الخميس, 28 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

غاريبالدى.. بطل العالمين

غاريبالدى.. بطل العالمين
عدد : 03-2020
بقلم المهندس/ طارق بدراوى

جوزيبي غاريبالدى هو أحد جنرالات العصر الحديث ويعد واحدا من الآباء المؤسسين للوحدة الإيطالية بجانب كاميلو بينسو المعروف باسم كافور وجوزيبي مازيني وفيكتور عمانويل الثاني وهو يعرف أيضا بإسم بطل العالمين بسبب مشاركته في عدة حروب بالبرازيل والأرجنتين وأوروجواى بقارة أمريكا الجنوبية .

ولد غاريبالدى في مدينة نيس التي تقع في جنوب فرنسا حاليا في يوم 4 يوليو عام 1807م وكان والده جيوفاني دومينيكو غاريبالدي يعمل صيادا للأسماك وعلي الرغم من دخله الصغير وصغر سن إبنه فقد هيأ له تعليما طيبا ولعل هدفه من ذلك كان إعداده للإنخراط في سلك رجال الدين وكانت والدته تسمى دونا روزا رايموندي غاريبالدي وكانت متعلمة وتريد أن ترى إبنها أيضا طالبا في مدرسة دينية لذلك إستأجرت معلما خاصا له قام بتدريس اللغة الإيطالية واللغة الفرنسية والرياضيات والكتابة له وكان بيبينو وهو الإسم المستعار المحبب لجوزيبي غاريبالدى يحب التواصل معه كما تعلم اللغة الإنجليزية والأسبانية واليونانية واللاتينية ولكن جوزيبي غاريبالدي صمم على إختيار حياة البحر وهو في سن 15 عاما ونجح فعلا في عمله كبحار تجاري ومن خلال إتقانه وإخلاصه في عمله سرعان ما ترقي إلى منصب القبطان المساعد في المركب التي عمل عليها وقام برحلة طويلة عبر البحار زار خلالها ميناء أوديسا علي البحر الأسود في روسيا وجميع شواطئ البحر المتوسط تقريبًا مما أثر بشكل كبير على تكوين شخصيته ووجهات نظره السياسية وفي ذلك الوقت كانت الإنتفاضات الشعبية في مدن ميناء البحر الأبيض المتوسط غير شائعة ولكنها نمت تدريجياً لتصبح حركة وطنية وإنتشرت في جميع أنحاء أوروبا وفي خلال رحلاته العديدة تشبعت نفسه بالمثل الوطنية وبالحب لوطنه إيطاليا وكغيره من شباب ذلك العصر إنخرط في زمرة حركة إيطاليا الفتاة وهي حركة سياسية تأسست في شهر يوليو عام 1831م في مدينة مارسيليا من قبل الزعيم الإيطالي جوزيبي مازيني كان هدفها إنشاء جمهورية إيطالية موحدة من خلال التشجيع على العصيان العام في الدول الرجعية التي تضمها شبه الجزيرة الإيطالية وفي الأراضي الإيطالية المحتلة من قبل الإمبراطورية النمساوية وكان إعتقاد مازيني أن إنتفاضة شعبية قوية سوف تؤدى إلي أن تتوحد إيطاليا وتبنى أعضاء هذه الحركة ألقابا مأخوذة عن شخصيات بارزة من إيطاليا خلال القرون الوسطى وفي عام 1833م إعتقل العديدون من أعضاء هذه الحركة الذين كانوا يخططون لإشعال تمرد في سافوي وبيدمونت وأعدموا على أيدي الشرطة السردينية وتمت محاكمة مازيني غيابيا وصدر في حقه حكم بالإعدام وقد أثرت هذه الأحداث سلبيا علي مازيني وأصابه القلق والشك إلا إنه استمر في محاولة تنظيم ثورة جديدة في بيدمونت وسافوي ساعده فيها عدد من المنفيين الإيطاليين الذين دخلوا إلى إيطاليا عبر سويسرا لنشر أفكار الثورة والتعبئة لها إلا أن هذه المحاولة قد فشلت هي الأخرى وفي شهر فبراير عام 1834م توارت الحركة عن الأنظار لبعض الوقت وتم إلقاء القبض عليه في يوم 28 مايو عام 1834م وتم طرده من سويسرا فتوجه إلى باريس حيث ألقي القبض عليه كذلك في يوم 5 يوليو عام 1848م ثم أطلق سراحه بعد أن تعهد بالرحيل عن فرنسا إلى بريطانيا فإنتقل مع عدد من رفاقه للعيش في لندن في عام 1837م وكانت حالتهم الإقتصادية سيئة للغاية إلا أنه في غضون ذلك أصبحت حركة إيطاليا الفتاة جزءا من حركة أوروبا الفتاة التي أنشئت في عام 1835م وهي جمعية دولية المنحى ظهرت جنبا إلى جنب مع حركات مماثلة مثل المانيا الفتاة وبولندا الفتاة و سويسرا الفتاة .

