بقلم الدكتور/ عادل عامر
ان وجود الاتفاقيات الأمنية وغيرها من اتفاقيات التعاون المشترك سواء الثنائية او الجماعية تعتبر إحدى الآليات لحماية اقتصاديات الدول الموقعة والتي تساعد على السيطرة والتحكم في القنوات السلبية التي قد تنخر في اقتصاديات الدول.
أن استقرار السياسات الداخلية والخارجية للدول شرط أساسي لا يمكن بدونه تنمية الاقتصاد. ان تمتع المملكة بعلاقات ودية وحسن جوار وتعاون مشترك يزيد من جاذبية الاقتصاد المصري امام المستثمر العالمي.
مفهوم الامن الاقتصادي والذي ذكر انه كثيرا ما يرتبط المفهوم لدى البعض بتلك العوامل المرتبطة بمدلول الامن المتعارف عليه اي الحماية من الاساليب والافعال التي تصيب النظام الاقتصادي كالسرقة والغش والتزوير والاختلاس إلخ وهو مفهوم سطحي في كل الاحوال وفي هذا الزمن المعقد بصفة خاصة،
لان الأمن الاقتصادي يقوم على مفردتين متلازمتين هما الامن والاقتصاد وهو بهذا يتعدى ما تفرضه المفاهيم البسيطة حول طبيعة الموضوع، لذا نرى أن النهضة الاقتصادية في الدول الصناعية لم تقم فقط نتيجة للتقدم العلمي والتقني فقط ولكن على ارضية نظامية مؤسساتية متعددة الاتجاهات تمثل في مجلمها القاعدة التي سمحت للجهود العملية والمادية والمالية والسياسية مجتمعة بتحقيق التقدم الاقتصادي.
هذه الاسس التنظيمية شكلت الاطار الوقائي والتحفيزي للنشاطات الاقتصادية لكي تعمل بأمان في ظل انظمة سياسية اقتصادية اجتماعية متفقة في وجوب احترام اعتبارات الامن الاقتصادي باعتباره عنوان حياة الشعوب.
هذا هو البعد الاول لموضوع اليوم، اما البعد الاخر فهو يقوم على استعراض اهمية وجود استراتيجية او استراتيجيات اقتصادية وطنية تأخذ بعين الاعتبار البعد الامني الشامل عند صياغة كلياتها وجزئياتها، إذ إن البعد الامني لأي بلد لايعتمد علي تلك الاجراءات التي تحول دون وقوع السلوكيات الخاطئة في بنية النظام كالسرقة والغش والتدليس والتزوير والاحتيال والرشوة وكل اوجه الفساد الوظيفي والسلوكي او تعاملاته
بل يتعداه الى مفهوم البنية ذاتها لان الاقتصاد يتكون من مجموعة من العناصر المتكاملة كالثروات والموارد الطبيعية ورأس المال والادارة والانظمة والسياسات والانسان نفسه لهذا فإن تحقيق الامن الاقتصادي لا يتحقق الا بوجود استراتيجيات وخطط وسياسات تستند على الالتزام بعوامل الامن الوطني العام. وتقوم الفكرة على افتراض توفر الامن السياسي والاجتماعي بصفة عامة اي وجود حالة من الاستقرار السياسي والامن الاجتماعي ومدى فعالية المؤسسات الامنية ومتانة وشمولية الانظمة وقدرتها على الاستجابة لمتطلبات التطورات والتغيير في البنية السلوكية للمجتمع وهو امر يتوفر في بلادنا ولله الحمد، اذ لولا الاستقرار السياسي المتين للنظام على مر العقود الاخيرة في القرن العشرين الذي شهد زعزعات سياسية جذرية في كثير من الدول المماثلة والمجاورة لما تمكنا من تحقيق هذا المستوى من التقدم الاقتصادي.
ولعل من المفيد ان نتذكر ان كثيرا من الدول العربية وامثالها من الدول النامية التي تملك مقومات التنمية كالثروات الطبيعية والبشرية بدرجة تفوق ما نملكه ظلت متخلفة اقتصاديا واجتماعياً بسبب القلاقل والتقلبات السياسية المتلاحقة التي أقل ما تؤدي إليه هو اهدار طاقات وامكانيات مجتمعاتها وتفتيت قدراتها على استخدام ما لديها.
