الجمعة, 29 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

أبو جهاد أبرز رموز حركات التحرر العالمية

أبو جهاد أبرز رموز حركات التحرر العالمية
عدد : 01-2020
بقلم المهندس/ طارق بدراوى


خليل إبراهيم محمود الوزير والمعروف بإسم أبو جهاد واحد من أهم قيادات الجناح المسلح لحركة التحرير الوطني الفلسطيني المعروفة بإسم فتح وكان يعد الرجل الثاني في هذه الحركة وأحد مؤسسيها مع الرئيس الفلسطيني الراحل ياسرعرفات وقد ناضلا وكافحا معا المحتل الإسرائيلي لبلادهما جنبا إلي جنب لأكثر من ثلاثين عاما وتولي عدة مناصب قيادية حيث كان أحد أعضاء المجلس الوطني الفلسطيني وعضو المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية وعضو المجلس العسكري الأعلى للثورة الفلسطينية ثم تولى منصب نائب القائد العام لقواتها وعلاوة علي ذلك كان يعد من أهم السياسيين الفلسطينيين المرموقين وقد إغتالته إسرائيل في عملية مخابراتية نفذها جهاز الإستخبارات الإسرائيلي المعروف بإسم الموساد في يوم 16 أبريل عام 1988م في تونس بالتزامن مع أحداث الإنتفاضة الفلسطينية الأولى التي كان أحد مهندسيها وواحدا من أشد القادة المتحمسين لها .

ولد خليل الوزير في مدينة الرملة بفلسطين في يوم 10 أكتوبر عام 1945م وغادرها تحت تهديد السلاح إثر حرب عام 1948م مع أفراد عائلته وكان حينذاك في الثالثة عشرة من العمر وتعرض لإطلاق الرصاص من أحد افراد عصابة الهاجانا الصهيونية لكنه لم يصب بأذى في ذلك اليوم الذي إعتبره أسوأ أيام حياته وتوجه من الرملة إلى اللطرون فرام الله ثم الخليل في الضفة الغربية لنهر الأردن ثم إستقر في غزة وبدأ نشاطه الوطني مبكرا في مدرسة فلسطين الثانوية بغزة وإنتخب قائدا للحركة الطلابية فيها ولما بلغ سن السادسة عشر عاما وفي عام 1951م أصبح أمينا لسر المكتب الطلابي في حركة الإخوان المسلمين في غزة وكان يشكل بمبادرة شخصية منه خلايا من رفاقه للعمل الوطني ولكنه لم يلبث أن إختلف مع قيادات هذه الحركة وتركهم لأنه طالبهم بتبني شعار فلسطين أولا قولا وفعلا لكنهم رفضوا تبني وجهة نظره بإعتماد الكفاح المسلح كسبيل لتحرير فلسطين وقد نفذ خلال هذه المرحلة عددا من الهجمات على أهداف إسرائيلية في المناطق المحيطة بقطاع غزة وتعرف إلى ياسر عرفات في عام 1954م أثناء إحدى زيارات عرفات إلى غزة كصحفي شاب فقد كان خليل الوزير مسؤولا عن تحرير مجلة فلسطيننا الطلابية وفي هذا العام بدأت أول حلقة مسلحة شكلها خليل الوزير في عملياتها العسكرية ضد الأهداف الإسرائيلية على خطوط الهدنة وكان الفدائيون الذين ينظمهم ويقودهم خليل الوزير يزرعون الألغام والمتفجرات على طريق دوريات الجيش الإسرائيلي وفي العام نفسه إعتقلته السلطات المصرية إثر عملية عسكرية كان يقودها بنفسه في قطاع غزة .

