بقلم الكاتب/ أبوالعلا خليل
فى صمت وهدوء ووسط تجاهل أثرى تام سقطت منذ ساعات قلائل التركيبة المقامة على قبر عثمان بك أبوسيف حاكم جرجا بشارع عين الحياة بقرافة الأمام الشافعى " أثر رقم 390" والمؤرخة بعام 1166هـ / 1752م . مادت المياه الجوفية بالأرض المقام عليها التركيبة الجميلة ، وتهاوت وصارت رديم وكوم تراب بعدما كانت منذ ساعات قبرا وأثرا وشاهد قبر صاحبها المفتت الذى ماعاد شاهدا بل شاهد علينا .
وتقول كلماته الحزينة :
هذا قبر المتوفى الى رحمة الله تعالى
أمير اللوا عثمان بك
أبوسيف حاكم جرجا سابقا
توفى خامس شهر شوال سنة 1166
وقل رب اغفر وارحم وانت خير الراحمين .
وعن عثمان بك أبوسيف صاحب هذه التربة يذكر الرحالة الألمانى كارستن نيبور الذى زار مصر عام 1174هـ / 1761م فكتب فى " رحلة الى مصر " ( كان عثمان بك تركى المولد من القسطنطينىية وأبوسيف هى كنيته أى الذى برع فى استخدام السيف ، وكان من مماليك ابراهيم كتخدا القازدغلى الذى انتهت اليه رئاسة مصر وسيادتها . وعمل فى خدمته ورقاه ثم رفعه أخيرا الى رتبة بك فى مصر ) .
عاش عثمان بك صاحب هذه التربة فترة فتن واضطرابات وقتل واغتيالات كان هو ذاته أحد أطرافها والمحرضين عليها وعن ذلك يذكر الجبرتى فى عجائب الآثار فى التراجم والأخبار ( كان عثمان بك أبى سيف من جملة القاتلين لجماعة من كبار الأمراء عام 1160هـ / 1747م من بينهم على بك الدمياطى – صاحب السبيل بسكة النبوية بدرب سعادة – وخليل بك قطامش أمير الحج وكان ذلك بتدبير من الوالى العثمانى محمد باشا راغب ، واتفقوا على قتلهم بديوان قايتباى بالقلعة عند حضورهم لمقابلة الوالى بمقره الرسمى ) .
ويستكمل ميخائيل شاروبيم فى الكافى فى تاريخ مصر القديم والحديث ( فلما كان يوم الديوان أخذ الأمراء فى الحضور جماعة بعد جماعة فلما تكامل المجلس نادى عثمان أغا ابوسيف فى الأمراء : قوموا ادخلوا عند الباشا . فقال خليل بك قطامش : نحن خلينا الباشا لك . فأجابه عثمان بيك أبو سيف : وانا مانيشى عاجبك .
وكلمه من ده وكلمة من ده أتسع الهرج ووقع السفه وضرب عثمان بك أبوسيف خليل بك قطامش أمير الحج بالسيف فى وريده فقطعه فسقط ميتا لاحراك به واجتزوا رأسه ودخلوا بها الى الباشا ) .حظى بعدها عثمان بك أبوسيف برضى الوالى العثمانى محمد راغب باشا وأنعم عليه بالسنجقية وهى أحد أكبر الرتب التشريفية ويشار لحاملها بأمير اللوا ومن ثم حمل السطر الثاى من شاهد قبره " أمير اللوا عثمان بك " وهى الرتبة التى حصل عليها عام 1160هـ / 1747م نظير خدماته وولاءه .وكان أمراء اللوا هم حينئذ أهل الرأى والمشورة فى الأمور الجليلة يستشيرهم الوالى العثمانى فى الأمور الجليلة ويأخذ بمقولتهم وسداد ارائهم .
ومازال عثمان بك أبوسيف يتنعم برضى الوالى العثمانى وسلطانه بأسطنبول حتى أنعم عليه بحكم ولاية جرجا ليصير الشخص الثانى فى الأهمية والقوة والنفوذ والثراء بعد والى مصر ، فقد كانت جرجا حينئذ الولاية ذات المركز والثقل لأهميتها الأقتصادية ومركز التموين الأول للبلاد وبخاصة القمح .
ومن حينها ارتبط عثمان بك أبوسيف بجرجا وارتبطت جرجا به حتى صار يعرف بعثمان بيك أبوسيف الجرجاوى وبجرجا بك . الا أن دوام الحال من المحال اذ خرجت من يده ولاية جرجا فى ايامه الأخيرة ليشرف بها ويسجلها على شاهد قبره :
هذا قبر المتوفى الى رحمة الله تعالى
أمير اللوا عثمان بك
أبوسيف حاكم جرجا سابقا
توفى خامس شهر شوال سنة 1166
وقل رب أغفر وارحم وانت خير الراحمين .
|