بقلم المهندس/ طارق بدراوى
موسوعة كنوز “أم الدنيا”
الشيخ محمد رفعت إبن محمود رفعت إبن محمد رفعت حيث كان إسمه وإسم أبيه وجده كلها أسماء مركبة قارئ قرآن مصري شهير يعد أحد أعلام هذا المجال البارزين وأحد أعذب الأصوات في تلاوة القرآن الكريم ولذا فقد إحتفظ بمكانته المتميزة وسط كوكبة من كبار القراء الذين يمثلون الرعيل الأول من قراء القرآن الكريم الذين برزوا وذاع صيتهم وإشتهروا من خلال ميكروفون الإذاعة المصرية والذين كان منهم غير شيخنا الجليل محمد رفعت الشيوخ علي محمود ومحمد الصيفي وعبد العظيم زاهر وعلي حزين وعبد الفتاح الشعشاعي ويلقبه محبوه بقيثارة السماء وكان هو من إفتتح بث الإذاعة المصرية في يوم تأسيسها في يوم 31 مايو عام 1934م كما إرتبط في أذهان محبيه برفعه لآذان المغرب في شهر رمضان المعظم عقب سماعهم لمدفع الإفطار في كل من الإذاعة والتليفزيون وكان ميلاده في يوم الإثنين 9 مايو عام 1882م بدرب الأغوات بحي المغربلين بالقاهرة وفقد بصره صغيرا وهو في سن الثانية من عمره فقرر أبوه أن يهبه لخدمة القرآن الكريم وبالفعل أصبح ذلك هو الشغل الشاغل للأب والأم والأسرة كلها وبدأ الطفل محمد رفعت في حفظ القرآن الكريم في سن الخامسة عندما أدخله والده كتاب بشتاك الملحق بمسجد فاضل باشا بدرب الجماميز بالسيدة زينب وكان معلمه الأول الشيخ محمد حميدة وفي هذا الكتاب بدأ نبوغ الطفل وتميزه علي أقرانه يظهر شيئا فشيئا حيث أكمل حفظ القرآن الكريم ومجموعة من الأحاديث النبوية الشريفة وأعجب به كل مشايخه وتوقعوا له مستقبلا كبيرا وبالفعل فبمرور الأيام لم يخيب الفتى ظنونهم وقد توفي والده محمود رفعت والذي كان يعمل مأمورا لقسم شرطة الجمالية وهو في سن التاسعة من عمره فوجد الطفل اليتيم نفسه مسئولا عن أسرته المؤلفة من والدته وخالته وأخته وأخيه محرم وأصبح هو عائلها الوحيد لكنه تحامل على أحزانه وأصر علي أن يهزمها ولم ييأس الإبن الكفيف اليتيم فجد وإجتهد وتخطى الآلام ومنحه الله سبحانه وتعالى إيمانا وصبرا ورجاحة عقل مما جعله يرى الدنيا بقلبه فسار على الدرب الذي وصفه ورسمه له أبوه حتى كافأه القدر بأكثر مما تمنى فأصبح من أعظم قراء القرآن الكريم وملأت شهرته الآفاق فبات القارئ الشيخ محمد رفعت أيقونة القراء ووجهة كل متذوق لكتاب الله الكريم .
