بقلم المهندس/ طارق بدراوى
موسوعة كنوز “أم الدنيا”
المستشار ممتاز نصار هو أحد أهم الشخصيات البرلمانية فى تاريخ مصر النيابى حيث كان برلمانيا متميزا ومعروفا للكافة بأنه أحد أعضاء حزب الوفد الجديد التاريخيين تحت قبة البرلمان وهو يعد شخصية لن تتكرر كثيرا حيث تميز طوال حياته بأنه صاحب قوة وشجاعة فى مواجهة خصومه ومن أجل نصرة الحق والوقوف ضد الباطل والفساد وكان قد تم إختياره كأفضل نائب فى برلمان عام 1976م في عهد الرئيس الراحل أنور السادات وكانت له مواقفه فى مواجهة الرئيسن الراحلين جمال عبدالناصر وأنور السادات ولم يخش أى منهما لأنه كان على حق وكان ميلاد المستشار ممتاز نصار في يوم 9 نوفمبر عام 1912م في مركز البداري بمحافظة أسيوط وهو ينتمي لعائلة النواصر وهي إحدى العائلات الكبيرة في البداري وتلقي تعليمه الإبتدائي في هذا المركز وحصل بعد ذلك علي شهادتي الكفاءة والبكالوريا ثم إنتقل إلي القاهرة لدراسة القانون في كلية الحقوق بجامعة فؤاد الأول وهي جامعة القاهرة حاليا وبعد أن حصل علي ليسانس الحقوق إشتغل بالمحاماة في مكتب مكرم عبيد باشا سكرتير عام حزب الوفد في ذلك الوقت وآثر الإشتغال بالمحاماة لعدة سنوات وتعلم من مكرم عبيد باشا أصول القانون والمرافعات وتأثر بفصاحته وتفوقه وبلاغته ثم عمل بعد ذلك بداية من عام 1942م في النيابة وإنتقل منها إلي القضاء ثم إلي التفتيش القضائي حتى شغل وظيفة مستشار بمحكمة الإستئناف ثم مستشارا بمحكمة النقض وكان المستشار ممتاز نصار قد إنتخب عضوا بمجلس إدارة نادى القضاة منذ عام 1947م ثم أصبح سكرتيرا عاما للنادى فى نفس العام وإستمر في هذا المنصب حتي عام 1962م حيث تم إنتخابه رئيسا لنادى القضاة وقد سجل له التاريخ مواقفه النزيهة فكان هو من أمر بالإفراج الفوري عن كل من أحمد حسين رئيس حزب مصر الفتاة والمهندس إبراهيم شكري والمحامي فتحي رضوان حين تم إتهامهم بإهانة الذات الملكية عام 1951م ووقتها غضب الملك فاروق بشدة وإتهم ممتاز نصار بالإنتماء إلى الشيوعية ووجه نقدا إلى وزير العدل آنذاك عبد الفتاح باشا الطويل لعدم قدرته على التحكم في القضاة وكان رد الوزير الحكومة لا تستطيع أن تمس القضاء وحيث أن أمر إستقلال السلطة القضائية كما ينص الدستور كان شغله الشاغل وهمه الأول فقد وقف أمام مشروع تعديل قانون إستقلال القضاء عام 1963م حين أراد وزير العدل أن يقوم بتعديل القانون ليصبح للوزارة مساحة أكبر من الهيمنة والإشراف على العملية القضائية مما يمثل تغول من السلطة التنفيذية علي السلطة القضائية وإهدار لإستقلال القضاء فقام بالإضطلاع بمهام وظيفته كرئيس لنادي القضاة حينها وأرسل إلى الرئيس الراحل جمال عبد الناصر يطالبه بوقف مشروع هذا القانون وحتى تتخلص السلطة السياسية منه ومن رفضه لهذا المشروع تم حل مجلس إدارة نادي القضاة وتعيين مجلس مؤقت ولكنه ما لبث أن عاد رئيسا مرة آخرى في العام التالي 1964م ليتم إصدار قانون السلطة القضائية رقم 43 لسنة 1965م بعد إلغاء قيود السلطة والوزارة .
