الجمعة, 6 ديسمبر 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

" يوسف صديق" .. الرائد التنفيذى لثورة يوليو 52

- يوسف صديق- .. الرائد التنفيذى لثورة يوليو 52
عدد : 03-2021
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
موسوعة كنوز “أم الدنيا”

يوسف منصور يوسف صديق الأزهري والمعروف بإسم يوسف صديق ضابط مصري كان عضوا بتنظيم الضباط الأحرار الذى أسسه الرئيس
الراحل جمال عبد الناصر بعد هزيمة الجيش المصرى في حرب فلسطين عام 1948م وكان عبد الناصر هو من تولى مسؤولية التواصل والتجنيد لصالح التنظيم من خلال إختيار عناصر وطنية يتم الإعتماد عليها بشكل قوي في أحرج اللحظات وتم ذلك تحت مرأى ومسمع من اللواء أنذاك محمد نجيب قائد سلاح المشاة والذى تم إختياره كرئيس للتنظيم نظرا لسمعته الطيبة ولرتبته العالية والذى أصبح رئيسا للوزراء في شهر سبتمبر عام 1952م خلفا لعلي ماهر باشا الذى إختاره الضباط الأحرار ليقوم بتشكيل الوزارة يوم 24 يوليو عام 1952م بعد نجاح الثورة ثم إختياره كأول رئيس للجمهورية ما بين عام 1953م وعام 1954م والذى يقول عن يوسف صديق أنا صفر على الشمال بالنسبة له لأنه هو الذي دخل القشلاق وقيادة الجيش ليلة الثورة وعمل كل اللي قلته له وعمل نفسه قائد للدفاع عنا وكل اللي كان بييجي من بره بالإمدادات كان بيشخط فيه ويوزعه وقال عنه أيضا إنه راجل مقاتل وكان الزملاء في مجلس قيادة الثورة يخشونه لأنه راجل شجاع وجدع وحقا كان ليوسف صديق دوره الريادي في تنفيذ الثورة وشهد بذلك غير‏ اللواء محمد نجيب أعضاء مجلس قيادة الثورة عبداللطيف البغدادي وجمال حماد ‏وحمدي ‏لطفي‏ ‏في‏ ‏مذكراتهم‏ ‏التي‏ ‏جاءت‏ ‏مطابقة‏ ‏لمذكرات‏ ‏يوسف‏ ‏صديق عندما لم يتم إبلاغه بتعديل ساعة الصفر لتكون الساعة الواحدة صباح يوم 23 يوليو عام 1952م بدلا من الساعة الثانية عشرة ويتولي إعتقال قيادات الجيش الذين كانوا قد علموا بتحركات الضباط الأحرار وبدأوا في إتخاذ الإجراءات اللازمة لإجهاض هذه التحركات كما سنذكر في السطور القادمة بالتفصيل وكانت النتيجة أنه أنقذ الثورة من الفشل وفضلا عن ذلك وبعيدا عن الحياة العسكرية كان يوسف صديق شاعرا محبا لوطنه ومنذ مطلع شبابه إهتم بالشعر قارئا وذلك فى معية خاله وولى أمره الذى كفله بعد وفاة والده الشاعر محمد توفيق حتى تكونت لديه ملكة الشعر وبدأ يمارس نظمه وهو طالب فى الكلية الحربية ويلقيه على زملائه بها فى المناسبات المختلفة حتى لقب بشاعر الكلية الحربية وإستمر أيضا يوسف صديق بعد ذلك وهو ضابط بالجيش يكتب الشعر ويلقيه على زملائه فى شتي المناسبات حتى عرف عنه أنه شاعر الجيش وعند قيام ثورة يوليو عام 1952م فجرت أحداثها وعلاقته بها ينابيع الشعر الكامنة فيه ومن ثم كتب العديد من القصائد المتعلقة بتلك الأحداث وفى أثرها عليه وبدأ فى نشر شعره فى مرحلة متأخرة من حياته حيث نشرت له صحيفة الشعب العديد من القصائد السياسية والوطنية بعد عام 1952م .