وبعد أن كانت النية متجهة إلى إلحاقه للدراسة في الأزهر بدأ وهو في سن الرابعة عشر يحيي بعض الليالي بترتيل القرآن الكريم في العاصمة القاهرة بعد أن شعر شيخه أنه متميز في القراءة وأحكامها وبالصوت الجميل وبدأ يرشحه لإحياء الليالي في الأماكن المجاورة القريبة وبعدها صار يدعى لترتيل القرآن الكريم في الأقاليم وحرص في ذلك الوقت علي دراسة علم القراءات والتجويد على يد الشيخ عبد الفتاح هنيدي صاحب أعلى سند في وقته ونال أجازته بعد عامين وأصبح مشهورا بحسن صوته وجمال حديثه وجاذبية أدائه وفي سن الخامسة عشرة عين قارئا يوم الجمعة في مسجد فاضل باشا الذى تعلم فيه قراءة القرآن الكريم والمشار إليه في السطور السابقة وذاع صيته وبلغ من الشهرة ما لم يحظ به أحد في وقته فكان المسجد يضيق بالمصلين وكانت تلاوته كأنما هي صوت هابط من السماء وصاعد إليها في ذات الوقت وكان يدخل المصلين في حالة من الوجد والخشوع فضلا عن قدرته في تجسيد معني الآيات بطرق التلاوة المختلفة وقد ظل مرتبطا بهذا المسجد طيلة حياته وفاءا منه للمكان الذى شهد بداية تعلمه وحفظه للقرآن الكريم حتى أن تلك الشهرة بلغت كبار رجال الدولة آنذاك فحرص كل من الملك فاروق والنحاس باشا على الإستماع لتلاوته في الفترة من منتصف الثلاثينيات وحتي منتصف الأربعينيات من القرن العشرين الماضي وكان صوته الملائكي بوابته الواسعة لعالم الإذاعة المصرية بعد أن تم إختياره لإفتتاحها عام 1934م فإستفتى شيخ الأزهر آنذاك فضيلة الإمام الأكبر الشيخ محمد الأحمدي الظواهري عن جواز إذاعة القرآن الكريم فأفتى له بجواز ذلك فإفتتحها بآية من أول سورة الفتح في لحظة تاريخية صاحبت تلاوته للآية الكريمة إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا وبعد ذلك طلبته العديد من الإذاعات الأجنبية من أجل تسجيل تلاوات لسور قرآنية لبثها عبر موجاتها وهو ما قابله الشيخ الجليل بتوجس وخيفة علي أساس أن القائمين عليها غير مسلمين وبعد أن إستفتى الإمام الأكبر محمد مصطفي المراغي أفتاه بعدم حرمانية الأمر فقام بتسجيل سورة مريم لهيئة الإذاعة البريطانية في لندن .
وفي حقيقة الأمر لقد تمتع الشيخ محمد رفعت ببصمة صوت لن تتكرر وأسلوب فريد ومتميز في تلاوة القرآن الكريم فكان يتلو بتدبر وخشوع يجعل سامعه يعيش معاني القرآن الكريم ومواقفه بكل جوارحه لا بأذنه فقط فكان يوصل رسالة القرآن ويؤثر في مستمعي تلاوته حيث كان يبدأ بالإستعاذة بالله من الشيطان الرجيم والبسملة والترتيل بهدوء وتحقيق وبعدها يعلو صوته فهو خفيض في بدايته ويصبح بعد وقت ليس بالطويل غالبا عاليا لكن رشيدا يمس القلب ويتملكه ويسرد الآيات بسلاسة وحرص منه وإستشعار لآي الذكر الحكيم وكان إهتمامه بمخارج الحروف كبيرا فكان يعطي كل حرف حقه ليس لكي لا يختلف المعنى فقط بل لكي يصل المعنى الحقيقي إلى صدور الناس وكان صوته حقا جميلا رخيما رنانا وكان ينتقل من قراءة إلى قراءة ببراعة وإتقان وبغير تكلف فقد إمتلك طاقات صوتية هائلة جعلته يستطيع الإنتقال بسلاسة شديدة بين المقامات في أثناء تلاوته للقرآن الكريم ليس هذا فحسب بل إنه إمتلك القدرة على تراسل الحواس لدى المستمعين فيعلم متى يبكيهم ومتى يبهجهم من خلال آيات الترغيب والترهيب في كتاب الله عز وجل فقد أوتي مزمارا من مزامير داود وإذا ما وضعنا جماليات الصوت جانبا لننتقل إلى قوته فإن صوته كان قويا لدرجة أنه يستطيع من خلاله الوصول لأكثر من 3 آلاف شخص في الأماكن المفتوحة ومما يذكر عنه أنه كان محافظا على صوته فكان يتجنب نزلات البرد والأطعمة الحريفة ولا يدخن ورغم حرصه الشديد إلأ أن ربه إبتلاه في درته حيث إكتشف إصابته بسرطان الحنجرة الأمر الذي عاقه عن إستكمال تسجيلات القرآن الكريم للإذاعة المصرية وتم الإستعانة عندها بالشيخ أبو العينين شعيشع الذي كان أحد أبرز المتأثرين بتلاوته علاوة على تشابه صوته الشديد بصوت شيخنا الجليل محمد رفعت وذلك لتعويض الإنقطاعات في تسجيلاته وظل على الرغم من هذا الإعتزال حريصا على القراءة في مسجد فاضل باشا وفاءا للمكان الذي كان أول ما عرف به في عالم القراءة في بداية مشواره مع القرآن الكريم .
