السبت , 7 ديسمبر 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

وحيد رأفت .. وسام على صدر طابا

وحيد رأفت .. وسام على صدر طابا
عدد : 05-2021
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
موسوعة كنوز “أم الدنيا”

الدكتور وحيد فكرى رأفت أستاذ قانون دولي مصري ولد في يوم ١٨ مارس عام ١٩٠٦م وحصل على البكالوريا من مدرسة السعيدية الثانوية وكان ترتيبه الأول ثم إلتحق بكلية الحقوق بجامعة فؤاد الأول وهي جامعة القاهرة حاليا وحصل منها علي ليسانس الحقوق عام 1926م وكان ترتيبه ‏الثانى على دفعته وكان من زملاء دفعته الكاتب الصحفى محمد زكى عبدالقادر ثم سافر فى بعثة إلى فرنسا لدراسة القانون العام وحصل على درجة الدكتوراة من جامعة باريس عام 1930م ‏وبعد عودته عمل مدرسا بكلية الحقوق جامعة فؤاد الأول عام ١٩٣٤م وأشرف على ما يزيد على ٣٠ رسالة للدكتوراة وأخذ يتدرج فى وظائف السلك الجامعى حتى وصل إلي درجة أستاذ كرسى القانون بكلية الحقوق ‏جامعة فؤاد الأول عام 1940م وفي عام 1942م إصطدم بالدكتور ‏‏على بدوى عميد كلية الحقوق آنذاك لخشونته فى إدارة الكلية فإستقال وعمل بالقضاء المختلط لفترة قصيرة ثم عمل قاضيا بمحكمة الإسكندرية الإبتدائية وعندما أنشأ الدكتور كامل مرسي مجلس الدولة عمل ‏بقسم التشريع خلال الفترة من عام 1946م حتي عام 1952م ثم عمل مستشارا بوزارتى الخارجية والعدل وقد ظهرت فتواه القانونية فى نزاعات حرب فلسطين عام 1948م وما تلاها من إتفاقيات الهدنة وبعد ثورة يوليو عام 1952م إستقال من المجلس وإفتتح مكتبا للمحاماة وترافع فى قضايا سياسية شهيرة منها قضية جريدة المصرى وترافع عن محمود أبوالفتح أمام محكمة الثورة وفي عام 1964م عمل رئيسا لإدارة الفتوى والتشريع ‏بدولة الكويت ثم مستشارا قانونيا لسمو أمير دولة الكويت حتى عام ١٩٧٢م وفي عام 1980م إختاره المجمع العلمى المصرى عضوا عاملا به وفي عام 1982م تم ترشيحه ليكون العضو المصرى فى هيئة ‏التحكيم بين مصر وإسرائيل حول نزاعهما على حدودهما خاصة فى منطقة طابا تلك القضية التى أعادت طابا إلى أرض الوطن وعندما عاد حزب الوفد الجديد لمزاولة نشاطه في أوائل عام 1984م بعد أن كان قد جمد نشاطه في شهر مايو عام 1978م تم إختياره ليكون نائبا لرئيس الحزب علي الرغم من أنه لم يكن طوال عمره وفديا وليس من أصول وفدية لها تاريخ ولم تكن له ميول حزبية نحو حزب الوفد أو غيره من الأحزاب ولم يكن يعمل بالسياسة بل هو رجل قانون دولى وجاء إنضمامه لحزب الوفد كنوع من الرفض لنظام الحكم العسكرى منذ فترة رئاسة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر لمصر بسبب الإعتقالات والتضييق على الحريات التى شهدتها تلك الفترة ومما يذكر أنه كان هو صاحب أول لائحة لحزب الوفد الجديد بعد عودته للحياة السياسية ومزاولة نشاطه من جديد وهي اللائحة التي تمكنت من الحفاظ على بقائه وتماسكه لسنوات طوال في مواجهة عواصف عاتية عديدة سواء فى مواجهة الإختراق أو لمنع الإنقسام .

