الأحد, 8 ديسمبر 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

تعرف على مؤسس سلاح الصاعقة فى مصر
-ج1-

تعرف على مؤسس سلاح الصاعقة فى مصر
-ج1-
عدد : 04-2021
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
موسوعة كنوز “أم الدنيا”

الفريق فخرى جلال محمود هريدى ضابط وقائد عسكرى كبير وهو أحد مؤسسي سلاح الصاعقة المصري بعد أن تلقى التدريبات اللازمة علي أعمال قوات الصاعقة أو الكوماندوز بمدرسة المشاة الأميريكية خلال النصف الأول من حقبة الخمسينيات من القرن العشرين الماضي وكان له شرف تأسيس أول فرقة صاعقة مصرية عام 1955م وهو برتبة النقيب وظل الإنضمام إلي هذه المجموعة وتلقي التدريبات الخاصة بها إختياريا في البداية وخاضت هذه المجموعة معارك عديدة أهمها معركة بورسعيد وقت العدوان الثلاثي في عام 1956م وفي عام 1957م عرض هريدى أمر تشكيل هذا السلاح على القيادة العليا للقوات المسلحة وتمت الموافقة على إنشائه وأصبح قائدا له وكبير معلميه وكان بذلك أصغر قائد عسكرى سنا حينذاك ولقب بالأب الروحي للصاعقة المصرية من جانب المصريين وزملائه من أبناء القوات المسلحة نظرا لجهوده في تطوير وبناء هذا السلاح الهام والإشراف المباشر من جانبه من أجل أداء مهامه علي المستوي المحلي والخارجي منذ بداية تأسيسه وحتي إحالته للتقاعد وكان مولد جلال هريدى في يوم 5 سبتمبر عام 1930م ولما أنهي دراسته في المرحلة الإبتدائية والمرحلة الثانوية إلتحق بالكلية الحربية وتخرج منها عام 1950م وتم إلحاقه ضابطا برتبة ملازم ثان بالقوات الجوية ثم إنتقل إلي القوات البرية وخدم فى الكتيبة السابعة فى منطقة أبوعجيلة بسيناء وكان قد حصل علي رتبة ملازم أول وكان وقتها اللواء أركان حرب علي علي عامر قائدا للمنطقة الشرقية فى سيناء والذى أصبح فيما بعد رئيسا لأركان حرب القوات المسلحة وكان قائد سلاح المظلات المصرى حينذاك يزور مدرسة المشاة الأميريكية المعروفة بإسم رينجرز Rangers حيث كانت قد نشأت نواة قوات المظلات في مصر بداية من عام 1951م أي قبل قوات الصاعقة بحوالي 4 سنوت ثم تم تأسيس أول وحداتها في عام 1954م علي يد الرائد حينذاك سعد الدين الشاذلي الذى صار فيما بعد الفريق سعد الدين الشاذلي رئيس أركان حرب القوات المسلحة خلال حرب أكتوبر عام 1973م وأعجب قائد المظلات بالتدريبات التي كانت تجرى في هذه المدرسة للضباط والجنود وكانت كلمة رينجرز مشتقة من كلمة Range والمقصود بها قاطعى المسافات الطويلة حيث كان الأمريكان يحرسون القوافل الآتية من الغرب للشرق او العكس بواسطة الرجال الأشداء الذين حصلوا علي تدريبات شاقة بالمدرسة المشار إليها مما كان يؤهلهم للقيام بهذه المهمة ومن ثم تم إرسال الملازم أول جلال هريدى هو والملازم أول نبيل شكرى والذى صار فيما بعد اللواء نبيل شكرى قائد قوات الصاعقة لمدرسة المشاة الأميريكية لتلقى تدريبات مثل التي يتلقاها الجنود والضباط الأميريكيين وكان عمرهما حوالي 21 عاما .