ولم يغفل المشايخ والعلماء والقراء والأدباء والمستمعون الكرام عن وصف شيخنا الجليل بكلمات حفرت بماء الذهب فكان أن وصفه تلميذه الشيخ أبو العينين شعيشع بالصوت الباكي حيث كان يقرأ القرآن الكريم وهو يبكي ودموعه تنسدل على خديه وقال عنه إمام الدعاة إلي الله الشيخ محمد متولي الشعراوي إن أردنا أحكام التلاوة فالشيخ محمود خليل الحصري وإن أردنا حلاوة الصوت فالشيخ عبد الباسط عبد الصمد وإن أردنا النفس الطويل مع العذوبة فالشيخ مصطفى إسماعيل وإن أردنا هؤلاء جميعا فلنستمع إلي الشيخ محمد رفعت بينما قال عنه الأديب محمد السيد المويلحي إنه سيد قراء هذا الزمن موسيقي بفطرته وطبيعته إنه يزجي إلى نفوسنا أرفع أنواعها وأقدس وأزهى ألوانها وإنه بصوته فقط يأسرنا ويسحرنا دون أن يحتاج إلى أوركسترا ووصف الأديب الكبير أنيس منصور صوته قائلا ولا يزال المرحوم الشيخ محمد رفعت أجمل الأصوات وأروعها وسر جمال وجلال صوت الشيخ رفعت أنه نادر وفريد في معدنه وأن هذا الصوت الملائكي قادر على أن يرفعك إلى مستوى الآيات ومعانيها ثم إنه ليس كمثل أي صوت آخر كما قال موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب إن صوت الشيخ محمد رفعت ملائكي يأتي من السماء لأول مرة وغير هؤلاء كان للشيخ رفعت أصدقاء كثر كانوا قريبين منه مثل السياسي فكري أباظة باشا والصحفي الكبير محمد التابعي وأمير الشعراء أحمد بك شوقي وكامل الشناوي وزكريا أحمد ومطربة القطرين فتحية أحمد ومع كل هذا المديح والإطراء كان الشيخ رفعت زاهدا صوفي النزعة نقشبندي الطريقة يميل للناس الفقراء البسطاء أكثر من مخالطة الأغنياء وهناك واقعة شهيرة جدا وهي أن الملك فاروق طلبه لإحياء الذكرى السنوية لوالده الملك فؤاد الأول في نفس الوقت الذي طلبته جارته الفقيرة المسنة البسيطة جدا لقراءة القرآن في مناسبة سنوية لديها فآثر أن يذهب إلى الفقيرة رافضا رغبة الملك قاروق وهو ما أغضبه والذي قال له بعد أسابيع كنت زعلان منك لكني أحبك والحقيقة أن الشيخ رفعت كان صاحب شخصية قوبة وواثقا من نفسه وكان يتعامل مع الملك والمسؤولين بعزة نفس وشموخ يغلفهما الأدب وذات مرة رن هاتف منزله فإذا بإبنه حسين يرفع السماعة ليجد صوتا يقول له أنا الملك فاروق أين الوالد ولم ينتظر الملك الرد وبادر قائلا أنا حابب أعرف هل سوف يحضر الليلة كما إتفقنا للقراءة أم لا فسأل حسين والده الذي أجابه قل له إن شاء الله عند موعدنا ولم يتحرك الشيخ من مكانه ليرد بنفسه على الملك ويقول حسين أبلغت الملك إجابة أبي وكنت متوجسا من رد فعله لكن الملك بادرني مكررا طلبه لو تعبان ومجهد إحنا مسامحينه وعندما سمع الشيخ رفعت ما قاله تحدث من نفس مكانه وهو هادئ مستكين إن شاء الله عند موعدنا وكانت العلاقة بين الشيخ الجليل والملك فاروق فيها إحترام وتقدير متبادل فقد كان الملك والجميع يقدرون ويحترمون الشيخ كثيرا وكان الشيخ رفعت في تلاوته بكاءا تبلل دموعه خديه في أثناء تلاوته حتى أنه إنهار ذات مرة وهو في الصلاة عندما كان يؤم