الخميس, 5 ديسمبر 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

المفكر الباحث الأديب الدكتور عبد الوهاب المسيرى

المفكر الباحث الأديب الدكتور عبد الوهاب المسيرى
عدد : 08-2021
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
موسوعة كنوز “أم الدنيا”


الدكتور عبد الوهاب محمد المسيرى مفكر وعالم إجتماع مصري مسلم وهو مؤلف موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية أحد أكبر الأعمال الموسوعية العربية التي ظهرت في القرن العشرين الماضي والتي إستطاع من خلالها برأي البعض إعطاء نظرة جديدة موسوعية موضوعية علمية للظاهرة اليهودية بشكل خاص وتجربة الحداثة الغربية بشكل عام مستخدما ما طوره أثناء حياته الأكاديمية من مفهوم النماذج التفسيرية أما برأي البعض الآخر فقد كانت رؤيته في موسوعته متحيزة لليهود ومتعاطفة إلى حد كبير مع مواقفهم تجاه غير اليهود بل وصفها البعض بأنها تدافع عن اليهود وفي الحقيقة فإن الدكتور المسيرى كان يفصل بين المشروع الإسرائيلي الصهيوني التوسعى وبين الدين اليهودى واليهودية ويرى أن المشروع الإسرائيلى مشروع إستعمارى لا يمت لليهودية بصلة وكان يقول إن المجتمع الإسرائيلى ليس مجتمعا عنصريا وحسب ولكن قوانينه أيضا عنصرية وبالإضافة إلي الموسوعة المشار إليها فقد صدرت له عشرات الدراسات والمقالات عن إسرائيل والحركة الصهيونية ولذا فهو يعتبر واحدا من أبرز المؤرخين العالميين المتخصصين في الحركة الصهيوينة وعلاوة علي ذلك فقد قدم الدكتور المسيرى خطابا إسلاميا جديدا يهتم بالمقاصد دون الغرق فى تفاصيل الفقه ليكون صالحا للتواصل الإنسانى العالمى وكان يربط دائما بين الصهيونية والعنصرية وبين كفاح الشعب الفلسطينى وشعب جنوب أفريقيا الأسود وهو يقاوم العنصرية البيضاء وهو كذلك يشبه الدكتور مصطفى محمود فى الإنتقال بفكره الحر من دائرة الماركسية والإلحاد إلى طريق الإيمان واليقين ويتأمل بعقله المبدع كل شئ ولم يخضع قلبه ولا قلمه لأحد سوى مولاه الحق سبحانه وتعالى ثم ضميره الحر وكان المسيرى يرى أيضا أن العلمانية الشاملة تحول العالم إلى مادة إستعمالية تمثل الوجه الآخر للإمبريالية التى حولت قارتي آسيا وأفريقيا والأمريكتين إلى مادة إستعمالية يوظفها الإنسان الغربى الأقوى لصالحه وأن العلمانية الشاملة قامت بتنظيم الداخل الأوروبى بشكل صارم وفى الوقت نفسه جيشت الجيوش وغزت العالم غزوة إمبريالية إستعمارية شاملة ويرى أن التقدم الغربى هو ثمرة نهب العالم الثالث وأن الحداثة الغربية لا يمكن فصلها عن عملية النهب هذه وكان يقول دائما ثمة هزيمة داخلية فى الفكر العربى تجعل من الغرب المرجعية الوحيدة ومصدر المعرفة الأوحد .

