الأحد, 15 ديسمبر 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

شارع إبن بطوطة

شارع إبن بطوطة
عدد : 06-2021
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
موسوعة كنوز “أم الدنيا”


يقع شارع إبن بطوطة في منطقة الهرم بمحافظة الجيزة متفرعا من شارع الهرم الرئيسي بالقرب من ميدان مدكور وينسب هذا الشارع لمحمد بن عبد الله بن محمد اللواتي الطنجي المعروف بإبن بطوطة والذى ولد في أوائل القرن الرابع عشر الميلادى وتحديدا في يوم 24 من شهر فبراير عام 1304م وكان رحالة ومؤرخ وقاض من قبيلة لواتة وتلقبه جامعة كامبريدج البريطانية في كتبها وأطالسها بـأمير الرحالة المسلمين الوطنيين حيث خرج من طنجة في عام 1325م فطاف بلاد المغرب ومصر والحبشة والشام والحجاز وتهامة ونجد والعراق وبلاد فارس واليمن وعمان والبحرين وتركستان وما وراء النهر وبعض الهند والصين وبلاد التتار وأواسط أفريقيا وإتصل بكثير من الملوك والأمراء فمدحهم وكان ينظم الشعر وإستعان بهباتهم على أسفاره وإستغرقت رحلته 27 عاما أي حتي عام 1352م أما عن لقبه إبن بطوطة فقد إكتسبه من إسم والدته وكان إسمها فطومة ولكنه حرف إلي بطوطة فصار يعرف بإسم إبن بطوطة وتعارف أكثر الناس علي هذا الإسم وهو يعد من أهم الرحالة حيث قطع أكثر من 75 ألف ميل أى ما يوازى 121 ألف كيلو متر وهي مسافة لم يقطعها أي رحالة منفرد حتى ظهور عصر النقل البخاري بعد حوالي 450 سنة .

وفي بداية رحلته الطويلة والتي بدأت من مدينة طنجة وكان قاصدا مكة المكرمة لأداء فريضة الحج والتي إستغرقت حوالي 16 شهرا مر إبن بطوطة في أراضي دول الجزائر وتونس وليبيا المعاصرة حيث مر بتلمسان وبجاية وصفاقص وأخيرا وبعد أن قطع حوالي 3500 كيلو متر وصل إلي مدينة الإسكندرية وأقام بها عدة أسابيع وزار الكثير من معالمها ومنها إتجه إلي العاصمة القاهرة وكانت مصر حينذاك تحت حكم دولة المماليك وبعد قضاء ما يقارب الشهر في القاهرة إختار أن يسير متوجها إلي مكة المكرمة للحج من الطريق الأقرب له من بين ثلاثة طرق معتادة في الأراضي الخاضعة لحماية المماليك للوصول إلى مكة المكرمة وهو الطريق الذى يأخذ مسار نهر النيل جنوبا حيث صعيد مصر ثم الإتجاه شرقا نحو ميناء عيذاب علي ساحل البحر الأحمر والذى كان يقع قرب مدينة مرسي علم الحديثة من أجل التوجه بحرا إلي ميناء جدة السعودى ولكن عندما شارف على الوصول أجبرته ثورة محلية في البلاد على الرجوع إلى القاهرة وقام برحلة ثانية إلي دمشق وكانت تحت حكم المماليك أيضا وكانت السلطات المملوكية حريصة كل الحرص علي تأمين مسار حجاج بلاد الشام إلي المدينة المنورة ومكة المكرمة بسبب وجود العديد من الأماكن المقدسة علي طول هذا الطريق في الخليل والقدس وبيت لحم وبعد أن أمضى إبن بطوطة شهر رمضان في دمشق إنضم إلى القافلة المسافرة إلى الجنوب حيث المدينة المنورة علي بعد حوالي 1500 كيلو متر حيث زار مسجد وقبر النبي محمد صلى الله عليه وسلم وبعد أربعة أيام قضتها القافلة في المدينة المنورة واصلت سيرها إلي مكة المكرمة حيث أدى إبن بطوطة فريضة الحج وبدلا من أن يعود إلى دياره قرر الإستمرار في رحلاته ولم يعد إلي بلاده ويستقر بها إلا بعد حوالي ربع قرن من الزمان وكان مما سجله عن رحلته إلي مكة المكرمة ما نصه من طنجة مسقط رأسي يوم الخميس 2 رجب عام 725 هجرية / 13 يونيو عام 1325م معتمدا حج بيت الله الحرام وزيارة قبر الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام منفردا عن رفيق آنس بصحبته وراكب أكون في جملته لباعث على النفس شديد العزائم وشوق إلى تلك المعاهد الشريفة كامن في الحيازم فحزمت أمري على هجر الأحباب من الإناث والذكور وفارقت وطني مفارقة الطيور للوكور وكان والداي بقيد الحياة فتحملت لبعدهما وصبا ولقيت كما لقيا نصبا .