إذا ما عدنا الى الموضوع فان الثروات الطبيعية كالبترول ومشتقاته والماء والانسان مثلاً تمثل قاعدة الاقتصاد الاساسية وبهذا فان توظيفها الكلي والنوعي لابد أن يأخذ في صلب بنائية العامل الامني أي ضمان استمرار توفره ليس فقط لضمان استمرارية الاقتصاد ونموه في اطار زمني محدد ولكن بصفة دائمة، لان الموارد والثروات الطبيعية ليست ملكاً لجيل دون جيل بل هي ملك للوطن ولمستقبل اجياله..
هذه حقيقة جوهرية اعتبرها قاعدة كل مفاهيم الامن الاقتصادي ومن ثم فان من الخطأ من وجهة النظر الامنية استنزاف هذه الموارد انطلاقا من حاجة الاقتصاد المرحلية او ظروف العرض والطلب السوقي، واذا كانت هذه الثروات البترولية والمعدنية الاخرى تبدو لنا اكثر وضوحا في اهمية اعتماد استخدامها على سياسات بعيدة النظر تمنع استهلاكها على حساب الاجيال القادمة فان الماء يأتي ربما اكثر حيوية لحياتنا فنحن بلاد صحراوية لا أنهار أو بحيرات فيها واعتمادنا على مصدرين : المياه الجوفية المحدودة جدا وتحلية مياه البحر وهي عملية مكلفة وتعتمد هي الاخرى على الطاقة المكلفة.
إن الأمن المائي يتطلب سياسات جادة تطول جانبي المشكلة الأولى: التنمية والمحافظة علي الموارد الشحيحة إذ لابد أن نمتلك معرفة علمية دقيقة بواقع المياه الجوفية من خلال دراسات وابحاث علمية متقدمة تكشف لنا الحقيقة وتكون معلومة ليس فقط للاجهزة المعنية ولكن للناس جميعاً،
وكذلك متابعة البحوث التي تجرى في اماكن كثيرة من العالم حول استحداث وسائل جديدة لاستخدام مياه البحر لاغراض الزراعة بتكاليف متواضعة مقارنة بتكاليف مشاريع تحلية المياه المالحة الحالية، اضافة إلى الأخذ بكل ما هو متاح لزيادة موجودنا المائي بالاستمطار بإذن الله. أما البعد الثاني فيتعلق بجانب الاستخدام العشوائي لمصادرنا المائية المحدودة في المجالات الزراعية والصناعية والبشرية
ففي مجال الزراعة تقتضي مصلحة الامن الغذائي والمائي اتباع سياسة تقوم علي تحديد أولويات الانتاج الاكثر حيوية في كل الظروف اذ لا نستطيع انتاج كل شيء والاحتفاظ بكل شيء بل ان فرص الاستيراد الآمنة والرخيصة لكثير من المنتجات الزراعية يجعل من المصلحة ضمن اطار حساب التكاليف والعائد أن الاستيراد هو الافضل لان المقارنات الحالية تقوم علي حسابات مغلوطة لا تضيف قيمة لكميات المياه الاستراتيجية المستنفذة.
وفي مجال الاستهلاك الصناعي والانساني يمكن اصدار تشريع ملزم لتحقيق اعادة الاستخدام بشكل افضل من الانظمة الحالية التي تهدر الثروة المائية وتفسد البيئة الصحية للبلاد كذلك لابد من تذكير المواطن في اي موقع كان ان ما يحصل من اسراف يومي في المياه في المنزل والمصنع والدائرة هو عمل عبثي مدمر،
وهو ردة فعل لتجربة حياتية قاسية لمجتمع كان يحصل على الماء القليل من الآبار السطحية والامطار القليلة وانه اذا لم يتعامل مع المياه بجدية ووعي سوف يعود لنظام حياته السابقة وهو غير مهيأ أو قادر علي ذلك بحكم تطور سلوكه المعيشي. ولنتذكر ان الشعوب التي تعيش بين الانهار والبحيرات المائية تعتمد سياسات وانظمة هدفها منع سوء الاستخدام للمياه رغم كثرتها لانها تعرف مدى حيويتها.
