بقلم المهندس/ طارق بدراوى
موسوعة كنوز “أم الدنيا”
القاهرة الخديوية هي منطقة وسط القاهرة خلال فترة حكم الخديوي إسماعيل وتبدأ من كوبري قصر النيل حتي منطقة عابدين بما حوته من دار للأوبرا التي إحترقت في عام 1971م ومبني للبريد ومقر لهيئة المطافئ إلي جانب ما تفرع منها من شوارع وطرق وعلي الرغم من أن التطوير عرف طريقه إلي قلب القاهرة الحديثة في عهد محمد علي باشا إلا أن النهضة العمرانية الحقيقية بدأت بها بشكل جدي ومدروس ومخطط له في عهد الخديوى إسماعيل بن إبراهيم باشا أكبر أبناء محمد علي باشا وقد عرفت القاهرة في عهد محمد علي باشا التنظيم والتطوير من خلال تركيز الصناعات والحرف في منطقة السبتية بشمال شرق بولاق وإزالة الأنقاض والقمامة من حولها وردم البرك والمستنقعات المنتشرة فيها وتحويل مساحات شاسعة منها إلي حدائق ومتنزهات حتي إن محمد علي أصدر قرارا عام 1831م أمر فيه بتعمير الخرائب وتحديد مساحتها كما أنشأ في عام 1843م مجلسا أوكل إليه مهمة تجميل القاهرة وتنظيفها وفي عام 1846م تم توسعة شارع الموسكي وترقيم الشوارع وإطلاق الأسماء عليها كما عمل علي تشييد القصور الملكية الفخمة الموقعة بأسماء مصممين معماريين من إيطاليا وفرنسا مشترطا عليهم أن يعلم كل خبير هندسي منهم 4 مصريين فنون العمارة والتشييد وكان في مقدمة تلك القصور قصر محمد علي باشا بحي شبرا الذي تم تجديده من قبل وزارة الثقافة منذ عدة سنوات وتم شق شارع شبرا من أجل الوصول إليه وقصر الجوهرة في قلعة صلاح الدين الأيوبي وقصر النيل وعلي الرغم من توالي ثلاثة خلفاء علي حكم مصر بعد محمد علي باشا بداية من شهر مارس عام 1848م الذي تولي فيه إبراهيم باشا الحكم مرورا بعباس باشا الأول بداية من شهر نوفمبر عام 1848م ومحمد سعيد باشا بداية من شهر يوليو عام 1854م إلا أن إسهاماتهم في مجال العمارة لم تكن بالشئ الملموس الذي يمكن التأريخ له إلا فيما ندر مثل قصر الروضة في عهد إبراهيم باشا وبداية إنشاء حي العباسية في عهد عباس باشا الأول وحفر قناة السويس في عهد محمد سعيد باشا علي عكس عهد الخديوى إسماعيل الذي تميز بنهضة معمارية وعمرانية كبرى علي كافة المستويات كافة والذى عند توليه الحكم في شهر يناير عام 1863م كانت حدود القاهرة تمتد من منطقة القلعة شرقا إلي مدافن الأزبكية وميدان العتبة غربا وكان يغلب عليها التدهور العمراني في أحيائها ويفصلها عن النيل عدد من البرك والمستنقعات والتلال والمقابر .