وبعد إقامة إبن بطوطة في مكة المكرمة مدة شهر تقريبا بعد أداء الحج وفي يوم 17 نوفمبر عام 1326م إنضم إبن بطوطة إلى قافلة كبيرة من الحجاج العائدين إلى العراق عبر شبه الجزيرة العربية حيث إتجهت المجموعة شمالا إلى المدينة المنورة ومن ثم توجهوا شرقا ومروا علي شمال شرق هضبة نجد ثم إلى مدينة النجف في رحلة دامت نحو أسبوعين وفي النجف قام إبن بطوطة بزيارة ضريح علي بن أبي طالب الخليفة الرابع وزوج إبنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ثم بدلا من أن يستمر في السفر مع القافلة إلى بغداد حل ضيفا على حاكم الموصل بشمال العراق وبدأ إبن بطوطة بعد ذلك رحلة الستة أشهر حيث توجه إلي بلاد فارس حيث سافر من النجف إلى واسط ثم توجه جنوبا مع مسار نهر دجلة إلى مدينة البصرة وكانت وجهته التالية مدينة أصفهان عبر جبال زاجروس في إيران حاليا وتوجه بعدها جنوبا إلى مدينة شيراز وكانت حينذاك مدينة كبيرة ومزدهرة وظلت بمنأى عن الدمار الذي أحدثه غزاة المغول على العديد من بلدان شمال بلاد فارس وأخيرا عاد عبر الجبال إلى مدينة بغداد ليصل إلى هناك في شهر يونيو عام 1327م وكانت أجزاء كثيرة من بغداد ما زالت مدمرة نتيجة أعمال التخريب والدمار التي إرتكبها جيش التتار بقيادة هولاكو خان عام 1255م وقد ذكر إبن بطوطة مساجد بغداد التي تقام فيها صلاة الجمعة وهي جامع الخليفة وجامع السلطان وجامع الرصافة الذي كان يقع في منطقة الأعظمية وكان بين جامع الرصافة وجامع السلطان مسافة نحو الميل وكان بقرب جامع الرصافة قبر الإمام أبي حنيفة النعمان ولولا وجود مشهد الإمام أبي حنيفة ومدرسته لكانت المنطقة قد إندثرت وزالت بعد سقوط بغداد ودخول هولاكو وجيشه كما إندثرت مناطق عديدة منها وغادر إبن بطوطة بغداد مع حاشية كبيرة متجها إلى الشمال إلى مدينة تبريز بإيران حاليا ثم عاد إلي بغداد مرة أخرى على الأرجح في شهر يوليو عام 1327م لكنه أخذ نزهة شمالا على طول نهر دجلة زائرا الموصل وجزيرة إبن عمر وماردين وهما في العراق وتركيا حاليا وعندما عاد مرة أخرى إلى الموصل إنضم إلى قافلة الحجاج التي تحركت جنوبا نحو بغداد حيث ستنضم إلي قوافل الحجاج التي عبرت الصحراء العربية إلى مكة المكرمة لأداء الحج ووصل إلى مكة المكرمة بالفعل لكي يؤدى فريضة الحج مرة أخرى وهو متعب ومنهك بسبب إصابته بإسهال شديد .

