بقلم الدكتور/ عادل عامر
أقرت مصر تشريعات مهمة خلال العامين الماضيين، شملت قانون الاستثمار الجديد، وقانون الإفلاس الجديد، وقانون تنظيم أنشطة سوق الغاز الطبيعي، وقانون الشركات الجديد.
وعن تداعيات قرار التعويم بعد مرور عامين، إن «التعويم أهم قرار في حزمة الإصلاح الاقتصادي التي بدأت منذ عامين، ومستمرة حتى الآن كان قراراً حتمياً من أجل أن تستمر مصر، كان لا يمكن أن تواصل بسعر صرف لا يعبر عن حقيقة الوضع الاقتصادي، وقيمة العملة الحقيقية».
أنه «لو لم يُتخذ قرار التعويم، لكان الوضع حالياً أسوأ، لأن البلاد كانت ستصل إلى مرحلة عدم القدرة على جذب أموال بالعملة الصعبة لتلبية احتياجات البلاد».
إنه «تم بنجاح... رغم التبعات التي خلفها، مثل ارتفاع معدل التضخم، ومعاناة عموم المصريين... إلا أن التدفق الذي نتج عن تعويم الجنيه رفع حجم الاحتياطي النقدي الأجنبي، مما أمن لمصر وارداتها فوق مستوى الخطر المحدد بـ3 أشهر».
غير أنه قال إن قرار التعويم «خطوة على بداية الطريق، وليس نهايته»، في إشارة إلى دور الحكومة في تشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية في السوق، فضلاً عن جذب استثمارات أجنبية جديدة، الأمر الذي يوفر فرص عمل تنخفض معها معدلات البطالة، ويرفع معدلات النمو.
دون شك، إن الضرائب بمختلف أشكالها وألوانها، من ضريبة القيمة المضافة والرسوم الجمركية وضرائب السلع الانتقائية، تشكل مصدرا مهما لإيرادات الميزانية، ولكن في نهاية الأمر هذه الضرائب لها ضريبة (إن صح التعبير)، وذلك أمر يعيه متخذ القرار بشكل جديد، حيث لا يمكن الاستمرار بفرض ضرائب دون حدوث تأثيرات في المناشط الاقتصادية المستهدفة بالضريبة بشكل خاص وبالاقتصاد بشكل عام، لذا في الأغلب هي تعمل بحذر وعند الحاجة، بل إن هناك حدا أقصى لما يمكن تحصيله من ضرائب في أي دولة!
فيما يلي نقوم بمحاولة وضع حد أعلى لمقدار المبالغ التي يمكن جمعها من هذه الضرائب، وذلك بالنظر إلى حجم الناتج المحلي الإجمالي ونفترض أننا نستطيع فرض ضريبة معينة على الاقتصاد ككل، ومن ثم نقوم بحساب المبلغ الأقصى الذي يمكن تحقيقه. مثلا نحن نعرف أن الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية لعام 2021، المتأثر بدواعي فيروس كورونا وانخفاض أسعار البترول ،
ربما يكون بحدود 2.5 تريليون جنية. ولتبسيط الفكرة وما يلي من استنتاج نفرض أن 50 في المائة من الناتج المحلي خاضع للضريبة، وهذا معقول إلى حد كبير إذا علمنا أن بعض مكونات الناتج المحلي غير خاضعة للضريبة كليا أو جزئيا، كون نحو 25 في المائة من الناتج المحلي عبارة عن مصروفات حكومية ونحو 35 في المائة صادرات غير خاضعة للضريبة.
تحاول أوروبا إعادة التوازن إلى ميزان القوى العالمية في السوق الرقمية. وأظهرت المناقشات الحادة حول تنظيم حقوق الطبع أن التموضع فيما يتعلق بالاقتصاد الرقمي بات حاسماً، وعلى الأعضاء الجدد في البرلمان البت في ملفات كثيرة تنتظرهم
ولا سيما مسألة توجيه الخصوصية الإلكترونية. هذا التوجيه، يُفترض أن يكمل إجمالي الناتج المحلي في مجالات سرية الاتصالات وتحديد الهوية والمراقبة، وهو موضوع ضاغط لأنه يتعلق بقطاعات عدة منها الاتصالات والإعلام. ولا بد هنا من تفاوض مع السلطة التنفيذية على الشكل النهائي لتشريع عنوانه "منع نشر المحتوى الإرهابي عبر الإنترنت".
وهنالك جوانب أخرى لتنظيم الشبكة العنكبوتية مثل Internet of Things (التوصيل البيني عبر الإنترنت لأجهزة الحوسبة المضمنة، ما يتيح لها إرسال البيانات وتلقيها)، والبيانات الضخمة، وتقنية "بلوكتشين" والتنقل الذكي والقيادة الذاتية والصحة عبر الإنترنت، والذكاء الاصطناعي. وهذه قضايا رئيسية لأنها تتناول الحياة اليومية للناس وسلامتهم.
يُعرّف المشرّع مؤسسات الاقتصاد التضامني والاجتماعي بكونها “مجموع الأنشطة الاقتصادية ذات الغايات الاجتماعية المتعلقة بإنتاج السلع والخدمات وتحويلها وتوزيعها وتبادلها وتسويقها واستهلاكها التي تؤمنها مؤسسات الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، استجابة للحاجيات المشتركة لأعضائها والمصلحة العامة الاقتصادية والاجتماعية”.