ولم تمض إلا فترة قصيرة وتم إطلاق سراح خليل الوزير فقام بالتخطيط والمشاركة في تنفيذ أول عملية عسكرية كبيرة نسبيا وهي تفجير خزان مياه قرب بلدة بيت حانون بقطاع غزة يوم 25 فبراير عام 1955م وقد أبعدته السلطات المصرية من قطاع غزة الذى كان حينذاك تحت الإدارة المصرية إلى داخل مصر بعد إكتشاف دوره في عمليات التفجير التي طالت أهدافا و دوريات إسرائيلية وتوجه إلى الإسكندرية ليلتحق بجامعتها لكنه إضطر إلى تركها للعمل وسافر خليل الوزير في عام 1957م إلى المملكة العربية السعودية وعمل هناك مدرسا لفترة قصيرة لم تتعد السنة ثم غادرها إلي دولة الكويت ليعمل في التدريس أيضا وهناك إلتقى بياسر عرفات مجددا وشارك معه في إجتماعات تأسيس حركة التحرير الوطني الفلسطيني خلال عام 1957م وعام 1958م وفي شهر نوفمبر عام 1959م قام بالإشتراك مع ياسر عرفات بتأسيس صحيفة شهرية هي فلسطيننا نداء الحياة التي قامت بمهمة التعريف بحركة فتح ونشر فكرها في الفترة بين عام 1959م وعام 1964م ومن خلالها تم إستقطاب العديد من أعضاء المجموعات التنظيمية الثورية من الفلسطينيين المنتشرين في الدول العربية وأثناء تواجده في الكويت تزوج خليل الوزير في يوم 19 يوليو عام 1962م من إبنة عمه ورفيقة دربه في الكفاح منذ أيام إقامته في غزة إنتصار الوزير ورزقا بخمسة من الأبناء والبنات وفي العام التالي 1963م غادر خليل الوزير دولة الكويت إلى الجزائر حيث سمحت السلطات الجزائرية بإفتتاح أول مكتب لحركة فتح وتولى جمال عرفات مسؤوليته ليعقبه خليل الوزير بعد ذلك بأشهر قليلة في نهاية عام 1963م وخلال توليه مسؤولية مكتب فتح في الجزائر نجح في تعزيز العلاقات مع الحكومة الثورية الجزائرية وتمكن من الحصول على موافقتها على قبول الاف الطلاب الفلسطينيين في جامعات الجزائر وعلى مئات البعثات الطلابية وعلى السماح بالتدريب العسكري لكوادر حركة فتح والإشتراك في دورات عسكرية وإقامة معسكر تدريب للفلسطينيين الموجودين في الجزائر في الكلية الحربية الجزائرية كما عقد في الجزائر أول صفقة عسكرية للثورة ومن الجزائر أقام أول إتصالات مع البلدان الإشتراكية وخلال عام 1964م توجه برفقة ياسر عرفات إلى الصين التي تعهد قادتها بدعم الثورة فور إنطلاق شرارتها ثم توجه إلى فيتنام الشمالية وكوريا الشمالية وتم التخطيط لعملية نسف خط أنابيب مياه نفق عيلبون الذى تسحب إسرائيل عن طريقه المياه من نهر الأردن ليلة الأول من شهر يناير عام 1965م وهو التاريخ الذى إعتمد لبداية إنطلاقة الكفاح المسلح للثورة الفلسطينية .

وفي نفس العام 1965م غادر خليل الوزير الجزائر إلى العاصمة السورية دمشق حيث أسس مقر القيادة العسكرية لحركة فتح وتم تكليفه مسؤولا عن تنسيق العلاقات مع الخلايا الفدائية داخل فلسطين وفي شهر فبراير عام 1966م تم إعتقاله هو وياسر عرفات وعشرة أخرين من مناضلي فتح في دمشق بعد مقتل يوسف عرابي وهو بعثي فلسطيني وكان ضابطا في الجيش السوري ومحمد حشمة وهو فلسطيني ينتمي الى حزب الجناح العراقي لحزب البعث ثم أطلق سراحهما بعد فترة قصيرة وعندما قامت حرب يونيو عام 1967م شارك فيها وقام بتوجيه عمليات عسكرية ضد الجيش الإسرائيلي في منطقة الجليل الأعلى شمالي فلسطين وفي العام التالي 1968م ساهم خليل الوزير مع رفاقه في قيادة قوات الفدائيين الفلسطينيين في التصدي لقوات الجيش الإسرائيلي في معركة الكرامة بالأردن والتي وقعت في يوم 21 من شهر مارس عام 1968م حين حاولت قوات الجيش الإسرائيلي إحتلال مناطق شرقي نهر الأردن لأسباب تعتبرها إسرائيل إستراتيجية وقد عبرت النهر فعلا من عدة محاور وتحت غطاء جوي وقصف مدفعي كثيف فتصدى لها الجيش الأردني على طول جبهة القتال من أقصى شمال الأردن إلى جنوب البحر الميت بقوة وخاصة في منطقة وادى الأردن في قرية الكرامة التي تقع علي الضفة الشرقية لنهر الأردن حيث كانت تنشط مجموعات من الفدائيين الفلسطينيين في هذه المنطقة وكانت هجماتهم تتم بدون تنسيق مسبق مع الجيش الأردني وأدت هذه العمليات إلي صدور عدة تصريحات رسمية عن إسرائيل في مطلع عام 1968م تعلن أنه إذا إستمرت عمليات الفدائيين الفلسطينين عبر النهر فإنها ستقرر إجراء عمل مضاد مناسب لوقف هذه العمليات وبناءا عليه زاد نشاط الدوريات