الجمعة, 19 أبريل 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

فولتا .. نبراس علماء الفيزياء والكيمياء

فولتا .. نبراس علماء الفيزياء والكيمياء
عدد : 02-2020
بقلم المهندس/ طارق بدراوى


اليساندرو جيسبي أنطونيو أنستازيو فولتا هو عالم فيزياء وكيمياء إيطالي شهير ويعد نبراسا لعلماء الفيزياء والكيمياء حتي وقتنا الحاضر ويرجع له الفضل في إختراع أول بطارية كهربائية ينتج عنها تيار كهربائي عن طريق التفاعلات الكيميائية والتي تعرف بالعمود الفولتاني في عام 1799م وهي تعد أول بطارية كهربائية كيميائية إخترعت في التاريخ ومن ثم قام برفع تقرير عن نتائج إختراعه في خطاب من جزئين في العام التالي 1800م لجوزيف بانكس رئيس جمعية لندن الملكية لتحسين المعرفة الطبيعية والتي تعرف إختصارا بالجمعية الملكية وهي هيئة تتبع المملكة المتحدة تم تأسيسها عام 1660م ومهمتها نشر العلم وتشجيع الأبحاث العلمية وتقوم الحكومة البريطانية بدعمها بمبلغ 30 مليون جنيه إسترليني سنويا من أجل تمويل أنشطتها وقد أثبت فولتا بهذا الإختراع أن الكهرباء يمكن أن تتولد كيميائيا وهدم النظرية السائدة في وقته أن الكهرباء تتولد فقط بواسطة الكائنات الحية وقد أثار إختراع فولتا قدرا كبيرا من الحماس العلمي وأدى إلي قيام آخرين بإجراء تجارب مماثلة أدت في النهاية إلى نشوء ونمو مجال الكيمياء الكهربائية والذى يعد أحد فروع الكيمياء والذى يهتم بدراسة التفاعلات الكيميائية التي ينتج عنها توليد كهرباء وبتقديم فولتا إختراعه للجمعية الملكية سرعان ما إنتشر الخبر بين الجماهير ومن ثم إنطلق فولتا عام 1801م ليعرض إكتشافه على الإمبراطور نابليون بونابرت فسر بذلك سرورا عظيما وكان سببا في إعجابه به فمنحه مكافأة مالية سخيَة وأصبح له حظوة كبيرة لديه ومن ثم دعي إلى المعهد الفرنسي للعلوم لإثبات وعرض إختراعه أمام أعضاءه وهو معهد أكاديمي فرنسي تأسس في يوم 25 أكتوبر عام 1795م ويتم دعمه من طرف الحكومة الفرنسية وهو يمنح جوائر كل عام لأفضل عمل في كل مجال من مجالات العلم وقد تمتع فولتا بعد ذلك بالإقتراب من الإمبراطور نابليون بونابرت طوال حياته والذى منحه العديد من الأوسمة والنياشين وقد شغل اليساندرو فولتا كرسي رئاسة الفيزياء التجريبية في جامعة بافيا الإيطالية لما يقرب من 40 عاما وكان يحظى إلى حد بعيد بشعبية جارفة بين طلابه وتعد هذه الجامعة واحدة من أقدم جامعات أوروبا حيث تأسست عام 1361م ومقرها مدينة بافيا الإيطالية بمقاطعة لومبارديا التي تقع شمالي إيطاليا قرب حدودها مع سويسرا وتعد أكبر مقاطعات إيطاليا من حيث عدد السكان وتضم هذه الجامعة 9 كليات جامعية وعلى الرغم من نجاحه المهني كان فولتا أقرب إلى أن يكون شخصا إنطوائيا ويميل نحو الحياة المنزلية وإتضح ذلك بشكل كبير في السنوات الأخيرة من حياته ففي هذا الوقت قال إنه يميل للعيش منعزلا عن الحياة العامة وأنه يرغب في قضاء وقت أكثر من أجل عائلته ومن باب التكريم له سميت وحدة الجهد الكهربائي بالفولت في نظام الوحدات الدولي .


