الجمعة, 6 ديسمبر 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

ما بعد كورونا والدروس الاقتصادية

ما بعد كورونا والدروس الاقتصادية
عدد : 04-2020
بقلم الدكتور / عادل عامر

المقلق لنا، سواء تأكدت هذه النظرية أو لا، فيما يتعلق بفيروس كورونا، هو أن الدول القوية التي تمتلك كل الإمكانيات والقدرات وتخصص المليارات لإدارة الأزمات، ما زالت تعاني حتى اليوم ولم تجد حلولا نهائية لاحتواء الفيروس أو الحد منه، فما هو حال دولنا العربية التي تشهد نقصاً في الامكانيات والقدرات وقصورا في إدارة الأزمات؟

كيف سنحافظ على أمننا القومي السياسي الاقتصادي والاجتماعي في ظل هذا العالم المقبل على مثل هذا النوع من الأزمات؟ فالنّاس جميعهم الآن هم جنودٌ ومقاتلون في المعركة ضدّ هذا الوباء، وكما في المعارك العسكرية كلّها يسقط شهداء وجرحى، سيحصل ذلك أيضاً في المواجهة مع فيروس كورونا. ولن يموت أي إنسان قبل حلول أجله.

ربما أرادت فيروسه كورونا الصغيرة أن تستبق حرباً عالمية بين الكبار لتظهر لهم كم هم عاجزون أمامها رغم ما هم عليه من قوة وجبروت، وأنّ أولى بهم العمل لنهضة شعوب العالم وخدمة الناس لا التنافس على القتل والاستمرار في سباق التسلّح.

أعتقد أننا بحاجة الى تصويب أوضاعنا كاملة، فالعالم سبقنا كثيراً، والدفاع عن أنفسنا يقتضي الشروع فورا فيمن المفارقة أن يقوم التباعد الجسدي الذي يفرضه علينا الفيروس بتوليد نوع جديد من التقارب

أن الجوائح أدت إلى تغييرات جذرية في المجتمعات وعلى كل المستويات. فالطاعون الذي يعتقد أنه قضى على ثلث سكان أوروبا، أدى الى تطوير قطاع الزراعة ودفع نحو دور أكبر للمرأة بسبب تراجع اليد العاملة المتوفرة. كما أدى الى استعمال أوسع للفحم الحجري كمصدر للطاقة، ما مهد لاحقا لقيام الثورة الصناعية.

والتحدي الأول الذي ستواجه الحكومات في برامجها السياسية المقبلة هو كيفية تجنب تكرار ما حصل. فهذا الموضوع سيتصدر كثيرا من الحملات الانتخابية في المرحلة المقبلة. وعلى الأحزاب المتنافسة والحكومات الإجابة على هذا السؤال الذي سيطرحه الناخب في الديمقراطيات الغربية على الأقل وسيفرض نفسه على كل نظام سياسي في العالم.

وإذا كان هناك تغيير واحد يجب أن نفكر في التمسك به، فسيكون بالتأكيد موضوع زيادة الوعى لأهمية النظافة الشخصية وغسل أيدينا واستخدام المطهرات. لقد جعلنا الفيروس أكثر إدراكًا لما نلمس، لقد كتبت هذا المقال باستخدام هاتفي النقال، ولذلك، سأقوم الآن بغسل يدىَّ- بعد أن علمت للتو أن الهواتف النقالة قد تحمل جراثيم أكثر بعشرة أضعاف من تلك الموجودة على مقعد المرحاض!.

لقد تعرفنا إلى أناس لم نكن لنقابلهم أو نتعرف عليهم إطلاقا. أعدنا التواصل مع أصدقاء قدامى، عززنا ترابطاتنا التي ذهبت ضحية التحلل والتفكك خلال السنوات الماضية. الأسرة، الجيران، الأصدقاء: جميعهم أصبحوا أقرب، وتم في بعض الأحيان فض نزاعات وتجاوز خلافات خفية". "نتطلع إلى الماضي بتعجب، إلى ذلك الكم الكبير من الفكاهة والإنسانية التي ظهرت بالفعل خلال أيام الكورونا".

إن البنوك الحكومية تحافظ على أسعار عقود مبادلة الائتمان، وتقدم ودائع لمدة عام واحد بفائدة تبلغ 15%، مما يحد من الضغط على الجنيه المصري، وسط الانخفاض المتوقع في عائدات السياحة وخروج تدفقات أخرى من قبل الأجانب من سوق أدوات الدين المحلي، حيث إن مستوى الاحتياطيات الدولية في وضع جيد يسمح لها بالتغلب على هذه التدفقات الخارجة على المدى القصير إلى المتوسط.