وبعد أداء فريضة الحج للمرة الثانية مكث إبن بطوطة في مكة المكرمة بعض الوقت ثم غادرها في طريقه إلى ميناء جدة على ساحل البحر الأحمر ومن هناك ركب البحر إلي بلاد اليمن وقام بزيارة زبيد وبعدها الهضبة المرتفعة لتعز ليجتمع بالملك مجاهد نور الدين علي في مدينة تعز وقد ذكر إبن بطوطة أنه زار أيضا صنعاء ثم توجه من تعز إلي ميناء عدن أهم موانئ اليمن ومنها ركب إبن بطوطة سفينة متجها إلى زيلع في ساحل الصومال ثم إنتقل إلى كاب جوردفوي في جنوب الساحل الصومالي وقضى أسبوعا في كل منطقة ولاحقا زار مقديشيو عاصمة الصومال الحالية في عام 1331م وكانت حينذاك قد وصلت إلى ذروة الإزدهار فوصفها إبن بطوطة بالمدينة الكبيرة بإفراط المليئة بالتجار الأغنياء والمعروفة بالسلع ذات الجودة العالية التي تصدر إلى دول أخرى بما فيها مصر وأضاف بأن المدينة كانت محكومة من قبل سلطان صومالي يعود أصله إلى البرابرة وكان يتحدث بلغتين هما اللغة الصومالية المعروفة بلغة مقديشيو واللغة العربية بنفس الطلاقة وكان عند السلطان عدد من الوزراء والخبراء القانونيين والقادة والخصوصية الملكية المتنوعة والتي هي جميعا تحت أمره ثم زار بلد البربر والمعروف بالقرن الأفريقي ثم واصل إبن بطوطة رحلته عبر البحر جنوبا إلى ساحل السواحيلي وهو الإقليم الذي عرف بعد ذلك لدى العرب ببلاد الزنج ويشمل كينيا ونزانيا حاليا ومن ثم وجد نفسه متوقفا عند جزيرة مومباسا التي على الرغم من أنها كانت صغيرة نسبيا في ذلك الوقت إلا أنها أصبحت ذات أهمية خلال القرن التالي وبعد رحلة على طول الساحل الأفريقي كانت وجهته التالية نحو مدينة كيلوا الساحلية والتابعة لتنزانيا حاليا والتي أصبحت معبرا رئيسيا مهما لتجارة الذهب فيما بعد ولقد وصف تلك المدينة بأنها واحدة من أجمل المدن وأفضلها بنيانا في العالم ودون إبن بطوطة زيارته إلى سلطنة كيلوا مسجلا إعجابه بتواضع وتدين حاكمها السلطان الحسن بن سليمان سليل الأسطورة الشهير علي بن الحسين شيرازي حيث كتب أن سلطته إمتدت من مدينة ماليندا شمالا إلى إنهامبان جنوبا وهما من أكبر المدن التي كان يشملها إقليم الزنج كما أن تخطيط تلك المدينة أعجب إبن بطوطة كثيرا مشيرا إلى أنه السبب وراء إزدهار كيلوا على طول الساحل الأفريقي ويشار إلى أن تلك الفترة قد شهدت بناء قصر حسيني كيبوا الملحق بالمسجد العظيم أضخم مسجد في كيلوا والذي تم صنعه من المرجان وبعد ذلك شد إبن بطوطة الرحال عائدا إلى جزيرة العرب حيث توجه إلى عمان أولا عبر مضيق هرمز ثم إلى مكة المكرمة ليؤدي الحج للمرة الثالثة وأغلب الظن أن هذه الرحلة الطويلة قد إستغرقت 3 سنوات من عام 1328م وحتي عام 1931م .