ولد اليساندرو فولتا في مدينة كومو إحدى مدن إقليم لومبارديا بشمال إيطاليا في يوم 18 فبراير عام 1745م لعائلةٍ من النبلاء ولكن بلا ثروة فقد كان والده فليبو فولتا شخصا مبذرا وقد توفى عندما كان اليساندرو في السابعة من عمره تاركا زوجته وأطفاله السبعة غارقين في ديونٍ كبيرة ومن ثم إنتقل فولتا للعيش عند عمه وإنضم إليه في خدمة الكنيسة ودرس في مدرسة كومو اليسوعية لأربع سنوات ثم تابع دراسته في المعهد الإكليريكي حتى سن الثامنة عشر وبالرغم من أنه تأخر حتى أجاد اللغة الإيطالية إلا أنه أجاد اللغات اللاتينية والفرنسية والإنجليزية والألمانية قبل مغادرته المدرسة وهذه الموهبة ساعدته كثيرا في سنواته القادمة فكثيرا ما سافر إلي بعض دول أوروبا لمناقشة علماء آخرين حول أعماله وأفكاره وفي عام 1765م وهو في سن العشرين من عمره بدأ في القيام بتجاربه العلمية في مختبر صديقه الغني سيزار جاتوني الذي إستضافه في مختبره لعدة سنوات وبعد مدةٍ قصيرة كتب أول عريضةٍ علميةٍ له ووجهها إلى الأستاذ الجامعي والفيزيائي الإيطالي الشهير جيوفاني باتيستا بكاريا والتي تكلم فيها عن توليد الكهرباء الساكنة عن طريق إحتكاك مادتين مختلفتين ببعضهما وتابع فولتا أبحاثه العلمية ليكتشف في عام 1771م وبعد قراءته لأبحاث العالم الإنجليزى اللاهوتي ورجل الدين المعارض عضو الجمعية الملكية ومن ينسب إليه الفضل في إكتشاف الأوكسجين وإختراع المياه الغازية والباحث السياسي الليبرالي الذى نشر أكثر من 150 عمل جوزيف بريستلي عن الكهرباء تبين له أن الكثير من إكتشافاته قد سبقه إليها علماء آخرون فقد كان العالم السويدى جون كارل ويلكى قد إخترع جهازا مماثلا في ماكينة إخترعها عام 1762م وفي عام 1774م إنتقل فولتا إلى التدريس في مدرسة كومو وأراد أن يعلم الأطفال العلوم الحديثة واللغات المعاصرة وتزوج من تريزا إبنة لودوفيكو بيرجريني وأنجب منها ثلاثة أبناء وهم جيوفاني وزانينو وفلامينيو وفي عام 1775م كتب فولتا رسالةً إلى العالم جوزيف بريستلي شارحا له إختراعه الجديد لجهاز يعتبر مصدرا للكهرباء الساكنة وإمكانية نقلها إلى أجسامٍ أخرى وقام بريستلي بتشجيعه على الإستمرار في تجاربه وإختراعاته وخلال عام 1776م وعام 1777م درس فولتا الغازات وكان فولتا أول شخص يعزل غاز الميثان بعد أن قام بجمعه من المستنقعات وإكتشف أن هذا الغاز لو تم خلطه بالهواء في عبوات مغلقة فإنه يكون قابلا للإنفجار إذا تعرض إلي شرارة كهربائية وفي حاضرنا اليوم فإن هذا التفاعل الكيميائي الذي إكتشفه والذي يبدأ بالكهرباء كان هو أساس محرك الإحتراق الداخلي وأشار فولتا أيضا إلي أن الأدوات المستخدمة في إرسال الشرارة الكهربائية لتفجير غاز الميثان يمكن إستخدامها لإرسال هذه الشرارة عبر المدن عن طريق الأسلاك وبالفعل تم تنفيذ ذلك في نقل الرسائل التلغرافية حينذاك وفي وفتنا الحاضر يتم نقل الكهرباء بنفس الأسلوب عن طريق الكابلات من محطات توليد الكهرباء عبر المدن وداخلها وفي المنازل والمصانع أيضا عبر كابلات وأسلاك مختلفة الأقطار .


