بقلم المهندس/ طارق بدراوى
موسوعة كنوز “أم الدنيا”
وإذا إنتقلنا إلي بطولات الصاعقة خلال حرب أكتوبر 1973م فهي لا تعد ولا تحصي وبدأت مع بداية الحرب في يوم 6 أكتوبر عام 1973م وكان من هذه العمليات عملية سدر حيث إختارت القيادة العامة للقوات المسلحة موقع المضيق الجبلى بسدر وهو مكان مناسب وآمن لتنفيذ كمائن رجال الصاعقة ضد العدو نظرا لأنه المحور الذى يتحكم فى مرور المدرعات إلي إتجاه الجنوب ويتحتم على العدو المرور عليه لمنع تقدم اللواء الأول مشاة فى إتجاه الجنوب على الطريق الساحلى وتم إختيار الموقع أيضا لتنفيذ عدة كمائن لتعطيل اللواء المدرع الإسرائيلى أثناء مروره على الموقع وكانت مهمة رجال الصاعقة الإبرار الجوى غرب المدخل الغربى لمضيق سدر بمسافة 10 كبلو مترات ثم التقدم نحو المضيق لإحتلال أماكن الكمائن بالمدخل الغربى له وإحداث أكبر خسائر ممكنة باللواء المدرع الإسرائيلى المحتمل تقدمه في الساعة 11 من مساء يوم 6 أكتوبر عام 1973م والعمل علي تعطيله لمدة 48 ساعة وتقوم سرية أخرى من رجال الصاعقة بالإبرار الجوى بمنطقة عين يتصار المالح والتقدم تجاه الغرب وإحتلال أماكن لإعداد كمائن فى المدخل الشرقى لمضيق سدر الجبلى وتعطيل العدو لأطول وقت ممكن وتولى قيادة العملية قائد كتيبة الصاعقة الرائد محمود عباس وجدير بالذكر أن الإبرار الجوى للكتيبة معناه نقلها بالطائرات الهليوكوبتر من مكان على الأرض إلى مكان آخر تهبط فيه على الأرض بينما الإسقاط للكتيبة فمعناه نقلها بالطائرات من على الأرض ثم هبوطها بالمظلات من الجو على مكان محدد وقد تمت أحداث عملية سدر من خلال مرحلتين الأولي شملت التحرك والإقلاع والوصول لمنطقة الإبرار وبدأ تحرك الكتيبة مساء يوم 5 أكتوبر عام 1973م والوصول لمنطقة الإقلاع حيث تتمركز كتيبة مشاة مصرية حيث وصلت طائرات الإبرار وتم الإبرار شمال جبل الراحة شرق المضيق وإبرار آخر تجاه مدخل المضيق من جنوب جبل الراحة وتصادف مرور طائرتى ميراج للعدو الذى إكتشف طائرات الصاعقة فدخلت معها فى معركة جوية غير متكافئة وتم تدمير وإصابة بعض الطائرات وإستشهاد بعض رجال الصاعقة وتم توجيه باقى الكتيبة إلى مدخل المضيق لإتخاذ أوضاع الكمائن وقامت سرية المجهود الرئيسى بإنزال القوات فى المنطقة وتم تحديد خط السير فى إتجاه منطقة الإبرار ووصلت إلى الهدف يوم 7 أكتوبر عام 1973م وليس 6 أكتوبر كما كان مقررا لها وبدأت حينذاك المرحلة الثانية من العملية وهي مرحلة وضع الكمائن والتنفيذ وتم التقدم ليلة 8 أكتوبر فى إتجاه الغرب لإتخاذ أفضل الأوضاع لتنظيم الكمائن وفى ليلة 9 أكتوبر تم التقدم مرة أخرى لإتخاذ أوضاع أفضل على المضيق فى المدخل الجنوبى للمضيق وفى صباح يوم 10 أكتوبر ظهرت عناصر معادية عبارة عن عربة جيب و3 عربات نصف جنزير ودبابة وتم تدميرها جميعا وعلم قائد سرية الصاعقة أن القوة الرئيسية للواء الخاص بالعدو الإسرائيلى موجودة على مسافة تتراوح بين 2 إلي 3 كيلومترات بدون غطاء جوى فإتصل بالقيادة العامة وبالفعل أرسلت 6 طائرات سوخوى أحدثت خسائر فادحة ضد اللواء المدرع ورفعت هذه الضربة من معنويات أبطالنا والعكس صحيح بالنسبة للعدو الإسرائيلى وتم القضاء على باقى عناصر العدو من المشاة وكان من أهم نتائج معركة سدر حرمان العدو من إستخدام محور سدر طوال فترة العملية بالكامل وتدمير عدد 5 عربات نصف جنزير وعدد 4 دبابات وعربة جيب وإصابة عدد كبير من جنود العدو وتدمير عدد كبير من دبابات اللواء المدرع للعدو أثناء القصف الجوى بالطائرات المصرية .
