الجمعة, 19 أبريل 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

تعرف على الزعيم"إبراهيم هنانو" ورسالته للشباب

تعرف على الزعيم-إبراهيم هنانو- ورسالته للشباب
عدد : 04-2020
بقلم المهندس: طارق بدراوى


إبراهيم بن سليمان أغا بن محمد هنانو كان أحد قادة الثورة السورية على الإحتلال الفرنسي لسوريا ولبنان وقام بمقاومة الغزو الفرنسي لبلاده وكان يعد من القادة والزعماء السوريين البارزين والمرموقين وكان من أصل كردي من عشيرة البرازية وكانت عائلته من العائلات القديمة العريقة التي لها زعامتها ووجاهتها التقليدية منذ القدم منذ أن قدم جده الأكبر الى بلدة كفر تخاريم التي تقع شمال غرب سوريا في محافظة إدلب التي تقع إلي الغرب من مدينة حلب قبل نحو ثلاثة قرون وقد ولد في هذه البلدة عام 1869م وكان والده سليمان آغا أحد أكبر أثرياء مدينة حلب أما والدته فقد كانت كريمة الحاج علي الصرمان من أعيان كفر تخاريم ولما بلغ هنانو السادسة من عمره إلتحق بالمدرسة الإبتدائية في بلدته كفر تخاريم ثم إنتقل إلى حلب حيث أتم دراسته الثانوية ثم قام بأخذ أربعة آلاف ليرة ذهبية من والده بدون علمه ليدرس بالجامعة السلطانية في إسطنبول عاصمة الخلافة العثمانية حيث كان والده يرفض سفره إلى هناك وعاد إلى أهله بعد أربع سنين ثم غادرهم مرة ثانية إلى إسطنبول لينهي دراسة الحقوق بعد ثلاث سنين أخرى وبعد أن نال شهادتها عين واليا لناحية من ضواحي إسطنبول وبقي فيها مدة ثلاث سنوات وخلال هذه الفترة تزوج فتاة من مهاجري منطقة أرضروم أو أرض الروم وهي محافظة تقع في شمال شرق تركيا ثم أصبح قائمقاما بنواحي أرضروم وبقي فيها أربع سنوات ويذكر أن هنانو كان عضوا في جمعية العربية الفتاة السرية التركية أثناء هذه الفترة التي أقام فيها في تركيا ثم عاد إلي بلدته وإنتخب ممثلا لمدينة حلب في المؤتمر السوري الذي إجتمع لأول مرة في دمشق عام 1919م وكان هنانو من الأعضاء البارزين في هذا المؤتمر وعندما إحتل الفرنسيون بعد الحرب العالمية الأولي مدينة أنطاكية التاريخية التي تقع علي الضفة اليسرى لنهر العاصي شمال شرق سوريا وكانت ضمن نطاق محافظة حلب والتي كانت تحت سيطرة عزة هنانو شقيق إبراهيم هنانو والذي إضطر لتسليم المدينة بناءا على أوامر الحكومة العربية في سوريا إختير هنانو لتأليف عصابات عربية من المجاهدين تشاغل القوات الفرنسية وجعل هنانو مقره في مدينة حلب إذ كان يعمل رئيسا لديوان والي حلب حينذاك وشجع الثورة في الشمال السورى بإيعاز من حكومة الملك فيصل الأول أول ملوك المملكة العراقية مابين عام 1921م وحتي عام 1933م وملك سوريا ما بين شهر مارس وشهر يوليو عام 1920م وكان ثالث أبناء الحسين بن علي الهاشمي شريف مكة ومؤسس المملكة الحجازية الهاشمية وأول من نادى بإستقلال العرب من حكم الدولة العثمانية وقام هنانو بتشكيل مجموعات صغيرة من المجاهدين قليلة العدد سريعة التنقل مهمتها إزعاج السلطات الفرنسية في منطقة الإحتلال الفرنسي وقد حققت هذه المجموعات نجاحا كبيرا في تنفيذ واجباتها ومن ثم ذاع صيت هنانو وكثر أتباعه وإنتشرت الثورة وتزايدت الضغوط على المستعمر الفرنسي إلا أن المستعمر الفرنسي كشر عن أنيابه ونزلت قواته علي الساحل اللبناني .


