الجمعة, 6 ديسمبر 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

تعرف على أول مصري وعربي يفوز بالذهبية في الدورات الأوليمبية

تعرف على أول مصري وعربي يفوز بالذهبية في الدورات الأوليمبية
عدد : 05-2021
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
موسوعة كنوز “أم الدنيا”

السيد محمد نصير والشهير بسيد نصير رباع مصرى كان أول مصري وعربي يفوز بميدالية ذهبية في الدورات الأوليمبية في رياضة رفع الأثقال وذلك خلال دورة أمستردام الأوليمبية التي أقيمت بالعاصمة الهولندية أمستردام خلال الفترة من يوم 4 مايو حتي يوم 27 يوليو عام 1928م وقامت بإفتتاحها ملكة هولندة حينذاك فيلهلمينا هيلينا وكانت تعد الدورة التاسعة ضمن ترتيب الدورات الأوليمبية التي بدأت بدورة أثينا عام 1896م عندما نجح البارون الفرنسي العاشق للرياضة عشقا مبرحا بيير دى كوبرتان بعد أن بذل مجهودا خارقا في إعادة بعث الألعاب الأوليمبية من جديد وأن يعيد إليها الحياة بعد الممات والتي كانت تقام في الماضي البعيد في زمن الإغريق كل 4 سنوات في قرية أوليمبيا ببلاد اليونان بداية من عام 776 ق.م حيث كان الإمبراطور الروماني ثيوديوس الأول قد أصدر قرارا بإلغائها في عام 393م بإعتبار أنها مهرجانات وثنية لا تليق بالإمبراطورية الرومانية التي نبذت الوثنية وذلك بعد جعلها الديانة المسيحية هي الديانة الرسمية للإمبراطورية وتمكن كوبرتان بالفعل في عام 1894م من تحقيق ذلك الحلم بعد أن وافق المجتمع الدولي على بدء الألعاب الأوليمبية الجديدة بداية من عام 1896م وكانت هذه هي المشاركة المصرية الرابعة في الدورات الأوليمبية حيث شاركت مصر في الدورة الأوليمبية السادسة والتي أقيمت بالعاصمة السويدية ستوكهولم عام 1912م وفي الدورة الأوليمبية السابعة والتي أقيمت بمدينة أنتويرب ببلجيكا عام 1920م وفي الدورة الأوليمبية الثامنة والتي أقيمت في العاصمة الفرنسية باريس عام 1924م ولم يتمكن رياضيوها خلالها من إحراز أي ميداليات من اى نوع .

ويعد بطلنا الأوليمبي السيد نصير من أبرز الرياضيين المصريين ومن الأبطال الرواد الذين شاركوا في الدورات الأوليمبية منذ أن بدأت مصر الإشتراك بها وحتي وقتنا الحاضر وكانت له حكاية مع الكفاح والنضال والتدريب الشاق وكان الأبطال في زمانه تصنع كل منهم الموهبة الفطرية وحب الرياضة وممارستها من أجل التفوق فى زمن غلبت فيه القوة الطبيعية وفى زمن لم يكن يعرف قواعد التدريب العلمية التى شهدت تطورا مذهلا فيما بعد بسنوات ولم يكن هذا الجيل من الأبطال الرواد يعرف سوى تحدى النفس والذات والنضال وأيضا لم يكن هذا الجيل من الرواد يعرف كلمات من نوع تأمين المستقبل وإنما كانت مصر عنده هى المستقبل ولذا فقد ظلت الرياضة المصرية منذ ذلك الوقت وحتي الوقت الحاضر تنتظر الطفرات والمواهب الذين يفرضون أنفسهم ولايفرزهم نظام رياضى فى سياق طبيعى ومنطقى وكان ميلاد بطلنا الأوليمبي الكبير السيد نصير في يوم 31 أغسطس عام 1905م بقرية شوبر التابعة لمركز طنطا عاصمة محافظة الغربية وإلتحق بمدرسة طنطا الإبتدائية وأحد تلاميذ القسم المخصوص فيها الذين يرجع إختيارهم إلى أجسادهم القوية الرشيقة ولمع أولا فى رياضة الجمباز وبعد الإنتهاء من مرحلة الدراسة الإبتدائية إلتحق بمدرسة طنطا الثانوية وبدأ في هذه المرحلة من حياته ممارسة رياضة رفع الأثقال وظهرت موهبته وقوته الفطرية عندما شارك فى حمل بالات القطن الثقيلة لتحميلها على الجمال فى قريته شوبر عندما أخذ يتأمل ويتعلم من حركة الجمل وطريقته فى النهوض بالأثقال التى يحملها .

