بقلم المهندس/ طارق بدراوى
موسوعة كنوز “أم الدنيا”
يمتد شارع عبد العزيز آل سعود موازيا لنهر النيل في الجزء الغربي من جزيرة المنيل التي تقع وسط نهر النيل في القاهرة بمحاذاة مصر القديمة ومنطقة جاردن سيتي حيث يبدأ من ناحية الجنوب من أمام محطة مياه الروضة ومنطقة مقياس النيل وقصر المانسترلي ويتجه شمالا حتي كوبرى الجيزة ثم كوبرى الجامعة وجامع صلاح الدين ويستمر حتي الطرف الشمالي للجزيرة وتنتشر به الكافيهات والمسارح والأندية النهرية منها نادى أعضاء هيئة النيابة الإدارية ونادى أعضاء هيئة التدريس بجامعة القاهرة ونادى ضباط أمن القاهرة وقد سمي هذا الشارع بإسم الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود مؤسس المملكة العربية السعودية الحديثة والذى ولد بالرياض في شهر يناير عام 1876م ولما بلغ السابعة من عمره عهد به والده الإمام عبد الرحمن بن فيصل آل سعود إلى القاضي عبد الله الخرجي لتعليمه القرآن الكريم وفي سن العاشرة من عمره تلقى علوم الفقه والتوحيد على يد الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف آل الشيخ وكان والده الإمام عبد الرحمن حريصا على تعليمه ركوب الخيل والفروسية بكل معانيها فتم له ذلك في وقت مبكر وكان عبد العزيز يتمتع منذ صباه بذكاء مفرط وكانت تلك الفترة المفعمة بالأحداث السياسية المؤسفة وتحالفت فيها الشدائد ضد أسرة آل سعود كما كان عبد العزيز يرى عمومته يتنازعون السلطة فيما بينهم ولما بلغ الخامسة عشر من عمره إنتقل مع عائلته إلى قطر ثم البحرين ثم إلى الكويت بأمر من الدولة العثمانية وإستقبلهم شيخها آنذاك محمد الصباح بعد إنتصار محمد بن عبد الله الرشيد حاكم حائل على والده الإمام عبد الرحمن بن فيصل .
وفي ليلة 21 رمضان عام 1319هجرية الموافق يوم 2 يناير عام 1902م إنطلق عبد العزيز ورجاله الذين بلغ عددهم ستين رجلا من الكويت قاصدين الرياض بهدف إقتحام قصر المصمك وهو مقر الحاكم وبعد إستعادة الرياض ونصرة القبائل التي تستوطن المتطقة له نودي فيها أن الحكم لله ثم للملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود ومنذ ذلك الوقت بدأ الملك عبد العزيز في وضع اللبنة الأولى في توحيد وبناء الدولة السعودية الحديثة والتي تحققت بالفعل بإعلان قيام المملكة العربية السعودية الحديثة في يوم 23 سبتمبر عام 1932م حيث قضى الملك عبد العزيز حوالي 30 عاما أي حتي عام 1932م في معارك وحروب وصراعات على أكثر من جبهة حتي إستطاع تحقيق هدفه هذا وتعد مرحلة ما بعد إسترداد منطقة الرياض أهم المراحل في تاريخ الملك عبد العزيز حيث بدأت منها عملية توحيد البلاد في إطار دولة سعودية موحدة حديثة تشمل جميع المناطق والأقاليم التي كانت تحت حكم العديد من الحكام حينذاك وكانت هذه المحاولة محاولة جادة وصعبة جدا لأن نجاحها كان غير مضمون ولامتوقع لذا وصفها الكاتب الإنجليزي كينث ويليامز بأنها طريقة تدل على براعة فائقة وحذق مدهش ووصفها فؤاد حمزة بأنها من أروع قصص البطولة وأعظمها شأنًا وأجلها قدرا ووصفها أيضا حافظ وهبة بأنها قصة تشبه قصص أبطال اليونان القدماء حيث تبدو لنا فيها عظم الأخطار التي أحاطت بالملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود ولذا أطلق عليه حينذاك لقب زعيم الجزيرة العربية وفضلا عن ذلك فقد أطلق عليه عام 1931م لقب جورج واشنطن الأمة الجديدة كما لقبه الإعلام الغربي عام 1934م بأوتو فون بسمارك العرب وبنابليون العرب وأوليفر كرومويل الصحراء والملك سليمان الجديد .
