الخميس, 28 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

رحلة "أنوز وجدى" ما بين الصعود والهبوط

رحلة  -أنوز وجدى- ما بين الصعود والهبوط
عدد : 07-2021
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
موسوعة كنوز “أم الدنيا”

محمد أنور يحيي الفتال وجدى والمعروف بإسم أنور وجدى ممثل ومخرج ومنتج مصري من أصول سورية كان من نجوم السينما المصرية وصانع سينمائي من الطراز الأول منذ بداية الأربعينيات من القرن العشرين الماضي وحتى رحيله في منتصف الخمسينيات كما أنه كان مكتشف الكثير من المواهب الفنية وكانت حياته ما بين رحلة صعود وهبوط لحظات من النجاح والحب ولحظات أخرى من الألم والمرض رحلة عاشها الممثل المصري ​أنور وجدي​ ومشوار فني ملئ بالتفاصيل التي لم تنتهِ بعد وفاته حيث بدأ بأدوار صغيرة ولكنه أظهر موهبة واضحة ولمع إسمه في وقت قصير ليصبح فتى الشاشة الاول وواحدا من أبرز فتيان الشاشة في السينما العربية على مر تاريخها وأعماله وحدها كفيلة بأن تخلده كواحد من أهم صانعي ​السينما المصرية​ وقد كتب وأنتج وأخرج العديد من أفلامه التي كان نجمها وبطلها الأول مثل ليلى بنت الفقراء وطلاق سعاد هانم وأربع بنات وضابط وغيرها كما أنتج وأخرج وكتب أفلاما لنجوم آخرين مثل ليلة الحنة ويعد أنور وجدي هو الممثل الوحيد الذي مثل مع ثلاثة من أهم نجوم الغناء وهن أم كلثوم وأسمهان وليلى مراد ويمكننا القول إن أي مراجعة تاريخية لتاريخ أبطال الشاشة العربية من المؤكد أن إسم أنور وجدي سيحتل مكانة متميزة بين الأسماء كواحد من وجوه الشاشة الساحرة الذين طالما أمتعونا بالكثير من حكايات وغنائيات الزمن الجميل وقد ولد أنور وجدي في يوم 11 أكتوبر عام 1904م في حي الظاهر بالقاهرة حيث هاجر والده يحيى وجدي الفتال من سوريا إلى مصر في أواخر القرن التاسع عشر الميلادى لأسباب إقتصادية حيث كان يعمل في تجارة الاقمشة في مدينة حلب في سوريا ومن ثم إنتقل مع أسرته إلى مصر بعد أن بارت تجارته مما جعل أسرته تتعرض للإفلاس وتعاني الفقر والحرمان الشديد وتزوج في مصر من سيدة مصرية هي مهيبة الركابي وكانت سيدة بسيطة من الظاهر وأنجب منها أنور وعانت الأسرة من الحرمان الشديد وكانت والدته السيدة مهيبة الركابي بالنسبة له نموذج للمرأة التي تضحي من أجل عائلتها .