ويستشفّ من هذا التعريف أن تلك المؤسسات تتمايز في تصورها الوظيفي عن المؤسّسات الاقتصادية الاستثمارية الربحية بكونها كيانات اقتصادية هدفها خدمة القضية الاجتماعية وتحقيق التنمية ولكنها في المقابل لا تنفذ سياسة الدولة ولا تخضع لسلطتها. وتفرض هذه الخصوصية السؤال عن تفاصيلها كتحري شروط تلاؤمها مع دينامية الحياة الاقتصادية وقواعد التنافسية التي تحركها.
يصنف القانون مؤسسات الاقتصاد الاجتماعي في خانة المؤسسات ذات الغايات الاجتماعية بما يكون معه أهداف نشاطها، وحسب حرفية نصه، هي “توفير ظروف عيش لائقة بغاية الإدماج والاستقرار الاجتماعي والترابي تحقيقا للتنمية المستدامة والعمل اللائق زيادة على نشر “قيم التضامن الاجتماعي” و”تحقيق العدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثورة” و”الرفاه الاقتصادي والاجتماعي وتحسين جودة الحياة”. و هي بذلك أداة لمعالجة الإشكاليات الاجتماعية والتنموية ووسيلة تحقيق لتطلعات التصور الاعتيادي للمؤسسة الاقتصادية والذي يربط وجودها بعملية الإنتاج وعلاقاته ويستند في تقييم أدائها لمعيار الربحية دون سواه. فتستحيل العملية الإنتاجية التي يمثلها هذا النمط الإنتاجي جزءا من مشروع سياسي تنموي.
يُذكّر المشروع السياسي في علاقته بالنشاط الاقتصادي بالطرح الاقتصادي الاشتراكي وبقيم مؤسسات القطاع العام التي تدير المرافق العمومية لجهة أنه يلقي على المؤسسة واجب تحقيق التنمية وضمان التوزيع العادل للثروة زيادة على لعب دور في حل المشاكل الاجتماعية. لكنه يتميز عنه بأنه لا يستند لموارد الدولة ولا ينفذ مخططاتها التنموية بل يعتمد على المبادرة الخاصة وعلى التشارك كممارسة تستجيب لتطلعات مشتركة وتكون نتيجة لها.
كما يلتقي مع فكرة المسؤولية المجتمعية للمؤسسة التي تعني أن تخصص المؤسسة جانبا من مداخيلها لتطوير محيطها. ولكنه يتميز عنها بأنه لا يوجه اهتمامه لمحيطه الاجتماعي والبيئي في سياق تعويضي أي في إطار اعتراف بدور نشاطه السلبي عليه ولكن باعتبار حماية ذاك المحيط وتطويره هدفا وموضوع عمل.
فتكون هنا مؤسسات هذا الاقتصاد نتاجا لمحيطها المجتمعي ووسيلة دمقرطة لبنيته كما هي عنوان قيم مختلفة لاقتصاد ينتظر منه أن يستثمر في الإشكاليات التنموية. وعليه، يؤمل أن يحوّل هذا الاقتصاد البطالة إلى فرصة عمل في وقت تعمل فيه الأنماط الإنتاجية الأخرى على تخفيف تعويلها على قوة العمل طلبا للحد من كلفة الإنتاج. كما يؤمل أن يحوّل هذا الاقتصاد ضعف البنية التحتية إلى دافع على الإنتاج في وقت تُعدّ في غيرها سببا لتعطيله.
تنتهي هذه الخصوصيات لإعلان الاقتصاد التضامني والاجتماعي اقتصادا يلتزم – وكما فرض ذلك نص القانون صراحة -” بأولوية الإنسان والغاية الاجتماعية على رأس المال”. وتفرض أهمية المشروع بقيمه المجتمعية والسياسية تلك السؤال عن فرص نجاحه فعليا في محيط اقتصادي يدين بقيم الربحية.
يحاول أنصار القطاع العام في كل مناسبة يكون موضوعها الحديث عن أدائه التنبيه لكون هدفه التشغيلي والدور التنموي الذي يلعبه يجعل من المجحف في حقه اعتماد الربح كمعيار للتقييم. وقد يكون ذاك القول مؤسسا فعليا ونظريا اعتبارا لكون التدخل الاقتصادي لهذا القطاع كثيرا ما يكون الدافع عليه تأمين الحق في الخدمة وتحقيق التنمية. إلا أن هذه الاعتبارات لم تمنع النظر إلى قدرة تلك المؤسسات على منافسة القطاع الخاص وحساب خسارتها لتحديد الحاجة لمواصلة التعويل عليها من عدمه. وهو ما يقيم الدليل على كون الحديث التشريعي عن غياب الأولوية الربحية والأدوار الاجتماعية لمؤسسات الاقتصاد التضامني
لا يمكنه أن يضمن استمرارها ما لم تعاضده ربحية وقدرة على التطور في محيط تنافسي يمتاز فيه عليها القطاع الخاص بثقافة الربح وخلق الثروة والقطاع العام باحتكار قطاعات حيوية وبسهولة الوصول للتمويل العمومي كلما احتاجه.
ونقدّر هنا أن لتحقيق نجاعة الأداء تلك شروط بعضها تتحمل مسؤولية تحقيقه الدولة وبعضها الآخر المنتمون لحلقة الإنتاج فيما يكون كذلك فيها لحس المواطنة والتزام حقوق المستهلك دور لا يقل أهمية عما سبقه. |