بقلم المهندس/ طارق بدراوى
موسوعة كنوز “أم الدنيا”
شارع عزيز أباظة هو أحد شوارع حي الزمالك التي تتفرع من شارع 26 يوليو الذى يعد الشارع الرئيسي في منطقة الزمالك ويمتد حتي يتقاطع مع شارع محمد مظهر باشا وتعود تسمية هذا الشارع إلي رجل القانون والسياسي والشاعر المعروف محمد عزيز محمد عثمان أباظة والذى ولد في يوم 13 أغسطس عام 1898م بقرية الربعماية التابعة لمركز منيا القمح بمحافظة الشرقية وقد تلقى تعليمه الإبتدائي بمدرسة الناصرية الإبتدائية ثم إنتقل إلى المدرسة التوفيقية الثانوية بحي شبرا وأمضى بها فترة وجيزة ثم إنتقل إلى المدرسة السعيدية الثانوية وحصل منها على شهادة البكالوريا عام 1920م ثم إلتحق بعدها بكلية الحقوق وحصل على الليسانس عام 1923م وعمل عقب تخرجه بالمحاماة حيث تمرن على المحاماة في مكتب وهيب بك دوس المحامي لمدة عامين عمل بعدهما نائبا مساعدا لنيابة طنطا عام 1925م ثم إنتخب عضوا بمجلس النواب عام 1929م وعاد بعد ذلك ليتولى عدة مناصب إدارية حيث عمل مساعدا للنيابة فوكيلا للنيابة في مديرية الغربية ثم عمل بوزارة الداخلية ثم وكيلا لمديرية البحيرة عام 1935م ثم إنتخب مرة أخرى عضوا في مجلس النواب عام 1936م وكان معارضا لمعاهدة عام 1936م التي أبرمتها حكومة الوفد مع الإنجليز .
وفي عام 1938م عين مديرا للقليوبية ثم أصبح وكيلا للجيزة ثم مديرا لها عام 1939م ثم مديرا للفيوم ومديرا للبحيرة ومحافظا لبورسعيد وحاكما عسكريا عام 1942م ومنها مديرا لأسيوط لمدة ثلاث سنوات وقد نال رتبة البشوية أثناء خدمته في أسيوط وقد أصابه رحيل زوجته وكانت في نفس الوقت إبنة عمه في عام 1942م بصدمة قاصمة تجلى أثرها في نظم ديوان أنات حائرة الذي كانت قصائده رثاء لها وفي عام 1947م إختير عضوا بمجلس الشيوخ وإستقر المقام بالأسرة في القاهرة وإختير عضوا في مجلس إدارة عدة شركات وفي عام 1950م ترأس جمعية الشعراء وقي نقس الوقت كان رئيسا للجنة الشعر بالمجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب ومقررا للجنة الشعرية وإختير عضوا في مجمع اللغة العربية عام 1959م وتقديرا من الدولة لجهوده وإسهاماته الأدبية قامت بمنحه جائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 1965م وقد توفي عزيز أباظة بالقاهرة في يوم 10 يوليو عام 1973م بعد حياة حافلة من العطاء في الحياة الوظيفية والحياة الأدبية .
ويعد عزيز أباظة رائد المسرحية الشعرية بعد أحمد بك شوقي أمير الشعراء وإتسم أسلوبه بالجزالة والقوة والفخامة سواء في ديوانيه الشعريين أم في مسرحياته حيث إتجه عزيزأباظة إلى المسرح الشعري مترسما خطي أحمد بك شوقي في المسرحية الشعرية وقد استمد مثله معظم مسرحياته من التاريخ العربي الإسلامي ويبدو تأثره بشوقي خاصة في مسرحية قيس ولبنى فهي تشبه مجنون ليلى فكرةً وموضوعا ومع أنه حاول أن يجعلها قريبة من واقع الحياة ويرضي في ختامها عواطف الجماهير فيرجع لبنى إلى حبيبها قيس فإنه إبتعد عن روح البيئة التي جرت فيها حوادث المسرحية وقد إتكأ على الأسطورة أحيانا أكثر من إتكائه على التاريخ كما فعل في مسرحية العباسة أخت الرشيد وتدور أحداث مسرحية قافلة النور حول إنتشار الدعوة الإسلامية بين أهل الحيرة أما زمانها فهو السنة السابقة للهجرة والمسرحية الوحيدة التي إستمدها من غير التاريخ العربي الإسلامي هي مسرحية قيصر التي سبق أن إستمد أكثر من شاعر غربي مسرحية من موضوعها وقد حاول عزيز أباظة أن يتجنب ما وقع فيه شوقي من صعوبات في مسرحيات فإحتك برجال المسرح وعرف أصول المسرح وقواعده ومع ذلك بقي كمعظم الأدباء العرب الذين أسهموا في كتابة المسرحية الشعرية يتبع في كتابته اللغة الأدبية الغنائية التي إستمدها من ذاكرته الواعية للتراث العربي القديم مما بعد به عن روح العصر وأبعد لغته عن طبيعة الحوار المسرحي وما يقتضي النص من تطور الشخصيات والحبكة المسرحية .