وفي يوم 5 يوليو عام 1920م أوفد الملك فيصل مستشاره السياسي نوري السعيد إلي العاصمة اللبنانية بيروت للقاء القائد العام للقوات الفرنسية الجنرال هنرى جوزيف جورو والذى عاد إلي دمشق يوم 14 يوليو عام 1920م محملا بإنذار من قائد القوات الفرنسية عرف بإسم إنذار جورو للحكومة السورية كان أول شروطه تسريح الجيش الوطني السورى وإيقاف التجنيد الإجباري وقبول الإنتداب الفرنسي وتسليم خطوط السكك الحديدية وقبول تداول ورق النقد التي أصدرها مصرف سوريا ولبنان في باريس وتنفيذ ذلك خلال أربعة أيام وكان ذلك يعني القضاء على إستقلال البلاد وثرواتها وبلا أدني شك كان هذا الإنذار مستفزا للقوى الوطنية السورية ومثيرا لمشاعرها والتي تملكها الغضب الشديد وقامت بتنظيم مظاهرات صاخبة منددة بالفرنسيين وإنذارهم وتردد الملك فيصل هو ووزراؤه بين قبول الإنذار أو رفضه ثم إتفق أكثرهم على القبول وأرسلوا برقية إلى الجنرال جورو بالموافقة على بنود الإنذار وأوعز فيصل بحل الجيش ومع ذلك وعلي الرغم من قبول الحكومة السورية للإنذار والعدول عن فكرة المقاومة وقبول مطالب الجنرال جورو والأمر بتسريح الجيش السوري وسحب الجنود من منطقة الحدود اللبنانية السورية بالمخالفة لقرار المؤتمر السوري العام ورأي الشعب المتمثل في المظاهرات الصاخبة المنددة بالإنذار وبمن يقبل به وبينما كان الجيش العربي السورى المرابط على الحدود بين سوريا ولبنان يتراجع منفضا حسب الإنذار كان الجيش الفرنسي يتقدم نحو العاصمة السورية دمشق وعلم الملك فيصل بذلك فقام بإستدعاء ضابط الإتصال الفرنسي الكولونيل كوس ليستفسر منه الأمر والذى وعده بالسفر حالا للتحقيق في الأمر ثم وفي عصر ذلك اليوم عاد كوس ليقول إن سبب زحف القوات الفرنسية هو أن برقية قبول الإنذار التي أرسلها الملك بالأمس لم تصل إلى الجنرال جورو في الوقت المحدد بل تأخرت نصف ساعة من جراء قطع العصابات خطوط التلغراف ولما سمع الملك فيصل هذا الرد ألغى قرار حل الجيش واعلن عن تأليف جيش أهلي وعندئذ لم يكن أمام أصحاب الغيرة والوطنية إلا المقاومة حتى الموت وكان على رأس هذا الرأي وزير الحربية يوسف العظمة والذى كان يعمل بنشاط ويظهر تفاؤلا كبيرا وقام بعمل الترتيبات العسكرية اللازمة ووضع الخطة العسكرية المحكمة للدفاع وعَين القواد الذين عهد إليهم بإدارة التحركات وتنفيذ الخطة في مختلف الجبهات وبدأ في إتخاذ التدابير العسكرية السريعة ومنها وقف أعمال تسريح أفراد الجيش والعمل على جمع ما تبقى من جنوده والإتصال ببعض العلماء أصحاب التأثير على الشعب لدعوة أفراده القادرين علي حمل السلاح إلى التطوع والسير نحو الجبهة ونتيجة لذلك توجه المئات من المتطوعين إلى الجهاد وعلى رأسهم بعض علماء الدين وإتجهوا لمقاومة القوات الغازية الفرنسية الزاحفة بإتجاه دمشق وسار يوسف العظمة إلى جبهة ميسلون كقائد للمجاهدين لا كوزير حربية وبالفعل خاض معركة إستشهادية لم يكن منصبه يلزمه على خوضها حيث إلتقي جيش المتطوعين السورى مع القوات الفرنسية في الساعة التاسعة من صباح يوم 24 يوليو عام 1924م وكان مجموع القوات الفرنسية تسعة آلاف جندي يدعمها طائرات ودبابات ومدفعية وأسلحة عديدة بينما لم يتجاوز عدد أفراد الجيش السوري الثلاثة آلاف جندي غالبيتهم من المتطوعين وبالطبع لم تكن معركة متكافئة وإستشهد يوسف العظمة وإستشهد معه حوالي 400 من جيشه وإنتهي الأمر بوصول القوات الفرنسية إلي دمشق .


