السبت , 7 ديسمبر 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

تعرف علي قائد اليخوت الملكية في عهد الملك فاروق

تعرف علي قائد اليخوت الملكية في عهد الملك فاروق
عدد : 11-2021
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
موسوعة كنوز “أم الدنيا”

الأميرالاى جلال علوبة ضابط بحرى مصري كان قائدا لليخوت الملكية في عهد الملك فاروق كما كان أيضا ياورا خاصا له وشاءت الأقدار أن يكون هو قائد اليخت الملكي المحروسة الذى غادر عليه الملك فاروق البلاد مساء يوم 26 يوليو عام 1952م إلي منفاه بإيطاليا بعد أن تنازل في صباح اليوم المذكور عن عرش مصر لإبنه الطفل الأمير أحمد فؤاد بعد قيام ثورة يوليو عام 1952م وقد ولد جلال علوبة في يوم 3 يونيو عام 1910م في أسرة صعيدية تنتمى الى قرية جهينة التابعة حاليا لمحافظة أسيوط بصعيد مصر ووالده هو محمد على علوبة باشا الذى كان عضوا بارزا فى حزب الوفد بعد تأسيسه في عام 1918م وكان يترأسه الزعيم سعد زغلول باشا حينذاك لكن بعد الإختلافات والإنشقاقات التي حدثت في الوفد بسبب إختلاف الرؤى حول المفاوضات بين مصر وبريطانيا التي كانت تستهدف رفع الحماية البريطانية عن مصر ومنحها إستقلالها بين فريق سعد زغلول باشا وفريق عدلي يكن باشا وكان علوبة باشا من مؤيدى عدلي يكن باشا ترك علوبة باشا الوفد وإنضم إلي حزب الأحرار الدستوريين الذى أسسه عدلي يكن باشا في أواخر عام 1922م وفى عام 1925م منح علوبة باشا رتبة البشوية وتقلد منصب وزير الاوقاف في وزارة أحمد زيوار باشا وقد بدأت رحلة الأميرالاى جلال علوبة مع البحر فى عام 1922م حينما أرسل فى بعثة دراسية تابعة للحكومة المصرية إلى إنجلترا وكان عدد طلاب هذه البعثة عشرة أفراد وذلك بهدف دراسة العلوم والفنون البحرية بقصد تعيينهم بعد ذلك كضباط بالبحرية المصرية وقد كان سن جلال علوبة آنذاك لايتجاوز الثانية عشر عاما حيث إشترطت الحكومة المصرية ألا يقل سن الطالب عن 12 عاما وألا يزيد على 14 عاما وعلى الرغم من معارضة والده له بالسفر نظرا لصغر سنه إلا أنه إستطاع فى النهايه أن يقنعه بالسماح له بالسفر ضمن العشرة الذين تم قبولهم وكان هو واحدا منهم والذين أصبحوا بعد ذلك الرعيل الأول للقوات البحرية المصرية وبعد إجتياز جلال علوبة لفترة الدراسة بالبعثة والتي إستمرت أربع سنوات أى حتي عام 1926م تم إلحاق طلابها للتدريب على سفن الأسطول التجارى وذلك بناءا على طلب الحكومة المصرية وذلك بغرض إكتساب الخبرة التي تؤهلهم للخدمة في القوات البحرية المصرية .