وفي زيارة الخديوي إسماعيل لباريس عام 1867م لحضور المعرض العالمي طلب الخديوي شخصيًا من الإمبراطور نابليون الثالث أن يقوم المخطط الفرنسي البارون جورج أوجين هاوسمان الذي قام بتخطيط باريس بتخطيط القاهرة الخديوية وفي مقابلة التكليف بين الخديوي إسماعيل وهاوسمان طلب إسماعيل من هاوسمان أن يحضر معه إلى القاهرة كل بستاني وفنان مطلوب لتحقيق خططه وبالفعل قام البارون هاوسمان بالمهمة التي كلف بها علي أكمل وجه وتحولت القاهرة إلى تحفة حضارية تنافس أجمل مدن العالم ليطلق عليها كتاب الغرب حينذاك باريس الشرق وتمثل القاهرة الخديوية بداية العمران المصري في صورته الحديثة خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادى وهي تعد من المشروعات العالمية البارزة التي تمت في ذلك القرن لما بني عليه تخطيطها من دراسات للتخطيط والتعمير الشامل وتحطيم عوائق التنفيذ لإخراجها سريعا إلى حيز الوجود وبالشكل الذي يجعلها تضاهي أجمل مدن العالم وقد وضع هاوسمان في مخططه لما أطلق عليه القاهرة الخديوية عدد 4 ميادين كبيرة هي ميدان عابدين والمعروف حاليا بميدان الجمهورية وميدان العتبة وميدان الأوبرا وميدان التحرير وربط فيما بينها بمجموعة من الشوارع الرئيسية وجعل بينها عدة ميادين أصغر تلتقي عندها عادة 3 شوارع وإمتداداتها منها ميدان سليمان باشا والذى أصبح فيما بعد ميدان طلعت حرب باشا وميدان سوارس الذى أصبح ميدان مصطفي كامل باشا وميدان محمد فريد وميدان عرابي وغيرها وكان من الشوارع التي خططها البارون هاوسمان شارع سليمان باشا والذى أصبح أيضا شارع طلعت حرب باشا وشارع إبراهيم باشا والذى أصبح شارع الجمهورية وشارع عماد الدين والذى أصبح شارع محمد فريد وشارع عبد الخالق ثروت وشارع عدلي وشارع شريف وشارع محمد محمود وشارع البستان وشارع القصر العيني وشارع محمود بسيوني وشارع شامبليون وشارع التحرير وفي عام 1872م إفتتح الخديوى إسماعيل شارع محمد علي بالقلعة بطول 2.5 كيلومتر فيما بين باب الحديد والقلعة على خط مستقيم وزانه على الجانبين بما يعرف بالبواكي وفي العام نفسه إفتتح كوبري قصر النيل على نهر النيل بطول 406 أمتار وكان يعد آنذاك من أجمل كبارى العالم حيث زين بتماثيل برونزية لأربعة من الأسود نحتت خصيصا في فرنسا وفي عهد حفيده الخديوى عباس حلمي الثاني وفي عام 1911م إفتتح أيضًا كوبري أبو العلا على النيل على بعد كيلو متر تقريبا من كوبرى قصر النيل والذي صممه المهندس الفرنسي الشهير جوستاف إيفل صاحب تصميم البرج الشهير بباريس وتمثال الحرية بنيويورك وقد تم رفع هذا الكوبرى منذ عدة سنوات لعدم قدرته على تحمل الضغط المروري الكثيف بين أحياء القاهرة والجيزة وتابع الخديوى إسماعيل بعد إفتتاح شارع محمد علي بشق شارع كلوت بك وإفتتاح دار الأوبرا المصرية عام 1875م ثم أنشأ السكة الحديد وخطوط الترام لربط أحياء العتبة والعباسية وشبرا وتم ردم البرك والمستنقعات للتغيير من حدود المدينة وتحويل مجرى النيل حيث كان يمر ببولاق الدكرور وبمحاذاة شارع الدقي حاليا وتزامن ذلك مع تنفيذ شبكة المياه والصرف الصحي والإنارة ورصف شوارع القاهرة بالبلاط وعمل أرصفة وأفاريز للمشاة وتخطيط الحدائق التي جلبت أشجارها من الصين والهند والسودان وأمريكا وكان منها حديقة الأورمان وحديقة الحيوان وحدبقة الأسماك وفضلا عن ذلك فقد بدأ في عهد الخديوى إسماعيل البدء في تعمير مناطق جزيرة الزمالك والهرم وجاردن سيتي وحلوان ومن بعده وفي عهد حفيده الخديوى عباس حلمي الثاني وفي بدايات القرن العشرين الماضي بدأ تعمير ضاحيتي مصر الجديدة والمعادى كما توسعت في عهده عمرانيا ضاحيتي العباسية وحلوان .