وبعد إستعادة الملك عبد العزيز مدينة الرياض عام 1902م توجه إلى المقاطعات الجنوبية من منطقة نجد وهي الخرج وحوطة بني تميم والحريق والأفلاج ووادي الدواسر خاصة وأن هذه المناطق كانت تكن ولاءً لآل سعود وهي المناطق التي ظلت تشكل ملاذا آمنا لهم عندما كانت تداهمهم الحملات العثمانية الموجهة ضدهم ومن ثم واصل زحفه صوب بلدة ثادق في شهر صفر عام 1320هجرية الموافق شهر مايو عام 1902م فدخلها أيضا ثم توجه إلى إقليم سدير ودخل بلدة المجمعة وبهذا الجهد العسكري تمكن عبد العزيز من ضم مناطق الوشم والمحمل وسدير إلى الدولة السعودية وقرر تأمين خطوطه الدفاعية لينطلق بعد ذلك من أجل ضم مناطق جنوب الرياض ليضمن قيام جبهة قوية ومتماسكة تدعم موقفه ضد آل الرشيد الذين كانوا مازالوا يسيطرون على معظم مناطق نجد وإلتقى الملك عبد العزيز بقوات آل الرشيد في بلدة الدلم حيث وقعت معركة الدلم وكان النصر فيها حليفا له ولقواته وسهل هذا النصر الطريق أمام عودة جميع البلدان والقرى الواقعة إلى الجنوب من الرياض إلى الدولة السعودية حيث إستردها فيما بعد الملك عبد العزيز من آل الرشيد عام 1321 هجرية الموافق عام 1903م وبعد ذلك وجه الملك عبد العزيز جهوده صوب مناطق شمالي الرياض كي يدعم كيان دولته الوليدة ويبعد قوة آل الرشيد وتأثيره عن المناطق التي ضمها إلى الدولة السعودية فدخل بلدة شقراء أكبر بلدان إقليم الوشم وبذلك فقد وحد إقليم الوشم مع مناطق دولته بعد مناوشات مع قوات آل الرشيد لم تصل إلى حد المعارك الحاسمة وكان عبد العزيز يدرك أن عدم ضم القصيم يعني عدم إستقرار الحكم في نجد وبالفعل توجه عبد العزيز إلى القصيم ثم تمكنت قواته من هزيمة حامية آل الرشيد في عنيزة وبهذا أصبح الطريق مفتوحا للتوجه إلى بريدة وقد أرسل أهالي بريدة بعد سماعهم خبر إنضمام عنيزة إلى عبد العزيز يطلبون منه القدوم إليهم وخاصةً أن معه أمراء بريدة السابقين آل مهنا فأرسل عبد العزيز معهم صالح الحسن المهنا ودخلوا المدينة وسط ترحيب من قبل الأهالي أما رجال آل الرشيد بقيادة إبن ضبعان فقد تحصنوا داخل القصر فضرب عليهم صالح الحسن الحصار لمدة شهرين ونصف الشهر حتى طلبوا الأمان من عبد العزيز وهكذا رحلوا إلى حائل فُسلمت بريدة للملك عبد العزيز وعادت بريدة إلى آل مهنا وأصبح صالح الحسن أميراً عليها وبهذا أكمل عبد العزيز إسترداد القصيم في عام 1322هجرية الموافق عام 1904م .