وتفوق جلال هريدى في هذه الفرقة على الوافدين لها من الدول الاخرى بل وكان فارق الدرجات بينة وبين الأميريكى الحاصل على المرتبة الثانية بعده كبير وبعد عودة جلال هريدى من الولايات المتحدة إجتمع مع أصدقائه وزملائه وكان قد وصل إلي رتبة النقيب وعرض عليهم فكرة تكوين فرقة مثل التى حصل عليها من الولايات المتحدة وبالفعل ذهب لعرض الفكرة على اللواء على علي عامر وأخبره بأن هذه الفرقة تناسب وتلاءم طبيعة عملياتنا مع إسرائيل فى هذا الوقت وبالفعل تم الموافقة على إنشاء مدرسة سميت بمدرسة الصاعقة وتم إختيار إسم الصاعقة لهذه المدرسة من القرآن الكريم أما علم الوحدات فإستوحي من راية الرسول صلي الله عليه وسلم وكانت ذات لونين الأصفر والأسود وتم إنشاء أول فرقة صاعقة للإنضمام إلي هذه المدرسة بسيناء فى عام 1955م على أن يكون كبير معلميها النقيب جلال هريدى وأبلغ اللواء علي على عامر المقدم أحمد إسماعيل علي وقتها والذى أصبح المشير أحمد إسماعيل فيما بعد قائد الكتيبة التي كان يتبعها جلال هريدى بأمر هذه المدرسة وموافقته علي تكوينها وتم انشاء مقر لها في منطقة أبو عجيلة بسيناء .

وتطلب الأمر إختيار طراز خاص من الرجال ليكونوا معلمين مع جلال هريدى شريطة أن يكونوا متمتعين بالبسالة والشجاعة الفائقة والقوة الجسمانية واللياقة البدنية والطبية وقوة التحمل والقدرة علي تحمل أسوأ الظروف المناخية والصبر علي المكاره فإنضم للمدرسة الملازم أول إبراهيم الرفاعى وبعض الضباط الآخرين الذين كانوا نواة تأسيس سلاح الصاعقة فيما بعد كان منهم النقيب نبيل الوقاد والملازم أول مختار الفار والملازم أول أحمد ممدوح إسماعيل والملازم ثان أحمد عبدالله والشقيقين البورسعيديين الملازم أول طاهر الأسمر والملازم أول فاروق الأسمر ومتطوع مدنى إسمه عبدالعزيز منتصر حيث كان يتم فى ذلك الوقت قبول المتطوعين من المدنيين بالإضافة إلي الملازم أول حسين عبدالله مختار وكان يحمل الجنسية السودانية وكانت السودان وقتها قد إنفصلت عن مصر لكن حسين كان قد ولد في مصر وتخرج من الكلية الحربية المصرية وكان لديه حب شديد لمصر وكانت التدريبات شاقة جدا وأقسي وأصعب من تدريبات فرقة الرينجرز الأميريكية وكان في ذلك الوقت المعلمون هم الطلاب وكان الإنضمام للفرقة من الضباط وضباط الصف إختياريا وبإرادتهم وكانوا من الذين يريدون أن يكونوا فدائيين بكل معنى الكلمة ومما يذكر أنه قد أضيفت لتدريبات الفرقة قفزة ثقة للتأكد من أن الرجل الذي أتى ليأخذ الفرقة يتمتع بالشجاعة بمعنى الكلمة .

وبقيام العدوان الثلاثي في عام 1956م بدأت تبرز بطولات فرقة الصاعقة المصرية فبعد أن بدأ العدوان الإسرائيلى الفرنسى الإنجليزى فى يوم 29 أكتوبر عام 1956م على مصر وتم إحتلال سيناء وبورفؤاد وبورسعيد تقرر إرسال قوات من الصاعقة إلى بورسعيد عن طريق بحيرة المنزلة فى المراكب في زى الصيادين ودخلت هذه القوات بورسعيد وكان عدد الرجال يزيد عن مائتى شخص بقيادة النقيب جلال هريدى وكان وقتها الإنجليز يسمحون بدخول أى شخص للمدينة ومنع الخروج منها وذلك بسبب تواتر أقاويل أن جمال عبد الناصر سيقوم بضرب بورسعيد وبالتالى كانوا يسمحون بالدخول إليها ليتخذوا من السكان دروعا بشرية حماية لهم من الضرب وإستطاعت قوات الصاعقة وقتها أن تدخل الذخيرة والمدافع الرشاشة والمدافع المضادة للدبابات والقذائف المضادة للدبابات التي تطلق من علي الكتف وكانت تسمى حينذاك بلانسيت وهي شبيهة بقذائف الآر بى جيه المعروفة حاليا وإنتشر أفراد قوة الصاعقة في منازل ومحال بورسعيد ولم يخل أى منزل أو محل تجارى فىها من فرد صاعقة ومعه ذخيرته ومن هنا يستوجب توجيه التحية لأهالى بورسعيد الذين يتصفون بالرجولة والجدعنة والشجاعة حتي أن