ولما وصل أنور وجدى إلي سن المدرسة إستطاعت أسرته أن تلحقه بمدرسة الفرير الفرنسية بالظاهر والتي تعلم فيها الفنان فريد الأطرش وشقيقته المطربة أسمهان والفنان نجيب الريحاني والمخرج حسن الإمام وأتقن خلال دراسته اللغة الفرنسية غير أنه لم يستمر طالبا فقد ترك الدراسة بعد أن أخذ قسطا معقولا من التعليم لكي يتفرغ للفن وأيضا لأن ظروف أسرته لم تكن تساعده على الإستمرار في الدراسة وعمل في العديد من المهن لكنه لم يكن منتظما في العمل بسبب عمله كهاو في العديد من الفرق الفنية الصغيرة لكن عينه كانت دائما على هوليوود وظل حلم السفر لأمريكا يراوده حتى أنه أغرى زميلين له بمحاولة الهروب معه لأمريكا ليعملوا في السينما لكن محاولتهم باءت بالفشل فبعد أن تسللوا إلى باخرة في ميناء بورسعيد تم ضبطهم وقام أبوه بطرده من المنزل عندما علم بأنه يريد أن يكون ممثلا وبعد طرده وجد أنور وجدي ضالته في شارع عماد الدين فإتجه إليه على الفور ليلتقي بالنجوم والفنانين وقرر أن ينضم لفرقة رمسيس المسرحية وأثناء وقوفه على باب المسرح قابل الفنان الكبير ​يوسف بك وهبي​ وتوسل إليه أن يجعله يعمل في المسرح حتى ولو في مهنة عامل بوفيه ليقوم بتقديم الشاي والقهوة أو عامل نظافة ليقوم بكنس غرف الفنانين وتنظيفها إلا أن يوسف وهبي كان على عجلة ولم يهتم بالأمر كثيرا فعاد أنور وجدي لقاسم وجدي ريجيسير الفنانين وطلب منه أن يقابل يوسف وهبي والذي قبل أن يعينه عامل إكسسوارات كل مهمته التأكد من الإكسسوار الموجود على المسرح وكان راتبه في ذلك الوقت 3 جنيهات وإستمر فترة حتى جاءته الفرصة أثناء تواجده مع فرقة رمسيس في أمريكا اللاتينية وشعر يوسف وهبي أن أنور وجدي يتمتع بملامح تؤهله للتمثيل بالإضافة لإجتهاده أيضا وقدمه في عام 1922م من خلال دور كومبارس صامت لشخصية ضابط روماني في مسرحية يوليوس قيصر وأصبح وقتها أجره 4 جنيهات فقرر أن يشترك مع الفنان عبد السلام النابسي في غرفة على السطح ووقتها تفرغ أيضا لكتابة المسرحيات فكان يكتب للفنانة بديعة مصابني​ المسرحية نظير 3 جنيهات .

وتدريجيا إستطاع أنور وجدى أن يعمل في الإذاعة من خلال مسرحيات من إخراجه ويقوم أيضا بتأليفها حتى إبتسم له الحظ حيث قدم دور عباس في مسرحية الدفاع وذلك في عام 1931م مع يوسف وهبي وإنتقل بعدها لفرقة ​عبد الرحمن​ رشدي وبعدها للفرقة القومية وأصبح راتبه 6 جنيهات وقدم دورا كبيرا في مسرحية البندقية التي كانت بدايته مع الشهرة وإلى جانب المسرح قدم في ذلك الوقت أدوارا سينمائية صغيرة رشحه لها يوسف وهبي حيث حدث ذات يوم أن قرر يوسف وهبي الإستعانة ببعض تلاميذه لأداء بعض الأدوار الصغيرة في أفلامه الأولى وكان أنور وجدى واحدا منهم وأسند له دورا في فيلم أولاد الذوات عام 1932م وفي فيلم الدفاع عام 1935م ليبدأ بعدها مشوارا حافلا بالأعمال السينمائية المميزة حيث رشحه المنتج والمخرج أحمد سالم ليشارك في فيلم أجنحة الصحراء في عام 1938م الذي كان من إخراجه وقامت ببطولته راقية إبراهيم أمام حسين صدقي وفي عام 1939م بدأت تتوالى أفلامه حيث شارك في العام المذكور في عدد أربعة أفلام دفعة واحدة وهي خلف الحبايب مع المخرج فؤاد الجزايرلي والدكتور مع المخرج نيازي مصطفى وبياعة التفاح مع المخرج حسين فوزي أما فيلمه الرابع فكان واحدا من أهم أفلام السينما المصرية وواحدا من كلاسيكياتها الشهيرة وهو فيلم العزيمة الذي أخرجه المخرج مال سليم وقامت ببطولته الفنانة فاطمة رشدي أمام حسين صدقي ومع بداية الأربعينيات من القرن العشرين الماضي أصبح أنور وجدي نمطا سينمائيا مطلوبا بشدة في تلك الفترة حيث إستغل منتجو السينما ومخرجيها ملامحه الناعمة ووسامته في تقديم أدوار إبن البشوات الثري المستهتر الذي يكون رمزا للشر فشارك فيما يزيد عن 20 فيلما من هذه النوعية في السنوات الخمس الأولى من الأربعينيات وكان من أشهر هذه الأفلام فيلم إنتصار الشباب مع المخرج أحمد بدرخان وفيلم ليلى بنت الريف من إخراج توجو مزراحي في عام 1941م وفي عام 1944م قدم فيلم شهداء الغرام مع المخرج كمال سليم وفيلم كدب في كدب والذى كان أول بطولاته وكان من إخراج توجو مزراحي .