الإسرائيلية في الفترة ما بين يوم 15 حتي يوم 18 مارس عام 1968م مابين جسر الملك حسين وجسر داميا المقامين علي النهر وإزدادت أيضا الطلعات الجوية الإسرائيلية فوق وادي الأردن وعند هذه القرية إشتبك الجيش الأردني مع الفدائيين الفلسطينيين في قتال شرس ضد الجيش الإسرائيلي في عملية إستمرت قرابة الخمسين دقيقة وإستمرت بعدها المعركة بين الجيش الأردني والقوات الإسرائيلية أكثر من 16 ساعة مما إضطر الإسرائيليين في النهاية إلى الإنسحاب الكامل من أرض المعركة تاركين وراءهم ولأول مرة خسائرهم من الآليات والمدرعات وقتلاهم دون أن يتمكنوا من سحبها معهم كعادتهم في المعارك التي يخوضونها بعد أن تمكن الجيش الأردني من الإنتصار عليهم وطردهم من أرض المعركة دون تحقيق إسرائيل لأهدافها بعد أن رفض الملك حسين الذي أشرف بنفسه على المعركة وقف إطلاق النار رغم كل الضغوط الدولية وإستغرقت عملية الإنسحاب تسع ساعات نظرا للصعوبة التي عاناها الإسرائيليون في التراجع وبذلك فشل الجيش الإسرائيلي تماما في هذه المعركة وخرج منها خاسرا ماديا ومعنويا خسارة لم يكن يتوقعها أبدا .

وعين بعد ذلك خليل الوزير نائبا للقائد العام لقوات الثورة الفلسطينية إضافة إلى عضويته في اللجنة المركزية لحركة فتح وفي عام 1970م شارك خليل الوزير في معارك الدفاع عن الثورة الفلسطينية في الأردن بعد إشتعال حرب أهلية بين قوات المقاومة الفلسطينية في الأردن وبين الجيش الأردني وتعود جذور هذا الصراع إلى ما بعد معركة الكرامة التي تحدثنا عنها في السطور السابقة والتي إنتصر فيها الجيش العربي الأردني على الجيش الإسرائيلي والتي إعتبرت أول إنتصار للعرب على إسرائيل وكان من نتائج هذه المعركة أن تحولت حركة فتح من مجرد منظمة مسلحة إلى حركة تحرر وطني وترتب علي ذلك أن قامت بعض المجموعات الفدائية الصغيرة خلال شهور قليلة بحل تشكيلاتها والإنضمام إلى فتح وكان منها جبهة التحرير الوطني الفلسطينية ومنظمة طلائع الفداء وجبهة ثوار فلسطين مما دفع النظام الأردني إلى الشروع في مراقبة نمو الحركة الوطنية الفلسطينية بريبة كبيرة وتخوف شديد من أن تتحول منظمة التحرير الفلسطينية إلى قوة سياسية كبيرة في الأردن خاصة وأنها مسلحة في الوقت نفسه وتحظى بتعاطف فئات واسعة من السكان وفي شهر نوفمبر عام 1968م ظهرت أولى محاولات النظام الأردني لتحجيم المقاومة الفلسطينية من خلال إتفاقية عرفت بإسم إتفاقية البنود السبع تم عقدها بين الملك حسين ملك الأردن والمنظمات الفلسطينية لتنظيم العلاقات مع المقاومة تبتعد بموجبه عن المدن والقرى وتقييد حركتها الميدانية بيد أن هذه الإتفاقية لم تصمد طويلا ومن ثم أصبحت منظمة التحرير الفلسطينية بمثابة دولة داخل الدولة في الأردن وأضحى رجال الأمن الأردنيين والجيش الحكومي الأردني في مرمى الهجوم وشهدت الفترة بين منتصف عام 1968م ونهاية عام 1969م مئات الإشتباكات العنيفة بين الفصائل الفلسطينية وقوات الأمن الأردنية وأصبحت أعمال العنف والخطف ما بين الجانبين تتكرر بصورة مستمرة حتى باتت تعرف عمان في وسائل الإعلام العربية بهانوي العرب تشبيها لها بما يحدث في ذلك الوقت في مدينة هانوي عاصمة فيتنام الشمالية كما إستمرت قوات منظمة التحرير الفلسطينية في مهاجمة إسرائيل إنطلاقًا من الأراضي الأردنية بدون تنسيق مع الجيش الأردني حيث كانت تطلق الأعيرة النارية من أسلحتها البدائية بإتجاه إسرائيل وكان ينتج عن ذلك رد فعل عنيف من جانب إسرائيل بالطائرات والصواريخ على المدن الأردنية وفي يوم 11 فبراير عام 1970م وقعت مصادمات عنيفة بين الجانبين الأردني والفلسطيني مما أسفر عن وقوع 300 قتيل معظمهم من المدنيين الأردنيين وفي محاولته منع خروج دوامة العنف عن السيطرة قام الملك حسين بإلقاء بيان قال فيه نحن كلنا فدائيون وأعفى وزير داخليته من منصبه إلا أن جهوده باءت بالفشل وما بين شهر فبراير وشهر يونيو من عام 1970م إستمرت المصادمات العنيفة بين قوات الأمن الأردنية والمجموعات الفلسطينية في وسط عمان والتي أدت إلي مقتل نحو الف شخص وفي يوم 9 يونيو عام 1970م نجا الملك حسين من محاولتي إغتيال فاشلتين وقامت على إثرهما أيضا مصادمات عنيفة بين قوات الأمن الأردنية وقوات المنظمات الفلسطينية .