وأراد الملك عبد العزيز إستعادة الإحساء من يد العثمانيين والتي كانوا يسيطرون عليها منذ عام 1871م من خلال الحملة العثمانية على الإحساء في فترة حكم الإمام عبد الله بن فيصل بن تركي آل سعود وكان إقليم الإحساء إقليم غني ومنفذ بحري مهم بالنسبة إلى إقليم نجد ومن ثم قرر الملك عبد العزيز التحرك تجاه الإحساء وأصدر الأوامر لقواته بالتوجه صوبها في بداية شهر مايو من عام 1913م وفي ليلة الرابع من مايو هاجموا مدينة الهفوف المسورة وبعد معركة قصيرة إستسلمت الحامية العثمانية وقام وفد بالنيابة عن الملك عبد العزيز بالتفاوض مع الأتراك العثمانيين على الخروج من إقليم الإحساء مقابل تسليم مالديهم من العتاد والسلاح وكان الوفد يضم قاضي الإحساء الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن الملا ومحمد بن صالح بن شلهوب أحد رجال الملك عبد العزيز وعبد العزيز القرين وكان مترجما للغة التركية وبعد صلاة العصر جاء الشيخ عبد اللطيف وسلم الملك عبد العزيز مفاتيح قصر إبراهيم مقر الحكم وتم إبرام وثيقة موقعة من الملك عبد العزيز والمتصرف التركي أحمد نديم الذي تم ترحيله مع حاميته بسلام إلى البحرين ثم في اليوم الخامس عشر من شهر مايو عام 1913م إنضمت العقير والقطيف للحكم السعودي بعد سرية أرسلها الملك عبد العزيز إلى القطيف بقيادة عبد الرحمن بن سويلم حيث تمكنت من دخولها دون صعوبة وفي نهاية الشهر كانت الإحساء بكليتها تحت السيطرة السعودية وبعد إستقرار الوضع في الإحساء غادرها الملك عبد العزيز متوجهاً إلى الرياض وعين على الإحساء الأمير عبد الله بن جلوي بن تركي آل سعود وذهلت السلطات العثمانية بالبصرة من حركة الملك عبد العزيز المفاجئة فحاولت أن ترد المهاجمين على أعقابهم لكن محاولاتهم باءت بالفشل ثم حاولت فرقة عسكرية عثمانية إستعادة القطيف إلا أنها وجدت أن الملك عبد العزيز كان قد عزز من وضعه هناك ثم حاولت فرقة عسكرية عثمانية أخرى وصلت من البصرة بأن تستعيد العقير ولكن بعد فشل الفرقة الأولي إضطرت القوة العثمانية إلى الإستسلام للسعوديين الذين سمحوا لهم بالمغادرة دون تعرضهم إلى سوء وبعد ذلك ففي عام 1915م دخلت بريطانيا في معاهدة القطيف أو دارين مع الملك عبد العزيز بعد سيطرته على الإحساء والقطيف والتي تقضي على حماية الأراضي التي يسيطر عليها الملك عبد العزيز مقابل دحر آل الرشيد الموالية للدولة العثمانية وفي فترة الحرب العالمية الأولي والتي بدأت في منتصف عام 1914م كان موقف الملك عبد العزيز من الناحية السياسية إلى جانب الحلفاء أما من الناحية العسكرية فلم يتخذ أي إجراء أو يشارك في أي معركة إلا إذا كانت تصب أولا وقبل كل شئ في مصلحته فقد كانت بريطانيا طوال الفترة السابقة للحرب تتجنب الدخول في أي نوع من العلاقات معه وتقف موقفا سلبيا تجاه ما أبداه مرارا من إستعداده لإيجاد نوع من العلاقة يحفظ به شيئا من التوازن مع الضغط العثماني المستمر ضده فإذا هي بعد قيام الحرب تسارع بفتح قنوات الإتصال به وأسفرت المفاوضات عن إبرام المعاهدة المعروفة بمعاهدة دارين بتاريخ 26 ديسمبر عام 1915م والتي تنص على عدم قيام الملك عبد العزيز بأي أعمال تؤثر على المصالح البريطانية أما المملكة الحجازية الهاشمية فالملك عبد العزيز آل سعود لم يعترف بها أو يتعهد بعدم الهجوم عليها وفي المقابل تعترف بريطانيا بوجود المملكة السعودية في الأقاليم التي يسيطر عليها الملك عبد العزيز مع تحديد حدودها وبعد توقيع هذه المعاهدة تم إعتبار الملك عبد العزيز آل سعود منحازاً إلى جانب بريطانيا وحلفائها ضد الدولة العثمانية وحلفائها .