وبعد ذلك توالت البطولات وأصبح أنور وجدي في النصف الأخير من الأربعينيات بداية من عام 1945م فتى الشاشة الأول وقدم مجموعة من أنجح أفلام تلك الفترة منها القلب له واحد وسر أبي مع الفنانة صباح كما كان هذا العام المذكور من أهم النقلات والمحطات المهمة في المسيرة السينمائية لأنور وجدي حيث بدأ التحول الذي أحدثه على أدواره وشخصياته في أفلامه فقدم نفسه لجمهور السينما بصورة مغايرة غير التي إعتادوا مشاهدته فيها فبعد أن كان شبه متخصص في نمط وشخصية الثري إبن الذوات الملئ بالشر والإنتهازية أصبح يجسد أدوارا وشخصيات تقدمه في مواقف إنسانية خصوصا صورة الشخص الفقير الذي يتفانى في أداء واجبه سواء الإنساني أو المهني ومن خلال حرصه على هذا الواجب يصل لقلب حبيبته التي غالبا ما تكون من أسرة ثرية أرستقراطية كما تميزت أدواره السينمائية خلال هذه الفترة أيضا بالرومانسية والشفافية والشهامة وهذا ما جعله يظهر أيضا في صورة المدافع عن الحق الإنساني في الحب والحياة ونجح في أن يكسب قلوب جمهور السينما من خلال هذا التحول الهائل والعكسي في أدواره وعلاوة علي ذلك فقد قرر أن يدخل عالم الإنتاج السينمائي بفيلم ليلى بنت الفقراء وكتب سيناريو الفيلم أيضا ورشح لبطولته ليلى مراد وكانت نجمة السينما المصرية الأولى ونجمة الشباك رقم واحد في تلك الفترة ورشح أيضا لإخراجه المخرج الكبير كمال سليم والذى وافق ورحبت به ليلى مراد وبدأت جلسات العمل للتحضير للفيلم لكن أثناء ذلك يتوفى المخرج كمال سليم فيقرر أنور وجدى أن يستمر في إنتاج الفيلم ويقرر أن يقوم هو بإخراجه إلى جانب قيامه بدور البطولة ويتم عرض الفيلم ويحقق نجاحا هائلا ويصبح أنور وجدي مطروحا على الساحة السينمائية ليس فقط كنجم وممثل وبطل سينمائي بل أيضاً كمؤلف ومنتج ومخرج فبعد النجاح الهائل للفيلم قدم أنور وجدى مع ليلى مراد سلسلة من الأفلام حققت نجاحاً كبيرا قام ببطولتها وإخراجها وإنتاجها ووصلت إلى عدد ستة أفلام كتب القصة والسيناريو والحوار لها وهي فيلم ليلى بنت الأغنياء عام 1946م وفيلم قلبي دليلي عام 1947م وضم هذا الفيلم عدد كبير من أجمل أغاني الفنانة ليلي مراد وأشهرها أغنية قلبي دليلي والتي لحنها الموسيقار محمد القصبجي وشارك في بطولة هذا الفيلم بشارة واكيم وإستيفان روستي وحسن فايق وفي عام 1948م قدم فيلم عنبر ثم فيلم غزل البنات عام 1949م والذي إستطاع أن يجمع فيه لأول مرة الفنان يوسف وهبي وموسيقار ​الأجيال محمد عبد الوهاب​ والفنان نجيب الريحاني وفيلم حبيب الروح عام 1951م وفيلم بنت الأكابر عام 1953م .