وكان من أكبر معارك الصاعقة أيضا خلال حرب أكتوبر معارك المجموعة 139 صاعقة والتي كانت تتكون من أربع كتائب هي الكتيبة 103 صاعقة والكتيبة 183 صاعقة والكتيبة 133 صاعقة والكتيبة 223 صاعقة ولكى نتعرف علي بطولات هذه المجموعة فمن المهم أن نتعرف أولا علي طبيعة عمل القوات الخاصة سواء الصاعقة أو المظلات كوحدات خفيفة التسليح بالغة التأثير في العمليات التي تخوضها نظرا لما تتمتع به من لياقة بدنية هائلة وتدريبات بالغة القسوة وقدرات تفوق الوصف في التحمل وقلوب لا تعرف الخوف وماحدث في يوم 6 أكتوبر عام 1973م أنه تم إبرار الكتيبة 183 صاعقة على المحورين الشمالي والأوسط بهدف تعطيل تقدم العدو وتعطيل هجومه المضاد لأطول فترة ممكنة إلى أن تثبت القوات المصرية التى إقتحمت القناة أوضاعها في سيناء وكان هذا معناه أن المهمة التي نم تكليف هذه الكتيبة بتنفيذها تندرج تحت بند العمليات الفدائية لأن طيران الطائرات الهليوكوبتر في سماء سيناء والحرب قائمة عملية فدائية بل تكاد أن تكون إنتحارية لأنها حتما سوف تتعرض لهجوم جوى من مقاتلات العدو أو نيران أرضية من دفاعات العدو وهذا ما حدث لبعض الطائرات التى تقوم بإبرار الكتيبة داخل سيناء والخطر الهائل في مثل هذه المهام أمر يعرف الرجال إمكانية حدوثه مثلما يعرفون أنهم بعد وصولهم للمكان الذى تم إبرارهم له مهمتهم إعاقة ومنع قوات العدو من التقدم لأطول مدة ممكنة ويعلمون أيضا أنهم قوة صغيرة في عددها ومحدودة في تسليحها وذخيرتها ومؤنها وعليهم مواجهة قوات مدرعة لديها دبابات ومدرعات ومدفعية وكل ما يخطر على البال من عتاد أي قوات ضخمة خطوط إمدادها متوافرة بينما هم في مهمة لا تعويض للذخائر والعتاد فيها لعدم وجود خطوط إمداد لأنهم خلف خطوط العدو والخلاصة أنهم في مهمة معروف أولها وهو منع العدو من التقدم لكن ما بعد ذلك فهو التحدى الكبير الذى خاض مقاتل القوات الخاصة التدريبات الشاقة والمستحيلة لأجله وقد قال الجنرال إيريل شارون في مذكراته عن هذه القوة التى تم إبرارها إن قوات الصاعقة التي تم إبرارها بالقرب من الطاسة عطلت تقدمي لمدة ساعتين وأجلت تنفيذ المهام للقوات الإسرائيلية أسبوعين .
وفي يوم 9 أكتوبر عام 1973م صدرت التعليمات بتحرك الكتيبة 103 صاعقة لتدعيم قطاع بورسعيد وكانت تلك المرحلة الثانية من التكليفات التي صدرت للمجموعة 139 قتال ثم كانت المرحلة الثالثة من المهمة في يوم 19 أكتوبر عام 1973م حينما صدرت تعليمات القيادة بتحرك قيادة المجموعة 139 صاعقة والكتيبة 133 صاعقة والكتيبة 223 صاعقة للإشتراك في أعمال التعامل مع الثغرة والدفاع عن مدينة الإسماعيلية ومنع العدو من إحتلالها وتحركت الكتيبتان المذكورتان وقيادة المجموعة إلى مشارف مدينة الإسماعيلية ولم يكن أحد يعرف أن الزمان والمكان سيصبحان شهودا على أحداث فارقة في تلك الحرب وبطولات خارقة للمصريين وهزيمة ساحقة للعدو حيث كان ما حدث في هذا اليوم وما بعده مخالفا لكل ما هو متعارف عليه في الحروب وعلى عكس كل ما خطط العدو له حيث كان بأرض المعركة فرقة مدرعة للعدو تضم عدد ثلاثة لواءات مدرعة ورابعها لواء مظلي لتأمين تقدم الفرقة المدرعة وللتعامل مع الأوضاع الجديدة التي قد تواجهها والذي كان يعد وحدة قتال خاصة بالغة الشراسة ومطلوبة لأجل إظهار العين الحمراء للمدنيين بعد إحتلال الإسماعيلية حيث كان هدف العدو أن يحتل مدينة الإسماعيلية ومن ثم فلابد من وجود هذا اللواء المظلي الإسرائيلي مع هذه الفرقة وكان العدو يعلم جيدا أن الموجود للمصريين في هذه المنطقة كتيبتان من الصاعقة فقط بلا مدرعات معها ولا دبابات في تشكيلها وكان العدو واثق مليون في المائة أنها مسألة وقت يحسب بالساعات ويسدل الستار على هذه الحرب بإحتلال مدينتي الإسماعيلية والسويس وحصار الجيشين الثاني والثالث الميدانيين وفرض شروطه وفات على العدو معرفة أن العبرة ليست في السلاح والعتاد إنما فيمن يحمل هذا السلاح ويحارب بذلك العتاد وفات على العدو أيضا فَهم أن المسألة ليست بالكثرة العددية إنما بالعقيدة القتالية وكذلك فات على العدو تعلم أن الموجودين أمامه يدافعون عن أرضهم التى هى عرضهم وأنهم على إستعداد للتضحية بأرواحهم ولا تدنس أرضهم وفضلا عن ذلك فات علي العدو معرفة أنهم كتيبتان فقط لكن أفرادهما جبابرة في القتال لأنهم من خير أجناد الأرض وأن نحن على حق وهم الباطل ذات نفسه هم ثلاثة لواءات مدرعة ولواء مظلي ولا يتحركون خطوة إلا بتمهيد مدفعية وغارات طيران وهم من خلال صور طائرات التجسس الأمريكية التى تطير على إرتفاع 30 ألف قدم يعرفون أن الكيلومترات الخمسة التي تفصلهم عن مدينة الإسماعيلية لا يوجد فيها أى قوات مصرية إلا كتيبتي صاعقة تسليحها بنادق آلية ورشاشات وأقصى ما تملكه بعض القنابل اليدوية والقذائف المضادة للدبابات ومن ثم ظنوا أنها نزهة لن يقدر أحد على تعكير صفوها أو التفكير في إعتراضها لأنه سيموت في الحالتين وأخيرا فقد فات على العدو معرفة أن الحكاية بالنسبة لنا مختلفة جذريا إنتصار أو إستشهاد ولا شئ بينهما إستشهاد ثمنه غال جدا والعدو نفسه هو من يدفعه فالحكاية ليست إستشهادًا فحسب بل أيضا شموخ وبطولة وشجاعة وإرادة وفداء .