وكان من المواقف المشهودة للدكتور وحيد رأفت في الأيام الأولي لقيام حركة ضباط الجيش في شهر يوليو عام 1952م أنه في يوم 29 يوليو عام 1952م أي بعد قيام حركة الجيش بأقل من أسبوع إلتقي البكباشي حينذاك جمال عبد الناصر بالدكتور عبد الرزاق السنهورى باشا رئيس مجلس الدولة وسأله عن حكم الدستور بالنسبة لوراثة العرش بمناسبة تنازل الملك فاروق عنه خاصة أن قادة حركة الجيش كانوا قد أعلنوا أنهم سيحكمون في ظل الدستور فرد السنهوري باشا بأن دستور عام 1923م المعمول به في البلاد ينص علي دعوة مجلس النواب للإنعقاد خلال عشرة أيام من خلو العرش لإعلان ولي العهد ملكا فإن كان ولي العهد قاصرا يتم تكوين مجلس وصاية من ثلاثة أشخاص برئاسة أحد أمراء البيت المالك وفي الفقرة الثانية ينص علي أنه لو كان مجلس النواب منحلا عند خلو العرش يدعي المجلس المنحل للإنعقاد خلال عشرة أيام للقيام بإحدي العمليتين ثم ينفض إجتماعه وجمع السنهوري باشا الجمعية العمومية لمستشاري المجلس وكان عددهم عندئذ 9 أعضاء وصارحهم بأن عبدالناصر لا يريد التعامل مع برلمان الوفد المنحل ويريد منا أن نجد له مخرجا وقال السنهوري باشا إنه يأمل أن يجد المجلس مخرجا لمساعدة ضباط الحركة المباركة كما كانت تسمي عندئذ وأنه يمكن القول بأن الدستور نص علي خلو العرش بوفاة الملك ولكنه جاء خلوا من النص علي خلو العرش بتنازل الملك وبالتالي تكون الحركة المباركة في حل من دعوة برلمان الوفد للإنعقاد وخرجت بالتالي فتوى من الجمعية العمومية للمجلس بأن يتولى مجلس الوزراء السلطة في البلاد وكان الوحيد الذى تصدي لهذا الأمر المخالف للقانون والدستور رجل واحد هو المرحوم المستشار الدكتور وحيد رأفت قائلا إن هذا ضلال تشريعي وأنه كان من غير المقبول أو اللائق أن يتضمن النص الدستورى حالة تنازل الملك عن العرش والعبرة هنا بخلو العرش أيا كان سببه سواء بتنازل الملك عن العرش أو وفاته وأن المجلس بذلك يضع أول حجر في بناء الديكتاتورية وطلب التصويت علي ذلك وإذا بثمانية مستشارين كان علي رأسهم سليمان حافظ وكيل مجلس الدولة حينذاك وكان مناوئا صريحا للوفد ومن ألد أعدائه ينضمون لرأي السنهوري باشا ويقف وحيد رأفت شامخا ووحيدا ليعلن أنه لم يعد له مكان بينهم بسبب هذا الضلال التشريعي وتفصيل الفتاوى القانونية لصالح فريق علي حساب الفريق الآخر وقام بنقديم إستقالته للسنهوري باشا .