أطفال بورسعيد قد نشأوا متحلين بروح المقاومة وكانت لديهم كراهية شديدة لهذا العدوان فكانوا يصنعون ذيولا من الورق يشبكونها فى زى الضباط الإنجليز إنتقاما وسخرية منهم وشهد التاريخ على أن الحروب التى خاضتها مصر أكدت إلتحام الشعب مع قواته المسلحة ومعاونة الجيش فى المقاومة ضد العدوان فلم تفرق المقاومة الشعبية بين شيخ أو طفل أو رجل أو إمرأة فكان الكل سواسية والهدف واحد هو الدفاع عن أرض الوطن وعندما ذهب قائد قوات الصاعقة النقيب جلال هريدى لمحافظ بورسعيد حينذاك محمد رياض لكى يبحث معه الأوضاع في المدينة كان باب مكتبه مفتوحا فدخل قائد القوات الإنجليزية وكان يدعى الجنرال ليو أستيكول وكان جلال هريدى حينذاك متنكرا فى زى أحد المسعفين بهيئة الإسعاف وكان على وشك الخروج لإرسال تقرير بالموقف والوضع الحالي في المدينة والتي كان الموقف فيها خطيرا وحرجا للغاية ففى هذا التوقيت كانت السجون قد ضربت وإنتشر اللصوص وعمت الفوضى فى المدينة وكانت جثث الشهداء من الأهالي ومن متطوعي المقاومة الشعبية ملقاة فى الشوارع وعندما وجد الجنرال أستيكول جلال هريدى وهو متنكر في زى رجال الإسعاف في مكتب المحافظ قال سأصطحب هذا الرجل معى لمعرفة طلباته الطبية اللازمة لهيئة الإسعاف وإنتقل معه هريدى فى سيارته جالسا بجواره ودخلا إلى مبنى خاص بالحالات الطبية وتحدث الجنرال لرجل هناك لكى يعرف طلباتى ووقتها قلت له إن مخازنى فارغة ولابد للذهاب إلى الإسماعيلية لإحضار بعض مستلزمات الإسعاف الطبية فأعطي هريدى تصريحا لكى يخرج من بورسعيد متجها إلي الإسماعيلية وتوجه هو وزميله حسين عبد الله إلى طريق بور سعيد الإسماعيلية فإستوقفهما ضابط من الإنجليز عند نقطة الخروج من بورسعيد وقال لهما التصريح سليم ولكن كان لابد أن يكون لدى خبر به مسبقا ومن فضلكما عودا إلي داخل بور سعيد .

وبالفعل عاد جلال هريدى وزميله حسين مختار وعلما أن هناك قطار سيتوجه إلى بورسعيد لنقل الجرحى إلى القاهرة فذهبا مسرعين للمستشفى وقاما بتغيير ملابس زى الإسعاف وقام هريدى بتجبيس قدمه اليمنى وتجبيس قدم مختار اليسرى أيضا ووضعا كل البيانات تحت الجبس وتوجها إلى محطة القطار وكان الإنجليز يوزعون علي الجرحي لبن وكيك والناس تقوم بالتصوير لكى يتم عرضها فى الصحف وقتها ووصل القطار إلي القاهرة وقابل هريدى وزميله المشير عبد الحكيم عامر والرئيس جمال عبد الناصر وعاد بعدها هريدى مرة اخرى إلى بورسعيد وفى أحد الأيام طلب هريدى من حسين مختار الذهاب إلى القيادة العامة لإحضار الشفرة الجديدة لكى يراسلها بها والتي كان يتم تغييرها كل فترة ولم يكن هناك أى وسيلة للإتصال وقتها بعد تهجير الكثير من أهالى بورسعيد إلى القاهرة والإسماعيلية ودمياط سوى الراديو وكان ذلك عبر برنامج رسائل إلى أهالى بورسعيد وقال له هريدى كم يوما يكفيك للزواج فأجاب 5 أيام فقال له هريدى لا سأمنحك أسبوعا أجازة وكان الإتفاق عبر الراديو من خلال جملة يرسل بها الأقارب إلى ذويهم فى هذا البرنامج فكانت الجملة المتفق عليها من توفيق إلى جلال إحنا بخير سلم على الأهل وطمنهم علينا وهذه العبارة المشفرة كان معناها قم بعملية وتوفيق كان توفيق عبدالفتاح والذى كان يشغل منصب مدير مكتب المشير عامر للتدريب وعندما قابل حسين مختار المشير عامر قال له المشير سلم على جلال وأبلغه ألا يفعل شيئا ولا يقوم بعمليات حاليا لأن الانجليز سينسحبون لأن العدوان الثلاثى تم بدون إذن من أمريكا وجاء بعدها مختار ليلتقي بهريدى وقال له إن المشير بيقول لك سلم على الأهل ويعنى ذلك القيام بعملية وهذا كان على عكس ما قاله المشير وكانت قوة الصاعقة قد إستكشفت عدة مواقع للإستهداف منها موقع يحتوى على عدد 12 دبابة وبجوار الدبابات عدد 2 لورى