بقلم المهندس/ طارق بدراوى
موسوعة كنوز “أم الدنيا”
إستر فهمي ويصا هي إحدى رائدات الحركة النسائية المصرية والحركة الوطنية خلال ثورة عام 1919م مع السيدة صفية هانم زغلول وهدى هانم شعراوى حيث كانت الأفكار الوطنية مسيطرة على منزل والديها وكان لها تأثير كبير على شخصيتها ولذا فقد قالت إنها عرفت الحرية من خلال الأفكار والآراء التي أثيرت داخل منزل أسرتها والقيم الموجودة في الكتب التي كانت تزخر بها مكتبة والدها وكان إسمها الحقيقي عند الولادة إستر أخنوخ فانوس وكان مولدها في أسيوط بوسط صعيد مصر في يوم 19 فبراير عام 1895م ولما بلغت سن 6 سنوات في عام 1901م إلتحقت بمدرسة الإرسالية الأميريكية وفي يوم 24 يوليو عام 1913م وكان عمرها حينذاك 18 عاما تزوجت من فهمي بك ويصا وهو من أسيوط أيضا ومن ثم حملت إسمه وأصبحت تسمي إستر فهمي ويصا وكان قد ولد بها عام 1884م وتعلم في الجامعة الأميريكية بيروت ثم تخرج من جامعة أوكسفورد نفس الجامعة التي تخرج فيها بلدياته من مديرية أسيوط محمد محمود باشا سليمان رئيس الوزراء فيما بعد وكانت تلك الجامعة مركزا لتعليم أبناء بيوتات الأعيان في تلك الفترة الزمنية وقد تم إختياره عضوا بمجلس الشيوخ منذ عام 1924م حتى تاريخ وفاته في يوم 2 أكتوبر عام 1952م ولما شكل مصطفى النحاس باشا وزارته السادسة من شهر مايو عام 1942م وحتي شهر أكتوبر عام 1944م ولما طرأ تعديل علي تشكيلها في يوم 2 يونيو عام 1943م دخل بمقتضاه فهمي بك حنا ويصا عضو مجلس الشيوخ في الوزارة كوزير للوقاية المدنية وجدير بالذكر أن إسم والدها أخنوخ من الأسماء التي وردت في العهد القديم أي التوراة وإسم زوجها ويصا من الأسماء التي عرفـت في مصر القديمة أما إسمها إستر فبعض المصادر تقول إنه كلمة فارسية معناها كوكب .
وكان أبوها أخنوخ فانوس محاميا شهيرا بأسيوط وكان قد إلتحق بالجامعة الأميريكية ببيروت عام 1870م وعاد إلي مصر في عام 1878م وأسس جمعية خيرية في أسيوط لمساعدة منكوبي الأزمة الإقتصادية ونقص المواد الغذائية وإشتغل بالمحاماة أمام المحاكم الأهلية بداية من عام 1884م ومنحته الجامعة الأميريكية درجة الدكتوراة الفخرية عام 1910م وترأس المجلس الإنجيلي العام بالقاهرة وبصفة عامة فقد كان شخصية لها دورها الإجتماعي بدرجة ما ودخل مجال الأحزاب من الباب الطائفي في عام 1908م حيث كانت الفترة من عام 1907م وحتي عام 1914م فترة تأسست فيها العديد من الأحزاب المصرية حيث تواجد على الساحة حزبان كبيران كل منهما له قيادته المعروفة وله أفكاره وسياسته وهما الحزب الوطني بزعامة مصطفى كامل باشا ومحمد فريد باشا وحزب الأمة بزعامة محمود سليمان باشا وأحمد لطفي السيد وفي يوم 2 سبتمبر عام 1908م بالتحديد وعلى صفحات جريدة مصر أصدر أخنوخ فانوس دعوته لتأسيس الحزب المصري وكان برنامجه مغاليا في مصريته وعلمانيته والدعوة للتمثيل الطائفي فيما إقترحه من نظام نيابي وقد ظهر الطابع