الجمعة, 29 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

قصر البستان ( مول البستان ) حالياً

قصر البستان ( مول البستان ) حالياً
عدد : 06-2020
بقلم المهندس/ فاروق شرف
استشارى ترميم الاثار

مازلنا أمام قصر البستان بباب اللوق ( مول البستان التجارى ) حالياً وفى الإتجاه لميدان سليمان باشاً وإذا اشاهد قصر عابدين أمامى على بعد 50 مترا .. فتذكرت رحلتى مع القصر لمدة عام .. فعندما كنت مديراً عاماً لترميم الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية تم إستدعائى للقصر لمعاينة بعض الأعمال منها عملية تثبيت صورة الرئيس حسنى مبارك بغرفة مكتبه بالقصر حيث كان مقاس برواز الصورة أربعة أمتار فى ثلاثة أمتار تقريباً .. المهم تم إستقبالى كإستقبال الملوك بواسطة اللواء عصام شحاته ثم تولى الاستاذ محمد الجاكى أمين التحف بالقصر ( له منى الشكر والتحية والدعاء له بالصحة ) وهو الذى قام مشكوراً بإصطحابى لزيارة جميع التحف والغرف والأساسات وحتى الحديقة المعلقة .. ولا يفوتنى إلا أن أخص بالشكر والعرفان العلامة الأستاذ الدكتور محمود عباس معلم الأجيال فقد كان مديراً عاماً للآثار الحديثة آنذاك وذلك على حسن إستقباله ومعاونته فى كل شئ حيث كان المشرف العام على آثار القصر وقد تزاملت مع سيادتة بلجنة تقييم ترميم فازة بقصر الثورة بحى زيزنيا بالأسكندرية.

ويعتبر هذا القصر من أهم وأشهر القصور التي شيدت خلال حكم أسرة محمد علي لمصر فقد كان القصر مقراً للحكم منذ عام 1872، وشهد خلال هذه الفتره أهم الأحداث التي كان لها دور كبير في تاريخ مصر الحديث والمعاصر.

جاء نقل مقر الحكم من قصر النيل والقلعة في عهد إسماعيل ليجسد تكريس النفوذ المعماري الغربي في مصر، الذي بدأ في عهد محمد علي، ويعود نقل مقر الحكم من القلعة لأسباب عدة منها: انتهاء عصر المماليك، ونتيجة لتطور المدفعية والبنادق وتحولهما إلى سلاح أساسي للدفاع والهجوم وبالتالي قلة أهمية القلاع كمراكز للتحصن، وصاحب ذلك تغير تركيبة الطبقة الحاكمة من جنود محاربين يعتمدون على الشجاعة في إثبات شرعيتهم، إلى طبقة متمدينة تعتمد على العلم.

سكن الخديوي إسماعيل قبل توليه حكم مصر في منطقة عابدين، حيث اشترى دارين إحداهما لخورشيد باشا المعروف بالسناري، والأخرى لإبراهيم بك الخوجه دار، وهدم أجزاء منهما لكي يدمجهما في بعضهما، هذه الخطوة من المرجح أن إسماعيل قام بها بعد عودته من إسطنبول عند تولي عمه حكم مصر، أي بين عامي 1854 و1860، وهو عام تولي محمد سعيد حكم مصر هذا ما ذكره لنا عبدالحميد نافع عن القصر وقد أضاف أن إسماعيل قام بردم بركة اليرقان التي تقع إلى الشرق من السراي وجعلها ساحة أمامها.

ولكن حدث تطور هام أدى إلى تغيير خطط إسماعيل بالنسبة لهذه السراي، إذ رأى إسماعيل في عام 1868 أن يحول السراي بعد أن أصبح حاكماً لمصر إلى مقر للحكم على النمط الأوروبي كما فعل من سبقوه مثل عباس في قصري العباسية والحلمية ، وسعيد في قصر النيل، وتم وضع خطة لنزع ملكية العديد من المنشآت في المنطقة المحيطة بالسراي، ومنها منازل وجوامع عثمان بك إبراهيم الكبير والدرب الجديد بما فيه من درر، وعطفه التوته، وحارة الزير المعلق التي أصبحت مبنى السرملك، والحوش القبلي، ومنافع وميضأة جامع عابدين بك.

