الجمعة, 29 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

"أحمد عزت عبد الكريم " أول من حصل على الدكتوراة في تاريخ مصر الحديث والمعاصر

-أحمد عزت عبد الكريم - أول من حصل على الدكتوراة في تاريخ مصر الحديث والمعاصر
عدد : 07-2021
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
موسوعة كنوز “أم الدنيا”

الدكتور أحمد عزت عبد الكريم مؤرح مصري وعربي كبير وصاحب مدرسة في علم التاريخ إعتمدت المنهج العلمي الوطني والقومي وهو يعد أحد أعلام مصر الذين لم يحصلوا على حظهم من الشهرة ولم يحصدوا نصيبهم من التقدير والتكريم رغم أنه كان أول مصري حصل على الدكتوراة في تخصص تاريخ مصر الحديث والمعاصر ولذا فهو يمثل أهمية كبيرة في دراسات تاريخ التعليم المصري الحديث كما أنه كان من أدخل المقررات الخاصة بالتاريخ العربي الحديث في جامعاتنا المصرية وقام بتدريسها بأسلوب جديد حيث كان معلما متميزا قبل كل شئ ومؤرخا يدقق في حقيقة الوقائع والأحداث التاريخية ويهتم بربطها وتحليلها كما أنه إهتم بجميع الوثائق وتبويبها ووضعها في متناول الباحثين وطلبة الدراسات العليا وكان مما يؤكد عليه ضرورة وضع فاصل زمني بين الموضوعات قيد البحث والأحداث المعاصرة بحيث يمكن الإبتعاد عن الحساسيات وعدم تسليم كثير ممن صنعوا الأحداث أو شاركوا في صنعها بالأحكام التي يصدرها عنهم المؤرخون وقد كان في كل مسئولية تسند إليه مثالا طيبا لرجل العلم الذي يذكرنا بقيمنا الأصيلة ومنها الحرص على السماحة والوفاء وإحترام السن والتجربة وقول الصدق والحق وهى خصال لقنها لتلاميذه حتى إنه عندما كان يتحدث إلى أحدهم يقول له إختر لنفسك بداية طيبة عندئذ تصل إلى نتيجة طيبة وقد ولد الدكتور أحمد عزت عبدالكريم في يوم 19 يونيو عام 1908م بشبين الكوم عاصمة محافظة المنوفية وبعد أن أنهي دراستيه الإبتدائية والثانوية إلتحق بكلية الأداب بالجامعة المصرية وحصل على ليسانس الآداب بدرجة إمتياز عام 1930م وعين معيدا بالكلية في نفس العام ثم حصل علي دبلوم معهد التربية العالي عام 1933م وعلي درجة الماجستير عام 1936م وعلي درجة الدكتوراة عام 1941م عن رسالته التي قدمها بإسم تاريخ التعليم في مصر في عهد محمد علي باشا وقد تأثر كثيرا بمنهج أستاذه ومعلمه المؤرخ الكبير محمد شفيق غربال الذي سبق أن درس في جامعة لندن وحصل على درجة الدكتوراة عام 1925م في التاريخ الحديث وذلك بإشراف المؤرخ البريطاني المشهور أرنولد توينبي صاحب الكتاب الشهير دراسة للتاريخ ولذا فإننا نجده دائما يقتدى بأستاذه ويحظو حظوه في عدم الإرتباط بنظرة واحدة في تفسير التاريخ .