وإستمر المستشار ممتاز نصار في منصبه كرئيس لنادى القضاة وأيضا في منصبه كنائب لرئيس محكمة النقض حتى مذبحة القضاة التي وقعت في يوم 31 أغسطس عام 1969م التى أراد منها الرئيس الراحل جمال عبدالناصر توجيه القضاء فى صف الحكومة والسلطة وإنضمام القضاة للإتحاد الإشتراكى والتنظيم الطليعى وتبنى المستشار نصار موقف الدفاع بقوة عن العدالة والقضاء وإستقلاله فى مواجهة السلطة التي سعت إلى تصفية القضاة المناوئين لها وإبعادهم عن النادي والسلك القضائي ومن ثم تم عزل عدد 200 قاضي بتهمة العداء لنظام ثورة 23 يوليو عام 1952م وفي حقيقة الأمر كان عام 1969م عاما فاصلا فى تاريخ القضاء المصري ويلقبه القضاة بعام المذبحة حيث تردد بعد نكسة يونيو عام 1967م بعدة أشهر أن السلطة ممثلة فى الرئيس جمال عبدالناصر سعت إلى تشكيل تنظيم سرى بين القضاة وعملت على تحويلهم إلى أعضاء بالإتحاد الإشتراكي وإخضاعهم لهيمنتها وقام علي صبري نائب رئيس الجمهورية آنذاك بكتابة عدة مقالات بجريدة الجمهورية تدعو إلي إدخال القضاة للإتحاد الإشتراكي ليكونوا بجوار قوي الشعب العاملة ووصف القضاة بأنهم يعيشون في أبراج عاجية وأن فيهم بقايا الإقطاع والرجعية والرأسمالية البغيضة وأنه يجب إستئصالهم من جذورهم ثم قام علي صبري بإستدعاء المستشار ممتاز نصار رئيس نادى القضاة حينذاك وطلب منه الإنضمام رسميا إلي الإتحاد الإشتراكي وعرض عليه موقع أمانة القضاء به إلا أنه رفض تماما ذلك الإتجاه وأدى ذلك إلى غضب بين القضاة نقلوه إلى وزير العدل فى ذلك الوقت المستشار عصام الدين حسونة والذى نقل بدوره رأيهم إلى الرئيس جمال عبد الناصر وتردد وقتها أن الرئيس كان يثق تماما في القضاة الذين وافقوا علي قيام هذا التنظيم السرى وأوهمه هؤلاء أن باقي القضاة يتحرقون شوقا للإنخراط فى النضال السياسي من خلال الإنضمام للإتحاد الإشتراكي ما عدا قلة فى مجلس إدارة نادي القضاة تتحدث عن تقاليد بالية وعن إستقلال القضاء والبعد عن العمل السياسي ونقل هؤلاء إلى الرئيس عبد الناصر أيضا أنهم عزموا على تحرير النادي من بقايا الرجعية خلال الإنتخابات التى كان قد تحدد لإجرائها يوم 28 مارس عام 1968م ودفعوا بمرشحين لهم مدعومين من الحكومة وفي هذا اليوم إجتمعت الجمعية العمومية لنادي القضاة في القاهرة برئاسة رئيس محكمة النقض ورئيس مجلس القضاء الأعلى المستشار عادل يونس وإنتهت إلى إصدار بيان مفاده أن ما أُخذ بالقوة في شهر يونيو عام 1967م لا يسترد إلا بالقوة وأن أهم أسباب القوة إحترام حقوق الإنسان وحريته وكرامته وإعلاء مبدأ سيادة القانون علي الحاكم والمحكوم وعدم المساس بالسلطة القضائية وإحترام حريات الناس وحقوقهم إلا بحكم يصدر من القاضي الطبيعي وقام المستشار ممتاز نصار حينذاك بإصدار بيان أوضح فيه رفض القضاة الإنضمام إلى الإتحاد الإشتراكي ووزعه على الصحف التي رفضت نشره فقام بطباعته يدويا وبلا شك فإن هذا البيان كان يرسم ملامح واضحة وخطوات محددة لكي تخرج مصر من معاناتها وتجمع شتات نفسها وكان بمثابة مبادرة ومحاولة من القضاة لوضع روشتة محددة لعلاج جسم المريض وهو مصر في هذه الحالة وربما يكون هذا الاجتماع وهذا البيان هو ما أثار وإستفز أهل السياسة ومن ثم جاء التخطيط للإعتداء علي إستقلال القضاء ومحاولة تسييسه .