وفضلا عن ذلك قدم أنور وجدى مجموعة من الأفلام لم تشارك فيها الفنانة ليلى مراد منها فيلم طلاق سعاد هانم عام 1948م مع عقيلة راتب وفيلم قطر الندى عام 1951م مع شادية وفيلم أربع بنات وضابط عام 1954م مع نعيمة عاكف وكلها بطولته وتأليفه وإنتاجه وإخراجه وأنتج وألّف أيضا فيلم ليلة العيد عام 1949م لشادية وإسماعيل ياسين والبطل والمليونير عام 1950م لإسماعيل ياسين وفيلم ليلة الحنة عام 1951م لشادية وكمال الشناوي وفيلم مسمار جحا عام 1952م وتأتي بداية الخمسينيات لتكون نهاية مشواره السينمائي وقدم فيها مجموعة من الأفلام المهمة ومن أبرزها أمير الإنتقام عام 1950م عن رواية الكونت دي مونت كريستو للأديب الفرنسي الكبير الكسندر دوما وفيلم النمر وفيلم ريا وسكينة عام 1953م وفيلم الوحش عام 1954م ويمكننا أن نقول إن أنور وجدى قد إستطاع بذكائه الفني والإنساني أن يدرك أن جمهور السينما في تلك الفترة كان يقبل أكثر على الأفلام ذات الطابع الغنائي فقدم في معظم أفلامه الغناء والإستعراض ونجح في ذلك إلى حد بعيد وكانت اللوحات الإستعراضية وديكوراتها علاوة علي إهتمامه الشديد بالملابس من أشهر ما عرفت به أفلامه علي الرغم من تكلفتها العالية حيث كان منتجا لا يبخل على أفلامه مع ذكاء واضح في إيجاد الحلول لبعض المشكلات أثناء التصوير ومن هنا حقق كل ما كان يصبو إليه من شهرة ونجومية ومال .

ومن جانب آخر كان أنور وجدى هو من إكتشف الطفلة المعجزة فيروز وكانت إبنة عائلة أرمنية فنية حققت نجاحات كبيرة وشهرة واسعة في مصر حيث نجحت منها ثلاث فتيات شغلوا مساحة كبيرة داخل القلوب في البيت المصري وهي فيروز وشقيقتها الصغرى الفنانة نيللي وإبنة خالها الفنانة لبلبة وقد ولدت فيروز في القاهرة في يوم 15 مارس عام 1943م وكان إسمها الأصلي بيروز آرتين كالفيان في وقت كانت البشرية فيه تعاني تحت وطأة الحرب العالمية الثانية لكن شاء القدر أن ينفتح الطريق لخروج موهبة فنية كبيرة عندما إكتشف الفنان السوري إلياس مؤدب البنت الصغيرة بيروز وكان صديقا لوالدها عندما كان يعزف على الكمان في إحدى الزيارات المنزلية لأسرتها لتبدأ الطفلة الصغيرة في الرقص مع الموسيقى التي يعزفها إلياس مؤدب وهنا لفتت الفتاة الصغيرة إنتباه الممثل السوري خفيف الدم ولاحظ موهبتها وحاول تطويرها وقام بتأليف وتلحين مونولوج خاص لتغنيه وحدها ولأنه كان يغني في حفلات منزلية فقد إصطحبها معه لتؤدي المونولوج في إحدى المرات وأمام الحضور نجحت الطفلة الصغيرة نجاحا مبهرا وتصارع عليها المنتجون السينمائيون لتأتي محطتها الشهيرة مع الفنان أنور وجدي الذى آمن بموهبتها الكبيرة وقام بتوقيع عقد إحتكار مع والدها ينص على حصول إبنته على ألف جنيه عن كل فيلم وإختار لها إسم فيروز بدلا من بيروز وكان أول أعمالها السينمائية في سن السابعة من عمرها وهو فيلم ياسمين مع الفنان أنور وجدى عام 1950م وفي البداية عرض أنور وجدى على الفنان الكبير محمد عبد الوهاب أن يشاركه في إنتاج هذا الفيلم لكن لم يتحمس موسيقار الأجيال لهذه التجربة خوفا من فشلها فأقدم أنور وجدي على إنتاج الفيلم وحده في مغامرة كبيرة لكنها لاقت نجاحا باهرا رغم تخوف الكثيرين من خوض هذه التجربة وقدمت بعده فيروز فيلم دهب مع الفنان أنور وجدى أيضا والفنانة ماجدة في عام 1953م وكانت وقتها في العاشرة من عمرها وحقق الفيلم نجاحا كبيرا وحتى الآن يعد هذا الفيلم هو الأشهر في تاريخها .

