السبت , 20 أبريل 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

جورجي زيدان

جورجي زيدان
عدد : 07-2021
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
موسوعة كنوز “أم الدنيا”


جورجي حبيب زيدان أديب وروائي ومؤرخ وصحفي مصري من أصل لبناني وكان من أوائل المفكرين الذين ساعدوا في صياغة نظرية القومية العربية وهو يعد نموذجا للعصامي الذي يشق حياته وسط طريق ملبد بالغيوم ملئ بالثغرات ولكنه يستطيع أن يجتاز ذلك بالهمة العالية والإرادة الصلبة والتطلع إلى المعالي لا يصرفه عن ذلك فقر حل به أو ظروف معاكسة أو بيئة غير مواتية فحينما أتي إلى القاهرة قادما من بيروت كان فقيرا لا يملك من الدنيا شيئا لكنه صنع لنفسه حياة عريضة وشهرة واسعة في ميدان الصحافة والأدب والتاريخ وإستطاع أن يجيد غير لغته الأم العربية العديد من اللغات الأجنبية الأخرى منها اللغة العبرية واللغة السريانية واللغة الفرنسية واللغة الإنجليزية وأنشأ مطبعة خاصة به وأصدر من خلالها مجلة الهلال التي كان يقوم بتحريرها بنفسه في شهر ربيع الأول عام 1310 هجرية الموافق لعام 1892م ونشر فيها مؤلفاته حيث كانت له عدة كتب من تأليفه منها كتاب تاريخ التمدن الإسلامي وتاريخ آداب اللغة العربية وتراجم مشاهير الشرق وغيرها فضلا عن إشتهاره برواياته التاريخية مثل المملوك الشارد وأرمانوسة المصرية وغادة كربلاء والحجاج بن يوسف وغيرها وقد ولد جورجي زيدان في يوم 14 ديسمبر عام 1861م لأسرة مسيحية فقيرة من قرية عين عنب في جبل لبنان ويعتقد أن أصلها يعود إلى إقليم حوران في سوريا وكان أبوه حبيب زيدان رجلا أُميا يملك مطعما في ساحة البرج في بيروت كان يتردد عليه رجال الأدب واللغة وطلاب الكلية الأميريكية وألحقه أبوه لما بلغ سن الدراسة بمدرسة متواضعة لكي يتعلم القراءة والكتابة والحساب ليستطيع مساعدته في إدارة المطعم وضبط الحسابات ثم ألحقه بمدرسة الشوام فتعلم اللغة الفرنسية ثم إلتحق بمدرسة مسائية لتعلم اللغة الإنجليزية بعدها عمل في مطعم والده إلا أن والدته مريم مطر لم تكن راضية عن ذلك وطلبت من أبيه أن يعلمه صنعة أو مهنة أخرى فإتجه لتعلم صناعة الأحذية وهو في سن الثانية عشرة من عمره ولمدة عامين حتى أوشك على إتقانها لكنه تركها لعدم ملاءمتها لصحته وبدأت تظهر ميوله نحو تعلم المعرفة والإطلاع وشغف بالأدب وإحتك بخريجي الكلية الأميريكية ورجال الصحافة وأهل الفكر والأدب والشعر والفن مثل يعقوب صروف وفارس نمر وإبراهيم اليازجي وسليم البستاني وغيرهم وكانوا يدعونه لحضور إحتفالات الكلية وكان من أثر ذلك أن تاقت نفسه إلى الإلتحاق بها مهما كلفه الأمر أو بذل من جهد ومشقة فترك العمل نهائيا عام 1881م وإنكب على التحصيل والمطالعة راغبا في الإلتحاق بمدرسة الطب وتحقق له ذلك وإلتحق بالكلية السورية البروتستانتية والتي أصبحت الكلية الأميريكية فيما بعد بعد إجتيازه إختبارا في بعض المواد العلمية التي عكف على تعلمها لمدة ثلاثة أشهر والتي أهلته لدراسة الطب .

