بقلم الدكتور/ عادل عامر
مدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية
أن نقول إنه في حياة كل أمة من الأمم مفاهيم أساسية تحرص على ترسيخها وتطبيقها وتعميق إدراكها في نفوس أبنائها، وذلك في شتى المجالات الفكرية والاجتماعية والاقتصادية. ولتحقيق ذلك فإن الأمة تتخذ وسائل مختلفة، فتؤلف الكتب وتعقد المؤتمرات وتضع مناهج التربية والتعليم وتستخدم كل وسائل الإعلام لتوضيح هذه المفاهيم الثقافية وشرح وبيان وجوه النفع فيها.
الثقافة من أكثر المفاهيم التي تتداخل مع مفاهيم أخرى، يختلف معناها، باختلاف ظروف استخدام المصطلح، فصفة الثقافة للفرد، تختلف جذرياً عن صفة الثقافة للمجتمع، كما أن للثقافة فروعها المتعددة، ومواردها الكثيرة. هذا التعقيد الذي امتاز به المصطلح، أدى إلى تشويش كبير على المعنى، وتعددٍ في التعريفات، والتفسيرات، لكن القدرة على استنباط تعريف واحد،
من كل تلك التعريفات لا تبدو مستحيلة. كما سيحاسب المجتمع المثقف في حال تقاعسه، أو اتخاذه موقفاً لا يتسق مع مواقفه السابقة، لأن المجتمع ينظر إلى المثقف كمدافع عنه، وحافظٍ لوجوده الحضاري، بينما لا يحفل الناس، بتغير مواقف السياسيين. لأن هذا هو عملهم، ولا بد من الإشارة؛ إلى أن الثقافة على المستوى الفردي، لا ترتبط بالشهرة، أو الإنتاج الإبداعي، بل ترتبط بالمعرفة، حيث أن الإلمام بمواضيع عديدة، سيجعل من الفرد مثقفاً، حتى وإن لم يقدم منتجاً.
ولذلك فقد اتخذت الثقافة الإسلامية موقفًا ثابتًا من تحديات الثقافة الغربية. ولكن هذا الموقف لم يكن موحدًا بل تفرع إلى اتجاهات مختلفة. فالاتجاه الأول يتخذ موقفًا سلبيًّا أمام الحضارة الغربية، وهو يدعو إلى عدم الأخذ بشيء من أسبابها.
وقد اعتبر البعض هذا الاتجاه بأنه سوء تفسير للدين الذي يحث على استعمال العقل والتفكير في الكون، ثم إن هذا الموقف يستحيل عمليًّا لأن طبيعة الإنسان ترفضه. وأما الاتجاه الثاني فإنه يدعو إلى التغريب والأخذ بكل أسباب الحضارة الغربية خيرها وشرها فيما يتعلق بالعلم والصناعة والثقافة وأسلوب الحياة العقلية والروحية واللغوية.
وهذا الاتجاه ظهر في تركيا والهند وهو يمثل موقف المستسلم للحضارة الغربية المقلد لها والمؤمن بكل قيمها ومبادئها، والمنتهج لنظمها الاقتصادية والسياسية والفكرية. وبعد ذلك ظهر تيار ثالث يدعو إلى التوفيق بين الحضارتين لمسايرة التطور حيث يرى أن مصلحة الحضارة الإسلامية في هذا التطوير. ويعتقد أصحاب هذا الاتجاه أن هناك حاجة إلى استنباط أحكام شرعية توافق القضايا الجديدة. وأما الاتجاه الرابع والأخير فقد تمثل خطابه بالدعوة إلى تمسك المسلمين بالقرآن والسنة مع الإفادة من خير ما أنجزته المدنية الغربية وأخذ الصالح والنافع من علومهم وترك الفاسد والضار الذي يتعارض مع مبادئنا الإسلامية العليا.
لا شك أن الثقافة منبع هام لأي إنسان يريد التطور حيث تساعده علي بناء الشخصية والتواصل الاجتماعي وتحقق له التقدم الفكري والمهني. فالثقافة نبع هام ترده الأمة علي الدوام في مراحل تطورها الخاص وقد كانت هناك دائما علاقة وثيقة بين تلائم حياة الأمة واتجاه واستقامة سيرها ، وبين صفاء نبع ثقافتها.
والثقافة تنتقل من مجتمع لآخر نتيجة احتكاك الأمم بعضها مع بعض , وتتشكل الثقافة الحقيقية من خلال التفاعل بين الدين الحقيقي والأخلاق والفضيلة ووصول هذا المزيج إلي المستوي المطلوب من النضج , لذا لا يمكن الحديث عن الثقافة الحقيقية في أي مناخ من اللادينية والهبوط الأخلاقي. تحتل الثقافة محلا متميزا في حياة كل أمة ، وكل ثقافة امتزجت مع ماضي الأمة وارتبطت بجذور روحها تستطيع إنارة طريق الحياة والتقدم أمامها.
والثقافة إشراقة تضيء للإنسان أبواب الحياة وأسرارها وتفتح مداخل ذاته مما ينعكس علي سلوكه ويؤثر في مجتمعه ، والمجتمع الذي لا يتأثر بالثقافة ويسعي إليها يقود نفسه وأهله ومجتمعه إلي الانحدار ، والانحدار يبدأ من ضعف القيم والأخلاق. وبنظرة تأملية نحو الإنسان نجد أنه لا يسع الفرد للثقافة ويكتف بما أخذه من التعليم وهنا يجمد أبواب التطور ويسد الطريق أمام حياته, ففي كل لحظة العالم في تطور وتحرك وإذا لم يسع الإنسان للثقافة لينهل من منابعها فلن يتقدم ويتطور.