وبدأت المشكلة بين الجانبين الأردني والفلسطيني تتبلور وتتصاعد تصعيدا خطيرا بداية من يوم 6 سبتمبر عام 1970م بعد أن خطفت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ثلاث طائرات أجنبية كانت قد أقلعت من المانيا وسويسرا وهولندة متجهة إلى نيويورك وحول الخاطفون إتجاه طائرتين منها إلى الأردن وأجبروهما على الهبوط في مطار بعيد في منطقة الأزرق الصحراوية شمال شرق الأردن فيما حولت وجهة الطائرة الثالثة إلى القاهرة حيث عمد الخاطفون إلى تفجيرها وبعد مرور ثلاثة أيام على الحادث خطفت طائرة مدنية أخرى وطلب الفدائيون إطلاق سراح رفاق فلسطينيين لهم معتقلين في سجون أوروبية وعندما تم رفض مطلبهم عمدوا في يوم 12 سبتمبر عام 1970م وتحت أنظار وسائل الإعلام العالمية إلى تفجير الطائرات الثلاث بعد إطلاق سراح ركابها وتبع ذلك الحادث حمام دم بين الجيش الأردني ومنظمة التحرير الفلسطينية سقط على إثره ما لا يقل عن 15 ألف قتيل بين صفوف المسلحين والمدنيين الفلسطينيين وتم مهاجمة أجزاء عديدة من التي كان يسكنها الفلسطينيون ومخيمات اللاجئين مما تسبب في تشريد ما بين 50 إلى 100 ألف فلسطيني وإنتقدت الأنظمة العربية الملك حسين واصفين ما قام به بالقتل المبالغ فيه وبداية من يوم 17 سبتمبر عام 1970م بدأ الجيش الأردني قصف معسكرات وأماكن تجمعات المقاومة الفلسطينية بنيران كثيفة ومتصلة‏ وأدرك قادة المقاومة أن الملك حسين يخوض هذه المعركة لتصفية وجود المقاومة الفلسطينية بالأردن‏ وأنه قد حسم أمره بالفعل‏‏ وأنه بالضرورة سيمضي قدما إلي النهاية‏‏ وبالتالي فليست هناك أدني فرصة للبحث عن حل وسط‏ أو وقف العمليات العسكرية عبر المفاوضات وإستمرت العمليات العسكرية الأردنية‏ ‏وتساقط كثير من الضحايا من الجانبين لا سيما من الجانب الفلسطيني‏ وبدا واضحا للمراقبين أن الملك حسين لن يتوقف إلا إذا كسر شوكة المقاومة الفلسطينية وقضي علي ياسر عرفات زعيم منظمة فتح‏‏ ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية وقتذاك ومن أجل إحتواء هذه الأزمة العاتية بادر الرئيس المصرى الراحل جمال عبد الناصر بالدعوة لعقد إجتماع طارئ للقمة العربية بالقاهرة لبحث الموقف في الأردن وتم تشكيل وفد برئاسة الرئيس السوداني جعفر نميري وعضوية الباهي الأدغم رئيس مجلس وزراء تونس آنذاك‏ والشيخ سعد العبد الله الصباح‏‏ وزير الدفاع الكويتي آنذاك بالإضافة إلي الفريق محمد أحمد صادق رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية وتم الإتفاق على أن يمثل الوفد القمة العربية المجتمعة بالقاهرة‏ وأن تكون له سلطة التصرف بإسمها خلال الإتصالات مع كل من الملك حسين وياسر عرفات وتم وضع قائمة بالمهام التي يتحتم على الوفد أن ينجزها في العاصمة الأردنية عمان وكانت هذه القمة الطارئة تمثل‏‏ محاولة جادة من مصر لإيجاد مخرج للأزمة والأوضاع المتدهورة في الأردن‏ حيث يرتفع عدد الضحايا كل دقيقة بطريقة مخيفة‏ وبالفعل نجحت الجهود العربية‏‏ وتم الإتفاق على عودة قوات الجيش الأردني إلي ثكناتها وقواعدها‏ وجلاء الفدائيين من عمان والمدن والقرى‏ ونقل قواعدهم إلى خطوط وقف إطلاق النار والتفاوض مع منظمة التحرير الفلسطينية التي كانت تضم وقتئذ منظمات المقاومة