الجمعة, 29 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

أول من رفض جائزة نوبل

أول من رفض جائزة نوبل
عدد : 01-2020
بقلم المهندس/ طارق بدراوى


جورج برنارد شو مؤلف مسرحي أيرلندي شهير ولِد في العاصمة الأيرلندية دبلن يوم 26 يوليو عام 1856م في أسرة متوسطة الحال تتكون من أب وأم وأختين شقيقتين أكبر منه حيث كان هو أصغر إخوته وكان أبوه سكير مدمن للكحول مما شكل لديه ردة فعل بعدم قرب الخمر طوال حياته كما كان نباتيا لا يقرب اللحم وحدث أن تركت أمه المنزل مغادرة إلى العاصمة الإنجليزية لندن مع إبنتيها عام 1872م ولحق بهم شو بعد 4 سنوات أي في عام 1876م حين أصبح في أوائل العشرينات من عمره ولم يعد لموطنه الأصلي أيرلندا لما يقرب من الثلاثين عاما .

كانت أولي نجاحاته في النقد الموسيقي والأدبي ولكنه إنتقل إلى الكتابة المسرحية وألف مايزيد عن ستين مسرحية خلال سنين مهنته وأصبح يعد أحد أشهر الكتاب المسرحيين في العالم وقد تميزت أعماله بإحتوائها على جرعة من الكوميديا لكنها كانت في نفس الوقت تحمل رسائل إتهامات كان أمِل شو أن ينتبه إليها ويحتضنها جمهوره وعلاوة علي ذلك فقد كان شو أحد مفكري ومؤسسي جمعية الإشتراكية الفابية والتي سميت نسبة إلى المفكر الإغريقي فابيوس كونكتاتورد وهي جمعية إنجليزية أنشئت في عام 1884م وسعى أعضاؤها إلى نشر مبادئ الإشتراكية بالوسائل السلمية وكان شو من أبرز مؤسسيها وكتابها حيث كانت تشغله نظرية التطور والوصول إلى السوبرمان وفكريا كان من اللادينيين المتسامحين مع الأديان وهو الوحيد الذي حاز على جائزة نوبل في الأدب عام 1925م وجائزة الأوسكار لأحسن سيناريو عن سيناريو مسرحية بيجماليون في عام 1938م والتي تعد من روائع المسرح العالمي وتعد مسرحية فلسفية تمثل الصراع بين الفن والحياة وكانت في الأصل أسطورة إغريقية مثلت مصدر إلهام للعديد من الأدباء والكتاب المسرحيين .

وكان شو قد تلقي تعليمه المبكر عبر جلساتٍ تعليمية على يد عمه الكاهن ثم إلتحق بالمدرسة الإبتدائية ولكن نظرا لأنه عاش حياة فقيرة فقد إضطر إلي أن يترك المدرسة مبكراً إلا أنه إستمر في المطالعة والقراءة وتعلم اللغات اللاتينية والإغريقية والفرنسية وكان بذلك كشكسبير الذي غادر المدرسة وهو طفل ليساعد والده ومع ذلك لم يثنه عدم التعلم في المدارس عن إكتساب المعرفة والتعلم الذاتي فالمدارس في رأي برناردشو ليست سوى سجون ومعتقلات.