والأمن الاقتصادي يحتاج إلى مظلة نظامية حديثة قوية تأخذ في أولوياتها مقتضيات الأمن الاقتصادي في اطار التحولات الدولية الاقتصادية والتقنية الجارفة التي لابد من مواجهتها بتشريعات ومؤسسات مؤهلة للتعامل مع معطياتها وما قد يحدثه من خلل في الأمن الاقتصادي .. أنظمة قضائية وجزائية ورقابية متطورة تقوم علي حماية النظام الاقتصادي الاجتماعي من كل أوجه الانحرافات او الضعف او الاستخدام السلبي للتقنيات والعلاقات الاقتصادية الحديثة، انظمة تحقق الحماية الوقائية والحماية التنفيذية.
يبقى ضمن المنظور العام للأمن الاقتصادي البعد الانساني اذ ان على درجة وعي المواطن في موقع العمل في مجال الامن يتوقف تحقيق الغاية. هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن الأمن الاقتصادي لأي مجتمع يرتبط بمدى المستوى التعليمي والمهني للمجتمع ذاته إذ ان الملاحظ ان الدول المتقدمة لا تتمتع بكل الثروات والموارد الطبيعية التي تؤهلها للتقدم والمحافظة على امنها الاقتصادي وانما اعتمادها على الانسان المؤهل للانتاج في كل الظروف،
وفي المقابل هناك شعوب غنية بمصادرها الاقتصادية ولكنها تعيش حالة تخلف اقتصادي بسبب ضعف دور الانسان فيها وتخلفه وعدم قدرته على الاستغلال الامثل للموارد المادية والبشرية المتاحة لهذا فإن من أهم الضمانات لحماية البنية الاقتصادية من الانتكاسات وتحقيق الانتعاش اعداد الانسان المنتج القادر على العطاء والتعامل مع كل الظروف والتطورات الحياتية المتشعبة.
وهناك البعد الاجتماعي الذي يفترض وجود حالة من الرضا عن الواقع الاقتصادي والمعيشي لكل فئات المجتمع ليس الرضا الذي ينتج الخمول والوقوف حيث وصلت قافلة النمو وانما الرضا بعدالة الواقع، أي حالة توازن اجتماعية داخل النظام، لان عدم توفر القناعة العامة او عدم استفادة البعض من معطيات النظام الاقتصادي كوجود البطالة او الفقر لدى فئات او شرائح اجتماعية يؤسس لظهور حالات لا تخدم الامن والاستقرار الاقتصادي بل وحتى السياسي في المجتمع
ولعل ابسط ما تنتج عنها الانحرافات والجنح والجرائم الاقتصادية والجنائية وهي مؤشرات لظواهر قد تكون اوسع اذا ما اتسعت دائرة الحرمان لدى تلك الفئات الاجتماعية، فالترابط بين الامن الاقتصادي والامن العام ترابط اساسي لا يجوز التهاون في تقدير مداه ومن المعروف ما ينتج عن الخلل الاقتصادي والاجتماعي من سلبيات لعل من مظاهرها ظاهرة المخدرات التي تنخر في الجسم والعقل والمدخرات وتستنزف الاموال وتهدرها وهو بعد امني اجتماعي اقتصادي فتعاطي المخدرات انسان غير منتج اي انه يمثل اهداراً لطاقة انتاجية اساسية وهو عبء اقتصادي على المجتمع وهو مؤهل لارتكاب الجريمة بكل تكاليفها الانسانية والمالية،
لذلك أرى بان تعاطي المخدرات يمثل ثغرة اقتصادية اضافة الى مساوئها الاخرى المعروفة .. والمجتمع المتوازن اقتصادياً يكون اكثر تأهيلاً لتقدير قيمة الحياة والعمل ومن ثم اقل خطراً علي المجتمع بصفة عامة والاقتصاد بصفة خاصة .. لذا لابد من العمل على تلافي الظروف المعاشية التي تسمح بنشوء الظاهرة وتفاقمها.
بقي البعد الاكثر ملاصقة للفظ الامن الاقتصادي وهي امن المنشآت وامن المعلومات وامن الاموال وهو موضوع شيق ومثير ولكنني فضلت الحديث عن اسس الامن الاقتصادي قبل الحديث عن العمليات والافعال والسلوكيات ذات البعد الامني.