وبعد أن أمضى جورجي زيدان في مدرسة الطب عاما كاملا تركها إلى مدرسة الصيدلة إلا أنه قرر أن يرحل إلي مصر لدراسة الطب فإقترض مبلغ ستة جنيهات من جار له في العاصمة اللبنانية بيروت على أن يردها إليه حينما تتيسر له الأحوال وكان قد بلغ من العمر 22 عاما وإرتحل جورجي زيدان بالفعل إلي القاهرة في شهر أكتوبر عام 1883م وإلتحق بمدرسة طب القصر العيني إلا أن ظروفه المادية وطول مدة الدراسة بها جعلته يصرف عزمه عن إستكمال دراسته بمدرسة الطب وأخذ يبحث عن عمل يتفق مع ميوله فعمل محررا في صحيفة الزمان اليومية التي كان يملكها ويديرها رجل أرمني الأصل يدعى علكسان صرافيان وكانت هذه الجريدة هي الوحيدة في القاهرة بعد أن أوقف الإستعمار البريطاني صحافة ذلك العهد ثم عمل مترجما في مكتب المخابرات البريطانية بالقاهرة ورافق الحملة الإنجليزية التي توجهت للسودان لإنقاذ القائد الإنجليزي تشارلز جوردون من حصار جيش المهدي ودامت رحلته في السودان عشرة أشهر عاد بعدها لبيروت عام 1885م وإنضم للمجمع العلمي الشرقي الذي أُنشئ عام 1882م وتعلم اللغة العبرية واللغة السريانية وهو ما مكنه من تأليف أول كتاب في فلسفة اللغة العربية عام 1886م وهو يعد أول جهد واضح بذل في تطبيق مبادئ فقه اللغة المقارن على اللغة العربية وإن كان غير عميق التناول وهو ما جعله يعيد فيه النظر مرة أخرى ويعود إليه منقحا ومعدلا في طبعة جديدة أصدرها بعد ذلك بإسم تاريخ اللغة العربية ثم زار إنجلترا وعاد إلى مصر في نفس العام المذكور 1886م وتولى عقب عودته من لندن إدارة مجلة المقتطف وكانت مجلة شامية مصرية أنشئت في الشام عام 1876م من قبل يعقوب صروف وفارس نمر قبل أن تنتقل اٍلى القاهرة وكانت تكتب المجلة على صدرها أنها مجلة علمية صناعية زراعية ولم يبدأ اٍصدارها المنتظم اٍلا في عام 1888م في القاهرة وظل جورجي زيدان بها عاما ونصف العام ثم قدم إستقالته منها عام 1888م ليشتغل بتدريس اللغة العربية بالمدرسة العبيدية الكبرى وظل بها لمدة عامين وخلال هذه المرحلة من حياته وحيث كان جورجي زيدان متمكنا من اللغتين الإنجليزية والفرنسية إلى جانب اللغة العربية وواسع الإطلاع بهما وبخاصة فيما يتصل بالتاريخ والأدب العربيين بدأ في إصدار مؤلفاته الأولى والتي إتجهت نحو المضمار المذكور وإن مالت نحو الدراسات التاريخية فأصدر في عام 1889م كتاب تاريخ مصر الحديثة في مجلدين وتاريخ الماسونية والتاريخ العام وهو موجز في تاريخ قارتي آسيا وأفريقيا ثم توالت كتبه تاريخ إنجلترا وتاريخ اليونان والرومان وجغرافية مصر وطبقات الأمم وغيرها غير أن هذه الكتب لم تلفت إليه الأنظار ولم تلق نجاحا يذكر إلى أن أنشأ مجلة الهلال التي إرتبطت حياته بها إرتباطا وثيقا حيث ترك التدريس ليشترك مع الناشر اللبناني ومؤسس دار المعارف بمصر نجيب متري في إنشاء مطبعة ولم تستمر الشركة بينهما سوى عام إنفضت بعده وإحتفظ زيدان بالمطبعة لنفسه وأسماها مطبعة الهلال على حين قام متري بإنشاء مطبعة مستقلة عنه .