وبعد أن أنشئت جامعة عين شمس في شهر يوليو عام 1950م وكانت تسمي حتي عام 1954م بإسم جامعة القائد إبراهيم إنتقل الدكتور أحمد عزت عبد الكريم للتدريس بكلية الآداب بها وكان هو أول من أنشأ سمينار التاريخ الحديث بكلية الآداب جامعة عين شمس في عام 1955م والذي أصبح مقصدا للدارسين في هذا الفرع من التاريخ سواء في الجامعات المصرية أو في الجامعات العربية وظل مستمرا حتى الآن وحظذت حظوه الجامعات الأخرى بعد ذلك كجامعة القاهرة وغيرها وهذا السمينار كان بمثابة حلقات دراسة نقاشية أسبوعية منتظمة تعقد مساء يوم الخميس من كل أسبوع وقد إعتاد فيها أن يتابع نشاط طلابه وزملائه ويطلع على بحوثهم ويناقشهم فيها وقد تحدث أحد طلابه وهو الدكتور أحمد عبد الكريم مصطفى عن تلك الحلقات فقال عودنا أستاذنا الدكتور أحمد عزت عبد الكريم على التحليق في أفق الأحداث التاريخية يساعده على ذلك إطلاعه الواسع المنتظم وتمكنه من أساليب اللغة العربية وتراثها وذاكرته القوية التي لم تخنه حتى لفظ أنفاسه الأخيرة وقد تدرج الدكتور عبد الكريم في الوظائف الأكاديمية بكلية الآداب بجامعة عين شمس إلى أن وصل لدرجة أستاذ في التاريخ الحديث ثم رئيسا للقسم ثم تولي عمادة الكلية عام 1961م ثم أصبح رئيسا للجامعة عام 1968م وفضلا عن ذلك فقد عين مقررا للجنة ترقية أساتذة التاريخ وإختير أيضا ضمن المجموعة المنوط بها كتابة تاريخ ثورة 23 يوليو عام 1952م ونظرا لمكانته وعلمه تم إختياره في عام 1966م إلي جانب كل ما سبق لكي يترأس الجمعية المصرية للدراسات التاريخية خلفا للدكتور أحمد بدوى سيد أحمد أستاذ التاريخ والذى ترأس كل من جامعتي عين شمس والقاهرة وهذه الجمعية تعد من أقدم الجمعيات العلمية غير الحكومية في مصر وكانت قد تأسست في يوم 20 يوليو عام 1945م تحت إسم الجمعية الملكية للدراسات التاريخية بموجب مرسوم ملكي بفضل مساعي حسن حسني باشا السكرتير الخاص للملك فاروق وتحددت أغراضها بالنهوض بالدراسات التاريخية ونشر الوعي التاريخي والثقافة التاريخية بين أبناء الوطن وحفظ الوثائق والمخطوطات التاريخية وقد ظل الدكتور أحمد عزت عبد الكريم رئيسا لهذه الجمعية لمدة 10 سنوات أي حتي عام 1976م وخلفه الدكتور إبراهيم نصحي قاسم أستاذ التاريخ بجامعتي القاهرة وعين شمس وعميد كلية الآداب بجامعة عين شمس وكان من أهم أقوال الدكتور عبد الكريم أن الحكم على أحداث التاريخ هو من صلاحية من يكتبون التاريخ لا من صلاحية من يصنعونه ولكن مع هذا فإن المؤرخ لا غنى له عن الرجوع إلى ما يكتبه صانع الحدث التاريخي .

ويكشف لنا أحد تلاميذ الدكتور أحمد عزت عبد الكريم وهو الدكتور يونان لبيب رزق الله عن بعض الجوانب الشخصية الفريدة لأستاذه منها إن المعيار الذي وضعه الدكتور عبد الكريم لإختيار طلابه كان قدرتهم على التفكير والجدل العلمي وكانت له كلمة مأثورة في ذلك وهو أنه يفضل من أسماهم بالتلاميذ المشاغبين أو بالأحرى الباحثين الذين لا يتهيبون الإدلاء بآرائهم حتى لو كانت تلك الآراء مخالفة له شخصيا كما أنه كان حريصا على إستمرار التواصل بينه وبين طلابه فكان يسأل عنهم إذا ما تغيب أحدهم عنه بعض الوقت ويطمئن على أحواله الإجتماعية وإستقراره الأسري مما أشاع جو من الألفة لم تتناقض أبدا مع الإحترام والتوقير اللذين ظل يحظى بهما في نفوس هؤلاء الطلاب والذين ظلت داره بمنطقة منشية البكرى مقصدا لهم حيث كان يجتمع بهم فرادى أو جماعات ويستمع إليهم ويقدم إليهم نصائحه وظلت أيضا مكتبته الخاصة الغنية متاحة لهم وإنطلاقا من إيمانه بالتواصل تبنى تلاميذه من أولئك الذين توسم فيهم الخير حتى نالوا إجازاتهم العلمية للماجستير والدكتوراة ثم سعى لتعيينهم بأقسام التاريخ بكليات جامعة عين شمس وغيرها وقد إنتهز الرجل كل فرصة لدفع هؤلاء لمعترك الحياة الجامعية فما أن يحصل أحدهم على وظيفة الأستاذ المساعد حتى يشركه في مناقشة الرسائل الجامعية التي يشرف عليها ثم أخذ يبثهم في سائر المعاهد العليا التي كان له وجود فيها وعلى رأسها قسم التاريخ بمعهد البحوث والدراسات العربية والذي تولى رئاسته لفترة غير قصيرة .