وبعد فترة من الإختفاء وفي عام 1837م عادت حركة إيطاليا الفتاة للظهور من جديد من المنفي في إنجلترا حيث كان مازيني قد قام في يوم 30 أبريل عام 1837م بإعادة بناء حركة إيطاليا الفتاة في لندن وفي يوم 10 نوفمبر عام 1837م بدأ في إصدار بعض الكتابات السياسية تحت عنوان حواري للشعب وتم حينذاك تنظيم عدة تمردات أخرى في عدة أقاليم إيطالية منها صقلية وأبروتسو وتوسكانا ولومبارديا وفينيسيا ورومانيا وكانت ما بين عام 1841م وعام 1845م وفي بولونيا في عام 1843م إلا أنها فشلت جميعا وبالإضافة إلي ماسبق كانت الجمهورية الرومانية التي كانت تعد دولة نشأت في يوم 9 فبراير عام 1849م لمدة شهور قليلة قد سحقت من قبل الجيش الفرنسي بناءا على طلب من البابا بيوس التاسع حيث لم تكن هناك قوة حربية تقدر على مواجهة الفرنسيين وكان قد ترأس هذه الجمهورية كارلو أرميليني وجوزيبي مازيني وأوريليو سافي والذين شكلوا معاً ثلاثيا حاكما في نموذج يشبه أشكال الحكم في الجمهورية الرومانية القديمة وكانت أهم الإبتكارات الرئيسية التي حاولت الجمهورية تحقيقها منصوص عليه في دستورها من حيث ممارسة جميع الأديان بحرية والسماح للبابا في حكم الكنيسة الكاثوليكية وبذلك كانت الحريات الدينية مختلفة تماماً عن الوضع في ظل الحكومات السابقة حيث سمح فقط بالكاثوليكية واليهودية بأن تمارس من قبل المواطنين وكان هذا الدستور هو الأول من نوعه في العالم الذي ينص علي إلغاء عقوبة الإعدام وكانت هذه الجمهورية قد إستبدلت حكومة الدولة البابوية مؤقتا بحكومة جمهورية بسبب فرار البابا إلى جيتا وهي مدينة وبلدية في مقاطعة لاتينا في جنوب وسط إيطاليا في إقليم لاتسيو والمقصود بالدولة البابوية إحدى الدول التاريخية الكبرى التي تأسست في إيطاليا من القرن السادس الميلادى تقريبا وقد ضمت هذه الدولة جميع الأراضي التي كانت تحت السيادة البابوية المباشرة والتي غطت في ذروتها معظم الأقاليم الإيطالية الحديثة في رومانيا وأومبريا وماركي ولاتسيو وعادة ما كانت تسمى هذه السلطة بالسلطة الزمنية للبابا في مقابل زعامته الكنسية ومما يذكر أنه يستخدم حاليا مسمي الدولة البابوية للدلالة على دولة الفاتيكان وهي دولة صغيرة تعد أصغر دولة في العالم وتقع داخل العاصمة الإيطالية روما وكانت قد تأسست في عام 1929م مما أعاد للكرسي الرسولي قواه السياسية ونفوذه وسيادته الإقليمية وقد إستمرت الدولة البابوية حتى توحيد شبه الجزيرة الإيطالية في عام 1861م على يدي مملكة بيدمونتي سردينيا وإن كانت قد إستمرت في شكل أقل إتساعا إقليميا حتى عام 1870م والمقصود بمصطلح مملكة بيدمونتي سردينيا هو ممتلكات بيت سافويا منذ عام 1720م وما بعده بعد منح عرش سردينيا للملك فيتوريو أميديو الثاني سافويا بموجب معاهدة لاهاي في العام المذكور وقد عوضه ذلك عن خسارة عرش صقلية لصالح النمسا وسمح له بالإحتفاظ بلقبه كملك .

ضمت مملكة سردينيا إلى جانب سردينيا كلا من أقاليم سافويا وبيدمونتي ونيس وليجوريا بما فيها جنوة التي ضمت إليها بموجب مؤتمر فيينا في عام 1815م والذى إستمر منعقدا لمدة سنة تقريبا تحت رعاية المستشار النمساوى المحنك كليمنس فون ميترنيش مما وضع نهاية للجمهورية في المدينة والتي إستمرت من عام 1096م وحتي عام 1815م بعد حصولها علي الحكم الذاتي من الإمبراطورية الرومانية المقدسة وكان الهدف المعلن من المؤتمر المذكور هو التوصل إلى إتفاق للسلام مع فرنسا وما يتبعه من إحلال السلام في قارة أوروبا لكن كان الهدف الحقيقى للإجتماع هو إعادة رسم الخريطه السياسية لأوروبا لإرجاعها للوضع القائم قبيل إندلاع الثورة الفرنسية وفترة الحروب النابليونية التي إستمرت حوالي 23 عاما من عام 1792م وحتي عام 1815م بما يضمن إرضاء قوى التحالف المقدس المنتصرة في نهاية تلك الحروب وبما يضمن كذلك حماية تلك الإمبراطوريات والممالك من إنتشار أفكار الحرية والديموقراطية التي روجت لها الثورة الفرنسية وهزت اركان عروش تلك الإمبراطوريات والممالك وقد أصبح إسم الدولة رسميًا مملكة سردينيا وقبرص والقدس حيث إحتفظ آل سافويا بمطالبهم في عرشي القدس وقبرص رغم أن كليهما كانتا تحت الحكم العثماني حينذاك ولفترة طويلة خلال أغلب القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين كانت مدينة تورينو بشمال إيطاليا عاصمة المملكة السياسية والإقتصادية وفي عام 1860م جرى التنازل عن سافويا ونيس لصالح فرنسا مقابل الدعم والموافقة والمساعدة الفرنسية في توحيد إيطاليا وفي عام 1861م أصبحت مملكة سردينيا تحت قيادة الملك فيكتور عمانويل الثاني هي الدولة المؤسسة لمملكة إيطاليا الجديدة حيث ضمت جميع الدول الإيطالية الأخرى وبالتالي إستمرت المملكة قانونيا في الدولة الجديدة حيث نقلت لها كامل مؤسساتها.

