بقلم المهندس/ طارق بدراوى
موسوعة كنوز “أم الدنيا”
شارع بين السورين وأحيانا يكتب بين الصورين شارع يقع بمنطقة العتبة بمدينة القاهرة ويبلغ طوله حوالي 500 متر وهو يبدأ من ميدان باب الشعرية وينتهي عند تقاطع شارع الأزهر مع شارع بور سعيد وعلى الرغم من قصر طول الشارع إلا أنه يعد سوق كبير يتسع لمئات الناس الذين يزورونه يوميا حيث يعد مركزا وأكبر سوق لتجارة السلع الغذائية فى القاهرة وفي مصر كلها جملة وقطاعى كما يتركز به مستوردو المواد الغذائية فى القاهرة ولذا فإن زائر هذا الشارع يجد صعوبة كبيرة فى المشى فيه علي قدميه أو بسيارته وكان سكان القاهرة والمحافظات أيضا إلي وقت قريب وخاصة من أبناء الطبقة المتوسطة والطبقات الشعبية يقبلون عليه من أجل شراء إحتياجاتهم الشهرية من المواد الغذائية وذلك بسبب إنخفاض أسعار السوق عن غيرها بنسب تتراوح بين 10 إلي 30% وخاصة في شهر رمضان المعظم ولذلك فهو يسمي سوق الغلابة بينما يقبل الأغنياء والموسرين علي شراء إحتياحاتهم من متاجر المواد الغذائية الكبيرة هذا ولا تتوقف التجارة بسوق بين السورين على السلع الغذائية فقط بل تشمل أيضا تجارة أنواع عديدة من مستلزمات التجميل والعطور والياميش والمكسرات وغيرها بما يتناسب مع كل الطبقات والفئات الإجتماعية في مصر .
وكان بناء بين السورين علي يد القائد الفاطمي جوهر الصقلي الذى يعد أهم وأشهر قائد في التاريخ الفاطمي وكان هو فاتح بلاد المغرب ومصر وفلسطين والشام والحجاز ومن ثم ضم هذه البلاد لأملاك الدولة الفاطمية وقد دخل مصر عام 969م قادما من تونس مقر الخلافة الفاطمية حينذاك في زمن الخليفة الفاطمي الرابع المعز لدين الله الفاطمي وتصالح مع أهلها وتم ضمها للخلافة الفاطمية دون حرب أو قتال وأنهي حكم الإخشيديين الذين كانوا يتبعون الدولة العباسية والتي كان قد دب فيها الضعف حينذاك وقد وفد الخليفة إلي القاهرة في عام 973م ونقل مقر الخلافة إلي القاهرة لتصبح مصر دار خلافة وليس ولاية تابعة لدولة الخلافة وترجع تسمية منطقة بين السورين بهذا الإسم لأنها تقع بين سور القاهرة القديم الذي بناه جوهر الصقلي عند تأسيسه لمدينة القاهرة وبين سور القائد بدر الجمالي الذي كان واليا علي عكا ولجأ إليه وإستنجد به الخليفة الفاطمي المستنصر بالله وطلب منه القدوم لإصلاح حال البلاد بعد أن إضطربت الأحوال في القاهرة في عام 1071م وذلك من أجل حمايته وحماية مدينة القاهرة فأجابه إلى ذلك وإشترط عليه أن لا يأتي إلا ومعه رجاله فوافق الخليفة على شرطه وما إن حل بدر الجمالي بمدينة القاهرة حتى تخلص من قادة الفتنة ودعاة الثورة وبدأ في إعادة النظام إلى القاهرة وفرض الأمن والسكينة في ربوعها وإمتدت يده إلى بقية أقاليم مصر فأعاد إليها الهدوء والإستقرار وضرب على يد العابثين والخارجين وبسط نفوذ الخليفة في جميع أرجاء البلاد ومن ثم عاد الأمن والأمان والإستقرار إلي البلاد من جديد ولذا فقد أحبه المصريون وأطلقوا إسمه علي الحي المغروف بإسم الجمالية نسبة إليه .
ومما يذكر تاريخيا أنه كانت هناك قنطرة تسمي قنطرة بين السورين تم إنشاؤها علي ترعة الخليج المصري في القاهرة عام 1897م في نهاية شارع بين السورين وكان الخليج المصري عبارة عن قناة من المياة العذبة كانت تخرج من النيل عند سور مجرى العيون بمنطقة فم الخليج لتروي كل أحياء القاهرة وظلت علي حالها هذا طوال قرون عدة حتي قام الخديوي إسماعيل بإنشاء شركة المياه العذبة التي مدت خطوطها الي كل أحياء القاهرة بالتدريج حتي إنتهت الحاجة الي الخليج فصار مكانا لإلقاء القاذورات وتطور الأمر لحد بشع وإنتشرت الامراض والأوبئة بسبب تلك القاذورات فأمر الخديوي عباس حلمي الثاني بردم الخليج المصري في أواخر القرن التاسع عشر الميلادى وأنشئت بدلا منه الطرق التي تم تمهيدها وتثبيت خطوط الترام الكهربائية عليها وبذلك تبدلت ملامح الحياة في قاهرة المعز وتحولت مع إنتشار العمران من طور البداوة الي الحداثة . |