وكانت تلك فرصه كبيرة لأفراد البعثة لتطبيق العلوم والفنون البحرية التى تم دراستها خلال فترة الدراسة النظرية وبعد إنتهاء فترة التدريب العملى والتى إستمرت حوالى ثلاث سنوات أي حتي عام 1929م قررت الحكومة المصرية إلحاق طلاب البعثة بإحدى الكليات البحرية العسكرية ليتم التدريب على الأسلحة البحرية المختلفة على أن يتم بعد ذلك منح الطلاب رتبة الملازم ثان إضافة الى الشهادات البحرية التى تمنح لضباط الأسطول التجارى وقد أتم جلال علوبة دراستة بالخارج وكذلك فترة تدريبية ثم عاد الى مصر ليبدأ مشواره البحرى وهو لايعلم ما تخبئه له الأقدار وفي البداية وبعد عودته إلي مصر تم تعيينه ضابطا على السفينة نفتس وكانت تابعة لمصلحة خفر السواحل المصرية وكانت مهمتها الأساسية هى نقل وتموين قوة الجيش المتمركزة فى السلوم إلا أن العمل على تلك السفينة لم يكن مرضيا لجلال علوبة وذلك نظرا لكون السفينة كانت من وجهة نظره لاتصلح للعمل فى البحر وكانت لديه رغبة فى العمل على السفن الضخمة والحديثة والتى يستطيع من خلال عمله عليها أن يطبق مادرسه خلال فترة دراسته الطويلة فى الخارج أثناء البعثة الدراسية ومن ثم حصل على أجازة من خفر السواحل وعمل على إحدى السفن التجارية العالمية نظرا لكونه حاصلا على شهادة من الخارج تسمح له بالعمل على السفن التجارية إلا أنه أيضا لم يكن راضيا عن العمل فقطع الأجازة وعاد مرة أخرى للخدمة العسكرية البحرية حيث عمل في مصلحة خفر السواحل والتي كانت مهمتها الأولى هى مكافحة تهريب المخدرات إلى داخل البلاد وعمل فى وظيفة مساعد أركان حرب المصلحة وعمل بها بإخلاص طوال فترة وجوده بها وإلتحق بعد ذلك بدورة دراسية تمهيدا لترقيته الى رتبة صاغ أي رائد ثم تم تعيينه بعد ذلك كضابط أول للطوافة الأمير فاروق وكانت مهمتها الأساسية أيضا هى حماية السواحل المصرية من تهريب المخدرات وذات يوم وهو جالس في الطوافة المذكورة شاهد اليخت الملكي المحروسة وهى تقوم بترك الرصيف لتجربة ماكيناتها لمدة 24 ساعة ولفت نظره آنذاك أن يخت المحروسة تسحبة خمس لنشات وهذا ماجعله يتسائل عن كفاءة قائد اليخت وضباطه الذين يلجأون إلى جره بخمس قاطرات بدلا من إستخدام ماكينات اليخت الذاتية وكانت هذه الملاحظة بداية تحول جذرى في مسيرته في البحرية المصرية حيث كثيرا ما تلعب الأقدار دورا فى تحديد مصائر البشر وهذا هو ماحدث مع جلال علوبة كما سنرى في السطور القادمة .

وكانت نتيجة ملاحظة جلال علوبة بخصوص اليخت الملكي المحروسة التي شاهدها أن بادر بإرسال خطاب إلى كبير الأمناء بالقصر الملكى وكان فى ذلك الوقت هو أحمد حسنين باشا وكان على معرفة شخصية به وذكر له مارأه وبعدم رضاه الشخصى عن ذلك وأن ما ساهده بعينيه لايليق باليخت الملكى المحروسة كما ذكر له ماحصل عليه من خبرات أثناء دراسته وتدريبه على الكثير من السفن التجارية والحربية وبعد مرور عدة أيام فوجئ جلال علوبة بترشيحه ضمن ثلاثة ضباط للعمل على اليخت الملكى المحروسة ثم بعد ذلك وصل خطاب يفيد بنقله من مصلحة خفر السواحل إلى اليخوت الملكية التى كانت تتبع كبير الياوران بالسراى الملكية ضمن قوات الحرس الملكى وكان وقتها قد رقى الى رتبة الصاغ ويقول جلال علوبة عن ذكرياته في هذه الأيام إنه في عام 1942م كان الملك فاروق سيتنازل عن العرش وذلك عندما حاصرت الدبابات البريطانية قصر عابدين في يوم 4 فبراير عام 1942م لإجبار الملك على تعيين النحاس باشا رئيس حزب الوفد على رأس الوزارة وذلك لأن الحكومة البريطانية كانت ترى أنه الوحيد القادر علي ضبط الجبهة الداخلية والسيطرة علي أمن البلاد حيث كانت بريطانيا في ذلك الوقت تمر بظروف حرجة للغاية والجيش الثامن يتلقي الهزائم في جبهة شمال أفريقيا أمام قوات المحور بقيادة ثعلب الصحراء الفيلد مارشال إرفين روميل وكانت المظاهرات تسير في شوارع القاهرة وهي تهتف إلي الأمام يا روميل وتلكأ الملك في تنفيذ هذا الطلب فتوجه السفير البريطانى السير مايلز لامبسون إلى القصر الملكى وتم محاصرة القصر بالدبابات للضغط على فاروق فإما النحاس باشا أو عزل الملك عن الحكم وكاد بالفعل الملك فاروق أن يتنازل عن الحكم لولا تدخل أحمد حسنين باشا رئيس الديوان الملكي حينذاك الذي أقنع الملك بالموافقة وتعيين النحاس باشا على رأس الوزارة ويضيف جلال علوبة كانت الأوامر قد صدرت بتجهيز اليخت المحروسة حتى إذا تنازل الملك فاروق عن العرش تقوم بنقله إلى المكان الذى يختاره وكانت هذه هى المرة الأولى التى يستعد فيها الملك رسميا للتنازل عن العرش وقد تسبب هذا الموضوع فى إفساد ليلة زفافه والتى كان محددا لها ليلة 5 فبراير عام 1942م وأنه كان قد أخبر القصر الملكي بموعد الزفاف لكن بالطبع لم يحضر أحد .