ولد يوسف صديق في يوم 3 يناير عام 1910م وكان جده يوسف صديق الأزهرى ضابطا بالجيش المصرى وتولى منصب حاكم إقليم كردفان بالسودان وعندما إندلعت الثورة المهدية في ثمانينيات القرن التاسع عشر الميلادى قتل هو وأفراد أسرته ولم ينج منهم سوى إبنيه أحمد ومنصور والد يوسف واللذان تمكنا من الهروب إلي مصر وأقام منصور بقرية زاوية المصلوب التابعة لمركز الواسطى بمديرية بنى سويف مسقط رأس العائلة وتزوج منصور ورحل عن الدنيا بعد إنجابه يوسف بعام ومرت السنوات وأنهى يوسف دراسته بالمرحلة الإبتدائية عام 1924م بمدرسة القرية لينتقل إلى القاهرة ويلتحق بالمدرسة الخديوية الثانوية بالقرب من منزل الزعيم سعد زغلول باشا المعروف ببيت الأمة فإستمع إلى خطب زعيم الأمة وشارك فى التظاهرات ضد الإنجليز وفى عام 1930م ورغم ميله للشعر والأدب لم يأخذ بنصائح خاله وأسرته بالإلتحاق بكلية مدنية وفضل الإلتحاق بالكلية الحربية ليتخرج ضابطا بالجيش عام 1933م وكان عمره 23 عاما ليعمل بالسلوم ثم تنقل ما بين أماكن ووحدات عسكرية مختلفة منها القاهرة والإسماعيلية وأسوان وفلسطين والسودان كما عمل بتدريس مادة التاريخ العسكرى بالكلية الحربية وشارك فى حرب فلسطين عام 1948م وأبلى خلالها بلاءا حسنا هو وزملاؤه فى موقعة أشدود ووصل بوحدته إلي قرب مدينة تل أبيب وتعرض للإصابة بشرخ في رئته اليسرى ظل يعانى منه باقى أيام حياته ولم ينسه صوت المدافع وإحتدام وطيس المعارك أن يكتب قصيدة وصف فيها منطقة سحر الطبيعة بمنطقة أشدود وبعد إنتهاء هذه الحرب وهزيمة الجيش المصرى كانت بداية معرفة ‏‏يوسف‏ ‏صديق‏ بتنظيم‏ الضباط الأحرار ‏حيث كان قد ‏تعرف‏ ‏على ‏النقيب ‏وحيد‏ جودة‏ ‏رمضان‏ ‏وبعد ذلك بحوالي 3 سنوات وفي شهر أكتوبر عام 1951م ‏عرض‏ ‏عليه‏ ‏وحيد‏ ‏رمضان‏ ‏الإنضمام‏ ‏لتنظيم‏ ‏الضباط‏ ‏الأحرار وأطلعه على برامجهم التي كانت تدعو للتخلص من الفساد وإرساء حياة ديموقراطية سليمة فوافق على الفور دون تردد وكان حينذاك قد أصبح قائد ثاني للكتيبة الأولى مدافع ماكينة والمعروفة بالكتيبة 13 وحضر في هذا الوقت العديد من الإجتماعات السرية والخاصة بالإعداد للثورة وفي آخر إجتماع إتفق الضباط الأحرار على إختيار يوم 23 من شهر يوليو عام 1952م موعدا لقيام الثورة والقبض على قيادات الجيش وإحتلال مقراتهم ومطالبة الملك فاروق بالتنازل عن العرش والرحيل خارج مصر ورغم معاناة يوسف صديق خلال تلك الفترة من نزيف بالرئة اليسرى كان يعالح منه ومطالبة الأطباء له بالراحة وعدم الحركة إلا أنه أصر على المشاركة مع الضباط الأحرار وتنفيذ دوره فى تأمين مقر قيادة الجيش وإعتقال قادته بواسطة قوات وحدته .