أولاً : يحتاج الأمن الاقتصادي إلى وجود انظمة ومؤسسات امنية متطورة قادرة على مواكبة المتغيرات في الممارسات السلبية المؤثرة على الامن الاقتصادي وان كنت ادرك بحكم خبرتي ومتابعتي ان المؤسسات الأمنية بالدولة مؤهلة لأداء مسئولياتها وتعتمد على خطط تحديثية تمكنها من التعامل مع كل التطورات في شكل واسلوب الجريمة الاقتصادية.
ثانياً : كما يحتاج إلى وجود المؤسسات القضائية المتخصصة والمتناغمة على التعامل مع المتغيرات السلوكية والتقنية المؤثرة على الأمن الاقتصادي ووضوحها وإعلانها ليتمكن الناس من خلال معرفتهم من التعامل المالي والاقتصادي انطلاقاً من وضوح الحدود التي تحكم التعامل لابد من نظام قضائي ورقابي خال من الازدواجية التي تسمح للقوى المنحرفة والانتهازية من استغلاله علي حساب مصالح الافراد والمؤسسات الاقتصادية والمجتمع.
ثالثاً: لأن الفساد المالي والاداري سرطان ينخر في جسم البنية الاقتصادية اضافة الى مساوئه الاخرى، ولأنه واقع في كل المجتمعات والانظمة بدرجات متفاوتة فإن تأثيره على الوظائف الاقتصادية المختلفة تأثير كبير فهو يهدر الاموال والموارد في غير مجالها ويفسد النفوس والاخلاق، ويضعف النظام الاقتصادي والمالي والتنموي بصفة عامة ويخل بتوازن عدالة الخدمات ويتسبب في حدوث الغش التجاري والغش في المنشآت والخدمات، ولان الفساد الاقتصادي والسلوكي بصفة عامة يأخذ اشكالا وألواناً متعددة فإنه يظل في سباق مع كل وسائل واجراءات الوقاية والحماية بل يتفوق عليها في كثير من الاحيان.
والوقاية من الفساد الاقتصادي لايمكن ان تتم بواسطة اجهزة الدولة وحدها لان كثيرا من انماطه ينشأ ويترعرع في كنف المؤسسات الاقتصادية الخاصة في تعاملاتها مع بعضها او في تعاملاتها مع الدولة.
رابعاً: من الأخطار الداهمة لاقتصاديات الدول الجريمة المنظمة التي تجمع بين التنظيم والعنف وتعمل على استغلال الاقتصاد وافساده، والمملكة ولله الحمد خالية الآن من كل اصنافها والكلمة لم تعد وقفا على مفهوم المافيا الدولية العريقة في ايطاليا وامريكا وروسيا وغيرها التي تعمل من خلال التنظيمات السرية المعقدة على استغلال اقتصاديات الشعوب وتحقيق الارباح الطائلة من وراء ممارسة السيطرة والغش التجاري في الاسواق العادية وتتاجر بالمخدرات والدعارة وكل مصادر الدخل المرتبطة بالغرائر البشرية المنحرفة وتتحكم بالقرارات السياسية والقضائية والادارية في بعض الدول فقد ظهرت انماط كثيرة للجريمة المنظمة الحديثة التي وجدت في تطور تقنية المعلومات والتقنية بصفة عامة ضالتها وكلنا يسمع بما يتعارف عليه دولياً باسم المافيا الصينية ذات النشاط المرتبط بتقنية الانظمة المالية والمصرفية كبطاقات الائتمان وغيرها. وكلنا يعلم بتعدد المنظمات الصغيرة المتخصصة بتزوير العملة النقدية للدول بشكل يفوق قدرة المراقب العادي على اكتشافها
واذا كان المجال لايسمح لي بذكر كل انواع الجرائم المنظمة فيكفي ان اشير الى ان مجرد اتقان شخصين او اكثر على ترتيب عمل ما غايته تحقيق المكاسب غير الشرعية هو جريمة منظمة ومن هنا يمكن لنا ان نتصور حجم المشكلة وابعادها. كما ان العلاقات الاقتصادية والتداولية العامة بين الدول والشعوب والانظمة الاقتصادية في ظل الاتفاقات والعلاقات الجديدة من حرية العمل وممارسة النشاطات الاقتصادية في الدول الاخرى سيؤدي حتماً الي اضعاف سيادة التنظيمات والقوانين المحلية وبالتالي الى انتقال كفاءات دولية منظمة ذات مهارات كبيرة وتقنية عالية مقابل اوضاع محلية اقل قدرة على استيعاب مقتضيات الواقع الجديد،
وهذا سوف يفتح المجال لتسرب اشكال مختلفة من السلوكيات الاجتماعية والاقتصادية ونشوء اشكال جديدة مهجنة تساعد على اتساع دائرة الجريمة المنظمة بأي نوع فيها حسب الظروف الموضوعية لكل دولة او حالة احتمالية ..