ويضم الموقع أيضا عدة جنود وكان هناك قرار بحظر التجوال من الساعة السادسة مساءا حتى الساعة السادسة صباحا بالإضافة إلى وجود دوريات تسير في الشوارع وكانت الخطة ان يتم سحب سيارات اللورى من جوار الدبابات وكان لابد للقيام بذلك الإشتباك أولا مع الدوريات الموجودة بالشوارع وأعطي جلال هريدى التعليمات ببدء العملية لكنه وجد حسين مختار واقفا ولم يتحرك مع زملائه فسأله ما بك فقال له الحقيقة إن المشير عامر لم يقل لى هذا ولكنه قال لى توقف عن أى عملية وأن أبلغك أن الإنجليز سينسحبون فقال له جلال هريدى لماذا قلت هذا من تلقاء نفسك فرد قائلا يا فندم صعب عليا أن ندخل كل هذه الأسلحة ولا نفعل أى شئ وكان ما فعله حسين مختار يعتبر بمثابة عدم تنفيذ للأوامر لكن جلال هريدى قدر له موقفه الوطني كما أنه لم تكن هناك فرصة للتراجع فقال له توكلنا على الله فشعر حسين بالسعادة العارمة وعلى الفور تحرك جزء من مجموعة الصاعقة إلى الشوارع وإستشهد أول شهيد للصاعقة الرقيب رمضان عبدالرازق أثناء الإشتباك مع الدوريات فى شوارع بورسعيد ولم ينس شعب بورسعيد هذا اليوم وتم إصابة 7 دبابات للعدو إصابة مباشرة في هذه العملية وإنسحبت القوة فورا بعد أداء مهمتها وفى اليوم التالي جن جنون الإنجليز وتم القبض علي عدد 500 من أهالي بورسعيد إنتقاما منهم ولشكهم أن لبعضهم يد في هذه العملية .

وبعد إنتهاء العدوان الثلاثي علي مصر كانت قوات الصاعقة هي السلاح الوحيد الذي قام بعمليات قبل أن يوجد أو يؤسس كسلاح مستقل ويقول جلال هريدى إنه كان وقتها برتبة النقيب وأراد المشير عامر أن يرقيه إلى رتبة المقدم لكى تكون الرتبة مناسبة لقيادة هذا السلاح عندما تقرر أن يكون سلاحا مستقلا عام 1957م فقال له يا فندم هذا يعتبر مكافأة على ما عملناه في بورسعيد وأنا أريد أن أنشئ هذه القوات على مبادئ معينة وكلكم تعلمون أن ضباط الصاعقة جميعا سواء الشهداء أو الأحياء كانوا يتسابقون إلى العمليات دون إنتظار أى جزاء أو مكافأة ومن ثم إتخذ المشير عامر قراره الجرئ بتعيين جلال هريدى قائدا لقوات الصاعقة وهو برتبة نقيب وكان عمره حينذاك 27 عاما تقريبا فكان أول ضابط في تاريخ القوات المسلحة يتولى قيادة سلاح وهو برتبة نقيب ومن الإنصاف أن نقول في هذا المقام حقيقة ساطعة يدركها كل من خدم بالصاعقة بداية من منتصف حقبة الخمسينيات وحتي نكسة يونيو عام 1967م وهي أنه لولا المشير عامر ما كان من الممكن أن يكون للصاعقة وجود فقد آمن عامر بها وتبناها من أول يوم ووفر لها كل الإمكانيات وكانت أبرز الأحداث التي شاركت فيها قوات الصاعقة بعد ذلك عملية الإنزال لكتيبة من تلك القوات في فجر يوم 29 سبتمبر عام 1961م والتي أرسلها جمال عبد الناصر بقيادة الرائد حينذاك جلال هريدي عقب الإنفصال بين مصر وسوريا في مطار حميميم بالقرب من مدينة وميناء اللاذقية في محاولة للقضاء على الإنفصاليين في سوريا إلا أنه تم القبض عليها بعد إلقاء السلاح ومن ثم قرر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ألا يرسل المزيد من القوات ويقول عبد الكريم النحلاوي قائد عملية الإنفصال إن السوريين كانوا يعتبرون أفراد الصاعقة المصرية الذين تم القبض عليهم إخوان وليسوا أسرى لأنهم كانوا مغلوبين على أمرهم أساسا وينفذون مهمة تم تكليفهم بها وقد تم إحتجازهم في ثكنة بمدينة حمص وبالنسبة لقائدهم الرائد جلال هريدي فقد تم ترحيله إلي دمشق وتم سجنه بسجن المزة الشهير والتحقيق معه لمعرفة تفاصيل العملية التي كانت تنوى قواته تنفيذها وبعد فترة أعلن السوريون أنه حكم عليه بالإعدام وأنه قد تم إعدامه بالفعل وقامت زوجته بتلقى العزاء له في مصر لكن بعد فترة تبين أنه حي يرزق وتم الإفراج عنه ثم عاد إلي القاهرة سالما .