وقد تنوعت طرز المباني وأنماطها بمنطقة القاهرة الخديوية وإن كان أغلبها قد أخذ سمات العمارة الفرنسية ودارت حول 4 أنواع هي الكلاسيكى المستحدث والباروك المستحدث أو النيو باروك والنهضة المستحدثة والإسلامي المستحدث والطراز الكلاسيكى المستحدث يتميز بالأعمدة بأنواعها المختلفة الآيونية والكورانثية والتوسكانية والمركبة وظهور العديد من العناصر الزخرفية الأخرى كعقود الأزهار والأكاليل ومناظر الأساطير ويبدو ذلك واضحا في عمارة دى تريستا بشارع علوى والمعروفة حاليا بعمارة البنك المركزى وبمبني المتحف المصرى بالتحرير أما طراز الباروك المستحدث أو النيو باروك ويسمي أيضا الروكوكو فقد تميز بالثراء الزخرفي وإكتسبت فيه المباني نوعا من الفخامة حيث إتجهت مباني النيو الباروك إلي الخطوط المنحنية الكثيرة الإلتواء والتشابك والإنكسار على الواجهات ووجود عمودين على جانبى فتحات النوافذ على الواجهات ويظهر ذلك جليل في مبني محلات عمر أفندى بشارع عبد العزيز بوسط القاهرة وعمارة تيرينج بالعتبة وعمارات الخديوى ومبني ديفيز برايان بشارع عماد الدين وكلها تتميز بوجود قبة تعلوها أما طراز النهضة المستحدثة فهو يظهر بوضوح فى قصر الأميرة نعمة الله توفيق بميدان التحرير ومن أبرز سماته في عمائر وسط القاهرة فتحات النوافذ تعلوها عقود نصف دائرية أو عتب كما زخرفت أعتاب النوافذ بإطارات أو كرانيش بارزة والعناصر الزخرفية من حليات وكرانيش وأفاريز وسرر ووحدات نباتية وهندسية وزخارف الأربطة والأشرطة والدروع والفيونكات فيما جاء الطراز الإسلامي المستحدث من حرص بعض الأمراء والبشوات من الأسرة العلوية على أن تحتفظ بيوتهم بفن العمارة الإسلامية وتميز هذا الطراز بأنه نفذ في العديد من البنايات على يد معماريين أجانب أعجبوا كثيرا بالطراز الإسلامي المحلي وتميز بوجود المشربيات والمقرنصات والدلايات وزخرفة الطبق النجمى وكان من هذه القصور قصر الأمير محمد علي توفيق بالمنيل ومتحف الفن الإسلامي بميدان باب الخلق ومبني مجمع التحرير ومبني البرلمان المصرى وإن كان هذا الأخير قد أضيفت له لمسات من الطرز المعمارية الأوروبية السابق ذكرها .
ومن الملاحظ كما ذكرنا في السطور السابقة أن العديد من المهندسين المعماريين الأجانب قد شاركوا بشكل كبير في النهضة العمرانية والمعمارية في منطقة القاهرة الخديوية وما حولها خلال الربع الأخير من القرن التاسع عشر الميلادى والثلث الأول من القرن العشرين الماضي حيث كان خلال هذه الفترة الزمنية قد تغير الهيكل الطبقى للمجتمع المصرى بتزايد حجم الطبقة الرأسمالية الأجنبية التى إستثمرت أموالها فى مجال العقارات ومن ثم سيطر المهندسون الأجانب على العمليات التخطيطية والتصميمية بالإضافة إلى عدة عوامل أخرى ساعدت على تزايد التواجد الأجنبى كقيام الشركات الأجنبية بأنشطة المقاولات خاصة للمشروعات الكبرى مع مشاركة الأجانب فى بعض المؤسسات الممولة للبناء مثل البناء العقاري وأخيراً تأثير المخططات العامة لبعض المدن الأوروبية كتأثير وافد على جميع الملكيات لذلك فقد هيمن العنصر الأجنبى على العمارة المصرية بشكل واضح بسبب الإحتكاك بالثقافة والفكر النهضوى الأوروبي إلى أن بدأ التحول بطريقة متدرجة بداية من مرحلة الصدام بالواقع