وكانت صفة الوفاء التي بثها في نفوس أبنائه ليس بالمواعظ الفارغة وإنما بالسلوك فقد رآه هؤلاء وهو يتحدث عن مدرسته بصفتها إمتدادا لمدرسة أستاذه محمد شفيق غربال كما رأوه يتنحي عن رئاسة السمينار الذى أسسه في كلية الآداب بجامعة عين شمس وقت أن زاره أستاذه شفيق بك كما كان يحلو له أن يسميه ورأوه أخيرا وهو يبكي بكاءا مرا وقت رحيل هذا الأستاذ ويؤكد تلك الخصال والصفات وأكثر تلميذه الدكتور رءوف عباس حامد في كتابه مشيناها خطى وكان ممن تتلمذوا على يدي الدكتور أحمد عزت عبد الكريم في مصر والدول العربية الآلاف من الطلبة والأساتذة المعروفين منهم على سبيل المثال لا الحصر من مصر الدكتور أحمد عبد الرحيم مصطفى والدكتور عبد العزيز نوار والدكتور جمال زكريا قاسم والدكتورصلاح العقاد والدكتور يونان لبيب رزق الله والدكتور عاصم الدسوقي والدكتور عبد الخالق لاشين والدكتورمحمود متولي والدكتور رءوف عباس حامد والدكتورعبد الرءوف عمرو والدكتور عبد الرحيم عبد الرحمن عبد الرحيم والدكتور طلعت إسماعيل رمضان والدكتور علي شلبي وذلك بالإضافة إلي الدكتور محمد خير فارس والدكتور أحمد طربين من سوريا ولذا فقد إحتل الدكتور أحمد عزت عبد الكريم مكانة راقية ومتميزة بين أساتذة التاريخ ليس في مصر وحسب بل في الوطن العربي كله وذلك من خلال منهجه العلمي وأسلوبه الجميل المنمق وموضوعيته وأمانته في كتابة التاريخ وإخلاصه لمهنته ولوطنه وأمته ولجهوده الكبيرة في إرساء أسس المدرسة التاريخية العربية الحديثة والمعاصرة .

وكان للدكتور أحمد عزت عبد الكريم دور كبير في تطوير الدراسات التاريخية العربية وإتساع آفاقها القومية وفي جامعة عين شمس خطط لتدوين التاريخ الحديث للوطن العربي ووضع أسس إنشاء مركز لدراسات الشرق الأوسط كما إهتم بالتركيز على تاريخ فلسطين وظروف إغتصابها وأسس النضال من أجل تحريرها كما وجه عددا من طلابه لدراسة تاريخ العراق الحديث فبرع منهم الأستاذ الدكتور عبد العزيز سليمان نوار الذي ألف الكثير من الكتب عن تاريخ العراق الحديث والمعاصر وأبرزها كتاباه عن داود باشا أخر والي مملوكي لبغداد والسياسي العثماني مدحت باشا الذى تولي إمارة العراق أيضا ما بين عام 1864م وعام 1868م وعلاوة علي ذلك فقد عمل أستاذا للتاريخ في بعض الجامعات العربية فبين عام 1946م وعام 1949م عمل في جامعة دمشق وبين عام 1960م وعام 1961م عمل في جامعة بنغازي بليبيا وبين عام 1969م وعام 1970م عمل في جامعة بيروت العربية هذا فضلا عن قيامه بزيارات علمية إلى جامعات عربية أخرى وقد ترك الدكتور أحمد عزت عبد الكريم للمكتبة العربية بصمات لا تمحى في كتابة التاريخ من خلال أعماله في التأليف والترجمة والتحقيق والمراجعة والتقديم منها تاريخ التعليم في عصر محمد علي باشا وتاريخ التعليم في مصر من نهاية حكم محمد علي باشا إلى أوائل حكم الخديوى توفيق والتقسيم الإداري لسوريا في العصر العثماني وإبن إياس دراسات وبحوث والبحر الأحمر في التاريخ والسياسة الدولية المعاصرة وحوادث دمشق اليومية وبحوث في التغيير الإجتماعي لمجتمع القاهرة في القرن التاسع عشر الميلادى وأزمة الفكر العربي في العصر الحديث وبخلاف هذه المؤلفات فقد إهتم بالترجمة وشجع زملاءه وطلابه على ترجمة الكتب التاريخية وكان من الكتب التي شارك في ترجمتها كتاب شارل دليل المعروف بإسم البندقية جمهورية أرستقراطية وذلك إلي جانب مساهمته مع آخرين في كتابة فصول في عدة كتب منها المجمل في تاريخ مصر العام ودراسات في النهضة العربية الحديثة وتاريخ أوروبا الإقتصادي كما حقق بعض الكتب منها حوليات البديري الحلاق وقد نال الدكتور أحمد عزت عبد الكريم وسام الجمهورية وجائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية عام 1975م أيضا وفي أواخر حياته ضعف بصره وتدهورت حالته الصحية لكن ذاكرته ظلت وقادة وكانت وفاته في شهر أغسطس عام 1980م عن عمر يناهز 72 عاما قضاها في خدمة بلاده ووطنه العربي الكبير وجزاه الله خيرا على كل ما قدمه لوطنه ومهنته ووطنه العربي والعالم .