وتدور الأيام ويعود السنهوري للوقوف إلي جانب القانون أثناء أزمة مارس عام 1954م وعدم الإستجابة لرغبات عبد الناصر حينذاك فيتم توجيه إحدى المظاهرات إلى مقر مجلس الدولة ظهيرة يوم 29 مارس عام 1954م وهي تهتف بسقوط السنهوري رئيس المجلس وأخذ المتظاهرون ينادونه بالجاهل والخائن وكان قد شاع عنه مساندته للواء محمد نجيب ورغبته في عودة الحياة النيابية رغم قربه طوال العامين التاليين لضباط حركة يوليو ومن جمال عبد الناصر ومده يد العون القانوني لمجلس قيادة الثورة في العديد من المواقف والقرارات التي أصدرها وتوقفت المسيرة خارج بوابة المجلس المغلقة بسلاسل الحديد فدخل أحد الضباط والذى يدعي حسين عرفة إلى مكتب السنهورى وطلب منه الخروج إلى حديقة المبني لمخاطبة المتواجدين بها والتهدئة من روعهم وحينئذ إقتحمت جموع المتظاهرين فناء المجلس وإنقض بعضهم على السنهورى بالسب والضرب وحينئذ فقط فطن السنهورى أخيرا بأن الأمر لم يكن مجرد مظاهرة عادية وقد قال عن ذلك وحينئذ أدركت أن الأمر لم يكن مظاهرة أخاطب فيها المتظاهرين كما إدعى الضابط بل أمر إعتداء مبيت على شخصي وما لبث المتظاهرون أن دفعونى دفعا إلى الحديقة وتوالى الإعتداء علي شخصي ويحكى أن المتظاهرين كادوا أن يفتكوا بالسنهورى في ذلك اليوم لولا أن تلقى الضربة عنه أحد السعاة بمجلس الدولة كما يحكى أن السنهورى لم يتمكن من مغادرة مكان الإعتداء إلا بعد قدوم الصاغ صلاح سالم عضو مجلس قيادة الثورة والذي إصطحبه إلى الخارج وتم نقله إلي أحد المستشفيات وهو وفق إحدى الروايات مدثر بسجادة من مكاتب المجلس ثم كان اليوم التالى للإعتداء حيث أدلى السنهورى بأقواله إلى النيابة العامة من على فراشه بالمستشفى موجها الإتهام صراحة إلى الرئيس عبد الناصر بتدبير الإعتداء عليه يوم 29 من شهر مارس عام 1954م ثم طلب من زوجته عدم السماح له بالدخول عليه في غرفته بالمستشفي عندما قدم لزيارته والإطمئنان عليه وكان الخلاف المشار إليه بين السنهورى والرئيس عبد الناصر هو السبب في حل مجلس الدولة فيما بعد وعمل تصفية من جانب السلطة القائمة وهي الثورة آنذاك لرجال القضاء العاملين بمحرابه ثم إصدار الرئيس عبد الناصر قانون جديد ينظمه وأما المستشار سليمان حافظ وكيل مجلس الدولة والرجل الثاني فيه فقد نال جزاءه هو الآخر عندما إستنكر عزل الرئيس محمد نجيب وإعتقاله في شهر نوفمبر عام 1954م وللحق لم يضرب بالحذاء مثل السنهوري رئيسه وصديقه الصدوق لكن تم إعتقاله من قبل ضباط حركة يوليو عام 1952م وعومل أسوأ معاملة علي الرغم من أنه كان الرجل الذي سخر القانون ووأد الديموقراطية وثبت قوانين وقواعد الديكتاتورية من أجلهم وكان هو من إقترح على الضباط طرد الملك فاروق بعد تنازله عن العرش لإبنه الطفل أحمد فؤاد الثاني وكان هو من صاغ وثيقة التنازل عن العرش وكان هو من أقنع الضباط بضرورة تعطيل دستور عام 1923م المعمول به في البلاد حيث أن العديد من الإجراءات والقوانين التي إقترح سنها وتنفيذها كانت تصطدم بالدستور خاصة بعد تعيينه وزيرا للداخلية في حكومة اللواء محمد نجيب التي تشكلت في شهر سبتمبر عام 1952م خلفا لوزارة علي ماهر باشا مثل قانون تنظيم الأحزاب وقانون حرمان القضاة المعزولين من معاشاتهم وغيرها مما أدى في النهاية إلى تثبيت أركان الحكم العسكرى في البلاد وبذلك وللأسف الشديد كتب الرجلان نهايتهما الغير سعيدة بأيديهما وصدق رسولنا الكريم محمد صلي الله عليه وسلم حينما قال في الحديث الشريف من نصر ظالما سلطه الله عليه .