وفي عام 1892م أصدر جورجي زيدان مجلة الهلال الشهرية وكانت تعد أول مجلة ثقافية شهرية عربية وعن سبب تسمية المجلة بإسم الهلال عدد جورجي زيدان ثلاثة أسباب أولها تبركا بالهلال العثماني رفيع الشأن والذى كان شعار الدولة العثمانية التي كانت تتبعها مصر والشام حينذاك وثانيها لأنها تظهر كل أول شهر كالهلال وثالثها تفاؤلا بنموها مع الزمن حتى تكتمل بدرا وقال زيدان أيضا عند إصدارها نرجو أن تصادف خدمتنا إستحسانًا لدى حضرات القراء وكان زيدان يقوم بتحريرها بنفسه إلى أن كبر ولداه إميل وشكرى وصارا مساعدين له في تحريرها وقد صدر العدد الأول من هذه المجلة في يوم 1 سبتمبر عام 1892م وحمل إفتتاحية بقلم جورجي زيدان أوضح فيها خطته وغايته من إصدارها وقام جورجي زيدان أيضا بكتابة بيان يطرح فيه مسوغات إصدار المجلة ورسالتها والمجالات التي ستعنى بها وتبويبها وقد حدد ذلك كله في خمسة بنود وأبواب هي باب أشهر الحوادث وأعظم الرجال وباب الروايات وباب تاريخ الشهر وباب المنتخبات من الأخبار وباب التقريظ والإنتقاد وقد عكف على تحريرها بنشاط لفت إليه الأنظار وكان ينشر فيها كتبه على هيئة فصول متفرقة وقد لقيت المجلة قبولا من الناس حتى لم يكد يمضي على صدورها خمس سنوات حتى أصبحت من أوسع المجلات إنتشارا وقد مد الله في عمرها حتى تجاوزت قرنا من الزمان وكان يكتب فيها عمالقة الفكر والأدب في مصر والعالم العربي ورأس تحريرها على مدى حياتها المديدة كبار الكتاب والأدباء من أمثال الدكتور أحمد زكي والدكتور حسين مؤنس والدكتور علي الراعي والشاعر صالح جودت وغيرهم وكلمة حق يجب أن تقال وهي أن مجلة الهلال غير أنها أقدم مجلة ثقافية في العالم العربي فهي أيضا المجلة الوحيدة التي تصدر بصفة منتظمة منذ أكثر من مائة سنة ومنذ صدور عددها الأول تركت أثرا كبيرا في تاريخ العالم العربي بصفة عامة وتاريخ مصر بصفة خاصة كما أنها لعبت دورا رائدا في تحديث الفكر العربي والتعاون من أجل التطور الثقافي وفضلا عن ذلك فقد عكست المجلة الفكر العربي خلال أواخر القرن التاسع عشر والقرن العشرين الميلاديين مما جعلها أداة قيمة بالنسبة للباحثين والمؤرخين وكذلك العامة ولهذا السبب إتخذت مكتبة الإسكندرية مبادرة ترقيم مجموعة الأعداد الأولي منها والمكونة من مائة وأربعة عشر عددا وتجميعها على عدد إثنتي عشرة أسطوانة دى في دي مزودة بأدوات التصفح وإمكانيات البحث الضرورية في واجهة سهلة الإستخدام وتباع هذه الأسطوانات في منفذ بيع الكتب بمكتبة الإسكندرية .

وجدير بالذكر أنه بعد وفاة جورجي زيدان في عام 1914م وتولي إبنه إميل زيدان رئاسة تحرير مجلة الهلال وإنتقال ملكية دار الهلال له ولشقيقه شكرى زيدان تعددت إصدارات دار الهلال بداية من العشرينيات من القرن العشرين الماضي ما بين المجلات والكتب والروايات والكتب الطبية وكانت مجلة المصور والتي ما زالت تصدر حتي اليوم من أهم المجلات التي أصدرتها الدار وجاء صدور عددها الأول في عام 1924م وواكب صدورها مجموعة من الأحداث في مصر والعالم العربي سجلتها المجلة وتابعتها بالكلمة والصورة بشكل أكسبها شعبية واضحة بين القراء وقد تولى رئاسة تحريرها عدد من رواد الإعلام في مصر أبرزهم إميل وشكري زيدان وفكري أباظة وعلي أمين وأحمد بهاء الدين وصالح جودت وأمينة السعيد ومكرم محمد أحمد وبعد 8 سنوات وفي عام 1932م أصدرت دار الهلال مجلة الكواكب الأسبوعية والتي تخصصت في مجال الفن وقد صدر العدد الأول منها في يوم 28 مارس عام 1932م وما زالت