ولنعد الآن إلي حديثنا عن جوزيبي غاريبالدى والذى كان قد إنضم لأسطول سردينيا البحري ليجذب من بين أفراده متطوعين لنصرة القضية الوطنية وفي عام 1834م كان من المفروض أن يحكم عليه بالإعدام لإشتراكه في محاولة للإستيلاء على جنوة غير أنه هرب إلى ميناء مارسيليا الفرنسي ومنها إلى قارة أمريكا الجنوبية وبدافع من تقديسه للحرية عرض خدماته على حكومة ريو جرانده التي كانت ثائرة على الديكتاتور البرازيلي الإمبراطور دوم بيدرو الأول الذى كان قد أعلن إستقلال البرازيل كما أعلن نفسه إمبرطورا علي البلاد في عام 1822م ولكنه لم يحترم الدستور الذى كان قد تم وضعه بعد الإستقلال في عام 1824م كما حكم البرازيل بمنتهى القسوة والعنف كما كانت البرازيل قد خسرت الحرب ضد الأرجنتين وتنازلت عن الأراضي التي تعرف حاليا بدولة أوروجواي وقد أظهر جوزيبي غاريبالدي مهارة فائقة في حرب العصابات وكجندي متطوع في هذه الفترة وإن كان أمره قد إنتهى بوقوعه في الأسر وحاول الفرار إلا أنه قبض عليه في أثناء هذه المحاولة وحكم عليه بأن يظل معلقا من يديه لمدة يومين ولكن ذلك لم يفت في عضده فحاول الهرب مرة ثانية وفي هذه المرة كان هربه مع زوجته ورفيقة كفاحه في مغامراته في قارة أمريكا الجنوبية وهي أنيتا ريفييرا دي سيلفا وعموما كانت نتيجة ممارسات الإمبراطور بيدرو الأول أن إنخفضت شعبيته وفي النهاية إضطر للتنازل عن الحكم لإبنه دوم بيدرو الثاني الذى كان يختلف عن أبيه وشهدت البرازيل في عهده العديد من الإصلاحات والإنجازات كما أنه كان يهتم بالحضارات والثقافات المختلفة والعلوم وكان يمارس كتابة الشعر والرسم وقد مكث جوزيبي غاريبالدي بعد ذلك مع زوجته في قارة أمريكا الجنوبية حيث زاول العديد من الأعمال مثل رعي الماشية والسمسرة في تجارة السفن إلى تدريس الحساب وفي عام 1842م ساعد أهالي مونتفيديو عاصمة أوروجواى حاليا في ثورتهم ضد الديكتاتور خوان مانويل دي روساس طاغية بيونس أيرس عاصمة الأرجنتين الحالية الذى حاصر المدينة عدة مرات بالإشتراك مع قوات الحزب الوطني الأوروجواني بقيادة مانويل أوريبي بين عام 1838م وعام 1851م وأظهر حينذاك مقدرة حربية وقيادة ماهرة أثناء ذلك ولكن ظل الحنين إلي وطنه يعاوده وبالفعل عاد جوزيبي غاريبالدي لوطنه إيطاليا في شهر يونيو عام 1848م فوجد بلاده في خضم ثورات مشتعلة في أماكن عديدة من إيطاليا وكذلك في أجزاء أخرى كثيرة من أوروبا ونتيجة لذلك إضطر تشارلز البرت ملك بيدمونت وليوبولدو الثاني دوق توسكانا الأكبر لتقديم تنازلات للديموقراطيين وقد شملت الثورات مدينة فيينا نفسها ومدينتي ميلانو وفينسيا التي أعاد النمساويون السيطرة عليها بعد ذلك في عام 1849م وهما المدينتان الرئيسيتان في مملكة لومبارديا فنيسيا التابعة حينها للحكم النمساوي وطردت الثورة في صقلية عدا ميسينا جيوش البوربون الفرنسية كما إضطر تشارلز الثاني من البوربون أيضا لمغادرة دوقية بارما وهنا قرر البيمونتيين في مملكة سردينيا إستغلال ما يبدو لحظة مواتية وأعلنت الحرب على النمسا بالتحالف مع الولايات البابوية ومملكة الصقليين وقاموا جميعا بمهاجمة ممتلكات النمسا الضعيفة في إيطاليا فيما عرف تاريخيا بإسم حرب الإستقلال الإيطالية الأولي .