وفي السنة التالية 1778م إستخدم فولتا إنتقال الشرارة في جهازه الصغير اليوديومتر والذي يقيس النسبة المئوية للأوكسجين لتحديد ما إذا كان مناسبا للتنفس كما قام بدراسة ما يسمى عندنا اليوم بالمكثف حيث درس العلاقة ما بين الجهد الكهربي V والشحنة Q وأثبت أن قيمهما تتناسب تناسبا مباشرا وهذا هو قانون فولتا لتكثيف الشحنات وقد وضع وحدة قياس الجهد بعد تلك التجارب وهي الوحدة التي سميت بإسمه وهي الفولت Volt وفي نفس العام 1778م تولى فولتا منصب أستاذ الفيزياء التجريبية بجامعة بافيا وفي عام 1782م كتب فولتا عن المكثفات التي كان قد درسها سابقا ثم قام بصنعها وكيف ساعدته كثيرا في دراسة الظواهر الكهربائية وفي توصله إلي إختراع الإلكتروسكوب عالي الحساسية الذي يلتقط ويقيس الشحنات الكهربائية وفي عام 1791م إنتخب ليكون زميلا للجمعية الملكية في لندن وبعد ثلاث سنوات حصل على ميدالية كوبلي وهي أعلى الجوائز التكريمية في الجمعية الملكية لمساهماته العلمية وفي هذا العام صرح صديق فولتا الطبيب وعالم التشريح ومكتشف ظاهرة وجود كهرباء في العضلات والجهاز العصبي ورائد علم الولادة الحديث لويجي جلفاني أن تماس معدنين مختلفين برجل ضفدع يولد تيارا كهربائيا وسمى جلفاني هذه الكهرباء بالكهرياء الحيوانية وإعتقد فولتا أن الأنسجة الحيوانية الموجودة في رجل الضفدع تنقل الكهرباء فقط بين المعدنين فقام بإعادة التجربة باستخدام مجس كهربائي عبارة عن ورق مملح بدلا من رجل الضفدع إذ أنه يعتبر مجس للكهرباء حسب تجارب سابقة له وبعد هذه التجربة إكتشف فولتا السلسلة الكهروكيمائية والقوة المحركة الكهربائية وإستنتج من هذه التجارب أن التيار الكهربائي الذى ينتج إنما ينتج بسبب فرق الجهد بين المعدنين إذا تم التوصيل بينهما بمجس كهربائي وفي العام التالي 1792م أجرى فولتا تجارب على إنتقال الكهرباء بين المعادن وسماها بالكهرباء المعدنية وفي عام 1800م أعلن فولتا عن إختراع أول بطارية كهربائية وهي التي تتكون من قطبين أحدهما من الزنك والآخر من النحاس وبينهما إلكتروليت من حمض الكبريتيك وحيث أن الزنك له ترتيب أعلى في السلسلة الكهروكيميائية أكثر من النحاس والهيدروجين فمن ثم يتفاعل مع الكبريت الموجب وتظهر فقاقيع الهيدروجين على القطب النحاسي فتأخذ بعضا من إلكتروناتها وبهذا يصبح الزنك طرف سالب والنحاس طرف موجب وبهذا يكون لدينا طرفين يصدران تيار كهربائي إذا أوصلناهما وكان هذا هو الشكل البدائي للبطارية الكهربائية وكان لها عيوبها نظرا لخطورة إستخدام حمض الكبريتيك كما أن التيار الكهربائي الناتج عنها لن يدوم طويلا إذ أن فقاعات الهيدروجين تظل موجودة ملتصقة بالزنك وبمرور الوقت ستتسبب في وقف التفاعل الكيميائي الذى يترتب عليه سريان التيار بين الزنك والنحاس .