الطائفي للحزب فيما كتبه أخنوخ فانوس وترحيب الصحافة الإنجليزية به وكانت النتيجة أن قاطع الأقباط هذا الحزب كما قاطعه المسلمون ولم يدخله أحد غير مؤسسه أي أن الحزب مات في المهد وفي مقتبل الأيام كان أخنوخ فانوس محاصرا من الرموز القبطية ذات الإتجاه الوطني والقومي أمثال واصف غالي وويصا واصف وسينوت بك حنا وشقيقه الأكبر بشرى بك حنا والذين كانوا يقفون ضد أي فتنة طائفية من أجل نزع فتيلتها وإخماد صوت المؤتمر القبطي في أسيوط والذى ترأسه بشرى بك حنا وكان من أعيان أسيوط وموله أخنوخ فانوس والد إستر فهمي والمؤتمر الإسلامي في مصر الجديدة والذى ترأسه مصطفي رياض باشا رئيس النظار الأسبق واللذان عقدا في عام 1911م وتحملوا في سبيل ذلك إهانات من البعض لكن كانت نظرتهم للمستقبل نظرة ثاقبة وصادقة وربما كان التوجه الطائفي لدى أخنوخ هو الذي ولد رد الفعل العكسي لدى إبنته إستر التي عاشت وماتت وفدية ولدى إبنه جميل الذي كان قريبا من حزب الوفد وسياساته .
وبعد إعلان الوفد الأول في يوم 13 نوفمبر عام 1918م وأقبل عليه الأقباط أفواجا وكان ذلك بحق موقفا رائعا من ويصا واصف وفخري عبد النور وتوفيق أندراوس حيث ذهبوا الي سعد زغلول باشا وطلبوا منه أن ينضموا الي الوفد وكان لهذه المقابلة صدي قوى في قلب سعد زغلول باشا وكان مرحبا ومشجعا لهذا الموقف وبالطبع لاقي هذا الطلب منهم القبول الفوري وقد ترتب علي ذلك أن أصبح الوفد بإنضمام الأقباط إليه قوة قوية أمام القصر والمستعمر الإنجليزي وأضحي حصن أمان للوطن كله دون تفرقة علي أساس الدين وإنضم أيضا إلي الوفد من الأقباط فهمي ويصا وزوجته إستر فهمي ويصا وكانا من الأبناء المخلصين لزعيم الأمة سعد زغلول باشا ولخليفته مصطفى النحاس باشا وكانت إستر فهمي حينذاك في الرابعة والعشرين من عمرها وأصبحت تحتل موقعا محوريا على الساحة السياسية والإجتماعية ولما قامت ثورة الشعب في يوم 9 مارس عام 1919م بعد القبض علي سعد زغلول باشا ورفاقه الذين طالبوا المندوب السامي البريطاني في مصر بالسماح لهم بالسفر إلي باريس لعرض قضية مصر أمام مؤتمر الصلح الذى كان سينعقد في منتصف عام 1919م وفي يوم 16 مارس عام 1919م شاركت إستر فهمي في أول مظاهرة نسائية تطالب بالإستقلال مع السيدات المصريات المناضلات من أجل إستقلال الوطن وتحت راية الوفد وخلف زعيم الأمة سعد زغلول باشا وكان عددهم حوالي 300 وقدمن إحتجاجات مكتوبة لممثلي الدول الأجنبية علي مايحدث من قوات الإنجليز وكان من بين هؤلاء النسوة زوجة الزعيم سعد زغلول الملقبة بأم المصريين صفية هانم زغلول وهدى هانم شعراوي وإستر فهمي والعديد من عقائل العائلات الراقية وسرن في أنحاء القاهرة وهن تهتفن بحياة الحرية والإستقلال وتنادين بسقوط الحماية ومررن بدور القنصليات ومعتمدي الدول الأجنبية والناس من حولهن يصفقون ويهتفون لهن والنساء من نوافذ البيوت يزغردن ويهتفن وضرب الجنود الإنجليز نطاقا حولهن وسددوا