أن السلوك الإنساني هي تلك النشاطات المتعددة والتي يقوم بها الإنسان اثناء حياته , لغرض إشباع حاجاته وتحقيق اهدافه التي يتطلع اليها وفقاً لمتطلبات البيئة والحياة التي يعيش فيها , وإن تلك النشاطات عي محصلة التفاعل بين العوامل الشخصية والعوامل البيئية وبحسب قابلية وقدرات كل فرد وطريقة إدراكه
إن السلوك الإنساني هو كل نشاط يصدر عن الإنسان ذهنياً كان أم حركياً , وبمعنى اخر , هو كل ما يصدر عن الفرد من استجابات مختلفة تجاه اي موقف يواجهه الإنسان أو اي مشكلة يحلها
وهناك نوعان من السلوك الإنساني , الأول هو السلوك الأستجابي , اما الثاني فهو السلوك الإجرائي, ويقصد بالسلوك الأستجابي , هو ذلك السلوك الذي تتحكم به المثيرات التي تسبقه, وبمجرد حدوث المثير , يحدث السلوك, وهذه المثيرات تُسمى بالمثيرات القبلية , اي بمعنى انها تسبق السلوك وهو اقرب الى السلوك اللاإرادي , وهو من الانواع التي تحدث بصورة اوتوماتيكية , كما في حالة سحب اليد من الماء الساخن, وعودة بذلك يكون سلوكاً ثابتاً لا يتغير , وإن الذي يتغير في هذه الحالة هي المثيرات والتي تسبق السلوك.
اما السلوك الإجرائي فيقُصد به , ذلك السلوك الذي يتحدد بالعوامل البيئية من مثل العوامل الاقتصادية والاجتماعية والتربوية والدينية والجغرافية , وهو سلوكاُ محكوماً بنتائجه, والمثيرات البعدية قد تضعف من هذا السلوك , وقد تقويه , أو لا يكون لها تأثيراً وهو اقرب ما يكون للسلوك الارادي. والثقافة في اللغة تعني , الفهم وسرعة التعلم وضبط المعرفة المكتسبة في مهارة وحذق وفطنة , اما في الاصطلاح, فالثقافة تعني , الرُقي في الأفكار النظرية وتشمل القانون والسياسة, والإحاطة بقضايا التأريخ , والُرقي في الأخلاق والسلوك , وايضاٌ تعني جملة العلوم والمعارف والفنون التي يطلب الحذق بها احتلّت الشخصيّة الإنسانية والعوامل المؤثّرة في تكوينها، مكانة هامة في الدراسات النفسيّة والاجتماعية، وذلك بقصد التعرّف إلى مكوّنات هذه الشخصيّة، وكيفيّة تكيّفها وتفاعلها مع البيئة المحيطة، وبما يتيح نمو الشخصيّة وتطوّرها
وعلى الرغم من الاتفاق على وحدة هذه الشخصيّة وتكاملها كنتاج اجتماعي من جهة، وكمحرّك لتصرّفات الفرد ومواقفه الحياتية من جهة أخرى، فقد تعدّدت تعريفاتها تبعاً للنظر إليها من جوانب متعدّدة. فانطلاقاً من أنّ الشخصيّة تعبّر عن الجوهر الاجتماعي الحقيقي للإنسان،
إنّ الثقافة السائدة لدى شعب من الشعوب، كثيراً ما تجبر الفرد – بما لها من قوّة جبرية وإلزام، وسيطرة مستمدّة من العادات والقيم والتقاليد- على أعمال وممارسات قد تضرّ بالناحية الجسمية ضرراً كبيراً. فعلى سبيل المثال : كانت العادات لدى بعض الطبقات المرفهّة في الصين، أن تثنى أصابع الطفلة الأنثى، وتطوى تحت القدم، وتلبس حذاء يساعد في إيقاف نموّ قدمها ويجعلها تمشي مشية خاصة. فعلى الرغم من التشوّه الذي يحصل للقدم، فقد كانت تلك المشية بالإضافة إلى صغر القدم، من أهم دلائل الجمال .
تكسب الثقافة الفرد، الاتجاهات السليمة لسلوكه العام، في إطار السلوك المعترف به من قبل الجماعة. إنّ ردود فعل الفرد تجاه النظام، هو الذي يؤدّي إلى نموذج السلوك الذي ندعوه ” الشخصيّة “. وتصنّف النظم في أنظمة أولية ونظم ثانوية. فالنظم الأولية : تنشأ عن الشروط التي يمكن أن يتحكّم فيها الفرد، (كالغذاء والعادات الجنسية، وأنظمة التعليم المختلفة ).
أمّا النظم الثانوية : فتنشأ من إشباع الحاجات وانخفاض التوتّر الناجم عن النظم الأولية. مثال ذلك : اعتقاد بعض الشعوب بآلهة، تطمئن القلق الناجم عن حاجة هذه الشعوب إلى تأمين موارد غذائية دائمة. إنّ ما يميّز هذا الرأي عما سبقه، هو صفته الديناميكية، لأنّ بنيان الشخصيّة الأساسية ينتج عن تحليل النظم الاجتماعية، وتحليل أثرها على الأفراد في ثقافة بعد أخرى. ولذلك يلاحظ أنّه عندما تختلف الثقافة يتبعها اختلاف في أنماط السلوك. فإنسان العصر الحجري القديم يختلف عن إنسان العصر الحجري الجديد، ويختلف أيضاً عن إنسان العصر البرونزي والعصر الحديدي
|