وكان ميلاد الدكتور عبد الوهاب المسيرى في يوم 8 من شهر أكتوبر عام 1938م فى مدينة دمنهور عاصمة محافظة البحيرة لإحدى العائلات المعروفة هناك وتلقى المسيرى تعليمه الإبتدائى والثانوى في مدينته دمنهور وشارك وهو طالب فى المظاهرات ضد الإحتلال البريطاني وإنضم لحزب مصر الفتاة الذى كان يقوده الزعيم أحمد حسين فى أوائل الخمسينيات من القرن العشرين الماضي وفي نفس الفترة تقريبا إنضم إلى جماعة الإخوان المسلمين لمدة عامين لكنه إنفصل عنها مع بداية ثورة يوليو عام 1952م وعن هذه الفترة يقول المسيرى إن نشاطه مع الإخوان إقتصر على قراءة القرآن الكريم وأداء بعض العبادات فحسب ولم يصاحب ذلك أي ممارسات سياسية حقيقية وفى عام 1955م إلتحق المسيرى بقسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب بجامعة الإسكندرية وبعد أن قرأ الكثير عن الشيوعية والماركسية والمادية دون أن يصل به الأمر كما يؤكد فى مذكراته إلى الإلحاد إنضم للحركة الوطنية للتحرر الوطني والتي كانت معروفة بإسم حدتو والتي كانت من أهم المنظمات الشيوعية في مصر في أربعينيات وخمسينيات القرن العشرين الماضي وقد مكنت مؤهلات وقدرات المسيري العلمية من إرتقاء المناصب داخل هذه الحركة بشكل سريع حيث أضحى مسؤولا عن خلية كما أنه ساهم في تنظيم عدد من المظاهرات العمالية في بعض مصانع الإسكندرية ورغم الترقي الذي حظي به المسيري في حدتو إلا أنه لم يستمر طويلا على النهج الماركسي والسبب أنه عندما إنخرط فى صفوف الحزب إكتشف أن السلوك الشخصى لأعضائه كان متناقضا مع المثاليات الدينية أو الإنسانية وأن بعضهم كان نرجسيا لدرجة كبيرة وإكتشف أيضا وفقا لمذكراته أن كثيرا من الشيوعيين إنضموا للحزب نتيجة حقد طبقى أعمى لا عن إيمان بضرورة إقامة العدل فى الأرض لهذا قدم إستقالته من الحزب وإبتعد عن الماركسية تماما لكن كان من الملاخظ أنه وعلى الرغم من إعتزاله للماركسية فقد إستمر طوال حياته ميالا للخط اليساري وإن إصطبغ ذلك الخط فيما بعد بنزعة إسلامية عقائدية واضحة وفي عام 1959م حصل المسيرى علي ليسانس الآداب وعين معيدا وفي عام 1963م سافر إلي الولايات المتحدة الأميريكية وهناك حصل على شهادة الماجستير فى الأدب الإنجليزى المقارن من جامعة كولومبيا بمدينة نيويورك في عام 1964م ثم حصل علي شهادة الدكتوراة في عام 1969م من جامعة روتجرز البحثية التي تأسست في عام 1766م بولاية نيوجيرسى وخلال فترة دراسته بالولايات المتحدة الأميريكية إكتشف أن التقدم الغربى هو ثمرة نهب العالم الثالث والحداثة الغربية لا يمكن فصلها عن عملية النهب هذه وأن نهضة الغرب تمت على حساب العالم كله كما ذكرنا في السطور السابقة ويرى المسيرى إن الحضارة المادية تجسدت فى هذا المجتمع بكل معانيها وهو الأمر الذى غير الكثير من قناعاته الفكرية حول المنهج المادى والمقولات الفكرية الحداثية التى جعلته يثق فى قدرته على التغيير وإقامة العدل على الأرض وفقا لهذه المعايير .