وكانت المهمة التالية لقوات الصاعقة في عام 1962م في اليمن وكانت مساندة مصر فى البداية قاصرة على دعم الثورة اليمنية التي قامت في العام المذكور وقادتها وتقديم الدعم السياسى لهم والإعتراف بالدولة ولم تكن هناك أى خطة مرسومة للتدخل هناك حتى كان القرار الحاسم في يوم 2 أكتوبر عام 1962م حيث قررت مصر دعم الثورة اليمنية بسرية صاعقة بالملابس المدنية وكان قوام هذه السرية 100 ضابط وجندى يحملون أسلحة خفيفة ثم أرسلت طائرات حربية مقاتلة وقد بادر العميد عبد الله السلال قائد الثورة اليمنية بدفع سرية الصاعقة إلى القتال مع القبائل مبكرا وكان لذلك أثره في حدوث خسائر جسيمة أثناء القتال إلا أن سرية الصاعقة صمدت مع تراجع الجيش اليمنى بقوة وإنصراف جنوده إلى قبائلهم وفى هذه الحرب لم يكن العدو محددا فالقوات المصرية سواء على الأرض أو فى السماء كانت تحارب فى الجبال عدوا يشبه العصابات فكانت بحق حرب عصابات ومهما كانت النتائج فإن مسؤوليات مصر ودورها القومى فى الدفاع عن الأمن العربى جعل قرارها دائما بعيد عن حسابات المكاسب والخسائر تدعيما لقيمها ومبادئها وعقيدتها الراسخة وبعد اليمن كانت حرب عام 1967م ويروي جلال هريدى قائد الصاعقة حينذاك إن قوات الصاعقة دخلت الأردن خلال حرب عام 1967م وكان جلال وحلمى هو الإسم الكودى لمجموعتين من قوات الصاعقة وجلال هو جلال هريدى قائد المجموعة الأولي وحلمي هو أحمد حلمي قائد المجموعة الثانية وقد توغلت هاتان المجموعتان فى نابلس بالصفة الغربية لنهر الأردن بعد العدوان على مصر إلى المستوطنات الإسرائيلية داخل إسرائيل وكان لهذه القوات عدد من المعارك وقد رفضت هذه القوات قرار الإنسحاب وإستمرت في القتال فقامت القوات الأردنية بمقاتلتها فكانت هذه القوات تقاتل الأردنيين والإسرائيلين فى نفس الوقت وكانت الإذاعة المصرية تذيع نداء دائم كانت صيغته عودوا إلى قواعدكم تطلب فيه من جلال وحلمى الرجوع والتوقف عن القتال وعرفت مصر كلها أن قوات الصاعقة المصرية كانت داخل إسرائيل حينذاك ولم تتوقف المجموعتان المشار إليهما عن القتال إلا بعد حوالي أسبوعين بعد نفاذ كل المؤن وفضلا عن ذلك كانت الصاعقة هى التى أوقفت العدو فى معركة رأس العش في أول شهر يوليو عام 1967م أي بعد هزيمة الخامس من شهر يونيو بحوالي 3 أسابيع حينما تقدمت قوة إسرائيلية شمالا من مدينة القنطرة شرق شرقي القناة في إتجاه مدينة بورفؤاد لإحتلالها وهى المنطقة الوحيدة في سيناء التي لم تحتلها إسرائيل أثناء حرب يونيو عام 1967م فتصدت لها قواتنا ودارت معركة رأس العش وكان يدافع عن هذه المنطقة التي تقع جنوب بورفؤاد قوة مصرية محدودة من قوات الصاعقة المصرية عددها ثلاثون مقاتلا من قوة الكتيبة 43 صاعقة إلا أن قائد الصاعقة جلال هريدى فوجئ بالقيادة السياسية تخيره إما أن يعين ملحقا حربيا فى الخارج أو أن يحال إلى المعاش فإختار المعاش فورا ودون تفكير إذ كيف يعين ملحقا حربيا ويوجد عدو يحتل جزءا من أرض مصر وهو يعد قائد الفدائيين ولم يقصر في أداء واجبه ومهامه وتم إستدعاؤه هو وقواته من داخل إسرائيل وبالفعل تم إحالته إلى المعاش وأذيع الخبر بالراديو لكى يسمعه كل الناس وبذلك كان أيضا أول ضابط فى تاريخ القوات المسلحة يذاع خبر إحالته إلى المعاش بالراديو .


