بقلم المهندس/ طارق بدراوى
موسوعة كنوز “أم الدنيا”
ترعة المريوطيه ترعة كبيرة يصل عمرها الي ما يقارب 55 سنة وهي تمر بمناطق عديدة بمحافظة الجيزة منها شارع العروبة وشارع التلاتيني وشارع الهرم وشارع فيصل كما أنها تمتد جنوبا إلي منطقة أهرامات دهشور الثلاث الفريدة وهي الهرم المنحنى والهرم الأحمر والهرم الأسود وهي ذات أهمية كبيرة نظرا لكونها أحد المصارف المائية المكشوفة بمنطقة جنوب الجيزة لأنها تحافظ على التربة الزراعية بإعتبارها مصرفا للمياه الجوفية وللأسف الشديد فحتي وقت قريب كانت قد وصلت لحالة سيئة للغاية نظرا لقيام المواطنين بإلقاء القمامة ومخلفات البناء بها إلا أنه في السنوات الأخيرة تغيرت معالم الحياة حولها بشكل شامل بشكل غير مسبوق حيث تم تطوير الترعة وذلك بإنشاء كورنيش سياحى رائع الجمال حيث قامت الدولة بصفة مبدئية بتدبيش 3 كم من إمتداد الترعة القريب من شارع الهرم وحتي الطريق الدائرى وتحويل هذه المسافة إلى ممشى سياحى وتزيين الكورنيش الجديد بأشجار الزينة وأعمدة إضاءة حديثة غيرت من بانوراما المنطقة مما سيكون له تأثير إيجابى كبير على كل الحضور أثناء إفتتاح المتحف المصرى الكبير من الشخصيات العالمية السياسية والدبلوماسية وكبار العلماء والإعلاميين والكتاب السياحيين البارزين دوليا والمستثمرين ورجال الفكر والثقافة والفن مما سيسهم فى الترويج السياحى لمصر بشكل كبير وعلاوة علي ذلك فقد قامت محافظة الجيزة بتغطية 200م من الترعة والإستفادة منها في إنشاء مواقف سيارات سرفيس حضارية تتبع أحدث النظم الحديثة للقضاء على أى إزدحامات ومعوقات مرورية بالمنطقة وقد بلغت التكلفة الإجمالية لتطوير الترعة حتي الآن 200 مليون جنيه وفي الوقت الحاضر تستكمل محافظة الجيزة أعمال تطوير وتغطية ترعة المريوطية بالقطاع الشمالى لشارع الأهرام فى إتجاه شارع الملك فيصل وذلك بطول 2.5 كم تقريبا وذلك بعد الطفرة التنموية التى حققها مشروع تطوير المجرى المائى لترعة المريوطية بالقطاع الجنوبى لشارع الأهرام وتحويلها من مقلب للقمامة والمخلفات والرتش إلى كورنيش وممشى حضارى وذلك بالإضافة إلي إنشاء عدد من كبارى المشاة لربط جانبي الترعة لخدمة المواطنين .
أما محور المريوطية والذى تم إفتتاحه في شهر أغسطس عام 2009م بطول 9 كم وبعرض 4 حارات مرورية وإستغرق تنفيذه 26 شهر بتكلفة بلغت مليار جنيه وقد تم تنفيذ هذا المحور كحل لربط القوسين الشرقي والغربي للطريق الدائري عن طريق جسر علوي يمر فوق ترعة المريوطية وذلك بعد توقف العمل في المسار المخطط للطريق الدائري المار بهضبة الأهرام إثر إعتراض منظمة اليونيسكو على مرور الطريق بالقرب من المنطقة الأثرية لأهرام الجيزة ويسهم هذا المحور في تسهيل الحركة المرورية بين محافظات القاهرة والجيزة والإسكندرية مع خفض الكثافة المرورية العالية داخل الجيزة وتحديدا في ميدانها وشارعي الهرم وفيصل بجانب خفض كثافة المرور بمحور 26 يوليو بنسبة 30% وخفض زمن الرحلة كذلك للقادم من الإسكندرية إلى شرق القاهرة بما يعادل ساعة كاملة وليمثل شريانا رئيسيا إستراتيجيا يربط محافظات القاهرة الكبرى بمحافظات الوجه القبلي بالإضافة إلى تسهيل الحركة المرورية للقادم من إتجاه المعادي عبر الطريق الدائري
إذ يتجه مباشرة من خلال محور المريوطية يسارا إلى الطريق الدائري في إتجاه طريق الواحات ومحور صحاري الأهرام المتجه إلى طريق القاهرة الإسكندرية الصحراوي أو يمينا في إتجاه الطريق الدائري صفط اللبن ومناطق شمال الجيزة والقادم من طريق القاهرة الإسكندرية الصحراوي يستخدم القوس الشمالي للطريق الدائري ثم محور المريوطية ليصل إلى مناطق المعادي والقاهرة الجديدة وشرق القاهرة وقد تم تنفيذ هذا المحور بإستخدام الكمرات ذات الأحمال العالية والأطوال الكبيرة بأسلوب كابلات الشد المسلحة سابقة الإجهاد والمعالجة بالبخار للوصول إلى الإجهادات الهندسية المطلوبة في أقل وقت ممكن كما تم إستخدام 250 ألف متر مكعب خرسانة أسمنتية و90 ألف طن حديد تسليح في أعمال الإنشاء .