وبخصوص المعركة الدبلوماسية التي خاضتها مصر من أجل إسترداد طابا وكان من أبطالها الأستاذ الدكتور وحيد رأفت والذى كان من رأيه أن هذه المعركة لابد من حلها بحكم قضائى بات ونهائى من محكمة دولية مختصة وليس عن طريق التراضى والتوافق مع إسرائيل وقد بدأت هذه المعركة في أواخر عام 1981م الذي كان يتم خلاله تنفيذ المرحلة الأخيرة من مراحل الإنسحاب الإسرائيلي من شبه جزيرة سيناء طبقا للمعاهدة المصرية الإسرائيلية الموقعة في شهر مارس عام 1979م حيث سعى الجانب الإسرائيلي إلى إفتعال أزمة تعرقل هذه المرحلة وتمثل ذلك بإثارة مشكلات حول وضع عدد 14 علامة حدودية أهمها العلامة رقم 91 في طابا الأمر الذي أدى إلي إبرام إتفاق في يوم 25 أبريل عام 1982م والخاص بالإجراء المؤقت لحل مسائل الحدود والذي نص على عدم إقامة إسرائيل لأي إنشاءات وحظر ممارسة مظاهر السيادة في المنطقة المتنازع عليها وأن الفصل النهائي في مسائل وضع علامات الحدود المختلف عليها يجب أن يتم وفقا لأحكام المادة السابعة من معاهدة السلام المبرمة بين البلدين والتي تنص على حل الخلافات بشأن تطبيق أو تفسير المعاهدة عن طريق المفاوضات وأنه إذا لم يتيسر حل هذه الخلافات بالمفاوضات فتحل عن طريق التوفيق أو تحال إلى التحكيم الدولي وبعد 3 أشهر من هذا الإتفاق لجأت إسرائيل إلي فرض سياسة الأمر الواقع وقامت بإفتتاح فندق سونستا وقرية سياحية وأدخلت قوات حرس الحدود في المنطقة المتنازع عليها فقامت الحكومة المصرية بالرد عن طريق تشكيل اللجنة القومية للدفاع عن طابا أو اللجنة القومية العليا لطابا وذلك بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 641 الصادر في يوم 13 مايو عام 1985م بتشكيل اللجنة القومية لإسترداد طابا برئاسة الدكتور عصمت عبد المجيد وزير الخارجية حينها وعضوية عدد 24 خبير منهم عدد 9 من خبراء القانون وعدد 2 من علماء الجغرافيا والتاريخ وعدد 5 من كبار الدبلوماسيين بوزارة الخارجية وعدد 8 من العسكريين وخبراء المساحة العسكرية وضم تشكيل هذه اللجنة التي ستخوض المعركة الدبلوماسية الشرسة بين الجانبين المصرى والإسرائيلي والتي سجلها التاريخ بحروف من نور الدكتور وحيد رأفت نائب رئيس حزب الوفد والخبير في القانون الدولي والدكتور مفيد شهاب والباحث والمحقق التاريخي الدكتور يونان لبيب رزق الله الذي قدم خرائط ووثائق قديمة تثبت مصرية طابا منها خطاب أرسله جندي إنجليزي لزوجته أثناء الحرب العالمية الأولى يحدثها فيه أنه يتكلم من مصر عند نقطة طابا الحدودية كما ضم الفريق أيضا كل من الدكتور نبيل العربي كمساعد في إتمام الإجراءات وأوراق القضية واللواء عبد الفتاح محسن مدير المساحة العسكرية الأسبق وقائد عمليات القوات المسلحة المصرية في حرب اليمن وحامد سلطان أستاذ القانون الدولي بجامعة القاهرة ومن وزارة الخارجية السفير إبراهيم يسرى والسفير أحمد ماهر والسفيرة فايزة أبو النجا وآخرين وفي نفس الوقت تشكلت بوزارة الخارجية المصرية لجنة لإعداد مشارطة التحكيم وعقب قرار مجلس الوزراء الإسرائيلي بالموافقة على التحكيم تم توقيع إتفاقية المشارطة بمشاركة شمعون بيريز في يوم 11 سبتمبر عام 1986م والتي قبلتها إسرائيل بضغط من الولايات المتحدة وهدفت مصر من تلك المشارطة إلى إلزام الجانب الإسرائيلي بالتحكيم وفقا لجدول زمني محدد بدقة وحصر مهمة هيئة التحكيم في تثبيت مواقع العلامة رقم 14 المتنازع عليها .

