السبت , 7 ديسمبر 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

أوسيم

أوسيم
عدد : 10-2021
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
موسوعة كنوز “أم الدنيا”


مدينة أوسيم تعتبر من أقدم الأماكن التي تتبع محافظة الجيزة وهي تمثل حلقة الوصل بين محافظة الجيزة ومحافظة القليوبية كما أنها تقع قرب العاصمة القاهرة أيضا وتبعد عن القناطر الخيرية بالقليوبية حوالى 20 كيلو متر وتعد حاليا عاصمة لمركز أوسيم التابع لمحافظة الجيزة وقد عرفت قديما بإسم ليكوبوليس في عهد فراعنة مصر وكانت جزءا من ريف مدينة منف وتغير إسمها إلى سيموخت في عصر البطالمة ثم غدت في حاضرنا أوسيم وقد عاش في تلك المدينة العديد من القادة المصريين والملوك في مصر القديمة كان الملك تحتمس الثالث منهم ويقال أيضا إن الملك رمسيس الثاني قد ولد في منطقة ريفية تقع فيها وكانت أوسيم عاصمة لمملكة قامت في غرب الدلتا عندما كانت البلاد مقسمة إلى مناطق نفوذ وظلت تحتفظ بمكانتها كعاصمة في العصرين البطلمي والروماني وقد إعتمد السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبي على منطقة أوسيم للتزود بالخشب الذي كان يستخدم في بناء أسطول الدولة حيث كانت الحياة الزراعية مزدهرة فيها وكان بها العديد من أنواع أشجار الخشب كالسنط والكافور وقد عاشت في مركز أوسيم قديما بعض القبائل العربية التى جاءت مع الفتح العربى لمصر عام 21 هجرية الموافق عام 642م ونظرا للأهمية الزراعية والتربة الخصبة للمنطقة ووفرة المياه بها فضل العرب الإستقرار فيها والإستفاده من مواردها الزراعية وبنوا فيها مسجدا يعد أحد أقدم المساجد التى أنشاها العرب في الناحية كلها .

وعن الطبيعة البشرية لسكان أوسيم الحالية فسنرى أن سكانها ينحدرون من أصول ريفية نزحت إليها عبر القرون القليلة الماضية وفي بدايات القرن العشرين الماضي ومع بدايات حملات حكومية بقيادة حزب الوفد والبرلمانيين لمحو الأمية للشعب المصرى خصوصا بعد تعرض عدد كبير من أهالى القرى والنجوع بسبب الجهل والأمية إلى أمراض قاتلة في وقتها مثل الكوليرا والبلهارسيا حيث سجلت مصر وقتها أعلى معدل عالمى في الإصابة بمرض البلهارسيا بدأت أجيال جديدة تدخل الصرح التعليمى من أبناء الفلاحين وبعد فترة تغيرت الطبيعة البشرية لسكان مدينة أوسيم فقد إحتل الكثير من أبنائها مناصب كبيرة ورفيعة في الجهاز الحكومى للدولة وقتها ومع قيام ثورة يوليو عام 1952م وجد آلاف من الفلاحين والعمال المثل الأعلى في قيادات الثورة حيث أنهم كانوا من أبناء الطبقة الكادحة والتى كان يحظر عليهم التقدم إلى الكليات والمدارس العسكرية والتى كانت حكرا على طبقة أرسطوقراطية معينة وكذلك مع جعل التعليم بالمجان والقضاء على الرأسمالية المستبدة والإقطاعيين الكبار لجأ آلاف من أبناء الريف إلى التعليم وكان السبق لمركز أوسيم نظرا لقربه من المناطق الحيويه في القاهرة والجيزة وشكل ذلك سلاسة في التعامل وتبادل الخبرات وحتى الان نرى أن الطبقة المتعلمة والحضاريه قد شكلت الغالبية العظمى من سكان المدينة على عكس الماضى .

وعن الطبيعه السكانية نجد أن أوسيم مازالت محتفظة بالتكتلات العائلية وتعيش بها كبرى عائلات شمال الجيزة وذلك حسب الجهاز القومى للتعبئة العامة والإحصاء بأن هناك بعض العائلات بالفعل تشكل أعدادا كبيرة على مستوى المحافظه بالكامل نذكر منها عائلة أبو سليمان وعائلة عبد اللاه وعائلة خالد وعائلة خطاب وعائلة قويشة وعائلة الشاهد وعائلة عبد الشافى وعائلة البحيرى وعائلة خليل هذا بجانب كثير من العائلات ولكنها ربما تكون ليست أساسا من أهل المركز وربما يكونوا قد إستوطنوا المنطقه فيما بعد وكونوا بالفعل تكتلات عائلية ومنها عائلة غراب وعائلة الصعيدي وعائلة السيسى وعائلة هارون وذلك على سبيل المثال وليس الحصر وتشهد أوسيم اليوم تدفق ملحوظ للوافدين من زحام وغلاء الأسعار في وسط القاهرة والأحياء المزدحمة إلى أوسيم للإقامة بها لرخص أسعار العقارات نسبيا بها والقيمة الإيجارية وقربها الشديد من المناطق الحساسة في القاهرة والجيزة ووسط البلد .