وفي عمرٍ مبكر إستكشف شو عالم الفنون كالموسيقى والفنون والآداب بتوجيهٍ من والدته وعبر زياراتٍ منتظمة إلى المعرض الوطني في ايرلندا وقاسي شو متاعب إقتصادية وعاني من الفقر وقلة الدخل ووقفت والدته إلى جانبه بشكلٍ كبير بعد إنتقالهم إلي لندن وفي هذه الأثناء توفيت شقيقته الوسطى وقرر حينها أن يصبح كاتبا ومن ثم كان يقضي وقته في قاعة المطالعة التابعة للمتحف البريطاني كاتبا أولى رواياته ولسوء حظه وعلى الرغم من الوقت الذي قضاه شو في كتابتها كانت رواياته روايات فاشلة إلى حدٍ مثيرٍ للكآبة ورفضها الناشرون رفضا شديدا ولذا فقد تحول نحو السياسة وأنشطة النخبة البريطانية المثقفة فإنضم إلى جمعية فابيان التي أشرنا إليها في الفقرة السابقة في عام تأسيسها 1884م وإنخرط شو في أنشطتها إلى حدٍ بعيد حتى أنه حرر الورقة الدعائية التي نشرتها المجموعة والمعروفة بإسم مقالات فابيان في الإشتراكية عام 1889م وفي العام الذي تلا إنضمامه إلى جمعية فابيان أي في عام 1885م أرسى شو دعائم لأعمالٍ كتابية في هيئة مراجعاتٍ للكتب ونقدٍ مسرحي وموسيقي وفني وفي عام 1895م وكان قد وصل إلي سن 39 عاما أصبح عضوا في مجلس Saturday Review كناقد مسرحي لهذا المجلس وعند هذه النقطة بدأ شو كتاباته المسرحية .

وكان شو معجباً بالشاعر والكاتب المسرحي النرويجي هنريك إبسن الذي يعتبر أعظم الكتاب المسرحيين في كل العصور وكان السباق في إستخدام المسرح لمعالجة القضايا الإجتماعية فكان تأثير إبسن واضحا على شو في بداياته ونشرت أولى مسرحيات شو بأجزاء تحت عنوان مسرحيات غير سعيدة وكانت هذه المسرحيات مفعمة بما سيصبح فيما بعد الحس الفكاهي المميز لشو مصحوبةً بشحناتٍ ناجعة من النقد الإجتماعي الذي كان نابعا من ميوله نحو جمعية فابيان ولم تبقَ هذه المسرحيات لتكون أفضل ما نتذكر به شو كما لم تكن أفضل ما نال به شو تقديره الكبير ولكنها وضعت الأرضية التي بنى عليها شو أعماله العملاقة القادمة وفي نهاية القرن التاسع عشر الميلادى وبدايةً من مسرحية قيصر وكليوباترا التي كتبت عام 1898م تتابعت وتوالت كتابات شو وفاق إنتاج الكاتب الناضج كل التوقعات وفي عام 1903م كتب مسرحية الإنسان والسوبرمان والتي حقق فصلها الثالث Don Juan in Hell نجاحا أكبر من المسرحية نفسها وغالبا ما كانت تقدم كمسرحيةٍ منفصلةٍ وإستمر شو بعد ذلك يكتب العديد من المسرحيات على مدار 50 عاما التي ستبقى المسرحيات الأساسية في مجمل ذكرى مسيرته الأدبية منها مسرحية بيوت الأرامل ومسرحية السلاح والرجل ومسرحية بيجماليون ومسرحية كانديدا ومسرحية الرائد باربارا وبلا شك فقد كانت أشهر مسرحيات شو هي بيجماليون وقد نقلت الى الشاشة الكبيرة عام 1938م لينال شو عنها جائزة الأكاديمية لكتابة السيناريو وإستمرت بيجماليون في ضرب آفاقٍ أبعد في الشهرة حين قدمت في عروضٍ موسيقية وأصبحت أغنية لتقدم للمرة الأولى على مسرح برودواي بنيو يورك عام 1956م مع ريكس هاريسون وجولي أندروز وفيما بعد قدمت على شاشه السينما عام 1964م ولعب بطولتها كلٍ من ريكس هاريسون وأودري هيبورن .