وفضلا عن ذلك فقد قدمت فيروز عدد 8 أفلام أخرى لم يشاركها فيها الفنان أنور وجدى هي فيلم فيروز هانم عام 1951م وكان من إنتاج أنور وجدى وفيلم صورة الزفاف عام 1952م وفيلم الحرمان عام 1953م وفيلم عصافير الجنة عام 1955م وفيلم إسماعيل ياسين للبيع عام 1957م وفيلم إسماعيل ياسين طرزان وفيلم أيامي السعيدة عام 1958م وبفكر في اللي ناسيني والذى كان آخر أفلامها وقدمته في عام 1959م ثم قررت ختام مسيرتها الفنية بشكل مفاجئ بعد هذا الفيلم لتظل عالقة في قلوب الجمهور المصري كطفلة بريئة ضاحكة متقدة بالموهبة ترقص بجوار أنور وجدي ومن خلال هذه الأفلام قدم أنور وجدى بمشاركة الطفلة فيروز العديد من الأغاني الخفيفة مثل كروان الفن وبلبله وبحلق لي وبص لي والميزان والدربكة والبلياتشو وإتمخـطرى ومعانا ريال ومبروك عليكى عريسك الخفة وحلو يا حلو وسينورينا سينوريتا وأنا كتكوتة نونو ودح وبعد إعتزالها الفن عام 1959م تعرفت علي الفنان بدر الدين جمجوم الذي أحبها وتزوجها وأنجبت له من الأبناء إثنين هما أيمن وإيمان وعاشت معه حياة مستقرة لما يزيد على ثلاثين عاما حتى توفي جمجوم عام 1992م وكان آخر ظهور عام لها في عام 2001م يوم تكريمها في مهرجان القاهرة السينمائي قبل رحيلها عن دنيانا في القاهرة يوم 30 يناير عام 2016م عن عمر يناهز 73 عاما بعد أن عاشت بعيدا عن الأضواء لما يزيد على 55 عاما إلا أن كل هذا الغياب لم يجعل الجمهور المصري ينساها أبدا أو ينسي مكتشفها أنور وجدى ومازالت الطفلة الصغيرة فيروز تحتفظ بحظوتها داخل القلوب في كل بيت مصري ويردد الكبار والصغار أغانيها حتى الأجيال الجديدة التي لم تعاصرها .