وبإنتصار الفرنسيين في معركة ميسلون ودخولهم دمشق قام الملك فيصل بالتوقيع على معاهدة الإنتداب مع فرنسا في عام 1920م الأمر الذي رفضه الكثير من السوريين وتصادم الملك مع الزعيم والمناضل السورى الكبير عبد الرحمن الشهبندر قائلا أنا من سلالة النبي فرد عليه الشهبندر وأنا إبن هذا البلد وأرفض كل وصاية وأطالب بتشكيل حكومة قومية ثورية ومن ثم إندلع الخلاف بين الملك ومؤيدوه وبين القوى الوطنية السورية وقام الفرنسيون بتقسيم سوريا إلى خمس دول دولة دمشق ودولة حلب ودولة جبل العلويين ودولة لبنان الكبير ودولة جبل الدروز وعينت سلطات الإنتداب صبحي الحديدي رئيساً لدولة حلب بدلا من هنانو والذى أذاع نداءه الوطني الذي ألهب المشاعر والذى كان نصه أيها الفلاحون والقرويون يا بني وطني ويا أبناء سوريا الأشاوس يا أباة الضيم من قمم الجبل الأشم أستصرخ ضمائركم وأقول لكم إن بلادنا العزيزة أصبحت اليوم محتلة مهددة من قبل المستعمرين أولئك الذين إعتدوا على قدسية إستقلالنا وحرياتنا قاصدين من وراء ذلك فرض الإستعمار الجائر والإنتداب الممسوخ اللذين قاومهما العرب أعواما كثيرة وسفكوا الدماء الزكية في سبيل الحرية والإستقلال التام وها أنذا أتقلد السلاح للذود عن حياض الوطن الغالي والإستقلال الثمين الذي نحن له الفدى فيا أبطال الوغى وياحماة الديار إلى الجهاد إلى النضال عملا بقول الله تعالى وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله وكان هذا النداء من جانب هنانو سببا رئيسيا في إثارة الحمية وشحذ الهمم من أجل مقاومة الإستعمار فكثرت جموعه وإتسع نطاق نفوذه فلجأ إلى تركيا لطلب الدعم من الأسلحة وعتاد الحرب مما أمن له سلاحا وذخيرة كانت كافية لإلحاق أضرار فادحة بالفرنسيين في جميع المواجهات سواء من ناحية الأفراد أو العتاد وخاض 27 معركة لم يصب فيها بهزيمة واحدة وكان أشدها معركة مزرعة السيجري التي تمكن فيها هنانو والمجاهدون من أسر عدد كبير من الجنود الفرنسيين ومعركة قرية أورم الصغرى ومعركة إستعادة كفر تخاريم التي إستطاع فيها المجاهدون إسترداد مناطق واسعة من السيطرة الفرنسية منها منطقته التي ولد بها كفر تخاريم وقد تكبد الفرنسيون في هذه المعارك خسائر كبيرة وجسيمة في الأرواح وكذلك في الأسلحة والدواب والذخائر والمواد التموينية مما ساعد هنانو على الإستمرار في ثورته وقد تسببت هذه المعارك في إزعاج شديد للقوات الفرنسية ومن ثم شنوا هجمات شرسة علي دمشق وحلب لقمع الثورة وهنا لجأ هنانو وجماعته إلى جبل الزاوية وهو موقع متوسط بين حماة وحلب وإدلب وإتخذها مقرا له وقاعدة لأعماله العسكرية كما ضم إليه العصابات التي كانت قد تشكلت هناك لمواجهة الفرنسيين وتولى قيادتها بنفسه ولقب بالمتوكل على الله بسبب قوله توكلنا على الله كلما ذهب مع قواته للإغارة على الفرنسيين وقام هنانو بنقل منطقة قيادته بعد ذلك إلى جبل الأربعين وإزداد عدد أتباعه بسرعة بعد إنتصاراته على الفرنسيين فقام بإعلان دولة حلب وإقامة حكومة مستقلة فيها بإدارته وعلى إثر ذلك بدأت مفاوضات بينه وبين الفرنسيين وإشترط هنانو للبدء في المفاوضات إيقاف جميع تحركات القوات الفرنسية .