إليهن فوهات البنادق والحراب وإشتركت النساء أيضا حينذاك مع الرجال في الريف بقطع أسلاك التليفونات وخطوط السكك الحديدية وفبعد يومين أي في يوم 18 مارس عام 1919م إجتمعت النساء المصريات وإنتخبن اللجنة التنفيذية للنساء الوفديات برئاسة هدى هانم شعراوي وتم إختيار إستر فهمي ويصا لأعمال السكرتارية وبذلك تكونت هيئة وفدية من النساء لتمثيل المرأة المصرية في المطالب القومية ونظمن مظاهرة صاخبة وتعرضن لرصاص المستعمرين وسقطت أول إمرأة مصرية شهيدة وهي شفيقة محمد صريعة برصاص الإنجليز ويومها أرسلت إستر فهمي ويصا ومعها صفية هانم زغلول وهدى هانم شعراوي برسالة إلى الرئيس وودرو ويلسون رئيس الولايات المتحدة الأميريكية جاء فيها أرسلنا أربعة أشخاص للقتال في هذه المعركة تعني سعد زغلول باشا ورفاقه وإذا كانت هناك ضرورة ملحة سوف نرسل أربعمائة وقد تصبح أربعة آلاف أو أربعة ملايين لتحرير هؤلاء الأربعة وفي يوم 20 مارس عام 1919م تظاهرت مجموعة من النساء وإتجهن إلى بيت سعد زغلول باشا المعروف ببيت الأمة فحاصرتهم القوات الإنجليزية لمدة ساعتين حتي تدخل القنصل الأميريكي وتوجه إلى مقر القيادة الإنجليزية وتم فك الحصار بعد أن وقفت النساء تحت الشمس المحرقة لمدة ثلاث ساعات .
وفي يوم 13 ديسمبر عام 1919م إجتمع عدد كبير من نساء مصر وعرف هذا الإجتماع المهم بإسم إجتماع الكاتدرائية المرقسية ولم يشعر المصريون إطلاقا بإختلاف المذاهب الدينية بين مسلمين ومسيحين وحضر هذا الإجتماع التاريخي عبد الرحمن بك فهمي المسؤول عن الجهاز السرى لثورة عام 1919م وحفظ لنا في مذكراته وقائع هذا الإجتماع حيث قال إحتجت السيدات المصريات على نفي الزعماء وإحتجت على وزارة يوسف وهبة باشا التي كانت قد تشكلت في شهر نوفمبر عام 1919م خلفا لوزارة محمد سعيد باشا وإحتجت على لجنة ملنر أيضا وطالبن بضرورة إعلان إستقلال مصر ونقرأ من بين أسماء الموقعات على محضر هذا الإجتماع أسماء هدى هانم شعراوي وإستر فهمي وحرم محمد بك على المحامي وبرلنتي ويصا واصف ونعيمة أبو إصبع حرم الدكتور إبراني المنياوي وعائشة أبو شادي وحرم محمد بك نجيب وبعد ذلك عقد الإجتماع التالي في مسجد وألقت فيه إستر فهمي كلمة سياسية كانت هي الأولى التي تلقى أمام جمع من الرجال والنساء معا وداخل مسجد وبعد أن تم الإفراج عن سعد زغلول باشا تألفت لجنة الوفد المركزية للسيدات في أوائل شهر يناير عام 1920م وإختيرت هدى هانم شعراوي رئيسة وإستر فهمي نائبة للرئيسة وأصدرت هذه اللجنة إحتجاجات على بيان ملنر وزير المستعمرات البريطانية الذي أصدره في يوم 29 ديسمبر عام 1919م وكان التوقيع بإسم هدى شعراوي رئيسة اللجنة المركية للسيدات المصريات وقال سعد باشا عند عودته من منفاه إن المرأة المصرية قد شاركت بجهد خلاق في نهضتنا الحاضرة وأثبتت شجاعتها في موقفها أيام الثورة فلتهتفوا جميعا تحيا السيدة المصرية وكان للجنة الوفد المركزية للسيدات وعلي