وبعد أن أدى إبن بطوطة فريضة الحج للمرة الثالثة مكث في مكة المكرمة عاما آخر ثم قرر الرحيل إلي الهند لكي يعمل مع سلطان دلهي المسلم محمد تغلق وفي سبيل ذلك قام برحلة طويلة للوصول إلي الهند حيث إنضم إلى واحدة من القوافل المتجهة من الشام إلي الأناضول ثم إلى الهند وفي بداية الرحلة نقلته سفينة من ميناء اللاذقية السوري إلى ألانيا الواقعة على الساحل الجنوبي لتركيا الحديثة حيث سافر بعدها برا إلى قونية وبعد ذلك إلى سنوب على ساحل البحر الأسود حيث سلك طريقه منها بحرا نحو شبه جزيرة القرم وصولا إلى مملكة القبيلة الذهبية أو دولة مغول الشمال وفيها زار ميناء مدينة آزوف والتي تقع جنوب روسيا حاليا والتي غادرها وقام برحلة إلى بلغاريا الحالية والتي أصبحت أعلى نقطة وصلها إبن بطوطة في الشمال ولقد أشار إلى لياليها القصيرة غير العادية شبه الإستوائية في فصل الصيف ثم إنتقل إلى مدينة إستراخان والتي تقع في روسيا حاليا والتي وصلها وإنضم إلي قافلة كانت متجهة إلي القسطنطينية عاصمة الدولة البيزنطية وكانت هذه الرحلة هي الأولي له خارج حدود العالم الإسلامي وزار هناك كاتدرائية آيا صوفيا وتحدث مع البطريرك المسكوني حول أسفاره في مدينة القدس وبعد شهر قضاه في المدينة عاد إبن بطوطة إلى إستراخان ثم إلى مدينة ساراي الجديدة عاصمة المملكة الذهبية وواصل بعد ذلك مسيرته خلال بحر قزوين وبحر آرال إلى مدينتي بخارى وسمرقند بدولة أوزبكستان الحالية ومن هناك إتجه جنوبا إلى أفغانستان ثم عبر الحدود إلى الهند عبر الممرات الجبلية وكان السلطان محمد تغلق من أشهر الرجال المسلمين وأغناهم في العالم الإسلامي آنذاك وكان ممن يهتمون بمختلف العلماء ويرعونهم مثل الصوفية والقديسين ووزراء الدولة العثمانية وغيرهم من الرجال الذين يخدمونها وذلك ليكثف دوره وأهميته في العالم الإسلامي كما هو الحال مع مماليك مصر وفي عهد حكم عائلة تغلق كان مثالا نادرا ورمزيا لحكم المسلمين في آسيا خاصة بعد غزو المغول وعين السلطان تغلق إبن بطوطة قاضيا وقام بزيارة مدينة هانسي في الهند والتي وصفها بأنها من بين أجمل المدن التي شيدت وأفضلها وأكثرها سكانا وأنها محاطة بجدار قوي ويقال عن مؤسسها أنه كان من أعظم الملوك الملحدين ويدعى تارا وذكر إبن بطوطة بعد وصوله إليها وحيد القرن الهندي الذي كان يعيش على ضفاف نهر السند هذا ولم يكن السلطان تغلق منظما ولا ذا ردود فعل متوقعة حتى مع مبادئ ذلك الوقت وعلى مدى ست سنوات إحتار إبن بطوطة بين العيش في حياة معيار الثقة في مرؤسيها عالي أو الوقوع تحت دائرة الإشتباه في الخيانة لمجموعة متنوعة من الجرائم ومن ثم فكر في مغادرة الهند وكانت خطتة للمغادرة بعذر الحج مرة أخرى غير مقبولة من قبل السلطان تغلق والذي طلب منه بدلا عن ذلك أن يمثله ويذهب كرسول وسفير مفوضا منه إلى عائلة يوان في الصين فقبل عرض السلطان بلا تردد خصوصا أنه سيوفر له فرصة الإبتعاد عن السلطان وزيارة بلدان جديدة في آن واحد .

وفي الطريق إلي الصين عبر الساحل وفي بداية الرحلة تعرض إبن بطوطة ومرافقوه لهجوم من قبل إحدى العصابات وكان قد إفترق عن مرافقيه الذين تم السطو عليهم وعلى الرغم من ذلك التأخر والتراجع إستطاع اللحاق بجماعته وإكمال طريقه إلى كهومبهات في ولاية جوجارات الهندية ومن هناك أبحروا إلى كاليكوت بجنوب الهند وهو المكان الذي أراد الوصول إليه المستكشف البرتغالي فاسكو دي جاما بعد قرنين من الزمن وأثناء زيارة إبن بطوطة لأحد المساجد في ساحل كاليكوت هبت عاصفة شديدة أدت إلى