بقلم الدكتور/ عادل عامر
تعتبر المشروعات الصغيرة ذات أهمية كبيرة في جميع دول العالم وخاصة الدول النامية، مع الأخذ بعين الاعتبار التفاوت النسبي الكبير بين المشروع الصغير في البلدان الصناعية المتقدمة مقارنة بالمشروع الصغير في البلدان النامية، من حيث حجم رأس المال والإنتاجية والعمالة المستخدمة، ففي الولايات المتحدة واليابان وبلدان الاتحاد الأوروبي،
تعتبر المشروعات الصغيرة من ضمن القطاعات الاقتصادية التي تحتل المراكز الأولى في جميع دول العالم حيث تتناسب المشروعات الصغيرة من الأشخاص محدودي الدخل فهي مناسبة جدًا لهم، تستحوذ فكرة المشروعات الصغيرة على عقول اكثر الشباب لأنها تعتبر سهلة التنفيذ والبدء، وتتفرع المشاريع الصغيرة إلى عدة فروع ومشاريع كثيرة وجميعها يبدأ برأس مال بسيط وعدد قليل من العمال، فقد تعمل المشروعات الصغيرة والمتوسطة على دفع اقتصاد الدول والتخلص من البطالة وكثرة فرص العمل للشباب.
نرى أن سقف رأس المال للمشاريع الصغيرة يتجاوز 20 مليون دولار، في حين أن كافة المشاريع الصغيرة في البلدان النامية يتراوح حجم رأس المال لكل منهما بين 20 ألف دولار و100 ألف دولار، وهو وضع يعكس طبيعة التطور الاقتصادي عموماً والصناعي خصوصاً في هذه البلدان، لكن رغم ذلك
فإن المشاريع الصغيرة لها دورها الإيجابي والهام في البلدان النامية من حيث توفير فرص عمل لجميع الفئات الاجتماعية وخاصة الرياديين بما يسهم في زيادة الدخل وتحقيق الاكتفاء الذاتي جزئياً لبعض السلع والخدمات التي يحتاجها المجتمع، هذا وتنتشر المشاريع الصغيرة في مجالات التجارة والصناعة والخدمات وغيرها من القطاعات الاقتصادية
وتشجيع التوظيف الذاتي ونشر المعرفة إلى جانب تمييزها بالتجاوب السريع مع المتغيرات مع نسبة قليلة من المخاطرة، وتتجه بعض الدول لتنمية المشروعات الصغيرة من خلال إعداد استراتيجية متكاملةً لمحاربة الفقر والبطالة وزيادة الإنتاجية، حيث تشكل المشروعات الصغيرة مجالاً حيوياً لروح المبادرة واستغلال الموارد الأولية المحلية وإعادة توزيع الدخل،
لذلك لابد أن تكون المشاريع الصناعية الصغيرة محط اهتمام من السلطة الفلسطينية بجميع مؤسساتها، تدرس وتبحث وتحاول أن تشرع القوانين التي تحمى هذه المشاريع وتدعم مسيرتها في عملية التنمية حيث تمثل هذه المشاريع أكثر من 90% من إجمالي عدد المشاريع.
ولا يمكن الحديث عن واقع المشروعات الصغيرة في مصر بمعزل عن الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تأثرت بها خلال المرحلة السابقة، حيث ان البيئة الاقتصادية والاجتماعية المحيطة بالأنشطة الاقتصادية المختلفة تؤثر على أدائها الكمي والنوعي الحالي، فالتطور المستقبلي لقطاع الأعمال الصغيرة مرتبط بالسياسات والإجراءات الكفيلة باستقلالية ودعم هذا القطاع، إضافة لتحفيز أفراد المجتمع على القيام بالمبادرات الاقتصادية،
بما قد توفر هذه المشروعات التنقل للأماكن البعيدة حيث يمكنها أن توزع في البلاد بشكل جغرافي، تعمل هذه المشروعات على الحفاظ على التراث القديم مثل الحرفة اليدوية وغيرها من الحرف التي اكتسبها الإنسان على مر العصور فيمكن الحفاظ على هذه الحرف من خلال المشروعات الصغيرة التي تقيم داخل البلاد لمساعدة جميع الشعب، تقدم المشروعات الصغيرة الكثير من الابتكارات والإبداعات المتناهية لمساعدة الطرف الأخر في اكتسابها والعمل من خلالها.
وسوف تعم الخيرات على البلاد من هذه المشروعات الصغيرة أن تم إنشاؤها بعد دراسات جدوى صحيحة وتوظيف شباب مؤهلين لسوق العمل للبدأ في التطوير والتنمية الاقتصادية للبلاد، تشجيع أصحاب المشاريع الصغيرة وتوسيعها إلي مشروعات أكبر لتزايد نسبة المدخرات والتوسع في الإنتاج والصادرات، من الواجب على الدول تسهيل بعض الإجراءات القانونية التي تصعب على أصحاب المشاريع الصغيرة البدأ فيجب التسهيل معهم والتخلص من المشاكل والصعوبات التي يتعرضوا لها من قبل الإجراءات القانونية، من واجب الدول أيضًا تسهيل الإجراءات المتخذة في القروض لتمكين الشباب من بدأ المشاريع الصغيرة والمتوسطة والقيام بها، يجب على الحكومات والمنظمات العالمية توفير المنشئات التي تقام عليها بعض المشروعات الصغيرة.