وعن الحياة الشخصية للفنان أنور وجدى فقد تزوج 4 مرات حيث تزوج في بداية حياته الفنية من الراقصة قدرية حلمي التي كانت تعمل بفرقة بديعة مصابني وبعدها تزوج الفنانة إلهام حسين وتوقع لها مستقبل في الفن وبالفعل قدمت العديد من الأعمال وقتها حيث شاركت محمد عبد الوهاب بطولة فيلم يوم سعيد إلا أنه بالرغم من ترشيحه لها طلبت هي من مخرج الفيلم عدم الإستعانة به لكونه وقتها لم يكن وجها معروفا وهو ما تم بالفعل لتبدأ الخلافات بينهما والطلاق بعد ستة أشهر من الزواج ثم كانت ثالث زيجاته من الفنانة ليلى مراد وبالتحديد بعد فيلم ليلى بنت الفقراء حيث أعلن بعدها زواجهما في عام 1945م وكان أنور وجدي قد دعا الصحافة لحضور آخر يوم تصوير في هذا الفيلم حيث إرتدت ليلى فستان زفاف ليعلن أنه قد تم عقد القران قبل أيام ولم يطلب منها أنور وجدي أن تغير ديانتها اليهودية حينذاك إلا أن الجمهور وقتها لم يكن مرحبا بهذه الزيجة خاصة وأن أنور وجدي كان معروفا عنه بعشقه للنساء بينما ليلى مراد كانت زيجتها الأولى كما أنها كانت أشهر منه فنيا فتردد أنه تزوجها من أجل الشهرة والمصلحة وقد إستمر الزواج بينهما لسبع سنوات حتى بدأت الخلافات تدب بينهما فإنفصلا زوجيا وفنيا وجدير بالذكر أن الفنانة ليلي مراد قد أشهرت إسلامها في عام 1946م في مشيخة الأزهر أمام الشيخ محمود أبوالعيون وفي عام 1953م كانت ترغب في أداء فريضة الحج وكانت حينذاك تقوم بتصوير فيلم ليلى بنت الأكابر فلما طلبت الذهاب لأداء فريضة الحج طلبت إدارة إستوديو مصر وقتها الإنتهاء من تصوير الفيلم خلال أسبوعين مما جعلها تبقى في القاهرة للإنتهاء من الفيلم ولم تستطع في هذا العام أداء الحج فطلبت من أبو السعود الإبيارى تأليف أغنية تودع فيها المسافرين للحج وبالفعل قام بتأليف أغنية يارايحين للنبى الغالى وقام بتلحينها الموسيقار رياض السنباطى وذلك لكي تعبر من خلالها عن شوقها للسفر للحج وتعد هذه الأغنية واحدة من أشهر الأغنيات التى إرتبطت بموسم الحج ولا تمر تلك المناسبة إلا وتقوم الإذاعات والقنوات التليفزيونية بعرض تلك الأغنية .

وكانت الزيجة الرابعة والأخيرة للفنان أنور وجدى من الفنانة ليلي فوزى وكانت حلم حياة أنور وجدي والذى كان قد قابلها لأول مرة في فيلم مصنع الزوجات عام 1941م وبعد ذلك في فيلم تحيا الستات عام 1944م وكانت لقاءاتهما خلال هذين الفيلمين عابرة حيث لم يلتقيا أثناء تصويرهما لعدم وجود مشاهد عديدة تجمعهما معا لكن في الفيلم الثالث من الجاني في عام 1944م تقابلا كثيرا حيث كانت هناك مشاهد عديدة تجمعهما وبدأ أنور وجدى يشعر بإنجذاب هائل ناحية ليلى فوزي ولم يكن يستطيع أن يصارحها لأن ليلى كان والدها لا يفارقها أثناء التصوير ولم ينتظر أنور طويلا فلجأ إلى حيلة ليلتقي بها حيث طلب من أحد أصدقائه أن يتصل بوالدها على تليفون الإستديو وعندما خرج والدها إندفع ناحيتها ليخبرها بمشاعره وعندما تأكد أنها غير