مستمرة في الصدور حتي الآن وكانت هذه المجلة عند صدورها تنشر ملخصات لأفلام الأسبوع وأحاديث مع النجوم ومقالات لرجال السينما إضافة إلى أخبار الأفلام التي يجرى تصويرها وكان من إصدارات دار الهلال أيضا خلال عام 1954م مجلة حواء وقد تأسست علي يد أمينة السعيد، التي كانت أول رئيس لتحريرها وظلت في هذا المنصب حتي عام 1969م ثم ظلت تنشر عمودا أسبوعيا بها حتى توفيت عام 1995م وتهتم هذه المجلة منذ تأسيسها بأخبار الصحة والجمال والأسرة والموضة وإدارة المنزل من منظور نسائي وبخلاف هذه المجلات أصدرت دار الهلال أيضا العديد من مجلات الأطفال منها مجلة سمير وصدر العدد الأول منها في يوم 15 أبريل عام 1956م ومازالت تصدر حتي الآن ومجلة ميكي والتي صدرت في عام 1959م وإستمرت تصدر عن مؤسسة دار الهلال حتي شهر مارس عام 2003م وبعدها أصدرت دار الهلال مجلة بإسم توم وجيرى بدلا منها وعلاوة علي كل ما سبق ففي عام 1969م أصدرت دار الهلال مجلة طبيبك الخاص والتي تخصصت في الشئون الطبية والصحية .

ومن جانب آخر فقد إشتهر جورجي زيدان برواياته التاريخية التي بدأها برواية المملوك الشارد التي صدرت في عام 1891م ثم تتابعت رواياته حتى بلغت إثنتين وعشرين رواية تاريخية منها سبع عشرة رواية تعالج فترات من التاريخ الإسلامي تمتد من عصر الفتوحات الإسلامية للعراق والشام ومصر وبلاد فارس وشمال أفريقيا والأندلس حتي عصر دولة المماليك مثل أرمانوسة المصرية وغادة كربلاء وفتح الأندلس وشجرة الدر والعباسة أخت الرشيد والأمين والمأمون وإستبداد المماليك وقد لقيت هذه الروايات رواجا واسعا وإقبالا هائلا وترجمت إلى اللغات الفارسية والتركية والأذربيجانية وغيرها من اللغات وتنحصر أهمية هذه الروايات في أنها قدمت التاريخ في صورة سهلة ومشوقة وبلغة جذابة تحمل القراء على متابعة تاريخهم دون مشقة أو ملل ومع ذلك فإن تلك الروايات لم تسلم من النقد فيما يتصل بالشكل والمضمون أما من ناحية الشكل والمعالجة فإن الأحداث تقوم على علاقة غرامية بين بطلي القصة وتحول الدسائس دون إلتقائهما وإجتماعهما ومن الملاحظ أن شخصيات رواياته متشابهة ونمطية فقد كان لا يهتم برسم شخصياته أما من حيث المضمون فلم يلجأ جورجي زيدان إلى الفترات المشرقة من التاريخ الإسلامي بل إتجه إلى الفترات التي تمثل صراعا بين مذهبين سياسييَن أو كتلتين متصارعتين على السلطة والنفوذ ولم يتجه إلى التاريخ الإسلامي لإبراز أمجاده وكان متأثرا في ذلك بنظرة المؤرخين الغربيين إلى العالم الإسلامي وعلى الرغم من ذلك فإنه يعد المؤسس لهذا اللون من الروايات التي تجمع بين التعليم والتسلية والتاريخ وتعالوا بنا نلقي نظرة علي بعض كتبه ومؤلفاته التي ذكرنا بعضها في السطور السابقة وما تناوله من خلالها من أحداث وذلك علي النحو التالي :- -- فتاة غسان وتناول فيه بداية ظهور وإنتشار الإسلام في شبه الجزيرة العربية وحتي فتوحات العراق والشام في عهد الخليفتين أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب خلال الفترة من عام 11 هجرية حتي عام 23 هجرية . -- عذراء قريش وتناول من خلاله مقتل الخليفة الثالث ذي النورين عثمان بن عفان عام 35 هجرية وتولي الإمام علي بن أبي طالب الخلافة وما اعقب ذلك من فتنة وواقعة الجمل وأحداث معركة صفين بين أنصار الإمام علي وأنصار معاوية بن أبي سفيان وخروج الشام ومصر من خلافة الإمام علي . – 17 رمضان وهو يتضمن تفاصيل مقتل الإمام علي بن ابي طالب وسرد تاريخ الخوارج ومبايعة أهل العراق إبنه