غرق إحدى سفن الرحلة وقد أبحرت السفينة الأخرى من دونهِ وذلك لذهابها إلى ملك سومطرة المحلي في إندونيسيا بعد عدة أشهر وخوفا من العودة إلى دلهي والظهور للآخرين على أنه قد فشل مكث مدة في جنوب الهند تحت حماية السلطان جمال الدين حاكم نوايات وهي سلطنة صغيرة كانت تتمتع بقوة ونفوذ كبيرين وسكانها من المسلمين وهي تطل على ضفة نهر شرافاثي القريب من بحر العرب وتعرف هذه المنطقة حاليا بهوسباتانا وتتبع مقاطعة أوتار الكانادا الهندية وبعد هذه النكسة والتأخير في هذه السلطنة الصغيرة لم يكن هنالك من خيار لإبن بطوطة سوى الرحيل عن الهند فقرر أن يكمل رحلته إلى الصين حيث قرر أن ينعطف في بداية طريقة نحو جزر المالديف وقضى إبن بطوطة تسعة أشهر على أرض هذه الجزيرة وهو الوقت الذي كان أطول مما كان قد قرره وبإعتباره القاضي الرئيسي فقد كانت مهاراته مرغوبة للغاية في البلاد البوذية التي تحولت إلى الإسلام حينذاك فأصبح هو القاضي وتزوج من إحدى بنات الملك المدعو عمر الأول وأصبح متورطا في السياسة المحلية لكنهُ غادر عندما بدأت سياسة عدم التدخل من الحكومة بأحكامها الصارمة تغضب حكام هذه الجزيرة وفي كتاب الرحلة يذكر خوفه وهلعه من النساء المحليات اللاتي كن يخرجن بدون ملابس فوق الخصر تقريبا وكذلك من السكان المحليين الذين لا يبدون إهتماما عندما يتشكي ومن جزر المالديف مضى إبن بطوطة إلى جزيرة سيلان وهي جزيرة سريلانكا حاليا حيث زار معبد سري بادا وتينافرام وقد كادت سفينة إبن بطوطة تغرق وهي مقبلة على جزيرة سيلان وحيث أن المركب الذي أتى لإنقاذه عانى هجوما من قبل القراصنة فقد تقطعت بهم السبل على الشاطئ وبدأ العمل على طريق عودته إلى كوريكود ومنها عاد إلى جزر المالديف مرة أخرى حيث إستقل الجنك الصيني وهو طراز من المراكب الشراعية إبتكرها الصينيون ولا تزال الرغبة تحدوه في الوصول إلى الصين وتولي منصبه في السفارة الهندية هناك . ووصل إبن بطوطة بعد ذلك إلى ميناء شيتاجونج الواقع في المنطقة المعروفة حاليا ببنجلاديشٍ وهو عاقد النية في المضي قدما نحو سيلهيت بشمال شرق بنجلاديش حاليا ومنها ذهب شمالا إلى ولاية أسام الهندية ثم إستدار وإستمر في خطته وفي عام 1345م سافر إلى جزيرة سومطرة حيث لاحظ في رحلته أن حاكم سامو ديرا باساي وهي ولاية تقع في شمال جزيرة سومطرة في إندونيسيا كان مسلما وأنه كان يؤدي عباداته بحماسٍ كبير وكان يتبع المذهب الشافعي مع نفس التقاليد التي رآها في الهند الساحلية خصوصا بين مسلمي مابيلا وهو أكبر تجمع إسلامي بولاية كاريلا في جنوب الهند والذين كانوا يتبعون المذهب الشافعي أيضا ثم أبحر إبن بطوطة إلى ملقة وبعدها إلى فيتنام ومن ثم جزر الفلبين وأخيرا وصل إلى مدينة تشي وانتشو في مقاطعة فوجيان بالصين وحين وصوله إلى الصين عام 1345م كان إتقان الفنانين المحليين في صنع اللوحات للأجانب القادمين حديثا هي أول ما إسترعى إنتباهه كما لاحظ أيضا مدى الإحتراف في صناعة الحرير والخزف وزراعة الفاكهة كالبطيخ والخوخ بالإضافة إلى الفوائد من إستخدام النقود الورقية كما قام بوصف عملية تصنيع السفن الكبيرة في مدينة قوانجشتو وكذلك أشار أيضا إلى المأكولات الصينية وإستخدام الحيوانات فيها كالضفادع وبينما كان في قمدينة وانجشتو صعد جبل الناسك وزار لفترة وجيزة راهبا يسكن أعلي الجبل ووصل إبن بطوطة بعد ذلك لمدينة تشيوانتشو الصينية والمعروفة أيضا بإسم الزيتون ومن هناك إتجه إلى الشمال حيث مدينة هانجشتو التي وصفها بأنها واحدة من أكبر المدن التي رآها في حياته