وفي وسط هذه الأحداث جرى تغيير وزير العدل عصام الدين حسونة وتعيين محمد أبو نصير وزيرا للعدل بدلا منه والذى قام بتشكيل تنظيم سري من القضاة وكانت نواة هذا التنظيم وجود قضاة كانوا أشقاء لبعض الوزراء آنذاك وأخذت هذه الجماعة تعقد جلسات دورية برئاسة الوزير محمد أبو نصير الذي بذل جهدا كبيرا في سبيل تكوين هذا التنظيم داخل مؤسسة القضاء وإستعان في تكوينه ببعض الذين خضعوا لنفوذه ونفوذ عملائه وهنا تزايدت التقارير اليومية منهم علي مكتب الرئيس عبد الناصر وناقش الوزير مع اللجنة العليا لهذا التنظيم توصيات معدى هذه التقارير الذين أشاروا بضرورة إعادة تشكيل هيئات القضاء ودمجها في النيابات الإدارية وإدارة قضايا الحكومة وإجراء التنقلات بين القضاة إلي هاتين الجهتين وإلي غير ذلك من المقترحات الهدامة والمبالغات الجسيمة في حق الشرفاء من رجال القضاء وظل هؤلاء يكتبون التقارير ضد رجال القضاء الشرفاء إلي أن قام الرئيس عبد الناصر بتكليف الدكتور جمال العطيفي وهو للأسف رجل قانون بصياغة مجموعة قرارات جمهورية لتنفيذ المذبحة وبدأت العجلة تدور حيث تم تشكيل لجنة في رئاسة الجمهورية لتحديد الأسماء الواجب فصلها والأسماء التي سيكتفي بنقلها إلي جهات حكومية أخري وأعدت اللجنة تلك الكشوف من واقع تقارير التجسس التي كانت تفيض بالحقد علي القضاة والشرفاء ولا تنسب لهم أكثر من أنهم أعضاء الثورة المضادة الذين يهاجمون وينتقدون سياسات الرئيس عبد الناصر في جلساتهم اليومية بنادي القضاة ومن ثم صدرت قرارات المذبحة من الرئيس عبد الناصر بإعتبارها قرارات جمهورية وكان نص هذه القرارات هو عزل جميع رجال القضاء في مصر ثم إعادة تعيينهم بعد إستبعاد حوالي عدد 200 منهم أحيلوا للمعاش وآخرون نقلوا لوظائف مدنية بوزارات الحكومة ومصالحها المختلفة وتضمنت أيضا تلك القرارات حل مجلس إدارة نادي القضاة وتعيين مجلس آخر لإدارته من بين شاغلي المناصب القضائية بحكم وظائفهم ومما هو جدير بالذكر أن هذه المذبحة شملت عدد 12 مستشارا من مستشارى محكمة النقض الذين كانوا من شيوخ وأساطين القضاة في مصر والعالم العربي وكان قوامها حينذاك 22 مستشارا أي من تم عزلهم كانوا أكثر من النصف وكان علي رأسهم بموجب تلك القرارات المستشار ممتاز نصار رئيس نادى القضاة والذى كان حينذاك مرشحا لرئاسة محكمة النقض طبقا لترتيب دوره وقد سوي له معاشه بعد إصلاح ما حدث للقضاة علي أنه معاش رئيس محكمة النقض وهو المنصب الذي كان سيشغله لولا أحداث مذبحة القضاة المشار إليها وبعد هذه المذبحة بيومين كتب الدكتور جمال العطيفي مقالا فى صحيفة الأهرام يوم ٢ سبتمبر عام 1969م وصف فيه المذبحة التى كانت قد جرت قبل يومين بأنها إصلاح قضائى بينما كانت في حقيقتها إفساد ومحاولة لهدم القضاء وإعتداء صارخ علي السلطة القضائية .