العشر برئاسة ياسر عرفات من أجل الإلتزام بتطبيق نظم الدولة الأردنية وقوانينها على الفدائيين‏ الفلسطينيين وعلى كل من يعيش على أرضها ويكون علي الكل واجب إحترام سيادة الدولة‏ الأردنية وفي يوم 23 سبتمبر عام 1970م عاد الوفد إلى القاهرة بعد التوصل إلى إتفاق وقف نزيف الدم‏ وفي مساء يوم ‏27‏ سبتمبر عام 1970م تم إقرار الإتفاق الشامل بين الحكومة الأردنية والمقاومة الفلسطينية‏ بموافقة جميع الأطراف وبذلك إنطوت صفحة هذه الأحداث الدامية التي أطلق عليها أحداث أيلول الأسود‏ وتم إنقاذ المقاومة الفلسطينية‏ والحفاظ علي حياة ياسر عرفات آنذاك‏ وتم خروجه سالما من العاصمة الأردنية عمان إلى القاهرة‏‏ .

وفي عام 1971م إنتقل ياسر عرفات وخليل الوزير مع رفاقهم إلى لبنان ونقلت منظمة التحرير الفلسطينية قاعدة عملياتها الأولى إلى بيروت بعد إنسحابها من الأردن حيث إنخرط خليل الوزير في ذلك الوقت في قيادة عمليات إعادة البناء وتدريب المقاتلين والتحضير للعمليات الفدائية داخل الأرض المحتلة وبعد إغتيال إسرائيل لكمال عدوان أحد قادة منظمة فتح في عام 1973م في بيروت تولى خليل الوزير مسؤولية القطاع الغربي والذى يشمل الأرض المحتلة في منظمة فتح وإستمر متحملا تلك المسؤولية حتى إستشهاده عام 1988م وخلال توليه هذه المسؤولية وحتي عام 1982م عكف على تطوير القدرات القتالية لقوات الثورة الفلسطينية وخطط لعدد كبير من العمليات الفدائية وأشرف على تنفيذها ومنها عملية إنفجار شاحنة مفخخة في مدينة القدس في عام 1975م وعملية قتل البرت ليفي كبير خبراء المتفجرات الإسرائيليين ومساعده في مدينة نابلس بالضفة الغربية المحتلة عام 1976م وعملية قصف ميناء إيلات الإسرائيلي عام 1979م وعملية قصف المستوطنات شمالي إسرائيل بصواريخ الكاتيوشا عام 1981م وأسر عدد 8 جنود إسرائيليين في جنوب لبنان ومبادلتهم بنحو 4500 أسير لبناني و فلسطيني أسرتهم إسرائيل من منطقة الجنوب اللبناني ونحو 100 من أسرى الأرض المحتلة وعملية إقتحام و تفجير مقر الحاكم العسكري الإسرائيلي في مدينة صور اللبنانية في عام 1982م بعد غزو إسرائل للبنان وعملية مفاعل ديمونة النووي عام 1988م كما كان له دور بارز في قيادة معركة الصمود في العاصمة اللبنانية بيروت في عام 1982م والتي إستمرت 88 يوما من شهر يونيو حتي شهر أغسطس عام 1982م خلال الإجتياح الإسرائيلي للبنان حيث كان وجود القوات الفلسطينية فيها أحد الأسباب الرئيسية التي أدت إلى قيام نزاع مسيحي إسلامي في لبنان مابين عام 1975م وعام 1976م إنتهى بإحتلال لبنان من قِبَل قوات حفظ السلام التي كانت تتبع عِدة دول عربية منها سوريا وعلى مدى السنوات القليلة التالية إكتسب السوريون ومنظمة التحرير الفلسطينية في لبنان قوة تفوق قدرة الحكومة اللبنانية الرسمية على تقليل وتقييد أعمالهم أَو السيطَرة عليها وطوال هذا الوقت كانت هجمات المدفعية والهجمات الصاروخية تطلق ضد إسرائيل من منطقة الجنوب اللبناني وفي عام 1978م ثم في أواخر عام 1981م وأوائل عام 1982م تبنت الأمم المتحدة مراقبة وقف إطلاق النار في جنوب لبنان وأن تقوم إسرائيل بسحب قواتها المرسلَة إلى هذه المنطقة والتي كانت مهمتها التصدي لهذه الهجمات ولكن لم يستمر هذا الحال وقتا طويلا .