وحدث اللقاء الأول بين الملك فاروق وجلال علوبة في عام 1945م عندما كان الأخير ضابطا مناوبا على اليخت الملكى قاصد خير بالقاهرة وهو وحدة بحرية نيلية كانت مرابطة فى مرسى نيلي بالقاهرة وفى ذلك اليوم وقفت سيارة سوداء أمام المرسى ونزل منها الملك فاروق والملكة فريدة وكانت تربط الملكة فريدة علاقة صداقة وطيدة من الصغر بزوجة جلال علوبة وكانت تلك المرة الأولى التى يرى فيها الملك شخصيا إلا أنه لم تتم أي أحاديث بينه وبين الملك إذ إستشعر جلال علوبة بخصوصية تلك الجلسة التى جمعت بين الملك والملكة فريدة فلم يشأ أن يفرض نفسه عليهما مقتنعا بفكرة أنه فى حال لو أراد الملك أى شئ فإنه سوف يستدعيه مباشرة وهذا يكشف جانبا آخر من شخصية ذلك الرجل حيث كان معتزا بنفسه وبكرامته عازفا عن الظهور أمام المسؤولين وتملقهم بحثا عن فائدة أو ميزة يمكن تحقيقها وذلك طبعا علاوة علي كفائته وإخلاصه في أداء عمله وفي يوم 12 مايو عام 1946م عاد اليخت الملكى المحروسة من الإسماعيلية إلى الإسكندرية حيث كانت قد بقيت فى الإسماعيلية حماية لها من قاذفات القنابل الإيطالية والألمانية التي كانت تشن غاراتها على ميناء الإسكندرية خلال الحرب العالمية الثانية ولكن بعد إنتهاء الحرب عادت إلى الإسكندرية مرة أخرى في اليوم المذكور وخلال تلك الفترة كان جلال علوبة يتبادل المناوبة بين الوحدات النيلية والمحروسة وكانت هذه فرصه لجلال علوبة لرؤية الملك كثيرا حيث كان يتردد الملك على المحروسة وخاصة فى فصل الصيف إلا أنه لم يحدث بينهما أى حوار مباشر بعد وبعد فترة تم تعيين جلال علوبة قائد ثان لليخت الملكى المحروسة وذات يوم صدرت الأوامر بتجهيز اليخت الملكى فخر البحار للقيام برحلة ملكية الى جزيرة قبرص وكانت هذه الرحلة هى بداية التقارب الحقيقى بين الملك فاروق وبين جلال علوبة والذى كان حينذاك هو المسؤول عن إعداد وتجهيز اليخت بكل ما يلزم لتلك الرحلة وكان الملك فاروق يزور اليخت كثيرا فى تلك الفترة كما كان يوجه أسئلته وإستفساراته عن اليخت وتجهيزاته وكان دائما جلال علوبة يجيبه دائما بإجابات وافية تنم عن معرفة الرجل وإلمامه الكامل بعمله مما جعله مع الوقت موضع ثقة الملك وتكررت اللقاءات بين الملك فاروق وجلال علوبة فى تلك الفترة وكثيرا ما كان الملك يدعوه إلى السباحة معه من اليخت حتى منطقة الرملة البيضاء وهى مكان عند ملتقى حاجز ميناء الإسكندرية الغربى بمنطقة رأس التين بجوار فنار الميناء .