وكان من بين الذين تم عزلهم أيضا المستشار عادل يونس رئيس محكمة النقض والمستشار يحيي الرفاعي سكرتير عام نادى القضاة ونائب رئيس محكمة النقض حينذاك والمستشار سعيد كامل بشارة رئيس أحد الدوائر بمحكمة أمن الدولة العليا والمستشار عادل عيد وغيرهما وفي هذا الصدد هناك واقعة طريفة تناقلها القضاة فيما بينهم وهي أن زميلا لهم في سلك القضاء وهو من عائلة أبو شقة كان متزوجا من سيدة ألمانية وحين فصل في مذبحة القضاء ثارت هذه السيدة عليه ولم تصدقه وقالت له أنت خدعتني وأنت لست قاضيا فالقاضي لا يعزل في أي دولة وأنت كذبت ولم تصدقني القول لولا أنها عرفت الحقيقة فيما بعد من الصحف الأجنبية ولولا ذلك لكانت كارثة بالنسبة له وعموما فالمواقف التي شابهت ذلك كانت متعددة ومؤلمة لأصحابها وفضلا عن ذلك ففي وقت المذبحة قيل إن المستشار يحيى الرفاعي قام مع المستشار ممتاز نصر بتوزيع بيان إلي السفارات الأجنبية يشرحون فيه ما حدث مع القضاة ورد كل منهما على هذا الأمر بأنه مجرد إتهام ساخر وساذج حيث جرت العادة خاصة في تلك الفترة علي إلصاق مثل هذه التهم بكل الشرفاء الذين لهم آراء مخالفة للسلطة وذلك لمحاولة النيل من سمعتهم وشرفهم فضلا علي أنه إتهام واضح التلفيق والمبالغة فيه لأنه ببساطة شديدة جدا أنه من غير المعقول ولا المقبول أن يتردد رئيس نادي القضاة في مصر وسكرتيره العام علي السفارات ليوزعا بيانا للقضاة وكان ما حدث بالضبط هو أن النادي قام بطبع ثلاثة آلاف نسخة من ذلك البيان لتوزيعه علي القضاة ولم يكن هذا العدد كافيا فتلقي النادي طلبات كثيرة جدا من المواطنين والنقابات المهنية والهيئات من أجل الحصول علي نسخ أخري من بيان القضاة وكان النادي يعتذر نظرا لنفاذ الكمية المطبوعة وأخيرا إضطر النادى لطبع عشرة آلاف نسخة أخري لتلبية طلبات الأعضاء وغيرهم من أساتذة الجامعات وأمثالهم ممن يهتمون بمعرفة حقائق وتفاصيل ما حدث من إعتداءات علي قضاء مصر الشامخ من الذين أرادوا أن يحولوه إلي قضاء تابع لسلطاتهم وأهوائهم .
وعقب خروجه من القضاء قرر المستشار ممتاز نصار خوض تجربة العمل السياسى ورشح نفسه لعضوية مجلس الشعب فى دائرة البدارى بأسيوط عام 1976م وفاز فى أول معركة إنتخابية له وحصل على أفضل نائب فى هذا البرلمان نتيجة نشاطه المكثف تحت قبة البرلمان وإستجواباته لحكومة ممدوح سالم القائمة في ذلك الوقت وخلال هذا البرلمان واجه نصار الرئيس أنور السادات وعارض سياساته وإتفاقية كامب ديفيد والسلام مع إسرائيل مما جعل السادات يقرر حل البرلمان بسبب هذه المعارضة الشديدة من نصار وعدد أخر من النواب وعلي الرغم من ذلك قرر نصار خوض الإنتخابات البرلمانية الجديدة التي أجريت في شهر مايو عام 1979م والتي أعقبت حل برلمان عام 1976م ورغم محاربة الدولة له إلا أنه نجح فى الإنتخابات بعد خروج أهالى دائرة البدارى بأسيوط بشكل مكثف لإعادة إنتخابه وحرسوا الصناديق بأجسادهم حتى تم إعلان فوزه رغم أنف الرئيس والحكومة وليبقى الفائز الوحيد بعضوية مجلس الشعب من المجموعة