مرتبطة عاطفيا ذهب إلى منزلها ليخطبها من والدها وكانت ليلي فوزى في ذلك الوقت قد ظهرت في حوالي 11 فيلما سينمائيا بينما كان أنور وجدي لا يزال يتنقل بين الأدوار الثانية وعندما تقدم لطلب يدها رفضه والدها وزوجها لعزيز عثمان الذي يكبرها بحوالي 30 عاما ثم دارت الأيام وتطلقت ليلى فوزى من زوجها عزيز عثمان كما تم الطلاق بين أنور وجدى وليلى مراد فكانت عودة الحب بينهما والزواج أخيرا بعد أن إلتقيا مرة أخرى عام 1954م لتصوير فيلم خطف مراتي مع صباح وفريد شوقي ورغم مرض أنور وجدي الذي ظهر في بداية عام 1954م طلب أنور من ليلى فوزى أن تسافر معه في رحلة علاجه إلى فرنسا وهو ما حدث بالفعل وبمجرد وصولهما إلى باريس فاجأها أنور بإصطحابها إلى القنصلية المصرية حيث تم زواجهما هناك وكان هذا في يوم 6 سبتمبر عام 1954م وقالت الفنانة ليلي فوزى عن ذلك الحدث تزوجت من أنور وجدى في العاصمة الفرنسية باريس ودعونا في زفافنا موظفي السفارة المصرية هناك وحضر زواجنا أيضا الفنانين فريد الأطرش وسليمان نجيب اللذان جاءا من مصر خصيصا وعشت مع أنور أربعة أشهر من أجمل أيام عمري لكن تشاء الأقدار أن يرحل بعد أن إشتد عليه المرض بعد هذه المدة القصيرة من الزفاف .

وكان الفقر الشديد الذى عاشه الفنان أنور وجدى في سنينه الأولي جعله يتمنى دائماً أن يصبح ثريا حتى لو أصابته أمراض الدنيا وهو بالفعل ما تحقق له حيث جمع ثروة قدرت بحوالي نصف مليون جنيه وهو رقم كبير في الخمسينيات لكن أصابه المرض فحينما كان فقيرا كان لا يجد الطعام الكافي وبعد أن أصبح ثريا منع من تناول العديد من الأطعمة حيث أُصيب بالفشل الكلوى في الوقت الذي إعتقد فيه أنه حقق حلم حياته بزواجه من حبيبته ليلى فوزي وبعد عودتهما من فرنسا عاودته آلام المرض مرة أخرى فسافر في رحلة علاح إلي السويد حيث أشار عليه الأطباء بالسفر إلي هناك حيث يوجد طبيب إخترع جهازا جديدا لغسيل الكلى وكان الأول من نوعه في العالم وبالفعل سافر أنور وجدى إلى هناك وأجرى الأطباء جراحة دقيقة له لكنها لم تفلح في إنقاذه فقد تدهورت حالته وتأكد الأطباء أن لا أمل في شفائه حتى بمساعدة الكلية الصناعية وفي آخر 3 أيام من حياته أُصيب بالعمى ولم يعلم أحد بهذا الأمر سوى زوجته الفنانة ليلي فوزى وقضى آخر أيامه في غيبوبة شبه كاملة حتى أنه إستفاق لحظة قبل وفاته وقال لزوجته خليكي معايا ليكتب مشهد النهاية لقصة فنان ونجم أثرى السينما المصرية بأعمال خالدة في يوم 14 مايو عام 1955م عن عمر يناهز 51 عاما وكانت وفاته صدمة مفاجئة كبيرة لكل محبيه ولمصر بأكملها وخسارة للفن والفنانين فقد كان في قمة عطائه ومجده الفني والإنساني الكبير وعاد جثمانه إلى القاهرة التي طلب أن يدفن بها وإستقبله نجوم الفن في المطار وظل الصندوق الخشبي للجثمان في مدخل عمارته فذهب إليه الفنان والمنشد محمد الكحلاوي الذي وجده ملفوفا بشاش فإصطحبه إلى مسجد عمر مكرم وغسله ولفه بكفن