وبعد أن أنهي المسيرى دراسته في الولايات المتحدة الأميريكية عاد إلى مصر في عام 1969م وعمل في التدريس في جامعة عين شمس وعلاوة علي ذلك فقد تم إختياره عضوا بمجلس الخبراء في مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام في الفترة ما بين عام 1970م وعام 1975م ومستشارا ثقافيا للوفد الدائم لجامعة الدول العربية لدى هيئة الأمم المتحدة في نيويورك في الفترة من عام 1975م وحتي عام 1979م كما كان عضوا أيضا في مجلس الأمناء في جامعة العلوم الإسلامية والإجتماعية ببليسبرج بولاية فرجينيا في الولايات المتحدة الأميريكية ويذكر المسيرى أنه أثناء هذه الفترة خلال النصف الثاني من السبعينيات من القرن العشرين الماضي قد تعرض لمؤامرة يهودية أحيكت ضده وكان لذلك قصة غريبة جدا ففي البداية لاحظ أن بيوت أعضاء الوفد الدائم للجامعة العربية قد تعرضت لسرقات أو حرائق الواحد تلو الآخر وكان المسيرى مقيما حينذاك بولاية نيوجرسي الأميريكية والتي تتبع لها جامعة روتجرز التي كان قد نال منها شهادة الدكتوراة وكان منزله وكل شئ يملكه بإسم زوجته حتى خط الهاتف مما جعل من الصعب التوصل لعنوانه لكن حين وقعت إتفاقية كامب ديفيد في عام 1978م كتب الطلبة العرب رسالة إحتجاج على الإتفاقية نشرت في مجلة الجامعة بتوقيع الدكتورة هدى حجازي زوجته بصفتها رئيسة النادي العربي مما تسبب في الوصول إليه وبعد مرور ستة أشهر سرق كل شئ من منزله بما في ذلك مكتبته الخاصة ومسودات الكتب والمقالات التي كان يعدها للنشر وفي وقت وقوع السرقة كان المسيري وزوجته في رحلة طويلة إلى بعض المدن الأميريكية إستغرقت ثلاثة أسابيع فجاءت سيارة نقل وقفت أمام منزلهما لمدة يومين وتم تحميلها بكل محتويات منزله تحت سمع وبصر قوات الأمن الخاص بالجامعة ولم تفعل الشرطة شيئا ويقول الدكتور المسيرى عن هذه الواقعة آلمتنا عملية السرقة هذه وسببت لنا كثيرا من الدهشة فبيتنا لم يكن يحتوي نفائس تستحق السرقة فأخبرنا بعض الأخوة العرب ممن تمرسوا في هذه الأمور بأن من قام بها هم في الغالب عملاء صهاينة وأن مثل هذه العمليات الإجرامية الصغيرة تغطي هدفا سياسيا أكبر هو الإرهاب النفسي وإفقاد التوازن وبعد العودة مرة أخرى من الولايات المتحدة الأميريكية إلي مصر واصل عمله بكلية الآداب بجامعة عين شمس كما أنه عمل فى بعض الجامعات العربية منها جامعة الملك سعود بالمملكة العربية السعودية في الفترة من عام 1983م حتي عام 1988م والجامعة الإسلامية العالمية في دولة ماليزيا .

ومما يذكر أن المسيرى بعد عودته من الولايات المتحدة الأميريكية في عام 1969م بعد نيله شهادتي الماجستير والدكتوراة كان قد قرر أن يصبح ناقدا أدبيا يربط الأدب بتاريخ الفكر لكنه عندما حاول التأقلم مع المجتمع المصرى تعرض لهجوم ذئاب ثلاثة كما قال في هذا الشأن وكانت هذه الذئاب الثلاثة هي الثروة والشهرة والمعلومات ويشرح المسيرى من خلال مذكراته كيف كانت هذه العوامل بمثابة ذئاب قائلا إن الذئب الأول وهو ذئب الثروة والرغبة الكبيرة أن يكون ثريا وجد أنه من السهل أن يتغلب على هذا الذئب مستعيضا عن الثروة بالحكمة والعلاقات الإنسانية الدافئة قائلا إنه يرى أن المال يشكل عبئا على البعض وهم الذين يفنون حياتهم فى جمعه أما بالنسبة إليه فإن المال حرية وقد نجح إلى حد كبير فى أن يوظف المال بدلا من أن يوظفه المال وكان الذئب الثانى الذى تحدث عنه المسيرى فى مذكراته هو ذئب الشهرة أى الرغبة العارمة فى أن يصبح من المشاهير فعندما عاد من الولايات المتحدة الأميريكية عام 1969م بعد إنتهاء دراسته هناك كان يكتب فى صحيفة الأهرام ويتحدث فى الإذاعة والتليفزيون كما كان مسؤولا عن وحدة الفكر الصهيونى فى مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بمؤسسة الأهرام ومن ثم لم يكن بحاجة إلى الإحساس برغبة أكثر من ذلك فى الشهرة لكن فى عام 1979م والذى أطلق عليه المسيرى فى مذكراته زمن التطبيع هاجمه الذئب مرة أخرى بعد أن فقد مكانه فى مركز الأهرام وفى الإذاعة والتليفزيون والصحافة بسبب موقفه الرافض لإتفاقية كامب ديفيد ومعاهدة السلام مع إسرائيل لكنه فى النهاية إستطاع ترويض هذا الذئب والسيطرة عليه أما الذئب الثالث فكان ذئب المعلومات وقد وصفه المسيرى بأنه ذئب خاص جدا يعبر عن نفسه فى الرغبة العارمة فى أن يكتب كتابا نظريا ووفقا لمذكراته يرى الدكتور المسيرى فى نفسه أن إطاره النظرى واسع وشامل للغاية لكنه فى الوقت ذاته يتكامل مع أكبر قدر ممكن من المعلومات والتفاصيل .