وفي تلك الفترة أيضا تعددت الأدوار التى قام بها جلال علوبة حيث كان له دور هام فى مد هيئة قناة السويس بعدد من المرشدين المصريين كما كان وراء إمداد الهيئه بضباط مصريين للتدريب على أعمال الإرشاد فقد كان وقتها جميع المرشدين العاملين بالقناة أجانب وخوفا من تصرفات بريطانيا وفرنسا من أجل تعطيل الملاحة فى قناة السويس إقترح جلال علوبة أن يلتحق بالقناة بعض ضباط اليخوت الملكية ومرشدى ميناء الإسكندرية للعمل كمرشدين وقد رحب الملك فاروق بالفكرة ووافق عليها وطلب منه التخطيط الفوري لتنفيذها وبالفعل تولى جلال علوبة دراسة وتخطيط وتنفيذ هذا العمل وأصبح بعد ذلك هؤلاء المرشدون هم النواة الأولى للمرشدين المصريين بهيئة قناة السويس وقد قام هؤلاء المرشدون أيضا بعد ذلك بتدريب ضباط القوات البحرية الذين إنتدبوا للعمل بالهيئه بعد تأميمها في يوم 26 يوليو عام 1956م بعد أن إنسحب المرشدون الأجانب من العمل بالقناة بتحريض من بريطانيا وفرنسا بهدف تعطيل الملاحة في القناة وإظهار مصر أمام العالم بأنها غير قادرة علي إدارة هيئة قناة السويس وفي عام 1948م كان لزاما علي جلال علوبة بمجرد ترقيته إلى رتبة الأميرالاى وتعيينه قائدا لليخوت الملكية أن يحاول فك طلاسم أزمة إصلاح اليخت الملكى المحروسة الذى كان يحتاج إلى عمرة تتكلف مليون جنيه مصرى وكان هذا اليخت قد تم بناؤه في عام 1865م في عهد الخديوى إسماعيل فى إحدى الترسانات البحرية فى إنجلترا وإستخدم فى نقل الحملة العسكرية التى أرسلت لتكريت ببلاد العراق لإخماد الثورة ضد الحكم التركى وإستخدمه الخديوى فى دعوة ملوك أوروبا لحضور حفل إفتتاح قناة السويس بنفسه عام 1868م كما إستقله الخديوى إسماعيل بعد عزله في عام 1879م إلى إيطاليا ولم يعد بعد ذلك إلي مصر إلا بعد وفاته عام 1895م ليدفن فيها كما إستقله حفيده الخديوى عباس حلمي الثاني في شهر مايو عام 1914م متوجها إلي فرنسا ومنها بعد ذلك إلي تركيا في رحلته الأخيرة قبل عزله في شهر ديسمبر عام 1914م ولم يعد أيضا إلي مصر إلا بعد وفاته عام 1944م ليدفن فيها وأخيرا إستقله الملك فاروق بعد عزله أيضا إلى إيطاليا وهي نفس وجهة جده الخديوى إسماعيل ولم يعد أيضا إلي مصر إلا ليدفن فيها في شهر مارس عام 1965م وفضلا عن ذلك فقد كان من أغرب الرحلات التى قاد فيها جلال علوبة المحروسة حينما خرج به عام 1944م وكان وقتها برتبة البكباشى بحرى من الإسماعيلية إلى السويس لإستقبال جثمان إمبراطور إيران رضا بهلوى الذى توفى بمنفاه بدولة جنوب أفريقيا بعد عزله بواسطة كل من بريطانيا والإتحاد السوفيتي في عام 1941م بسبب تعاطفه مع الزعيم الألماني أدولف هتلر وكان قد أوصى بدفنه فى مصر وبالفعل دفن حينذاك في المدافن الملكية في جامع الرفاعي بالقاهرة .