الإمام الحسن خليفة ثم تنازله عن الخلافة لمعاوية بن أبي سفيان وإستئثار بني أمية بالخلافة وخروجها من آل البيت وقيام الدولة الأموية ونقل عاصمة الخلافة إلي دمشق . -- الحجاج بن يوسف الثقفي وتناول فيه حصار مكة المكرمة في زمن الخليفة الأموى الخامس والمؤسس الثاني للدولة الأموية عبد الملك بن مروان بعدما أعلن عبد الله بن الزبير نفسه خليفة وتحصن داخل الحرم وما كان من ضرب الحرم بالمنجنيق حتي تصدعت جدران الكعبة المشرفة إلي أن هزم عبد الله بن الزبير وتم قتله وبذلك خلصت الخلافة لبني أمية ويتخلل سرده لتلك الأحداث وصف لكل من مكة المكرمة والمدينة المنورة . – فتح الأندلس وتناول من خلاله تاريخ أسبانيا قبيل الفتح الإسلامي ووصف لأحوالها وفتحها على يد القائدين العربيين المسلمين طارق بن زياد وموسي بن نصير ومقتل رودريك ملك القوط . – أبو مسلم الخراساني وهو يشتمل على أحداث سقوط الدولة الأموية وقيام الدولة العباسية وسعي صاحب الدعوة العباسية في إقليم خراسان عبد الرحمن بن مسلم الخراساني المعروف بإسم أبي مسلم الخراساني في تأييدها والدعوة لها إلي أن قتل في خلافة أبو جعفر المنصور ثاني الخلفاء العباسيين مع وصف عادات الخراسانيين وأخلاقهم وأسلوب حياتهم . – العباسة أخت الرشيد وهو يشتمل علي تفاصيل نكبة البرامكة في عصر خلافة هارون الرشيد وأسبابها ويتخلل ذلك وصف مجالس الخلفاء العباسيين ومواكبهم وحضارة دولتهم في عصر الرشيد . – الأمين والمأمون وهو يشتمل علي ما وقع بين الأمين والمأمون من خلاف بعد وفاة أبيهما هارون الرشيد وقيام الفرس بتأييد ونصرة المأمون حتى دخولهم بغداد عاصمة الخلافة وقتل أخيه الأمين . – عروس فرغانة وهو يتضمن وصف الدولة العباسية وعاصمتها الجديدة سامراء في عهد الخليفة العباسي الثامن المعتصم بالله إبن هارون الرشيد وأطماع الفرس في إرجاع دولتهم وأطماع الروم أيضا وتخطيطهم لإكتساح المملكة الإسلامية وإستعادة أملاكهم في بلاد الشام . – أحمد بن طولون وهو يتضمن وصف مصر وبلاد النوبة في أواسط القرن الثالث للهجرة خلال عهد الدولة الطولونية التي أسسها أحمد بن طولون ويتخلل ذلك وصف أحوالهما السياسية والإجتماعية والأدبية . – عبد الرحمن الناصر وهو يشتمل على وصف بلاد الأندلس وحضارتها وعادات أهلها في زمن الخليفة الأموى عبد الرحمن الناصر مع وصف ما بناه من القصور الفخمة وإستقباله وفود ملوك أوروبا . – فتاة القيروان وهو يتضمن ظهور دولة العبيديين أو الفاطميين في أفريقية أي بلاد المغرب العربي ومناقب الخليفة الفاطمي الرابع المعز لدين الله وقائده جوهر الصقلي مع سرد لأحداث إخراج مصر من الدولة الإخشيدية وضمها للدولة الفاطمية عام 358 هجرية الموافق عام 969م مع وصف الإخشيديين وجنودهم . -- صلاح الدين الأيوبي وهو يتضمن أحداث سقوط الدولة الفاطمية وإنتقال مصر من الفاطميين إلى الأيوبيين على يد السلطان صلاح الدين مع وصف طائفة الإسماعيلية المعروفة بجماعة الحشاشين . – شجرة الدر وهو يتضمن أحداث وملابسات مقتل السلطان توران شاه آخر سلاطين الدولة الأيوبية والذى تولي الحكم بعد وفاة أبيه الملك الصالح نجم الدين أيوب ومبايعة شجرة الدر زوجة أبيه وتتويجها ملكة لمصر وكانت أول ملكة في الإسلام . – إستبداد المماليك ويشرح من خلاله أحوال مصر وسوريا في آواخر القرن الثامن عشر الميلادى وحكم علي بك الكبير ثم محمد بك أبو الدهب ومعاصريهم من مماليك مصر وأمراء الشام وحروب البلقان بين الدولة العثمانية وروسيا وغير ذلك من الأمور