وفي عام 1982م قامت إسرائيل بغزو لبنان بعد محاولة إغتيال سفيرها شلومو أرجوف في لندن وعلى الرغم من علمها بأن مَن قام بالهجوم كان منظمة أبو نضال التي كانت في حالة حرب وخلافات شديدة مع منظمة التحرير الفلسطينية التي يتزعمها ياسر عرفات إلا أن إريل شارون مهندس هذه الحرب الذي أصبح وزير دفاع إسرائيل ثم رئيس الوزراء فيما بعد أقنع الحكومة الإسرائيلية بخطته كهجوم محدود في جنوب لبنان لكنه زحف بقواته إلى بيروت وسمى هذه العملية برمز كودى هو عملية الصنوبر أَو السلام للجليل وكان الهدف هو إضعاف أو طَرد منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان وفرض بشير الجميل رئيس حزب الكتائب المسيحي كرئيس للبنان كي تجعل إسرائيل لبنان توقع معاهدة سلام معها وتجلب البلاد إلى دائرة نفوذ لها وقد فَشلت هذه الخطة عندما إغتيل الجميل بعد فترة قصيرة من إنتخابه رئيسا من جانب البرلمانِ اللبنانيِ تحت الضغط الإسرائيليِ ومن ثم غَزَت القوات الإسرائيلية لبنان في هجوم مكون من ثلاثة شعب حيث تَحركت مجموعة واحدة على طول الطريق الساحليِ إلى بيروت ومجوعة أخرى إستهدفت قطع طريق بيروت دمشق الرئيسي وتَحركَت المجموعة الثالثة على طول حدود لبنان مع سوريا من أجل حَجب التعزيزات أو التدخل السوريِ وبعد يوم الحادي عشرِ من شهر يونيو عام 1982م إكتسبت إسرائيل تفوقاً جوياً بعد إسقاط عدد مِن الطائرات السورية فدَعت سوريا إلى وقف إطلاق النار وهَرب أغلبية فدائيي منظمة التحرير الفلسطينية من المناطق اللبنانية الجنوبية مثل صور وصيدا ومناطق أخرى إلى العاصمة بيروت وبسرعة تمكنت إسرائيل من إكمال الحصارِ لبيروت وكان الهدف من ذلك تحقيق نصر سريع وحاسم وبالإضافة إلي ذلك كانت الولايات المتحدة من خلال ممثلها في لبنان فيليب حبيب تدفع لمفاوضات السلامِ وكان كلما إستمر الحصار لفترة أطول تزداد قدرة عرفات على المساومة ولمدة 7 أسابيع هاجمت إسرائيل مدينة بيروت بحرا وجوا وأرضا وقْطعت إمدادات الغذاء والمياه والكهرباء وإحتلت المطار وبعض الضواحي الجنوبية لكن بدون تحقيق أهدافها الكبرى وكما هو الحال مع معظم الحصارات عانى آلاف المدنيين من سكان المدينة بِجانب فدائيي منظمة التحرير الفلسطينية معاناة شديدة وإتهمت إسرائيل بشدة قصف المدينة عشوائيا بالإضافة إلى الإجراءات العنيفة الأخرى التي إتخذتها لإضعاف منظمة التحرير الفلسطينية وتمكن الإسرائيليون من إحتلال عدة مواقع رئيسية في لبنان وأخيرا وبعد مجهودات ضخمة تم عقد إتفاقية سلام وافقت عليها سوريا في يوم السابعِ من شهر أغسطس عام 1982م ًووافقت عليها كل من الولايات المتحدة وإسرائيل ولبنان ومنظمة التحرير الفلسطينية في يوم الثامن عشر من الشهر نفسه وبعد ثلاثة أيام وفي يوم 21 أغسطس وصل 350 جندي مظلات فرنسي إلى بيروت وتلاهم 800 جندي بحرية أميريكيين وجنود حفظ سلام دوليين إضافيين بقوة إجمالية قدرها 2130 فرد للإشراف على إجلاء منظمة التحرير الفلسطينية من بيروت أولا بحرا بالسفن وبعد ذلك برا إلى تونس واليمن والأردن وسوريا وبذلك نجحت إسرائيل في إنهاء الهجمات الصاروخية من الجنوب اللبناني وإنسحبت من كل الأراضي التي إستولت عليها في لبنان وتمسكت فقط بمنطقة أمن عبارة عن قطاع من الأرض عرضه عشرة أميال على طول الحدود الإسرائيلية اللبنانية ثم إنسحبت منه لاحقاً في عام 2000م ومن جانب آخر فقد تمكنت إسرائيل من إخراج منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان لكنها أخفقت في تحرير لبنان من السيطرة السورية وفي إضعاف منظمة فتح كما تمردَ قائد اللواء 211 المدرع الإسرائيلي وتم طرده من الخدمة حيث رفض قيادة قواته إلى داخل مدينة بيروت قائلا إن هذا سيؤدي إلى قتل مفرط للمدنيين .