ومن المناطق التابعة لمركز اوسيم منطقة بشتيل وأطلق عليها هذا الإسم لأنه قديما وقت الفيضانات كان يزرع هناك القطن طويل التيلة وأغرق الفيضان المحصول في إحدى السنوات بالكامل وخسر المزارعون هذا الموسم وكان كل من يريد أن يصل إلى هذا المكان يوصف له بالبلد التي باش التيل بها ومن هنا سميت بشتيل وحاليا يحدها من الجنوب حي المهندسين ومن الشمال الكوم الأحمر ومن الشرق الوراق ومن الغرب البراجيل ويقطنها نحو 300 ألف نسمة تقريبا وبها أكبر مجمعات للمدارس على مستوى المحافظة وعدد كبير من مراكز الخدمات وكانت الحكومة قد أعلنت منذ فترة البدء في إنشاء محطة جديدة للقطارات في بشتيل ستضم محطة رئيسية وورشة كاملة للجرارات والعربات وحوش محطة يسع 5 سكك إضافة إلى مركز صيانة ويجري حاليا تنفيذ المحطة على عدة مراحل وتشمل المرحلة الأولي إنشاء ورش لجرارات وعربات القطارات وأحواش أما المرحلة الثانية فستشمل مجمعا متكاملا لمحطة رئيسية على خط سكك حديد القاهرة أسوان وستنفذ خلال 3 سنوات وستكون بديلة لمحطة القاهرة المعروفة بإسم محطة مصر لخدمة أهالي الصعيد وستكون منطقة إلتقاء خطوط السكك الحديدية الرئيسية بمصر السد العالي والإسكندرية والمناشي وستكون هذه المحطة علي محاور رئيسية تسهل نقل الحركة منها وإليها وهي محور ترعة الزمر ومحور شارع السودان ومحور أحمد عرابي وشارع المطار وتتميز المنطقة بوجود وسائط نقل متعددة متصلة بها والتي تتمثل في مترو الأنفاق ومونوريل 6 أكتوبر والكثير من خطوط الأوتوبيسات وخطوط وسائل النقل الجماعي ويقول المسؤولون بوزارة النقل إن هذه المحطة ستكون عالمية وستنفذ بتصميم أوروبي من أجل خدمة قطارات وركاب وأهالي الصعيد وبوجه عام من أجل خدمة جموع الشعب المصري في الوجهين القبلي والبحري وإن الهدف من إنشاء هذه المحطة هو تخفيف الزحام بمحطة رمسيس وليس لعدم دخول الصعايدة القاهرة كما ردد البعض هذا وتشير تقديرات خرائط جوجل للمسافة من رمسيس لبشتيل بنحو 16.7 كيلو متر تقطعها السيارة في فترة زمنية قدرها 24 دقيقة بحيث تبدأ من شارع رمسيس ومنه إلى كوبري 6 أكتوبر حتى الوصول لمنطقة بولاق ثم الإتجاه إلى محور 26 يوليو حتى الجيزة ومنه إلى شارع أحمد عرابي بجوار نادي الزمالك في المهندسين ومنه إلى الطريق الدائري حتى منطقة الكوم الأحمر ثم الإتجاه إلى مخرج أرض اللواء ومنه إلى بشتيل .