ومن جانب آخر كانت أول معارك الملك عبد العزيز آل سعود ضد إمارة جبل شمر أو حائل حليفة الدولة العثمانية والمدعومة من قبلها بعدد 8 كتائب عسكرية عدد أفراد الكتيبة الواحدة منها يتراوح بين 300 إلى 1000 فرد ودارت العديد من المعارك بين الجيش السعودي بقيادة عبد العزيز آل سعود ضد هذه الإمارة والتي تحكمها عائلة آل رشيد وإنتهت معارك تلك الحرب المتقطعة بالإنتصار الحاسم للسعوديين في معركة روضة مهنا وتم الإستيلاء علي القصيم في 13 أبريل عام 1906م بالرغم من الإشتباكات الأخرى التي جرت عام 1907م وكانت قد بدأت أولى المعارك بمدينة عنيزة في شهر مارس عام 1904م حيث انتصر عبد العزيز آل سعود على عبد العزيز بن متعب الرشيد وسيطرت القوات السعودية على مدينة عنيزة وكانت خسائر إمارة جبل شمر كبيرة حيث خسرت 370 رجل مقارنة بخسائر القوات السعودية التي لم تتعدى رجلين وفي يوم 15 يونيو عام 1904م علم عبد العزيز بن متعب الرشيد بإنتصارات عبد العزيز آل سعود في القصيم وهو في العراق يستمد العون من الدولة العثمانية ويستثير قبيلة شمر لنجدته فإشتد غضبه خاصة على أهل القصيم الذين ساعدوا الملك عبد العزيز آل سعود فأمدته الدولة العثمانية بعدد كبير من الجند النظامين بأسلحتهم الحديثة من المدافع وكميات كبيرة من المؤن وقدر عدد الجنود المدد بنحو ألف وخمسمائة جندي أغلبهم من الشام والعراق والذين كانوا يعملون في الجيش العثماني ونشب القتال بين الطرفَين في البكيرية ورجحت كفة عبد العزيز بن متعب الرشيد في المعركة إذ ركز نيران مدافعه ضد القسم الذي يقوده عبد العزيز آل سعود مما ألحق به خسائر بشرية كبيرة وأرهق قواته فضلا عن جرح يده اليسرى بشظية إضطر بعدها إلى التراجع وإنتهت المعركة بهزيمة عبد العزيز آل سعود ووصلت خسائر القوات السعودية مايقارب 900 رجل منهم 4 من آل سعود وفي يوم 2 نوفمبر عام 1921م بدأت معركة النيصية بين إمارة جبل شمر بقيادة محمد بن طلال بن نايف الرشيد وجيش الإخوان بقيادة فيصل الدويش مدعوم بالقوات السعودية بقيادة الملك عبد العزيز آل سعود وإنتهت المعركة بإنتصاره وتراجع محمد بن طلال بن نايف الرشيد إلى داخل أسوار مدينة حائل حيث تكاملت قوات الملك عبد العزيز آل سعود لحصارها وإستمر الحصار حتى إنتهى بالصلح وتسليم المدينة للقوات السعودية وبعد أن سيطرت القوات السعودية على مدينة حائل إنتهت إمارة جبل شمر وبذلك إنتهى حكم آل رشيد ودخلت أراضيها لحكم المملكة السعودية والتي علي راسها الملك عبد العزيز ومن ثم قامت سلطنة نجد والتي إستمرت بهذه التسمية حتى عام 1926م عندما أعلن عن قيام مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها. وفيما يتعلق بالحجاز فقد كانت علاقة الملك عبد العزيز متوترة بحاكمها الشريف حسين بن علي وقد نجح الجيش السعودي في دخول الطائف ومكة عام 1924م ولكن جدة صمدت أمام حصار قواته حتى يوم 17 ديسمبر عام 1925م وفي عام 1926م تمت مبايعة الملك عبدالعزيز ملكا على الحجاز في المسجد الحرام بمكة المكرمة وبسبب الظروف الدولية والتي تتعلق بالوجود البريطاني على شاطئ الخليج العربي إتجه الملك عبد العزيز آل سعود إلى إرساء دعائم الدولة وتحديثها ليواجه بمقاومة من