جديد وصلى عليه وقام بتشييعه إلي مثواه الأخير وكان أنور وجدى لم ينجب من زوجاته الأربعة وعندما تم فتح شقته عثر فىها على ما يؤكد أنه كان يخطط لأعمال فنية لسنوات قادمة ومن ضمنها أفلام عالمية حيث وجد ورثته ضمن مقتنياته 20 قصة سينمائية كان قد إشتراها قبل وفاته مخططا لتقديمها خلال خمس سنوات بواقع 4 أفلام سنويا دون أن يكون فى توقعاته أن الموت سيخطفه قبل أن يحقق مخططاته كما كان أنور وجدى قد سافر خلال السنوات الأخيرة من حياته أكثر من مرة إلى إيطاليا وجلس مع السينمائيين الإيطاليين وتحدث معهم عن السينما المصرية تمهيدا لإنتاج أفلام مشتركة حتى أنه بعد وفاته زار مصر أحد صناع السينما الإيطالية وسأل الفنانة مارى كوينى عن أنور وجدى وإنهار بالبكاء حين عرف أنه مات مؤكدا أنه كان يخطط لإنتاج فيلم إيطالى مصرى ضخم كما كان أنور وجدى أيضا يستعد لإنتاج فيلم ملون بطولة فريد الأطرش وليلى فوزى وتحدث بالفعل مع فريد عن هذا المشروع ولكنه رحل قبل أن يكتمل وهكذا رحل أنور وجدى الذى قدم للسينما المصرية الكثير قبل أن يحقق كل أحلامه وهكذا هى الدنيا .

وفي عام 1961م قام الفنان كمال الشناوى بإنتاج فيلم بإسم طريق الدموع وقام أيضا ببطولته وشارك في كتابة قصته مع الفنان السيد بدير حكي من خلاله قصة حياة أنور وجدي وقامت بدور ليلى مراد الفنانة صباح وقامت ليلى فوزي بتجسيد شخصيتها الحقيقية في الفيلم ومما يذكر أن أنور وجدى وكمال الشناوى كانا صديقين مع أنه كان فارق العمر بينهما 17 عاما وتعود قصة صداقتهما إلي أنه حينما بدأ الشناوي التمثيل قال عنه أنور وجدي إنه وسيم لكنه لا يجيد التمثيل ليرد وقتها الشناوي عليه بأنه كيف يكون أنور فتى الشاشة الأول وله كرش وأثناء تواجدهما سويا في إحدى الحفلات أخبره أنور وجدي أن السبب في ذلك هو مرضه مما أبكى الشناوي وبعدها أصبحا صديقين وبخلاف هذا الفيلم كان لشخصية أنور وجدى وجود في بعض الأعمال الدرامية منها مسلسل أنا قلبي دليلي والذى يحكي قصة الفنانة ليلى مراد وقام أحمد فلوكس بدور أنور وجدي ومسلسل أم كلثوم كوكب الشرق وسيدة الغناء العربي عن حياتها وقام الفنان سمير صبري بدور أنور وجدي ومسلسل الشحرورة والذى يحكي قصة الفنانة صباح وقام أسامة أسعد بدور أنور وجدي ومسلسل أبو ضحكة جنان والذى يحكي قصة حياة الفنان إسماعيل ياسين وقام علي حمدي بدور أنور وجدي وفضلا عن ذلك فقد قام الناقد الفني محمد عبد الفتاح بتأليف كتاب بإسم سينما أنور وجدي ويقع في 368 صفحة وصدر عن سلسلة آفاق السينما ونختم مقالنا هذا بمقولة صرحت بها الفنانة فيروز قبل وفاتها مفادها إن كثيرين قالوا إن أنور وجدى قد إستغل فيروز لكن على العكس كان هو السبب وراء نجاحها فقد كان إسم أنور وجدي قد إرتبط بزوجته الفنانة ليلى مراد مما دفع البعض للقول إنها السبب وراء نجاحه لذا أراد وجدي أن يظهر بشكل منفصل بعيدا عن ليلى ومن هنا إكتشف فيروز ودعمها ودربها ونجحا معا .