الغربى ومرورا بمرحلة الأخذ بأسباب النهضة الأوروبية ووصولا إلى بداية مرحلة نقل النموذج الغربى بكل إيجابياته وسلبياته وبرز أيضا خلال هذه الفترة الزمنية المهندس المعمارى الإيطالي أنطونيو لاشياك و الذى كان وفد إلي القاهرة في أواخر القرن التاسع عشر الميلادى وإشتهر بتصميم وتنفيذ العديد من قصور الأمراء منها قصر سعيد باشا حليم بشارع شامبليون وقصر الأمير يوسف كمال بالمطرية وقصر الطاهرة بمنطقة حدائق القبة وقصر الأميرة نعمة الله توفيق والذى أصبح المقر القديم لوزارة الخارجية المصرية كما أعاد بناء قصر عابدين بعد أن تعرض لحريق ضخم أتي عليه حيث كان مبنيا بالخشب بالإضافة لتصميمه وتنفيذه عمارات الخديوى بشارع عماد الدين عام 1927م ومبني بنك مصر القديم بشارع محمد فريد عام 1927م والكنيسة البطرسية بالقاهرة ومبني محطة مصر بالإسكندرية المهندس المعمارى الإيطالي بيترو أفوسكاني مصمم دار الأوبرا الخديوية والمهندس المعمارى النمساوى ﺃﻭﺳﻜﺎﺭ ﻫﻮﺭﻭفيتز مصمم عمارة تيرينج بالعتبة وفيلا الدكتور علي إبراهيم باشا في جاردن سيتي والمهندسان المعماريان الفرنسيان ماكس أزرعي وجاستون روسيو مصمما عمارة الإيموبيليا بوسط البلد والمهندس المعمارى النمساوى إدوارد ماتاسك مصمم المعبد اليهودى في شارع عدلي ومستشفي رودولف النمساوية المجرية بحي شبرا والمهندس المعمارى الفرنسي مارسيل دورنون مصمم المتحف المصرى القديم بالتحرير والمهندس المعمارى ماريو روسي مصمم مساجد الرفاعي وعمر مكرم والزمالك والمهندس المعمارى الإنجليزى روبرت ويليامز مصمم عمارة ديفيز برايان التي تعد من العلامات البارزة بشارع عماد الدين والتي لا يوجد مثيل لها فى المنطقة بمساحتها وبحجمها الضخم وطريقة إنشائها وإستخدام الزخارف في واجهاتها وهي تقع على مساحة 1958 مترا مربعا وتحوى 7 طوابق ويعلوها 8 أبراج مدرجة وتم تغطية المبنى بالكامل بقطع الجرانيت الأحمر وكذلك تم تزيين واجهات المبنى من أعلى بالزخارف والنقش بالورود مع حفر الأحرف الأولى من إسم ديفيز برايان وكذلك جملة ديفيز برايان 1910 مكتوبة باللغتين العربية والإنجليزية في إشارة إلي عام تأسيس المبني .
وبداية من حقبة الثلاثينيات من القرن العشرين الماضي بدأ ظهور المهندسين المعماريين المصريين فى الصورة وكان أولهم المعمارى محمود حسين فهمى باشا وجاء بعده إبنه مصطفى فهمى باشا معمارى الملك فاروق الذى حاول أن يضع ملامح لطراز معمارى جديد سماه عمارة عصر النهضة الإسلامي وتبعه بعد ذلك المعمارى على لبيب جبر الذى ظهرت أعماله مرتبطة بالفكر الأوروبي وكان من أعماله عدد كبير من الفيلات والعمارات التى يصل عددها إلى عدد 40 فيلا وعدد 30 عمارة بالإضافة إلي العديد من المبانى العامة والمستشفيات والفنادق والمساجد والمصانع منها علي سبيل المثال لا الحصر مبنى متحف الفن الحديث والمركز القومى للبحوث الذي يعد قصرا للعلوم وبه حدائق ومزروعات وصممه علي طريقة زهرة اللوتس المصرية ومبنى نقابة المحامين الذي صنفته وزارة الآثار المصرية ضمن أجمل مباني القاهرة علي الإطلاق ومن يلاحظ المبني الجديد الذي تم تنفيذه عام 2021م كملحق للمبني القديم يجده نسخة جميلة منه بنفس الطراز الخارجي والداخلي إضافة إلى قيامه ببناء عشرة مصانع أثرت نهضة