ومن أهم معالم منطقة المريوطية شركة مصر للتمثيل والسينما والتي تسمى إختصارا بإستوديو مصر والتي كانت إحدى المؤسسات العملاقة التي انشأها الإقتصادى المصري الكبير طلعت حرب باشا وهو أول إستوديو يقام في مصر برأس مال مصري 100% وقد تم إفتتاحه في السابع من شهر مارس عام 1935م ليساهم في ذلك الوقت في دعم وتقدم السينما في مصر وكان طلعت حرب باشا يؤمن بأن تجديد الإقتصاد في مصر لن يتم إلا إذا إزدهرت الثقافة وإستنارت العقول بالأفكار الجديدة والثقافة الرفيعة وكان يؤمن أيضا بأن الثقافة إستثمار كبير وإيماناً منه بضرورة تدعيم الثقافة والفنون ونشر الوعي قام بتأسيس شركة مصر للتمثيل والسينما بهدف إنتاج أفلام مصرية لفنانين مصريين مثل أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب وغيرهما وبالعودة إلي الوراء قليلا فقد إقترنت المحاولات السينمائية الأولي فيما قبل العشرينيات من القرن العشرين الماضي بمصر بتأسيس العديد من الإستوديوهات الصغيرة في مدينتي القاهرة والإسكندرية وكان يجري إعدادها إما على أسطح المنازل أو خلال أماكن معدة كمخازن وكان العماد الأساسي لها هي الكاميرا السينمائية ذاتها وفيما عدا ذلك كانت المعدات على حسب إمكانيات مؤسس الإستوديو ومنها إستوديو هليوبوليس الذى أنشأته عزيزة أمير عام 1929م في ضاحية مصر الجديدة وكان عبارة عن أرض فضاء مسورة ليقام بها الديكور ولم يستمر هذا الإستوديو إذ إنتهى بعد عامين من إفتتاحه وفي عام 1930م أنشأ يوسف وهبي إستوديو رمسيس على قطعة أرض في إمبابة تسمى مدينة رمسيس وكانت منطقة الإستوديو تضم أربعة شوارع كبيرة الأول إسمه شارع يوسف وهبي وتقع فيه مكاتب الإدارة وغرف الطبع والتحميض وصالة للزائرين والبوفيه والثاني شارع زينب ويضم غرف الممثلات والثالث شارع أولاد الذوات وفيه غرف الممثلين أما الشارع الأخير فهو شارع العدالة ويضم جميع الأقسام الفنية اللازمة لصناعة السينما وفي عام 1932م أنشئ في منطقة شبرا إستوديو سمي إستوديو شبرا وتم فيه تصوير فيلمي جحا وأبو نواس وإنتهى العمل بعدهما وجاء بعد إستوديو شبرا إستوديو لوتس والذى أنشأته السيدة الممثلة والمنتجة آسيا داغر عام 1933م في جزيرة الزمالك وصورت به بعض الأفلام منها فيلم عيون ساحرة وشجرة الدر وقد أوضحت السيدة مارى كويني بنت أخت آسيا داغر أن الإستوديو كان عبارة عن فيلا في أول الزمالك يعملون بداخلها فى التصوير وفي البدروم يتم عمل مونتاج الأفلام إلى أن إنتهى العمل به عام 1936م وفي هذه السنة أنشأ خواجة يسمى كاتساروس إستوديو بوسط القاهرة سمي على إسمه ستوديو كاتساروس وكان يضم بلاتوه واحد فقط وتحول بعد عام إلى صالة مزادات ثم إلى بنك موجود حتي الآن بشارع جواد حسني المتفرع من شارع قصر النيل .