ولما رآى غاريبالدى بلاده في هذه الظروف تقدم متطوعا للقتال في صفوف قوات تشارلز البرت ملك سردينيا ولكن رفض طلبه وكان من أهم المعارك التي وقعت في تلك المرحلة مابين مملكة سردينيا بقيادة الملك تشارلز ألبرت والنمساويين برئاسة المشير جوزيف راديتزكي معركة كستوزا وكانت في الفترة بين يوم 24 ويوم 25 يوليو عام 1848م وتعود خلفية هذه المعركة إلي أنه في شهر مارس عام 1848م أطلقت الدولة المدينة ميلانو إنتفاضة ضد الإحتلال النمساوي وأيدها تشارلز البرت وأعلن الحرب على النمسا كما أعلنت فينسيا إستقلالها عن النمسا فإنسحبت القوات النمساوية التي كان يقودها المشير جوزيف راديتزكي من ميلانو إلى المربع الدفاعي فيرونا مانتوفا لنيانو بسكييرا وسيطرت قوات مملكة سردينيا على بسكييرا بعد حصار قصير ولكن راديتزكي تلقى تعزيزات كبيرة مكنته من الصمود وفي شهر يوليو عام 1848م قاد تشارلز البرت جيشه عبر نهر مينشيو بإقليم لومبارديا شمالي إيطاليا سعيا للسيطرة على بلدة كستوزا الإستراتيجية التي تقع أعلى تلة فرد راديتزكي بهجوم مضاد حاسم في معركة إستغرقت يوم 24 ويوم 25 يوليو عام 1848م وكان النمساويون متفوقين خلال هذا الهجوم في قواتهم على الإيطاليين ومن ثم كانت النتيجة أن لحقت هزيمة مؤلمة بجيش تشارلز البرت وسيطر النمساويون على كستوزا بعد قتال ضار وجهاً لوجه وعانى كلا الجانبين من خسائر كبيرة حيث فقد كل جيش أكثر من نصف قواته خلال المعركة وقد ترتب علي إنتصار النمساويين طرد قوات تشارلز البرت خارج إقليم لومبارديا وأجبر على توقيع معاهدة سلام مع النمساويين وعندما إستؤنفت الحرب في شهر مارس عام 1849م خرج راديتزكي منتصرا مرة أخرى في نوفارا مما أدى إلى تخلي تشارلز البرت لصالح إبنه فيكتور عمانويل وكان غاريبالدى بعد أن فشلت مملكة سردينيا في هذه المعركة قد كون فرقة من المتطوعين حارب بهم بشجاعة ضد النمسا على الحدود السويسرية ولكن محاولته باءت بالفشل ومرة أخرى عادت السيطرة النمساوية تفرض نفسها بإحكام على إيطاليا حيث إستطاع راديتزكي أن يفرض السلطة النمساوية على جميع أنحاء المقاطعات الإيطالية وذلك بحلول شهر أغسطس عام 1849م .

وفي نفس العام 1849م إنضم جوزيبي غاريبالدي للحكومة الثورية في روما وهي التي قامت بخلع البابا وأصبح بذلك يقاوم قوات الثوار الذين سبق أن بذل جل جهده لمعاونتهم حيث حارب جوزيبي غاريبالدي في صفوف قوات الحكومة الجمهورية في روما التي تمكنت من التغلب على القوات الفرنسية والتي كانت قد جاءت لإعادة السلطة البابوية ولكن سرعان ما إضطرت الجمهورية إلى طلب الهدنة وحاصرت القوات الفرنسية روما وفي يوم 3 يوليو عام 1849م إضطر جوزيبي غاريبالدي لترك موقعه والإنسحاب امام مطاردة النمساويين له إلى أن وصل إلى شاطئ البحر الأدرياتيكي وهناك توفيت زوجته ودفنت وهنا جاء وقت الحساب بين مملكة سردينيا التي كانت قد عقدت صلحا مع النمسا وفرنسا وبين جوزيبي غاريبالدي الذي لا يقهر حيث كان قد صدر أمر في سردينيا بالقبض عليه وطلب منه مغادرة إيطاليا فرحل إلى نيويورك حيث بقى بها مدة 18 شهرا وعمل هناك صانعا للشموع قبل أن يعود للعمل في السفن التجارية وكانت في هذه الآونة قد فشلت حركة ثورية أخرى قام بها مازيني في عام 1853م ضد النمسا في ميلانو مدمرة الآمال في تأسيس إيطاليا ديموقراطية موحدة لصالح النظام الملكي الرجعي في بيدمونت وفي عام 1854م بدأ جوزيبي غاريبالدي حياة جديدة كمزارع في جزيرة كابريرا التي قام بشراءها والتي تقع قرب سواحل سردينيا ولكن نشوب حرب الإستقلال الإيطالية بعد ذلك بخمس سنوات في عام 1859م دعاه مرة أخرى لتلبية نداء الواجب فقد إستدعاه الزعيم الإيطالي ورئيس وزراء سردينيا كاميلو بينزو كونتي المعروف بإسم كاڤور إلى تورينو وهناك ظهرت كفاءته مرة أخرة كمحارب وكانت خلفية قيام هذه الحرب إلي أن البيمونتيين قد أدركوا بعد هزيمتهم على يد النمسا في حرب الإستقلال الإيطالية الأولى في عام 1848م أنهم لا يستطيعون هزيمة قوة عظمى مثل النمسا من دون حلفاء مما دفع هذا بالزعيم الإيطالي كافور لمحاولة إقامة علاقات مع دول أوروبية أخرى جزئيا من خلال مشاركة بيدمونت في حرب القرم والتي قامت بين