المصلين وكان يتلو آية فيها موقف من مواقف عذاب الآخرة وكان ربانيا يخلو بنفسه يناجي الله داعيا إياه وكانت معظم تلاوات الشيخ الراحل كما ذكرنا في السطور السابقة بمسجد فاضل باشا في القاهرة حيث كان يقصده الناس هناك للإستماع إلى تلاواته وكانت تبث الإذاعة المصرية حفلاته من هناك وكان صيفا يتلو القرآن في جامع أبو العباس المرسي في مدينة الإسكندرية إضافة إلى تلاواته الحية على الهواء من دار الإذاعة المصرية التي تعاقدت معه من أول إفتتاحها لا سيما في شهر رمضان المعظم فكان يتلو تلاوتين يوميا على الهواء مباشرة فيما عدا يوم الأحد وكان يقرأ القراءة الأولى من الساعة التاسعة وحتى الساعة العاشرة إلا الربع مساءا والقراءة الثانية من الساعة العاشرة والنصف وحتى الساعة الحادية عشرة والربع مساءا ومما يذكر أن أول تعاقد بينه وبين الإذاعة كان نظير أجر قدره 3 جنيهات أسبوعيا ثم تطور الأمر حتى أصبح عقدا شهريا قيمته 25 جنيها لكن شيخنا الجليل لم يكن مهتما بجمع المال أو تكوين ثروة وإعتاد تلبية رغبة الفقراء قبل الأثرياء كما ذكرنا في السطور السابقة .
وكانت تسجيلات الشيخ محمد رفعت التي نستمع إليها حتي وقتنا الحاضر جميعها تقريبا من تسجيل أحد أكبر محبيه ومستمعيه وهو زكريا مهران باشا عضو مجلس الشيوخ المصري وأحد أعيان مركز القوصية التابع لمحافظة أسيوط والذي يعود له الفضل في حفظ تراث الشيخ رفعت الذي نسمعه حاليا من خلال الإذاعة حيث كان يحب الشيخ رفعت دون أن يلتقي به وحرص على تسجيل حفلاته التي كانت تذيعها الإذاعة المصرية على الهواء علي أسطوانات وإشترى لهذا الغرض إثنين من أجهزة الجرامافون من المانيا وعندما علم بمرض الشيخ رفعت أسرع إلى الإذاعة حاملا إحدى هذه الأسطوانات وطلب من مسئولي الإذاعة عمل معاش للشيخ رفعت مدى الحياة وبالفعل خصصت الإذاعة مبلغ 10 جنيهات معاش شهري للشيخ رفعت لكنه توفي قبل أن يتسلمه وتبرعت عائلة زكريا مهران باشا بالأسطوانات لكي تنشر وقد حصل عليها ورثة الشيخ محمد رفعت بعد وفاة زكريا مهران باشا عن طريق زوجته زينب هانم مبارك ولولا هذه التسجيلات لفقد تراثه إلا من عدد 3 تسجيلات تحتفظ بها الإذاعة ولم تكن لتلك الأسطوانات أثرها في حياة الشيخ فقط بل في حياة زكريا مهران باشا أيضا ذلك المحب الذي سجل تلك الأسطوانات دون معرفة شخصية أو رؤية للشيخ رفعت وقالت زوجة زكريا باشا برغم أنشطة زوجي في الإقتصاد والمحاماة والسياسة والتأليف حيث قام بتأليف كتابين هامين في علم الإقتصاد هما موجز النقود والسياسة النقدية والتاريخ يفسر التضخم والتقلص إلي جانب عمله مع طلعت حرب باشا في بنك مصر وشركاته ثم إختياره كعضو في مجلس الشيوخ إلا أن إسمه لم يذكر إلا مقرونا بأنه هو من قام بتسجيل مجموعة من التسجيلات للشيخ محمد رفعت ومما يذكر أنه للأسف الشديد فقد أصابت حنجرة الشيخ محمد رفعت في عام 1943م زغطة أو فواق كانت تقطع عليه تلاوته فقرر أن يتوقف عن القراءة قائلا مينفعش أضايق الناس وأنا بقرأ وكان سبب الزغطة ورم في