وعن علاقة الدكتور عبدالوهاب المسيرى باليهود والديانة اليهودية والصهيونية فسنجد أنها كانت علاقة عميقة ووطيدة ومتينة للغاية حيث أنه تخصص فى الكتابة عنها وكتب فيها العديد من المقالات وصولا إلى كتابة أكبر موسوعة عن اليهود والصهيونية وقد قال في هذا الشأن إن هذه العلاقة كانت لها جذور قديمة بدأت من مولد الحاخام أبو حصيرة الذى كان حتي وقت قريب يحتفى به اليهود سنويا في قرية توجد بالقرب من مدينته دمنهور وكان يفد إليه الكثير من اليهود من دولة إسرائيل ثم أنه أثناء وجوده فى الولايات المتحدة الأميريكية تعرف على إحدى زميلاته فى الدراسة وسألها عن جنسيتها فقالت إنها يهودية فأخبرها أنه يسأل عن جنسيتها لا عن دينها فكررت نفس الإجابة وهنا بدأ يبحث عن تفسير لإجابتها وبدأ يقرأ بشراهة ونهم عن الصهيونية واليهودية واليهود والإسرائيليين ووفقا لمذكراته فإنه عندما غادر أمريكا وعاد إلى مصر كان عقله قد أدرك وثنية الصهيونية وبدائيتها وتصرفاتها الهستيرية وإنتمائها إلى التقاليد الحضارية الغربية وعرف أن وحشا صهيونيا معرفيا بداخله فقرر التخصص فى دراسة الصهيونية التى لاقي من أجلها العديد من المشاق والصعوبات منها كما يذكر فى مذكراته أن أحد المواقف العصيبة فى حياة موسوعته الشهيرة اليهود واليهودية والصهيونية هو أن كل مراجعه وأوراقه ونسخة الموسوعة الوحيدة كانت فى الكويت أثناء إجتياح العراق لها عام 1990م بينما كان هو فى القاهرة فقرر السفر للكويت أثناء الإجتياح وظل بها لمدة ثلاثة أسابيع حتى إتفق مع مجموعة من أصدقائه على إستئجار شاحنة حملت أوراق وأصول الموسوعة فى حوالى 30 صندوقا وذهبت بها إلى بغداد ثم إلى عمان بالأردن ثم إلى القاهرة لتصدر بعد نحو ثمانى سنوات فى ثمانية مجلدات ضخمة قال فيها الكثير عن اليهود واليهودية والصهيونية وكانت هذه الموسوعة أول دراسة شاملة لتاريخ اليهود وثقافتهم بشكل محايد وتناولت نشأة وتطور الديانة اليهودية وحتي قيام دولة إسرائيل في عام 1948م وتناولت موسوعته أيضا رؤيته الجديدة والتي مفادها أن اليهود هم جماعات لا تنطبق عليهم الصورة الأخلاقية النمطية السيئة المعروفة عنهم وفسر ذلك بأنه لا توجد برأيه علاقة مباشرة ما بين سلوك أفراد الطائفة اليهودية من جهة وبين عقيدتهم أو التلمود والنصوص الدينية التي يؤمنون بها من جهة أخرى ويرجع المسيري ما تواتر عن سوء أخلاق اليهود وتآمرهم لأسباب حضارية ودينية وتاريخية متباينة وقعت في فترة ما بعد منتصف القرن التاسع عشر الميلادى بين يهود روسيا وبولندا بالإضافة إلى بعض الظواهر الإجتماعية المرتبطة بكونهم قد إعتادوا على العيش كأقليات في المجتمعات التي إحتضنتهم ويرى المسيري أيضا أن طبيعة اليهود وهويتهم الدينية قد تغيرت جذريا بعد عصر الإستنارة أو في العصر الحديث حيث لم يعد بإمكانهم بحسب رأيه الحفاظ على عقيدتهم والبقاء في عزلتهم داخل الأحياء الضيقة التي كانوا يسكنون بها