وقام ديوان الأمور الخاصة بدفع 2048 كيسة وكسور ثمناً للمنازل والحديقة التي نزعت ملكيتها من أجل بناء السراي وقام الخديوي إسماعيل باستبدال أرض وقف عابدين بك أحد الأمراء العثمانيين وكان أميراً للواء السلطاني، والتي بنى عليها القصر – بخمسة وأربعين فدان في الأقاليم وبلغ المصروف الشهري لبناء السراي 200 كيسة شهرياً، وتجاوزت المصروفات الخاصة بهذه السراي المخصصات المالية المحددة لها، إذ بلغت الزيادة المطلوبة لهذا الغرض في عام 1292هـ/1875، 38 ألف جنيه إنجليزي واستوفى المبلغ من سندات الدين.

• مكونات القصر.

توحي واجهة قصر عابدين بكونه قصراً رسمياً، فهي تذكر الزائر بقصر باكنجهام في لندن، فالخديوي إسماعيل ومن تبعه حرصوا على إضفاء طابع العظمة على القصر الملكي المصري، مدخل القصر الحالي يبرز عن الواجهة في الطابق الأرضي بوسط السلاملك، هذا البروز يتقدمه عمودين بين بائكتين ليشكل مع واجهة القصر ما يشبه مطلع ومنزل منحدر لعربات الخيول أو لسيارات كبار الضيوف حيث ينزل الضيف ماراً عابراً الباب إلى البهو الرئيسي وفوق هذا المنحدر البارز الشرفة الملكية التي يطل من خلالها الملك على الجماهير المحتشدة في ميدان عابدين في المناسبات المختلقة يؤدي مدخل القصر الرئيسي إلى السلاملك، الذي يوجد على امتداده صالونات لكل منها لونه الذي يميزه.

وتشترك هذه الصالونات في وجود مدفأة من الرخام في كل منهما واستخدام الأقمشة في كسوة أجزاء من جدرانها.

• قاعة العرش

حرصت أسرة محمد علي على أن تشتمل قصورها على قاعة عربية على الرغم من بناء هذه القصور على الطرز المعمارية الغربية، وقد كان في قصر النيل الذي بناه سعيد باشا قاعة عرش عربيه صممت القاعة الحالية في عهد الملك فؤاد الذي سعى لبناء شخصية للدولة المصرية الملكية، ويتواكب تجديد هذه القاعة مع إعلان 28 فبراير 1922، الذي أعلنت بمقتضاه الدولة المصرية المعاصرة، صممت القاعة بين عامي 1928 ـ 1931، لتكون خاصة بمراسم الأستقبال الرسمية، وللمناسبات الملكية، وهذا ما راعاه فيروتشي مصممها.

استوحت زخارف قاعة العرش من العمارة المملوكية فاستخدمت العقود المنكسرة المشعة من الداخل وكوشات العقود مزخرفة بزخارف الأرابيسك وبين كل كوشتين ميمه، ويعلو ذلك بحر من الكتابات العربية، وأسفل هذه الدخلة المزخرفة باب ويعلو كرسي العرش رنك (شعار) تجديد القاعة في عصر الملك فؤاد، يعلو العقود المنكسرة فوق كل عقد شمسية معشقة بالزجاج الملون، وهي ذات عقد مدبب، يتم الدخول إلى هذه القاعة من عدة أبواب عن طريق ممر السلاملك والصالونات، أحد هذه الأبواب كان مخصصاً للملك سقف هذه القاعة مستوحي من أسقف المدارس المملوكية الجركسية كسقف مدرسة السلطان قايتباي ومدرسة قجماس الإسحافي.