الإمبراطورية الروسية والدولة العثمانية في يوم 4 أكتوبر عام 1853م وإستمرت حتى عام 1856م ودخلت فيها مصر و تونس وبريطانيا وفرنسا إلى جانب الدولة العثمانية في عام 1854م التي كان قد أصابها الضعف ثم لحقتها مملكة سردينيا وكان أسبابها الأطماع الإقليمية لروسيا على حساب الدولة العثمانية وخاصة في شبه جزيرة القرم التي كانت مسرح المعارك والمواجهات وإنتهت هذه الحرب في يوم 30 مارس عام 1856م بتوقيع إتفاقية باريس وهزيمة الروس وفي مؤتمر السلام في باريس حول هذه الحرب والذى تم خلاله توقيع الإتفاقية المشار إليها حاول كافور لفت الإنتباه إلى الجهود المبذولة من أجل الوحدة الإيطالية ووجد تعاطفا من بريطانيا وفرنسا ولكنهما كانتا غير مستعدتين تماما للذهاب ضد الرغبات النمساوية لأن أي تحرك نحو الإستقلال الإيطالي من شأنه أن يهدد بالضرورة إقليم لومبارديا وفينسيا النمساوي حينها ومن خلال المحادثات الفردية بين نابليون الثالث وكافور بعد المؤتمر إعتبره كافور أكثر المؤيدين لمساعدة إيطاليا وإن لم يكن ملتزما بذلك وفي يوم 14 يناير عام 1848م حاول فيليتشي أورسيني إغتيال نابليون الثالث وجلبت هذه المحاولة تعاطفا واسعا مع جهود الوحدة الإيطالية و كان لها تأثير عميق على نابليون نفسه الذي قرر مساعدة بيدمونت ضد النمسا من أجل وضع حد للأنشطة الثورية التي قد تسمح بها الحكومات داخل إيطاليا في المستقبل ووقع نابليون الثالث وكافور رئيس وزراء مملكة بيدمونت سردينيا تحالفا سريا ضد النمسا تتعهد فرنسا بموجبه بمساعدة سردينيا في القتال ضد النمسا إذا تعرضت لهجوم وفي المقابل تتنازل سردينيا عن نيس وسافوي إلى فرنسا وخدم هذا التحالف السري كلا البلدين حيث ساعد في خطة بيدمونت سردينيا لتوحيد شبه الجزيرة الإيطالية تحت حكم آل سافوي وأضعف النمسا الخصم اللدود لإمبراطورية نابليون الثالث الفرنسية .

ونظرا لعدم قدرة كافور على الحصول على المساعدة الفرنسية إلا إذا تعرض للهجوم النمساوي أولا فقد قام بتعمد إثارة فيينا بسلسلة من المناورات العسكرية بالقرب من الحدود فأصدرت النمسا إنذارا يوم 23 أبريل عام 1859م طالب بإعادة التمركز الكامل للجيش السرديني وعندما لم تجد آذانا صاغية بدأت النمسا الحرب مع سردينيا في يوم 29 أبريل عام 1859م وبالتالي جرت فرنسا إلى الصراع بينها وبين سردينيا وبلغ قوام الجيش الفرنسي للحملة الإيطالية نحو 130 ألف جندي وألفين فارس ونحو 312 مدفع وهو ما شكل نصف الجيش الفرنسي بأكمله وكان هذا الجيش بقيادة نابليون الثالث وقسم إلى خمسة فيالق الفيلق الأول بقيادة أشيل باراجي ديير والثاني بقيادة باتريس مكماهون والثالث بقيادة فرانسوا سيرتان كانروبير والرابع بقيادة أدولف نيل والخامس بقيادة الأمير نابليون بينما قاد الحرس الإمبراطوري أوجست رونيو دو سان جان كوت دانجيلي أما جيش سردينيا فكان قوامه 70 ألف جندي وأربعة آلاف فارس ونحو 90 مدفع و ينقسم إلى خمسة أقسام يقودها كاسترلبروجو ومانفريدو فانتي وجيوفاني دوراندو وإنريكو تشيالديني ودومينيكو كوكياري كما كان هناك تشكيلان من المتطوعين هما صيادو الألب والذين كان يقودهم جوزيبي عاريبالدى وصيادو الأبينيني وكان القائد العام للجيش فيكتور عمانويل الثاني سافوي وأرسل الجيش النمساوي رجالا أكثر فقد كان عدد الجنود حوالي 220 ألف معهم نحو 824 مدفع ونحو 22 ألف فارس وقاد الجيش النمساوي المشير فيرينش جراف جولاي وعند إعلان الحرب لم تكن هناك قوات فرنسية في إيطاليا لذلك إنتقل المارشال فرانسوا سيرتان كانروبير لبيدمونت في أول إستخدام ضخم للسكك الحديدية وعولت القوات النمساوية على تحقيق نصر سريع على جيش سردينيا الأضعف قبل وصول القوات الفرنسية إلى بيدمونت ومع ذلك كان الكونت جولاي قائد القوات النمساوية في لومبارديا حذرا للغاية حيث سار حول نهر تيشينو من دون إتجاه واضح لبعض الوقت حتى قرر في النهاية العبور وبدء الهجوم ولسوء حظه هطلت أمطار غزيرة جدا فور قيامه بذلك مما سمح لبيدمونت بإغراق حقول الأرز أمام تقدمه وبالتالي حدث تباطؤ في مسيرة جيشه ووصل النمساويون بقيادة جولاي في النهاية إلى فرشيلي قاصدين تورينو لكن الخطوة الفرنسية السردينية بتعزيز الساندريا