وتم عرض أمر إصلاح اليخت المحروسة علي البرلمان المصرى لكن ما حدث أن البرلمان في العام المذكور 1948م لم يكن يستطيع تدبير المبلغ اللازم لإصلاح اليخت المخصص للملك فاروق وهو ما دفع الملك للتفكير فى الإستغناء عنه وشراء يخت آخر ولم يكن هينا على الملك فاروق الإستغناء عن اليخت المفضل لديه حسب ما أورد جلال علوبة فى مذكراته التي سماها الملك وأمير البحار حيث يقول الرجل إنه فى حوار مع الملك بعد رحلة زيارة لمعاينة يخت بنية الشراء كان مخصصا للزعيم الألماني أدولف هتلر قال الملك بعد معاينتها المحروسة برقبتها وأوصى برفض شراء ذلك اليخت الذى وجد فيه الكثير من الأعطال والمتاعب وأعاد جلال علوبة الكرة وفحص يختا آخر كان معروضا للبيع ليدخل فى خدمة الملك بديلا للمحروسة وكان هذا اليخت مخصصا للزعيم التركى مصطفى كمال أتاتورك لكن كانت حالته أسوأ من يخت هتلر ليجد جلال علوبة أنه لا مفر من إصلاح اليخت المحروسة ويقول إنه بعد العودة من تركيا قابلت الملك فاروق وشرحت له وجهة نظرى فإرتاح كثيرا لما وصلت إليه من رأى وأمرنى بالإتصال بالمسئولين فى السراى لإتخاذ إجراءات إعادة طلب إعتماد مليون جنيه لإصلاحه فى ميزانية عام 1949م/1950م وبمجرد موافقة الحكومة على الطلب أسرع الملك إلي إصدار أمره بإرسال اليخت إلى ميناء سبستيا بإيطاليا لكن سرعان ما تغيرت الوزارة وتولى النحاس باشا الحكم في شهر يناير عام 1950م ومع تولي حكومة النحاس باشا زعيم حزب الوفد الحكم كان علي الحكومة عرض مبلغ عمرة المحروسة على البرلمان ليبت فيه بسبب ضخامة التكلفة وشكلت لجنة برلمانية من مجلس النواب الوفدى لدراسة الموضوع حسب ما ذكره جلال علوبة في مذكراته ويقول في هذا الصدد عقدت اللجنة بحضورى وقبل أن يطلب منى الحديث وجه لى الأستاذ على أمين سؤالا بقوله أليس من المستحسن يا جلال بك أن نشترى للبلد بارجة حربية بدلا من إصلاح المحروسة فقلت له طبعا هذا أفضل بكثير في حالة إذا كانت اللجنة الموقرة على إستعداد لإعتماد مبلغ 20 مليون جنيه لشراء بارجة حربية وأيضا مبلغ 20 مليونا أخرى لتكلفة صيانتها الدورية بجانب إعتماد مبلغ 10 ملايين أخرى لبناء حوض جاف يتسع لدخولها كل ستة أشهر لصيانة البدن وقام جلال علوبة بشرح موقف المحروسة وتقديم كافة المستندات اللازمة وأوضح ما تم من محاولة شراء يخت آخر تكون تكلفة إصلاحه أقل وأوضح أن تكلفة مليون جنيه ليست بالكثير حيث إن عمر اليخت المحروسة وقتها كان 85 عاما وبعد إصلاحه يمكن أن يعمل لمائة عام أخرى فوافق البرلمان على إعتماد المبلغ بل ووافق أيضا على زيادة 300 ألف جنيه وقام جلال علوبة بقيادة اليخت بنفسه نحو إيطاليا لإجراء عملية إصلاحه وعاد به مرة أخرى في أوائل عام 1952م . وكانت عودة اليخت المحروسة إلي الإسكندرية مدعاة للإحتفال من قبل قطع الأسطول المصرى التى خرجت لمقابلته فى البحر وأدت التحية البحرية له بالإصطفاف على جانبيه مع إطلاق صفاراتها والبروجى كما أطلقت المدفعية الساحلية بعض الطلقات للتحية وأخذ علوبة يتابع الإستقبال فى زهو وفخر بتلك القطعة البحرية العظيمة وبمجرد أن إقترب اليخت حتى فوجئ بالملك فاروق بنفسه مستقلا أحد اللنشات السريعة ليحوم حول اليخت وبمجرد رسو اليخت على الرصيف الخاص به صعد الملك فاروق إليه وأخذ يتجول فى كل أجزائه فرحا بإصلاحه وحينها أنعم على علوبة برتبة أمير البحار وفي شهر مايو عام 1952م دعا علوبة مجلس الوزراء القائم حينذاك لحضور حفل شاى على ظهر اليخت وكان برئاسة أحمد نجيب الهلالى باشا ليتفقدوا الإصلاحات الجديدة وتطوير اليخت ومعرفة ما تم