التي رفضت إتفاقية كامب ديفيد آنذاك ولذا فقد وصف بأنه النائب الذى إنتصر على الرئيس وعلي الحكومة وهذا هو الفارق الكبير بين نائب كممتاز نصار يختاره الناس ويضحون في سبيل أن يمثلهم في مجلس الشعب بأغلي ما يملكون وبين كثير من أعضاء المجلس الذين يفوزون بعضوية المجلس بالطرق التي نعرفها جميعا والتي تمثل مقومات هؤلاء الأشخاص لدخول البرلمان مثل المقدرة المالية ومقدرة التملق والنفاق في مقابل كفاءة المستشار ممتاز نصار وأفراد معدودين في النيابة الحقيقية ولذا فإن الطريقة التي وصل بها كل نائب إلي مجلس الشعب نجدها تعكس نوعية القضايا موضع إهتمام النائب وكذا أسلوبه في تناولها ولذا لم تنحصر إهتمامات المستشار ممتاز نصار في مشاكل دائرته الإنتخابية ولم يجعل همه وشغله الشاغل الحصول علي تآشيرة وزير أو قبض مكافأة جلسات المجلس بل تعالت وسمت إهتماماته وإرتفعت إلي حد البحث وراء ما ينشر في الداخل والخارج عن مصر ويقع تحت مسئولية وواجبات النائب المخلص المحترم لمن إختاروه ولمصر التي يعمل من اجلها ومن ثم كان المستشار ممتاز نصار ومعه مجموعة قليلة من النواب المحترمين يحرصون جيدا علي أن يطبقوا معاني القسم الذي يؤدونه بعد فوزهم بثقة الناخبين .
وظل ممتاز نصار طوال مجلس عام 1979م مستقلا وكان أحد مجموعة المستقلين الذين أثروا الحياة البرلمانية في مصر وجعلوا من هذا المجلس الذى إستمر قائما 5 سنوات أي حتي عام 1984م العصر الذهبي للمعارضة التي كان يتزعمها المستشار ممتاز نصار والمستشار عادل عيد ومصطفي كامل مراد والدكتور محمود القاضي والمحامي كمال خالد وقد إرتبط إسمه خلال عضويته بمجلس الشعب ما بين عام 1976م إلي عام 1979م ثم ما بين عام 1979م وعام 1984م بعدة قضايا هامة أهمها القضية المعروفة باسم قضية أرض هضبة الأهرام حيث نجح فى إنتزاع حكم تاريخي بمنع بيع أرض مصر الغالية في هضبة الأهرام وتعود هذه القضية إلي عام 1977م حينما وصل إلى القاهرة وفد إستثماري كبير مكون من جنسيات مختلفة وكانت لديهم فكرة جديدة تتعلق بإقامة شاليهات وفيلات كبيرة على هضبة الأهرام في منطقة الأهرام السياحية المعروفة وعمل بحيرة صناعية كبيرة ذات قاع من المطاط بجوار الأهرام مع إستغلال الساحل الشمالي في إقامة قري وملاهي ليلية وفنادق سياحية وذلك بهدف دعم وتطوير المرافق السياحية في مصر ولزيادة الدخل القومي من العملات الحرة وقابل وزير السياحة المصرى هذا الوفد والذي وجه كل أجهزته في وزارة السياحة وعلى رأسها هيئة ايجوث المختصة بالسياحة العالمية بدراسة الموضوع من كل جوانبه بغرض الإتفاق مع الشركات المستثمرة والتنفيذ الفوري وتم الإتفاق على توقيع عقد إستثمار لمنطقة المشروع بالأهرام وكان من ضمن شروط هذا العقد شرط تحكيم لتسوية المنازعات أمام غرفة التجارة الدولية بباريس ولاحقا وبناءا على توصيات الجهات المصرية المختصة في أمور السياحة تم إصدار قرار جمهوري بالموافقة على منح الإستثمارات المطلوبة في هضبة الأهرام للمجموعة الإستثمارية التي سمت نفسها شركة إس بي بي .