وفي شهر أغسطس عام 1967م تم توجيه إتهام لجلال هريدى بأن له دور في محاولة الإستيلاء على السلطة لصالح المشير عامر الذى كان قد تم عزله في يوم 11 يونيو عام 1967م وتحصن في منزله إلي أن تم القبض عليه والتحفظ عليه في إستراحة بمنطقة المريوطية خلال الشهر المذكور وتم تقديم جلال هريدى إلي المحاكمة بتهمة محاولة قلب نظام الحكم مع 70 ضابطا وحكم على 5 منهم بالإعدام كان جلال هريدي من بينهم إلا أن الحكم قد تم تخفيفه إلي السجن المؤبد وبالفعل دخل هريدى السجن حتى أفرج عنه الرئيس الراحل أنور السادات إفراجا صحيا في عام 1974م وذلك بعد قضاءه في السجون 7 سنوات تقريبا متنقلا من السجن الحربي إلى سجن طرة ثم إلى سجن الحضرة بالإسكندرية ومنه إلى سجن القناطر الخيرية ثم إلى سجن طرة مرة أخرى حتي تم الإفراج عنه وبعد ذلك إعتزل الحياة العامة وكان سنه حينذاك 44 عاما .


ولا يفوتنا في هذا المقام أن نتحدث عن بطولات رجال الصاعقة الذى أسسه الفريق فخرى جلال هريدى وهو السلاح الذى أصبح اليوم يحتل مرتبة متقدمة جدا ضمن تصنيف القوات الخاصة علي مستوى العالم فبعد بطولات الصاعقة في ملحمة رأس العش فتحت هذه الملحمة شهية خير أجناد الأرض وفي يوم 5 أغسطس عام 1967م بدأت قيادة القوات المسلحة المصرية في تشكيل مجموعة صغيرة من الفدائيين من أشجع رجال الصاعقة للقيام ببعض العمليات الخاصة في سيناء وراء خطوط العدو الإسرائيلي وكانت هذه المجموعة بإسم فرع العمليات الخاصة التابعة للمخابرات الحربية والإستطلاع كمحاولة من القيادة لإستعادة القوات المسلحة ثقتها بنفسها والقضاء على إحساس العدو الإسرائيلي بالأمن وبأمر من مدير إدارة المخابرات الحربية اللواء آنذاك محمد أحمد صادق وقع الإختيار على رجل الصاعقة البطل إبراهيم الرفاعي أحد تلاميذ جلال هريدى والذى كان من الرعيل الأول لرجال الصاعقة لقيادة هذه المجموعة فبدأ على الفور في إختيار العناصر الصالحة لهذه النوعية من العمليات القتالية الخاصة وكانت نيران هذه المجموعة هي أول نيران مصرية تطلق في سيناء بعد النكسة وكانت أول عمليات هذه المجموعة نسف قطار للعدو عند مدينة الشيخ زويد بسيناء ثم نسف مخازن الذخيرة التي تركتها قواتنا عند إنسحابها من معارك عام 1967م وكان نجاح هذه العملية ضربا من الخيال بل كان نوعا من المستحيل ولكن البطل إبراهيم الرفاعي ورجاله تمكنوا من الوصول إليها وتفجيرها حتى إن النيران ظلت مشتعلة في تلك المخازن ثلاثة أيام كاملة وبعد هاتين العمليتين الناجحتين وصل لإبراهيم الرفاعي خطاب شكر من وزير الحربية والقائد العام للقوات المسلحة آنذاك الفريق أول محمد فوزى على المجهود الذي يبذله في قيادة المجموعة ومع الوقت كبرت المجموعة التي يقودها البطل إبراهيم الرفاعي وصار الإنضمام إليها شرفا يسعى إليه الكثيرون من أبناء القوات المسلحة المصرية وزادت العمليات الناجحة ووطأت أقدام جنود المجموعة الباسلة مناطق كثيرة داخل سيناء فصار إختيار إسم لهذه المجموعة أمر ضرورى وبالفعل أُطلق على المجموعة إسم المجموعة 39 قتال وذلك من يوم 25 يوليو عام 1969م وإختار الشهيد البطل العميد إبراهيم الرفاعي شعار رأس النمر كرمز للمجموعة وهو نفس الشعار الذي إتخذه الشهيد البطل أحمد عبد العزيز خلال معارك حرب فلسطين عام 1948م .