وبلا شك أن هذه البطارية التي إخترعها فولتا قد فتحت الطريق أمام العلماء لتطوير هذا الإختراع حيث ظلت البطاريات في حالة تطوير حتى وصلت في عصرنا إلى ما هى عليه من أشكال وأحجام وسعات مختلفة وبواسطتها يتم تشغيل الأجهزة الكهربائية مثل الراديو والساعات وأجهزة الكومبيوتر والتليفون المحمول هذا غير بطاريات السيارات والتي تطورت تطورا كبيرا في عصرنا الحالي وظهرت البطاريات الجافة منها والتي تعمر لمدة تصل إلي 5 سنوات أو أكثر بينما كانت البطاريات السائلة لا يتعدى عمرها سنتين علي الأكثر ومن ثم اصبحت صناعه البطاريات تجنى المليارات حول العالم وذلك نظرا لإستخدامها الواسع في مختلف الصناعات والمجالات وبدون إختراعها ما كان يمكن أن تكون هناك تكنولوجيا حديثة فقد كانت بطارية فولتا إختراعا حاسما للغاية في تطوير الحضارة القائمة على التكنولوجيا الحديثة ويشهد عصرنا اليوم تطورا كبيرا في صناعة البطاريات حيث نشهد تقلصا شديدا لدور البطاريات ذات الإستخدام الواحد لصالح البطارية القابلة للشحن بالكهرباء مرة أخرى وكنتيجة لمجهودات فولتا قام الإمبراطور نابليون بونابرت بمنحه لقب كونت عام 1810م وفي عام 1819م تقاعد فولتا وأوقف أبحاثه وإستقر في مدينة كومناجو والتي سميت على إسمه بعد ذلك حيث أصبحت تسمي بكومانجو فولتا وتوفي في يوم 5 مارس عام 1827م عن عمر يناهز 82 عاما بعد سلسلة من الأمراض التي أصابته كان أولها في عام 1823م ودفن بتلك المدينة وذلك بعد أن عاش وأفني حياته مهتما بتطوير أبحاثه وتجاربه المختلفة حتى أصبح مدرسة يقتدى به بعد أن هام عشقا بعلوم الفيزياء والكيمياء فأبدع وتألق فيها ومما يذكر عنه أنه كان مسيحيا كاثوليكيا ملتزما وحافظ طوال عمره علي التردد علي الكنيسة بشكل منتظم لحضور الجلسات والشعائر الدينية وكان من العلماء المؤمنين بأهمية الجانب الديني والروحاني في حياة بني البشر حتى وإن كانت لهم إهتمامات علمية وفد تم صنع تمثال له ووضع على شاطئ بحيرة في مسقط رأسه في وسط مدينة كومو كما تم إنشاء متحف خاص له يضم مقتنياته ومخترعاته وأدوات وأجهزة تجاربه وعلاوة علي ذلك فكنوع من التكريم له تأسست أيضا بجوار بحيرة كومو منظمة تروج للأبحاث العلمية حيث أن اليساندرو فولتا كانت بداية تجاربه وأبحاثه في هذه المدينة وبالإضافة إلي ذلك ففي يوم 18 فبراير عام 2015م إحتفل محرك البحث جوجل بالذكرى رقم 270 لميلاد العالم العظيم اليساندرو فولتا بوضع صورة ترمز إلى إختراعه أعلي المربع البحثي وأخيرا كان من أهم أقوال فولتا المأثورة عنه :-

-- يجب أن تكون مستعدا للتخلي عن أفكارك التي تثبت التجربة أنها خاطئة
-- لغة التجربة أكثر صدقا من أي منطق والحقائق يمكن أن تدمر إستنتاجاتنا والعكس ليس صحيحا
-- كل معدن يحوى طاقة معينة والتي تختلف من معدن لآخر والتي تؤثرعلي السائل الكهربائي في الحركة
غير ممكن أن يتم أي عمل بشكل جيد وبالفيزياء خاصة إذا لم نصغر الأمور لتصبح درجات ومقادير
 
 
الصور :