وقد عشق بطلنا السيد نصير هذه الرياضة الشاقة وتعلق بها تعلقا شديدا بعدما شاهد لأول مرة في مولد السيد أحمد البدوي بمدينة طنطا ألعاب البطل المصرى القديم عبد الحليم المصري والذى كان صاحب الفضل الأول في إنتشار هذه الرياضة في مصر ومن ثم إتجه لمدرسة عبد الحليم المصري وكون بها فريقا لرفع الأثقال ثم شارك في بطولة القطر المصري عام 1925م وكان عمره 20 عاما وتوج بلقبها في الوزنين الخفيف والثقيل وإحتفظ بلقب هذه البطولة لمدة ثلاث سنوات متتالية أي حتى عام 1928م ومن ثم تم إختياره لتمثيل مصر في رياضة رفع الأثقال في الدورة الأوليمبية التي أقيمت في نفس العام في العاصمة الهولندية أمستردام والتي أبلي فيها بلاءا حسنا وأظهر نبوغه وتفوقه بين أبطال العالم في تلك الرياضة تحت قيادة المدرب المصرى القدير محمد بسيوني الذي سعى لضمه للنادي الأهلي نظرا لوفرة الإمكانيات والجماهيرية أيضا ونجح نصير في كتابة التاريخ والتتويج بأول ميدالية ذهبية مصرية وعربية في أمستردام في وزن خفيف الثقيل بمجموع أوزان 355.5 كجم بواقع ضغط 100 كجم وخطف 110 كجم ونطر 147.5 كجم حيث كانت هذه الرياضة تشمل حينذاك عدد 3 رفعات وليس رفعتان كما هو الحال الآن بعد إلغاء رفعة الضغط محققا بذلك إنجاز غير مسبوق للرياضة المصرية والعربية والأفريقية وقد تفوق السيد نصير في هذه الدورة الأوليمبية علي عدد 17 رباعا من أقوى رباعي العالم وخرجت الصحف العالمية تتغنى بما فعله البطل المصرى مرددة لقد إرتفع العلم المصري في الإستاد الكبير بعد أن فاز البطل المصرى السيد نصير على أبطال العالم في حمل الأثقال فكان بطل العالم الأول بأرقام مدهشة وفضلا عن ذلك فقد أرسل مراسل الأهرام الخاص يوم 29 يوليو عام 1928م برقية إلي جريدته بالقاهرة قال فيها فاز البطل المصرى الرباع السيد نصير على أبطال العالم فى حمل الأثقال فكان بطل العالم الأول بأرقام مدهشة وتفوق على عدد 17 بطلا .

وكان من الأمور الطريفة التي تعرض لها البطل الأوليمبي السيد نصير بعد فوزه بالميدالية الذهبية في الدورة الأوليمبية بأمستردام أنه كان يعمل موظفا بسيطا في الأرشيف بوزارة الشئون الإجتماعية وفور عودته إلي عمله تم إخباره بأن مديره يسأل عنه يوميا بإلحاح شديد تاركا له رسالة بضرورة الحضور إليه فورا ومقابلته وظن نصير في بداية الأمر أن مديره يريد الإحتفاء به وتكريمه فهو كان في الليلة الماضية نجم حفل أقيم من أجل تكريمه بنادي الجزيرة الرياضي بحضور رئيس مجلس الوزراء والوزراء والنبلاء من الأسرة المالكة على شرف الميدالية الأوليمبية التي حصدها إلا أنه وجد إستجوابا عن سبب غيابه عن عمله عدة أيام وعندما أخبره نصير بأنه كان يمثل مصر في الدورة الأوليمبية بالعاصمة الهولندية أمستردام قرر رئيس الأرشيف معاقبته بخصم شهر من مرتبه فأخبره بأن كل الصحف نشرت صورته وهو يصافح ملكة هولندا فما كان من المدير سوي خصم نصف شهر آخر بسبب عدم الحصول علي إذن رسمي من المصلحة التي يعمل بها لمقابلة ملكة هولندا وكان هذا المدير رجلا بسيطا وكان يتحدث بحسن نية ولم يكن يعلم معنى الأوليمبياد ولا الميداليات الأوليمبية ويصدر قراراته بناءا على عدم معرفة بتلك الأمور وهنا إشتد غيظ البطل الأوليمبي وأخبر مديره بأنه إلتقى برئيس مجلس الوزراء والوزراء والنبلاء وصاحب المعالي وزير الحربية ولم يتحمل المدير هذا الأمر وخرج مسرعا من مكتبه متوجها إلى مكاتب زملاء نصير فوجدهم يتحدثون عن بطولته وعن إنجازاته وهنا لم يتحمل المدير الصدمة فأصابه الذهول ووقع على الأرض مغشيا عليه .