رأسها هدى هانم شعراوى وإستر فهمي ويصا نشاط ملحوظ فقد أصدرت بيانا بأن مطلب مصرالوحيد هو الإستقلال التام وإحتجت على وزارة عدلي يكن باشا التي حكمت البلاد بداية من يوم 16 من شهر مارس عام 1921م لمحاولاته الإيقاع بين سعد زغلول باشا والسراي وإحتجت على مشروعات عدلي يكن باشا الخاصة بالمفاوضات بين مصر وبريطانيا وقامت اللجنة أيضا بمظاهرة سلمية نسائية بالقاهرة وأعقبتها مظاهرة ثانية بالقاهرة أيضا ومظاهرة نسائية ثالثة بمدينة الإسكندرية ومظاهرة نسائية رابعة بمدينة طنطا وتوالت بيانات اللجنة المركزية للسيدات إحتجاجا على ملنر ولجنته ورئيس الوزراء عدلي يكن باشا وتأيييدا لسعد زغلول باشا وتأكيدا على ضرورة تحقيق الإستقلال التام وفي يوم 23 مارس عام 1921م أرسلت لجنة الوفد المركزية للسيدات خطابا إلى رئيس مجلس الوزراء حينذاك عدلي يكن باشا يعبرن فيه عن أملهم في عدم التنازل عن مطالب مصر الوطنية وعدم قبول أي تنازلات أثناء المفاوضات مع الحكومة البريطانية وعدم نسيان تضحيات شهداء الوطن من الرجال والنساء .
ومن جانب آخر أعلن سعد زغلول باشا عدم الثقة في الوزارة القائمة برئاسة عدلي يكن باشا وتفجر الخلاف بين أعضاء الوفد وإستقال علي شعراوي ومحمد محمود وحمد الباسل وأحمد لطفي السيد ومحمد علي علوبة وعبد اللطيف المكباتي فنشر سعد زغلول باشا في يوم 19 أبريل عام 1921م بيانا إلى الأمة أعلن فيه إعتبار هؤلاء الأعضاء منفصلين عن الوفد وفي اليوم نفسه إجتمعت لجنة الوفد المركزية للسيدات وقررت سحب الثقة من هؤلاء الأعضاء وجددت الثقة في معالي رئيس الوفد سعد زغلول باشا وفي شهر ديسمبر تم نفي سعد زغلول باشا وعدد 5 من رفاقه إلي جزيرة سيشل بالمحيط الهندى مما دفع لجنة الوفد المركزية للسيدات أن ترسل إحتجاجات إلى كل من وزير الخارجية البريطانية في لندن وإلى المعتمد السامي البريطاني في مصر وإحتجت اللجنة في شهر مارس عام 1922م على قبول عبد الخالق باشا ثروت تأليف وزارة وإعتبرتها جريمة في حق الوطن وأصدر الوفد في يوم 3 نوفمبر عام 1922م بيانا طالب الحكومة بالسعي للإفراج عن سعد باشا كما طالب بضرورة وضع دستور للبلاد وفي اليوم نفسه أصدرت لجنة الوفد المركزية للسيدات بيانا طالبت فيه الوزارة بوضع هذا الدستور ووقعت البيان هدى هانم شعراوي وإستر فهمي ويصا وإحسان أحمد وروجينا خياط ونعيمة أبو إصبع وبعد سنوات وفي عهد وزارة محمد محمود باشا والتي أطلق عليها وزارة اليد الحديدية والتي وصلت إلي الحكم في شهر يونيو عام 1928م وقامت بتعطيل الدستور وحل مجلسي البرلمان وحكمت البلاد بالحديد والنار وفي شهر أغسطس من نفس العام 1928م إجتمعت ألفت راتب ثابت وإستر فهمي ويصا وحياة نور الدين وروجينا الخياط وتماضر صبري ووجيدة ثابت ورئيفة موسى وأعلن الإحتجاج على موقف الحكومة غير المشروع من حل البرلمان وإثارة الرعب بين طبقات الشعب وأرسلت صورة من الإحتجاج إلى وزارة الخارجية البريطانية .