وكانت خلاصة الملحمة التي قامت بها الكتيبة 133 صاعقة والكتيبة 223 صاعقة في هذا الوقت الفارق من حرب أكتوبر يذكره الجنرال دافيد اليعازر رئيس الأركان الإسرائيلى في مذكراته عن الحلم الذي تبدد وهو حلم إحتلال الإسماعيلية ويقول أما قوات شارون فما كادت تكرر محاولة تقدمها للإسماعيلية حتى وقعت في كمين ضخم قامت به كتيبتان من رجال الكوماندوز المصريين ودارت معركة شديدة سقط فيها الكثير من القتلى والجرحى وإستمر إخلاء أرض المعركة من القتلى والجرحى حتى منتصف الليل ومع طلوع الصباح تبين لقوات شارون أن رجال الكوماندوز المصريين قد إحتلوا مواقع على بعد 20 مترا منهم فقط وهذا الكلام معناه ببساطة شديدة أنه لم يكن هجومًا واحدا شنه شارون بل إنه حاول وفشل في التقدم لأن على الأرض مقاتلين أشداء يواجهون الدبابات والمدرعات بسلاحهم الخفيف والقذائف المضادة للدبابات والقنابل اليدوية مما يستلزم الإقتراب والتلاحم وإن إقتراب المقاتل من الدبابة مسألة تحتاج شجاعة لا سقف لها وقلوبا لا تعرف الخوف فكان ما حدث أن المقاتلين المصريين تركوا الدبابات تتقدم وتتقدم إلى أن أصبحت في المدى المؤثر لما يحملونه من سلاح وهنا حدث شئ خيالي لأنه يتطلب شجاعة فائقة وثبات إنفعالي لا مثيل له وجرأة منقطعة النظير ويقينا لا يرقى إليه شك في حتمية الإنتصار فالكتيبتان تواجهان فرقة مدرعة ولواء مظلي وبذلك فتعدادهم أكبر من عدد مقاتلينا 11 مرة وأيضا معهم دبابات ومدرعات وتعاونهم المدفعية والطيران ومن ثم فالكتيبتان لم يكن أمامهما إلا الحرب بأسلوب الكمائن لا بأسلوب المواجهة المفتوحة وبالتالي فلكي يتحقق نجاح أى كمين في مواجهة دبابات ومدرعات فلابد من ترك العدو يتقدم ويقترب إلى أن يصبح في حضن الكمين ليبدأ القتال المتلاحم الذي لا يقدر عليه إلا خير أجناد الأرض ولذلك فقد خططت قيادة المجموعة 139 صاعقة جيدا لمعركتها مع العدو دفاعا عن الإسماعيلية فمن المستحيل أن يتم مواجهة الفرقة المدرعة واللواء المظلى في أرض مفتوحة وعليه وحيث أن ميدان المعركة عبارة عن أراضٍ زراعية فيها أشجار وزراعات مرتفعة عن الأرض وفيها بيوت فلاحين طينية وبها أبراج حمام وتتخللها ترع ومصارف وهذه التضاريس المختلفة تمثل الميادين المثالية والمناسبة لإمكانات ومهارات مقاتلى الصاعقة ولذلك كان القرار إعداد كمين صاعقة في كل مكان يصلح لجذب قوات ومدرعات العدو ثم الإنقضاض عليه ومن ثم تم إعداد عدة كمائن كل منها يضم مجموعة من فصيلة قوامها 10 أفراد ويواجه كل منها قوة تفوقه عشرات المرات وهنا تظهر معادن الرجال التى لا شئ يضاهيها في العالم كله وكان نجاح كل كمين في مهمته يبدا من حسن إختيار مكانه والقدرة على التمويه والإخفاء ثم الجلد والصبر والمثابرة والإرادة لأى فترة زمنية تفرضها الظروف وفوق ذلك صلابة وثبات الرجال والأعصاب الحديدية لهم وضبط إنفعالاتهم والعدو قادم أمامهم وهم تاركوه يتقدم ويتقدم ويتقدم إلى أن يصبح في قبضتهم وهنا يمزق الصمت الذي طالت مدته صيحة الله أكبر التى هى إشارة إطلاق النيران على العدو الذى بات في قبضتهم .