إنفاقه عليه وبعد قيام الثورة في صباح يوم 23 يوليو عام 1952م تحرك جلال علوبة بمبادرة شخصية منه مسرعا نحو اليخت المحروسة الذى كان يرسو قبالة سواحل قصر رأس التين ووجد أنه من المستحسن التوجه به وربطه على الشمندورة المخصصة له فى الميناء الخارجى خوفا من تعرضه لأى أضرار أو تلقيات نتيجة وجوده على مرساه بقصر رأس التين وبعد توقيع الملك فاروق على وثيقة التنازل عن عرش مصر لصالح إبنه الطفل الأمير أحمد فؤاد صباح يوم السبت 26 يوليو عام 1952م كانت قد تحددت الساعة السادسة من مساء هذا اليوم كموعد لمغادرة الملك فاروق إلى خارج البلاد على اليخت المحروسة وقد طلب الملك شخصيا أن يقوم الأميرالاى جلال علوبة بقيادة اليخت وذلك لثقته التامة به ووافقت القيادة الجديدة على هذا الطلب لثقتها أيضا بالأميرالاى جلال علوبة وهذا ما أخبره به اللواء محمد نجيب حينما إستدعاه إلي مقر قيادة المنطقة الشمالية العسكرية بالإسكندرية ليبلغه بالأمر ووجه له أمرا مكتوب بخط اليد كان نصه من القيادة العامة للقوات المسلحة إلى الأميرالاى جلال بك علوبة قائد عام اليخوت الملكية عليكم الإبحار باليخت الملكى المحروسة اليوم الساعة 1800 لنقل حضرة جلالة الملك فاروق الأول إلى خارج البلاد بعد تنازله عن العرش والعودة بهذا اليخت سليما إلى ميناء الإسكندرية مباشرة ومهره بتوقيعه .

وبعد أن تلقي الأميرالاى جلال علوبة الأمر الخاص بقيادة اليخت المحروسة لزوم توصيل الملك فاروق إلي منفاه بإيطاليا طلب أن ترافق اليخت سفينتان حربيتان للحراسة وفقا للتقاليد البحرية المعمول بها فى حال سفر الملك فى مهمة رسمية خارج مصر خاصة وأنه سيكون على متن اليخت الملك الجديد أحمد فؤاد الثانى وذلك لمواجهة أى هجوم إسرائيلى محتمل لليخت وبعد أن وافق اللواء محمد نجيب أن يزوده بالقوة الحربية إلا أن مجلس قيادة الثورة رفض تنفيذ هذا الطلب وقام جلال علوبة بتجهيز اليخت المحروسة علي الفور حيث كان الوقت ضيقا وليس أمامه سوى حوالي 3 ساعات علي موعد الإبحار وقبل الموعد المحدد بحوالي نصف ساعة حضرت الملكة ناريمان ومعها الملك الجديد الطفل الصغير أحمد فؤاد والأميرات الثلاثة فريال وفوزية وفادية بنات الملك فاروق من الملكة السابقة فريدة وبعد ذلك حضر الملك فاروق بعد أن أنهى مراسم الوداع الرسمية التى طلب أن تتبع معه وفقا للتقاليد والبروتوكول مع عدم تصويره أثناء ذلك وأطلقت المدفعية عدد 21 طلقة تحية له بدأت المحروسة تغادر الإسكندرية ووصل اللواء محمد نجيب متأخرا ومعه من رجال الثورة صلاح سالم وحسين الشافعى وصلاح فريد بعد أن كانت المحروسة قد بدأت في مغادرة الإسكندرية بالفعل ولكنهم لحقوا بها في وسط البحر وإعتذر اللواء محمد نجيب عن التأخير نتيجة الزحام في الشوارع وكانت المحروسة حين إبحارها من الإسكندرية ترفع العلم الملكى لأن مصر لم تكن قد أصبحت جمهورية بعد وكانت هذه هي الرحلة الأخيرة التي صحب فيها الأميرالاى جلال علوبة قائد اليخوت الملكية الملك فاروق ويقول جلال علوبة لقد غادر الملك فاروق مصر في رحلته الأخيرة ومعه كل بناته فريال وفوزية وفادية وإبنه الصغير أحمد فؤاد وزوجته الجديدة ناريمان ولم يأخذ معه سوى حقيبة واحدة بها بدلة صيفى وقميص وشورت أما بناته فلم يكن معهم ما يكفيهم من الملابس ونسوا تزويد اليخت بالطعام فأرسلت أحد الضباط بلورى ومعه بعض البحارة إلى البر لإحضار كل ما يمكن الحصول عليه من طعام كما أُحضر له هذا الضابط كبير خدم السراى وأمره بإرسال كل ما يمكنه إرساله وتعامل مع الموقف كما كان يتعامل مع أى رحلة ملكية عادية .