ولما منح شو جائزة نوبل في الأدب عام 1925م ووقتها كان قد أصبح غنيا ولم يكن بحاجة لتلك الجائزة ولأن حياته كانت في بدايتها نضالاً ضد الفقر فقد جعل من مكافحة الفقر هدفا رئيسيا لكل ما يكتب وكان يرى أن الفقر مصدر لكل الآثام والشرور كالسرقة والإدمان والإنحراف وأن الفقر معناه الضعف والجهل والمرض والقمع والنفاق ويظهر ذلك جليا في مسرحيته الرائد باربرا التي يتناول فيها موضوع الفقر والرأسمالية ونفاق الجمعيات الخيرية وعندما علم شو بمنحه هذه الجائزة صرح قائلا:" هذه الجائزة أشبه بطوق نجاة يلقى به إلى شخص وصل فعلا بر الأمان ولم يعد عليه من خطر"، قبل أن يسخر من مؤسس الجائزة وصانع الديناميت ألفريد نوبل بقوله:" إننى أغفر لنوبل أنه اخترع الديناميت ولكننى لا أغفر له أنه أنشأ جائزة نوبل"، وكان هذا هو رد جورج برنارد شو على فوزه بجائزة نوبل فى الأدب في العام المذكور والتي رفض تسلمها وكان بذلك أول من رفض هذه الجائزة منذ إنشائها عام 1901م ثم عاد وقبل تسلمها في العام التالى 1926م حيث كان نظام منح جوائز نوبل ينص على الإحتفاظ بالجائزة لمن فاز بها للعام التالى وبالفعل فى العام التالى 1926م قبل برنارد شو الجائزة بعدما أقنعته زوجته بأنها شرف لأيرلندا لكنه ظل مصراً على رفض الحصول على قيمتها المادية وطلب أن تستخدم فى ترجمة أعمال زميله الكاتب المسرحى السويدى أوجست ستريندبرج من اللغة السويدية إلى اللغة الإنجليزية وبحسب كتاب التفاحة الذهبية نساء نوبل الفائزات فى الأدب فإن رفض جورج برنارد شو للجائزة جاء ليؤكد أنها منحت قبله لأدباء مغمورين ولا يمتلكون الأهمية الإبداعية التى يتمتع بها وهو ما يؤكد الخلل الموجود في إختيارات جوائز نوبل رغم أن الأكاديمية السويدية للعلوم التي تمنح هذه الجائزة سنويا إعترفت وقتها فعلا بوجود هذا الخلل وأعلنت تعديلات على طريقة إختيار الفائزين كما جاء أيضا فى مجلة الفيصل العدد 362 الصادر في شهر سبتمبر عام 2006م أن من ضمن التفسيرات حول رفض جورج برنارد شو الجائزة عام 1925م وقيمتها المادية في عام 1926م أنه أراد رد الصاع صاعين إلى القائمين على منح الجائزة الذين تخطوه حين منحوا الجائزة لسنوات طويلة لأدباء مغمورين وأقل منه أهمية .

وقد ظل شو يكتب للمسرح لفترة ست وأربعين عاما وقد بلغ عدد المسرحيات التي هي ما بين مسرحية طويلة ومتوسطة مايزيد على الستين مسرحية وقد قدم عدد كبير من هذه المسرحيات أثناء حياته في عواصم بلدان أوروبا وأمريكا وترجم حازم قاسم حسن أعماله كاملة إلى اللغة العربية وصدرت على شكل أجزاء وصدرت أيضا كل مسرحية على حدة

وعن الحياة الشخصية لجورج برنارد شو فقد إلتقى بالناشطة الايرلندية شارلوت باين تاونسيند ووقعت في غرامه حتى أنها عرضت عليه الزواج في شهر يوليو عام 1897م لكنه رفض عرضها متذرعا بأن ثراءها قد يجعل الناس يصفونه بمتصيد الفرص لكنه عاد وتزوجها بعد حوالي عام في يوم 1 يونيو عام 1898م بعد أن وقع له حادث أقعده الفراش لفترة وكتب يشتكي لها فعادته ورتبا للزواج وبقي معها حتى وفاتها عام 1943م وقد أحرق جثمانها ومزج رمادها مع رماده ونثر في ركن شو وذلك بعد وفاته في يوم 2 نوفمبر عام 1950م عن عمر يناهز حوالي 94 عاما