حنجرته يعتقد أنه سرطان الحنجرة وبعدها دخل في مشاكل صحية أخرى منها إلتهاب رئوي حاد وإرتفاع في ضغط الدم وإستمر الأمر سنوات طويلة كان خلالها الشيخ قعيد البيت لا يغادره إلا للصلاة أو للفسحة التي ينظمها لها أصدقاؤه وأحبابه عندما يأتون ويصطحبونه للخارج وقد صرف علي علاجه من مرضه ما يملك حتى إفتقر لكنه لم يمد يده إلى أحد حتى أنه إعتذر عن قبول المبلغ الذي جمع في إكتتاب كان بمبلغ خمسة آلاف جنيه لعلاجه وكان يعد مبلغا كبيرا حينذاك وذلك على الرغم من أنه لم يكن يملك تكاليف العلاج وكان جوابه أعطوها للفقراء فأنا مازلت قادرا على الحياة وقال كلمته المشهورة إن قارئ القرآن لا يهان وفارق الشيخ الحياة في يوم 9 مايو عام 1950م عن عمر يناهز 68 عاما وكان حلمه وهو علي قيد الحياة أن يدفن بجوار مسجد السيدة نفيسة رضي الله عنها حتى تقرر منحه قطعة أرض بجوار المسجد فقام ببناء مدفنه عليها وكان من عادته أن يذهب كل يوم إثنين أمام المدفن ليقرأ ما تيسر من آيات الذكر الحكيم .
وبوجه عام يمكننا القول إن قراءة الشيخ محمد رفعت للقرآن الكريم كانت بمثابة معاهدة سلام أو علاج للفتنة دون بذله أي مجهود فكان فقط يقرأ بصوته ليصل صوته لقلوبنا مسلمين وأقباط ويهود وهناك واقعة شهيرة كان طرفا فيها يمكننا وصفها بأنها كانت لحظة صمت وتأمل عندما توقف سائق ترام كان يمر بجانب أحد المساجد التي يقرأ فيها الشيخ رفعت حتى يستمع لقراءته كما أنه كان المقرئ المفضل للفنان نجيب الريحانى وهو كان قبطيا وللفنانة ليلى مراد التي كانت يهودية ثم إعتنقت الإسلام حيث كانا يستمعان لإبتهالاته وقراءته بإستمرار وجدير بالذكر أنه منذ فترة قصيرة وفي مفاجأة من العيار الثقيل لمحبي المدرسة المصرية في تلاوة القرآن الكريم وعشاق الشيخ محمد رفعت تحديدا أوضحت هناء حسين رفعت حفيدة الشيخ رفعت أن أبناء الشيخ ظلوا طوال حياتهم عاكفين على إعادة إصلاح ومعالجة مجموعة من الأسطوانات والتي توجد عليها تسجيلات نادرة لم يتم حفظها ضمن أرشيف إذاعة القرآن الكريم للشيخ رفعت وذلك بعد حوالي 70 عاما على رحيله حيث علي مدار عام ونصف العام عكفت عائلة الشيخ رفعت على جمع مئات الأسطوانات التي لم تزد مدة الواحدة منها عن مدة دقيقتين وقام والدها بإهداء الإذاعة 30 ساعة بصوت الشيخ رفعت دون مقابل وهى كل التراث الذي نسمعه حاليا للشيخ رفعت مؤكدة أن الأحفاد يستكملون المسيرة ويحاولون إنقاذ 30 ساعة أخرى بصوت الشيخ رفعت لم تر النور بعد ولم تصل إلى آذان محبيه وأضافت أيضا إن الأسرة قامت بإعادة ترميم هذه الأسطوانات وتنقيتها ليصبح الصوت بجودة أعلى ثم نقل محتواها على هارد ديسك وأنهم عملوا في أكثر من إستوديو لإصلاحها وتنقيتها ولكن الأمر يحتاج إلي إستوديوهات عالية التقنية وإمكانيات أكبر من طاقة أفراد الأسرة ولذلك فقد توقفوا حيث أن هذه الاسطوانات التي تم جمعها لتلاوات الشيخ عمرها عشرات السنين ووقتها لم تكن التكنولوجيا متطورة مثل اليوم ولذلك الأمر يحتاج إلي مجهود مضن وإلي تقنيات حديثة .
