بقلم المهندس/ طارق بدراوى
-حقا إن الله غاضب علينا
فتحت التليفزيون اليوم في الفجر علي قناة القرآن الكريم السعودية التي تنقل بث مباشر من الحرم المكي الشريف وإعتصرني الحزن الشديد وغالبني البكاء ففي مثل هذه الأيام من كل عام في شهر ذي الحجة حتي عام 2019م كان يكتمل وصول ضيوف الرحمن من حجاج بيت الله الحرام إلي مكة المكرمة وكان الحرم بجميع أدواره وسطحه والساحات والشوارع من حوله ومداخل الفنادق لايكون فيها موضع لقدم وتتحول في أوقات الصلوات إلي مساجد حيث كان يتواجد بمكة في ذلك الوقت ما لا يقل عن ثلاثة ملايين حاج من داخل وخارج المملكة العربية السعودية بينما ما أراه أمامي حوالي 100 شخص متناثرين في ساحة الطواف وغير مسموح لهم بالإقتراب من الكعبة والتعلق بأستارها وتقبيل الحجر الأسود والدعاء عند الملتزم
-حقا إن الله غاضب علينا
وقفزت الي ذهني عدة خواطر لتفسير أسباب غضب الله علينا وحرماننا من أداء فريضة الحج والعمرة للسنة الثانية علي التوالي منها ما كان يحدث في كل عام من تحويل لرحلة الحج إلي وسيلة حقيرة لتحقيق المكاسب والأرباح الباهظة عن طريق المتاجرة الجشعة في تأشيرات الحج والمغالاة في أسعاره من جانب كل المشاركين في تنفيذ خدمات أداء هذه الفريضة العظيمة سواء من الجانب المصرى أو من الجانب السعودى وذلك من جانب شركات السياحة المنظمة لرحلات الحج ووكلاءها في المملكة العربية السعودية أو الفنادق أو شركات النقل أو شركات الطيران أو المطوفين بالسعودية ناهيك عن مظاهر البذخ والإسراف والسفه خاصة في مخيمات مني السبع نجوم والتي تتحول فيها أيام التشريق لرحلة ترفيهية ينعم خلالها الحجاج بما لذ وطاب من الأطعمة والمشروبات ووسائل التسلية بدلا من أن تكون أيام عبادة وذكر لله تعالي فالحج عبادة جوهرها التقشف والزهد وهجر متاع الدنيا الزائل وليس البذخ والإسراف فلا يجوز مثلا أن يكون بعض الحجاج منعمين ومترفين ويلقون بكميات كبيرة من الطعام الفائض في صناديق القمامة وهناك غيرهم خاصة من حجاج الدول الأفريقية الفقيرة لا يجدون ما يأكلونه ويمدون أيديهم علي أسوار المخيمات طلبا للقمة تسد رمقهم ولنا في رسول الله صلي الله عليه وسلم أسوة حسنة عندما كان يتمني أن يؤدى مناسك الحج ماشيا علي قدميه لكي يحصل علي ثواب آكبر وهو الذى غفر الله له ما تقدم وما تأخر لولا أنه إضطر بعد يوم عرفة لركوب ناقته حتي يراه كل من كان يحج معه ويتعلم منه المسلمون مناسك الحج وهو من قال خذوا عني مناسككم
- حقا إن الله غاضب علينا
هذا ما جال بخاطرى وطاف بذهني وأضيف أنه من ضمن ما جال بخاطرى أيضا إن من أسباب غضب الله علينا ما صارت إليه أخلاقنا وسلوكياتنا وتعاملاتنا التي تتسم بالأنانية والأثرة والفوضي والجشع والإستغلال والرغبة في تحقيق المكاسب والأرباح العالية بأى وسيلة وبأى ثمن إلي جانب إنتشار الفتاوى الشاذة في أمور نص عليها القرآن الكريم والسنة المؤكدة ولا لبس فيها ولا تأويل مثل فرضية الحجاب والمواريث وتحريم الخمر وأحكام الطلاق وخلافه في إطار حملة ممنهجة من أشخاص لا سامحهم الله يهاجمون الأزهر الشريف وشيخه الفاضل بهدف هدم ثوابت الدين وإفساد عقائد الناس وإثارة شكوكهم في الأحاديث النبوية الصحيحة وإبعادهم عن أصول دينهم وتهميش وتقليص دوره في حياتهم بحجة التوسعة عليهم ووصفهم كبار رجال الأزهر ودار الإفتاء بأوصياء الدين أي الذين يفرضون علي الناس وصايتهم في أمور الدين ويفرضون عليهم فتاواهم وآراءهم بحجة أن علي رجل الدين بيان الأحكام المختلفة في كل مذهب وأن علي كل فرد مسلم إختيار ما يرتاح له ويراه مناسبا مضيعين قول الله تعالي فإسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون وناسين أن مسألة إختيار الرأي الأرجح والأقر ب إلي الصواب هي وظيفة ومهمة العلماء لا العامة وللأسف تفتح لهم وسائل الاعلام المختلفة وخاصة القنوات الفضائية الخاصة أبوابها علي مصراعيها لنشر فتاواهم الشاذة المضللة التي سيتحملون وزرها ووزر من عمل بها والنتيجة الطبيعية لذلك هي أن يتنزل غضب الله علينا فلا نلومن الا أنفسنا واللهم ردنا إليك ردا جميلا وأكرمنا ولا تهنا وإرفع مقتك وغضبك عنا ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا وحسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم
واللهم فد بلغت اللهم فإشهد |