وبعد هذه المحاولات جاءت الطفرة الحقيقية في مجال إنشاء إستوديوهات السينما في مصر بإنشاء إستوديو مصر والذى كان أول إستوديو سينمائي كامل التجهيز في مصر وفي البداية تم إنتاج فيلم قصير لمدة عشر دقائق للإعلان عن المنتجات المصرية كما أنتج نشرة أخبار أسبوعية عن الأحداث في مصر كان يتم عرضها في دور العرض قبل بداية أي فيلم وقام إستوديو مصر بإرسال البعثات الفنية من المصريين إلى أوروبا لتعلم فنون التصوير والإخراج والديكور والماكياج فسافر المخرجان أحمد بدرخان وموريس كساب والمصوران حسن مراد ومحمد عبد العظيم ومهندس الصوت مصطفى والى ومهندس الديكور ولي الدين سامح والذى أصبح مخرجا فيما بعد وفني المونتاج نيازي مصطفى والذى أصبح مخرجا أيضا فيما بعد وتم تعيين الفنان أحمد سالم مديرا لإستوديو مصر وقد أكد طلعت حرب على أهمية السينما وخطورة دورها عندما قال إننا نعمل بقوة إعتقادية وهي أن السينما صرح عصري للتعليم لا غنى لمصر عن إستخدامه في إرشاد سواد الناس ومنذ إفتتاح هذا الصرح السينمائي الكبير وحتى الآن شهد تحدبثا وتطورا كبيرا في كافة المجالات سواء الفنية أو التكنولوجية في مجالات الديكور والتصوير والمونتاج وكذلك البلاتوهات المخصصة للتصوير وقد كان لإستديو مصر دورا ايجابيا في تاريخ الإنتاج السينمائي الرفيع في مصر وساهم في دعم موقع مصر الريادى في المجال الفنى وأكد جدارتها في أن تكون عاصمة الفن في الشرق وقد أقيم إستديو مصر على مساحة كبيرة من الأرض تبلغ 76 ألف متر مربع تطل علي شارع إستوديو مصر والمريوطية وذلك على بعد 1.5 كم من شارع الهرم وأقل من 3.5 كم من أهرامات الجيزة وهو يضم أكثر من بلاتوه للتصوير وورش للديكور وغرف وإستراحات للممثلين وغرف للماكياج ومخازن للملابس ومعدات الإضاءة والتصوير السينمائي ومعمل تحميض وطبع على أحدث تكنولوجيا متوافرة في الوقت الحاضر وصالات مونتاج رقمى وتقليدى وصالات تسجيل وميكساج صوت قام بتصميمها مكتب معمارى متخصص وبيت خبرة أميريكى رائد فى مجال الصوت والسمعيات وذلك بالإضافة إلي المبانى الإدارية والبنية التحتية وبالإضافة إلي ذلك يضم الإستديو مساحة كبرى مخصصة لبناء الديكورات الخارجية على مساحة 54 ألف متر مربع وهي تكفي لإستيعاب العديد من أعمال التصوير فى نفس الوقت ولا يزال الكثيرون من مصممى الديكور يفضلون بناء ديكوراتهم فى إستوديو مصر لموقعه المتميز وجوه الخاص وجدير بالذكر أنه عند إفتتاحه أهدى رائد السينما الكبير الفنان محمد بيومى إستديو مصر عددا من آلات التصوير السينمائي وفضلا عن ذلك فإن إستوديو مصر يضم أشهر ديكور للحارة المصرية التي تم تصوير العديد من المشاهد بها في الكثير من الافلام السينمائية .