يجتاح فيروس كورونا العالم ويخترق القارات. يهتز الاقتصاد وتغلق الأجواء والحدود في مشهد سريالي لم نتخيله في زمن العولمة. لكن كل الهلع والمخاطر لم تحجب التجاذب السياسي والتنافس الاقتصادي بين الكبار والقوى المؤثرة.

لكن انتشار الفيروس وتحوله إلى وباء عالمي، زاد من تفاقم السجال الأميركي – الصيني. الجدير بالذكر أن الجنرال الإيراني حسين سلامي كان أول من اتهم واشنطن بشن حرب بيولوجية ضد أعدائها

ومن دون شك يتوجب التدقيق كفاية بفرضية الهجوم البيولوجي وهي حسب أوساط علمية مستبعدة مع اتساع الانتشار وانعكاساته على الجميع ، أما من الناحية السياسية والعسكرية إذا تحقق ذلك سيكون سابقة خطيرة وإنذارا يهدد الاستقرار والسلم العالمي.

نحن بكل بساطة أمام وباء جديد ، والمطلوب إذا هو الحلف العالمي المقدس لمواجهة كورونا واستنباط اللقاح والأدوية المناسبة.. في زمن الكورونا يتوجب التركيز على حماية الإنسان والبيئة النظيفة، وليس استمرار سجال الكبار من دون وازع أخلاقي.

ويعمق من حدة الأزمة أيضا، أن قطاع الرعاية الصحية على المستوى العالمي، لم يكن بصفة عامة مستعدا لمواجهتها، وقد بدا جليا خلال الأسابيع القليلة الماضية درجة الارتباط بين اقتصاديات الدول من جهة ومدى فعالية سياسات الوقاية ونظم الرعاية الصحية في الحد من انتشار الفيروس الجديد من جهة أخرى، أن أي تقدير لنمو اقتصاد بعينه، قبل الأزمة، ينبغي تخفيضه، ما لم يكن يعتمد على إنتاج سلع تتمتع بالرواج حاليا، كالكمامات والمستلزمات الصحية والمطهرات وغيرها وهذه بالطبع حالة خيالية.

علينا إذن أن نعمل على تقديرات جديدة، في مصر، سيتحتم على الحكومة أن تعدل من توقعاتها للنمو خلال العام الحالي والتي تتراوح ما بين 5.5 و6% بناء على حساباتها للتداعيات المختلفة، كما ينبغي أن تفعل ذلك باقي الدول.

اننا بصدد أزمة تمثل حالة فريدة ومختلفة، تحتاج إلى طرق علاج مختلفة تتمثل من وجهة نظري في عدد من المحاور، أولها حتمية إشراك الدولة للقطاع الخاص، فالتعاون بين الطرفين في هذه المرحلة بالغ الأهمية، فالحكومة بحاجة للحصول على بيانات ومعلومات سريعة ومحدثة، كي تستطيع تحديد جدول أولوياتها في الدعم والمساندة على أرض الواقع.

وفى هذا الإطار على الدولة أن تدعو اتحادات الغرف والصناعة والسياحة والبنوك وممثلي مختلف القطاعات الاقتصادية للتباحث، وعلى هؤلاء أن يضعوا قائمة مطالب، يشترط فيها أن تكون محدودة العدد، وأن ترتبط بالتداعيات الحالية، دون التوسع فيها أو محاولة تمرير بنود تتعلق بمشكلات سابقة أو موجودة ومستمرة من قبل الأزمة.

وينبغي أن يكون واضحا أن الهدف من تلبية المطالب، يتمثل في الإبقاء على العجلة في حالة حركة، ولو بسرعة أقل، لأنه سيكون من الصعب عودة نشاط أو مصنع أو وحدة إنتاجية أو خدمية للعمل مرة أخرى، إذا ما توقفت بسبب الأزمة.

هناك أيضا نقطة بالغة الأهمية، تتعلق بالاقتصاد غير الرسمي، والذى يرتبط بحركة النشاط في الشارع، والذى ينبغي أن نُضعه في الاعتبار من خلال نظام الضمان الاجتماعي، في حالة إذا ما طالت الأزمة.

فيما يتعلق بالقطاع المالي ينقسم إلى شقين، أولهما قطاع البنوك التجارية وكل ما يرتبط به من مستوى السيولة، والتمويل المصرفي وكفاءة نظم الدفع وغيرها. ولحسن الحظ فإن هذا القطاع في مصر، كان محل تطوير وإصلاح في الفترة من (2004-2008)، ويتمتع حاليا بملاءة مالية وسلامة مصرفية، وهو مؤهل لأداء الدور المطلوب، وكل ما يحتجه في مثل هذه الظروف الطارئة، أن يتم الحرص على استمرار السيولة في تدفقها داخل الجهاز المصرفي.

من جهة أخرى، يتعين على المصارف عقد اتفاقات مع العملاء على مد آجال الائتمان، وبالذات في قطاع التجارة الذى يعتمد على التمويل قصير الأمد، وبحاجة فورية للمساندة خلال الفترة الحالية.

