بقلم الخبير السياحى/ محمود كمال
حكمة ورسالة استلمتها من جدي بتاح حتب حكيم من حكماء الزمان ... أبلغني فيها رغبته في ايصالها لكل أب ولكل أم ولكل ابن وكل ابنة وكل أخ وكل أخت ... وقال لي أن زماننا ليس فيه العيب فكل زمان يمر علينا يكون العيب فينا مرة كبيرا ومرات كثيرة صغيرا..
لا يوجد منا من يعيش بدون مشاكل او ضغوط من ضغوط الحياة التي تؤثر عليه ولكن ما هو اكثر شعور مسيطر عليك؟ عدم الأمان أم قيمتك في الحياة أم انجازاتك وتحقيقها من عدمه، من المحتمل أن غير مدركين لمشاعرنا وأسباب تعاستنا؟ وما هي أكبر احتياجاتك الأساسية في الحياة؟ .. فلتتعلم من جدك "بتاح حتب" من رسالته الآتية:
بتاح حتب كان عايش عيشة هنية أيام ملك مصر العليا والسفلى الملك "اسيسىِ ASSISY" الاسرة الخامسة.. منذ خمسة آلاف عام.. وكان جدي حكيم زمانه في ذلك الوقت.. ولحكمته الواسعة عينه الملك أسيسي وزيرا حاكما للمدينة..
بتاح حتب لم يكن يخاف من قول كلمة الحق ولكنه كان مهذبا وقورا.. وفي يوم من الأيام أراد جدي الحكيم أن يوجه كلمة الى الملك أسيسي فقال له: "لقد أقبلت الشيخوخة، وبدأ خرفها، وسرت الالام في الأعضاء، وتبدى الهرم وكأنه شيء جديد، وذهبت القوة وحل محلها الضعف والهزال، وصمت الفم وتوقف عن الكلام وغارت العينان، وأصبحت الاذان صماء، أمسي القلب كثير النسيان، لا يذكر ما حدث بالأمس، وغدت العظام تقاسى من تقدم السن، وتوقف الانف فأصبح ساكنا لا يتنفس، وصار الوقوف والجلوس كلاهما شاقا، وتحول الحسن الى سيء، ولم يبق لشيىء طعم، وتقدم السن جعل أحوال المرء سيئة في كل شيء.. فمرني حتى أتخذ لي سندا في شيخوختي وحتى اجعل من ابني خليفة لي، يحتل مكاني فأعلمه عظات من يسمعون، وأراء من سبقوا، وهم الذين خدموا الاجداد في العصور الماضية، ليتهم يعملون لك مثل ذلك، حتى يزول النزاع من بين الناس".
فأجابه جلالة الملك أسيسي قائلا: " علمه العظة أولا حتى يكون قدوة لأولاده العظماء، ويتحلى بالطاعة، ويدرك كل رأى صائب ممن يتحدث اليه، فليس هناك ولد أوتي الفهم من تلقاء نفسه".
وسرعان ما استجاب بتاح حتب لنصيحة الملك.. وبدأ في تنفيذ وصية الملك أسيسي وليبدأ رحلته في تثقيف الجاهل وتفقيهه فنون الحكمة والقول الحسن: فلتكن مجدا وفخارا لمن يعمل بها وعارا وشنارا لمن يغفلها.
يا بنى.. لا تغتر بما حصلت عليه من العلم فتستكبر وتتجبر، ولكن اجعل الأمر شورى مع الجميع .... شاور الرجل غير المتعلم كالمتعلم، لأنه ليس هناك حد للمعرفة، ولا رجل وصل الى نهاية العلم بفنه، وأن الولد الحكيم نادر وأكثر اختفاء من الحجر الأخضر الكريم، ومع ذلك فقد يوجد مع الاماء اللواتي يعملن على أحجار الطواحين (ويعنى بذلك أفقر الفقراء).
إذا وجدت رجلا يتكلم، وكان أكبر منك واشد حكمة، فأصغ اليه واحن ظهرك أمامه (دليلا على الطاعة) ولا تغضب الا إذا تفوه بالسوء، وعندئذ سيقول عنه الناس "تبا له من جاهل".
إذا وجدت رجلا مساويا لك يتجادل، وأثار حديث السوء فلا تسكت، بل أظهر حكمتك وحسن أدبك، فإن الكل سيثنون عليك، وسيحسن ذكرك عند العظماء.
إذا وجدت رجلا يتكلم، وكان فقيرا أي ليس مساويا لك، فلا تحتقره لأنه أقل منك، بل دعه وشأنه، ولا تحرجه لتسر قلبك، ولا تصب عليه جام غضبك. فإذا بدا لك أن تطيع أهواء قلبك فتظلمه فأقهر أهواءك، لان الظلم لا يتفق مع شيم الكرام.
إذا كنت في صحبة جماعة من الناس، وكنت عليهم رئيسا ولشئونهم متوليا، فعاملهم معاملة حسنة حتى لا تلام، وليكن مسلكك معهم لا يشوبه نقص.
إن العدل عظيم، طريقه سوية مستقيمة. هو ثابت غير متغير، إنه لم يتغير منذ عصر الاله خالقه.
من يخالف القوانين يعاقب ومن استحل حقوق الناس حراما، اخذ الحرام معه الحلال وذهب.
ما كان الشر يوما بموصل مقترفه الى شاطئ الأمان.
قد يحصل المرء على شيء من الثروة عن طريق الشر، ولكن قوة الحق تبقى ثابتة.
ان حدود الحق واضحة والحلال بين والحرام بين، والمرء يفعل ما تعلمه من أبيه.
|