وفي مطلع عام 1968م ومع بداية حرب الإستنزاف نشرت إسرائيل مجموعة من صواريخ أرض أرض لإجهاض أي عملية بناء للقوات المسلحة المصرية وعلي الرغم من أن إسرائيل كانت متشددة في إخفاء هذه الصواريخ بكل وسائل التمويه والخداع إلا أن وحدات الإستطلاع كشفت العديد منها علي طول خط المواجهة ولم يكن رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية الفريق عبد المنعم رياض في هذه الأثناء يعرف طعما للنوم أو الراحة أو التأجيل أو الإسترخاء في معركته التي بدأها من أجل إعادة بناء القوات المسلحة المصرية فأرسل علي الفور إلي المقاتل الثائر إبراهيم الرفاعي وكان الطلب إسرائيل نشرت صواريخ في الضفة الشرقية عايزين منها صواريخ يا رفاعي بأي ثمن لمعرفة مدي تأثيرها علي الأفراد والمعدات في حالة إستخدامها ضد جنودنا وإنتهت كلمات رئيس الأركان وتحول الرفاعي إلي جمرة من اللهب وشعلة من النشاط فقد كان يعشق المخاطر ويهوى ركوب الأخطار ولم تمض سوي أيام قلائل لم ينم خلالها إبراهيم الرفاعي ورجاله فبالقدر الذي أحكموا به التخطيط أحكموا به التنفيذ فلم يكن الرفاعي يترك شيئا للصدفة أو يسمح بمساحة للفشل فكان النجاح المذهل في العملية المدهشة فعبر برجاله قناة السويس وبأسلوب الرفاعي السريع الصاعق إستطاع أن يعود سالما هو ورجاله ليس بصاروخ واحد وإنما بثلاثة صواريخ وأحدثت هذه العملية دويا هائلا في الأوساط المصرية والإسرائيلية وعلي مستوى العالم كله علي حد سواء حتى تم على أثرها عزل القائد الإسرائيلي المسؤول عن قواعد الصواريخ من منصبه وقد وصف رئيس الأركان المصرى الجنرال الذهبي عبد المنعم رياض هذه العملية بقوله إن هذه المهمة كانت من المهام الخطيرة في الحروب .