ومما يذكر أن عدد الخسائر من المدنيين قد إختلف عليه ومن المحتمل أن يكون بين 10 آلاف إلي 12 ألف قتيل وقد قدرت صحيفة النهار اللبنانية أن مجموع ضحايا أفراد الجيش والمدنيين في حملة لبنان كان 17825 شخص بإستثناء عدد 2000 قتيل سوري وعدد 1400 من منظمة التحرير الفلسطينية وما بين ألف إلي 3 آلاف مدني قَتلوا في المنطقة الجنوبيةِ وعدد ألف من منظمة التحرير الفلسطينية قَتلوا في الحصار وعدد 368 من جيش الدفاع الإسرائيلي هذا غير عدد يتراوح بين 750 إلي 3000 لاجئ فلسطيني قَتلوا في مذبحة صبرا وشاتيلا التي إرتكِبَت عندما إقتحم إريل شارون بقواته غرب بيروت بعد إغتيالِ بشير الجميل ضاربة بإتفاقية السلام التي تفاوض عليها المبعوث الأميريكي فيليب حبيب عرض الحائط وسمحت لقوات حزب الكتائب بالدخول إلى معسكرات اللاجئين الفلسطينيين وإرتكاب المذبحة وبعد هذه الأحداث غادر ياسر عرفات ِبيروت وإنتقل إلى اليونان وبعد ذلك إلى تونس مؤسسا مقرا جديدا هناك وواصل فدائيو منظمة التحرير الفلسطينية العمل من اليمن والأردن والجزائر والعراق والسودان بالإضافة إلى الأراضي الواقعة تحت السيطرة الإسرائيلية وإنتقل خليل الوزير إلى سوريا للإقامة فيها وواصل التردد على لبنان حيث كانت تتواجد وحدات من قوات الثورة الفلسطينية وتولى إدارة حرب الإستنزاف ضد إسرائيل خلال عام 1982م وحتي عام 1983م في جنوب لبنان وفي صيف هذا العام قررت السلطات السورية منعه من دخول الأراضي السورية أو الأراضي التي تديرها سوريا وكانت هذه هي الفترة التي كان المنشقون يحاولون خلالها السيطرة على حركة فتح بدعم من الحكومة السورية فتوجه سرا إلى لبنان حيث قاد قوات الثورة في التصدي للمنشقين والقوات السورية في مدينة طرابلس بشمال لبنان قبل أن ينضم له ياسر عرفات الذي وصل سرا عبر البحر من جزيرة قبرص وقد تعرضا للحصار معا ومع قوات الثورة فيها حتى يوم 19 ديسمبر عام 1983م حين غادر طرابلس بحرا برفقة ياسر عرفات والقوات الفلسطينية وفي بداية عام 1984م وحتي صيف عام 1986م تولى رئاسة الجانب الفلسطيني في اللجنة الأردنية الفلسطينية المشتركة لدعم الأهل في الأرض المحتلة حين قررت السلطات الأردنية إغلاق 25 من مكاتب المنظمة في البلاد وطلبت منه مغادرة البلاد خلال 24 ساعة توجه بعدها إلى العاصمة العراقية بغداد ومن مقره الجديد في بغداد واصل خليل الوزير عمله كنائب للقائد العام لقوات الثورة الفلسطينية وكمسؤول عن الكفاح المسلح داخل الأرض المحتلة وقاد وفد منظمة فتح في جلسات الحوار الوطني التي جرت في عدة عواصم ونجح في التوصل إلى إتفاق أتاح عقد الدورة الثامنة عشرة للمجلس الوطني الفلسطيني والتي سميت دورة الوحدة الوطنية في دولة الجزائر في عام 1987م .