وفي واقع الأمر يمكننا القول بأن إستر فهمي ويصا قد شاركت في المؤتمرات والإجتماعات والإحتجاجات والمظاهرات واللجان العادية والمركزية والإتحادات النسائية وكل شكل من أشكال الكفاح الوطني من أجل الإستقلال وتأييد سعد زغلول باشا والوفد وكان لها الكثير من المواقف المشرفة منها علي سبيل المثال لا الحصر موقفها في مؤتمر بالعاصمة الإيطالية روما عام 1923م حيث كان كل وفد يدخل حاملا علم بلاده أما مصر فدخلت بعلم خاص تمسكه كل من هدى هانم شعراوي وإستر فهمي ويصا يتوسطه الهلال والصليب وعندما تم سؤالهما عن هذا العلم قالتا إنه علم الثورة المصرية ورمز الوطنية والإتحاد وإلى جانب هذا كانت لها جهودها الذاتية في العمل الوطني بمبادرات شخصية منها حيث قامت في الفترة ما بين عام 1922م وعام 1926م بمراسلات طويلة وجريئة ومتواصلة مع اللورد أدموند اللنبي المندوب السامي البريطاني في مصر حينذاك وقد حددت في مراسلاتها بدقة شديدة القضايا الوطنية الملحة في تلك الفترة وهي عودة سعد زغلول باشا من منفاه وإستقلال مصر عن بريطانيا والإفراج عن المعتقلين السياسيين المصريين وكان من هذه المراسلات خطابا أرسلته من الإسكندرية في يوم 25 سبتمبر عام 1922م قالت فيه إنها سمعت مؤخرا أن السيدة صفية هانم زغلول حرم سعد زغلول باشا قد طلبت اللحاق بزوجها حيث تلقت أخبارا تفيد مرضه وأرجو أن يكون مرضه ليس خطيرا حيث أن أي شئ يصيبه قد يفسر بسبب منفاه وأشعر أنه من صميم واجبي أن أقنع سيادتكم بأن عودة سعد زغلول باشا في الوقت الحالي إلي البلاد ضرورية تماما لصالح البلاد ولصالح بريطانيا وإذا أردتم وضع الحق في نصابه فإن تأييده يمكن أن يحمي البلاد كما أنه سيساعد على تسهيل الأمور بالنسبة لكم وإن حياة سعد زغلول باشا غالية علي جميع المصريين ويجب علينا عمل أقصى ما يمكننا لحمايتها وإن سعد زغلول باشا سيظل دائما في عين الشعب المصرى زعيما له وبطله القومي ولو أصابه أي أذى أو مكروه فسيكون هو القديس وهو الشهيد الذي ضحى بحياته في سبيل المبدأ وإن السياط التي هوت إنما نزلت على ظهور الأبرياء أما السجناء في سيشل فأرجو أن تكون سعادتك قد إتخدت بالفعل الإجراءات الكفيلة بنقلهم من هذا المناخ الرهيب غير المحتمل على الإطلاق وبعد هل يمكنك يا صاحب السعادة التكرم بإخطاري عن أي خطوات سيتم إتخاذها قريبا وأرجو مخلصة أن يكون القرار قد إتخذ بالفعل وأن يكون لي الشرف بأن أكون أول من يسمع الأخبار الطيبة وكان رد اللورد اللنبي هو السيدة إستر هانم فهمي ويصا ردا على خطابك المؤرخ اليوم ليس هناك ما يدعوني إلى الظن بأن صحة سعد زغلول باشا قد ساءت وأشعر بالسعادة لأن السيدة حرمه ذاهبة إليه وستكون في صحبته وإذ أشكرك على إسداء النصيحة في خطابك وأنا واثق من أنك تعنين كل ما تقولينه إلا أنني أعتذر عن عدم إمكاني العمل بكل ما تقولين .