وتمر الأيام وياتي يوم 22 أكتوبر عام 1973م ويريد شارون مرة أخرى إحتلال مدينة الإسماعيلية قبل أن يحين موعد تنفيذ قرار مجلس الأمن بوقف إطلاق النار فيقوم بآخر هجوم له وكان الأخير ليس إحتراما لقرار وقف إطلاق النار إنما للمذبحة التي تعرضت لها قواته المدرعة ولواء مظلاته وكان هذا الهجوم من جهة محور نفيشة أبو عطوة وكان العدو من الهجوم السابق قد تعلم شيئًا وهو أن تكون دباباته في المقدمة ومن خلفها المدرعات التى تحمل اللواء المظلي وكان هناك كمين في الطريق لم تلحظه وسائل إستطلاع شارون وكان من المستحيل على كل أعداء الدنيا الصمود أمام هذه النوعية من المقاتلين الذين لم يسمعوا يوما عن شئ إسمه الخوف حيث كان صوت دبابات العدو يقترب وكانت هناك دبابات ثلاث في المقدمة خلفها مدرعات تحمل اللواء المظلي وعليها هاونات 18مم ورشاشات نصف بوصة وإلتزمت قوة الكمين بالصمت والسكون وكانت نقطة إنذار الكمين فيها الملازم أول طارق متولى الذى أبلغ عن قدوم العدو الذى تقدمت قواته من أمامه وأصبحت دباباته في مواجهة قوة الكمين وفي هذه اللحظة إنطلقت صيحة الله أكبر وفتحت أبواب جهنم على العدو وطار برج الدبابة الأولى طار بقذيفة مضادة للدبابات أطلقها المقاتل محمد عبدالله وحاولت دبابة أخرى الدخول في بيت ريفى لكي تضرب الكمين لكنها دمرت هي الأخرى بقذيفة مضادة للدبابات أطلقها الرقيب الشهيد هاشم حسين متولى كما تم تدمير عربة مدرعة وإستطاعت قوة الكمين أن تقطع أوصال الطابور المدرع للعدو وظل العدو يخلي جرحاه طوال الليل وما إن أشرقت الشمس إكتشف شارون أن وحوش الصاعقة قد نصبوا له مجزرة جعلته يلغى كل خططه وينسى كل أحلامه وتحقيق شهرة واسعة ومجد عسكرى يلتصق بإسمه بإحتلال مدينتي الإسماعيلية والسويس وحصار الجيشين الثاني والثالث الميدانيين وإنتهى الأمر بحصاره هو في شريط الثغرة الضيق ولولا تدخل أمريكا وتهديدها بدخول الحرب مع إسرائيل لو أقدمت مصر على تصفية الثغرة طبقا للخطة شامل التي أعدتها القيادة العامة للقوات المسلحة وكانت القوات المصرية قد أحكمت الحصار حول الجيب الإسرائيلي الموجود بالثغرة غرب القناة خلال فترة الحشد ما بين شهرى نوفمبر وديسمبر عام 1973م ووضع خطة تصفية الثغرة وبدأت حرب إستنزاف أخرى على مدى 80 يوما علي الرغم من سريان قرار وقف إطلاق النار بهدف عدم السماح للقوات الإسرائيلية بأى فترة هدوء أو راحة وحرمانها من تثبيت دفاعاتها أو تحصينها هندسيا ومن جانب آخر فمن الناحية العسكرية كان الجيب الإسرائيلي المتواجد غرب القناة قد أصبح يمثل مأزقا عسكريا ووضعا خطيرا للقوات المتواجدة فيه حيث أصبح هذا الجيب منفصلا عن قواعده في سيناء ولا يربطه بها سوى ممر ضيق عرضه حوالي 10 كيلو مترات مهدد بأن يتم قطعه بواسطة القوات المصرية التي أصبحت تحيط به من كل جانب كما كانت القيادة الإسرائيلية مضطرة لنقل جميع الإحتياجات الإدارية اللازمة لقواتها غرب القناة لمسافة تصل إلي حوالي 300 كيلو متر مما قد يعرضها لخطر مهاجمتها برا وجوا كما أنه نتيجة إمتداد وقت الحرب من يوم 6 أكتوبر عام 1973م وحتي أواخر شهر ديسمبر عام 1973م إضطرت إسرائيل إلي الإحتفاظ بتعبئة الإحتياطي لمدة طويلة وهو ما يخالف سياستها المعهودة في تعبئة الإحتياطي لمدة قصيرة حيث بذلك أصبح إقتصادها القومي مهددا بالشلل والإنهيار ولذا فبعد جولات مكثفة من المفاوضات ورحلات مكوكية لوزير الخارجية الأميريكي الدكتور هنرى كيسينجر بين القاهرة وتل أبيب تم في يوم 18 يناير عام 1974م التوقيع علي الإتفاقية الأولي لفض الإشتباك بين القوات المصرية والقوات الإسرائيلية والتي كان أهم بنودها أن تقوم إسرائيل بسحب قواتها من غرب وشرق القناة إلي مسافة حوالي 30 كيلو متر شرق القناة بينما تقوم مصر بسحب قواتها من شرق القناة مع إحتفاظها بعدد 7000 جندى وضابط بالإضافة إلي عدد 30 دبابة علي ألا يتجاوز وجودها شرق القناة مسافة 10 كيلو مترات شرقها وفي الوقت نفسه تتواجد قوات الطوارئ الدولية التابعة لمنظمة الأمم المتحدة في المنطقة الفاصلة بين القوات المصرية والقوات الإسرائيلية وعرضها حوالي 20 كيلو متر مع النص علي أن هذه الإتفاقية لا تعد إتفاقية سلام بين الطرفين بل هي مجرد خطوة للوصول إلي معاهدة سلام دائمة بين الطرفين يتم التفاوض بين الطرفين بشأنها داخل إطار