يؤدي تدخل الدولة في أي مؤسسة إقراضية، إلى خلق فكرة لدى المقترضين بأن الدولة هي التي تعمل على دعم وتقديم القروض من خلال تلك المؤسسة، فيشجع الأفراد على الحصول على هذه القروض واستخدامها لأغراض غير تلك التي تم الإعلان عنها مسبقاً عند الحصول عليها، ويحاولون عدم الالتزام بالتسديد، أوعدم اعتبارها التزاماً مالياً يجب القيام بتسديده في الأوقات المحددة.
ولا بد هنا من التذكير بأن إنشاء المؤسسات الإقراضية المتخصصة جاء محاولة لسد جزء من الفجوة التمويلية، وتوفير التمويل لكل قطاع من القطاعات بصورة متخصصة، فهدف هذه المؤسسات منذ إنشائها كان محاولة تصحيح سوق الائتمان، غير أنها لم تتمكن من تجنب مخاطر المجازفة في تقديم القروض، وهذا الجزء من المجازفة تمكنت البنوك التجارية من تجاوزه بوضعها الضمانات كعائق أمام تمويل المؤسسات الصغيرة. ويمكن القول بشكل عام أن أي نشاط تمويلي تمارسه أي مؤسسة، -
بغض النظر عن طبيعتها- لا بد أن تعترض مسيرته بعض المعوقات، وتتنوع هذه المعوقات بتنوع الجهات المقرضة، فإذا كانت بنكاً تجارياً تتمثل المعوقات في صعوبة توفير المقترض للضمانات اللازمة للحصول على التمويل. وإذا كانت المؤسسة المقرضة (الممولة) متخصصة تتمثل المعوقات في عدم الالتزام بالغاية الحقيقية من الحصول على القرض أوفي عدم الالتزام بالتسديد. وإذا كانت الجهة المقرضة جهة حكومية فإن المقترض يتعامل مع القرض على أنه معونة أو دعم ليس من الضروري تسديده. وتختلف المعوقات من وجهة نظر مؤسسات التمويل عنها من وجهة نظر القائمين على المشاريع الصغيرة، فالمعوقات التي تواجه مؤسسات التمويل هي:
افتقاد عنصر الثقة في القائمين على المشروع الصغير، وينجم ذلك في أغلب الأحيان عن فقدان صاحب المشروع للجدارة الائتمانية المقنعة للمؤسسة التمويلية.
عدم توافر الضمانات الكافية لمنح التمويل للمشروع الصغير.
افتقار المشروع الصغير للخبرة في أساسيات المعاملات المصرفية.
انخفاض القدرة على تسويق المنتجات، مما ينعكس سلبياً على المشروع.
المشكلة الرئيسية التي تواجه البنوك وتمنعها من توفير التمويل المطلوب للمشروعات الصغيرة والمتوسطة هي مشكلة اختلاف المعلومات في سوق الائتمان. وتظهر هذه المشكلة كون صاحب المشروع هوأفضل من يعرف عن مقومات وعوامل نجاح وفشل مشروعه من أي طرف آخر حتى ولوكان البنك، ولا بد من الإشارة إلى أن تحليل تمويل هذا النوع من المنشآت قائم على أساس افتراضي نظراً لقلة وندرة المعلومات المتوفرة عن المشروعات الصغيرة والمتوسطة. وهذا الوضع غير موجود في المنشآت الكبيرة نظراً لتوفر البيانات المالية المنشورة. وبالتالي فإن مشكلة البنك هنا هي حول قدرة وإمكانية البنك التمييز بين المقترض الجيد والسيئ.
وبينت الدراسات السابقة بأن اختلاف المعلومات في سوق الائتمان تؤدي إلى ما يسمى بالاختيار الخاطيء ( النوع الخفي من المقترضين )، وإلى المخاطرة الأخلاقية ( جهود المقترضين الخفية ). والاختيار الخاطيء يعرف بأنه عدم قدرة البنك على التمييز بين نوعين من المقترضين الجيد والسيئ، مما يخلق للمقترض الضعيف (السيئ) حوافز لإظهار نفسه على أنه مقترض جيد. أما مشكلة المخاطرة الأخلاقية بأنها عندما يكون نجاح المقترض مرهون ومرتبط بمجموعة من الجهود غير الممكن مراقبتها بكفاءة، فقد يكون المقترض غير جدي في طرح هذا الموضوع. ولكن لا بد من توفر عوامل تظهر الوضع الحقيقي للمقترض ومن أبرز هذه الأمور في هذا الجانب هي حجم الضمانات وسعر الفائدة، والتي لها دور مميز في تصميم عقد منح الائتمان. فالمقرض الجيد لديه القدرة والرغبة على تقديم ضمانات عالية ودفع سعر فائدة أقل لثقته العالية بمشروعه وإمكانيات نجاحه بصورة جيدة، في حين أن المقترض السيئ يرفض رهن ضمانات بقيمة عالية جداً ولكنه يقبل دفع سعر فائدة مرتفع وهذه عبارة عن مؤشرات تستخدم في تصميم العقد الائتماني وكذلك في كشف الحقيقة أمام موظفي الائتمان في البنوك.
ومن هنا تظهر أهمية الضمانات ودورها في عملية توفير التمويل اللازم للمشروعات الصغيرة والمتوسطة. ولكن تظهر مشكلة أخرى أنه من أهم مشاكل المشروعات الصغيرة والمتوسطة عدم قدرتها على توفير الضمانات اللازمة للحصول على التمويل المناسب. وبالتالي كيف تستطيع هذه المشروعات توفير احتياجاتها التمويلية في ظل غياب البنوك والضمانات معاً. فكان لا بد من تدخل الحكومات هنا لتوفير بديل مناسب وهوضمان مخاطر القروض. |