حيث أشار إلى سحرها واصفا إياها بالمدينة التي تجلس على البحيرة الجميلة والمحاطة بالتلال الخضراء وخلال فترة إقامته في مدينة هانجشتو أو الخنساء كما سماها أُعجب جدا بالأعداد الكبيرة من السفن الصينية الخشبية التي صنعت وزخرفت بعناية بأشرعتها الحريرية والمظلات الملونة مجتمعةً في القنوات البحرية وفي وقت لاحق حضر إبن بطوطة مأدبة كبيرة أقامها قورتاي ممثل إمبراطورية المغول في المدينة والذي وفقا لإبن بطوطة كان مولعا بدرجة كبيرة بمهارات المشعوذين الصينيين المحليين كما وصف السفر إلى الشمال من خلال القناة الكبرى إلى بكين حيث دعي إلى البلاط الإمبراطوري بواسطة توغان تيمور آخر أباطرة المغول من أسرة يوان كما ذكر إبن بطوطة في سور يأجوج ومأجوج رحلة الستين يوما إلى مدينة الزيتون قوانجشتو ولقد لاحظ هاملتون الكسندر أن إبن بطوطة قد إعتقد أن سور الصين العظيم تم بناؤه من قِبل ذي القرنين لحجز يأجوج ومأجوج كما ذكر في القرآن الكريم وبعد ذلك سافر إبن بطوطة من بكين إلى هانجشتو ومنها واصل رحلته نحو فوتشو ولدى عودته إلى قوانجشتو سرعان ما صعد جنكا صينيا تعود ملكيته إلى سلطان سومطرة متجها إلى جنوب شرق آسيا وبعدها إتهم إبن بطوطة ظلما هو ومجموعة من طاقمه وخسر الكثير مما جمع خلال إقامته في الصين .

وبعد عودته إلي مدينة قوانجشتو في عام 1346م بدأ إبن بطوطة رحلة العودة إلى المغرب وفي كوزيكود الواقعة في ولاية كاريلا في الهند فكر مرة أخرى بأن يلقي نفسه تحت رحمة محمد بن تغلق ولكنه فضل أن يرحل إلى مكة المكرمة وفي طريقه نحو البصرة عبر مضيق هرمز حيث علم بأن أبو سعيد آخر حكام سلالة إيلخانان مات في بلاد فارس وإنهارت الأراضي التي كان يحكمها أبو سعيد بسبب حرب أهلية بين الفرس والمغول ووصل إبن بطوطة مدينة دمشق في عام 1348م وفي نيته مواصلة المسيرة وهناك علم بأن والده توفي قبل 15 سنة وأن الموت أصبح هو الموضوع المهيمن للعام الذي بعده حيث إنتشر الموت الأسود أي مرض الطاعون في الشام وفلسطين وجزيرة العرب وبعد أن وصل مكة المكرمة قرر الرجوع مرة أخرى إلى المغرب بعد ما يقارب ربع قرن من الزمان منذ مغادرة بلاده وفي طريقه إلى هناك زار جزيرة سردينيا ثم في عام 1349م عاد إلى طنجة ليكتشف بأن والدته قد توفيت قبل وصوله ببضعة أشهر وبعد بضعة أيام قضاها في طنجة أعد نفسه لرحلة إلى بلاد الأندلس في شبه الجزيرة الأيبيرية وكان ملك قشتالة الفونسو الحادي عشر قد هدد بمهاجمة جبل طارق وذلك في عام 1350م عندها غادر إبن بطوطة طنجة مع مجموعة من المسلمين للدفاع عن الميناء وعند وصول إبن بطوطة كان الطاعون قد قضى على الملك الفونسو وإنحسر خطر الغزو وعند ذلك تحولت الرحلة إلى نزهة وقام بجولة في بلنسية وهي فالنسيا الحالية وإنتهى به المطاف في غرناطة وقرر إبن بطوطة بعد رحيله من بلاد الأندلس العودة إلى المغرب وفي طريق عودته إلى الديار إستقر لفترة من الوقت في مراكش حيث كانت تقريبا كمدينة أشباح بعد مرض الطاعون الذي حل فيها وقد نقلت العاصمة أيضا إلى مدينة فاس وعاد إبن بطوطة مرة أخرى إلى طنجة ولكنه بقي بها لفترة قصيرة وكان إبن بطوطة في عام 1325م وقبل عامين من بدء ترحاله قد مر في غرب أفريقيا بأرض منسى موسى أي ملك الملوك بمملكة مالي وقد أثار ضجة كبيرة لعرضه ثروات باهظة قام بجلبها من وطنه الغني بالذهب وعلى الرغم من أن إبن بطوطة لم يذكر هذه الزيارة على وجه التحديد لكنه ربما تكون قد نمت فكرة ما برأسه قرر بعدها أن يعبر الصحاري الأفريقية ويزور الدول الإسلامية البعيدة .