ويستطرد جلال علوبة قائلا لقد كانت الحالة النفسية للملك في ذلك الوقت سيئة للغاية وحبس نفسه فى أول يوم داخل قمرته ولم يتحدث مع أحد وفى اليوم الثانى كانت نفسيته أفضل وأول شئ فعله أنه خرج إلى سطح اليخت وظل يدعو الله أن يحفظ مصر من كل مكروه أما الأولاد فكانوا يلهون ويلعبون تنس الطاولة مع بعضهم البعض وتناول الملك طعام الغداء مع طاقم اليخت وبعد ذلك جلس حزينا يفكر فيما حدث له وما هو آت وكنت أواسيه دائما وأقول له هذه إرادة الله وحكمته وفي اليوم الثالث كان الملك هادئا وسلم أمره إلى الله وفي هذا اليوم حاول الملك فاروق أن يقنع الأميرالاى جلال علوبة بالبقاء معه فى منفاه وقد كان الملك فاروق مخلصا فى عرضه لدرجة أنه عرض عليه فى حال موافقته على البقاء معه بأنه سيمنحه مبلغا كبيرا من المال إلا أنه إعتذر للملك عن هذا الأمر لإحساسه بالمسئولية تجاه وطنه بالإضافه إلى إلتزامه تجاه أسرته التى كانت لاتزال مقيمة بالإسكندرية مما يدل علي أن الرجل كان يقدر حجم المسئولية الملقاة على عاتقه تجاه وطنه وتجاه القيادة الجديدة التى وثقت فيه من البداية وبوصول اليخت المحروسة إلي ميناء نابولي بإيطاليا إنتهت العلاقة بين الملك فاروق ملك مصر السابق وبين الأميرالاى جلال علوبة تلك العلاقة التى بدأت بينهما فى القاهرة عام 1945م على مرسى اليخت الملكى قاصد خير وإنتهت على اليخت الملكى المحروسة في ميناء نابولي بإيطاليا ويكمل جلال علوبة أنه طوال الرحلة كان مجلس قيادة الثورة يرسل لى إشارات إستعجال باللاسلكي حتى أعود وأخيرا يؤكد علوبة أن الملك فاروق كان رجلا وطنيا وكان يكره الإنجليز وأنه لم يذق طعم الخمر فى أى يوم من الأيام لأنه كان يؤكد على حرمتها ولكنه كان أكولا وكان يتناول أصناف وكميات كبيرة من الطعام في وجباته أما بالنسبة لعلاقاته النسائية التي تداولتها الألسن يقول علوبة إن هذا محض إفتراء وإشاعات لا أساس لها من الصحة وأنه كان يحب أن يحيط نفسه بعدد كبير من النساء إلا أنه لم يقم علاقات معهن وأخيرا يضيف علوبة إنه بعد العودة إلى مصر إلتقيت باللواء محمد نجيب الذى شكرني وحياني وبعد فترة وجيزة تلقيت أمرا ينص على قيامي بأجازة إجبارية وبعدها بثلاثة شهور صدرت النشرة العسكرية التى أحلت فيها إلى التقاعد مع ترقيتي إلي رتبة اللواء وكنت بذلك أصغر لواء يحال إلي التقاعد فى القطر المصرى حينئذ وتم إدراج إسمي ضمن قائمة الممنوعين من السفر إلي الخارج وإستمر ذلك طوال عهد الرئيس الراحل عبد الناصر ولم يرفع إسمي من تلك القائمة إلا في عهد الرئيس الراحل السادات وكانت وفاته في يوم 18 مايو عام 1999م عن عمر يناهز 89 عاما ودفن بمدافن الأسرة بالقاهرة .