مصر الصناعية وبخلاف المهندس علي لبيب جبر ظهر فى هذه الفترة معماريون عرب مثل شارل عيروط اللبنانى الأصل الذى تأثر بالمدرسة الهولندية فى إستعمال الطوب الظاهر بألوانه الأصفر والأحمر وأنطوان النحاس اللبنانى الأصل الذى كانت تصميماته إنعكاس لفكر المدرسة الفرنسية فى باريس وعلى الصعيد الوظيفى فقد أشرف مصطفى فهمى باشا على إدارة المبانى الأميرية التابعة لوزارة الأشغال العمومية وعهد إلى على لبيب جبر برئاسة قسم العمارة بمدرسة الهندسة الملكية وعاونه المهندسون محمد شريف نعمان وحسن شافعى وغيرهم كما تولى محمد رأفت رئاسة مصلحة مبانى السكك الحديدية وأسند إلى محمود رياض رئاسة هندسة المبانى بوزارة الأوقاف متعاونا مع زملائه محمود الحكيم وعبد اللطيف أبو ستيت والمرحوم محمود زكى الطويل كما تولى رئاسة الأقسام الفنية ومصلحة المبانى الأميرية كل من أبو بكر خيرت وأحمد شرمى وأحمد صدقى تحت إشراف على فريد وحسين زكى قاسم وجاء بعدهم المهندس محمد كمال إسماعيل صاحب تصميمات مبني سنترال رمسيس ودار القضاء العالي ومجمع التحرير وصاحب تصميمات توسعة الحرمين الشريفين في كل من مكة المكرمة والمدينة المنورة والتي إفتتحت في أوائل التسعينيات من القرن العشرين الماضي كما أدى فوز المهندس المعمارى والموسيقي الشهير أبو بكر خيرت فى مسابقة لتصميم فندق وعمارة بميدان الأوبرا إلى إقتناع عثمان محرم باشا وزير الأشغال العمومية فى هذا الوقت بقدرات المعمارى المصرى فأصدر قرارا بأن يحل المهندسون المصريون محل المهندسين الأجانب فى وزارة الأشغال العمومية وفي فترة الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين الماضي بدأت تظهر أجيال جديدة من المهندسين المعماريين المصريين منهم علي سبيل المثال لا الحصر المهندس نعوم شبيب مصمم برج القاهرة ومبني جريدة الأهرام وعمارة تشارلز كنتوز بالدقى وسينما ومسرح على بابا بشبرا ومدرسة القللى الخيرية ومبنى كايرو موتورز لتجارة السيارات وكنيسة سانت كاترين فى ضاحية مصر الجديدة وكنيسة سانت تريز فى مدينة بورسعيد وكنيسة السيدة العذراء مريم الطاهرة بالقرب من ميدان الإسماعيلية بمصر الجديدة وفضلا عن ذلك فقد برزت أسماء العديد من المهندسين المعماريين خلال هذه الفترة مرورا بالسبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين الماضي منهم المهندس حسن فتحي صاحب كتاب عمارة الفقراء ومصمم قرية القرنة بالأقصر وإستراحة رئاسة الجمهورية والمعهد العالي للفنون الشعبية بأسوان وتوسعة قرية الحرانية بمحافظة الجيزة وإستراحة شركة باوم ماربينت بالواحات الخارجة بالوادى الجديد وقصر الفا بيانكا بجزيرة مايوركا الأسبانية ومسجد بمدينة البنجاب بالهند وبرز أيضا الدكتور مهندس علي رأفت مصمم مباني دار الكتب والوثائق القومية ببولاق ومجمعات سفارات مصر في نيودلهى وإسلام أباد وطوكيو ومبنى الإذاعة السعودية بجدة والمركز القومى للبحوث الإجتماعية والجنائية وأكاديمية السادات ومقر شركة بترول بلاعيم ومبنى مؤسسة دار التحرير للطبع والنشر ومستشفيات القلب والجهاز الهضمى بكل من سوهاج وقنا ودمياط ومستشفيات ومراكز المغربي للعيون بكل من القاهرة والجيزة وطنطا ومستشفيات الملك فهد بجمهوريات أريتريا والبانيا والنيجر .