مؤتمر جنيف للسلام الذى نادت به منظمة الأمم المتحدة وما كان سيخرج منهم واحد على قدميه لو صدرت الأوامر بتصفية الثغرة هم عرفوا هذا والأمريكان أيقنوا ذلك وهذا ما جعل أمريكا تهدد بدخولها الحرب فيما لو قررنا تصفية الثغرة ولذلك إنسحبوا من الثغرة بل ومن سيناء كلها بعد ذلك وهم الذين لم يخرجوا أبدا من أرض إحتلوها لكنهم تركوها لأنهم أدركوا أنهم لو بقوا فيها كانوا سيدفنون فيها وكان ما حدث في ملحمة أبو عطوة إعجاز عسكرى لا يقدر عليه إلا خير أجناد الأرض فأى حرب تلك التى فيها كتيبتان بالسلاح الخفيف تنتصران على فرقة مدرعة بها ثلاثة لواءات مدرعة ولواء مظلي ومدعومة بالطيران والمدفعية . وكان من بطولات الصاعقة المصرية في حرب أكتوبر أيضا عام 1973م عملية الإستيلاء علي حصن لسان بور توفيق والذى يمتد من الشاطئ الشرقي للقناة ويعتبر بمثابة برزخ داخل خليج السويس إذ تحيطه المياه من ثلاث جهات ويصل طوله إلى حوالي كيلو مترين ويتراوح عرضه ما بين 50 إلي 300 متر وطبيعة اللسان صخرية مما يصعب معه رسو القوارب المطاطية عليه ويمتد على اللسان من جهة الغرب المدخل الجنوبي لقناة السويس الذي يبلغ عرضه حوالي من 300 إلى 400 متر وهو أقصى عرض للقناة كما يشرف اللسان في الجنوب على خليج السويس وقد أقام الإسرائيليون هذا الحصن المنيع من حصون خط بارليف في موقع إستراتيجي يقع عند منتصف اللسان تقريبا في مواجهة بور توفيق وأطلقوا عليه إسم حصن كواي أو حصن الرصيف وكان يتكون من عدد 3 ملاجئ تخرج منها مزاغل تستخدمها المدفعية ويوجد داخل النقطة أربع دبابات تستخدم في أعمال دفاعية داخل سيناء وتستخدم في أعمال هجومية بالصعود إلي مصاطب لتضرب ميناء ومنطقة بور توفيق أو الشاطئ الغربي للقناة وكان العدو الإسرائيلي يستغل هذا الحصن بحكم موقعه الإستراتيجي لإدارة نيران مدفعية النيران والمدفعية بعيدة المدى لقصف المناطق المصرية الحيوية على الضفة الغربية للقناة وهي مناطق بور توفيق والسويس ومعامل البترول وثكنات العاملين بالزيتية والقاعدة البحرية بميناء الأدبية والبواخر الداخلة لميناء الأدبية أو الزيتيات حيث كان كل ملجأ مزود بمدفع هاوتزر عيار 155 مليمتر محمل علي شاسيه دبابة والذي لقب بقناص الإقتصاد المصري كما كان من خلال هذا الحصن يتم الإشراف بالملاحظة على منطقة بعيدة ممتدة تشمل مساحة كبيرة من خليج السويس خاصة بإستخدام الوسائل البصرية وكان العدو الإسرائيلي قد خصص للدفاع عن هذا الموقع سرية مظلات ودعمها بفصيلة دبابات كانت تتمركز خارج النقطة القوية علاوة على فصيلتي دبابات كانتا تتمركزان خارج اللسان كإحتياطي تكتيكي للموقع وكانت تكديسات الذخائر والطعام والمياه داخل هذا الحصن تكفي حاجة الموقع للقتال أكثر من 15 يوما إذا ما تعرض للحصار وكانت خطة اللواء عبد المنعم واصل قائد الجيش الثالث الميدانى آنذاك تجاه هذا الموقع مبنية علي أساس عدم الإستيلاء عليه فى اليومين الأول والثانى للقتال والإكتفاء بمحاصرته بواسطة الكتيبة 43 صاعقة التي كان يقودها الرائد آنذاك زغلول فتحي لأنه كان يريد منع الدبابات الثمانى الموجودة كإحتياطى تكتيكى له من الإشتباك مع قوات المشاة التى ستعبر قناة السويس وبالتالى إعاقتها عن إتمام مهمة العبور بنجاح ومن هنا أعطى أوامره بعدم ضم هذا الموقع ضمن المواقع التى ستقصفها المدفعية المصرية بعد نجاح الضربة الجوية بعد ظهر يوم 6 أكتوبر عام 1973م كى تلوذ هذه الدبابات بالموقع مع أول طلقة مدفعية وهنا يتحقق المطلوب منها بعدم الإشتباك مع القوات التى تقوم بعملية العبور وهنا تأتى مهمة الكتيبة بحصار الموقع بمن فيه ومنع خروج أو دخول قوات من العدو إليه والعمل على تدميره وهو ما حدث بالضبط كما خطط قائد الجيش الثالث ولكى تتم الخطة بإحكام أخبر اللواء عبد المنعم واصل الرائد زغلول فتحي بأن الموعد المحدد لمهمة كتيبته فى الإغارة على حصن لسان بور توفيق سيكون بعد 3 ساعات من بداية القتال وهو ما حرمه من عنصر المفاجأة لأنها بدأت مهمتها فى الساعة الخامسة مساء يوم 6 أكتوبر عام 1973م كما أنه سيضطر لمهاجمة الموقع بالمواجهة والذى أصبح به 11 دبابة بدلا من 3 دبابات ولكن كان لذلك ضرورته حتي لا تعيق دبابات هذا الحصن عملية عبور باقي القوات للقناة ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻬﺠﻮﻡ .
وكانت بداية هجوم قواتنا علي حصن لسان بور توفيق من خلال العبور بمجموعة من أقصى يمين الحصن ومجموعتين من أقصى يساره وذلك لمنع قوات العدو المتمركزة داخل الحصن من الخروج منه من إتجاه سيناء و3 مجموعات من المواجهة وكانت مهمة هذه المجموعات الثلاث تمثل المجهود الرئيسى لقواتنا وعلي الرغم من نيران العدو الكثيفة تمكنت هذه المجموعات من الوصول إلى الساتر الترابى والإستيلاء عليه وإصابة دباباتين للعدو كما قامت بعمل كمائن مهمتها قطع الطرق خارج وداخل منطقة لسان بور توفيق ورص حقلين للألغام لإعاقة حركة الأفراد والدبابات وفى الساعة السادسة والدقيقة الأربعين من مساء يوم 6 أكتوبر عام 1973م دفعت سرية الصاعقة المخصصة لمهاجمة النقطة القوية الرئيسية من المواجهة وعلي الرغم من أن النيران المركزة إنهمرت عليها أثناء عبور القناة مما أدى إلى إستشهاد قائدها وبعض أفرادها فقد تمكنت السرية من الوصول إلى الساتر الترابى ونجحت إحدى فصائلها فى مهاجمة وإحتلال الجزء الجنوبى للحصن المنيع وتدمير قوات العدو به ومر اليوم الأول من القتال وجاء اليوم الثاني فقام العدو بشن هجوم مضاد على هذه الفصيلة مرتين إحداهما فى أول ضوء والثانية فى آخر ضوء يوم 7 أكتوبر عام 1973م ولكن المحاولتين باءتا بالفشل الذريع وظلت الفصيلة متمسكة بموقعها وحاولت قواتنا إستغلال نجاح هذه الفصيلة فتم الدفع بفصيلتين لتعزيزها وتحت قصف ستر نيرانى مركز من الساعة السابعة من مساء يوم 7 أكتوبر عام 1973م وقامت الفصائل الثلاثة بمهاجمة النقطة القوية الرئيسية في الحصن من إتجاه الجنوب ولكنها عجزت عن إقتحامها فتقرر سحب هذه الفصائل إلى الضفة الغربية لإعادة تجميعها وعند منتصف ليلة 7/8 أكتوبر عام 1973م قرر الرائد زغلول فتحى تنفيذ عملية الهجوم علي الحصن مرة أخرى بقوة سرية جديدة كاملة بوحدات دعمها وكانت هذه السرية تعمل كإحتياطى للكتيبة غرب القناة وقامت هذه السرية بعبور القناة بقواربها فى سكون مستغلة ساعات الظلام وبدون أى ستر من نيران المدفعية وفور وصولها إلى الشاطئ الشرقى للقناة إندفعت لمهاجمة النقطة القوية ولكن نظرا لقوة تحصينها لم تتمكن من إقتحامها أيضا وهنا أصدر قائد الكتيبة أوامره بضرب الحصار حول الموقع وعزله تماما عن العالم الخارجى وقرر إعادة تنظيم المجموعات ووضع خطة جديدة للهجوم على الموقع وفي يوم 10 أكتوبر عام 1973م حاول اليهود إختراق حصار الحصن عن طريق البحر بواسطة الضفادع البشرية وقوارب برترام وذلك لإنقاذ القوة الإسرائيلية المحاصرة فى الموقع إلا أنها هربت من كثافة النيران المصرية .
وفي اليوم التالي 10 أكتوبر عام 1973م أقدم العدو على محاولة مستميتة لتحرير وإنقاذ رجاله المحاصرين بالموقع من خلال هجمات جوية عنيفة على الكمائن التى أعدتها الصاعقة المصرية عند مدخل اللسان لإجبارها على التخلى عن مواقعها حتى يمكن له إرسال تعزيزات إلى الموقع أو سحب المحاصرين داخله ولكن مجموعات الكمائن ظلت متمسكة بمواقعها رغم ما حاق بها من خسائر وأمام الحصار الحديدى الذى ضربه رجال الكتيبة 43 صاعقة بقيادة الرائد البطل زغلول فتحي أدرك قائد الموقع الإسرائيلى الملازم أول شلومو أردينست والذى تولي قيادته بعد مقتل قائده الأصلي وكان برتبة رائد ولكنه قتل يوم 8 أكتوبر عام 1973م أن موقعه محاصر من جميع الجهات ولكنه لم يكن لديه شك فى أن قوات الجيش الإسرائيلى ستأتى لنجدته سريعا وترفع الحصار المصرى عنه ولكن بعد مرور بضعة أيام زاد وضعه حرجا داخل الحصن فقد أخذت الذخيرة فى التناقص ونفذت حقن المورفين والأمصال والضمادات الطبية والأدوية وراح الجرحى يتلوون من آلامهم وفى اليوم الخامس 10 أكتوبر عام 1973م وصلت إلى قائد الحصن رسالة لاسلكية من القيادة الجنوبية الإسرائيلية كان نصها إذا لم نستطع خلال 24 ساعة إرسال التعزيزات إليكم يمكنكم الإستسلام وفي تمام الساعة الثامنة من مساء يوم 12 أكتوبر عام 1973م تحدث قائد الجيش الثالث الميداني اللواء عبد المنعم واصل إلي الرائد زغلول فتحي وقال له أوقف الضرب الموقع طلب التسليم وسيأتى إليك مندوب من المخابرات الحربية ليبلغك بترتيبات التسليم وفى صباح يوم 13 أكتوبر عام 1973م وصل مندوب هيئة الصليب الأحمر الدولي وعبر إلى الموقع الإسرائيلى وسجل فيه أسماء الموجودين فيه برتبهم وجاء معه بأقدم ضابط بالموقع وهو الملازم أول شلومو أردينست وكان معه 37 أسيرا منهم عدد 5 ضباط كما كان منهم 17 جريحا فضلا عن 20 قتيلا وتمت إجراءات التسليم غرب القناة وتم تصويرها بالفيديو وبعد إجراءات التسليم صمم الرائد زغلول فتحي على معاينة الموقع بصحبة شلومو وضابطين إسرائليين آخرين للتأكد من عدم تفخيخه بالألغام وهو ما إستجاب له مندوب هيئة الصليب الأحمر الدولي وكان يمر معهما الرائد زغلول فتحي على كل الدشم والملاجئ ويأمرهما بالدخول إليها أولا فلو أنه كان مفخخا فسوف ينفجر فيهما وبلا شك فإن ما قامت به الكتيبة 43 صاعقة في عملية الإستيلاء علي حصن لسان بور توفيق المنيع بقيادة بطلنا الرائد زغلول فتحي وزملائه الأبطال كان من أروع أعمال قوات الصاعقة خلال حرب أكتوبر عام 1973م علي الرغم من تكبدها خسائر كبيرة في الأرواح وهناك صورة شهيرة تعد من أشهر الصور التي تم تصويرها خلال حرب أكتوبر عام 1973م يبدو فيها الملازم أول شلومو أردينست يؤدى التحية العسكرية للرائد زغلول فتحي بيد وتبدو علي وجهه علامات الهزيمة والإستسلام ويقدم له علم غطرسة كيانهم الصهيوني الغاصب باليد الأخرى .