وكان لعزيز أباظة العديد من الأعمال الأدبية تنوعت ما بين الأشعار والمسرحيات والمسرحيات الشعرية منها ديوان أنات حائرة عام 1943م وكان هذا الديوان كله مخصصا لرثاء زوجته الأولى وأم أولاده وقيس ولبـنى عام 1943م وهي أولى مسـرحياته وتعـتمد قصـتها على أحـداث قصة العاشقين كما وردت في كتاب الأغاني للأصـفهاني والعباسة عام 1947م وقدم فيها الصراعات السـياسية والشـخصية التي حفل بها عصر الرشيد من خلال العباسة أخت الخليفة وزوجة وزيره جعفر البرمكي وفد عرضت المسرحية في القاهرة أمام الملك فاروق والناصـر عام 1949م والتي تناول فيها عصرا من عصور الأندلس الزاهرة في عهد عبد الرحمن الناصر وشجرة الدر ويتناول فيها مأساة الملكة شجرة الدر بعد وفاة زوجها السلطان نجم الدين أيوب في أيام عصـيبة خلال الغزو الصليبي لمصر وقد مثلت على مسرح دار الأوبرا الخديوية ام 1947م وغروب الأندلس عام 1952م وشهريار عام 1955م والتي طرح فيها معالجة جديدة لقضية شهريار فهو يضع إلى جوار شهر زاد أختها دنيا زاد التي تنازعها حب شهريار الأولى رمز المعرفة السامية والأخرى رمز الشهوة المثيرة لتستمر المباراة ويخرج منها شهريار بما يشابه التصوف الأخلاقي وأوراق الخريف عام 1957م وقافلة النور وهي مسرحية شعرية عام 1959م وقيصر عام 1963م وزهرة عام 1968م وهي آخر مسرحياته وقد إستوحى فكرتها من موضوع فيدرا الإغريقية وجعلها في ثوب معاصر وفضلا عن ذلك كان لعزيز أباظة ديوان صدر بعد وفاته في عام 1978م .
ومن أهم معالم شارع عزيز أباظة قصر عائشة فهمى بالزمالك وهو يعد من أهم المعالم الثقافية والتاريخية والأثرية البارزة فى مصر وهو يقع في بداية الشارع المشار إليه في مواجهة فندق ماريوت القاهرة علي شاطئ النيل مباشرة وهو يعود للأميرة عائشة فهمى كريمة على فهمى باشا كبير ياوران الملك فؤاد الأول وقد تم تشيده عام 1907م على يد المهندس المعمارى الإيطالى الشهير أنطونيو لاشياك علي الطراز الكلاسيكي وأنطونيو لاشياك هو نفسه مصمم العديد من قصور الأمراء والأعيان في ذلك الوقت منها قصر الطاهرة وقصر الأمير يوسف كمال بحي المطرية وقصر سعيد باشا حليم بشارع شامبليون إلي جانب قيامه بتصميم العديد من المنشآت الأخرى منها عمارات الخديوى بشارع عماد الدين ومبني بنك مصر القديم بشارع محمد فريد بوسط مدينة القاهرة ومبني محطة مصر وقصر الأميرة عزيزة فهمي بحي جليم وقصر أجيون بشارع النبي دانيال بمدينة الإسكندرية وقد شيد هذا القصر أولا لعلي فهمي باشا والد عائشة فهمي وبعد وفاته آلت ملكية القصر إلي عائشة فهمي وأخواتها عزيزة وفاطمة وزينب فهمي فقامت عائشة بشراء نصيب أخواتها في القصر ليكون ملكا خالصا لها وذلك نظير مبلغ وقدره 72 ألف جنيه مصرى وكان ذلك بتاريخ يوم 6 مايو عام 1924م وذلك بموجب عقد مسجل رقم 1641 في المحكمة الإبتدائية بمصر وقد تزوجت السيدة عائشة فهمي من الفنان الكبير الراحل عميد المسرح العربي يوسف وهبي وعاش معها في القصر لسنوات طويلة وقد توفيت في عام 1962م .
وقد تم ضم هذا القصر لقائمة المباني الأثرية في مصر في شهر مايو عام 2010م كما أنه يعد تحفة معمارية وفنية فريدة من نوعها ونظرا لهذه الأهمية حرصت وزارة الثقافة على ترميمه وإصلاحه وإعادة تأهيله من جديد منذ شهر أبريل عام 2010م حيث أنه قد تم تخصيصه منذ عام 1975م ليكون مجمعا للفنون ومن يومها وهو يعد منبرا لبث الثقافة العربية في المجتمع إلي جانب أنه يمثل إضافة هامة وقوية على خريطة الصروح الثقافية في مصر وقد إشتملت أعمال الترميم والإصلاح والتطوير له على عمل تدعيم لدور البدروم وتحويله إلى قاعة عرض فنون تشكيلية على مساحة قدرها 1000 متر مربع كما تم ترميم وتدعيم الأسقف والأرضيات وحقن الحوائط كذلك تمت أعمال ترميم لجميع عناصر القصر كالنسجيات والزخارف والمقتنيات والخشب والزجاج المعشق والدهانات والنجف واللوحات والستائر الحريرية وذلك مع المحافظة علي طرازه المعماري الفريد بنقوشه وزخارفه ومحتوياته الأثرية النادرة كما تم إستحداث قاعات مجهزة بأحدث وسائط العرض ووسائل التأمين به مما يعد قيمة مضافة لهذا الصرح المتميز كما تم إستغلال المساحة المطلة على نهر النيل كمتنفس إضافي للزوار وكذلك كمساحة إضافية للأنشطة والفعاليات الفنية والثقافية المتنوعة وللأسف الشديد تم تأجيل إفتتاح هذا القصر أكثر من مرة وكان من المقرر إفتتاحه في شهر أبريل عام 2016م لكن لم يكن العمل به قد إنتهي في هذا التاريخ وتم التأجيل مرة أخرى إلي شهر أكتوبر عام 2016م ثم تم التأجيل مرة أخرى إلي أوائل عام 2017م نظرا لعدم الإنتهاء من بعض الأعمال الخاصة بالعرض المتحفي وأخيرا تم إفتتاحه في شهر مايو عام 2017م ليتحقق الأمل الذى ظل ينتظره جموع الفنانين . |