حلفائه إخوان طاعة الله الذين رفضوا وقف الفتوحات فحدث الصدام بين الطرفين حيث إعترف عبد العزيز بحدود العراق والكويت والأردن وهو ما عارضه إخوان طاعة الله وأخذوا يهاجمون العراق والكويت وتحدوا السلطات بعد ضم الحجاز ورفضوا الإنصياع لأوامر الملك عبد العزيز بالتوقف عن مهاجمة حدود العراق والكويت فوقع صدام بين الطرفين في الزلفى في شهر مارس عام 1929م حيث هزم الإخوان وإنسحبوا للكويت حيث إستسلموا للقوات البريطانية وقد تطور إسم الدولة السعودية الحديثة حيث حملت في البداية إسم إمارة نجد والإحساء حتى عام 1921م ثم إسم سلطنة نجد حتى عام 1922م ثم سلطنة نجد وملحقاتها حتى عام 1926م عندما حملت إسم سلطنة الحجاز ونجد وملحقاتها حتى يوم 23 سبتمبر عام 1932م عندما تم إعلان قيام المملكة العربية السعودية الحديثة وعاصمتها الرياض وكان أول ملوكها الملك عبد العزيز آل سعود وقد خلفه ستة من أبنائه هم الملك سعود والملك فيضل والملك خالد والملك فهد والملك عبد الله والملك سلمان الملك الحالي وولي عهده هو نجله الأمير محمد بن سلمان وهو حفيد الملك عبد العزيز وفي حالة تقلده الحكم سيكون أول ملوك السعودية من أحفاد الملك عبد العزيز آل سعود .
وقد شهدت فترة حكم الملك عبد العزيز آل سعود إزدهارا وإنجازات كثيرة ومن المؤكد أن أهم عمل قام به هو ضم أقاليم الجزيرة العربية وتوحيدها تحت مسمى المملكة العربية السعودية وقد بدأت إنجازاته قبل إعلان قيام المملكة السعودية بداية من العشرينيات من القرن العشرين الماضي ففي عام 1924م تأسست مديرية للشرطة في مكة المكرمة وفي عام 1926م تأسس أول نظام ينظم أمور الحج ونظام خاص بجمعية الإسعاف الخيرية والمستشفيات في السعودية وفي عام 1927م أصدر قرارا ملكيا ساميا يقضي بتشكيل مجلس للشورى في المملكة ومن ثم شهدت المملكة العربية السعودية أول عملية إنتخابية وفي عام 1928م تأسس أول نظام للمصارف والبنوك ومع حلول عام 1930م تم إنشاء أول وزارة خارجية في السعودية وعين إبنه الأمير فيصل بن عبد العزيز وزيرا لها وتلتها الداخلية وفي عام 1932م عمل على إستحداث وزارة المالية وعين الأمير عبد الله بن سليمان الحمدان وزيرا لها وفي عام 1937م تم تأسيس نظام لتوحيد الطوابع ومن بعدها نظام للبرق كما تقرر إنشاء نظام للمحاكم التجارية وإستحداث نظام خاص بالطرق والمباني في عام 1941م ومع توالي السنوات وفي عام 1946م ظهرت العديد من الأنظمة الجديدة فظهر في جدة أول نظام خاص بالغرف الصناعية والتجارية وإنشاء نظام للتليفونات وفي السادس من شهر مارس من عام 1946م قرر الملك عبد العزيز إنشاء وزارة الدفاع وفي عام 1949م تم إصدار أول مرسوم ملكي إقتضى تأسيس الإذاعة السعودية مع تكليف مسؤولية الإشراف عليها لإبنه الأمير فيصل وفي عام 1951م تم تأسيس خط سكة حديد بين الرياض والدمام وتأسيس مؤسسة النقد العربي السعودى وأخيرا ففي عام 1953م تم تأسيس أول وزارة للمواصلات وأول مجلس وزراء في السعودية وفضلا عن كل ما سبق فقد تمكنت المملكة العربية السعودية خلال حفل كبير إفتتحه الملك عبد العزيز من تصدير أول شحنة من البترول في ميناء راس تنورة وذلك بعد بداية ظهور البترول في السعودية في عام 1939م .