وفي وقتنا الحاضر ما زالت قوات الصاعقة المصرية تقوم بدورها في محاصرة الجماعات الإرهابية في سيناء وذلك منذ أحداث يناير عام 2011م وما أعقبها من تسلل الكثير من العناصر الإرهابية إلى سيناء مستغلين حالة الفوضى التى مرت بها البلاد وإستقواء تلك العناصر بالحكم الإستبدادى العنصرى لجماعة الإخوان للبلاد والقدرة على التواصل مع الأجهزة الإستخباراتية لبعض الدول المعادية ومن ثم إستطاعت تلك الجماعات متعددة التسميات أن يتوافر لها أعلى التقنيات في مستوى الإتصالات وتقنية التكنولوجيا من خلال غطاء مخابراتى عسكرى لتلك الدول الكارهة لمصر والدفع بالعناصر المجندة والمدربة إلى أرض سيناء من خلال الأنفاق غير الشرعية على حدود الجانب الشرقى للبلاد وكان الهدف من ذلك فصل جزء كبير من أراضى شمال سيناء لإقامة ما يسمى بولاية سيناء وإستقوت تلك الجماعات الإرهابية ببعض الخونة والعملاء وشنت عدة هجمات متوالية ضد قوات الشرطة والجيش وكان من أهم عمليات الصاعقة في هذه الفترة عملية جبل الحلال بسيناء حيث كان هذا الجبل قد أصبح يمثل ملاذا آمنا لهم وكان لقرار القيادة السياسية في إقتحام الجبل في عام 2017م بعدا أمنيا وإستراتيجيا في حسم رحى المعارك الممتدة بين تلك العصابات الآثمة وبين رجال الشرطة والجيش مهما كانت الخسائر والتضحيات وكان لكي يتم هذا أن يكون هناك تنسيق تام بين القيادة العسكرية وبكل أفرادها مع أجهزة المعلومات المعنية من أجل وضع خطة مناسبة تعتمد على معلومات دقيقة وحقيقية ودراسة شاملة لطبوغرافيا المكان وبعد وضع الخطة المناسبة من خلال المراقبات التى إمتدت على مدى اليوم وساهمت فيها القبائل السيناوية التى تقيم بتلك المنطقة والتى تطلبت قدرا عاليا من المهارة والقدرة على الإخفاء والتمويه والخداع للعدو جاءت المرحلة الثانية وهى التدريب على تنفيذ الخطة فتم إنتقاء الأفضل من عناصر قوات الصاعقة المصرية بفرقها المتعددة والتى يتميز أفرادها بمهارات ميدان ولياقة بدنية عالية وتم التدريب على إصابة الأهداف وتنفيذ التكتيك العسكرى في عمليات الإغارة والقدرة البدنية والذهنية والنفسية لتحمل مشقة الأرض ووعورتها والبقاء بها أيام عديدة كما تضمنت الخطة ومن خلال تقسيم القوات إلى مجموعات يختص كل منها بقطاع من الأرض مع تحديد أماكن الإنطلاق وطرق التمشيط والإنتهاء اليومى لكل عملية ونقاط الوصول والإحتماء لإكمال المسار المحدد وكان الأمر يتطلب دقة شديدة في تنفيذ التوقيتات المحددة اليومية لإرتباط ذلك بكميات الطعام والماء الموجودة مع تلك المجموعات كما كان لسلاح الطيران المصرى دور كبير في توفير الغطاء الجوى لتلك القوات والتدخل إذا لزم الأمر وتوصيل الإمدادات والأسلحة لهذه المجموعات . وفي عام 2012م وفي عهد الرئيس الأسبق محمد مرسي وفي إحتفالات نصر أكتوبر في العام المذكور تم تكريم جلال هريدى بمنحه رتبة فريق فخري ونوط للتكريم وصرح هريدي حينذاك إنه بمنحه درجة الفريق الفخري من رئيس الجمهورية شعر أن كرامته قد عادت له مرة أخرى في آخر أيام عمره وبعد وصوله لسن 82 عاما وفي نفس الشهر تم إقامة إحتفالية كبيرة على شرفه في دار المشاة بواسطة جمعية ضباط الصاعقة المتقاعدين حضرها عدد من أبطال قوات الصاعقة وحضرها المستشار فاروق سلطان الرئيس الأسبق للمحكمة الدستورية العليا واللواء أركان حرب نبيل شكرى قائد قوات الصاعقة في حرب أكتوبر عام 1973م والفريق صلاح عبدالحليم الرئيس الأسبق لهيئة عمليات القوات المسلحة واللواء سامى سعد زغلول قائد وحدات الصاعقة والكاتب الصحفى الكبير صلاح منتصر وفي العام التالي وفي شهر يونيو عام 2013م تقدم جلال هريدي ويرافقه مجموعة