وكانت ساعة الصفر المتفق عليها هي الساعة الثانية عشرة عند منصف ليلة 22/23 يوليو عام 1952م وقبل الموعد المحدد بقليل تحرك يوسف صديق مع مقدمة كتيبته من العريش إلي مقر الكتيبة الجديد في معسكر هاكستيب قرب مدينة العبور حاليا ومعه معاونه عبد المجيد شديد ويروي أحمد حمروش في كتابه قصة ثورة يوليو فيقول إجتمعت اللجنة القيادية للثورة وقررت أن تكون ليلة 22/23 يوليو عام 1952م هي ليلة التحرك وبداية لحركة الجيش وأعطيت الخطة إسما كوديا هو نصر وتحددت ساعة الصفر في الثانية عشرة مساءا إلا أن جمال عبد الناصر عاد وعدل هذ الموعد إلى الساعة الواحدة صباحا وأبلغ جميع ضباط الحركة عدا يوسف صديق لكون معسكره في الهاكستيب بعيد جدا عن مدي تحركه في ذلك اليوم فآثر إنتظاره بالطريق العام ليقوم بإستقباله ورده إلى الثكنات وكان لهذا الخطأ البسيط على العكس أعظم الأثر في نجاح الثورة حيث كان قد تم إبلاغ يوسف صديق بواسطة رسول قيادة الحركة الضابط زغلول عبد الرحمن كما ورد علي لسان يوسف صديق نفسه في مذكراته التي نشرها الدكتور عبد العظيم رمضان بإسم أوراق يوسف صديق عن الهيئة المصرية العامة للكتاب عام 1999م أن ساعة الصفر هي 2400 أي منتصف الليل وليست الواحدة صباحا وهو الموعد المعدل والذى لم يتم إبلاخ يوسف به وكان يوسف حينذاك قائدا ثانيا للكتيبة الأولي مدافع الماكينة ولم يخف الموقف على ضباطه وجنوده وخطب فيهم قبل التحرك وقال لهم إنهم مقدمون هذه الليلة على عمل من أجل الأعمال في التاريخ المصري وسيظلون يفتخرون بما سيقومون به تلك الليلة هم وأبناؤهم وأحفادهم وأحفاد أحفادهم وعموما فقد تحركت القوة من معسكر الهاكستيب دون أن تدري ما يدبر في مركز القيادة وكان يوسف صديق راكبا عربة جيب في مقدمة طابور عربات الكتيبة الملئ بالجنود وما أن خرجت القوة من المعسكر حتى فوجئت باللواء عبد الرحمن مكي قائد الفرقة يقترب من المعسكر فإعتقتله القوة بأوامر من يوسف صديق وتم إقتياده بصحبة طابور القوة بسيارته التي يرفرف عليها علم القيادة محصورا بين العربة الجيب التي يركب بها يوسف في المقدمة والطابور وعند إقتراب القوة من مصر الجديدة صادفت أيضا الأميرالاي عبد الرؤوف عابدين قائد ثاني الفرقة الذي كان يسرع بدوره للسيطرة علي معسكر هاكستيب فأمر يوسف صديق أيضا بإعتقاله وأركبه إلى جانب اللواء المعتقل من قبل بنفس سيارة اللواء وساروا مع القوة والمدافع موجهة عليهما من العربات الأخرى .

ولم تقف الإعتقالات عند هذا الحد فقد فوجئ يوسف ببعض جنوده يلتفون حول رجلين تبين له عندما شاهدهما أنهما جمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر وكانا حسبما روي يوسف في ملابس مدنية ولما إستفسر منهما عن سر وجودهما حدث جدل بينه وبين جمال عبد الناصر حيث كان جمال قد علم بتحرك يوسف صديق من زوجته ورأى خطورة تحركه قبل الموعد المحدد ضمن الخطة الموضوعة سابقا للثورة على أمن ضباط الحركة الأحرار وعلى