وجسور نهر البو حول كازالي مونفيراتو أجبرتهم على التراجع وفي يوم 14 مايو عام 1859م وصل نابليون الثالث إلى الساندريا ليقود العمليات بنفسه وكان الإشتباك الأول في مونتيبيلو في يوم 20 مايو عام 1859م وكان عبارة عن معركة بين القوات النمساوية بقيادة شتاديون ضد شعبة واحدة من الفرقة الفرنسية الأولى بقيادة فوراي وكانت القوات النمساوية ثلاثة أضعاف نظيرتها الفرنسية لكن فوراي تمكن من الإستحواذ على النصر مما أجبر جولاى علي أن يتخذ موقفا دفاعيا وفي مطلع شهر يونيو عام 1859م كان جولاي متواجدا بالقرب من مركز السكك الحديدية في ماجينتا حيث كان جيشه مبعثرا إلى حد ما و أيضا لسوء الحظ إضطر للدفاع عند الشرق الأقصى من النهر وهاجم نابليون الثالث مقدمة تيشينو مع جزء من قواته في حيث أرسل مجموعة أخرى كبيرة من القوات إلى الشمال لتطويق النمساويين ونجحت خطته مما دفع بجولاي بعيدا جدا إلى المربع الدفاعي شرق لومبارديا حيث أعفي من منصبه كقائد وحل الإمبراطور فرانز جوزيف الأول نفسه محل جولاي متحمسا لمهمة الدفاع عن الأراضي النمساوية المحصنة جيدا وراء نهر مينشيو .

وكان الامبراطور فرانز جوزيف حينذاك سيخوض تجربة قيادية أولى وأخيرة في معركة سولفرينو وكان الجيش البيمونتي الفرنسي قد سيطر على ميلانو وسار ببطء نحو الشرق للإجهاز على قوات النمسا في هذه الحرب قبل أن تتدخل بروسيا وإكتشف النمساويون أن الفرنسيين قد توقفوا في بريشيا وقرروا مفاجأتهم بالتحول فجأة إلى الهجوم بينما كان الفرنسيون قد باشروا الهجوم أصلا ولكن أيا من الجانبين لم يكن على يقين من مكان الآخر حتى إلتقيا فجأة وفصل بينيديك مع الفيلق الثامن النمساوي من القوة الرئيسية حيث ذهب للدفاع عن بوتزلينجو ضد الجزء البيمونتي من الجيش المنافس ونجح بينيديك في ذلك على الرغم من أن بقية القوات النمساوية قد تراجعت بسبب عاصفة كبيرة ضربت المنطقة و تخلوا بالتالي عن العديد من البلدات إلى الفرنسيين وفي الوقت نفسه في الجزء الشمالي من لومبارديا إنتصرت فرقة صيادي الألب من المتطوعين الطليان بقيادة جوزيبي غاريبالدي على النمسا في فاريزي وكومو ودفع الخوف من تدخل الولايات الألمانية بنابليون للبحث عن طريقة للخروج من الحرب حيث وقع هدنة مع النمسا في فيلافرانكا وتم نقل معظم لومبارديا مع عاصمتها ميلانو بإستثناء القلاع النمساوية في مانتوفا ولنياجو والأراضي المحيطة بها إلى السلطة الفرنسية والتي تنازلت عنها على الفور لصالح سردينيا بينما إتفق على عودة حكام وسط إيطاليا الذين طردوا بسبب الثورات في دويلاتهم بعد وقت قصير من بداية الحرب وقد أدت هذه الصفقة التي أجراها نابليون من وراء ظهر حلفائه السردينيين إلى غضبهم حيث إستقال كافور نفسه إحتجاجاً على ذلك ومع ذلك فإن شروط فيلافرانكا لم تدخل حيز التنفيذ أبدا على الرغم من تأكيدها بموجب معاهدة زيوريخ في شهر نوفمبر عام 1859م وبالتالي أصبح الإتفاق حبرا على ورق وإحتل البييمونتيون دول وسط إيطاليا حيث لم يبدوا أي رغبة في إستعادة الحكام السابقين كما لم يظهر الفرنسيون أي إستعداد لإجبارهم على الإلتزام ببنود المعاهدة المشار إليها بينما شعر النمساويون بالإحباط لعدم قيام فرنسا بتنفيذ بنود المعاهدة وفي العام التالي 1860م وبعد الموافقة الفرنسية والبريطانية إنضمت الولايات الوسطى الإيطالية وهي دوقية بارما ودوقية مودينا ودوقية توسكانا الكبرى والمفوضيات البابوية إلى مملكة سردينيا وحصلت فرنسا على مكافأتها سافوي ونيس وقد عارض هذه الخطوة الأخيرة بما طبع عليه من بساطة البطل القومي الإيطالي غاريبالدي وهو مواطن من نيس وأبدى إمتعاضه أيضا لعدم السماح له بإستمرار زحفه إلى روما وكان هدف كاڤور إنشاء الوحدة بين مناطق محدودة في شمال إيطاليا ولكن غاريبالدى قام بحملة على صقلية عندما ثار شعبها علي حاكمهم فوجد في ذلك فرصة طيبة وسرعان ما جمع جيشا من ألف شخص ألبسهم جميعا قمصانا حمراء فعرفوا بعد ذلك بهذا الإسم ونزل بهذا الجيش الصغير إلي صقلية وإنضم إلي شعبها الثائر في شهر مايو عام 1860م وإستطاعوا أن ينتزعوها من حاميتها الفرنسية من دون عناء يذكر ثم أنزل قواته إلى جنوب شبه الجزيرة الإيطالية ومنها