وقد ذاعت شهرة بطلنا الأوليمبي الكبير السيد نصير بشكل كبير بعد عودته من أمستردام كما كان للإنجاز الكبير الذى حققه تأثير كبير أدى إلي إنتشار اللعبة بشكل أكبر في مصر وإلي إقبال الكثير من الشباب علي مزاولتها وللأسف ولسوء الحظ لم تشارك مصر في الدورة الأوليمبية العاشرة التي أقيمت عام 1932م في مدينة لوس أنجلوس بالولايات المتحدة الأميريكية ولكن علي الرغم من ذلك فقد كان قد ظهر العديد من الأبطال في هذه اللعبة والذين تمكنوا من تحقيق إنجازات كبيرة في الدورة الأوليمبية الحادية عشر التي أقيمت بالعاصمة الألمانية برلين عام 1936م كان منهم خضر التوني صاحب ذهبية الوزن المتوسط وأنور مصباح صاحب ذهبية وزن الخفيف وصالح سليمان صاحب فضية وزن الريشة وإبراهيم واصف صاحب برونزية وزن الخفيف وإبراهيم شمس صاحب برونزية وزن الريشة والذى عاد وحصل علي الميدالية الذهبية في وزن الخفيف في الدورة التالية وهي دورة لندن عام 1948م حيث لم تقم الدورات الأوليمبية كما كان مفترضا في عام 1940م وعام 1944م نظرا لظروف إندلاع الحرب العالمية الثانية وقد إستمر التفوق المصرى في رياضة رفع الأثقال في هذه الدورة أيضا فغير الرباع إبراهيم شمس حصل الرباع محمود فياض علي ذهبية وزن الريشة كما حصل الرباع عطية حمودة علي فضية وزن الخفيف ولذلك أطلق علي هؤلاء الأبطال حينذاك لقب ملوك الحديد بعد أن نالوا إعجاب العالم كله وتحية الزعيم الألماني أدولف هتلر وفي عام 1930م حقق البطل المصري بطولة العالم لرفع الأثقال في مدينة ميونيخ الألمانية وفي العام التالي 1931م حقق نفس البطولة في لوكسمبورج وكان من الطريف كما يحكي أحفاد السيد نصير أنه دخل أحد البنوك في مدينة ميونيخ لكي يصرف شيك ولم يصدق موظفو البنك أن الذى يقف أمامهم هو السيد نصير بطل العالم في رفع الأثقال إلا بعد أن حرك لهم خزانة أموال ثقيلة كان لا يستطيع موظفو البنك تحريكها ومما يذكر أنه عندما وصل نصير إلي ميناء الإسكندرية بعد ظهر يوم 18 نوفمبر عام 1930م علي ظهر الباخرة فينا بعد فوزه ببطولة العالم في العام المذكور نشرت مجلة اللطائف المصورة عنه تقريرا قالت فيه فخر شباب مصر الرياضي الأكبر وبطل أبطال القوي في العالم الرباع الشهير سيد أفندي نصير بعد أن مثل مصر تمثيلا مشرفا في المانيا وأحرز بطولة أوروبا في رفع الأثقال في المباراة التي أقيمت في مدينة ميونيخ منتصرا على أعظم أبطالها وشارك في حفلة الألعاب الرياضية التي أقامتها الصحافة الألمانية في برلين يوم 5 نوفمبر عام 1930م لمناسبة عيدها العاشر فرفع فيها 160 كيلو جراما ضاربا بذلك أرقامه التي سجلها في ميونيخ والتي نال البطولة من أجلها وقد أعجب الألمان به إعجابا عظيما وقدروا قوته ونبوغه الرياضي تقدير من يقدر قيمة ذلك وفضلا عن ذلك فقد أشادت الصحف الألمانية به وببطولاته وكتب العالم الألماني الكبير الدكتور فيلي ميل مقالا شائقا في وصفه في إحدى الجرائد الألمانية ببرلين بتاريخ 9 نوفمبر عام 1930م جعل عنوانه الله هو الله ونصير هو بطل .