ولايفوتنا هنا أن نذكر بشتيل كانت هي مسقط رأس مصطفي البشتيلي الذى كان أحد زعماء المقاومة ضد الحملة الفرنسية علي مصر في أواخر القرن الثامن عشر الميلادى والتي بدأت في عام 1798م وإنتهت في عام 1801م وبحق فقد كانت قصة هذا الرجل قصة رجل مصرى عظيم يعد من الشخصيات البطولية التي تستحق الإشادة والمعرفة التي لم تركع أو تستسلم للمستعمر وللخونة ولم تبع تراب بلادها ولم تفرط فيه ولو بكلمة ومع أنه قدم روحه فداءا لبلاده وللأسف فنادرا ما يذكره أحد بالرغم من دوره العظيم في تاريخ مصر حيث شارك في ثورة القاهرة الأولي التي إندلعت في خلال يوم 21 أكتوبر ويوم 22 أكتوبر عام 1798م والتي قادها رجال الأزهر الشريف وعندما إشتعلت ثورة القاهرة الثانية في يوم 20 مارس عام 1800م كان أحد قادتها وأبطالها وقد ولد بطلنا مصطفي البشتيلي في قرية بشتيل بمحافظة الجيزة حاليا ونشأ بها ومنها كانت كنيته ثم إنتقل منها إلى القاهرة وعمل تاجرا وبمرور الوقت أصبح مالكا لوكالة كبيرة للزيوت وكان معروفا بأمانته وسمعته الطيبة التي كانت عونا له في أن يصبح شاهبندر تجار منطقة بولاق أبو العلا وهذه الصفة كانت حينذاك رتبة يتم منحها لرئيس التجار وكان دائما ما يكون أغناهم وأفضلهم من حيث الجاه والسلطان والمعرفة والظهور والعلاقات والدراية بأمور وقضايا التجار والأسواق وكان إختياره يتم من بين التجار أنفسهم وكان باقي التجار يطيعونه ويأتمرون بأمره ويحترمون كلمته وحكمه في أى نزاع ينشب بينهم ولذا لم يكن شاهبندر التجار مجرد لقب لكنه كان منصبا مرموقا يحظى بالإحترام والتقدير من الدولة ومن العامة وكان هذا المنصب يدعم لهذا الشخص المكانة المرموقة له ولأهله وطائفته وجدير بالذكر أن كلمة شاهبندر في الأصل كلمة فارسية تسمت بها أسرة تركية وهي تعني رئيس تجار الميناء حيث أنها مكونة من مقطعين الأول شاه بمعني الملك أو الرئيس والثاني بندر ويعني الميناء وقد تم دمج المقطعين ليصبحا كلمة واحدة هي شاهبندر وكان بطلنا مصطفي البشتيلي يعيش حياة مرفهة مع أسرته ومع ذلك فعند قدوم الحملة الفرنسية ودخولها القاهرة وإحتلالها رفض الإتفاق والتحالف مع الإحتلال الفرنسى رغم تجارته ومصالحه التي من الممكن أن يصيبهما الضرر ورفض الظلم الذي وقع على الشعب المصرى وشارك في تنظيم شعبى لمقاومة الإحتلال وقد ذكره المؤرخ الشهير عبد الرحمن الجبرتي الذى عاصر الحملة الفرنسية في كتابه عجائب الآثار في التراجم والأخبار كأحد زعماء الثورة ضد الفرنسيين وجدير بالذكر أن هذا الكتاب يطلق عليه أيضا تاريخ الجبرتى وهو يعتبر من أهم كتب التاريخ في القرنين الثانى عشر والثالث عشر الهجريين الموافقين للقرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين إن لم يعتبر المصدر المصدق الوحيد الذي يصف مصر بكل حياد وشفافية دون تحيز إلى حاكم أو إلى شخص خلال الفترة المذكورة وقد تم القبض علي مصطفى البشتيلي ومن وجدوهم من الثوار بعد قمع ىثورة القاهرة الثانية وأودعوهم بيت ساري عسكر وفي اليوم الثالث أطلقوهم وجمعوا عصبة البشتيلي من العامة وسلموهم البشتيلي وأمروهم بتجريسه في البلدة وأن يقتلوه بأيديهم لدعواهم أنه هو الذي كان يحرك الفتنة ويمنعهم الصلح وعلى الفور بدأت مؤامرة شيطنة الزعيم الذي قاد أهل بولاق إلى الثورة على المحتل الأجنبي وبدأت أبواق الفرنسيين والخونة في إقناع أهل بولاق بأن ما نالهم من خراب ودمار لبيوتهم وموت أحبائهم وأقاربهم إنما هو نتيجة حماقة البشتيلي وإثارته للفتنة وتحريضهم على رفض الصلح وأن كل ما حدث لبولاق وأهلها إنما هو في رقبة هذا المارق المدعو البشتيلي ومن الغريب أن بعض المصريين إقتنعوا بهذا المنطق الشاذ وإتخذوا قرارا أن تكون عقوبته التجريس وهي عقوبة قديمة يتم فيها إجلاس الشخص المعاقب على حمار بالمقلوب ثم يطوف بالشوارع فيبصق الناس على وجهه ويصفعونه ويشتمونه وهذا ما فعله بالضبط البعض فى بطلهم مصطفى البشتيلي ثم إنهالوا عليه ضربا بالهراوات والعصي والنبابيت حتى قضي نحبه شهيدا فداءا لوطنه .

ومن المناطق التابعة لمركز أوسيم أيضا منطقة البراجيل وهي قرية صغيرة تشتهر بالزهور والورود حيث يوجد بها أكبر مشتل في مصر كما أنه يوجد بها العديد من المصانع ويبدأ تاريخها منذ زمن بعيد حيث أنها كانت قرية ريفية معروفة منذ أيام الفراعنة وكان إسمها البلجير وهو الإسم الذي ذكرها به الأسعد بن مماتي في قوانين الدواوين ضمن الأعمال الجيزية وذُكرت كذلك في تحفة الإرشاد وذكرها إبن الجيعان في التحفة السنية من أعمال الجيزية وقال إنها البلجير وفي عهد أسرة محمد علي باشا في عام 1813م بدأت تعرف بإسم البراجيل ومن القرى التابعة لمركز أوسيم أيضا قرية برطس وهي أيضا من القرى القديمة وقد وردت في قوانين إبن مماتي أيضا ضمن الأعمال الجيزية كما وردت في تحفة الإرشاد وذكرها إبن الجيعان في التحفة السنية من الأعمال الجيزية وفي تاج العروس وردت محرفة بإسم برطيس وقال إنها قرية بالجيزية .
 
 
الصور :