إنطلقت شمالا لتحرير ما تبقى من البلاد وقد وقف الرجل بالكاريزما الإستثنائية التي يتمتع بها واعدا جنوده بأنه لن يقدم لهم لا الأكل ولا المأوى بل فقط حلم توحيد إيطاليا وهذا ما كان كافيا لإلهاب روحهم القتالية وعلى الفور بدأت إنتصاراته تتوالى مما ترك كافور في حالة ذهول خاصة أنه لم يكن هناك أي تنسيق بينه وبين غاريبالدي ولكن كافور كان من الحكمة والدهاء للسعي لإستيعاب غاريبالدي فعرض عليه التحالف بعدما حرر الأخير مملكة نابولي بالكامل وأجبر ملكها الفرنسي على الفرار إلى فرنسا فلم يتردد غاريبالدي من جانبه بقبول التحالف لأنه لم تكن له أي أهداف شخصية سوى توحيد إيطاليا وحقا كان هذا هو السبب الأساسي لقبوله عرض كافور وتسليمه حكم الممالك والدويلات المحررة من أجل ضمها إلى حكم بيدمونت في عام 1861م تحت حكم الملك فيكتور عمانويل الثاني وعلى الأثر إجتمع البرلمان الإيطالي في مدينة تورينو وأقر المملكة الدستورية الجديدة لإيطاليا .

ومع كل ما قدمه من بطولات رفض الثوري غاريبالدي أي تكريم لشخصه من أحد ولكن إستمر الخلاف بينه وبين حكومة إيطاليا الجديدة حيث كان لا يزال يرغب في الزحف على روما وقد تملكه غضب جامح لرفض الحكومة تجنيد أفراد فرقته غير النظاميين في صفوف الجيش النظامي ومن ثم عاد إلى جزيرته الصغيرة كابريرا بعدما حرر جزءا كبيرا من بلاده مؤثرا العزلة على المغانم السياسية أو المادية في موقف إنساني ووطني لا يتكرر كثيرا في التاريخ وإن كان ذلك لا يعني أن حياته العامة قد إنتهت فبعد وفاة كافور في شهر يونيو عام 1861م وكانت إيطاليا يومذاك موحدة بإستثناء مملكتي فينسيا وروما وكانت الأخيرة تمثل حلما يداعب الإيطاليين لتكون العاصمة الجديدة للبلاد لما تمثله من قيمة قومية وتاريخية منذ سقوط الدولة الرومانية القديمة وفي هذا الوقت حاول غاريبالدى تدبير مؤامرة مع هنغاريا وهي المجر حاليا للقيام بثورة ضد النمسا الأمر الذى كان كفيلا بأن يمهد الطريق للإستيلاء على فنسيا ولكن المحاولة لم تنجح وفي عام 1862م سنحت الفرصة لغاريبالدى كي يزحف على روما ولكنه وقع أسيرا وأصيب بجرح بالغ في قدمه ولكن بعد شهرين قضاهما في السجن سمح له بالعودة إلى كابريرا وقد ظلت حاسته الديموقراطية لا يشوبها فتور فقام بزيارة إنجلترا لتأييد قضية الدانمارك ضد بروسيا والنمسا حيث كانت قد تأسست حركة عرفت بإسم منطقة تسمي شليسفيش هولشتاين والتي هدفت إلى إستقلال هذه المنطقة عن الدنمارك ومن ثم إندلعت حرب شليسفيش الأولى مابين عام 1848م وعام 1851م وإنتهت بأن يبقى الوضع كما هو بسبب تدخل بريطانيا والدول العظمى الأخرى وبعد ذلك جرت مناقشات كثيرة في الدانمارك بشأن كيفية التعامل مع مسألة منطقة شليسفيش هولشتاين وطالب الليبراليون الوطنيون بإقامة علاقات دائمة بين شليسفيش والدانمارك لكنهم قالوا إن هولشتاين يمكن ان تفعل نفس الشيء عن قناعة ومع ذلك تجاوزت الأحداث الدولية السياسة الدانماركية المحلية فواجهت الدانمارك الحرب ضد كل من بروسيا والنمسا فيما أصبح يعرف بإسم حرب شليسفيش الثانية والتي إستمرت من شهر فبراير إلى شهر أكتوبر عام 1864م وتعرضت الدانمارك لهزيمة سهلة من كل من بروسيا والنمسا ومن ثم إضطرت للتخلي عن كل من شليسفيش وهولشتاين وبعد ذلك لم يطل إنتظار المؤمنين بالقومية الإيطالية إذ سرعان ما بدأت الظروف الأوروبية تدفع نحو تحقيق ما تبقى من الحلم الإيطالي بضم فينسيا وروما بعدما دخلت بروسيا الموحدة ومملكة بيدمونت التي تحالفت معها بقيادة زعيمها الفذ المستشار الحديدى أوتو فون بسمارك في صراع مع النمسا لإقتلاع نفوذها من الولايات الألمانية تمهيدا لميلاد دولة المانيا ومن ثم شبت الحرب في صيف عام 1866م بين الإمبراطورية النمساوية وحلفاءها من الدوقيات الألمانية من جهة ومملكة بروسيا ومن حالفها من باقي الدوقيات الألمانية ومملكة إيطاليا من جهة أخرى وحارب جوزيبي غاريبالدي ضد النمساويين في منطقة التيرول بجبال الألب شمالي إيطاليا وجنوبي النمسا والمقسمة حاليا بينهما وعلي الرغم من أن دوره في هذه العمليات لم يكن بارزا أو متميزا إلا أن هزيمة النمساويين في هذه الحرب كانت تعني التنازل عن فينسيا لمملكة إيطاليا .