إمكانية نجاح الثورة ورأى رجوعه إلى الثكنات لكن يوسف صرح له إنه لم يعد يستطيع العودة مرة ثانية دون إتمام العمل أى الثورة وأن الثورة قد بدأت بالفعل حينما قامت قوة يوسف بالقبض على قائده اللواء عبد الرحمن مكي ثم الأميرالاي عبد الرؤوف عابدين قائده الثاني وقرر أنه مستمر في طريقه إلى مبني قيادة الجيش لإحتلاله ولم يكن أحد يعلم على وجه اليقين مايتم فـي رئاسة الجيش حينذاك حيث كان خبر الثورة قد تسرب إلى الملك فاروق الذى كان موجودا بالإسكندرية في ذلك الوقت والذي أبلغ الأمر للقيادة لإتخاذ إجراء مضاد على وجه السرعة من أجل إجهاض حركة الضباط الأحرار وكانت قيادة الجيش التابع للملك مجتمعة في ساعته وتاريخه تمهيدا لسحق الثورة أو الإنقلاب بقيادة الفريق حسين فريد رئيس أركان حرب الجيش حينذاك وحسم يوسف صديق الجدل بينه وبين عبد الناصر حينما أصر على مواصلة طريقه لإحتلال القيادة وأغلب الظن أن الرجلين كانا قد إتفقا على ذلك لأن عبد الناصر الذي إستمر يراقب التحركات عن كثب وجه بعد ذلك بقليل بإرسال تعزيزات من أول الأجنحة التابعة للثورة التي تحركت في الموعد الأصلي اللاحق لمساندة يوسف وبعد هذا اللقاء وفي الطريق أعد يوسف خطة بسيطة تقضي بمهاجمة مبنى قيادة الجيش وبالفعل وصل يوسف إلى المبنى وقام هو وجنوده بإقتحام مبنى القيادة والسيطرة عليه بالفعل بعد معركة قصيرة مع الحرس سقط خلالها إثنان من جنود الثورة وإثنان من قوات الحرس وإستسلم بقية الحرس فدخل يوسف مع جنوده مبنى القيادة وفتشوا الدور الأرضي وكان خاليا وعندما أراد الصعود إلى الطابق الأعلى إعترض طريقهم شاويش حذره يوسف لكنه أصر على موقفه فأطلق عليه طلقة أصابته في قدمه وعندما حاول فتح غرفة القادة وجد خلف بابها مقاومة فأطلق جنوده الرصاص علي الباب ثم إقتحموا الغرفة وهناك كان يقف الفريق حسين فريد قائد الجيش والأميرالاي حمدي هيبة وضباطا آخرين أحدهم برتبة عقيد وآخر غير معروف رافعين منديلا أبيضا فتم القبض عليهم وتم تسليمهم لليوزباشي عبد المجيد شديد ليذهب بهم إلى معسكر الإعتقال المعد حسب الخطة في مبنى الكلية الحربية وبذلك يعتبر يوسف صديق هو بطل الثورة الحقيقي الذي أنقذ ثورة يوليو من الإنتكاسة في اللحظة الأخيرة وهو الذي نفذ خطة الإستيلاء على مقر قيادة الجيش وإعتقال قياداته ومن ثم السلطة بأسرها في مصر في ذلك التاريخ بداية من الساعة الثانية عشرة مساء ليلة 22/23 يوليو عام 1952م وبإتمام يوسف صديق السيطرة علي مقر قيادة الجيش أجرى إتصالا هاتفيا من تليفون مكتب رئيس الأركان باللواء محمد نجيب رئيس مجلس قيادة الثورة وأخبره بما حدث وعرض عليه طلب رئيس الأركان تأمينه هو وأسرته فوافق اللواء محمد نجيب على ذلك وسمع يوسف صديق صوت الدبابات بالخارج فخرج ليجد البكباشى زكريا محيى الدين قد وصل بقواته وهكذا نجحت الثورة والتي دعمها الشعب الذى خرج إلى الشوارع فى ربوع مصر معلنا فرحته ومساندته للجيش وحركته .