وإستعانت لجنة الدفاع المصرية بالدكتور دريك باوت فى مقابل إستعانة إسرائيل بالدكتور لوتر باخت وكلاهما أستاذ فى القانون الدولى وذو خبرة دولية فى هذا النوع من المنازعات وضمت هيئة التحكيم الدولية عدد 5 أعضاء وهم الدكتور حامد سلطان عن الجانب المصرى وعن إسرائيل روث لابيدوت وكان الثلاثة الآخرين بيليه رئيس محكمة النقض الفرنسية السابق وشندلر أستاذ القانون الدولى بسويسرا ولاجرجرين رئيس محكمة ستوكهولم وكانت أول جلسة للمحكمة في شهر ديسمبر عام 1986م ثم تلقت المحكمة المذكرات المضادة والردود من الطرفين في شهر أكتوبر عام 1987م وتم الاتفاق علي تقديم مذكرة ختامية في شهر يناير عام 1988م إضافة إلى جولتين من المرافعات الشفهية في شهرى مارس وأبريل من نفس العام وإستمرت المرافعات لمدة 3 أسابيع وكان أداء فريق التفاوض المصرى الذى ضم هؤلاء الخبراء المتميزين علي أعلي مستوى وأثبت بالوثائق على أحقية مصر فى السيادة على طابا وكانت جلسات التحكيم التي تتم تحت مظلة هيئة التحكيم الدولية المشار إليها في جنيف تحظى بإهتمام شعبي مصري غير مسبوق فقد لجأت الدولة حينها لأول مرة تقريبا وبإهتمام شديد إلى التحكيم الدولي بدلا من الحرب والدمار للحصول على حقوقها المشروعة وكان نهجا جديدا سارت عليه الدولة فيما بعد في قضايا مختلفة وهو ما جعل مصر تحظى بسمعة الدولة التي تسعى لحقوقها بكافة الوسائل القانونية وإستنزاف كل الوسائل السلمية المتاحة للحصول على ممتلكاتها وهو ماساعد الإقتصاد المصري على الإنتعاش والتحرك فيما بعد وتمكنت الأنشطة السياحية بعدها من الحصول على دفعة قوية لسنوات طوال وأخيرا وبعد جلسات ماراثونية إستمرت لمدة عام وأربعة أشهر من المرافعات وتقديم المستندات الدالة على مصرية طابا إنتهي الأمر بأن أصدرت هيئة التحكيم الدولية حكمها التاريخى فى جلسة علنية فى مدينة جنيف بحضور وكيلى الحكومتين المصرية والإسرائيلية وأعضاء هيئة الدفاع لكل من الجانبين بإعلان عودة طابا إلى مصر بأغلبية 4 أصوات وكان الإعتراض الوحيد من الجانب الإسرائيلي ووقع الحكم في 230 صفحة وكان ذلك في يوم 29 سبتمبر عام 1988م داخل قاعة المجلس الكبير بالمقر الرسمي لحكومة مقاطعة جنيف ومن ثم إضطرت ورضخت إسرائيل رغم محاولات المراوغة المعهودة من جانبها لتنفيذ الحكم حتى لا تتعرض لهجوم دولى إذا ما تم تصنيفها بإعتبارها دولة خارجة عن إطار الشرعية الدولية وقامت بتسليم طابا ومنشآتها إلى مصر وبذلك إنسحب آخر جندى صهيونى من طابا وبلغت الملحمة ذروتها برفع العلم المصرى على طابا يوم 19 مارس عام 1989م في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك وقد قدم دكتور وحيد رأفت في بداية عمل هذا الفريق مذكرة قانونية للدفاع عن حق مصر في طابا ولكن تم رفض مناقشتها فإعترض علي هذا النهج ورشح الأستاذ الدكتور حامد سلطان عميد أساتذة القانون الدولي في العالم العربي ليكون رئيسا لفريق التفاوض بدلا منه إلا أن الدكتور وحيد