محمود فرحات يكتب:
الضبع أو كما سماه أجدادنا (حثت) بالمصرية القديمة،، ذلك الكائن المفترس ذو الفك القوي الذي يهشم العظام.. هذا الحيوان المتقمم المتعطش دوماً للدم، والذي كان مضرب المثل في الخسه والندالة.. اهتم المصري القديم بتصويرة في مقبرته حيث نجدة في عديد من مقابر سقارة منها مقبرة (محو) والتي نجد فيها رجل يجر خلفة ضبع مربوط من عنقه.. كذلك في مقبرة (مريروكا) نجد واحد من المشاهد الغربية للضباع حيث تم تكتيف الضباع في محاولة لفتح افكاكها القوية، وترك لنا صاحب المقبرة نص بالهيروغليفية حيث نقرأ (وشا حثت) بمعنى (إطعام الضبع) فنفهم منه أنه يتم إطعام الضباع.. لكن لماذا يتم إطعامها..؟؟ وهل أكل المصري القديم الضبع..؟؟ لكننا لم نرى مشاهد لذبح الضباع مثلا..!!
وهناك رأيان حول تصوير الضبع وتربيته في مصر القديمة، الأول يقول بأن المصري القديم كان قد دجن الضبع وأستفاد منه في الصيد والحراسة أو ربما بغرض الطعام..!! لكن يبقى السؤال لماذا الضبع في حين أنه كان إستأنس حيوانات الحراسة والصيد مثل الكلاب، كما كان لديه العديد من الأنواع أستخدمت كطعام مثل الإبقار والطيور والأغنام والغزال..!! وهناك رأي آخر يقول أن الضبع يفرز مادة لزجه من فمه وهذه المادة كان يستفاد منها المصري القديم في تثبيت الألوان في المقابر وهو أمر مازال غير محسوم لذلك دجن المصري القديم الضبع ورباه للاستفادة من تلك المادة..!! أياً كان الأمر فمنظر وجود الضبع في المقابر المصرية القديمة كان من المناظر غير المألوفة.
وربما نجد ضالتنا لتفسير سر وجود مناظر الضباع في مقابر المصريين القدماء فيما يقوله أبو البقاء كمال الدين محمد بن موسى الملقب بالدميري في كتابة (حياة الحيوان الكبرى) "..الضباع حيوانات مولعة بنبش القبور لكثرة شهوتها للحوم بني آدم، ومتى رأت إنساناً نائماً حفرت تحت رأسه وأخذت بحلقه فتقتله وتشرب دمه..." ربما الآن نستطيع تفسير حرص المصري القديم على تصوير الضبع في مقبرته، بأنها محاولة منه لإسترضاء هذه الحيوانات الفاسقة العداوة للبشر، النابشة للقبور، والمدمره لأبديته المتوفي وخلوده.. |