السياسية والإجتماعية . -- المملوك الشارد ويتضمن حوادث مصر وسوريا وأحوالهما في النصف الأول من القرن التاسع عشر الميلادى والتي كان من أبطالها الأمير اللبناني بشير الشهابي ومحمد علي باشا الكبير وإبنه القائد إبراهيم باشا والمملوك أمين بك الذى نجا من مذبحة المماليك التي دبرها محمد علي باشا بالقلعة عام 1811م وفر إلي الشام وهي المذبحة التي قتل فيها حوالي 470 من المماليك وأدى ذلك إلي إنفراد محمد علي باشا بحكم مصر بعد أن تخلص من المماليك الذين كانوا يناوؤنه في حكم مصر . – الإنقلاب العثماني وهو يتضمن وصف أحوال الأحرار العثمانيين وجمعياتهم السرية وما قاسوه من أجل طلب الدستور ووصف الآستانة وقصورها وحدائقها والسلطان عبد الحميد الثاني وجواسيسه وأعوانه وسائر أحواله حتي فوز جمعية الإتحاد والترقي بنيل الدستور في يوم ٢٣ يوليو عام 1908م وما تلا ذلك من تقييد سلطة السلطان عبد الحميد الثاني ثم عزله في عام 1910م .

ويعد كتاب تاريخ التمدن الإسلامي الذي صدر في خمسة أجزاء في الفترة من عام 1902م وحتي عام 1906م أهم مؤلفات جورجي زيدان وقد إستفاد الرجل من قراءاته ودراساته في المؤلفات الغربية ومناهج التأليف في التاريخ والحضارة فضلا عن مطالعاته الواسعة في المصادر العربية ولذلك فقد مثل العمل مزيجا معرفيا غنيا مدعوما بتجارب زيدان السابقة وبقراءاته الكثيرة للمصادر والدراسات العربية والغربية بالإضافة إلى إتباعه مناهج البحث الحديثة التي لم يتطرق إليها أحد قبله حيث كان من يكتبون في تاريخ الإسلام يجرون على منهج رواة المسلمين القدامى مع شئ من التحسين مثلما هو الحال في كتابات الشيخ محمد الخضري ولم يكن لهم صلة بعالم الإستشراق أو وقوف على المناهج الحديثة وقد اثار هذا الكتاب عند ظهور أجزائه الأولى نشاطا واسع المدى في أبحاث التاريخ الإسلامي وأقبل عليه الناس وكانت الجامعة الأهلية المصرية قد تأسست في عام 1908م وإمتلأت قاعاتها بالطلاب فإنتبهت إلى مكانة جورجي زيدان وسعة علمه فدعته إلى إلقاء سلسلة من المحاضرات في التاريخ الإسلامي لكن حالت الظروف دون القيام بهذا العمل في الجامعة وقد ترجم هذا الكتاب إلى عدة لغات شرقية كما ترجم المستشرق الإنجليزي مارجليوث الجزء الرابع منه إلى اللغة الإنجليزية وعده عملا أصيلا غير مسبوق هذا ويعد كتابه تاريخ آداب اللغة العربية الذي صدر في أربعة أجزاء في الفترة من عام 1911م حتي عام 1914م من أهم المراجع للمشتغلين بتاريخ الأدب العربي في عصوره المختلفة وكانت فكرة تأليف هذا الكتاب قد شغلته منذ وقت مبكر فنشر فصولا في مجلة الهلال خلال عام 1894م تحت هذا العنوان ثم وسع هذه الفصول حتى جعل منها كتابا مستقلا ويعد جورجي زيدان رائد هذا الميدان وإن سبقته محاولات محدودة لم يكن لها مثل تأثير كتابه وبلا شك فقد تأثر جورجي زيدان بمنهج المستشرقين في دراسة تاريخ الآداب العربية وبخاصة كتاب المستشرق الألماني بروكلمان في كتاب الأدب العربي وغيره من مؤلفات المستشرقين وقد وضع في الصفحات الأولى من كتابه أسماء المراجع الفرنسية والإنجليزية والألمانية التي رجع إليها ونهل منها وعلاوة علي هذين الكتابين المذكورين في السطور السابقة يعد كتابه تراجم مشاهير الشرق من أهم المراجع التي يستأنس بها كل باحث وكاتب يبحث عن الترجمة لعلم من أعلام الشرق في القرن التاسع عشر الميلادى والكتاب لا يختص بطائفة معينة من الناس أو ببلد مغين وإنما يجمع بين أعلام الحكم والسياسة والأدب والإدارة في العديد من بلاد الشرق .

