محمود فرحات يكتب:
(مسجر) بتعطيش حرف الجيم وتعني باللغة العربية (الأذن) وهى العضو المسؤول عن عملية السمع والتواصل مع العالم الخارجي، والاذن هى الوسيله التي من خلالها نتلقى بها العلم والاوامر، ونتعلم اللغة، وقد وجدت علامة الأذن في العديد من الكلمات التي لها دلاله بالسمع ومنها كلمة (سجمي) بمعنى قاضي لانه هو الذي يستمع للخصوم، وكذلك كلمة (سجم-عش) بمعنى خادم او خادمة لان الخادم هو الذي يتلقى الاوامر من سيده وينفذها، و(سجم) بمعنى يتلقى أو يستقبل، كذلك نجد فعل السمع نفسه وهو (سجم) والذي يأتي أيضاً بمعاني أخرى مثل يفهم أو ينظر، وهناك الصيغة الفعلية الشهيرة في قواعد اللغة المصرية القديمة المعروفة بأسم (سجم.ف) وهى تشبة صيغة (فَعَلَ) باللغة العربية
إرتبطت كذلك الأذن في الأمم والشعوب القديمة بتنفيذ الحدود والعقوبات فكان صلم الأذن أحد العقوبات ضد المذنبين، وحيث يفقد المذنب أذنه فأنه يفقد حاسة السمع، ويوسم بتهمته طوال حياته وبعد مماته، وتحدثنا البرديات عن تنفيذ عقوبة صلم الأذن ضد بعض العاملين بدير المدينة حيث ثبت اتهامهم بالوشاية.. كما نجد جثه محفوظة بالمتحف المصري بلندن لشاب دون البلوغ وقد استعاض من قام بعملية التحنيط عن أذنه بأذن صنعت من القطن، ربما لانه قطعت أذنه لجرم ارتكبه في ذلك الزمن...
وكان من أهم ما آمن به المصري القديم أن الله سميع، وأنة قادر على السماع لحاجات الناس وشكواهم ولذلك لقبوه بالسميع أو (ذو الأذن السامعة) أو (عظيم السمع) وقد أشتهر هذا اللقب عن الصورة الألهية (بتاح)،حيث كان يقصده ذوي الحاجة ويدعوه فيجيبهم.. وقد كرست العديد من اللوحات والتي أحتوت بجانب النقوش التي تتضمن الدعاء رسم للأذن لتعبر عن رمزية سماع الأله لذلك الدعاء، حيث عثر على العديد من تلك اللوحات بالقرب من (أبوالهول) ولذلك دلاله على أن هذا المكان كان يقصده المصريين للدعاء وترك لوحاتهم المدون عليها أمنياتهم وأمالهم التي يرجون تحقيقها وكأنما ذلك المكان يشبه مكان مقدس يسمع فيه الدعاء، كما هو حال المسلمين حينما يذهبون للحج في مكة أو المسيحين الذاهبين للقدس أو اليهود عن حائط المبكى وغيرهم من أصحاب الديانات، فترك لوحة عليها صورة الأذن يرمز إلى رجاء الداعي الى سماع الله لشكواه .. وقد عثر (فلندرز بتري) في خرائب منف على لوحة تحتوي عدد (22) زوج من الأذان ربما كانت لطلب الأستشفاء، كذلك وجدت لوحات مرسوم عليها آذان وعيون في معبد كوم أمبو بمايعنى أن الإله سميع بصير، وكانت ترسم الأذن او يصنع منها تمائم لمن لديهم صمم رجاء إعادة السمع اليهم.
ولم يعرف المصري القديم فكرة خرم الأذن من أجل لبس الأقراط للتزين إلا في عصر الدولة الحديثة أي بعد عام 650 ق.م، وكان أول الذين أرتدوا الأقراط هو الملك (تحوتمس الرابع) حيث عثر في موميائة على ثقب في الأذن يعتقد انه لوشع قرط في الأذن...
وللحديث بقية .. فأسرار الحضارة المصرية لا تنتهي ،،، |