الظروف الحالية تمنح البورصة فرصة لحل مشكلاتها المزمنة بعيداً عن التوليفات غير المترابطة

نأتي للشق الثاني من القطاع المالي ممثلا في سوق المال وتحديدا البورصة، التي تتلخص مشكلتها الراهنة في كونها تعكس ما يحدث في الاقتصاد، وفى هذا السياق وفى حالة البورصة المصرية تحديدا، والتي كانت بالفعل تعانى قبل الأزمة، أعتقد أنه قد آن الأوان للتعامل مع المشكلات المزمنة لها في إطار مجموعة من المبادئ العامة، بعيدا عن التوليفات غير المترابطة.

وعلى سبيل المثال، كمبدأ عام، يتفق العالم على فرض 3 أنواع من الضرائب بأشكالها الكلاسيكية، المباشرة وغير المباشرة والضرائب العقارية، وما دون ذلك قابل للنقاش، فهل تعلم مثلا أن ثمة دول حققت فيها ضريبة الأرباح الرأسمالية على الأسهم حصيلة تساوى «صفر»، لانتفاء الأرباح من الأساس. الأمر إذن بحاجة لإعادة التفكير.

المبدأ الثاني يتمثل في تلافى الضرر الاقتصادي، بمعنى أنك عندما تفرض ضريبة ما على سوق الأوراق المالية، يجب أن تضع في اعتبارك مقارنتها، بالأوعية الادخارية، التي تستطيع أن تضع فيها مدخراتك كبديل، وإذا ما كانت تخضع بدورها للضرائب أم لا. نعم لإلغاء الضريبة.. ولا لتأجيلها لا نه سيصبح سيفاً مسلطاً على المستثمرين

أما المبدأ الثالث، ففحواه أن القرار ينبغي إن يكون منع الضريبة، لا تأجيلها، لأن الإرجاء، سيكون بمثابة سيف مسلط على أعناق المستثمرين.

ويجب إن تلاحظ أن كل ما تحدثت عنه بشأن سوق المال، لا يمثل إجراءات “فيروسية” إن جاز التعبير، بل كانت مطلوبة منذ وقت طويل.

ولكن على الجانب الآخر هناك بعض التداعيات الإيجابية للأزمة، وهى إنها قد أتاحت الفرصة، لمراجعة كل القواعد، وعلى سبيل المثال، انظر لقطاع الرعاية الصحية والطب الوقائي، الذى بات واضحا أنه ليس مؤهلا لأداء دوره بكفاءة، وبحاجة إلى تدعيم،

وأنه قد آن الأوان لإعادة الاعتبار له على المستوى العالمي، وفى القلب منه الجزء المتخصص في الفيروسات والأوبئة. ولحسن الحظ- أن مصر من أكثر الدول التي تمتلك قاعدة واسعة في هذا المجال، تصلح للبناء عليها، تتمثل في الانتشار الكثيف لوحدات الرعاية الصحية، بمعدل وحدة كل 2 كيلومتر في المتوسط.

من بين الأمور الإيجابية أيضا، إنه قد تبين أن نسبة الشفاء أعلى بكثير من الوفاة وسط المصابين في الفيروس الجديد، وهذا قد يبشر بسرعة الخروج من الأزمة، ولكن علينا أن نعلم أن كل أزمة لها ما بعدها، وتترتب عليها أوضاع وواقع جديد، لا يمكن الرجوع عنه.

هناك قوى وقطاعات جديدة ستبرز على المستويين المحلى والعالمي، فبجانب قطاع الرعاية الصحية والعلاج الوقائي، سيتم ما يشبه الاستدعاء المبكر للقطاع الرقمي والأنشطة المرتبطة به، بمعنى إن هناك كثيراً من الأشياء التي ستجد نفسك، بحكم الظروف مضطرا لأن تقوم بها رقميا الآن- بدلا من المستقبل-، وسيمثل ذلك قفزة من الصعب التخلي عنها.

ومن أبرز ما أفرزته الأزمة كذلك، إعادة الاعتبار لتوطين التنمية من خلال الحفاظ على الحد الأدنى لمستوى المركزية، ويعنى ذلك منح دور أكبر للمجتمع المحلى في مجال الرعاية الصحية والنظام التعليمي وغيرها، وتحدد بعض التوصيات في هذا الشأن، المجتمع المحلى، بكل ما يقع حول المحيط السكني في حدود 7 كيلومترات.

فيما يتعلق بالقطاع الخاص، أعتقد أن الأزمة تمثل فرصة له، لإثبات جديته في تطبيق كل ما تم الإسراف في الحديث عنه خلال السنوات الماضية، بشأن المسئولية الاجتماعية للشركات ومسألة التنمية المستدامة.