وقد أسفرت هذه الحرب عن سيطرة البروسييين على معظم الدوقيات الألمانية وقد عرفت هذه الحرب بإسم الحرب الألمانية أو حرب الإخوة كما تم إعتبار العمليات التي تمت على الجبهة الجنوبية بين إيطاليا والنمسا أنها حرب الإستقلال الثالثة بالنسبة للإيطاليين وكانت أهم نتيجة لهذه الحرب تحول إصطفاف الدوقيات الألمانية بعيدا عن النمساويين وإتجاهها نحو الهيمنة البروسية والدفع في إتجاه توحيد كل الدوقيات الألمانية الشمالية في دولة واحدة وإلغاء الإتحاد الألماني القديم وحل محله جزئيا الإتحاد الألماني الشمالي والذي إستبعد النمسا والدوقيات الألمانية الجنوبية كما أسفرت الحرب أيضاً عن ضم إيطاليا لمنطقة فينسيا التي كانت تتبع النمسا وذلك علي الرغم من هزيمة الأولى أمام القوات النمساوية إلا أن هزيمة الجيوش النمساوية أمام آلة الحرب البروسية في معركة سادوفا الشهيرة عام 1866م قد تسببت في إستغلال الضعف النمساوي وإنتزاع فينسيا منها بدعم من بسمارك وقام جوزيبي غاريبالدي في العام التالي 1867م بآخر محاولة للزحف على روما ومرة أخرى قبضت عليه الحكومة الإيطالية ولكنه تمكن من الهرب وكون فرقة من المتطوعين هزم بها القوات البابوية في شهر أكتوبر عام 1867م غير أن القوات الفرنسية إكتسحته تماما في الشهر التالي ومع ذلك فقد سمح له مرة أخرى بالعودة إلى كابريرا ولكن ظل الحلم الإيطالي بالوحدة الكاملة ينتظر نهاية الحرب البروسية الفرنسية عام 1871م لإنتزاع روما من السيطرة الفرنسية بعدما سحبت فرنسا قواتها للدفاع عن باريس خلال تلك الحرب والتي تعرضت فيها لهزيمة كبيرة إنتهت بإعلان الإتحاد الألماني وإستيلاء المانيا علي إقليم الألزاس وجزء من إقليم اللورين وأسر الإمبراطور نابليون الثالث وهكذا أصبحت إيطاليا موحدة عام 1871م ثم في عام 1872م أعلنت روما عاصمة الدولة الإيطالية الموحدة محققة بذلك حلما داعب الإيطاليين لأربع عشر قرنا من الزمان وكانت سعادة غاريبالدى لا توصف بتحقيق هذا الحلم الغالي بالرغم من المصاعب التي كانت تواجهه ونوبات الروماتيزم التي باتت تلاحقه وإلى هنا كان قد أوشك المرض أن يقعده وفي الفترة بين عام 1870م وعام 1872م نشر ثلاث روايات وفي السنوات الباقية من عمره رفض أن يقبع في زوايا النسيان فكانت النشرات والكتيبات تنساب من تحت قلمه وان كانت في معظم الأحوال غير واضحة ويناقض بعضها بعضها فعلي سبيل المثال كان يمتدح حكومة فيكتور عمانويل في احدى الفقرات وفي الفقرة التالية يطالب بقيام الجمهورية في إيطاليا وإن كانت أفكاره السياسية التي تتسم بالمبالغة في البساطة والشفافية وإنكار الذات قد أصبحت أكثر وضوحا وتوفي جوزيبي غاريبالدي في شهر يونيو عام 1882م عن عمر يناهز 75 عاما وكانت لوفاته رنة حزن في جميع أنحاء العالم حقا لم تكن مقدرته خارفة وهو حتى كجندي لم يكن أكثر من قائد ماهر لجنود غير نظاميين ولكن نظرا لكونه كان رمزا لعصر الوطنية فقد نجح في إكتساب إعجاب الأحرار في كل مكان في العالم ومن ثم كان له دوره في خلق أوروبا الحديثة وتكريما له تمت تسمية العديد من الشوارع في العديد من المدن الإيطالية بإسمه وفي عام 1985م أدخلت في الأسطول البحرى لإيطاليا حاملة طائرات كبيرة أطلق إسمه عليها وفي عام 1893م أقيم تمثال برونزى له ممتطيا ظهر حصانه في مدينة جنوة في ميدان دي فيرارى وفي عام 1895م أقيم له تمثال آخر في وسط العاصمة الإيطالية روما ممتطيا ظهر حصانه أيضا بالميدان المعروف بإسمه .
 
 
الصور :