وأنا هنا لا أدعو مطلقاً إلى التردد في الارتباط بما تمليه علينا مصلحتنا الوطنية وشروط التطور خشية من انتشار الجريمة المنظمة، ولكنني ألفت النظر الى ان العولمة كالسيل الجارف يحمل معه الماء المفيد الضروري وكثيراً من الشوائب القيمية والسلوكية التي تحتاج الى تعامل خاص ومنهج خاص يسمحان لنا بفرزها وعزل الضار منها وحماية تربة القيم من آثارها السلبية، وهذا لن يأتي إلاّ بوجود انظمة وتنظيمات محلية قادرة على التخاطب بلغة العصر الجديد وعلى التعاطي مع مخرجات الواقع الدولي بديناميكية الاداء ووعي الواقع من مؤهلاته الذاتية.
خامساً : وهناك ما اصطلح على تسميته بغسل الاموال، وهو مرتبط من جهة بالجريمة الدولية المنظمة ولكنه من جهة اخرى يعمل من خلال افراد ومؤسسات تجارية ومالية نظامية باعتبارها المحطة الاخيرة التي من خلالها يتم جعل الاموال الناتجة عن تجارة المخدرات والرشوة والجريمة المنظمة اموالاً نظامية ..
وقضية غسل الاموال قضية شائكة ومعقدة وتنفق الدول الصناعية الكبرى امولاً طائلة وجهوداً مضنية لمحاصرتها والحد منها ان لم يكن للقضاء عليها. سادساً: نظراً لتطور انظمة المعلومات بشكل سريع ومربك في كثير من الاحيان فان موضوع امن المعلومات يعتبر من العناصر الحيوية للامن الاقتصادي
بعد ان اصبح التعامل بكل فئاته ودرجاته يتم في اغلب الاحوال بواسطة انظمة آلية تزدحم بها الاسواق وتتطور بشكل سريع ومذهل، وهذه الانظمة اذا ما كانت على درجة عالية من العلمية والدقة واذا ما صاحبها وعي معرفي من قبل جميع المتعاملين بها فانها سوف تحد من قضايا التزوير والتدليس والاخطار المدمرة للمنشآت المالية بصفة خاصة والاقتصادية بصفة عامة، وسوف تمكن المؤسسات من اداء عملها بشكل سليم لا يسمح باستغلاله او اختراقه من قبل بعض العناصر بالنسبة للمنافسين في بعض الاحوال.
سابعاً: والأمن الاقتصادي يقتضي قيام جميع المنشآت الاقتصادية والصناعية والتجارية والمالية باعتماد انظمة الامن والسلامة وعدم ترك المسألة على عاتق اجهزة الامن اذ ان المفترض ان تقام المنشآت على أسس متينة تمنع الاختراق والاحتراق ونحن نعرف كم نتج عن اهمال الجوانب الامنية في المنشآت من خسائر جسيمه تتعدى آثارها الحالة الخاصة إلى الاقتصاد الوطني.
أن التحولات الحديثة في اتجاه بروز دور أكبر للقطاعات الأهلية الاقتصادية وسياسات الخصخصة على حساب الدور التقليدي للحكومات مصحوبة بتبعات ومخرجات النظام العالمي الجديد وثورة المعلومات والتقنية التي ستلقي باعباء نوعية جديدة في مجال الامن الاقتصادي جميعها تستوجب التنبه بشكل غير تقليدي لكل جوانب الموضوع وصولاً إلى خلق حالة من التحصين ضد الفيروسات الأمنية الحديثة والمتجددة وهي مسؤولية مشتركة للأجهزة الحكومية وللقطاعات الأهلية على حد سواء. |