وفي هذه الأثناء وفي ظل هذه الظروف الحرجة التي يمر بها هنانو والمجاهدون السوريون قام الزعيم التركي مصطفى كمال أتاتورك بتوقيع إتفاقية مع فرنسا وأوقف معونته للثوار السوريين مما أدى إلى إضعاف موقف هنانو في المفاوضات وأصر الفرنسيون على أن تصبح الدولة التي يطالب بها في المناطق التي تخضع لثورته وهي حلب وإدلب وحارم وجسر الشغور وأنطاكية مكبلة بقيود عسكرية مع الفرنسيين الأمر الذي رفضه هنانو ورأى فيه إتفاقا مذلا وقال للمفاوضين الفرنسيين إن حياتنا ليست بذات بال أمام حياة الوطن فنحن لم نقم بحركتنا هذه لمكسب شخصي أو غنم مادي إننا قمنا لنحرر بلادنا المقدسة من الإستعمار ولن يثنينا عن عزمنا وعد أو وعيد وإستمرت أعمال القتال والكفاح وعزز الفرنسيون قواتهم في مناطق ثورة هنانو وضيقوا الخناق على الثوار مما أدى إلي تفرق الكثير من المجاهدين ومن ثم ضعفت إمكانيات الثورة المادية وتمت محاكمة هنانو أمام المحكمة الفرنسية الجنائية العسكرية وحكم عليه غيابيا بالإعدام 4 مرات ولما سمع هنانو بيان أذاعه الشريف عبد الله بن الحسين حاكم الحجاز يقول فيه إنه جاء من بلاد الحجاز إلى الأردن لتحرير سوريا كاتبه هنانو ثم قَصده للإتفاق معه على توحيد خطط مكافحة المستعمرين الفرنسيين ولما كان هنانو في يوم 16 يوليو عام 1921م في منطقة قريبة من مدينة حماة مع عدد من فرسانه إعترضته قوة كبيرة من الجيش الفرنسي حيث كان الفرنسيون مسيطرين على الطرق فقاتلهم ونجا وبعض من كانوا معه وتابع سيره إلى الأردن فلم يتفق مع الشريف عبد الله بن الحسين في رؤيته في الجهاد ضد الفرنسيين فتوجه إلى فلسطين وهناك إعتقلته الشرطة البريطانية في مدينة القدس في يوم 13 أغسطس عام 1921م وسلموه للفرنسيين فنقل إلى حلب لمحاكمته أمام محكمة الجنايات العسكرية الفرنسية بتهمة القيام بأعمال مخلة بالأمن والقيام بأعمال إجرامية وعقدت المحكمة أول جلساتها في يوم 15 مارس عام 1922م في ظل إجراءات أمن مشددة وترافع فتح الله الصقال أبرز محاميي مدينة حلب للدفاع عن هنانو حيث دفع بأن التهمة باطلة كون هنانو خصم سياسي وليس مجرما بدليل أن الفرنسيين قبلوا بالتفاوض معه مرتين ووقعوا معه هدنة وعندما قال رئيس المحكمة العسكرية لهنانو إن الشعب السوري لم يطلب منك إعلان الثورة وقف السياسي السورى المعروف سعد الله الجابري وبدون إذن من رئيس المحكمة وقال إننا نحن الذين طلبنا من الزعيم هنانو مقاتلتكم ونحن لن نتخلى عن مقاتلتكم مادام فينا وطني واحد حتى تخرجوا من بلادنا وفي يوم 25 مارس عام 1922م طالب النائب العام الفرنسي المحكمة بإعدامه قائلا لو أن لهنانو سبعة رؤوس لطلبت قطعها جميعاً لكن القاضي الفرنسي أطلق سراح هنانو معتبرا ثورته ثورة سياسية مشروعة معلنا إستقلالية السلطة القضائية الفرنسية عن السلطة العسكرية وبعد إنتهاء المحاكمة وإطلاق سراح هنانو طلب الصقال من هنانو أن يدخل لشكر رئيس المحكمة في مكتبه على حكم البراءة فإعتذر الرئيس عن إستقبال هنانو في مكتبه قائلا أنا لا أصافح رجلا تلوثت يداه بدماء الفرنسـيين وأنا عند الحكم كنت على منصة القضاء أما الآن فأنا مواطن فرنسي .