وبالفعل في خريف عام 1351م غادر إبن بطوطة فاس متجها إلى بلدة سجلماسة في الطرف الشمالي من الصحراء المغربية حاليا وهناك قام بشراء عدد من الجمال وبقي في البلدة لمدة أربعة أشهر ثم إنطلق مجددا مع قافلة في شهر فبراير عام 1352م وبعد 25 يوما وصلت القافلة إلى قاع بحيرة الملح الجافة في تاجازا الغنية بمناجم الملح وكانت كل البنايات المحلية مصنوعة من ألواح الملح التي قام بصنعها خدم قبيلة ماسوفا الذين كانوا يقومون بتكسير الملح إلى ألواح سميكة ليتم نقلها عن طريق الجمال وكانت تاجازا حينذاك تعتبر مركزا إقتصاديا يمتاز بالذهب المالي وبالرغم من هذا لم يقدم إبن بطوطة إنطباعا إيجابيا عن المكان مشيرا أنه كان مزعجا لكثرة الذباب ومياهه شديدة الملوحة وإنطلقت القافلة بعد ذلك إلى واحة تاساراهلا أو بئر الكاسب بعد مكوثها لمدة عشرة أيام في تاجازا وبقيت هناك لثلاثة أيام تحضيرا للمحطة الأخيرة والأكثر صعوبة في الرحلة عبر الصحراء الشاسعة وكانت القافلة قد أرسلت مسبقا كشافا من قبيلة ماسوفا إلى واحة بلدة ولاته حيث قام هذا الكشاف بترتيب نقل الماء لمسافة أربعة أيام للقافلة وكانت ولاته هي آخر محطة جنوبية لطريق التجارة عبر الصحراء كما أنها كانت قد أصبحت مؤخرا جزءا من إمبراطورية مالي وإجمالا إستغرقت رحلة القافلة شهرين لعبور مسافة 1600 كم في الصحراء من سجلماسة ومن ولاته سافر إبن بطوطة متجها نحو الجنوب الغربي بمحاذاة نهر كان يعتقد أنه النيل وكان في الواقع نهر النيجر حتى وصل إلى عاصمة إمبراطورية مالي وهناك إلتقى بمانسا سليمان الملك الذي كان يحكم منذ عام 1341م وعلى الرغم من إرتيابه من شح ضيافة هذا الملك إلا أنه بقي هناك لمدة ثمانية أشهر وإستهجن إبن بطوطة حقيقة أن الإماء والجواري وحتى بنات السلطان كانوا يتجولون وهن عاريات تماما وغادر إبن بطوطة العاصمة في في شهر فبراير عام 1353م بصحبة تاجر مالي من السكان المحليين حيث سافروا على الجمال عبر البر متجهين إلى تمبكتو وفي ذلك الوقت كانت هذه المدينة غير مهمة نسبيا على الرغم أنه بعد ذلك الوقت بقرنين أصبحت أهم مدينة في تلك المنطقة وخلال هذه الرحلة كانت المرة الأولى التي يصادف فيها إبن بطوطة فرس النهر وكانت تلك الحيوانات تخشى أصحاب المراكب المحليين الذين يطاردونها بالرماح الموصولة بحبال قوية وبعد إقامة قصيرة في تمبكتو غادر إبن بطوطة إلى أدنى النيجر نحو غاو عبر زورق صغير نحت من شجرة واحدة وفي ذلك الوقت كانت غاو مركزا إقتصاديا هاما وبعد قضاء شهر في غاو إنطلق إبن بطوطة مع قافلة كبيرة متجها نحو واحة تاكيدا وفي أثناء رحلته عبر الصحراء إستلم إبن بطوطة رسالة من سلطان المغرب يأمره فيها بالرجوع للبلاد فإنطلق إلي سجلماسة مع قافلة كبيرة كانت تحمل 600 من الجواري السود وعاد مجددا للمغرب في بدايات عام 1354م وبعد عودته من ترحاله الطويل إلى بلاده المغرب الأقصى إنقطع إلى السلطان أبي عنان وهو من ملوك بني مرين فأقام في بلاده وأملى أخبار رحلته في مخطوطة على محمد بن