وأخيرا كان جورجي زيدان يعمل بإنتظام شديد وبعزيمة قوية وينكب على القراءة والتدوين ست عشرة ساعة متوالية في اليوم مكتفيا من النوم بأربع ساعات في أخريات حياته كأنه يسابق الزمن في إنجاز أعماله الضخمة حتي وافته المنية وهو بين كتبه وأوراقه في مساء يوم الثلاثاء الموافق 27 من شعبان عام 1332 هجرية الموافق يوم 21 من شهر يوليو عام 1914م وقد رثاه كبار الشعراء من أمثال أمير الشعراء أحمد شوقي وشاعر النيل حافظ إبراهيم وشاعر القطرين خليل مطران بقصائد مبكية وبالإضافة إلي هؤلاء الشعراء فقد رثاه الأديب والشاعر جبران خليل جبران قائلا وها قد بلغ النهر شاطئ البحر فأي متطفل يا ترى يجسر أن يندبه أو يرثيه أو ليس الندب والنواح خليقين بالذين يقفون أمام عرش الحياة ثم ينصرفون قبل أن يسكبوا في راحتيها قطرة من عرق جبينهم أو دم قلوبهم أو لم يصرف زيدان ثلاثين سنة مذيبا قلبه مستقطرا جبينه وهل بيننا من لم يستق من تلك المجاري البللورية العذبة وختم جبران بقوله من شاء أن يكرِم زيدان فليرفع نحو روحه ترنيمة الشكر وعرفان الجميل بدلا من ندبات الحزن والأسى ومن شاء أن يكرِم ذكر زيدان فليطلب قسمته من خزائن المعارف والمدارك التي جمعها زيدان وتركها إرثا للعالم العربي.

ولا يفوتنا في نهاية مقالنا هذا أن نذكر أنه للأمانة التاريخية فقد وجه نقد شديد لجورجي زيدان وذلك يعود لإعتماده وإستخدامه للمصادر الأوروبية في كتاباته عن التاريخ الإسلامي وإقتباسه لأسلوب الغربيين فيها إلي جانب مخالفته لأصول البحث المنهجي في دراسة التاريخ ومن ثم فقد إفتقدت كتبه التاريخية للتحقيق والتمحيص والتدقيق فكان ينقل الأخبار الموضوعة والمكذوبة على أنها من التاريخ دون أي تحقق من صحة الأحداث ولذلك فإن مؤلفاته تعد روايات أدبية وليس تاريخا موثقا وعلاوة علي ذلك فقد قام بإدراج عبارات وألفاظ أساء فيها للعرب في رواياته منها قوله في رواية عروس فرغانة الصفحة 168 العربي بمنزلة الكلب إطرح له كسرة وإضرب رأسه وفضلا عن ذلك قيل عنه إنه قد إرتكب أخطاء عديدة في النقل أدت إلى تشويه التاريخ الإسلامي وهي التهمة التي وجهت إليه من العديد من الكتاب والنقاد إلي جانب قيامه بالنقل الحرفي من مصادر لا توجد فيها العبارات التي نقلها مع ركاكة لغته وأسلوبه وكثرة أخطائه وهذا ما دفع المهتمين باللغة العربية إلى توضيحها والرد عليها كالأديب والناقد واللغوى اللبناني المعروف إبراهيم اليازجي .