وعن الحياة الشخصية للشيخ محمد رفعت تقول حفيدته هناء رفعت إنه بعدما أصبح معروفا وله مورد رزق أرادت والدته أن تفرح به ولم يكن أكمل السادسة عشرة من عمره وإشترطت أمه أن تكون الزوجة عفية تمتلك صحة وقادرة على التحمل ومن ذوات الأصل الطيب حتى تتحمل ظروف إبنها الكفيف وتزوج بالفعل من فتاة من قرية الفرعونية التابعة لمحافظة المنوفية ذات جذور طيبة وعاشا معا حياة هادئة سعيدة وفال عنها أبناؤها إنها كانت سيدة منظمة كثيرا نظيفة جدا تحب منزلها وأبناءها بشكل كبير وكانت لديها قدرة ومساحة كبيرة من العطاء مما ساعد زوجها على النجاح والتفرد في مجال قراءة القرآن الكريم حيث كانت خير سند وعون له وقد إنتقلت الأسرة من حي المغربلين إلى منزل جديد بالسيدة زينب التي أحبها الشيخ كثيرا وردد أن مجاورتها تجلب البركة وتحديدا بمنطقة البغالة حيث بنى الشيخ بيتا من 3 أدوار الأول للضيوف والأصدقاء والثاني لأسرته والثالث كان يضع فيه لوازم البيت وإستمرت الأسرة في هذا المكان وخصص فيما بعد شقة لكل إبن به لأنه كان يحب وجود أبنائه حوله والذين عاشوا معه حتى توفاه الله وتضيف الحفيدة إنه من جانب آخر فقد إلتزم حضور حلقات صوفية ونظم أواخر أيامه دروسا فيها لتعليم تلامذته ورواده من داخل منزله كما أنه إشتهر بطيبة القلب والزهد في الدنيا وكان محبا للبسطاء والفقراء بارا بأهله وأصدقائه وكان يشمل أشخاصا برعايته المادية ممن كانوا يعيشون ظروفا مادية قاسية كما أنه إعتاد رعاية أبناء أصدقائه ولم يكن يتناول الطعام كثيرا غير باحث عن ملذاته وكان يحب البامية ويرى أن الفسيخ يجلي الصوت فضلا عن حبه للقهوة وفضلا عن ذلك فقد كان محبا لحديقة الحيوانات بالجيزة حريصا على زيارتها وقال إنه مولع بصوت الأسد لأن به قرار حسب الأصوات الموسيقية في القرآن الكريم كما كان نظيفا جدا وكان يهتم بملابسه وتنظيفها وإرتداء الجميل منها وبصفة عامة كان جميل المنظر له هيبة في مشيته وإتفق الناس أنه كان ودودا مع جيرانه فقد كان يلقي السلام على الجميع عندما يعرف أنهم متواجدون بالقرب منه وعلاوة علي ذلك فقد هوى الموسيقى الكلاسيكية وإحتفظ بعدة أسطوانات منها ما زالت موجودة حتى الآن وتقول عنه حفيدته أيضا إن جدها لم يخرج من مصر مطلقا فقد كان يكره الغربة ولو لأيام قليلة ورفض رحلات قدمت له من أمراء وملوك عرب وأجانب وعند إفتتاح إذاعة برلين بالمانيا جاءته دعوة رسمية من القائمين عليها لإفتتاحها فرفض وتكرر الأمر في إذاعة مونت كارلو بباريس كما رفض دعوة مهراجا هندي في نهاية الثلاثينيات من القرن العشرين الماضي لإحياء ليالي شهر رمضان المعظم هناك مقابل مبلغ مالي كبير وصل إلي 100 جنيه في الليلة الواحدة وضاعف المهراجا المبلغ إعتقادا منه أن الشيخ يرغب في المزيد ولكن الشيخ أصر على الرفض دون أن يسمع نصيحة الموسيقار محمد عبد الوهاب الذي كان يشجعه على السفر وجدير بالذكر أيضا أن أم كلثوم كانت تزور الشيخ رفعت في منزله بصحبة والدها وهى صغيرة في بداية مشوارها الفني لكي تتعلم منه الأصوات ومخارج الحروف بهدف أن تستفيد من خبرته الكبيرة في مجال الأصوات ومخارج الحروف وفنيات هذا المجال ولم يبخل عليها أبدا وساعدها وإهتم بها وأعطاها أكثر مما كانت تتمنى حتى أتقنت هذا العلم على يديه . |