وكان من ضمن الإنجازات الكبيرة التي حققها البطل السيد نصير تحقيقه للرقم القياسي في منافسات النطر باليدين بوزن قدره 167 كجم والذي ظل مسجلا بإسمه لمدة 15 عاما قبل أن ينتزعه منه قريبه وبلدياته الرباع محمد جعيصة الذي سجل 170.5 كجم عام 1945م وللأسف الشديد فقد تراجعت بعد ذلك نتائج رياضة رفع الأثقال وغيرها من الرياضات في مصر ولم يحقق الرباعون المصريون أي ميدالية أوليمبية بداية من الدورة الأوليمبية الثالثة عشر التي أقيمت بالعاصمة الفنلندية هلسنكي عام 1952م وإن كان قد ظل التفوق المصرى في هذه الرياضة قائما إلي حد ما في دورات البحر الأبيض المتوسط والدورات الأفريقية القارية والبطولات العربية وإن كان مؤخرا وفي الدورة الأوليمبية الثامنة والعشرين والتي أقيمت بالعاصمة البريطانية لندن عام 2012م فازت الرباعة عبير عبد الرحمن بفضية وزن 75 كجم سيدات كما فاز الرباع طارق عبد الرحمن ببرونزية وزن 85 كجم رجال وتكرر الإنجاز في الدورة الأوليمبية التاسعة والعشرين والتي أقيمت بمدينة ريودى جانيرو بالبرازيل عام 2016م حينما حقق الرباع محمد إيهاب برونزية وزن 77 كجم رجال والرباعة سارة أحمد برونزية وزن 69 كجم سيدات وجدير بالذكر أنه نظرا لتلك الإنجازات التي حققها السيد نصير فقد حصل علي العديد من الأوسمة الشرفية والميداليات كان على رأسها وسام النيل عام 1949م من الملك فاروق الأول ووسام اللوتس عام 1956م كما تم منحه وسام الرياضة من الدرجة الأولى عام 1956م من الزعيم الراحل الرئيس جمال عبد الناصر وتم تعيينه حينذاك وكيلا لوزارة الشباب وتم تكليفه مسئولا عن مجموعات الكشافة والمرشدات في تطهير مدينة بورسعيد بعد العدوان الثلاثي كما تم منحه العديد من الميداليات والأوسمة واللوحات الشرفية من جميع الهيئات الحكومية والأهلية والأجنبية لتاريخه الرياضى المشرف وقد تغني أمير الشعراء أحمد بك شوقي بقصيدة رائعة مدح فيها هذا البطل الأوليمبي المصري والتي ألقاها جعفر والي باشا رئيس النادى الأهلي حينذاك وذلك خلال حفل نادر الحدوث وغير مسبوق في تاريخ الرياضة المصرية حيث إستقبله الملك فؤاد الأول بعد فوزه ببطولة العالم بميونيخ عام 1930م وتبارى يومها الشعراء والأدباء في مديح البطل العالمي وقد قال شوقي في هذه القصيدة :-

شرفا نصير إرفع جبينك عاليا وتلق من أوطـانك الإكـليـلا
يا قاهر الغرب العتيـد ملأته بثناء مصر على الشفاه جميلا
إن الـذى خلق الحـديد وبأسـه جعل الحـديد لساعديـك ذليلا
قـل يـانصـير وأنت بـر صـادق أحمـلت إنسانـا عليك ثقيـلا
أحمـلت دنـيـا في حياتـك مـرة أحملت يوما في الضلوع عليـلا
أحمـلت ظـلما من قريـب غـادر أوكـاشـح بالأمس كان خليـلا
أحملت طغيان اللئيم إذا إغتنى أو نال من جاه الأمور قليلا
تـلك الحيـاة وهـذه أثقـالهـا وزن الحديـد بهـا فصار ضئيلا


وفي نفس هذه الإحتفالية الغير مسبوقة كما ذكرنا مدحه أيضا عميد شعراء المهجر الشاعر الكبير اللبناني الأصل المعروف جبران خليل جبران بقصيدة قال فيها :-

يا فتى الفتيان أحسنت البلاء فى المباراة وحققت الرجاء
وأريت الغرب ما بالشرق من قدرة يبرزها حين يشاء

وكانت وفاة بطلنا السيد نصير عام 1974م عن عمر يناهز 69 عاما وعلي الرغم من غيابه عن حياتنا فقد بقي البطل المصري الكبير خالدا في الأذهان وسطر إسمه في سجلات الأبطال بحروف من ذهب ونور وسميت بطولة دولية سنوية في رياضة رفع الأثقال تقام في الإسكندرية بإسمه تخليدا لذكراه بدأت منذ عام 1977م أي بعد وفاته بثلاثة أعوام وأخيرا وعن الحياة الشخصية لبطلنا فقد كان متزوجا ولديه ولد وبنتان هم حسن وفادية ونادية كما أنه قد حمل مسؤولية رعاية وتربية أخوته الصغار بعد وفاة والده وهم في سن صغيرة .