رأفت قد إستمر في المشاركة في اللجنة القومية والإسهام بإقتدار عظيم في مداولاتها وسافر الي مدينة جنيف بسويسرا حيث مقر المحكمة الدولية مرة واحدة في شهر أكتوبر عام 1986م لحضور إجتماع تسمية رئيس المحكمة الدولية التي سيتم تداول قضية طابا أمامها وبعد ذلك رحل الدكتور وحيد عن عالمنا في يوم 12 من شهر مايو عام 1987م عن عمر يناهز 81 عاما تاركا سيرة ناصعة البياض وأعمالا جليلة كفيلة بتخليد إسمه علي مر الزمان وبالتالي لم تسنح له الفرصة للمشاركة في مرحلة التفاوض النهائية على إسترداد طابا وشاءت الأقدار ألا يرى الرجل ثمار ما بذله من جهد في سبيل إسترداد قطعة غالية من أرض مصر ولا يسعنا هنا إلا أن نقدم تحية إجلال وتقدير إلى الذين مازالوا على قيد الحياة من أعضاء لجنة إسترداد طابا أطال الله فى أعمارهم وأن نقول سلاما لأرواح من رحل منهم وتحيا ذكرى نضالهم وكفاحهم دفاعا عن حق مصر وإنتزاعه من أيدى مغتصبيه .

وفي النهاية لابد لنا من أن نقول كلمة حق عن الأستاذ الدكتور وحيد رأفت وهي أنه عاش حياته لا يحب إسترضاء الحاكم ولا يجامل فى الحق مخلوقا وقد تعرض للإعتقال في سجن القلعة خلال عام 1957م في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر لكتابته مقال عن التوغل السوفيتى فى مصر وطالب عدة مرات بالتعديل الدستورى فى موضوع التعددية الحزبية وطالب بأن يكون إختيار رئيس الجمهورية بالإقتراع الشعبى العام أسوة بالدستور الفرنسى وكان له موقف فى قضية سليمان خاطر ونظرا للمكانة العلمية في مجال القانون الدولي للدكتور وحيد رأفت فقد تم إختياره عضوا في العديد من المؤسسات القانونية منها مجلس إدارة الجمعية المصرية للقانون الدولى ومجلس إدارة جمعية أنصار حقوق الإنسان بالقاهرة والجمعية المصرية للأمم المتحدة وفضلا عن ذلك فقد نال العديد من الأوسمة والنياشين منها وسام الرافدين العراقى عام 1951م ووسام أمية السورى في نفس العام 1951م ووسام العلوم والفنون من الدرجة الأولى عام 1980م وجائزة الدولة التقديرية في العلوم الإجتماعية من المجلس الأعلى للثقافة عام 1984م كما كانت له العديد من المؤلفات منها قضية السلام الدولى وهي رسالة دكتوراة باللغة الفرنسية ونشرت بالقاهرة عام 1930م ومبادئ القانون الدستورى بالإشتراك مع المرحوم الدكتور وايت إبراهيم ونشر بالقاهرة عام 1937م ومبادئ القانون الإدارى ونشر بالقاهرة عام 1938م ورقابة القضاء لأعمال الدولة ونشر بالقاهرة عام 1942م وإتحاد الإمارات العربية المتحدة وهي دراسة وثائقية ونشرت بالقاهرة عام 1971م والعالم العربى والإستراتيجية السوفيتية المعاصرة ونشر بالإسكندرية عام 1976م وفصول من ثورة 23 يوليو 1952م ونشر بالقاهرة عام 1978م ودراسة في بعض القوانين المنظمة للحريات ونشر بالإسكندرية عام 1981م ومشكلة طابا بين مصر وإسرائيل باللغة الإنجليزية ونشر بالقاهرة عام 1982م هذا بالإضافة إلى العديد من المقالات باللغة العربية وباللغة الفرنسية .