وبعد نجاح حركة الضباط الأحرار دعا يوسف صديق إلي عودة الحياة النيابية وخاض مناقشات عنيفة من أجل الديموقراطية داخل مجلس قيادة الثورة ويقول يوسف عن تلك الخلافات في مذكراته كان طبيعيا أن أكون عضوا في مجلس قيادة الثورة وبقيت كذلك حتي أعلنت الثورة أنها ستجري الإنتخابات البرلمانية في شهر فبراير عام 1953م غير أن مجلس قيادة الثورة بدأ بعد ذلك يتجاهل هذا الأمر ويؤجله فحاولت أكثر من مرة أن أترك المجلس وأعود للجيش فلم يسمح لي بذلك حتي ثار فريق من الضباط الأحرار علي مجلس قيادة الثورة يتزعمه اليوزباشي محسن عبد الخالق وقام المجلس بإعتقال هؤلاء الثائرين ومحاكمتهم فإتصلت بالبكباشي جمال عبد الناصر وأخبرته أنني لايمكن أن أبقي عضوا في مجلس قيادة الثورة وطلبت منه أن يعتبرني مستقيلا فإستدعاني للقاهرة ونصحني بالسفر للعلاج في سويسرا في شهر مارس عام 1953م هذا السفر الذى كان بمثابة نفي خارج البلاد ثم إنتقل من سويسرا إلي لبنان ثم عاد إلي مصر وعندما وقعت أزمة مارس عام 1954م بين جناح اللواء محمد نجيب وأنصاره وهو الجناح الذى كان يدعو إلي إعادة الحياة الديموقراطية للبلاد وبين جناح عبد الناصر وأنصاره الذى كان يعارض هذا الإتجاه تماما ويتجهون بالبلاد إلي طريق الديكتاتورية والحكم المطلق طالب يوسف صديق في مقالاته ورسائله للواء محمد نجيب بضرورة دعوة البرلمان الوفدى المنحل ليمارس حقوقه الشرعية كما يقضي الدستور وتأليف وزارة إدارية إئتلافية تضم جميع التيارات السياسية المختلفة تكون من مهامها إجراء الانتخابات وعلى أثر ذلك إعتقل هو وأسرته وأودع في السجن الحربي في شهر أبريل عام 1954م ثم أُفرج عنه في شهر مايو عام 1955م وحددت إقامته بقريته بقية عمره وقد أدت تلك الأحداث إلى التأثير السلبي على حالته الصحية فعانى أمراضا شديدة وخطيرة إلى أن توفي في يوم 31 مارس عام 1975م عن عمر يناهز 65 عاما وليشيع جثمانه في اليوم التالي الأول من شهر أبريل عام 1975م ملفوما بعلم مصر ومحمولا على عربة عسكرية فى جنازة عسكرية رسمية وشعبية حضرها اللواء محمد نجيب أول رئيس جمهورية لمصر وحسنى مبارك وكان حينذاك قد تم إختياره نائبا للرئيس الراحل أنور السادات وزملاء البطل من الضباط الأحرار ومن على قيد الحياة من مجلس قيادة الثورة وعائلته ومحبيه وعلى قبره وضعت لوحة من الرخام فيها أبيات للشاعر كمال عبد الحليم تقول ها هنا يرقد من حررنا وإفتدى مصر بقلب ينزفُ ها هنا شاعرنا فارسنا رافع الرايات حمرا يوسف فإلى يوم حِساب صادق سيظل الشعب عينا تذرف وعلي الرغم من تاريخه الوطنى المشرف لم يطلق إسمه على ميدان أو شارع أو مدرسة بمدينة القاهرة أو محافظة بنى سويف مسقط رأسه حتى الآن .

ومن جانب آخر كانت وزارتا الدفاع والثقافة قد قامتا بتخصيص قاعة فى المتحف الحربى بالقلعة لثورة يوليو وضعت فيها تماثيل نصفية لجميع أعضاء مجلس قيادة الثورة ما عدا يوسف صديق وعبد المنعم أمين ومن ثم تقدمت أسرة يوسف صديق إلى إدارة المتحف الحربى وإلى وزارتى الدفاع والثقافة بتظلم من هذا الوضع الذى يتضمن إجحافا وظلما ليوسف وإنكارا لدوره فى الثورة كإمتداد لما تعرض له فى حياته من إجحاف وإضطهاد ولكن لم تستجب الوزارتان للتظلم ولا للمساعى المتواصلة من جانب الأسرة برفع هذا الظلم والإجحاف وإقامة تمثال ليوسف أسوة بزملائه الآخرين أعضاء مجلس قيادة الثورة وبعد اليأس من الإستجابة الودية لهذا المسعى قررت الأسرة أن تلجأ إلى القضاء لإزالة هذا