ومن العمليات البارزة أيضا التي إرتبطت بإسم البطل إبراهيم الرفاعي عندما عبر خلف خطوط العدو في جنح الليل ونجح في أسر جندي إسرائيلي عاد به إلي غرب القناة وكان هذا الأسير هو الملازم داني شمعون بطل الجيش الإسرائيلي في المصارعة ولكن الأسد إبراهيم الرفاعي أخذه من أحضان جيشه إلي قلب القاهرة دون خدش واحد وتتوالي بعد ذلك عمليات الرفاعي الناجحة حتى أفرزت رأيا عاما مصريا مفاده أن في قدرة القوات المسلحة المصرية عبور قناة السويس وإحداث أضرار وخسائر جسيمة في الجيش الإسرائيلي بل إنها بثت الرعب في نفوس الاسرائليين حتى أطلقوا علي الرفاعي ورجاله مجموعة الأشباح وصبيحة إستشهاد الفريق عبد المنعم رياض طلب الرئيس الراحل جمال عبد الناصر القيام برد فعل سريع وقوي ومدوي حتى لا تتأثر معنويات الجيش المصري بإستشهاد قائده فعبر الرفاعي القناة وإحتل برجاله موقع المعدية رقم 6 الذي أطلقت منه القذائف التي كانت سببا في إستشهاد الفريق رياض وأباد كل من كان في الموقع من الضباط والجنود البالغ عددهم 44 عنصرا إسرائيليا حتي أن إسرائيل من هول هذه العملية وضخامتها تقدمت بإحتجاج إلي مجلس الأمن يفيد أن جنودها قد تم قتلهم بوحشية في هذه العملية الفدائية ولم يكتف الرفاعي بذلك بل رفع العلم المصري علي حطام المعدية رقم 6 بعد تدميرها ولأول مرة رفرف هذا العلم علي موقع في أرض سيناء المحتلة منذ عام 1967م ويبقي مرفوعا قرابة الثلاثة أشهر وبإستمرار عمليات المجموعة 39 قتال أصبحت هذه العمليات مصدرا للرعب والهول والدمار على العدو الإسرائيلي أفرادا ومعدات ومع نهاية كل عملية كان إبراهيم الرفاعي يبدو سعيدا كالعصفور تواقا لعملية جديدة يبث بها الرعب في نفوس العدو وتناقلت أخباره وبطولاته هو ومجموعته الرهيبة وحدات القوات المسلحة المصرية ولم يكن عبوره هو الخبر إنما كانت عودته سالما دائما من هذه العمليات التي كانت تتصف بالخطورة الفائقة هي المفاجأة دائما وكانت بعد كل إغارة ناجحة لمجموعته تلتقط أجهزة التصنت المصرية صرخات العدو وإستغاثات جنوده .


وفضلا عن ذلك ففي فترة حرب الإستنزاف أيضا كان لقوات الصاعقة العديد من العمليات كان من أهمها تكليف القيادة العامة للقوات المسلحة رجال الصاعقة بعبور قناة السويس والإغارة على إحدى النقاط القوية بهدف خطف أسير إسرائيلى وبالفعل تم تنفيذ العملية ليلة 21 أبريل عام 1969م فى نطاق الجيش الثالث الميدانى عند نقطة تسمي نقطة التبة المسحورة جنوبي البحيرات المرة الصغرى وكان للعدو فيها حصن عبارة عن نقطة قوية بها سرية مظلات وسرية دبابات وتحركت القوة المنفذة نحو النقطة القوية للعدو لمهاجمتها من إتجاه الشرق وتم التعامل مع كمين للعدو بجانب النقطة القوية على الساتر الترابى الذى كانت قد أقامته إسرائيل علي الضفة الشرقية لقناة السويس بقيادة الملازم أول عبده أحمد عرفة وتم إلقاء قنبلة يدوية على أفراد العدو فتم قتل غالبيتهم وتم إقتحام الكمين وقتل جميع أفراده وتم خطف أسير إسرائيلى هو أدمون مراد أهارون وإستشهد في هذه العملية العريف فتحى يونس عبدالعظيم من منيا القمح وكان أيضا من بطولات الصاعقة خلال حرب الإستنزاف معركة شدوان صباح يوم 22 يناير عام 1970م والتي وقعت على جزيرة شدوان فى مدخل خليج السويس على بعد 35 كيلو متر من الغردقة عندما حاول العدو الإسرائيلى أن يرد على الضربات الناجحة والموجعة لقواتنا خلال حرب الاستنزاف بأن يحتل هذه الجزيرة وصدرت الأوامر لرجال الصاعقة بمنع العدو من إحتلالها وبدأت المعركة بقصف جوى من العدو على الجزيرة لأكثر من ساعتين ونصف الساعة ثم بدأ الإبرار الجوى والبحرى واشتبكت قواتنا مع القوات الإسرائيلية وأظهرت بطولات نادرة وفى اليوم التالي 23 يناير عام 1970م بدأت قواتنا الجوية فى قذف قوات العدو التي كانت متمركزة بالجزيرة وبدأ العدو فى الإنسحاب منها من هول بطولات رجال الصاعقة وتم تكبيد العدو الإسرائيلى عدد 30 قتيلا وكان من أبطال هذه المعركة الملازم أول محمد شريف كامل النعمانى قائد سرية الجزيرة من رجال الصاعقة والمقدم بحرى حسني حماد من رجال قوات الصاعقة البحرية .