وعلاوة علي ذلك كان الملك عبد العزيز أول من شكل إدارة خاصة سميت مجلس إدارة الحرم المكي الشريف كان من مهامها القيام بإدارة شؤون المسجد الحرام ومراقبة صيانته وخدمته وقام بجمع المصلين في المسجد الحرام خلف إمام واحد بعد أن كانت تقام أربع جماعات داخل المسجد كل علي حسب مذهبه وكتن من أهم ما قام به الملك عبد العزيز أنه في عام 1344 هجرية الموافق عام 1925م تم صيانة المسجد وإصلاحه بشكل كلي وفي عام 1346 هجرية الموافق عام 1927م تم ترميم الأروقة وطلاء الجدران والأعمدة وإصلاح قبة بئر زمزم كما تم تركيب مظلات لوقاية المصلين من حرارة الشمس وتبليط ما بين الصفا والمروة بالحجر وفي شهر شعبان عام 1347هجرية الموافق عام 1928م تم تجديد مصابيح الإنارة في المسجد الحرام وزيادتها حتى بلغت ألف مصباح وفي يوم 14 صفر عام 1373هجرية الموافق عام 22 أكتوبر عام 1953م عندما أدخلت الكهرباء إلى مكة المكرمة أُنير المسجد الحرام ووضعت فيه المراوح الكهربائية وفضلا عن ذلك ففي المدينة المنورة وفي يوم 13 من شهر ربيع الأول عام 1372هجرية الموافق يوم 2 من شهر ديسمبر عام 1952م وفي ذكرى مولد الرسول عليه الصلاة والسلام بدأ العمل في توسعة المسجد النبوى الشريف بأمر من الملك عبد العزيز آل سعود بعد أن قامت الحكومة السعودية بشراء الدور التي كانت تحيط بالمسجد وهدمها لتهيئتها للبناء الجديد ومن ثم بلغت مساحة المسجد الكلية 16326 مترا مربعا تتسع إلى 28 ألف مصل وقد أقيم مصنع للحجر قرب المدينة خصيصا لغايات الإعمار وأما بقية المواد التي كانت تأتي من خارج المملكة فكانت البواخر تحملها إلى ميناء ينبع ومن ثم إلى المدينة المنورة بواسطة سيارات كبيرة وقد بلغت حمولة المواد المفرغة في الميناء لغايات الإعمار أكثر من 30 ألف طن وقد تم الإنتهاء من هذه التوسعة في أوائل عام 1375 هجرية الموافق أواخر عام 1955م بعد وفاة الملك عبد العزيز بحوالي عامين وبلغت تكلفة هذا المشروع 50 مليون ريال سعودى وقام الملك سعود بن عبد العزيز آل سعود الذى خلف أبوه الملك عبد العزيز بإفتتاحه في يوم 5 من شهر ربيع الأول الموافق يوم 23 من شهر أكتوبر عام 1375م وكانت هذه التوسعة عبارة عن مبنى مستطيل طوله 128 مترا بعرض 91 مترا وقد فُتح في الجهة الشرقية باب سمي باب الملك عبد العزيز وفي الجهة الغربية باب سمي باب الملك سعود وكل منها يتكون من 3 أبواب متجاورة أما في الجهة الشمالية فقد فُتح 3 أبواب هي باب عمر وباب عثمان وباب عبد المجيد وبلغ عدد الأعمدة في هذا المبني الجديد عدد 232 عمود على رأسها عقود مدببة أما السقف فقد قُسم إلى مربعات بإرتفاع 12.55 مترا ويغلب على هذه العمارة اللون الأبيض المطعم بقليل من الأحمر والأسود أما المآذن فقد كانت للمسجد 5 مآذن هدمت منها 3 مآذن هي التي كانت عند باب الرحمة والمئذنة السليمانية والمجيدية في الجهة الشمالية وبنيت مئذنتان في الركن الشرقي والغربي من الجهة الشمالية بإرتفاع 72 مترا فأصبح للمسجد 4 مآذن في أركانه الأربعة .