في المدن الأوروبية الكبرى وإنما فرض عليهم الواقع الجديد الإندماج والإنصهار في مجتمعاتهم والإصطباغ بصبغتها ومن ثم فقد تمت علمنتهم بصورة كبيرة وبحسب ما يرى المسيري فإن اليهود قد فقدوا جوهر عقيدتهم الدينية ولم يعودوا كعادة أسلافهم يتصرفون كأقلية خاصة أنهم في النهاية تبنوا صيغ جديدة لليهودية وهي اليهودية الإصلاحية واليهودية المحافظة التي يعتبرها المسيري صيغ مخففة للغاية من اليهودية التقليدية كما أصبح كثير منهم ملحدين ولذا لم يعد لهم علاقة بأي طائفة يهودية قديمة وفى مذكراته يقول المسيرى إن المجتمع الإسرائيلى ليس مجتمعا عنصريا وحسب ولكن قوانينه أيضا عنصرية موضحا أنه لم يعرف الصهيونية من منظور عربى ولا من منظور توراتى يهودى وإنما من منظور عالمى كجزء من التشكيل الحضارى فى الغرب مؤكدا أن عداءه للصهيونية ينبع من عدائه لكل أيديولوجيات العنف والعنصرية وأنه حتى لو إختفت إسرائيل من على وجه الأرض أو تصالح معها كل العرب فسيظل عداؤه للصهيونية كما هو معلنا إتفاقه الكامل مع القرار الذى أصدرته هيئة الأمم المتحدة فى السبعينيات الذى يعتبر الصهيونية حركة عنصرية لدرجة أنه يرى أن الهولوكوست الذى تعرض له غجر اليهود فى أوروبا يعد جزء من التاريخ الأوروبى ويعتبر تجربة أوروبية خاصة ولا يمكن إعتباره تجربة يهودية عامة .

وخلال فترة التسعينيات إبتعد الدكتور المسيرى فترة عن العمل السياسي وتفرغ للكتابة لكن شهد عام 2004م عودته إلى المشهد السياسي بقوة عندما إنضم لعدد من الناشطين السياسيين والمفكرين المعروفين وقدموا طلبا لتأسيس حزب الوسط الجديد والذي كان من جملة الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية حيث أعلن مؤسسوه مرارا عن رفعهم راية العدالة الإجتماعية والدولة المدنية ولم تقتصر مشاركة المسيري السياسية على حزب الوسط بل إنه لعب دورا كبيرا كذلك في تدشين تجمع الحركة المصرية من أجل التغيير والذي عرف إعلاميا بإسم حركة كفاية وذلك بعد التغيير الوزاري الذى قامت به الحكومة المصرية في شهر يوليو عام 2004م وتعيين الدكتور أحمد نظيف رئيسا للوزراء بدلا من الدكتور عاطف عبيد حيث إجتمع ما يقرب من 300 مثقف ومفكر وسياسي مصري من مختلف الأطياف والمرجعيات وصاغوا وثيقة تأسيسية تطالب بتغيير سياسي حقيقي في مصر وبإنهاء الظلم الإقتصادي والإحتكارات والسعي لتحقيق العدالة الإجتماعية وإختار الموقعون على تلك الوثيقة تحويل مشروعهم لمشروع حركي وتوافقوا على أن يكون رفضهم للرئيس المصري آنذاك حسني مبارك ولتوريث السلطة لإبنه جمال هو أساس حركتهم وتم إختيار الدكتور المسيرى منسقا لهذه الحركة والتي قامت برفع الكارت الأحمر في وجه نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك وقامت بتنظيم العديد من الفعاليات الإحتجاجية والمعارضة للنظام السياسي المصري داخل وخارج القاهرة الأمر الذي عرض الدكتور المسيرى وباقي قادة الحركة لمضايقات