وللأسف الشديد ففي غفلة من الزمن إمتدت لمنطقة القاهرة الخديوية يد التخريب والإهمال الشديد ليعلو الكنوز المعمارية التي تشملها هذه المنطقة التراب واللافتات العشوائية التى أخفت ملامحها الجميلة وتسلل إليها القبح وسيطر التلوث البصرى إليها وإمتلأت بالباعة الجائلين والورش وغيرها من الأنشطة التى أساءت إليها كثيرا لسنوات طويلة وظلت فى حالة من التدهور حتى فرت منها كل أنشطتها الراقية ولحسن الحظ فمع تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي حكم مصر في شهر يونيو عام 2014م صدرت توجيهاته بتطوير المناطق التاريخية لكي تصبح متحفا مفتوحا يعكس عراقة الحضارة المصرية القديمة والمعاصرة وتنفيذا لتلك التوجيهات تم وضع مشروع شامل لتطوير القاهرة الخديوية ليعيدها لأصلها ولكي تسترجع عراقتها وجمالها وتعظيم الإستفادة منها واعادة المظهر الحضارى لها وتطويرها وكان الهدف من هذا المشروع هو إعادة المنطقة التى تعتبر قلب القاهرة لحالتها الأولى خاصة بعد أن شهدت أحداثا تخريبية وعنفا بعد ثورة 25 يناير عام 2011م وذلك بالطبع بالإضافة إلي الإهمال الذى تعرضت له خلال العديد من السنين مما كان يمثل صورة سيئة جدا ومظهر فوضوى لا يتواجد فى وسط المدن الكبرى بجميع دول العالم ومن ثم تم العمل على إعادة إحياء هذه المنطقة وبدأ العمل خلال النصف الثاني من عام 2014م بدراسة مشاكل المنطقة والتى تجسدت فى الإشغالات الكثيرة على واجهات العمارات ومداخلها والتى تم رفعها ومشكلة عدم توحيد الأنماط وأيضا الباعة الجائلون الذين تم نقلهم إلى أماكن مخصصة لهم والبروزات واليفط التى تعلو المحلات وتغطى على جزء كبير من المبانى وزخارفها البديعة وتم التحاور مع أصحاب المحلات الذين تفهموا الهدف من تطوير المنطقة وإستجابوا وقاموا بالمشاركة المادية في تكلفة التطوير كما تعاونت بعض الشركات الخاصة وشركات قطاع الأعمال العام والمستثمرون بأن يقوموا بتنفيذ عملية تطوير ورفع القيمة التراثية للعقارات التى يمتلكونها فى المنطقة على أن يتم ذلك وفقاً للشروط التى حددها جهاز التنسيق الحضارى وقانون التخطيط والتنمية العمرانية من حيث لون المبانى وإرتفاعاتها وعدم تغيير أى جزء منها لأنها تعتبر من التراث والإلتزام بالكود الخاص بمبانى القاهرة الخديوية وتم بالفعل تطوير250عقارا وإحياؤها لنعيد لها قيمتها التراثية التاريخية العريقة وجارى العمل حاليا في تطوير باقى العقارات وتوسعة الشوارع لتستوعب أماكن لحركة المشاة والمرور العابر ومن ثم تتم عملية إعادة كل المنطقة لحالتها الأولى بما تحمله من ملامح تاريخية وتراثية تتسم بالعراقة والجمال وتعلية قيمتها لتستعيد دورها الثقافى والسياحى والحضاري مع إدارتها من خلال منظومة متكاملة تضمن الإستدامة والحفاظ عليها وحمايتها ومن جانب آخر فإنه نتيجة للإزدحام الشديد فى شوارع القاهرة الخديوية والذى يؤدى إلى التأثير السلبى على جودة الحياة والقطاع الإقتصادى بالمنطقة تم إعداد دراسة مرورية لدراسة التحديات الموجودة بالمنطقة ومنها مشاكل المرور العابر لها وما له من تأثير على الإزدحام بشوارع المنطقة حيث تم إقتراح مجموعة من الحلول لهذه التحديات ومنها التوسع فى إستخدام الدراجات كوسيلة للتنقل داخل المنطقة من خلال وضع إستراتيجية لمشاركة الدراجات بالإضافة إلى إقتراح تغيير إتجاهات لبعض الشوارع وإعادة تصميم وتقييم لبعض التقاطعات بالمنطقة وإعادة تصميم العلامات المرورية لكل هذه التغيرات كما تم إقتراح تصميم لشارعى طلعت حرب وقصر النيل من خلال زيادة عرض أرصفة المشاة بهدف عمل شوارع صديقة للمشاة وإضافة مسارات مستقلة للدراجات وتوزيع مقاعد الجلوس وأعمدة الإنارة والتشجير بشكل مناسب ومتناسق لإضافة قيمة جمالية ووظيفية للشارع . |