وجدير بالذكر أن الملك عبد العزيز آل سعود كان ضمن الزعماء العرب السبعة الذين أسسوا جامعة الدول العربية عام 1945م حيث كان قد تم فى يوم 22 مارس عام 1945م بقصر الزعفران بمنطقة العباسية التوقيع على ميثاق إنشاء جامعة الدول العربية ووقع عليه مندوبو الدول السبعة المجتمعة وهي كل من سوريا وشرق الأردن والعراق والسعودية ولبنان ومصر واليمن وفي يوم 28 مايو عام 1946م تم عقد أول إجتماع لإقرار ميثاق جامعة الدول العربية بين زعماء وممثلي سبع دول عربية هى مصر والسعودية وسوريا ولبنان والأردن والعراق واليمن وحضر هذا الاجتماع الأمير سعود بن عبد العزيز ولي عهد الملكة العربية السعودية ممثلا لها وأيضا في خلال الفترة من عام 1945م وحتي عام 1947م عقدت العديد من الإجتماعات بقصر المانسترلي بمنطقة منيل الروضة بالقاهرة ويتميز هذا القصر بوجود قاعة واسعة جدا قرب مدخله بالطابق الأرضي ظلت مقرا لإجتماعات الجامعة لمدة طويلة حيث كان الملك فاروق يلتقي فيها بالملوك والرؤساء العرب وبصدر هذه القاعة صورة تجمع ما بين الملك فاروق ملك مصر والملك عبد العزيز آل سعود ملك السعودية وبينهما عبد الرحمن باشا عزام أول أمين عام للجامعة العربية وصاحب فكرة تكوينها ولما قامت حرب فلسطين في شهر مايو عام 1948م قاد الملك عبد العزيز حملة قوية ضد الحكومتين الأميريكية والبريطانية وحملهما مسؤولية ما يقع في فلسطين ومع بداية المناوشات أرسل مفتي فلسطين أمين الحسيني والهيئة العربية العليا في فلسطين مندوبا إلى الملك عبد العزيز آل سعود لطلب المساعدة فأمر بإرسال كمية من الذخيرة والبنادق إلى الثوار في فلسطين وتبرع الشعب السعودي بمبلغ خمسة ملايين ريال سعودي وأمر الملك عبد العزيز آل سعود أيضا بإرسال فرقة كاملة من الجيش السعودي وفتح باب التطوع للشباب السعودي للجهاد في فلسطين من أجل نصرة الشعب الفلسطيني وتوجهت الدفعة الأولى بالطائرات فيما أرسلت بقية السرايا بالبواخر وبلغ عدد ضباط وأفراد الفرقة قرابة ثلاثة آلاف ومائتي ضابط وجندي وفقا لعدد من الكتب التي رصدت تلك العلاقات السعودية الفلسطينية وتعددت المواقع والمعارك التي شاركت فيها القوات السعودية والمجاهدين السعوديين على أرض فلسطين وكان من أهم المعارك التي شارك فيها الجيش السعودي ضد الإحتلال الإسرائيلي في فلسطين جنبا إلى جنب مع القوات المصرية معارك دير سنيد وأسدود ونجبا والمجدل وعراق سويدان والحليقات وبيت طيما وبيت حنون وبيت لاهيا وغزة ورفح والعسلوج وعلى المنطار والشيخ نوران وقامت القوات السعودية بنسف أنابيب المياه وعرقلة سير القوافل التي كانت تمون الجيش الإسرائيلي وعلاوة علي ذلك فقد وقعت معركة مع القوات الإسرائيلية تسمي عين خفر قام فيها 8300 جندي سعودي بالصمود والتصدي للجيش الإسرائيلي المكون من 31600 جندي بعد إشتباك ومحاصرة للجنود السعوديين لمدة 4 أيام صمد فيها وإنتهت المعركة بإنتصار القوات السعودية وأسر 476 جنديا إسرائيلياً وإستشهد عدد 178 شهيدا من الجنود السعوديين وقد منح الملك فاروق نياشين وأنواط لعدد من الضباط والجنود السعوديين تقديرا لما قدموه من بطولات وشجاعه في المعارك التي خاضها الجيش السعودي إلي جانب الجيش المصرى ضد الحركة الصهيونية في فلسطين وقد إستمرت فترة حكم الملك عبد العزيز حتي يوم 9 نوفمبر عام 1953م حيث وافته المنية عن عمر يناهز سبعة وسبعين عاما وتمت الصلاة عليه في مدينة الطائف ثم نقل إلى العاصمة الرياض ليتم دفنه فيها . |