• قاعة قناة السويس

شهد قصر عابدين جانباً مهماً من احتفالات افتتاح قناة السويس التي كان الخديوي إسماعيل يطمح خلالها إلى إعلان استقلال مصر عن تركيا ولأن حدث افتتاح القناة كان واحداً من أهم الأحداث في مصر في القرن 19، بل يعد من أهم أحداث العالم خلال هذا القرن فقد كان طبيعياً أن يطلق على الصالون الرئيسي للقصر "قاعة قناة السويس" التي شيدت على طراز النيو باروك، وبالقاعة لوحتان للفنان إدوارد ديو، وهو الذي رسم حفل افتتاح القناة، واللوحتان ضخمتان تجسدان هذا الحقل التاريخي، أكد ذلك أيضاً لوحة أضيفت عام 1981، للفنان مصطفى رياض تجسد إعادة افتتاح القناة في عهد الرئيس أنور السادات عام 1975.

• الحرملك.

تعد مراسم الحرملك أهم ما صاغ عمارة هذا القسم من القصر فقد كان سلم الحرملك الرئيسي مخصصاً للضيوف الرسميين، حيث تستقبل ضيفات القصر، ليقودها إلى غرفة الانتظار تمهيداً لصعودها لأحد صالونات القصر في الحرملك، ومن أبرزها القاعة البيزنطية، فزخارف هذا القاعة وأثاثها لا يشير إلى كونها مستوحاة من الطراز البيزنطية، لكنها في حقيقة الأمر مستوحاة من الزخارف الإسلامية، إلا أن ما يعطيها الطابع البيزنطي هو رخام الأرضيات و اللوحات المرسومة على الجدران.

لكن من أروع أجنحة هذا القصر هو الجناح البلجيكي وجناح الملك الذي يضم غرفة نوم الملك وغرفة نوم الملكة ومكتب الملك الخاص وغرفة الملابس والحمام وجدد عام 1929، وصممه فيوتشي، حيث إنه يعود أصلاً لعصر الخديو إسماعيل.

تغير وجه مدينة القاهرة فمع انتقال مقر الحكم أو بمعنى أدق مقر إقامة الحاكم إلى قصر عابدين، حدث تطور جذري في بنية مقر الحكم، فلم يعد ذلك المكان الذي يضم الدواوين أي الوزارات ومجلس شورى النواب وأرشيف الدولة... الخ، على غرار قلعة صلاح الدين بل صار القصر قصراً للحاكم وديوانه فقط وأصبحت للدواوين دور أكبر زاد يوماً بعد يوم في إدارة شئون الدولة، لذا فإن بناء الخديوي إسماعيل مبنى ديوان الأشغال ومبنى مجلس شورى النواب والاثنان متجاوران وباقيان حتى الآن مؤشراً على دولة عصرية بل دولة لها رؤية، إذ بتأسيس الخديوي إسماعيل الجمعية الجغرافية المصرية فإنه يعبر عن رغبته في تجاوز مصر حدودها الجغرافية إلى حدودها الإستراتيجية حيث منابع النيل.

إن هناك عدة معطيات ساهمت في بلورة طبيعة الحكم في مصر في عصر إسماعيل، منها نضوج النخبة المصرية تجاه سيطرة الأتراك على السلطة ومعهم أسرة محمد علي ظهور الطباعة التي حولت القراءة ثم الثقافة إلى جزء هام من حياة شرائح أوسع من النخبة الدينية الأزهرية والمجتمع رؤية هذه النخب لمصر ومكانتها وتقدمها مقارنة مع أوروبا ثم الصحافة التي وجهت هذه النخبة عبرها سهام النقد للطبقة الحاكمة.

لقد أدى ديوان الأشغال الذي قام بالعديد من المشاريع العمرانية والمعمارية في مصر، إلى نقل طراز العمارة الأوربية المعاصرة لمصر فكانت مشاريعه كلها متأثرة بهذه الطرز كبنايات شارع محمد علي، كما أن هذا الديوان خرجت من عباءته العديد من الدواوين أي الوزارات.
 
 
الصور :