الاجحاف ولإجبار السلطة على إلتزام جانب الحق والمبادرة إلى إقامة التمثال وتم رفع دعوى أمام محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة بطلب إلزام الحكومة بإقامة التمثال وقد آثار رفع هذه الدعوى التى كان لها صدى فى الرأى العام ردود أفعال مختلفة البعض تندر عليها بحجة أن مثل هذا الأمر لا تصلح فيه إقامة دعوى والبعض أيد رفع الدعوى ومساندتها وإستمرت الدعوى لمدة تقرب من عشر سنوات عانت الأسرة فيها الأمرين من المتاعب ومن الآلاعيب القضائية والمغالطات وصلت إلى حد إنكار دور يوسف فى الثورة بل وإنكار وجوده فى الجيش بل وإلى إنكار أنه كان هناك شخص إسمه يوسف صديق أصلا ولكن صوت الحق والعدل ما لبث أن علا بمجئ الحق وزهوق الباطل فأصدرت محكمة القضاء الإدارى برئاسة مستشار عظيم هو المستشار فاروق شعث حكما تاريخيا بإلزام الحكومة بإقامة التمثال وحاولت الحكومة كالعادة المماطلة فى الرضوخ للحكم فتأيد الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا ثم عادت الحكومة لتماطل أيضا فى مرحلة التنفيذ إلى أن رضخت فى النهاية تماما وأقيم التمثال فعلا وهو الآن يحتل مكانه فى صدر القاعة المخصصة لثورة يوليو بالمتحف الحربى بالقلعة وجدير بالذكر أن المرحوم عبد المنعم أمين عضو مجلس قيادة الثورة قد إستفاد من هذا الحكم إذ إضطرت الحكومة إلى إقامة تمثال له هو الآخر فى نفس المتحف وذلك بعد وفاته بسنوات .

ومؤخرا وفي شهر يوليو عام 2018م كرم الرئيس عبد الفتاح السيسي البطل يوسف صديق بمنحه قلادة النيل أرفع الأوسمة المصرية تقديرا له وإعترافا بدوره الهام في نجاح ثورة يوليو 1952م ولا يفوتنا أن نذكر أن يوسف صديق قد جمع العديد من قصائده وأعدها فى ديوان لنشره وسلم مخطوطة الديوان إلى الأستاذ إبراهيم عبد الحليم الكاتب وشقيق الشاعر كمال عبد الحليم وصاحب دار الفكر للنشر لطبعها وكان إبراهيم من وجوه اليسار فتعرض كالعادة لغزوة بوليسية على الدار تم فيها القبض عليه والإستيلاء على مخطوطة ديوان يوسف حيث إختفت تماما منذ ذلك الحين وبعد وفاة يوسف بعد مرضه الطويل حاول أبناؤه ومنهم اللواء شرطة حسين إسترداد المخطوطة من جهة البوليس المعنية وباءت المحاولة بالفشل وظل اللواء حسين يحاول من جديد جمع أشعار والده وبصعوبة بالغة تمكن من تجميع عدد من القصائد والمقطوعات ثم دفع بها إلى الطبع والنشر فى ديوان صغير سماه ضعوا الأقلام وهو عنوان إحدى قصائد الديوان وهذا هو كل ما بقى لدينا من شعر يوسف صديق إستكمالا لما لدينا من آثار بطولته وسيرته العطرة وها نحن نقدم جانبا من تلك الأشعار التى نشرت فى هذا الديوان دليلا على شاعريته الفذة وعلى بطولته ووطنيته الصادقة فمن ديوان ضعوا الأقلام يقول يوسف فى مقطوعة عنوانها فى إستقبال الصديق الثالث بمناسبة مولد حفيدة يوسف صديق من كريمته سهير يوسف وكان يوسف وقتها سجينا فى السجن الحربى وذلك في شهر يناير عام 1955م :-


أقبلت تسعى من الظلماء للنــــور فأسلمتــك دياجيــــر لديجــــور أشرق بنــورك فالأيــام حالكــــــة من هول ما إقترفت فينا من الجور إن الرسالة فى أسمائنـا لمعـــــت فحملتنـا ثــواب الهــدى بالنـــور ونحن نعلـم أن السجـن منزلنـــــا حتى ندك حصون الإفك والــزور ونحن نعلم أن الموت موردنــــــا نلقــاه فى الله فى بشـر وتكبيــــر جـرد حسامـك فالميــدان مفتقـــــد سيفا يضيئ به فى كف نحريـــر وإلحق بقومك أسرع إنهم سبقوا وخذ مكانك فى ركب المغاويـــر