كتبت: ريهام البربري
Rehamelbarbary2006@yahoo.com
رغم تأكيد لجنة الفتوى بالأزهر أن سنة النحر فى عيد الأضحى مؤكدة في شعائر الإسلام، وأن إحيائها مقدم على تقديم قيمتها صدقة للفقراء والمحتاجين إلا أن الأزهر في ظل الظروف الغير عادية التى يعيشها العالم هذا العام أباح التبرع بقيمتها وفاءا للمحتاجين مسلمين كانوا أو غير مسلمين للوقاية والعلاج من فيروس كورونا، لما فيه مصلحة أعظم للبلاد والعباد من الأضحية.. وهذا ما دعانا الى أن نتوقف حول قيمة التبرعات فى تحقيق منافع جمة للإنسانية فى ظل الظروف التي تمر بها البلاد والعالم أجمع، والتى تحتم التكافل بين أفراد المجتمعات، خاصة مع وجود ملايين الفقراء فى حاجة إلى أبسط متطلبات الحياة.
والتكافل والتبرع بكل ما تجود به النفس هو فطرة طبيعة لدى الإنسان، حيث يسعى فيها إلى تقاسم كل ما هو من أساسيات العيش في الحياة مع الآخرين. ولقد كان الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم، يحثُّ المسلمين ويُرغِّبهم في الصدقة والتبرع للفقراء وللجهاد في سبيل الله، حسب إمكانيات كل متبرع؛ لقوله عليه أفضل الصلاة والسلام: (فاتقوا النار ولو بشق تمرة، فمن لم يجد فبكلمة طيبة).. والمقصود حث الإنسان على عمل الخير بكل وجه مستطاع وإن قل.
وبسبب تفشى جائحة كورونا في أكثر من 210 دولة ومنطقة منذ بدء ظهورها في الصين نهاية عام 2019، وإصابة مايقرب من 14مليون شخص وتخوف خبراء الاقتصاد من حدوث خسائر عالمية تتجاوز 2 ترليون دولار .. وجدنا الكثير من أصحاب المليارات البالغ عددهم 2095 مليارديراً حول العالم يبادرون بتقديم التبرعات من أجل مكافحة كورونا ، من بينهم الأمريكى جاك دورسي، مؤسس «تويتر» الذى تبرع بمليار دولار، أي حوالي ربع ثروته، لدعم جهود الإغاثة ومكافحة كورونا، والمصنف بالمركز الثانى لأغنى أغنياء العالم الأمريكى بيل جيتس مؤسس "مايكروسوفت" الذى تبرع منذ عام 1994 بأكثر من 35.8 مليار دولار من ثروته على مساعدة الفقراء، وتحسين الرعاية الصحية، وزيادة الفرص التعليمية ، منها 255 مليون دولار لاكتشاف اللقاحات والعلاج والتطوير التشخيصي لفيروس كورونا.. كما تبرع الهندى عظيم بريمجي ب 132 مليون دولار للحد من انتشار الفيروس .. كما تبرع المصنف بالمركز السابع لأغنى أغنياء العالم " وارن بافيت" بأكثر من 37.4 مليار دولار ، أخرها 2.9 مليار دولار لمؤسسات خيرية...... وغيرهم الكثيرين من الأثرياء والمشاهير في أنحاء العالم ممن يتبرعون سرا وعلانية بملايين الدولارات سنويًّا؛ لِدُور العبادة، ومكافحةِ الأمراض ودعم التعليم ، وتبنِّي الموهوبين، بغرض تحقيق التكافُل الاجتماعي في كل الأوطان.
أيضاً المصريون بكل طوائفهم قد اعتادوا دعم ومساندة الآخرين خاصة وقت الأزمات والحروب، وباتت ثقافة التبرع متجذرة لديهم بما يتيسر لهم خاصة مع تجاوز ثلث تعدادهم حد الفقر،وتصدر ملياردراتهم قائمة أثرياء العرب!! .. ولهم فى ذلك آلاف القصص والحكايات أبرزها ما تأثرت به أنا شخصياً قصة سليمة القلب السيدة "هناء عبد الحليم" التى تجاوزت الستين من عمرها وقامت بالتبرع ببيتها المكون من خمس طوابق بمحافظة الغربية ليكون حجر صحي لمرضى كورونا ، بل وعرضت تحويله الى مستشفي خيري للفقراء فيما بعد بالتعاون مع إحدى الجمعيات الأهلية.
لذا ونحن فى تلك الأيام المباركة والتى يكثر فيها بذل الجهد والعطاء المادى والمعنوى أدعو القادرين من المواطنين، ورجال الأعمال أصحاب الشركات من داخل مصر وخارجها الى دعم ومساندة أنشطة الجمعيات الأهلية في مصر البالغ عددها 50572 جمعية في محاولة جدية لتوحيد جهود العمل المدنى وتعظيم دور اقتصاد التبرعات القادر على إحداث نقلة نوعية في حياة كل إنسان محتاج.
وأخيرا.. اسمحوا لى أن أقدم لكل انسان أيا كان نوعه وجنسه ودينه .. أيا كان منصبه ومكانته الاجتماعية كل الاحترام والتحية والمودة والإخاء .. فالانسان ثروة الأوطان .. ولكم أن تتأملوا قولة تعالى:(وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا).. صدق الله العظيم.
|