وفور إندلاع الإنتفاضة الفلسطينية الشعبية الأولي في الأرض الفلسطينية المحتلة في خريف عام 1987م تولى خليل الوزير مسؤولية دعمها ومساندتها وتنسيق فعالياتها بالتشاور مع القيادة السرية الوطنية الموحدة للإنتفاضة في الأرض المحتلة وشعرت إسرائيل بخطورة الرجل لما يحمله من أفكار ولما قام به من عمليات جريئة ضدها كما إتهمته إسرائيل بتصعيد عنف الإنتفاضة وكان الإسرائيليون يعتقدون أنه مهندس الهجوم الثلاثي الذى تم علي مجمع تجاري في الأرض المحتلة فقررت ضرورة التخلص منه ومن ثم بدأ التحطيط لإغتياله حيث راقب عملاء الموساد منزله في تونس لأشهر قبل تنفيذ عملية إغتياله وصدقت الحكومة الإسرائيلية على قرار الإغتيال في يوم 13 أبريل عام 1988م وتمت العملية بالتعاون بين جهاز الموساد والجيش الإسرائيلي وكان خليل الوزير في هذه الفترة يتردد على تونس حيث مقر منظمة التحرير الفلسطينية ومقر إقامة أسرته وكان يمكث فيها بضعة ايام فقط لكنه مكث 15 يوما في الزيارة الأخيرة له وفي يوم 16 أبريل عام 1988م قام أفراد من الموساد بعملية الإغتيال حيث تم إنزال 20 عنصرا من الكوماندوز المدربين جيدا علي يد جهاز الموساد الإسرائيلي وزوارق مطاطية من أربع سفن وغواصتين وطائرتين عموديتين للمساندة علي شاطئ الرواد قرب ميناء قرطاج في تونس وكان يدعمهم على الشاطئ عدد آخر من عملاء الموساد وكانوا يحملون بطاقات هوية لصيادين لبنانيين خطفوا إستخدموها كوسيلة للدخول لمجمع منظمة التحرير في تونس وبعد مجئ خليل الوزير إلى بيته في حدود الساعة الحادية عشرة مساءا بتوقيت تونس وتحدث مع عائلته ثم توجه إلى مكتبه وكانت إتصالات عملاء الموساد على الأرض تنقل الأخبار فتوجهت هذه القوة الكبيرة إلى منزله فقتلت الحراس وتوجهت إلى غرفة مكتبه وقالت زوجته إنها شعرت بحركة في مكتب زوجها فتوجهت هناك ورأته وهو يحمل مسدسه ويتوجه نحو باب المكتب الذى يؤدى إلي خارج المنزل وطلب منها أن تبتعد ثم شاهدت دخول شاب أشقر يلبس ما يشبه الكمامة والذى أفرغ خزان رشاشه في جسد خليل الوزير وتتالي دخول ثلاثة آخرين قاموا أيضا بتفريغ دفعات من خزانات رشاشاتهم في جسده الذى إستقر به سبعون رصاصة فتوفي في اللحظة نفسها ثم غادر القتلة المنزل سريعا دون أن يصيبوها بأذى ونقل جثمانه إلى دمشق وشيع في موكب جنائزي مهيب في يوم 21 أبريل عام 1988م شارك فيه أكثر من نصف مليون من اللاجئين الفلسطينيين والمواطنين السوريين والعرب وقاد رفيق كفاحه ياسر عرفات موكب الجنازة وتم دفنه في مخيم اليرموك في دمشق وقد أدانت وزارة الخارجية الأميريكية قتله بإعتباره فعل إغتيال سياسي كما وافق مجلس الأمن على القرار رقم 611 الذي يشجب العدوان الذي إرتكب ضد السيادة وسلامة الأراضي التونسية دون أن يخص إسرائيل بالذكر وقد قال عنه زملاؤه في الجهاد والكفاح ضد المحتل الإسرائيلي إنه قد ظل حارسا أمينا لشعلة النضال المقدسة التي أشعلتها بندقية الثوار حامية بذلك أحلام الشعب الفلسطيني وإنه كان رجل الإجماع الوطني بإمتياز حيث كرس حياته للعمل الفلسطيني المسلح ضد الإحتلال الصهيوني منذ نعومة أظافره وكان أيضا رجل النهوض المتجدد بإستمرار والقائد المكافح من أجل الحرية والإستقلال الوطني ورمز من أبرز رموز حركة التحرر الوطني الفلسطيني بل من أبرز رموز حركات التحرر العالمية وقد غادر هذه الدنيا مكللاً بالمجد والفخار وأكاليل الغار وصوته الهادر يقول بإستمرار لا صوت يعلو فوق صوت الإنتفاضة وأن مصير الإحتلال يتقرر في فلسطين المحتلة نفسها وليس على طاولة المفاوضات فلنستمر في الهجوم فالله معنا والشعب معنا والعالم كله معنا وبذلك كان خليل الوزير واضحاً في الحفاظ منذ البداية على إتجاه الكفاح المسلح ضد العدو الصهيوني المحتل وبقي حتى استشهاده محافظا على وضع البوصلة الفلسطينية في هذا الاتجاه الصحيح .
 
 
الصور :