كثيرة وفي عام 2007م رفع دعوى قضائية ضد الرئيس مبارك والدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء لإلزامهما فيها بتطبيق مادة دستورية تنص على أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية للدولة وقال إن ما دفعه لذلك هو غيرته على اللغة العربية التي تتعرض في مصر لموجة من الهوس التغريبي وهو ما يخالف في رأيه نص الدستور المصري والقوانين التي تنص على حماية اللغة العربية وفضلا عن ذلك فقد إعتقل أكثر من مرة كان منها إختطافه من قبل أمن الدولة أثناء وجوده مع زوجته الدكتورة هدى حجازي وكانت معهما الدكتورة كريمة الحفناوي في مظاهرة بميدان السيدة زينب في يوم ١٧ يناير عام 2008م في ذكرى مرور ٢١ عاما على إنتفاضة الخبز التي إندلعت في يوم 17 ويوم 18 يناير عام 1977م في عهد الرئيس الراحل أنور السادات إلا أنه رغم كل شئ واصل طريق الكفاح والنضال .

وكان الدكتور المسيرى قد أصيب بالسرطان في عام 2002م وتجاهلت الحكومة علاجه على نفقة الدولة بعدما تقدم بطلب رسمي وعندما سئل عن سبب التجاهل قال أعتقد أن القرار سوف يصدر بعد مرور خمس سنوات أخرى علي الأقل وطبعا بعد فوات الأوان لكن الأمير السعودي عبد العزيز بن فهد بن عبد العزيز تبرع بعلاجه على نفقته الشخصية بمبلغ وصل إلى مليوني جنيه تقريبا لكن المرض الخبيث كان قد إشتد عليه وتمكن منه لكنه ظل يقاوم إلى أن رحل عن عالمنا في يوم الثالث من شهر يوليو عام 2008م بمستشفى فلسطين بالقاهرة عن عمر يناهز 70 عاما قبل ما يقرب من عامين من إندلاع ثورة 25 يناير عام 2011م التي أسفرت عن خلع الرئيس مبارك وإنهيار نظامه وإنتهاء مخطط توريث السلطة إلي الأبد تلك الثورة التي كان قد ساهم الدكتور المسيرى فعليا في تهيئة المناخ لها والإعداد لظهورها وقد نال الدكتور المسيرى عدة جوائز من بينها جائزة أحسن كتاب في معرض القاهرة الدولى للكتاب عام 2000م عن موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية ثم عام 2001م عن كتاب رحلتى الفكرية في البذور والجذور والثمار والتي تصنف كواحدة من أهم السير الذاتية وجائزة العويس عام 2002م عن مجمل إنتاجه الفكرى وحاز أيضا جائزة سوزان مبارك لأدب الأطفال عام 2003م وكان أشهر هذه القصص نور والذئب الشهير المكار ورحلة إلى جزيرة الدويشة كما حصل على جائزة الدولة التقديرية في الآداب لعام 2004م وعلاوة علي كل ماسبق فقد أضاف الدكتور المسيرى إلى المكتبة العربية غير كتاب سيرته الذاتية المشار إليها كتب العنصرية الصهيونية وإنهيار إسرائيل من الداخل ومن هو اليهودي والعلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة وكذلك دخل الدكتور المسيرى في بعض المناظرات والمناقشات مع بعض المثقفين العرب لتبيان وجهة نظره ولعل من أشهر هذه المناظرات تلك التي عقدها مع المفكر المصري سيد القمني حول مفهوم العلمانية وهل هي صالحة للتطبيق في الوطن العربي أم لا .