وبعد منح الموافقات المطلوبة لهذه الشركة للسير في تنفيذ مشاريع الإستثمارات التي تقدموا بها ظهرت بعض الأفكار في مصر ضد هذا المشروع على أساس أن الفريق المستثمر الأجنبي يفكر في إتخاذ هضبة الأهرام مركزا للتنقيب عن الآثار وتهريبها إلى خارج البلاد وتم تصعيد هذا الموضوع وتمت الكتابة في الصحف اليومية وتم تقديم الدراسات الفنية وعمل الندوات المناهضة وقامت الإحتجاجات المتعددة للكشف عن مساوئ المشروع على مصر وكان من ضمن هذه المساوئ تأثير بحيرة المطاط المقترحة على آثار الجيزة بسبب إمتلاء المنطقة ببخار ماء البحيرة فضلا عن الآثار المدمرة لتسرب مياه الصرف من المنشآت السياحية في المنطقة وغير ذلك من الأفكار الأخرى التي تقف ضد المشروع من الناحية المبدئية وفي مجلس الشعب تم إثارة هذا الموضوع وتبني المستشار ممتاز نصار معارضة تنفيذ هذا المشروع مفندا الآثار الضارة والمدمرة التي من الممكن أن يتسبب فيها هذا المشروع في منطقة أثرية لا يوجد نظير لها علي مستوى العالم وكرد فعل لهذا التحرك المعاكس لقيام المشروع أصدر الرئيس السادات قرارا جمهوريا آخر تم بموجبه إلغاء قراره الأول الذي قضي بالموافقة على قيام المشروع الإستثماري وكان ذلك إنتصارا مدويا للمستشار ممتاز نصار ولجميع الكتاب والصحفيين الذين إنتقدوا هذا المشروع وهاجموه بشدة وضراوة وعلي رأسهم كانت الأستاذة الدكتورة نعمات أحمد فؤاد الكاتبة المعروفة والتي كانت أول من أثار الموضوع علي صفحات جريدة الأهرام وفي نقابة المحامين وتابعته بالشرح والتوضيح لأضراره ومسائه في جميع المحافل من ندوات ومؤتمرات من أجل التنبيه ولفت النظر إلي مساوئ وأضرار هذا المشروع الكارثي المشبوه وبذلت كل ما إستطاعت من جهد مما هيأ الراي العام في مصر والخارج للوقوف ضد كارثة مشروع هضبة الأهرام ولما تم إلغاء هذا المشروع أرسلت هيئة اليونيسكو العالمية التابعة لمنظمة الأمم المتحدة خطاب شكر وتقدير للمستشار ممتاز نصار عضو مجلس الشعب الذي كان وراء إلغاء هذا المشروع وعدم المضي في تنفيذه ومن خلفه الدكتورة نعمات أحمد فؤاد ونقابة المحامين وقد أثنت هيئة اليونيسكو في خطابها المشار إليه علي حهود المستشار ممتاز نصار لأنه إستطاع أن ينقذ آثار مصر الخالدة من الدمار والضياع والتي تعد بمثابة ثروة قومية لمصر لا تقدر بمال وثروة عالمية أيضا يتمتع بها العالم أجمع .
وكان هناك أيضا إستجواب من المستشار ممتاز نصار للمهندس عثمان أحمد عثمان المقرب من الرئيس السادات ووزير الإسكان والتعمير السابق عما ورد في كتابه صفحات من تجربتي عن الذمة المالية للرئيس الراحل جمال عبد الناصر بما يمس نزاهة الحكم وعلاوة علي ذلك كان من أهم القضايا التي تبناها المستشار ممتاز نصار التقرير المرفوع من شركة بوينج الأميريكية لتصنيع الطائرات والذى تضمن في نصوصه أن الشركة المذكورة قدمت لجهتين في مصر مبلغ 8.7 مليون دولار لتسهيل توزيع إنتاجها في مصر فقام بتقديم طلب إحاطة إلي السيد ممدوح سالم رئيس مجلس الوزراء حينذاك وكان ممتاز نصار قد أحاط السيد وزير السياحة والطيران المدني بهذا الخبر وطلب منه الوقوف علي مدي صحة هذا البيان وتقدم بالشكر إلي السيد وزير السياحة الذي إستعد للإجابة علي طلب الإحاطة كما أوضح أن الذي دفعه للتقدم بهذا الطلب هو أنه يحرص كل الحرص علي أن يكون كل ما ينشر عنا في الخارج محل تحقيق وتمحيص منا ولا نكون كالنعام ندفن رأسنا في الرمال ولا نلتفت إلي ما ينشر في الخارج وكذلك قاوم المستشار ممتاز نصار قانون العيب الذى أصدره الرئيس الراحل أنور السادات بإسم حماية القيم من العيب الذى وصفه رجال القانون بالقانون السئ السمعة على إعتبار أنه يمس مبدأ فى الدستور وهو مبدأ الفصل بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية ونادى بأن الحرية الشخصية حق طبيعى وهى مصونة لا يجب مسها وفضلا عن ذلك فقد كان من بين أنشطة المستشار ممتاز نصار في مجلس الشعب إقتراحه مع بعض زملائه بخصوص مشروع قانون يقضى بإلغاء المخصصات السكنية لأسرتى الرئيسين السابقين جمال عبد الناصر وأنور السادات فى كل من مدينة القاهرة ومدينة الإسكندرية حيث أن كلتا الأسرتين أصبحتا فى حالة إقتصادية جيدة بما تزول معه الأسباب التي من أجلها تم منحهما هذه المخصصات وهو ما يمكن أن يوفر للدولة ملايين الجنيهات إذا ما تم إستغلال هذه المساحات الشاسعة التي تشغلها هذه المخصصات لصالح الإقتصاد القومى .