من الضباط المتقاعدين بطلب إلي لجنة شئون الأحزاب برئاسة المستشار محمد عيد محجوب أمين عام المجلس الأعلى للقضاء لتدشين حزب جديد بإسم حزب حماة مصر وحضر اللواء هريدي ومعه عدد 6 ألاف توقيع ليتجاوز النسب القانونية المطلوبة لتدشين الحزب ليبدأ الدخول إلي ساحة العمل السياسي بداية من يوم 13 يونيو عام 2013م وصرح هريدي حينذاك إن الحزب هدفه حماية مصر وشعبها من حالة التخبط السياسي التي تمر بها البلاد فى ظل حالة من عدم الوعي السياسي من قبل الأحزاب لما يحدث في مصر وهذا ما دفعه هو والضباط المتقاعدين لإنشاء حزب جديد لإحياء الأمل لغد أفضل للمصريين وبعد حوالي 6 شهور وفي شهر ديسمبر عام 2013م صرح جلال هريدي رئيس الحزب بأن الحزب يؤمن بثورتى يناير 2011م ويونيو 2013م وسيعمل جاهدا للحفاظ عليهما وأشار خلال كلمته بالمؤتمر التأسيسى للحزب المنعقد بقاعة المؤتمرات بمدينة نصر إلى أن الحزب بابه مفتوح لكل مثقف أو حزب سياسي يساعده فى عمله موضحا أن الحزب لكل المصريين ولكل فئات الشعب فى الوطن العزيز وأنه ضد الإقصاء أو التمييز وأثنى على المجهود الذى قام به الجيش والشرطة فى مواجهة الإرهاب مؤكدا أن أفراد الشعب المصرى جميعا نسيج واحد وأن كل مصرى يقوم بدوره حسب طاقته .
وفي شهر أكتوبر عام 2020م وبعد إنتهاء إنتخابات مجلس الشيوخ الذى تقرر تأسيسه بموجب التعديلات الدستورية التي تم الموافقة عليها في عام 2019م ليكون هذا المجلس بمثابة الغرفة الثانية للبرلمان إلي جوار مجلس النواب والذى يبلغ عدد أعضائه 300 عضو يتم إنتخاب ثلثهم أي 200 عضو بينما يتم تعيين الثلث المتبقي وعددهم 100 عضو من الشخصيات العامة والسياسية وعليه فقد أصدر رئيس الجمهورية الرئيس عبد الفتاح السيسي القرار رقم 590 لسنة 2020م بتعيين بعض الشخصيات العامة والسياسية بمجلس الشيوخ وجاء من بين هذه الأسماء الفريق فخرى جلال هريدي مؤسس ورئيس حزب حماة الوطن والذي تولى رئاسة الجلسة الأولى لمجلس الشيوخ في يوم 18 أكتوبر عام 2020م بصفته أكبر الأعضاء سنا حيث كان يبلغ من العمر حينذاك 90 عاما ويرى جلال هريدى أن الحياة السياسية في مصر تمر بعدد من المعوقات أبرزها غياب عدد كبير من الأحزاب عن الشارع المصري وعدم وجود تأثير فعلى لها على أرض الواقع ففى وقت سابق قبل ثورة عام 1952م الحكومات كانت حزبية كحكومة الوفد وغيرها لكن الآن يصعب تحقيق ذلك حيث لدينا ١٠٤ حزب دون تأثير حقيقي وإنه لكي يحدث حراك سياسي لابد وأن يبدأ ذلك الحراك من الجامعات المصرية ومراكز الشباب ففى بعض الأوقات كانت إتحادات الطلبة في الجامعات المصرية تحدد شكل الحياة السياسية إضافة إلى أن إنتخابات إتحادات الطلاب دائما ما كان يشعلها إختلاف الأيديولوجيات بين الشباب المرشحين ومن ثم كان العمل السياسى يبدأ من الجامعات المصرية وكل شاب يختار الحزب الذى يمثله في أفكاره وأيديولوجياته مما كان ينعكس بشكل إيجابى على البلاد وعلي الحياة السياسية بها فكنا نرى الأحزاب تشكل الحكومة وتختارها وأتى وقت ما كان البلد كله وفديا وكان الحزب يختار الحكومة ولكن حاليا الصورة مختلفة فأين هو الوفد الآن وعليه فإن الحل في الشباب فدائما ما تقوى الأحزاب بالشباب وطوال ما الأحزاب القائمة بعيدة عن الشباب وعن ضمهم للأحزاب ستظل ضعيفة وغير مؤثرة وعن فكرة الإندماج مع أى حزب يسعى لذلك يقول جلال هريدى إن الإندماج مع حماة الوطن سيكون وفق معايير يتم الإتفاق عليها مسبقا حتى يكون هناك تواجد فعلى وحقيقى بين الجماهير والتواصل الشعبي فعباءة الحزب تتسع لإندماج القوى السياسية بشرط أن تكون متوافقة معنا في التوجه السياسي وفى الرؤية والأفكار والمبادئ . |