وما بين عام 1925م وعام 1927م أثناء الثورة السورية الكبرى التي قادها المجاهد السورى الكبير سلطان باشا الأطرش بداية من يوم 21 يوليو عام 1925 بقيادة ثوار جبل العرب في جنوب سوريا ثم إنضم تحت لوائهم عدد من المجاهدين من مختلف مناطق سوريا ولبنان والأردن تولى هنانو زعامة الحركة الوطنية في شمال سوريا وقد جاءت هذه الثورة كرد فعل على السياسات الدكتاتورية العسكرية التي إتبعتها السلطات الفرنسية والمتمثلة في تمزيق سوريا إلى عدة دويلات وإلغاء الحريات وملاحقة الوطنيين وإثارة النزعات الطائفية ومحاربة الثقافة والطابع العربي للبلاد ومحاولة إحلالها بالثقافة الفرنسية بالإضافة إلى رفض سلطات الإنتداب عقد إتفاق مع القوى الوطنية السورية لوضع برنامج زمني لإستقلال سوريا وبعد الثورة وفي عام 1928م عين هنانو رئيسا للجنة الدستور في الجمعية التأسيسية لوضع الدستور السوري وقد عكفت هذه اللجنة برئاسته على وضع دستور يتضمن 115 مادة تتفق في مجملها مع دساتير معظم الدول الأوروبية إلا أن هذا لم يرق للمفوض السامي الفرنسي الذي سعى إلى تعطيل الجمعية التأسيسية والدستور مما أدى إلى إندلاع مظاهرات إحتجاج شارك فيها هنانو وطالب بتنفيذ بنود الدستور وفي عام 1932م في مؤتمر الكتلة الوطنية إنتخب إبراهيم هنانو زعيما للكتلة الوطنية والتي نص قانونها على أنها هيئة سياسية غايتها تحرير البلاد السورية المنفصلة عن الدولة العثمانية من كل سلطة أجنبية وإيصالها إلى الإستقلال التام وتوحيد أراضيها المجزأة في دولة ذات حكومة واحدة وعندما حاولت فرنسا فرض معاهدتها التي تحقق مصالحها على السوريين عام 1933م قام الزعيم هنانو بزيارة إلى دمشق وحمل حملة عشواء على الحكومة التي كان من أعضائها من هم منتسبون إلى الكتلة الوطنية وذلك لنيتها قبول المعاهدة الفرنسية بالشكل المفروض على الأمة مما أدى إلى إستقالة حكومة حقي العظم بأمر من فرنسا وإعادة تشكيلها بحيث لا يكون من بين أعضائها من هو منتسب إلى الكتلة الوطنية فقامت المظاهرات تجوب شوارع المدن السورية وكان الزعيم هنانو في مقدمة المتظاهرين وفي شهر سبتمبر من نفس العام 1933م قام شخص يدعى نيازي الكوسى بإطلاق النار على هنانو في أثناء وجوده في قريته إلا أن الرصاص أصاب قدمه وتم القبض على الكوسى في أنطاكية وحكم عليه بالسجن عشر سنوات إلا أن المفوض السامي الفرنسي أصدر عفوا خاصا بحق الكوسى مما دفع الجميع للإعتقاد بعلاقة الفرنسيين بحادثة محاولة الإغتيال الفاشلة وقرب نهاية خريف عام 1935م قصد الزعيم إبراهيم هنانو قريته السيدة عاتكة للإشراف على بعض أعماله الزراعية هناك قبل ان يتوجه إلي دمشق بعد أن إستأجر بيتا للإقامة فيها خلال فصلي الشتاء والربيع وكان الزعيم يتمتع بكامل صحته في ذلك الوقت وفي صباح يوم الخميس 12 من شهر نوفمبر عام 1935م تناول قهوته ثم قصد إلى كرم زيتون ليشرف على العمال ويتريض قليلا ولكنه أحس بشيء من البرد والألم في صدره فعاد إلى غرفته وما لبث الألم أن إشتد عليه في الأيام التالية فأرسل إبنه طارق ليحضر له سيارة تنقله إلى طبيبه في مدينة حلب وحين تأخر طارق في العودة أمسك الزعيم ساعته وصار يعد نبضه وحين شعر أن عدد نبضاته يتجاوز المائة ألقى الساعة من يده وقال لمن حوله قولوا لإخوتي الوطن بين أيديهم وأسلم الروح في هذا اليوم الخميس الموافق 21 نوفمبر عام 1935م وفجعت البلاد بوفاته وقد روع هذا النبأ الحزين جميع الأقطار العربية والمدن السورية وتم تشييع جنازته والصلاة عليه في المسجد الأموى بدمشق ودفن في المقبرة المعروفة بإسمه في مدينة حلب ثم دفن إلى جانبه السياسي السورى الكبير ورفيقه في مواجهة الإستعمار الفرنسي سعد الله الجابري الذى تولي رئاسة مجلس الوزراء السورى مابين عام 1943م وعام 1944م ثم ما بين عام 1945م وعام 1946م وذلك بعد وفاته في يوم 1 يونيو عام 1947م .