وكان أول فيلم تم إنتاجه وتصويره من خلال إستوديو مصر هو فيلم وداد في عام 1935م لكوكب الشرق أم كلثوم والفنان أحمد علام وكان من إخراج المخرج الألماني فريتز كرامب وكان مساعده الأول جمال مدكور وخلال الفترة من عام 1935م وحتي عام 1960م توالت الأفلام التى قام إستوديو مصر بإنتاجها والتى تعد من أهم العلامات فى تاريخ السينما المصرية فى عصرها الذهبى كان من أهمها فيلم سلامة فى خير إنتاج عام 1937م وإخراج نيـازى مصطفى وبطولة نجيب الريحانى وميمى شكيب وراقية إبراهيم وفيلم لاشين إنتاج عام 1938م وإخراج فريتز كرامب وبطولة حسن عزت ونادية ناجى وحسين رياض وفيلم العزيمة إنتاج عام 1939م وإخراج كمال سليم وبطولة حسين صدقي وفاطمة رشدى وأنور وجدى وفيلم السوق السوداء إنتاج عام 1945م وإخراج كامل التلمسانى وبطولة عماد حمدى وعقيلة راتب وفيلم العروسة الصغيرة إنتاج عام 1956م إخراج أحمـد بدرخان وبطولة يحيى شاهين ومريم فخر الدين وقد لعب إستوديو مصر دورا عظيما في إظهار كوادر جديدة مثلما حدث مع صلاح أبو سيف عندما إنضم إلى الإستوديو كمساعد للمخرج كمال سليم وظل يترقى تدريجيا حتى أصبح رئيس قسم المونتاج والذي كان من العاملين فيه كمال الشيخ وإحسان فرغل وجلال مصطفى ووفيقة أبو جبل وبعدها أصبح صلاح أبو سيف من الشخصيات البارزة كمخرج متميز بعد إخراجه لعدة أفلام شهيرة منها دايماً في قلبي والذي كان أول فيلم من إخراجه عام 1946م وتلاه بفيلم الصقر عام 1950م ثم فيلم الأسطي حسن في عام 1952م وفيلم الوحش عام 1954م وفيلم شباب إمرأة عام 1956م وفيلم الفتوة عام 1957م.
ومع صدور قوانين التأميم فى عام 1961م آلت ملكية بنك مصر وما يستتبعه من مشروعات إلى الدولة وتحت إدارة القطاع العام وكان ضمنها بالطبع إستوديو مصر ولكنه إستمر يحتفظ بسحره الخاص الذي يدفع الكثيرين من مهندسي المناظر إلى إقامة ديكوراتهم بين ربوعه المتميزة وخلال العقود الأخيرة تم تصوير العديد من المشاهد والمناظر في الكثير من الأفلام السينمائية الشهيرة بإستديو مصر منها فيلم ميرامار لكمال الشيخ والذي صمم ديكوراته ماهر عبد النور عام 1970م والفيلم الديني فجر الإسلام لصلاح أبو سيف والذي صمم ديكوراته عبد المنعم شكري عام 1971م وفيلم حمام الملاطيلي لصلاح أبو سيف والذي صمم ديكوراته إبراهيم سيد أحمد عام 1973م وفيلم المومياء لشادي عبد السلام والذي صمم ديكوراته صلاح مرعي عام
1975م وخلال السنوات القليلة الماضية أيضا تم تصوير عدة أفلام بالإستوديو منها فيلم البحر بيضحك ليه لمحمد كامل القليوبي والذي صمم مناظره وديكوراته محمد فوزي عام 1995م وفيلم إمرأة هزت عرش مصر لنادر جلال والذي صمم ديكوراته عادل المغربي عام 1995م وقد كان للسينما تاريخ طويل مع القطاع العام بعيوبه ومزاياه وإمتد ذلك على مدى أربعين عاماً حتى عام 2000م حيث طرحت أصول صناعة السينما على القطاع الخاص ضمن خطة الدولة للخصخصة ومن ثم فقد أصبح إستوديو مصر منذ شهر أبريل عام 2000م تديره شركة الإكسير للخدمات الفنية وهى شركة مصرية خاصة للإنتاج والتوزيع والخدمات فى مجال السينما والفيديو وتعود نواة تكوينها الى عام 1988م وكما سبق وأن قامت شركة الإكسير بدور رائد في إدخال التكنولوجيا الرقمية فى صناعة الأفلام فى مصر والشرق الأوسط فقد أخذت على عاتقها تطوير وتجديد وتحديث إستوديو مصر وتجهيزه بآخر ما وصلت اليه التكنولوجيا فى مختلف مجالات صناعة السينما ليستعيد هذا الصرح مكاته ويواصل مساهماته في مجال إزدهار الفن السينمائي . |