وقبل إنتهاء الدورة البرلمانية الأخيرة لمجلس الشعب في عام 1984م تم إصدار قانون جديد للإنتخابات والذي جعل الإنتخابات المقبلة لمجلس الشعب طبقا لنظام القوائم الحزبية النسبية وكان حزب الوفد الجديد قد عاد لمزاولة نشاطه في أوائل عام 1984م فإنضم نصار إليه في أواخر شهر يناير عام 1984م حيث كان يتحتم عليه خوض الإنتخابات البرلمانية علي قائمة أحد الأحزاب وأرجع سبب إنضمامه للوفد بالذات لأنه أقرب الأحزاب إلي فكره الليبرالي وأنه حزب له جذور وتاريخ سياسي وأن حكومة الوفد برئاسة الزعيم خالد الذكر مصطفي النحاس باشا كانت الحكومة التي ألغت الإمتيازات الأجنبية في مصر عام 1937م وأول حكومة جاءت بقانون إستقلال القضاء عام 1943م علي يد وزير العدل الوفدى حينذاك محمد صبرى أبو علم باشا كما أنها كانت أول حكومة يبدأ تأسيس جامعة الدول العربية في عهدها في القاهرة إضافة إلي أنه هو الحزب الوحيد الذي ولد ولادة طبيعية وله الشرعية الحزبية الشعبية وفاز ممتاز نصار في الانتخابات التي أجريت في شهر مايو عام 1984م وشغل منصب رئيس الهيئة البرلمانية الوفدية بمجلس الشعب وزعيم المعارضة به إلي أن تم حل هذا المجلس لعدم دستورية قانون الإنتخابات الذى تمت عملية الإنتخابات بموجبه ولم يسعفه القدر في الترشح في الإنتخابات التي أجريت في عام 1987م بعد تعديل قانون الإنتخابات حيث توفي إبن الصعيد والمعارض النبيل كما أطلق عليه في شهر أبريل عام 1987م عن عمر يناهز 75 عاما وحقا لقد كان الراحل العظيم عملاق أسيوط والبداري قطعة رائعة ونادرة من تاريخ مصر سواء عندما كان في القضاء أو عندما إنتقل للبرلمان وهو الغائب الحاضر الذي مات جسده لكن مازالت مواقفه حية تشهد علي عظمته هذا ونظرا لإرتباطه بمركز البدارى بمحافظة أسيوط أطلق إسمه على ميدان نادي القضاة ليصبح ميدان المستشار ممتاز نصار وهو الأمر الذى لقي ترحيبا من قبل أعضاء نادي القضاة بأسيوط كما تم إطلاق إسمه علي أحد الشوارع الرئيسية في مدينة أسيوط وعلي مدرسة البدارى للغات وأصبح إسمها مدرسة ممتاز نصار للغات والتي تضم فصولا لكافة المراحل التعليمية بداية من رياض الأطفال وحتي المرحلة الثانوية وأخيرا لابد وأن نذكر أن الراحل العظيم قد ترك لنا بعض المؤلفات كان أهمها معركة العدالة في مصر . |