فإجتمع الشمل وإنتظم العقد وأقام لنا بفضله مثوى يضم شتاتنا بعد طول تشريد وما كان أحوجنا إلى ذلك المثوى الكريم من زمن بعيد ومن الآن سنجتمع هنا فى أوقات الفراغ وكلما إستدعي الأمر إلى الإجتماع وهنا سنتناقش فى فنون المهنة ونتحاور ويدلى كل منا بما إستكشف وما إستظهر وما قرأ وما درس وما دله عليه الإختبار وهداه إليه طول التجارب فهنا يضيف كل منا إلى عمله ومشاهداته وإختباراته وتجاربه وخبراته علماً ومشاهدات وتجارب وخبرات لا يكاد يحصيها العد فى حين لم يلق كدا ولم يعان جهدا ولم يفن زمنا وليس من شك فى أن هذه الثروة الفنية التى نحرزها عفوا أو من أيسر السبل إنما هى صدر مهم من هذا الجهد الذى أرصدنا أنفسنا له فى سبيل الإنسانية وفى سبيل العلم وفى سبيل الوطن إذن فنحن من الآن فى مكان جدير بالإعظام والتقديس أعنى المكان الذى يسمو بنبل مقصده على كل إعتبار وليس له مقصد إلا خدمة العلم وخدمة الوطن وخدمة الإنسانية وحسبه بهما نبلا وشرفا وفخرا .

وقد تعهد علي إبراهيم قانون نقابة الأطباء بالإهتمام والرعاية حيث أضاف إليه الكثير من التعديلات وحرص كل الحرص على كرامة المهنة وكرامة صاحب المهنة وإستطاع أن يصدر قانون نقابة الأطباء محققا الأمل الذي طالما عاش في نفوس أبناء المهنة من الإرتفاع بمهنتهم السامية إلى مقامها الأدبى الرفيع حيث أصبح مجلس النقابة هو المرجع الأول في كل ما يتعلق بممارسة المهنة وبالإضافة إلي ذلك صدر في عهد الدكتور علي إبراهيم الدستور المصري للأدوية وهو الدستور الذي بذلت جمعية الصيدلة جهدا كبيرا في إصدارة تنظيما لفن العلاج وإنهاء لحالة من الفوضى سادت تحضير الدواء في مصر بسبب رجوع الصيادلة إلى مختلف الدساتير الأجنبية المتباينة في أصولها والقضاء على أمر أخر لا يقل خطورة وهو تلاعب أصحاب الصيدليات بصحة الجمهور كما ساعد فى تأسيس صناعة الدواء المصري خير مساعدة ودفع بمشروع إنشاء شركة مصر للمستحضرات الطبية حتى خرج إلى حيز التنفيذ وعلاوة علي ذلك فقد أسهم في تأسيس جامعة فاروق الأول عام 1938م والتي أصبحت جامعة الإسكندرية فيما بعد وفي تأسيس مستشفى الجمعية الخيرية الإسلامية وجمعيات أخرى لتنمية الريف المصرى وإنقاذ الطفولة المشردة وفي أوائل عام 1946م بدأت صحة الدكتور علي إبراهيم في الإعتلال فكان كثيرا مايلزم بيته ويعتكف عن عمله وكان يحس إحساسا شديدا بدنو أجله‏ فلما كان يوم الثلاثاء الموافق الثامن والعشرين من شهر يناير عام 1947م تناول غذاءا خفيفا ثم ذهب في النوم حتي إذا كانت الساعة الخامسة أفاق من نومه ولم تمر عدة دقائق إلا وصعدت روحه الطاهرة الي بارئها‏ ولم يكن بعد قد أكمل 67 عاما وفي اليوم التالي خرجت جموع الشعب لتشيع جنازته ولتؤدى صلاة الجنازة علي فقيدها العظيم خلف الإمام الأكبر الشيخ مصطفي عبد الرازق وتم دفنه في مقابر الأسرة وحين إحتفلت نقابة الأطباء في عام 1979م بيوم الطبيب المصري الأول كان على إبراهيم باشا على رأس الأطباء الرواد الذين كرمت النقابة ذكراهم كما تم منح إسمه قلادة الجمهورية وسلمها الرئيس الراحل أنور السادات خلال الإحتفال بيوم الطبيب الثاني عام 1980م للأستاذ الدكتور حسن إبراهيم الإبن الأكبر لجراحنا الكبير وفي عام 2008م أصدرت مكتبة الإسكندرية كتابا بإسم علي باشا إبراهيم من تحرير خالد عزب و سوزان عابد يتناولان فيه قصة حياة وسيرة هذا الطبيب العظيم وأهم أعماله وانجازاته وجهوده في مجال الطب .
 
 
الصور :