بقلم المهندس/ طارق بدراوى
موسوعة كنوز “أم الدنيا”
شارع 26 يوليو هو أحد الشوارع الهامة والشهيرة بالقاهرة ويقع في منطقة وسط البلد ويمتد من ميدان الخذندار ثم يخترق حديقة الازبكية ويتقاطع مع شارع الجمهورية ثم يمتد بمنطقة وسط البلد ويتقاطع مع شارع عماد الدين وشارع شريف وشارع طلعت حرب وشارع شامبليون وشارع البورصة القديمة وشارع رمسيس وشارع الجلاء ثم يخترق منطقة ماسبيرو والزمالك والمهندسين ووصولا الي مدينة 6 أكتوبر وقد عرف شارع 26 يوليو سابقا بشارع بولاق ثم سمى بشارع فؤاد الأول ثم تغير إلي 26 يوليو والسبب في ذلك هو أن الملك فاروق قد غادر الإسكندرية علي متن اليخت الملكي المحروسة إلي منفاه في إيطاليا في يوم 26 يوليو عام 1952م بعد قيام ثورة يوليو بثلاثة أيام لذلك فقد تقرر تسمية الشارع بهذا الإسم وعلي التوازى تم تغيير إسم شارع الملكة نازلي ليصبح شارع رمسيس وإسم شارع إبراهيم باشا ليصبح شارع الجمهورية وإسم شارع الأمير فاروق ليصبح شارع الجيش في إشارة واضحة إلي نهاية العصر الملكي وبداية عهد جديد ومما يذكر أن هذا الشارع كان أحد الشوارع التي أصيبت بناياتها بأضرار بالغة ضمن أحداث حريق القاهرة في يوم 26 يناير عام 1952م وكان من البنايات التي دمرت تماما في هذا الحريق مبني محلات شيكوريل الشهيرة التي كان قد أسسها رجل الأعمال اليهودي الإيطالي الأصل مورينيو شيكوريل في عهد الخديوى توفيق عام 1887م وبمساعدة أولاده الثلاثة سولومون وسالفاتور ويوسف كبر المحل وإتسع نشاطه وأصبح واحدا من أفخم المحلات التجارية في القاهرة ومن ثم قام ملاكه بفتح العديد من الفروع في مدينتي القاهرة والإسكندرية وغيرهما وبعد وفاة مورينيو شيكوريل واصل أبناءه الثلاثة مسيرة والدهم وعلى الرغم من أن محلات شيكوريل كانت تعاملاتها مقصورة في الغالب على الطبقة الراقية والأرستقراطية إلا أنه في عام 1936م إفتتح مالكها مورينيو شيكوريل سلسلة محلات أخرى إسمها أوركو وكانت الأسعار فيها أرخص من محلات شيكوريل لكي تناسب الطبقة المتوسطة في مصر وكانت المحلات الكبرى في مصر في ذلك الزمان مثل شيكوريل وصيدناوى وعمر أفندى وهانو وبنزايون وغيرها تتنافس علي جذب المشترين خاصة في المواسم والأعياد ومن هذه المواسم كان موسم عيدى الفطر والأضحي وبدء العام الدراسي .
وكان من المعالم الشهيرة في شارع 26 يوليو عمارة شهيرة يسميها العامة عمارة الأميريكين بسبب وجود المحل الشهير أسفلها لكنها بنيت بإسم عمارة يونيون دي باري وهو إسم شركة كانت تتخذ العمارة مقرا لها وكان لها لافتة كبيرة على واجهة العمارة تحمل إسمها باللغتين العربية والفرنسية لكن هذه الشركة غير موجودة الآن وتتكون هذه العمارة من طابق أرضي للمتاجر ثم ميزانين للمكاتب وستة أدوار سكنية وكانت في حقيقتها تتكون من ثلاث عمارات متلاصقة العمارة القبلية منها المطلة على شارع 26 يوليو كان لها مدخل مستقل بينما الأخريان لهما مدخل مشترك خلفي وكانت هذه العمارة من تصميم المهندس المعمارى الفرنسي جورج بارك مصمم متجر صيدناوي وأوبرا الإسكندرية وبورصة القاهرة وكان من العمارات الشهيرة أيضا
بشارع 26 يوليو عمارات جماليان وهي مجموعة من ثلاث عمارات بنيت على قطعة أرض تعود إلى الأمير مصطفى إبن الأمير إسماعيل كتخدا من طائفة جماليان وكان الأمير قد جعل الأرض وقفا على ذريته عام 1092 هجرية أي منذ أكثر من 350 عاما إلى أن آلت إلى وزارة الأوقاف فقررت الوزارة بناء عمارة عليها وقسمت الأرض إلى ثلاث عمارات تجمع بينها ممرات خصوصية وتلتقي هذه الممرات معا مكونة ما يشبه ميدانا صغيرا به فسقية وقد قام بتصميمها المهندس البارع محمد كمال إسماعيل مصمم دار القضاء العالي ومبني سنترال رمسيس ومجمع التحرير ومجموعة كبيرة من المباني .