جزي الكلبي بمدينة فاس عام 1355م وسماها تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار وسميت أيضا الرحلة وهنا علينا أن نقول إنه لايوجد لدينا أي دليل على أن إبن بطوطة دون أي ملاحظات خلال سنين ترحاله وعندما قام بتدوينها إعتمد على ذاكرته ومخطوطات من كانوا قبله في الأسفار وعند وصفه لدمشق ومكة المكرمة والمدينة المنورة وأماكن أخرى من الشرق الأوسط فإن ابن الجزي نسخ مقتطفات من القرن الثاني عشر الميلادى معتمدا على إبن جبير وبالمثل تم نسخ معظم وصف إبن الجزي لأماكن كفلسطين من مخطوطات القرن الثالث عشر الميلادى ولا يعتقد المستشرقون الغربيون بأن إبن بطوطة زار جميع الأماكن التي وصفها ويقولون من أجل توفير وصف شامل في العالم الإسلامي فقد إعتمد على الأقاويل والحكايات المتواترة وإستفاد من معلومات المسافرين القدماء فعلى سبيل المثال يعتبر من المستبعد أن إبن بطوطة قام برحلة حتى نهر الفولجا من ساراي الجديدة لزيارة بولقار وهناك شكوك جدية حول عدد من الرحلات الأخرى مثل رحلته إلى صنعاء في اليمن ورحلته في خراسان ورحلته حول الأناضول وبعض المستشرقين أيضا شككوا فيما إذا كان حقا قد زار الصين ومع ذلك فقد زودتنا الرحلة بتفاصيل ومعلومات مهمة عن بلدان العالم في القرن الرابع عشر الميلادى وقد شهد إبن بطوطة غالبا صدمة ثقافية في المناطق التي زارها حيث كان الكثير من العادات والتقاليد للشعوب حينذاك لا تتناسب مع خلفيته كمسلم محافظ فمثلا عندما شاهد الأتراك والمنغوليين ذهل في طريقة تصرف النساء ولاحظ ذلك عند رؤيته لزوجين من الأتراك مشيرا إلى حرية المرأة في التعبير حيث ظن أن الرجل خادم للمرأة ولكنه كان في الواقع زوجها وشعر أيضا بأن اللباس المتعارف عليه في المالديف وبعض مناطق جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا كاشف جدا هذا ولم يعرف إلا القليل عن إبن بطوطة بعد إنتهائه من كتابة الرحلة في عام 1355م غلا أنه قد تم تعيينه قاضيا في المغرب وتوفي في بلدته طنجة عام 1368م أو عام 1369م ويوجد ضريحه بالمدينة القديمة وقد ظل كتابه غامضا لعدة قرون حتى في العالم الإسلامي حتى مطلع القرن التاسع عشر الميلادى حيث نشرت مقتطفات منه بالألمانية والإنجليزية إستنادا إلى مخطوطات إكتشفت في منطقة الشرق الأوسط تحتوي على نسخة مختصرة من النص العربي لإبن الجوزي وخلال فترة الإحتلال الفرنسي للجزائر تم إكتشاف 5 مخطوطات في مدينة قسطنطينه شرقي الجزائر في الفترة ما بين عام 1830م وعام 1840م حيث إحتوت مخطوطتان منها على نسخة كاملة من النص وأُحضرت هذه المخطوطات إلى المكتبة الوطنية الفرنسية في العاصمة باريس حيث تمت دراستها على يد عالمين فرنسيين كبيرين هما تشارلز ديفريمري وبينيامينو سانقوينيتي وفي عام 1853م نشرا سلسلة من 5 مجلدات تحوي النص العربي مع ملاحظات شاملة وترجمة إلى اللغة الفرنسية وتجدر الإشارة إلى أن النص الذي نشره ديفريمري وسانقوينيتي ترجم إلى عدة لغات ولمعت معه شهرة إبن بطوطة حول العالم .