ومما لا يعلمه الكثيرون أن الزعيم السوفيتي فلاديمير لينين قد أوفد إلي إبراهيم هنانو ضابطا من إقليم القوقاز كان قد تعرف هنانو عليه قبل بضع سنوات وعمل معه في خدمة الحكومة العثمانية في ولاية حلب وكان الضابط يحمل رسالة مكتوبة باللغة التركية يعرض فيها مساعدة الثورة السورية التي حمل سلاحها إبراهيم هنانو وإخوانه المجاهدون على الإحتلال الفرنسي بعد نكبة ميسلون وقد أتبعها بعدة رسائل حث فيها لينين هنانو علي إشعال نيران الثورات على الفرنسيين والإنجليز في تركيا وسوريا والعراق وفلسطين ومصر ويقول هنانو عن ذلك كان لينين مخلصا فيما عرضه ولكنه أراد أن تكون الثورات من الشعوب الإسلامية وبعد الحديث عن إبراهيم هنانو يجب أن لا نغفل دور أخته المجاهدة زكية هنانو حيث كرست حياتها في سبيل تحقيق أهداف شقيقها والمبادئ التي ناضل من أجلها ووقفت ثروتها على الثورة الوطنية العامة وآثرت أن تبقى دون زواج لتسهر على خدمة شقيقها وتأمين راحته وقد تخلت هذه المجاهدة عن كل ما تملكه لشقيقها الزعيم الثائر وعندما إختفى شقيقها إبراهيم هنانو من وجه الفرنسيين بقصد إشعال نار الثورة في عام 1925م كانت تجتمع سرا مع الشخصيات الوطنية البارزة وكانت تمثل همزة الوصل بينه وبينهم وتقوم بالدعايات الوطنية وتترأس المظاهرات النسائية ضد المستعمر الفرنسي مما جعل منها مثالا رائعا للمرأة المجاهدة وعندما سجن شقيقها الزعيم كانت تنقل إليه الأخبار بواسطة المراسلات التي كانت تضعها في طعامه الخاص وقد رافقته بعد إنتهاء الثورة إلى آخر حياته وكانت من أشد الناس وفاءا له ولولديه نباهت وطارق .

وبعد وفاة إبراهيم هنانو تبارى الأدباء والكتاب والشعراء في رثائه فرثاه بدوي الجبل بقصيدة قال فيها أنت أقوى من المنايا وأقوى من أذى الدهر فإستفق يا هنانو وقال عنه الشيخ علي الطنطاوي هو الزعيم الوطني الذي لم تعلق بإسمه ريبة ولم تخالط سيرته البيضاء بقعة سوداء كان أحد الكبار من زعماء الشام وأخيرا فقد كانت هناك رسالة وجهها إبراهيم هنانو إلى الجيل الصاعد من الشباب قال فيها نحن لا نشتغل بالسياسة لأجل الوصول إلى كراسي ذليلة يمن علينا بها ولا نحتاج إلى برهان على ذلك فقد كنتم ولا تزالون هنا مشاركين في سرائنا وضرائنا وإن الشباب حصن الوطن المنيع ودعامة حريته وإستقلاله وسيادته ووحدته ومناكب الشباب المتينة هي التي تقوم عليها النهضة الوطنية وسواعد الشباب المفتولة هي التي تعمل في حقل الوطن كل عمل نافع وإنه لعار على الشباب أن يذل وأن يخذل وما أذل الشباب وخذله غير الإنصراف الى المفاسد والخلاعة والوقوع في حبائلهما فإهجروهما وإعكفوا على العمل وجدوا وإكدحوا فالبطالة تقتل الرجولة وتميت النفوس وإحرصوا على كسب العلم وكسب المال فالأمة الفقيرة الجاهلة مقضي عليها بالذل والهوان وهيهات أن تستطيع الإفلات من حبائل الإفقار حافظوا على ثيابكم حتى آخر خيط فيها وتجنبوا الإسراف فالمسرفون كانوا إخوان الشياطين كما جاء في آي الذكر الحكيم ثم كونوا يدا واحدة وقلبا واحدا فيد الله مع الجماعة ولاتنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم وفقكم الله لما فيه الخير لهذا الوطن وإن هذه هي واجبات الشباب وهذه رسالتي إليكم فإحفظوها وحافظوا عليها وإجعلوها نصب أعينكم ورددوها علي الدوام كل صباح وكل مساء .
 
 
الصور :