ومن أهم المعالم أيضا في شارع 26 يوليو عند تقاطعه مع شارع شامبليون مبني دار القضاء العالي وفي منطقة الزمالك نجد أنه من أهم معالم هذا الشارع مسجد الزمالك القديم الذى يقع قرب آخره عند تقاطعه مع شارع تقي الدين المقريزى وهو من تصميم المهندس المعمارى الإيطالي ماريو روسي المتخصص في العمارة الإسلامية وفضلا عن ذلك توجد في آخر الشارع أسفل كوبرى 15 مايو ساقية الصاوى ويمكن الوصول إليها أيضا من أمام مسرح البالون بعبور الكوبرى ونزول السلم على الساقية مباشرة وهي أول منشأة قطاع خاص في مصر وأوسعها إنتشارا في وقتنا الحاضر وتعد نموذجا للكيانات الثقافية في عصر ما بعد الثقافة الحكومية وقد أنشأ الساقية المهندس محمد عبد المنعم الصاوى نجل الأديب المصري الكبير الراحل عبد المنعم الصاوي في عام 2005م وإستقى الإسم من خماسية الساقية التي تعتبر العمل الأشهر لوالده فبدأ يفكر في خلق مركز ثقافي إبداعي يشمل جميع أنواع الفنون والآداب يكون قادرا علي جذب طبقات مختلفة من العامة وقد قام المهندس محمد الصاوي بتصميم المشروع والشروع في بنائه ووضع التصورات حول أساليب الوصول التي وضعها للمركز بالإشتراك مع زملاء آخرين كونوا معه فريق عمل متكامل كانت نتيجته ظهور هذا المركز الثقافي العملاق علي أرض الواقع وقد بدأ المركز بعد إفتتاحه وبدء نشاطه بعمل الحفلات الموسيقية لإجتذاب الجمهور على إعتبار أن الموسيقى والغناء أوسع الفنون إنتشارا بين الناس وكان بها تنوع وإختلاف عن السائد من الموسيقى وقتها فكان من أبرز نجوم هذه الحفلات فرق موسيقى الجاز والموسيقى الغجرية والراب وفرق أخرى تعرض ثقافات مختلفة من أنحاء العالم وبعد ذلك تم إدخال العديد من الأنشطة الأخرى على المركز فبدأ عمل المعارض التشكيلية سواء لكبار الفنانين التشكيليين أو للشباب وعرض الأعمال النحتية ثم بدأ تقديم الأمسيات الشعرية من خلال الحفلات الغنائية ثم تقديمها منفردة في أمسيات خاصة كما قامت الساقية ضمن أنشطتها بتنظيم مهرجان مستوحى من فكرة سوق عكاظ للشعر تحت إسم عكاظ الشعر شارك فيه شعراء من مختلف محافظات مصر وإستمر لثلاثة أيام كما قام المركز بعد ذلك بتقديم العروض الفنية المسرحية والسينمائية والموسيقية كما تحتوي الساقية على مكتبة تنقسم إلى أربعة أقسام وهي مكتبة عامة ومكتبة للطفل ومكتبة إلكترونية ومكتبة موسيقية وتزخر تلك المكتبة بمجموعة ضخمة من الكتب للأطفال والكبار وبعدة لغات منها العربية والإنجليزية والفرنسية وجميع رواد الساقية يمكنهم زيارة المكتبة والإطلاع علي مابها من كتب وقراءتها ويتاح للأعضاء فقط الذين يحملون كارنيهات عضوية بالساقية والتي يحصلون عليها بعد ملء إستمارة العضوية وسداد الإشتراك السنوى بعد الموافقة من جانب إدارة الساقية علي قبول عضويتهم حق الإستعارة وتحتوي الساقية أيضا علي أقسام لتعليم المبادئ الأساسية لأنواع عديدة من الفنون مثل الرسم وتستضيف الساقية أيضا الندوات العامة المختلفة ثقافية ودينية وعلمية وفنية مثل ندوة الإتصالات للجمعية العلمية لمهندسي الإتصالات وتقام شهريا كما تستضيف الساقية ورش العمل في قاعاتها وهذا على المستوى الأدبي والعلمي كما يقوم المركز بتنظيم المسابقات في المجال المسرحي كما تضع الساقية الطفل وإهتماماته في دائرة أنشطتها وعلي قائمة أولوياتها ولذلك إبتكرت برنامج سيبوني أفكر الذى من شأنه تنمية ملكة التفكير والإبتكار لدى الأطفال عن طريق مجموعة من الألعاب العقلية والمواقف التخيلية التي تعلم الأطفال أن التفكير هو نشاط من أنشطة العقل وتحثهم علي ممارسته من خلال الألعاب الهادفة وهناك إتجاه حالي من قبل مؤسس المركز المهندس محمد الصاوي لضم أنشطة أخرى رياضية إلى أنشطة المركز مثل سباقات الماراثون وتخصيص قاعات داخل المركز لممارسة الرياضة الروحية المعروفة بإسم اليوجا إلا أنه يؤكد على عدم تحول المركز إلى مركز رياضي وإنما فقط الهدف هو البحث عن توفير المناخ المناسب للإنسان لممارسة حياته ورفع قدرته على مواجهة التحديات التي تواجهه من خلال الساقية وأنشطتها الثقافية المتعددة وأخيرا فمن معالم شارع 26 يوليو بمنطقة الزمالك نادى وفندق القوات المسلحة والذى كانت إنتخابات مجلس إدارته في منتصف عام 1952م بمثابة تحدى سافر بين الملك فاروق وتنظيم الضباط الأحرار حيث فاز مرشح التنظيم اللواء محمد نجيب قائد سلاح المشاة علي مرشح الملك اللواء حسين سرى عامر قائد سلاح حرس الحدود مما أثار غضب الملك فأصر بعناد شديد علي حل مجلس الإدارة بعد إنتخابه بأيام وحدثت أزمة حادة فشل الجميع في إحتوائها ووصلت إلي طريق مسدود وتسببت في تقديم حسين سرى باشا رئيس مجلس الوزراء حينذاك إستقالته إلي الملك فاروق الذى حاول أن يثنيه عنها لكنه أصر عليها وكانت أن قامت ثورة 23 يوليو عام 1952م بعد ذلك بأيام وإنتهت بقيامها الملكية في مصر . |