وكان من أشهر أقواله:-
- عندما يكون الشيء مثيرا للضحك فإبحث جيدا حتى تصل إلى الحقيقة الكامنة وراءه
-كثيرا ما يلوم الناس ظروفهم لما هم فيه أنا لا أؤمن بالظروف
- الناجح في الحياة هو من يسعى للبحث عن الظروف التي يريدها وإن لم يجدها يصنعها بنفسه كن حذرا من الرجل الذي -لا يرد لك الصفعة فهو بذلك لا يسامحك ولن يسمح لك بمسامحة نفسك
-الحياة ليست لإيجاد نفسك وإنما لتكوين نفسك -طالما لدي طموح فلدي سبب للحياة القناعة تعني الموت -ليس هناك سوى دين واحد بمئات من النسخ -السعادة مثل القمح ينبغي ألا نستهلكه إذا لم نساهم في إنتاجه

وجدير بالذكر أن المثل الأعلى للشخصية الدينية عند شو كان النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وهو يرى أن خير ما في حياة النبي أنه لم يدع سلطة دينية سخرها في مأرب ديني ولم يحاول أن يسيطر على قول المؤمنين ولا أن يحول بين المؤمن وربه ولم يفرض على المسلمين أن يتخذوه وسيلة لله تعالى وكان يرى في حياة الجهاد التي عاشها النبي محمد صلي الله عليه وسلم شبها بالحياة المثالية التي أراد هو نفسه أن يعيشها وبلغ به الإعجاب أن حاول قبل عام 1910م أن يكتب مسرحية عنه حيث أراد أن يدعو إلي ذلك الفكر الذي أمن به من خلال عرض مسرحي فما كان له إلا أن يصور بطله الديني في مسرحية عامة لنشر آراءه الدينية من حيث الكفاح في سبيل حرية الرأي ومن حيث الخلاص من التعصب الأعمى ومن حيث التحرر من إستبعاد السلطة ومن ثم أراد أن يكتب مسرحية عن النبي محمد صلي الله عليه وسلم ويكون إسمها محمد ليلقي بآرائه هذه من خلالها ولكن حرصا علي رضا السفير التركي لدي بريطانيا في ذلك الوقت فقد قامت الرقابة في البلاط الملكي البريطاني برفض أن يمثل الرسول علي خشبة المسرح.

ومما يذكر في هذا الشأن قول شو إن رجال الدين في القرون الوسطى ونتيجةً للجهل أو التعصّب قد رسموا لدين محمدٍ صورةً قاتمةً لقد كانوا يعتبرونه عدوا للمسيحية لكنني إطلعت على أمر هذا الرجل فوجدته أعجوبةً خارقة وتوصلت إلى أنه لم يكن عدوا للمسيحية بل يجب أن يسمى منقذ البشرية وفي رأيي أنه لو تولى أمر العالم اليوم لوفق في حل مشكلاتنا بما يؤمن السلام والسعادة التي يرنو البشر إليها وقال أيضا لو تولى العالم الأوروبي رجل مثل محمد لشفاه من علله كافة بل يجب أن يدعى منقذ الإنسانية إني أعتقد أن الديانة المحمدية هي الديانة الوحيدة التي تجمع كل الشرائط اللازمة وتكون موافقة لكل مرافق الحياة لقد تنبأت بأن دين محمد سيكون مقبولا لدى أوروبا غدا وقد بدأ يكون مقبولا لديها اليوم وما أحوج العالم اليوم إلى رجل كمحمد يحل مشاكل العالم وقال أيضا برنارد شو إنه لحكمة عليا كان الرجل أكثر تعرضا للمخاطر من النساء فلو أصيب العالم بجائحة أفقدته ثلاثة أرباع الرجال لكان لابد من العمل بشريعة محمد في زواج أربع نساء لرجل واحد ليستعيض ما فقده بعد ذلك بفترة وجيزة .