وفي عام 1969م أقيم إحتفال بيوبيل تحرير المرأة المصرية وكفاحها الوطني وكان عمر إستر فهمي حينذاك 74 عاما ومنحها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وسام الكمال تكريما لها في هذه المناسبة وألقت يومها كلمة قالت فيها اليوم نحتفل بيوبيل المرأة المصرية ولقد قامت ثورة عام 1919م تحت قيادة سعد زغلول باشا ولعبت المرأة المصرية دورا مهما فيها وقد أتيحت للنساء المصريات الفرص لتحقيق آمالهن وسأقص جانبا من تجربتي الشخصية فقد تم القبض على سعد زغلول باشا ورفاقه ونفيهم إلى جزيرة مالطة في يوم 8 مارس عام 1919م وسافرت إلى القاهرة وتوجهت لمقابلة حرم سعد زغلول باشا وعبرت لها عن تعاون السيدات المصريات بالكامل وبكل إخلاص في الحركة حتى يتم الإفراج عن القادة وحتى تحصل بلادنا على الإستقلال وفي يوم 16 مارس عام 1919م كانت أول مظاهرة نسائية تطالب بالإستقلال وإعترضنا الجنود البريطانيون وأشارت السيدات إلى صدروهن قائلات للجنود إقتلونا وبعد أن أوقفونا ساعة تحت الشمس الحارة سمحوا لنا بالتفرق والعودة إلى بيوتنا وفي اليوم التالي 17 مارس عام 1917م قررنا أن نشكل لجنة تمثل نساء مصر تعمل إلى جانب الوفد وقد إجتمعنا بالكنيسة المرقسية وكان عددنا ثلاثة آلاف إمرأة وتم إنتخاب هدى شعراوي رئيسة وإنتخاب فكرية حسن وإحسان القوصي وإستر فهمي لسكرتارية اللجنة وبدأت أعمالنا بإرسال الإحتجاجات وكتابة المقالات في الصحف اليومية وفي يوم آخر عقدنا إجتماعا سياسيا في أحد المساجد وذلك بعد إعتقال سعد باشا ورفاقه وأرسلنا إلى اللورد اللنبي نوضح ضرورة أن ينقلوا إلى أماكن أكثر راحة وفضلا عن كل ماسبق فقد أسست إستر فهمي جمعية المرأة الجديدة وكانت عضوة في جمعية الشابات المسيحيات مابين عام 1920م وعام 1983م والتي أخذت على عاتقها النهوض بالمرأة والفتاة وتعزيز دورهما بصرف النظر عن عوامل الدين والطبقة الاجتماعية وفي عام 1924م أسست جمعية بإسم العمل من أجل مصر والتي كان من ضمن أهدافها العديدة مساعدة النساء الفقيرات لكي يتمكنوا من الإعتماد على أنفسهن كما عملت من خلالها على تعليم الفتيات التمريض والمهارات المنزلية ونظمت عمليات دفع الكفالات لإطلاق سراح المحبوسين وعلاوة علي ذلك فقد كانت تجمع الأموال فى المواسم والمناسبات وتقوم بتوزيعها في العديد من نواحي الأعمال الخيرية وقد واصلت عملها في هذه الجمعية منذ إنشائها وحتى عام 1926م عندما إنتقلت تبعيتها إلى وزارة الشئون الاجتماعية وعلاوة علي ذلك فقد إستخدمت إستر فهمي قلمها ومعرفتها وإجادتها لثلاث لغات هي العربية والفرنسية والإنجليزية للتعبير عن رفضها للأوضاع القائمة في البلاد ودافعت في سبيل تحقيق هدفين هما التحرر من الإستعمار الأجنبي والتحرر من القيود المفروضة على المرأة وجدير بالذكر أنه في عام 1936م كتبت إليانور روزفلت الزعيمة السياسية الأميريكة والناشطة في مجال الحريات المدنية وقرينة الرئيس الأميريكي حينذاك فرانكلين روزفلت الذى حكم أمريكا من عام 1933م وحتي وفاته في شهر أبريل عام 1945م في إحدى المجلات الأميريكية تعليقا على إستر فهمي أعتقد أن النساء في كل مكان يشعرن بوجود علاقة وطيدة تربطهن بها من حيث الإهتمامات والمثل العليا المشتركة وكانت وفاة هذه المناضلة الكبيرة بمدينة الإسكندرية في يوم 28 أغسطس عام 1990 عن عمر يناهز 95 عاما بعد حياة حافلة بالنضال والكفاح والجهاد والعمل الوطني من أجل حرية وإستقلال مصر . |